41- قال ماو أحد أتباع بابك :
كنت فى مجلس بابك يوما فدخل عليه وفد من نساء البلاد فقالت التى جعلوها لسانهم :السلام على قائدنا أما بعد إننا معشر النساء فى دولتكم لا نعرف ما هى حقوقنا فالرجال يأتوننا فيباشروننا برضانا ومن غير رضانا ونخاف إذا بلغنا من السن عتيا وفقدنا جمالنا أن يرمينا الرجال خارج البيوت بلا مأوى ولا طعام ولا كساء ولا دواء فقال بابك وما المطلوب منى فقال المرأة أن تكتب لنا كتابا يعرفنا حقوقنا ويضمن لنا حياة كريمة إذا كبرنا فى السن على أن يحكم القضاة بهذا إذا حدث خلاف بين الرجل والمرأة وعند هذا قال بابك فليحضر أحدكم صحيفة وقلما وليكتب ما أقول وقد كتب عدد كبير من الأتباع الجالسين ومنهم بعض النساء ما قاله بابك من الأحكام وهو:
- لا يباشرن رجل امرأة دون رضاها
- الحالة الوحيدة التى يحق للرجل فيها مباشرة أى امرأة دون رضاها هى أن ترفض كل النساء أن يباشر واحدة منهن
- على الرجل أن يطعم المرأة ويكسوها ما دامت فى بيته
- فى العيد يجتمع الرجال والنساء فى مكان واحد فيشربون الخمر ويسمعون الألحان ويرقصون ثم تطفىء الأنوار وبعد ذلك يباشر الرجل أول من يلمسها من النساء
-إذا رغب عن المرأة كل الرجال لكبر سنها أو لفقدها جمالها فالإنفاق عليها ورعاييتها على من تختاره من الرجال الذين عاشروها فى الزمن السابق كى تعيش معه
-من يغتصب امرأة أى من يباشرها دون رضاها تكون عقوبته هى إعطاء المرأة قنطار من الذهب
-على النساء عدم تغطية الشعر وللمرأة أن تبرز ما تشاء من مفاتنها فى الأماكن العامة
-من يضرب أى امرأة يضرب بنفس العدد والكيفية
-على المرأة إرضاع من تلد من الأطفال
-لا يحق لرجل أو لامرأة أن يرفض المضاجعة إذا أرادها صاحبه إلا فى حالة المرض ما دام قد ارتضى الحياة معه
- يحق للمرأة سواء كانت حامل أو غير حامل أن تترك الرجل الذى تراضت معه فى أى وقت
- يحق للمرأة أن تراضى أى رجل فى نفس ليلة تركها للرجل السابق
- إذا مات الرجل ترثه النساء اللاتى عاشرهن فى المضاجع ويكون نصيب الواحدة مثل نصيب الأخرى
- إذا ماتت المرأة ولها مال يرثها أطفالها
- ينسب الأطفال إلى أمهاتهم
- ينفق الرجل على أطفال المرأة التى تراضى معها على المباشرة
42- قال إسحاق بن إبراهيم :
لما علم الخليفة العباسى بما صنعه بابك أرسل لبابك رسولا برسالة قال فيها :من أمير المؤمنين إلى بابك الخرمى السلام على من اتبع الهدى أما بعد لقد بلغنى ما أحدثت من البدع والضلالات التى لم ينزل الله بها سلطانا وأنا أخيرك بين أمرين الأول أن أرسل لك جيوشا لا قبل لك بها تفنيك ومن معك فيكون مآلك النار وبئس القرار والثانى أن تعود للإسلام مرة أخرى فيغفر الله لك ذنبك وأصطنعك لنفسى فتكون واليا على المنطقة تحت سيطرتك فتأتمر بأمرى وتفعل ما يأتيك من قبلى ولما سمع بابك الرسالة قال للجنود أكرموا هذا الرسول ولا تدعوه ينصرف قبل أن يحمل رسالتى للحاكم العباسى وعندما انصرف الرسول مع الجنود قلت لبابك لا تحملنا ما لا طاقة لنا به فلنعد للإسلام حتى ننقذ أنفسنا من الموت المحقق فلدى العباسيين جيوشا كثيرة إن غلبنا بعضها فلن نغلب البعض الأخر عند ذلك قال بابك بماذا يتميز العباسى على حتى أكون تابعه ؟إنه مثلى مرتد قد خالف الإسلام بقبوله وراثة الخلافة زد على هذا أنه يفعل بالجوارى ما نفعله نحن بالنساء جميعا إنه يباشرهن دون زواج كما أمر الله كما أن المعازف والخمور والراقصات تملأ قصوره وقصور حاشيته وأتباعه فقلت له ماذا تنوى عمله فرد سأكون له ندا هات القرطاس والقلم واكتب ما أمليه عليك فأسرعت بإحضار القرطاس والقلم فقال بابك من بابك الخرمى للحاكم العباسى :
لقد وصلتنى رسالتك ووعيت ما فيها وأما ردى عليها فهو إذا كنت قد ارتددت عن الإسلام فقد ارتددت قبلى أنت والكثير من آبائك عندما أخذتم الخلافة بحد السيف وتوارثتموها مخالفين قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم "أى وقرارهم مشترك بينهم فالقرار جعلتموه لكم وهو لكل المسلمين فى كل موضوع كما خالفتم الإسلام بمباشرة الجوارى دون زواج رغم قوله تعالى "فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف "وخالفتم الإسلام فى أمور أخرى كثيرة لن أذكرها حتى لا أثقل عليك ولكن فلتعلم أن كل منا نصاب ومحتال والفرق بيننا هو أنك تنصب وتحتال باسم الإسلام وهو منك برىء وأما أنا فأنصب باسم الشيطان ولا أخفى ذلك عن الناس كما تخفى أنت ذلك إننى أقبل التحدى وعليك أن ترسل ما استطعت من الجيوش إلى بلادى وساعة الحرب ستعلم أينا هو المنتصر فى حرب النصابين وعندما سكت بابك قلت له ها أنت تجلب الدمار والخراب علينا فضحك وهو يقفز فى الهواء ويقول اعلم يا إسحاق إننى كنت أتوقع كتاب النصاب العباسى منذ فترة وقد أعددت لحربه ما لم يتوقعه أحد من قادة جيوشه فقلت عابسا قالوا قبلنا الكثرة تغلب الشجاعة فرد قائلا لا تكن يائسا هكذا ففى الحرب ليس هناك قاعدة ثابتة تدل على المنتصر وإنما لكل حرب ظروفها والقائد الخبير هو من يستغل هذه الظروف لصالحه وبعد ذلك استدعى بابك رسول الخليفة العباسى وسلمه الرسالة بعد أن ختمها بخاتمه ثم قال للجنود رافقوه حتى الحدود ولا تدعوا أحد يؤذيه .
