فسأل الضابط الثانى وما دخل البورصة هى الأخرى فى حديثنا فقال السيد اسأل نفسك ما الذى يجعل السهم أو السند يرتفع أو ينخفض مقداره يوميا لن تجد سببا سوى الجنون فإشاعة عن الشركة فى أى مكان قد تجعل واحد صاحب ملايين صاحب ملاليم وقد تجعل واحد صاحب عدة آلاف من الجنيهات صاحب ملايين هكذا دون أى سبب حقيقى ومثلا خبر عن حرب فى أقصى بلاد العالم أو عن عمل اعتدائى وقع أو لم يقع يتسبب فى الإنخفاض أو الإرتفاع ومثلا خبر عن مرض رئيس الشركة أو استرداده صحته يتسبب فى الإنخفاض والإرتفاع إنه جنون تعلمناه من العالم أنا رجل جاهل أعرف أن السبب فى زيادة مال شىء هى وجود أعمال متزايدة أو مبيعات متزايدة وأن السبب فى إنخفاض مال ما هو تناقص المبيعات أو تناقص الأعمال المسندة لأصحابه وحرصهم على إنفاق أموالهم فى سفه وتبذير إن البورصة هى نوع من أنواع القمار وبيع محرم هو بيع الغرر فقال الضابط الأول للثانى اتركه يذهب للزنزانة فنادى الضابط على العسكرى وقال خذه للزنزانة فسار السيد معه وأما الضابط الأول فسأل الثانى ما رأيك فيه كيف تصنفه ؟فقال سلطة كما قال فقال الأول أنه يتهرب من إظهار فكره الحقيقى متخفيا وراء قناع الدستور الذى تخالفه الحكومة والرئيس فقال الثانى ما التقرير الأولى الذى قبضتم عليه على أساسه ؟فضحك الأول وقال التقرير الأولى يقول أنه يصادق كل الجماعات ويتحدث معهم مبينا لهم أن ما تسميه كل جماعة إسلاما ليس هو الإسلام الحقيقى وإنما هو إسلام خلط بكفر من أفكاره التى سمعها المخبرون أن صلاة الجماعة ليست واجبة إلا فى صلاة الجمعة فقط وأن أجر صلاة الجماعة لا يختلف عن أجر صلاة الفرد ويرفض ما ينسب للنبى (ص)من أحاديث بنسبة 99%يقول إن الأكل فى غير رمضان أفضل ثوابا من الصيام فى تلك الأيام فكل أكلة بعشر حسنات مصداق لقوله بسورة الأنعام "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها "ومن ثم فثلاث وجبات بثلاثين حسنة والصيام بعشر والتمتع بالإماء دون زواج محرم وعقاب الزانى على اختلاف أنواعه هو الجلد مائة جلدة فقال الثانى إذا فهو مختلف فقال الأول إنه يخالف كل الجماعات فى كثير من الأحكام ومن ثم فهو جماعة وحده ليس لها مثيل فقال الثانى هل يشكل خطرا على الأمن ؟رد الأول كلا فقال الثانى ماذا وجدتم فى بيته رد الأول ليس عنده شىء غريب سوى احتفاظه بالعهد الجديد والعهد القديم فى بيته فرد الثانى هذا يفسر حديثه عن أقوال المسيح(ص)واستشهاده بها على صحة كلامه فقال الأول ظاهرة محيرة فتساءل الثانى وما نيتك جهته ؟رد الأول أنا محتار فقال الثانى ارفع أمره للأعلى وتخلص منه فابتسم الأول ساخرا من نفسه لم يثبت عليه جرم ومن ثم فنحن سنجرم برىء ونشرد عائلة فقال الثانى أطلق سراحه بدلا من وجع القلب فضحك الأول تقصد بدلا من أن يوقظنا فقال الثانى أنت وشأنك فهو مسئوليك فحاذر أن تقع فى براثنه فتكون نهايتك على يديه .
