بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد هذه حكاية رواية التخيلات صاحب ديانة الإباحات وهى حكاية تعتمد على التخيل وليس على ما ورد فى كتب التاريخ التى هى كذب فى غالبيتها عن بابك الخرمى وإن كان لنا من كلمة عن هذه الحكاية فإننا نقول أننا أخذنا من كتب التاريخ أساس الحكاية وهو كون بابك ابن زنى اخترع دين البابكية وحارب الدولة العباسية حتى قتل فى عهد المعتصم على حد ما زعمت كتب التاريخ
1-روى عن خالة بابك أنها قالت :
ذهبت إلى بيت أختى أم بابك قبل أن ينفذوا فيها حكم الرجم بثلاثة أيام وأقمت معها أرعاها هى وولديها بابك وإسحاق ،لقد كانت مطمئنة تصلى فروض الصلاة وتزيد عليها وكانت تضم ولديها خاصة بابك لصدرها وفى ليلة اليوم الذى سيتم فيها الرجم قالت لى :أوصيك بولدى بابك وولدى إسحاق خيرا فلن يكون لهم أحد يرعاهم من بعدك وقالت لى أيضا أريد أن يكون الولدان أمامى ساعة تنفيذ الحكم حتى يكونا أخر ما أرى من هذه الدنيا وفى تلك الليلة بت أبكى وأبكى حتى قالت لى أختى لا تبكى فأنا ذاهبة إلى لقاء الله الذى يعلم أنى ما زنيت إلا بعد أن سدوا فى وجهى أبواب الرزق فأبشرى وافرحى فإن الله سيغفر لى ويدخلنى الجنة وفى الصباح جاء الجنود واقتادوا أختى للميدان فحملت بابك على ذراعى الأيمن وسار إسحاق ممسكا بذراعى الأيسر وذهبت خلفهم ولما وصلوا ربطوا أختى لعمود فى وسط الميدان وأحاط الجند بها على شكل دائرة وفى أيديهم حجارة وتحت أرجلهم حجارة أخرى ووقفت تجاه أختى بحيث ترى ولديها كما أوصتنى وبعد لحظات بدأ الجند يقذفونها بالحجارة وبدأ الدم يسيل من أعضاء جسمها حتى أنه شكل على وجهها خطوطا رفيعة وعند ذلك أراد إسحاق أن يجرى حيث أمه فحاول التخلص من ذراعى وهو يقول :أمى أمى لماذا يضربوك يا أمى ؟ولكنه لم يستطع الإفلات وعند ذلك آثرت الإنسحاب بالأطفال حيث ذهبت بهم إلى البيت وجمعت حاجاتهم منه ثم ذهبت بهم لبيت زوجى.
2-قال أحد أصحاب بابك أن بابك حدثهم قال :
إنى لأذكر وجه أمى ساعة تنفيذ الحكم فيها فإنها كانت تنظر لى نظرة عطف وإشفاق ولم تسقط نظرها عنى أنا وأخى إسحاق إلا بعد أن تكونت على وجهها خطوط من الدم مشكلة شبكة دموية عليه ،إننى لا أنسى هذا المنظر أبدا لقد قتلوا أمى شر قتلة فالمرجوم يتألم كثيرا حتى تنفصل نفسه عن جسده وعند هذا سأله أحد أصحابنا هل بكيت لما رأيت وجه أمك ؟فقال بابك كنت طفلا فى بداية العام الثالث ولم أكن أدرى معنى ما يحدث لذا لم أبكى .
3-روى عن إسحاق بن إبراهيم أنه قال :
لما كبر بابك ووصل لسن الخامسة كان يخرج من البيت ليلعب مع أطفال الشارع وكان للأطفال ألعاب محببة هى سباق الجرى ولعب المصارعة ولما كان بابك قد أوتى بسطة فى الجسم فإنه قد احتكر الفوز فى الألعاب برغم أن الأخرين بعضهم يماثله فى السن والبعض الأخر يكبره بسنة أو اثنين ولما لم يجد الأطفال شىء يتفوقون به عليه كانوا يعمدون إلى شتمه فيقولون له :يا ابن الزانية ولما كان بابك صغيرا لا يفهم معنى الشتمة فإنه كان يأتى لخالتى متسائلا ما معنى ابن الزانية ؟فكانت خالتى تتهرب من الإجابة بشتى الطرق وكان أهم طريق لديها هو التخلص من إجابة السؤال هو أن تقدم له الحلوى والأطعمة التى يحبها ولكنه كان يعاود السؤال .