43- قال سيف أحد جنود الجيش العباسى الأول :
دخلت على قائد جيشنا بعد هزيمتنا من جنود بابك فسألنى ماذا حدث أيها الجندى لجيشنا ؟فرددت لقد هزمنا فقد قتل منا الكثير وفر الكثير الذين وقع بعضهم فى الأسر فأمسكنى القائد من كتفى وهزنى قائلا كيف ؟فأجبت لقد نصبوا لنا كمائن كثيرة على طول الطريق وكانت نتيجة كل كمين العديد من القتلى وجرح الكثير قال وما شكل الكمائن بالضبط؟فقلت كانوا ينتظرون مرورنا فى أسفل الجبل ويسقطون علينا صخورا كبيرة تنزل فتحطم عظام من تسقط فوقه وكانوا يقذفوننا بحجارة المقاليع من فوق الجبل وكانوا يشعلون النار فى كل ممرات الجبل من أمامنا ومن خلفنا حتى أننا كنا نتنفس دخانا وعند ذلك قال قائدنا الهمام هذا يكفى ثم قال لى انصرف لطاقم الحراسة وابق معهم حتى آمرك بأمر أخر أيها الجندى ولما خرجت من الخيمة سمعته يستدعى بعض القادة ولما دخلوا عليه قال لهم ماذا أقول للخليفة هل أقول أن الشراذم قد هزمونا ؟فقال أحدهم سنعاود الهجوم وسنهزم هؤلاء الكلاب شر هزيمة فابتسم القائد ابتسامة ساخرة وقال اجمع فلول الجيش المنهك وعاود الهجوم بهم حتى يفنوا ونفنى معهم ما هذا برأى صائب فقال القائد الأخر ماذا نفعل إذا ؟فرد قائلا سننتظر قليلا حتى نعاود الهجوم ونطلب المدد قبل هجومنا وقد فعل قائد الجيش ما قال ولكن النتيجة كانت هى الهزيمة مرة أخرى .
44- قال بشار أحد قادة جيوش بابك :
علمنا من العيون والجواسيس فى أرض العباسيين أن خليفتهم قد أرسل إلينا جيشا أخر وقد اتخذ طريق للجبل من ناحية مخالفة للنواحى التى سلكها الجيش الأول فدعانا بابك لبيته كى نناقش كيف سنحارب فقال إن الجيش يسلك الممر الخلفى للجبل فماذا ترون ؟فقال فاتك أرى أن نمكنه من صعود الجبل حتى إذا نال منهم الجهد وحل بهم التعب نتيجة الصعود بادرناهم بالهجوم وهم فى غفلة من أمرهم فقال سندان هذا رأى حسن أما إسحاق بن إبراهيم فقال لابد من استخدام الوسائل التى أعددناها فى المراقب والمراصد الحجرية الجبلية فى الحرب مثل إسقاط التراب المعبأ فى الأجولة عليهم مرة واحدة حتى يصابوا فى أعينهم وتتضايق صدورهم وعند ذلك يمكننا القضاء عليهم فقال بابك لماذا أراك ساكتا يا بشار ؟فرددت قائلا أسمع وأتفحص الآراء وبعد هذا أقول رأيى فقال بابك وما رأيك؟فقلت تعلمون أن النهر قريب من الممر الخلفى بحوالى 70 ذراعا فقاطعنى سندان فقال وما علاقة النهر بما نحن فيه ؟فأجبت قائلا اسمع وستعرف إن صخور الجبل كما تعلمون لينة وليست صلبة فلو أننا نحتنا الصخر فى المنطقة المواجهة للممر وضربنا هذا الجدار الرقيق بالمقاليع لإنهدم وتدفق الماء بقوة تجاه الممر ثم انحدر عليه آخذا فى طريقه العدو لأسفل وأنتم تعلمون أن النهر الآن فى أيام فيضانه فصاح بابك هذه فكرة صائبة كم نحتاج من الجنود لتنفيذ ذلك بسرعة ؟فقلت أمام العدو أسبوع حتى يصل المنطقة المطلوبة ولذا علينا أن نسرع فى الحفر بأكبر عدد ممكن من الجنود وليكن عشرة آلاف فقال بابك إذا أبلغوا جنود المراصد القريبة بالتوجه للمنطقة المحددة وسأرسل لك من الجيش هنا سبعة آلاف معهم المعاول والفؤوس والمقاطف لتبدئوا العمل فقال فارس ولكنكم نسيتم شىء هام فسأله إسحاق ماذا نسينا ؟فرد فارس نسيتم أن الممر الخلفى سينتهى وستتعطل مصالحنا ومصالح من يمرون منه لأن النهر سيظل يتدفق من خلاله فقلت سنصلح كل شىء بعد انتهاء الحرب مع العدو فتساءل قائلا كيف سنصلح ذلك ؟إن من سيتصدى للنهر سيقذفه لأسفل كما سيقذف جنود العباسيين بعد أسبوع فابتسمت وقلت سننتظر حتى حلول الشتاء وتجمد مياه النهر أعلى الجبل ومن ثم حلول الجفاف بالممر فقال بابك وماذا بعد ذلك ؟فقلت وسنقوم نحن أولا بحفر المنطقة تحت الجدار الذى كان يقف حائلا بين النهر والممر وهذا يعنى أننا سنحفر بعمق عشرة أذرع وثانيا سنقيم سد من الصخور الكبيرة والصغيرة فى مكان الجدار على أن نسد الفتحات بين الصخور بالطين الناتج من خلط ماء النهر المتبقى بتراب الحفر فقال إسحاق لدى فكرة قد تكون أفضل من ذلك فتساءل سندان وما هى ؟