فى اليوم التالى وفى مسجد المباحث وجد السيد الضابط الأول يصلى بجواره وبعد انتهاء الصلاة جلس بجانبه وقال له تقبل الله فقال له السيد تقبل الله منا ومنك فابتسم وقال احنا مسلمين زيك برضه بنصلى وبنصوم ونزكى فضحك السيد وقال ليس الإسلام بالعمل فقط وليس بما قلت وحده فسأله هلا فسرت كلامك فرد كان المنافقون فى عهد النبى (ص)يصلون ويزكون ويعملون الطاعات كلها ومع هذا كان إسلامهم غير مقبول لأنه ليس مبنى على الإيمان بالطاعات وإنما مبنى على الخوف من أذى المسلمين الدنيوى ولذا قال لهم الله بسورة الحجرات "قالت الأعراب أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم "زد على هذا أن الإسلام به مئات الأحكام وليس كما علمونا قديما بنى الإسلام على خمس لوجود حديث أخر يقول أن أعمدة الإسلام التى بنى عليها ثلاثة ومن لم يطع أى حكم من الإسلام لا يكون مسلما فقال الضابط الأول أنت تشكك فى حديث متواتر والمتواتر يفيد العلم اليقينى فرد وإذا كان المتواتر نفسه يناقض نفسه فكيف يكون الحال هل نصدق الإثنين مع أنهما مستحيلان ؟قطعا لو فعلنا لكنا مجانين فقال الضابط أنا أريد فهمك فعلا فرد حدد ماذا تريد بالضبط وسأحدثك صراحة حتى لو أدى هذا لإعدامى أو سجنى لأنه كما قال المسيح(ص)فى الإنجيل المحرم "لا يمكن أن تخفى مدينة مبنية على جبل ولا يضىء للناس مصباحا ثم يضعونه تحت مكيال بل يضعونه فى مكان مرتفع ليضىء لجميع من فى البيت "؟فسأله ما الكفر فى رأيك ؟أجاب هو عصيان حكم أو أكثر من أحكام الإسلام وطاعة حكم أو أكثر من أحكام الضلال بدليل أن جزاء المطيع لله ورسوله المؤمن هو الجنة وأن جزاء العاصى لهما هو الخلود فى النار وفى هذا قال تعالى بسورة النساء "ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وله عذاب مهين "وقال بسورة الجن "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا "فتساءل الضابط كيف نعرف أن مسلما كفر ؟فرد إن أى معصية أى ذنب أى سيئة أى جريمة 00إلخ هى كفر وكل من يفعل المعصية كافر وقت ارتكابها ويظل كافرا حتى يتوب منها والمسلم يفعل المعصية ولكنه يتوب سريعا أى قريبا منها ولذا قال تعالى بسورة النساء "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم "فأسرع وقت هو أقرب وقت والمعصية من المسلم هى ردة مؤقتة عن الإسلام حتى يتوب وأما الإرتداد الدائم وهو الكفر المستمر فنعرفه إذا فعل المسلم المعصية أى ظلم نفسه أى ارتكب فاحشة وأصر على فعل المعصية مرات أخرى معتبرا إياها حلالا أى ليست معصية وفى هذا قال تعالى بسورة آل عمران "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون "إذا فعلامة كفر المسلم هى ارتكابه لذنب أو أكثر مكررا ارتكابه بدعوى أنه حلال ويشترط لإثبات كفره إعلانه قوله أمام جمع من المسلمين فتساءل الرجل وما أدلة تكفير من لم يطبق حكم أو أكثر من الإسلام فرد السيد أظنك تلمح لقوله تعالى بسورة المائدة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون "وفى آية الظالمون وفى آية الفاسقون وكل هذا بمعنى واحد فقال الضابط معترضا لكن الكافرون والظالمون نزلت فى اليهود وفى الظالمون فى قول فى المسلمين والفاسقون فى النصارى وفى قول فى المسلمين فقال السيد كلهم بمعنى واحد فقال ما دليلك ؟فرد قوله تعالى بآية 254بسورة البقرة "والكافرون هم الظالمون "وقوله "ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون "فهنا فسرت الآيات بعضها ومن ثم لا حاجة لقيل وقال فقال وماذا عندك أيضا فرد الأدلة كثيرة منها قوله بسورة الأحزاب "ما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "فالمسلم لا يخالف أمر الله لأنه ليس بمخير فى تركه فإذا تركه كان ضالا كافرا فمعنى الآية أن المسلم لا يختار أبدا حكم غير حكم الله ومنها قوله بسورة آل عمران "قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين"فهنا من يتولى أى يرفض طاعة الله ونبيه(ص)يكون كافرا غير محبوب من الله ومنها قوله بسورة النساء "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما "فهنا من يرفض تحكيم النبى (ص)لا يكون مؤمنا أى كافرا ومنها قوله بسورة الفتح"ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما "فهنا المطيع يدخل الجنة ومن يتولى أى يعصى يعذب فى النار وهذا دليل كفر العاصى ومنها قوله بسورة الجن "ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها "فهنا العاصى لحكم الله يدخل النار وهذا دليل على أن العاصى المتعمد هو الكافر ومنها قوله بسورة الأحزاب "يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا "فهنا سبب دخول الكفار النار هو عصيانهم أى عدم طاعتهم لحكم الله المنزل على رسوله (ص)فقال الضابط بناء على هذا يجب إزالة الحاكم الذى لا يحكم بما أنزل الله فرد أنت قلت وفى الإنجيل المحرف كلمة للمسيح(ص)تقول "وها إن الفأس قد ألقيت على أصل الشجر فكل شجرة لا تثمر ثمرا جيدا تقطع وتطرح فى النار "فما دام الرجل قد فسد فلابد من قطعه كالشجرة وله كلمة أخرى تقول "وإن كانت يدك اليمنى فخا لك فاقطعها وارمها عنك فخير لك أن تفقد عضوا من أعضائك ولا يطرح جسدك كله فى جهنم "فهنا إذا كان عضو من المجتمع فاسد يتسبب فى دخول الكل النار فالخير أن يقطع المجتمع هذا العضو الفاسد حتى لا يدخلوا النار فقال الضابط عدت ثانية للكلام خارج الإسلام فقال هذا من صميم الإسلام وإن كان فى غير كتبه فقال الضابط وما الأدلة على وجوب إزالة الحاكم بغير حكم الله فى الإسلام ،فرد السيد قائلا قال تعالى بسورة الأنفال "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة "فالله هنا يطلب منا أن نمنع عن أنفسنا الفتنة وهى العقاب الدنيوى الذى لن يصيب الظالمين وحدهم وإنما سيعم الظالمين والساكتين على ظلمهم ومن ثم وجب على المسلمين إزالة المنكر حتى لا يعاقبوا وقال تعالى بسورة هود"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار"فهنا الله يطالبنا بعدم الركون للظالمين أى بعدم السكوت على الكافرين وهذا لأن الركون وهو السكوت يعنى دخولنا النار ومن ثم وجب إزالة المنكر بكل الوسائل المتاحة وقال تعالى بسورة التوبة "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم فى الدين ونفصل الآيات لقوم يعلمون وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا فى دينكم فإخوانكم فى الدين فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون "فهنا أمرنا الله بقتال المسلمين إن ارتدوا ففعلوا نكث الإيمان بعد العهد والطعن فى الدين والحاكم الذى يحكم بغير حكم الله ناكث للإيمان بعد العهد وطاعن فى الإسلام لأنه رضا بتحكيم غير ما أنزل الله ومن ثم وجب قتاله زد على هذا أن ترك المنكر كما هو سيؤدى لحدوث منكر أخر وهذا هو الجنون ومن ثم لابد من وقف المنكر من بدايته حتى لا ينتشر فى الجسم كله فيصبح فاسدا مستحقا للنار زد على هذا أننا لو تركنا الحكم لهم ولن نتدخل طبقا لقول من يدعو لترك الحكام فى مناصبهم فى سلام إذا فلن يأتى حاكم مسلم واحد حتى يوم القيامة لأننا سلمنا للكفرة بكل شىء فتساءل الضابط هل يكفر الناس بكفر الحاكم فأجاب يكفر الناس بكفر الحاكم إذا رضوا بكفره والسبب أن الرضا بالكفر هو كفر ولذا نهى الله المسلمين عن الركون للظالمين وبين لهم نتيجة الركون وهو عدم المقاومة للظلم وهو دخول النار فقال بسورة هود "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار "وأما إذا لم يرضى الناس بكفر الحاكم وقاوموه بأى طريقة ظاهرة أو خفية فهم على الإسلام فقال الضابط فأنت تدعو لقتل الحكام الذين لا يحكمون بشرع الله فقال السيد أنت قلت فهو كما تقول وإن كان هذا فى ظنك يخالف الدستور فأنت واهم لأن الدولة دينها الإسلام والإسلام هو الذى يقول وهو المصدر الرئيسى أى الوحيد للتشريع كما يقول الدستور قاطعه الضابط هل تقول أن كلمة الرئيسى تعنى الوحيد فقال السيد نعم بدليل أننا عندما نقول للدولة رئيس نعنى فرد واحد ومن ثم فكلمة الرئيسى فى المادة التاسعة تعنى الوحيد لأنها لو لم تفسر هكذا لناقضت المادة الثانية التى أعلنت أن الدولة لها دين واحد هو الإسلام .
فى اليوم التالى فوجىء السيد بباب الزنزانة يفتح ووجد الضابط أمامه ومع العسكرى كرسيين وضعهما فى الزنزانة ثم انصرف والضابط يقول له اعمل لنا شاى وهات معاه الفطار لاثنين فجلس الضابط على كرسى وجلس السيد على الكرسى الأخر فقال الضابط ها أنا ذا جئت لك فى مكانك ودون حاجة للعصابة فقال السيد لا تحسب هذا فضل منك فما دمت هنا أنا أو غيرى دون ذنب فأنت مذنب ولا تستحق راتبك ولا أجرك على عملك لأنك تقبضه على أساس تنفيذ الدستور وأنت بوجودى وغيرى هنا تخالف الدستور فابتسم الضابط وقال أنت لا تقدر خطورة ما أفعله الآن أنت تطلب منى أن أحارب السلطة ومن فيها مرة واحدة خذنى بالتدريج لا تأخذنى مرة واحدة فإن الله حرم الخمر على ثلاث مراحل حتى يتقبل المسلمون تركها دون حدوث عواقب غير مأمونة فهز السيد رأسه وقال معك حق أنا قاسى عليك لقد نسيت الحكمة الأبدية القوة هى التى تحكم سواء قوة حق أو قوة باطل وهو الغالب