3- حكت خالة بابك فقالت :
لما وصل بابك لسن الخامسة أرسلته لمكتب تحفيظ القرآن فى الحى مع أخيه إسحاق وذلك لأبعده عن الأطفال الذين يسبونه والذين تعلموا هذا السب من أفواه الآباء والأمهات فى البيوت وقد أظهر بابك تفوقا فى حفظ القرآن حتى أنه عندما وصل لسن السابعة كان قد قارب قدر ما حفظه أخوه إسحاق وهو ثلثى القرآن وعندما وصل للثامنة كان قد حفظ القرآن كله كإسحاق الذى بلغ الحادية عشر وقد كان هذا التفوق وبالا على بابك فقد عاد الأطفال لسبه ونعته بابن الزانية .
4-عن شهر أحد خلان بابك أن إسحاق حدثهم فقال :
إن الأطفال فى المكتب دأبوا على سب بابك وأنا عدا طفل واحد يسمى محمود بن أحمد الواحدى وفى أحد الأيام تجمع الأطفال حول بابك فى غياب المعلم وقد اتفقوا عليه فقالوا له اسمع يا بابك لكل واحد منا أب فأين أبوك ؟وكل واحد منا له اسم أب يعرفه وأنت ليس لك أب ثم قال أحدهم ساخرا لعل أبوه حيوان من الحيوانات وعند هذا اغتاظ منهم بابك وأراد أن يضربهم ولكنى أمسكت به وقلت له هيا بنا للدار فقال محمود للأطفال إن ما تقولون هو ذنب عند الله وسأحكى للمعلم عن شتمكم لكل من بابك وإسحاق حتى يؤدبكم وقد نفذ محمود ما قاله وحكى للمعلم عما نلاقيه من الأخرين فعمد المعلم لضربهم على أيديهم وأرجلهم بالعصا ومع ذلك استمرت الشتائم من الأطفال .
6-روى عن إحدى جوارى خالة بابك أنها سمعت خالة بابك تقول :عاد بابك من المكتب ذات يوم غاضبا فألقى بالأوراق والأقلام على الأرض وقال لى بينى لى معنى ابن الزانية وعند ذلك سكت ولم أستطع النطق فقال ومن هو أبى وما اسمه ؟قولى لى فكل واحد من الأطفال له أب يعرفه وأما أنا فلا فضغطت على شفتى وبكيت ولم أستطع النطق وعند ذلك قال بابك وقد احمر وجهه احمرارا شديدا لن أذهب للمكتب مرة أخرى فقلت له لا يا حبيبى إن العلم هو مستقبلك قال وهو يبكى طالما لم تجيبى عن أسئلتى فلن أذهب إلى هناك أبدا وعند هذا برقت فى عقلى فكرة هى أن يذهب بابك وإسحاق لحلقات العلم فى المساجد والمدارس ولذا قلت له لن تذهب للمكتب مرة أخرى وستذهب لما هو أفضل وعند هذا سألنى قائلا وما هو الأفضل يا خالة ؟أجبت فقلت إنه تلقى العلم على أيدى العلماء فى المساجد والمدارس .