فرد قائلا فى منتصف المسافة بين الجدار والممر توجد منطقة جدارية منحدرة فلو أننا حفرناها بنفس الطريقة فيتخذ النهر طريقه خلالها وبعد ذلك يبتعد عن الممر نهائيا فقال بابك إن الإختيار بين الأفكار سيكون أفضل بعد أن ننتهى من القضاء على جيش الأعداء ثم قال المهم الآن البدء فى الحفر بأقصى سرعة وبأكبر قوة وسنشارك جميعا فى الحفر ولما انتهينا من عملية الحفر لاحظنا اقتراب العدو من العلو المحاذى لعلو النهر فى المنطقة المحفورة أسرعنا لضرب الجدار الرقيق بحجارة المقاليع التى هدمته خلال ساعة واحدة وبدأ شلال الماء فى التوجه نحو الممر وبدأ يأخذ فى طريقه مقدمة الجيش وقد شاهدنا من المراصد أعلى الجبل الجنود وهم يتساقطون على بعضهم ويأخذهم التيار لأسفل فيصدمهم بالصخور وقد زاد الطين بله هياج الدواب التى كانت معهم عندما رأت الماء يأخذها لأسفل
45- قال إسحاق بن إبراهيم :
جمع بابك مجلس الحرب فى بيته ثم خطب فيهم قائلا :
لقد فكرت وفكرت فهدانى تفكيرى لرسم سياسة ثابتة ننفذها حتى نظل نكسب الحرب من العدو وهذه السياسة تقوم على الأتى
-إقامة المراصد والمراقب فى أنحاء الجبل وعلى طول الحدود بيننا وبين العدو العباسى مع تموين الجند بالطعام والماء اللازم لهم فى كل مرقب لمدة عام وأيضا إمدادهم بكل ما يطرأ على عقولنا من وسائل الحرب الأخرى
-بث الجواسيس فى كل الطرق المؤدية لبلادنا مع إمداد هؤلاء العيون بالأموال اللازمة بعد تدريبهم على إفساد خطط الأعداء بالطرق المختلفة مثل الدخول فى جيش العدو والعمل على تسميم الطعام المعد للأكل وكذلك الماء أو العمل على حرق معسكرهم ليلا
- نشر الجنود على كل شبر من البلاد لمعرفة كل صغيرة وكبيرة تجرى حتى نعرف الخونة فنقتلهم
-أن نستخدم وسائل لا يتوقعها العدو فى الحرب مثل شباك الصيد إذا كانت الحرب فى منطقة غابات أو بساتين ومثل إرسال حيوانات ودواب مريضة لمعسكرات العدو حتى تصاب دوابهم وحيواناتهم بالأمراض فيقل ما عندهم من الطعام وتصبح قدرتهم محدودة فى الحركة إذا حملوا السلاح والتموين ومثل دحرجة الصخور عليهم من فوق الجبل
46- قالت نائلة إحدى صواحب بابك :
رغم أن بابك كان مشغولا بالحرب إنشغالا عظيما إلا أنه كان لا ينسى أبدا النساء فكان يخصص نهاره كله لأمور الحرب وأما الليل فكان يخصصه لمباشرة النساء وفى إحدى الليالى التى بات فيها فى فراشى قلت له إن الجنود يعانون من الحرب ومتاعبها ويجب عليك إراحتهم فقال أشيرى على يا نائلة فقلت اجعل الجندى يعمل عشرة أيام عمل وعشرة أيام راحة يأتى فيهم ليتمتع ويرفه عن نفسه بمباشرة نسائه وأكل ما لذ وطاب من الطعام إنك إن فعلت ذلك عاد الجندى للحرب أكثر قوة فابتسم قائلا نعم الرأى رأيك
47- قال سندان أحد قادة جيش بابك :
لما تعرضت جيوش بنى العباس للهزيمة المتكررة من جيشنا المغوار عمدوا لسياسة تسمى قطع رأس الأفعى حتى يموت كل جسدها ولذا عملوا على أن يزيلوا رأس دولتنا بكل ما استطاعوا من وسائل حتى تتفرق بموت بابك رأس الدولة وعقلها المدبر ،قام بنو العباس بإرسال جواسيسهم لحاضرة دولتنا حيث بيت بابك وقد ادعوا أنهم أتباع له كى يعيشوا معه حتى يكونوا تحت إمرته فى أى شىء وقد قام هؤلاء بمؤامرات عدة منها
-دس السم لبابك فى الطعام وقد نجا بابك لأنه كان خارج البيت أثناء تناول الطعام المسموم وقد مات نتيجة ذلك العديد من نساء بيته ومن أجل هذا كان بابك إذا أراد الطعام ذهب إلى أى بيت فى المدينة وطلب الطعام وظل على ذلك مدة
-الضرب بالخناجر وهو فى تلك المؤامرة قد نجا بسبب الهياج الشهوانى الذى إنتابه فى تلك الليلة فقد كانت تلك الليلة نصيب صاحبته رحاب وقد عرف المتأمرون هذا ولكن رحاب فى تلك الليلة كانت متعبة بعد المرة الأولى ومن ثم فقد طلبت منه أن يذهب لصاحبة أخرى حتى ينال بغيته فكان أن خرج لحجرة زهرة ولما دخل المتأمرون ضربوا من كان فى الفراش فقتلوه فكانت الضحية هى رحاب
-دحرجة الأحجار من فوق الجبل على بابك فقد عين أحد القواد بعض الجواسيس جنود فى أحد المراصد ولما زار بابك المرصد تصادف أن كانوا فى الدور العلوى للمرصد وهو فى أسفل أمام الدور الأرضى للمرصد ولكنه نجا لأنهم أخطئوا فى الرمى
لذا أمر بابك بإخراج كل من أتى للمدينة حاضرة الدولة بعد ابتداء الحروب مع العباسيين حتى يتم التأكد من إخلاصه أو خيانته كما أن بابك أمر بتعيين حراس له يحمونه بعد أن كان يتحرك بلا حراسة كما أمر بوضع حراسة على بيته فى المدينة حتى لا يدخله الأوغاد
48- قال العندانى أحد جواسيس بابك :
بلغنا أنا والجواسيس فى أرض بنى العباس أن العباسيين قد أرسلوا جيشا لمحاربتنا ولما علمنا بالطريق الذى سيسلكه قمت أنا ومن معى بالذهاب إلى إحدى المدن التى سيمر بها الجيش وانضممنا للفرقة التى يعدها والى المدينة للإنضمام للجيش وقد حرصت على أن يكون بعضنا ضمن من يعملون فى مطابخ الجيش ولما مر الجيش بالمدينة زوده الوالى بالمؤن وأمده بالفرقة التى كونها من أهل المدينة ولما اقترب الجيش من حدود دولتنا عسكر فى أحد الأودية فضربت الخيام ونصبت الأدوات فى مكانها ولذا اتفقنا على أن نضرب ضربتنا والجيش واقف على الحدود ،لقد قمنا بإحضار أكبر كمية من السموم قدرنا على جمعها وهربناها إلى داخل المطابخ وخلطناها بالطعام ثم هربنا البعض الأخر لمكان المؤن وخلطنا الأغذية المكونة من الحبوب والبقول بالسموم وبعد ذلك قمنا فى الليل بسكب صفائح النفط والزيوت على الخيام ومخازن السلاح ثم أشعلنا النار فيها وقمنا بالهرب لدولتنا وقد رأينا بأنفسنا الجنود وهم يهربون ومن أجل هذا صدرت الأوامر لجيشنا المرابط فى المنطقة المواجهة للمعسكر أن يهاجم العدو وهو فى تلك الحالة من الفوضى وقد قام جيشنا بالمهمة المكلف بها خير قيام حيث شبعوا فى الجيش العباسى تقتيلا وأسرا ولما بلغ بابك ما فعلناه بالجيش العباسى من الهزيمة الشنيعة أصدر قرارا بأن تكون غنائم المعركة حكرا على الجيش الذى حارب وعلى وحدتنا الجاسوسية وقد اختصنا بابك بعشر الغنائم قبل التوزيع لكوننا السبب الرئيسى فى هزيمة العدو وقد اقترحت على بابك فيما بعد أن يوسع من رقعة الدولة خاصة أن منطقة الحدود داخل أرض العباسيين قد خلت ممن يدافع عنها ولكنه رفض وقال لى إن إتساع الرقعة يحتم علينا زيادة الجيش وأنت ترى أن عددنا لا يتزايد بما فيه الكفاية ثم إن الرقعة كلما كانت كانت صغيرة كلما تمكنا من المحافظة عليها
49- قال حاجب الخليفة العباسى :
لما حضر قائد الجيش المهزوم لبلاط الخليفة استشاط الخليفة غضبا وقال له بما تبرر الهزيمة فقد أعطيتك كل ما طلبت ثم جئت تجر أذيال الخيبة ووضع القائد وجهه فى الأرض وقال أعطنى فرصة أخرى فقال الخليفة وهو يبتسم ابتسامة ساخرة فى الحرب الفشل سقوط لا عودة منه للقائد المهزوم إلا وهو جندى تحت إمرة من هو أقدر منه على الإنتصار ثم وقف وقال فسر لى هزيمة جيش أكبر عددا وعدة ثم يهزم من جيش أقل عددا وعدة وعند هذا قال أحد الجالسين الفرق بين جيش بابك وجيشنا هو أن جيش بابك يحارب عن حياته وأما جيشنا فهو يحارب من أجل الحصول على المال وفرق كبير بين من يحارب عن حياته وبين من يحارب من أجل المال وعند هذا قال الخليفة وهو يضحك صدقت أيها الرجل فهذا هو الرأى الصحيح
كنت فى مجلس بابك يوما فدخل عليه وفد من نساء البلاد فقالت التى جعلوها لسانهم :السلام على قائدنا أما بعد إننا معشر النساء فى دولتكم لا نعرف ما هى حقوقنا فالرجال يأتوننا فيباشروننا برضانا ومن غير رضانا ونخاف إذا بلغنا من السن عتيا وفقدنا جمالنا أن يرمينا الرجال خارج البيوت بلا مأوى ولا طعام ولا كساء ولا دواء فقال بابك وما المطلوب منى فقال المرأة أن تكتب لنا كتابا يعرفنا حقوقنا ويضمن لنا حياة كريمة إذا كبرنا فى السن على أن يحكم القضاة بهذا إذا حدث خلاف بين الرجل والمرأة وعند هذا قال بابك فليحضر أحدكم صحيفة وقلما وليكتب ما أقول وقد كتب عدد كبير من الأتباع الجالسين ومنهم بعض النساء ما قاله بابك من الأحكام وهو:
- لا يباشرن رجل امرأة دون رضاها
- الحالة الوحيدة التى يحق للرجل فيها مباشرة أى امرأة دون رضاها هى أن ترفض كل النساء أن يباشر واحدة منهن
- على الرجل أن يطعم المرأة ويكسوها ما دامت فى بيته