7-روى عن محمود الواحدى قال خرجت أنا وبابك من المدرسة الصفائية يوما بعد صلاة الظهر فقال لى وهو ينظر لى نظرة استعطاف أريد أن نخرج للبساتين لتحدث معك فقلت مبتسما لك هذا وسرنا حتى خرجنا من البيوت للبساتين وفى ظل إحدى الأشجار جلسنا فقال لى أنت من أحب الناس لقلبى ولذا أريد أن تجيب على أسئلتى التى لا يريد أحد حتى خالتى الإجابة عليها قلت له هيا اسأل عما بدا لك فقال وهو عابس الوجه ما معنى ابن الزانية ؟فسكت ثم قلت يعنى الإنسان الذى أنجبته أمه دون زواج قال وهو ينفخ زفيرا حارا من صدره هذا يعنى أن لى أبا فقلت قطعا لك أب ولكن ليس لك ذنب فيما حدث وعند هذا قال ووجهه متغير اللون أريد أن أعرف هذا الإنسان فقلت وأنا أربت على ظهره من الخير ألا تعرفه فالإنسان الذى يضحك على امرأة ثم لا يسأل عن ولده لا يستحق أن تعرفه لأنه إنسان شرير فقال بابك وهو يضع يده على عينيه ولكنه أبى فقلت ما دمت مصرا على المعرفة فاعلم أن اسم أبيك قد يكون سر مات مع أمك وربما باحت به لخالتك .
8-روى أن إسحاق بن إبراهيم تحدث إلى جمع من أصحاب بابك فقال :
ظل بابك يلح على خالتنا كى تبوح له باسم أبيه حتى رضخت لإلحاحه المستمر فباحت له باسم أبيه وحكت له عن كل ما قالت لها أختها عن هذا الرجل الشرير ولذا عزم بابك على مقابلته فى بيته الكبير وذهب إليه وقد حكى لى بابك ما دار من حوار بينهما وهو :
-أنا بابك ابن عشيقتك التى زنيت بها - ماذا تريد يا فتى ؟
-أنا نتاج الزنى أنا ابنك -حدد ماذا تريد بالضبط يا بابك؟
-أريد أن تعترف بأبوتك لى -هذا محال ولن يحدث أبدا
- ألست أبى ؟ -إننى أبوك ولكنك لا تدرك ماذا سيحدث لى لو اعترفت بك؟
-وهل سيحدث لك أكثر مما حدث لى ؟
-يا بنى لو اعترفت بك سيطبقون على حكم الرجم وأنا لا أريد أن أموت ولو اعترفت بك ستكون أنت السبب فى عدم زواج أخواتك البنات لأن الناس لن يزوجوا أولادهم لبنات رجل زانى وستجلب العار على اسم العائلة
-أيجب أن أفعل مثلما فعل عنترة بن شداد حتى تعترف بى ؟
-يا بنى ثق أننى لو كنت أحيا فى زمن شداد لإعترفت بك دون تردد ومن أول لحظة ولدت فيها - إذا فأنا المذنب ولست أنت - تحمل يا ولدى غلطتى
-هل أقول هذا ما جناه على أبى وما جنيت على أحد ؟
-يا بابك لا يوجد معك دليل على كونك ولدى
-معى أقوى شاهد الله سبحانه وتعالى
-القضاة لا يحكمون عندما يحكمون إلا بالأدلة والبراهين والشهود
-وحقوقى الأخرى -اعتقد أن خالتك العاقر الحسناء لديها مال كثير من زوجها الراحل الأخير وأنت وإسحاق سترثان كل ذلك – لقد صدق محمود فأنت رجل شرير 9-روى عن زاذان أحد أصدقاء بابك قال :
حدثنا بابك فقال لما عدت من عند أبى اللعين خائبا أهملت الدراسة وأصبح كل همى هو أن أخرج إلى الخلاء أجرى وأجرى حتى يهدنى التعب ثم أصبحت أتسلق الجبل بعد ذلك حتى أنسى اسم وشكل هذا الرجل الخبيث الذى كرهته أشد الكراهية .
10-روى عن فاتك أحد قادة الحرب لدى بابك قال :
كنا ذات يوم مع بابك نتحدث عن التدريب من أجل الحرب فقال لنا :لما خيبنى أبى فيه أهملت الدرس وكنت فى تلك الأيام اخرج إلى الخلاء كثيرا فعلم صديقى محمود بإهمالى للدروس وإننى أصبحت أحب العزلة فلقانى فى الخلاء ذات يوم وقال لى :اسمع يا بابك العزلة ليست الحل لما أنت فيه فسألته قائلا وماذا تريدنى أن أفعل فقال وهو يبتسم أعلم أنك قد مللت الدراسة فى هذه الأيام ولذا يجب أن تنشغل فى تعلم فنون الحرب حتى تصبح مقاتلا قويا فهتفت قائلا يرحمك الله هذا ما يذهب عنى ما أنا فيه من الغضب الشديد والحزن العميق وفى الأيام التالية تدربنا على المبارزة بالسيوف والطعن بالرماح وعلى تسلق الجبال ونزولها وعلى السباحة وركوب الخيل ولم يستمر محمود فى التدريب طويلا واستمررت أنا فى التدرب حتى أصبحت أجيد القتال إجادة تامة وأما هو فقد دخل فى نوع أخر من أنواع العزلة وهو عزلة المكتبة بين الكتب والمحابر والأوراق .