- فى العيد يجتمع الرجال والنساء فى مكان واحد فيشربون الخمر ويسمعون الألحان ويرقصون ثم تطفىء الأنوار وبعد ذلك يباشر الرجل أول من يلمسها من النساء
-إذا رغب عن المرأة كل الرجال لكبر سنها أو لفقدها جمالها فالإنفاق عليها ورعاييتها على من تختاره من الرجال الذين عاشروها فى الزمن السابق كى تعيش معه
-من يغتصب امرأة أى من يباشرها دون رضاها تكون عقوبته هى إعطاء المرأة قنطار من الذهب
-على النساء عدم تغطية الشعر وللمرأة أن تبرز ما تشاء من مفاتنها فى الأماكن العامة
-من يضرب أى امرأة يضرب بنفس العدد والكيفية
-على المرأة إرضاع من تلد من الأطفال
-لا يحق لرجل أو لامرأة أن يرفض المضاجعة إذا أرادها صاحبه إلا فى حالة المرض ما دام قد ارتضى الحياة معه
- يحق للمرأة سواء كانت حامل أو غير حامل أن تترك الرجل الذى تراضت معه فى أى وقت
- يحق للمرأة أن تراضى أى رجل فى نفس ليلة تركها للرجل السابق
- إذا مات الرجل ترثه النساء اللاتى عاشرهن فى المضاجع ويكون نصيب الواحدة مثل نصيب الأخرى
- إذا ماتت المرأة ولها مال يرثها أطفالها
- ينسب الأطفال إلى أمهاتهم
- ينفق الرجل على أطفال المرأة التى تراضى معها على المباشرة
42- قال إسحاق بن إبراهيم :
لما علم الخليفة العباسى بما صنعه بابك أرسل لبابك رسولا برسالة قال فيها :من أمير المؤمنين إلى بابك الخرمى السلام على من اتبع الهدى أما بعد لقد بلغنى ما أحدثت من البدع والضلالات التى لم ينزل الله بها سلطانا وأنا أخيرك بين أمرين الأول أن أرسل لك جيوشا لا قبل لك بها تفنيك ومن معك فيكون مآلك النار وبئس القرار والثانى أن تعود للإسلام مرة أخرى فيغفر الله لك ذنبك وأصطنعك لنفسى فتكون واليا على المنطقة تحت سيطرتك فتأتمر بأمرى وتفعل ما يأتيك من قبلى ولما سمع بابك الرسالة قال للجنود أكرموا هذا الرسول ولا تدعوه ينصرف قبل أن يحمل رسالتى للحاكم العباسى وعندما انصرف الرسول مع الجنود قلت لبابك لا تحملنا ما لا طاقة لنا به فلنعد للإسلام حتى ننقذ أنفسنا من الموت المحقق فلدى العباسيين جيوشا كثيرة إن غلبنا بعضها فلن نغلب البعض الأخر عند ذلك قال بابك بماذا يتميز العباسى على حتى أكون تابعه ؟إنه مثلى مرتد قد خالف الإسلام بقبوله وراثة الخلافة زد على هذا أنه يفعل بالجوارى ما نفعله نحن بالنساء جميعا إنه يباشرهن دون زواج كما أمر الله كما أن المعازف والخمور والراقصات تملأ قصوره وقصور حاشيته وأتباعه فقلت له ماذا تنوى عمله فرد سأكون له ندا هات القرطاس والقلم واكتب ما أمليه عليك فأسرعت بإحضار القرطاس والقلم فقال بابك من بابك الخرمى للحاكم العباسى :
لقد وصلتنى رسالتك ووعيت ما فيها وأما ردى عليها فهو إذا كنت قد ارتددت عن الإسلام فقد ارتددت قبلى أنت والكثير من آبائك عندما أخذتم الخلافة بحد السيف وتوارثتموها مخالفين قوله تعالى "وأمرهم شورى بينهم "أى وقرارهم مشترك بينهم فالقرار جعلتموه لكم وهو لكل المسلمين فى كل موضوع كما خالفتم الإسلام بمباشرة الجوارى دون زواج رغم قوله تعالى "فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف "وخالفتم الإسلام فى أمور أخرى كثيرة لن أذكرها حتى لا أثقل عليك ولكن فلتعلم أن كل منا نصاب ومحتال والفرق بيننا هو أنك تنصب وتحتال باسم الإسلام وهو منك برىء وأما أنا فأنصب باسم الشيطان ولا أخفى ذلك عن الناس كما تخفى أنت ذلك إننى أقبل التحدى وعليك أن ترسل ما استطعت من الجيوش إلى بلادى وساعة الحرب ستعلم أينا هو المنتصر فى حرب النصابين وعندما سكت بابك قلت له ها أنت تجلب الدمار والخراب علينا فضحك وهو يقفز فى الهواء ويقول اعلم يا إسحاق إننى كنت أتوقع كتاب النصاب العباسى منذ فترة وقد أعددت لحربه ما لم يتوقعه أحد من قادة جيوشه فقلت عابسا قالوا قبلنا الكثرة تغلب الشجاعة فرد قائلا لا تكن يائسا هكذا ففى الحرب ليس هناك قاعدة ثابتة تدل على المنتصر وإنما لكل حرب ظروفها والقائد الخبير هو من يستغل هذه الظروف لصالحه وبعد ذلك استدعى بابك رسول الخليفة العباسى وسلمه الرسالة بعد أن ختمها بخاتمه ثم قال للجنود رافقوه حتى الحدود ولا تدعوا أحد يؤذيه .
43- قال سيف أحد جنود الجيش العباسى الأول :
دخلت على قائد جيشنا بعد هزيمتنا من جنود بابك فسألنى ماذا حدث أيها الجندى لجيشنا ؟فرددت لقد هزمنا فقد قتل منا الكثير وفر الكثير الذين وقع بعضهم فى الأسر فأمسكنى القائد من كتفى وهزنى قائلا كيف ؟فأجبت لقد نصبوا لنا كمائن كثيرة على طول الطريق وكانت نتيجة كل كمين العديد من القتلى وجرح الكثير قال وما شكل الكمائن بالضبط؟فقلت كانوا ينتظرون مرورنا فى أسفل الجبل ويسقطون علينا صخورا كبيرة تنزل فتحطم عظام من تسقط فوقه وكانوا يقذفوننا بحجارة المقاليع من فوق الجبل وكانوا يشعلون النار فى كل ممرات الجبل من أمامنا ومن خلفنا حتى أننا كنا نتنفس دخانا وعند ذلك قال قائدنا الهمام هذا يكفى ثم قال لى انصرف لطاقم الحراسة وابق معهم حتى آمرك بأمر أخر أيها الجندى ولما خرجت من الخيمة سمعته يستدعى بعض القادة ولما دخلوا عليه قال لهم ماذا أقول للخليفة هل أقول أن الشراذم قد هزمونا ؟فقال أحدهم سنعاود الهجوم وسنهزم هؤلاء الكلاب شر هزيمة فابتسم القائد ابتسامة ساخرة وقال اجمع فلول الجيش المنهك وعاود الهجوم بهم حتى يفنوا ونفنى معهم ما هذا برأى صائب فقال القائد الأخر ماذا نفعل إذا ؟فرد قائلا سننتظر قليلا حتى نعاود الهجوم ونطلب المدد قبل هجومنا وقد فعل قائد الجيش ما قال ولكن النتيجة كانت هى الهزيمة مرة أخرى .
44- قال بشار أحد قادة جيوش بابك :
علمنا من العيون والجواسيس فى أرض العباسيين أن خليفتهم قد أرسل إلينا جيشا أخر وقد اتخذ طريق للجبل من ناحية مخالفة للنواحى التى سلكها الجيش الأول فدعانا بابك لبيته كى نناقش كيف سنحارب فقال إن الجيش يسلك الممر الخلفى للجبل فماذا ترون ؟فقال فاتك أرى أن نمكنه من صعود الجبل حتى إذا نال منهم الجهد وحل بهم التعب نتيجة الصعود بادرناهم بالهجوم وهم فى غفلة من أمرهم فقال سندان هذا رأى حسن أما إسحاق بن إبراهيم فقال لابد من استخدام الوسائل التى أعددناها فى المراقب والمراصد الحجرية الجبلية فى الحرب مثل إسقاط التراب المعبأ فى الأجولة عليهم مرة واحدة حتى يصابوا فى أعينهم وتتضايق صدورهم وعند ذلك يمكننا القضاء عليهم فقال بابك لماذا أراك ساكتا يا بشار ؟فرددت قائلا أسمع وأتفحص الآراء وبعد هذا أقول رأيى فقال بابك وما رأيك؟فقلت تعلمون أن النهر قريب من الممر الخلفى بحوالى 70 ذراعا فقاطعنى سندان فقال وما علاقة النهر بما نحن فيه ؟فأجبت قائلا اسمع وستعرف إن صخور الجبل كما تعلمون لينة وليست صلبة فلو أننا نحتنا الصخر فى المنطقة المواجهة للممر وضربنا هذا الجدار الرقيق بالمقاليع لإنهدم وتدفق الماء بقوة تجاه الممر ثم انحدر عليه آخذا فى طريقه العدو لأسفل وأنتم تعلمون أن النهر الآن فى أيام فيضانه فصاح بابك هذه فكرة صائبة كم نحتاج من الجنود لتنفيذ ذلك بسرعة ؟فقلت أمام العدو أسبوع حتى يصل المنطقة المطلوبة ولذا علينا أن نسرع فى الحفر بأكبر عدد ممكن من الجنود وليكن عشرة آلاف فقال بابك إذا أبلغوا جنود المراصد القريبة بالتوجه للمنطقة المحددة وسأرسل لك من الجيش هنا سبعة آلاف معهم المعاول والفؤوس والمقاطف لتبدئوا العمل فقال فارس ولكنكم نسيتم شىء هام فسأله إسحاق ماذا نسينا ؟فرد فارس نسيتم أن الممر الخلفى سينتهى وستتعطل مصالحنا ومصالح من يمرون منه لأن النهر سيظل يتدفق من خلاله فقلت سنصلح كل شىء بعد انتهاء الحرب مع العدو فتساءل قائلا كيف سنصلح ذلك ؟إن من سيتصدى للنهر سيقذفه لأسفل كما سيقذف جنود العباسيين بعد أسبوع فابتسمت وقلت سننتظر حتى حلول الشتاء وتجمد مياه النهر أعلى الجبل ومن ثم حلول الجفاف بالممر فقال بابك وماذا بعد ذلك ؟