11- روى عن إسحاق بن إبراهيم قال :
كنت أجالس بابك ومحمود فى يوم من الأيام فأتت سيرة والدتنا فقال بابك لعن الله أبى قتل أمى فابتسم محمود وقال لم يقتلها بمفرده وإنما قتلها معه القاضى الجاهل والجنود لأنهم لم يقرءوا القرآن كما أراد الله له أن يقرأ فتساءل بابك ماذا تعنى ؟فأجاب محمود إن الإسلام ليس فيه حكم يسمى الرجم فتغير وجه بابك وقال أثبت بالأدلة والبراهين فرد محمود الآن سأعرض عليك أدلة القرآن وفيما بعد سأحدثك عن أحاديث الزنى المنسوبة للنبى (ص)فقال بابك تكلم يا محمود يرحمك الله وإيانا فقال محمود الدليل الأول قوله تعالى بسورة النساء "فإن آتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب"فهنا عقاب الأمة نصف عقاب الحرة وبالطبع لا يوجد شىء اسمه نصف موت لأن نتيجة الرجم هى الموت إذا لا يمكن أن يوجد حكم اسمه نصف رجم لعدم وجود نصف موت ومن ثم لا رجم فقلت لمحمود وما الدليل الثانى فأجاب قوله تعالى بسورة الأحزاب "يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين "فهنا عقاب زوجة النبى(ص)إذا ارتكبت الزنى هو ضعفى عقاب الحرة فلو كان عقاب الزنى الرجم لكان عقاب زوجة النبى(ص)هو الموت مرتين لأن نتيجة الرجم هى الموت وهذا محال لأنها إذا ماتت فلن تحيا مرة أخرى لكى تطبق عليها العقوبة المرة الثانية فقال بابك وهو يتنهد ولكن هذه الآية يقال أنها فى ارتكاب غير الزنى فقال محمود بل هى فى الزنى لأن الله وصفه فقال بسورة الإسراء "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة "وقال بسورة النساء "واللاتى يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم "فقلت والدليل الثالث فأجاب محمود قوله تعالى بسورة الطلاق "لا تخرجوهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "فهنا عقاب الزنى الحادث من الزوجة هو طردها من بيت الزوجية بعد جلدها مائة جلدها وبالطبع ليس فى الآية دليل على قتلها بعد طردها دون حقوق وأما الدليل الرابع فهو قوله تعالى بسورة النساء "واللاتى يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكن فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا "فهنا عقاب الزوجة الزانية مع امرأة مثلها هو الحبس فى البيت حتى تموت وقد جعل الله للنساء سبيل أخر من هذه العقوبة وهو الجلد مائة جلدة ثم الطرد من بيت الزوجية دون حقوق فقال بابك هل هناك جديد عندك ؟فقال محمود الدليل الخامس هو قوله تعالى بسورة النساء "واللذان يأتيناها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما "فهنا عقاب الرجال الزناة مع بعضهم هو الأذى أى الجلد مائة جلدة وليس الرجم بدليل أن الله طلب الإعراض عنهما أى تركهما يعيشان فى أمان وبدليل أن صلاح الزانى بعد توبته لن يظهر كما يقول الله إذا لم يعيش فى حالة رجمه والدليل السادس هو قوله تعالى بسورة المائدة "من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "فهنا بين الله لنا أن الإنسان يقتل فى حالتين الأولى أن يقتل نفسا دون وجه حق والثانية أن يفسد فى الأرض والمراد أن يكفر بعد إسلامه أى يرتد عن إسلامه وبناء على هذا ليس الزنى من أسباب القتل