فقلت وسنقوم نحن أولا بحفر المنطقة تحت الجدار الذى كان يقف حائلا بين النهر والممر وهذا يعنى أننا سنحفر بعمق عشرة أذرع وثانيا سنقيم سد من الصخور الكبيرة والصغيرة فى مكان الجدار على أن نسد الفتحات بين الصخور بالطين الناتج من خلط ماء النهر المتبقى بتراب الحفر فقال إسحاق لدى فكرة قد تكون أفضل من ذلك فتساءل سندان وما هى ؟فرد قائلا فى منتصف المسافة بين الجدار والممر توجد منطقة جدارية منحدرة فلو أننا حفرناها بنفس الطريقة فيتخذ النهر طريقه خلالها وبعد ذلك يبتعد عن الممر نهائيا فقال بابك إن الإختيار بين الأفكار سيكون أفضل بعد أن ننتهى من القضاء على جيش الأعداء ثم قال المهم الآن البدء فى الحفر بأقصى سرعة وبأكبر قوة وسنشارك جميعا فى الحفر ولما انتهينا من عملية الحفر لاحظنا اقتراب العدو من العلو المحاذى لعلو النهر فى المنطقة المحفورة أسرعنا لضرب الجدار الرقيق بحجارة المقاليع التى هدمته خلال ساعة واحدة وبدأ شلال الماء فى التوجه نحو الممر وبدأ يأخذ فى طريقه مقدمة الجيش وقد شاهدنا من المراصد أعلى الجبل الجنود وهم يتساقطون على بعضهم ويأخذهم التيار لأسفل فيصدمهم بالصخور وقد زاد الطين بله هياج الدواب التى كانت معهم عندما رأت الماء يأخذها لأسفل
45- قال إسحاق بن إبراهيم :
جمع بابك مجلس الحرب فى بيته ثم خطب فيهم قائلا :
لقد فكرت وفكرت فهدانى تفكيرى لرسم سياسة ثابتة ننفذها حتى نظل نكسب الحرب من العدو وهذه السياسة تقوم على الأتى
-إقامة المراصد والمراقب فى أنحاء الجبل وعلى طول الحدود بيننا وبين العدو العباسى مع تموين الجند بالطعام والماء اللازم لهم فى كل مرقب لمدة عام وأيضا إمدادهم بكل ما يطرأ على عقولنا من وسائل الحرب الأخرى
-بث الجواسيس فى كل الطرق المؤدية لبلادنا مع إمداد هؤلاء العيون بالأموال اللازمة بعد تدريبهم على إفساد خطط الأعداء بالطرق المختلفة مثل الدخول فى جيش العدو والعمل على تسميم الطعام المعد للأكل وكذلك الماء أو العمل على حرق معسكرهم ليلا
- نشر الجنود على كل شبر من البلاد لمعرفة كل صغيرة وكبيرة تجرى حتى نعرف الخونة فنقتلهم
-أن نستخدم وسائل لا يتوقعها العدو فى الحرب مثل شباك الصيد إذا كانت الحرب فى منطقة غابات أو بساتين ومثل إرسال حيوانات ودواب مريضة لمعسكرات العدو حتى تصاب دوابهم وحيواناتهم بالأمراض فيقل ما عندهم من الطعام وتصبح قدرتهم محدودة فى الحركة إذا حملوا السلاح والتموين ومثل دحرجة الصخور عليهم من فوق الجبل
46- قالت نائلة إحدى صواحب بابك :
رغم أن بابك كان مشغولا بالحرب إنشغالا عظيما إلا أنه كان لا ينسى أبدا النساء فكان يخصص نهاره كله لأمور الحرب وأما الليل فكان يخصصه لمباشرة النساء وفى إحدى الليالى التى بات فيها فى فراشى قلت له إن الجنود يعانون من الحرب ومتاعبها ويجب عليك إراحتهم فقال أشيرى على يا نائلة فقلت اجعل الجندى يعمل عشرة أيام عمل وعشرة أيام راحة يأتى فيهم ليتمتع ويرفه عن نفسه بمباشرة نسائه وأكل ما لذ وطاب من الطعام إنك إن فعلت ذلك عاد الجندى للحرب أكثر قوة فابتسم قائلا نعم الرأى رأيك
47- قال سندان أحد قادة جيش بابك :
لما تعرضت جيوش بنى العباس للهزيمة المتكررة من جيشنا المغوار عمدوا لسياسة تسمى قطع رأس الأفعى حتى يموت كل جسدها ولذا عملوا على أن يزيلوا رأس دولتنا بكل ما استطاعوا من وسائل حتى تتفرق بموت بابك رأس الدولة وعقلها المدبر ،قام بنو العباس بإرسال جواسيسهم لحاضرة دولتنا حيث بيت بابك وقد ادعوا أنهم أتباع له كى يعيشوا معه حتى يكونوا تحت إمرته فى أى شىء وقد قام هؤلاء بمؤامرات عدة منها
-دس السم لبابك فى الطعام وقد نجا بابك لأنه كان خارج البيت أثناء تناول الطعام المسموم وقد مات نتيجة ذلك العديد من نساء بيته ومن أجل هذا كان بابك إذا أراد الطعام ذهب إلى أى بيت فى المدينة وطلب الطعام وظل على ذلك مدة
-الضرب بالخناجر وهو فى تلك المؤامرة قد نجا بسبب الهياج الشهوانى الذى إنتابه فى تلك الليلة فقد كانت تلك الليلة نصيب صاحبته رحاب وقد عرف المتأمرون هذا ولكن رحاب فى تلك الليلة كانت متعبة بعد المرة الأولى ومن ثم فقد طلبت منه أن يذهب لصاحبة أخرى حتى ينال بغيته فكان أن خرج لحجرة زهرة ولما دخل المتأمرون ضربوا من كان فى الفراش فقتلوه فكانت الضحية هى رحاب
-دحرجة الأحجار من فوق الجبل على بابك فقد عين أحد القواد بعض الجواسيس جنود فى أحد المراصد ولما زار بابك المرصد تصادف أن كانوا فى الدور العلوى للمرصد وهو فى أسفل أمام الدور الأرضى للمرصد ولكنه نجا لأنهم أخطئوا فى الرمى
لذا أمر بابك بإخراج كل من أتى للمدينة حاضرة الدولة بعد ابتداء الحروب مع العباسيين حتى يتم التأكد من إخلاصه أو خيانته كما أن بابك أمر بتعيين حراس له يحمونه بعد أن كان يتحرك بلا حراسة كما أمر بوضع حراسة على بيته فى المدينة حتى لا يدخله الأوغاد
48- قال العندانى أحد جواسيس بابك :
بلغنا أنا والجواسيس فى أرض بنى العباس أن العباسيين قد أرسلوا جيشا لمحاربتنا ولما علمنا بالطريق الذى سيسلكه قمت أنا ومن معى بالذهاب إلى إحدى المدن التى سيمر بها الجيش وانضممنا للفرقة التى يعدها والى المدينة للإنضمام للجيش وقد حرصت على أن يكون بعضنا ضمن من يعملون فى مطابخ الجيش ولما مر الجيش بالمدينة زوده الوالى بالمؤن وأمده بالفرقة التى كونها من أهل المدينة ولما اقترب الجيش من حدود دولتنا عسكر فى أحد الأودية فضربت الخيام ونصبت الأدوات فى مكانها ولذا اتفقنا على أن نضرب ضربتنا والجيش واقف على الحدود ،لقد قمنا بإحضار أكبر كمية من السموم قدرنا على جمعها وهربناها إلى داخل المطابخ وخلطناها بالطعام ثم هربنا البعض الأخر لمكان المؤن وخلطنا الأغذية المكونة من الحبوب والبقول بالسموم وبعد ذلك قمنا فى الليل بسكب صفائح النفط والزيوت على الخيام ومخازن السلاح ثم أشعلنا النار فيها وقمنا بالهرب لدولتنا وقد رأينا بأنفسنا الجنود وهم يهربون ومن أجل هذا صدرت الأوامر لجيشنا المرابط فى المنطقة المواجهة للمعسكر أن يهاجم العدو وهو فى تلك الحالة من الفوضى وقد قام جيشنا بالمهمة المكلف بها خير قيام حيث شبعوا فى الجيش العباسى تقتيلا وأسرا ولما بلغ بابك ما فعلناه بالجيش العباسى من الهزيمة الشنيعة أصدر قرارا بأن تكون غنائم المعركة حكرا على الجيش الذى حارب وعلى وحدتنا الجاسوسية وقد اختصنا بابك بعشر الغنائم قبل التوزيع لكوننا السبب الرئيسى فى هزيمة العدو وقد اقترحت على بابك فيما بعد أن يوسع من رقعة الدولة خاصة أن منطقة الحدود داخل أرض العباسيين قد خلت ممن يدافع عنها ولكنه رفض وقال لى إن إتساع الرقعة يحتم علينا زيادة الجيش وأنت ترى أن عددنا لا يتزايد بما فيه الكفاية ثم إن الرقعة كلما كانت كانت صغيرة كلما تمكنا من المحافظة عليها
49- قال حاجب الخليفة العباسى :
لما حضر قائد الجيش المهزوم لبلاط الخليفة استشاط الخليفة غضبا وقال له بما تبرر الهزيمة فقد أعطيتك كل ما طلبت ثم جئت تجر أذيال الخيبة ووضع القائد وجهه فى الأرض وقال أعطنى فرصة أخرى فقال الخليفة وهو يبتسم ابتسامة ساخرة فى الحرب الفشل سقوط لا عودة منه للقائد المهزوم إلا وهو جندى تحت إمرة من هو أقدر منه على الإنتصار ثم وقف وقال فسر لى هزيمة جيش أكبر عددا وعدة ثم يهزم من جيش أقل عددا وعدة وعند هذا قال أحد الجالسين الفرق بين جيش بابك وجيشنا هو أن جيش بابك يحارب عن حياته وأما جيشنا فهو يحارب من أجل الحصول على المال وفرق كبير بين من يحارب عن حياته وبين من يحارب من أجل المال وعند هذا قال الخليفة وهو يضحك صدقت أيها الرجل فهذا هو الرأى الصحيح