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد هذه حكاية رواية التخيلات صاحب ديانة الإباحات وهى حكاية تعتمد على التخيل وليس على ما ورد فى كتب التاريخ التى هى كذب فى غالبيتها عن بابك الخرمى وإن كان لنا من كلمة عن هذه الحكاية فإننا نقول أننا أخذنا من كتب التاريخ أساس الحكاية وهو كون بابك ابن زنى اخترع دين البابكية وحارب الدولة العباسية حتى قتل فى عهد المعتصم على حد ما زعمت كتب التاريخ
1-روى عن خالة بابك أنها قالت :
ذهبت إلى بيت أختى أم بابك قبل أن ينفذوا فيها حكم الرجم بثلاثة أيام وأقمت معها أرعاها هى وولديها بابك وإسحاق ،لقد كانت مطمئنة تصلى فروض الصلاة وتزيد عليها وكانت تضم ولديها خاصة بابك لصدرها وفى ليلة اليوم الذى سيتم فيها الرجم قالت لى :أوصيك بولدى بابك وولدى إسحاق خيرا فلن يكون لهم أحد يرعاهم من بعدك وقالت لى أيضا أريد أن يكون الولدان أمامى ساعة تنفيذ الحكم حتى يكونا أخر ما أرى من هذه الدنيا وفى تلك الليلة بت أبكى وأبكى حتى قالت لى أختى لا تبكى فأنا ذاهبة إلى لقاء الله الذى يعلم أنى ما زنيت إلا بعد أن سدوا فى وجهى أبواب الرزق فأبشرى وافرحى فإن الله سيغفر لى ويدخلنى الجنة وفى الصباح جاء الجنود واقتادوا أختى للميدان فحملت بابك على ذراعى الأيمن وسار إسحاق ممسكا بذراعى الأيسر وذهبت خلفهم ولما وصلوا ربطوا أختى لعمود فى وسط الميدان وأحاط الجند بها على شكل دائرة وفى أيديهم حجارة وتحت أرجلهم حجارة أخرى ووقفت تجاه أختى بحيث ترى ولديها كما أوصتنى وبعد لحظات بدأ الجند يقذفونها بالحجارة وبدأ الدم يسيل من أعضاء جسمها حتى أنه شكل على وجهها خطوطا رفيعة وعند ذلك أراد إسحاق أن يجرى حيث أمه فحاول التخلص من ذراعى وهو يقول :أمى أمى لماذا يضربوك يا أمى ؟ولكنه لم يستطع الإفلات وعند ذلك آثرت الإنسحاب بالأطفال حيث ذهبت بهم إلى البيت وجمعت حاجاتهم منه ثم ذهبت بهم لبيت زوجى.
2-قال أحد أصحاب بابك أن بابك حدثهم قال :
إنى لأذكر وجه أمى ساعة تنفيذ الحكم فيها فإنها كانت تنظر لى نظرة عطف وإشفاق ولم تسقط نظرها عنى أنا وأخى إسحاق إلا بعد أن تكونت على وجهها خطوط من الدم مشكلة شبكة دموية عليه ،إننى لا أنسى هذا المنظر أبدا لقد قتلوا أمى شر قتلة فالمرجوم يتألم كثيرا حتى تنفصل نفسه عن جسده وعند هذا سأله أحد أصحابنا هل بكيت لما رأيت وجه أمك ؟فقال بابك كنت طفلا فى بداية العام الثالث ولم أكن أدرى معنى ما يحدث لذا لم أبكى .
3-روى عن إسحاق بن إبراهيم أنه قال :
لما كبر بابك ووصل لسن الخامسة كان يخرج من البيت ليلعب مع أطفال الشارع وكان للأطفال ألعاب محببة هى سباق الجرى ولعب المصارعة ولما كان بابك قد أوتى بسطة فى الجسم فإنه قد احتكر الفوز فى الألعاب برغم أن الأخرين بعضهم يماثله فى السن والبعض الأخر يكبره بسنة أو اثنين ولما لم يجد الأطفال شىء يتفوقون به عليه كانوا يعمدون إلى شتمه فيقولون له :يا ابن الزانية ولما كان بابك صغيرا لا يفهم معنى الشتمة فإنه كان يأتى لخالتى متسائلا ما معنى ابن الزانية ؟فكانت خالتى تتهرب من الإجابة بشتى الطرق وكان أهم طريق لديها هو التخلص من إجابة السؤال هو أن تقدم له الحلوى والأطعمة التى يحبها ولكنه كان يعاود السؤال .
3- حكت خالة بابك فقالت :
لما وصل بابك لسن الخامسة أرسلته لمكتب تحفيظ القرآن فى الحى مع أخيه إسحاق وذلك لأبعده عن الأطفال الذين يسبونه والذين تعلموا هذا السب من أفواه الآباء والأمهات فى البيوت وقد أظهر بابك تفوقا فى حفظ القرآن حتى أنه عندما وصل لسن السابعة كان قد قارب قدر ما حفظه أخوه إسحاق وهو ثلثى القرآن وعندما وصل للثامنة كان قد حفظ القرآن كله كإسحاق الذى بلغ الحادية عشر وقد كان هذا التفوق وبالا على بابك فقد عاد الأطفال لسبه ونعته بابن الزانية .
4-عن شهر أحد خلان بابك أن إسحاق حدثهم فقال :
إن الأطفال فى المكتب دأبوا على سب بابك وأنا عدا طفل واحد يسمى محمود بن أحمد الواحدى وفى أحد الأيام تجمع الأطفال حول بابك فى غياب المعلم وقد اتفقوا عليه فقالوا له اسمع يا بابك لكل واحد منا أب فأين أبوك ؟وكل واحد منا له اسم أب يعرفه وأنت ليس لك أب ثم قال أحدهم ساخرا لعل أبوه حيوان من الحيوانات وعند هذا اغتاظ منهم بابك وأراد أن يضربهم ولكنى أمسكت به وقلت له هيا بنا للدار فقال محمود للأطفال إن ما تقولون هو ذنب عند الله وسأحكى للمعلم عن شتمكم لكل من بابك وإسحاق حتى يؤدبكم وقد نفذ محمود ما قاله وحكى للمعلم عما نلاقيه من الأخرين فعمد المعلم لضربهم على أيديهم وأرجلهم بالعصا ومع ذلك استمرت الشتائم من الأطفال .
6-روى عن إحدى جوارى خالة بابك أنها سمعت خالة بابك تقول :عاد بابك من المكتب ذات يوم غاضبا فألقى بالأوراق والأقلام على الأرض وقال لى بينى لى معنى ابن الزانية وعند ذلك سكت ولم أستطع النطق فقال ومن هو أبى وما اسمه ؟قولى لى فكل واحد من الأطفال له أب يعرفه وأما أنا فلا فضغطت على شفتى وبكيت ولم أستطع النطق وعند ذلك قال بابك وقد احمر وجهه احمرارا شديدا لن أذهب للمكتب مرة أخرى فقلت له لا يا حبيبى إن العلم هو مستقبلك قال وهو يبكى طالما لم تجيبى عن أسئلتى فلن أذهب إلى هناك أبدا وعند هذا برقت فى عقلى فكرة هى أن يذهب بابك وإسحاق لحلقات العلم فى المساجد والمدارس ولذا قلت له لن تذهب للمكتب مرة أخرى وستذهب لما هو أفضل وعند هذا سألنى قائلا وما هو الأفضل يا خالة ؟أجبت فقلت إنه تلقى العلم على أيدى العلماء فى المساجد والمدارس .
7-روى عن محمود الواحدى قال خرجت أنا وبابك من المدرسة الصفائية يوما بعد صلاة الظهر فقال لى وهو ينظر لى نظرة استعطاف أريد أن نخرج للبساتين لتحدث معك فقلت مبتسما لك هذا وسرنا حتى خرجنا من البيوت للبساتين وفى ظل إحدى الأشجار جلسنا فقال لى أنت من أحب الناس لقلبى ولذا أريد أن تجيب على أسئلتى التى لا يريد أحد حتى خالتى الإجابة عليها قلت له هيا اسأل عما بدا لك فقال وهو عابس الوجه ما معنى ابن الزانية ؟فسكت ثم قلت يعنى الإنسان الذى أنجبته أمه دون زواج قال وهو ينفخ زفيرا حارا من صدره هذا يعنى أن لى أبا فقلت قطعا لك أب ولكن ليس لك ذنب فيما حدث وعند هذا قال ووجهه متغير اللون أريد أن أعرف هذا الإنسان فقلت وأنا أربت على ظهره من الخير ألا تعرفه فالإنسان الذى يضحك على امرأة ثم لا يسأل عن ولده لا يستحق أن تعرفه لأنه إنسان شرير فقال بابك وهو يضع يده على عينيه ولكنه أبى فقلت ما دمت مصرا على المعرفة فاعلم أن اسم أبيك قد يكون سر مات مع أمك وربما باحت به لخالتك .
8-روى أن إسحاق بن إبراهيم تحدث إلى جمع من أصحاب بابك فقال :
ظل بابك يلح على خالتنا كى تبوح له باسم أبيه حتى رضخت لإلحاحه المستمر فباحت له باسم أبيه وحكت له عن كل ما قالت لها أختها عن هذا الرجل الشرير ولذا عزم بابك على مقابلته فى بيته الكبير وذهب إليه وقد حكى لى بابك ما دار من حوار بينهما وهو :
-أنا بابك ابن عشيقتك التى زنيت بها - ماذا تريد يا فتى ؟
-أنا نتاج الزنى أنا ابنك -حدد ماذا تريد بالضبط يا بابك؟
-أريد أن تعترف بأبوتك لى -هذا محال ولن يحدث أبدا
- ألست أبى ؟ -إننى أبوك ولكنك لا تدرك ماذا سيحدث لى لو اعترفت بك؟
-وهل سيحدث لك أكثر مما حدث لى ؟
-يا بنى لو اعترفت بك سيطبقون على حكم الرجم وأنا لا أريد أن أموت ولو اعترفت بك ستكون أنت السبب فى عدم زواج أخواتك البنات لأن الناس لن يزوجوا أولادهم لبنات رجل زانى وستجلب العار على اسم العائلة
-أيجب أن أفعل مثلما فعل عنترة بن شداد حتى تعترف بى ؟
-يا بنى ثق أننى لو كنت أحيا فى زمن شداد لإعترفت بك دون تردد ومن أول لحظة ولدت فيها - إذا فأنا المذنب ولست أنت - تحمل يا ولدى غلطتى
-هل أقول هذا ما جناه على أبى وما جنيت على أحد ؟
-يا بابك لا يوجد معك دليل على كونك ولدى
-معى أقوى شاهد الله سبحانه وتعالى
-القضاة لا يحكمون عندما يحكمون إلا بالأدلة والبراهين والشهود
-وحقوقى الأخرى -اعتقد أن خالتك العاقر الحسناء لديها مال كثير من زوجها الراحل الأخير وأنت وإسحاق سترثان كل ذلك – لقد صدق محمود فأنت رجل شرير 9-روى عن زاذان أحد أصدقاء بابك قال :
حدثنا بابك فقال لما عدت من عند أبى اللعين خائبا أهملت الدراسة وأصبح كل همى هو أن أخرج إلى الخلاء أجرى وأجرى حتى يهدنى التعب ثم أصبحت أتسلق الجبل بعد ذلك حتى أنسى اسم وشكل هذا الرجل الخبيث الذى كرهته أشد الكراهية .
10-روى عن فاتك أحد قادة الحرب لدى بابك قال :
كنا ذات يوم مع بابك نتحدث عن التدريب من أجل الحرب فقال لنا :لما خيبنى أبى فيه أهملت الدرس وكنت فى تلك الأيام اخرج إلى الخلاء كثيرا فعلم صديقى محمود بإهمالى للدروس وإننى أصبحت أحب العزلة فلقانى فى الخلاء ذات يوم وقال لى :اسمع يا بابك العزلة ليست الحل لما أنت فيه فسألته قائلا وماذا تريدنى أن أفعل فقال وهو يبتسم أعلم أنك قد مللت الدراسة فى هذه الأيام ولذا يجب أن تنشغل فى تعلم فنون الحرب حتى تصبح مقاتلا قويا فهتفت قائلا يرحمك الله هذا ما يذهب عنى ما أنا فيه من الغضب الشديد والحزن العميق وفى الأيام التالية تدربنا على المبارزة بالسيوف والطعن بالرماح وعلى تسلق الجبال ونزولها وعلى السباحة وركوب الخيل ولم يستمر محمود فى التدريب طويلا واستمررت أنا فى التدرب حتى أصبحت أجيد القتال إجادة تامة وأما هو فقد دخل فى نوع أخر من أنواع العزلة وهو عزلة المكتبة بين الكتب والمحابر والأوراق .
11- روى عن إسحاق بن إبراهيم قال :
كنت أجالس بابك ومحمود فى يوم من الأيام فأتت سيرة والدتنا فقال بابك لعن الله أبى قتل أمى فابتسم محمود وقال لم يقتلها بمفرده وإنما قتلها معه القاضى الجاهل والجنود لأنهم لم يقرءوا القرآن كما أراد الله له أن يقرأ فتساءل بابك ماذا تعنى ؟فأجاب محمود إن الإسلام ليس فيه حكم يسمى الرجم فتغير وجه بابك وقال أثبت بالأدلة والبراهين فرد محمود الآن سأعرض عليك أدلة القرآن وفيما بعد سأحدثك عن أحاديث الزنى المنسوبة للنبى (ص)فقال بابك تكلم يا محمود يرحمك الله وإيانا فقال محمود الدليل الأول قوله تعالى بسورة النساء "فإن آتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب"فهنا عقاب الأمة نصف عقاب الحرة وبالطبع لا يوجد شىء اسمه نصف موت لأن نتيجة الرجم هى الموت إذا لا يمكن أن يوجد حكم اسمه نصف رجم لعدم وجود نصف موت ومن ثم لا رجم فقلت لمحمود وما الدليل الثانى فأجاب قوله تعالى بسورة الأحزاب "يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين "فهنا عقاب زوجة النبى(ص)إذا ارتكبت الزنى هو ضعفى عقاب الحرة فلو كان عقاب الزنى الرجم لكان عقاب زوجة النبى(ص)هو الموت مرتين لأن نتيجة الرجم هى الموت وهذا محال لأنها إذا ماتت فلن تحيا مرة أخرى لكى تطبق عليها العقوبة المرة الثانية فقال بابك وهو يتنهد ولكن هذه الآية يقال أنها فى ارتكاب غير الزنى فقال محمود بل هى فى الزنى لأن الله وصفه فقال بسورة الإسراء "ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة "وقال بسورة النساء "واللاتى يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم "فقلت والدليل الثالث فأجاب محمود قوله تعالى بسورة الطلاق "لا تخرجوهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "فهنا عقاب الزنى الحادث من الزوجة هو طردها من بيت الزوجية بعد جلدها مائة جلدها وبالطبع ليس فى الآية دليل على قتلها بعد طردها دون حقوق وأما الدليل الرابع فهو قوله تعالى بسورة النساء "واللاتى يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكن فإن شهدوا فأمسكوهن فى البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا "فهنا عقاب الزوجة الزانية مع امرأة مثلها هو الحبس فى البيت حتى تموت وقد جعل الله للنساء سبيل أخر من هذه العقوبة وهو الجلد مائة جلدة ثم الطرد من بيت الزوجية دون حقوق فقال بابك هل هناك جديد عندك ؟فقال محمود الدليل الخامس هو قوله تعالى بسورة النساء "واللذان يأتيناها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما "فهنا عقاب الرجال الزناة مع بعضهم هو الأذى أى الجلد مائة جلدة وليس الرجم بدليل أن الله طلب الإعراض عنهما أى تركهما يعيشان فى أمان وبدليل أن صلاح الزانى بعد توبته لن يظهر كما يقول الله إذا لم يعيش فى حالة رجمه والدليل السادس هو قوله تعالى بسورة المائدة "من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا "فهنا بين الله لنا أن الإنسان يقتل فى حالتين الأولى أن يقتل نفسا دون وجه حق والثانية أن يفسد فى الأرض والمراد أن يكفر بعد إسلامه أى يرتد عن إسلامه وبناء على هذا ليس الزنى من أسباب القتل