61- قال شهر وزير الحسن :
كان سكان المملكة فى بداية عهد الحسن فى زيادة بسبب ما فعله من إعطاء العطايا والوعد بإقامة العدل ولكن بعد أن حاد عن الحق وتبع هواه وأصبح أمره فرطا فإن كثير من السكان تركوا البلاد خاصة من يتمسكون بإسلامهم وأما من بقى فهم أصحاب الديانات الأخرى وقليل من المسلمين المتسمين بالضعف وقلة الحيلة لذا فقد توقفت مؤسسات الدولة عن العمل وكسدت التجارة إلا ما كان من تجارة الجوارى والخمور والحرير والعطور .
62- قال رفيق أحد قادة جيش الحسن :
لم يعد الجيش فى عهد الحسن جيشا يدافع عن تخوم البلاد وحدودها وإنما انقلب كثير من جنده لعسس يعملون فى الشرطة ولقد وجد الجند أن الحسن يغدق العطايا على الشرطة الذين يقومون بالتجسس ومراقبة الناس والقضاء على المتأمرين على الحسن ومن أجل هذا تشجع الأعداء على الهجوم علينا وفقدنا الكثير من أرض الدولة ولم يكن هذا بسبب قلة الجند فقط وإنما يضاف لهذا أن الكثير من الجند أنهكوا قواهم مع النساء اللاتى اشتراهن الحسن لهم كما أنهكت قواهم الخمور أيضا وشكوت للحسن هذا فما سمع شيئا ولا أجاب لى طلبا .
63-قالت لمياء جارية الحسن :
كنا نجالس الحسن على ذكره السلام ذات نهار وكان عنده إنسان ممن يطلع على الكتب فكان أن قال الحسن على ذكره السلام لقد رأيت البارحة حلما وما حلمت من زمن فقلت خيرا إن شاء الله يا سيدى فقال رأيت نفسى وقد اجتمع الناس من حولى يريدون الفتك بى ثم رأيت رجلا جسيما يرفع سيفه ويدافع عنى دفاعا مجيدا وظل هكذا يضرب الناس عنى فى كل إتجاه فقالت ياسمين الحمد لله وجدت لنفسك منقذا وعند هذا قال الإنسان المطلع :هذا ليس تفسيرا للحلم فقال مولاى وما تفسيرك ؟فقال لا أحد يقدر على التأويل ولكن كما قال القائل :
وخشيت رؤيا سعد فالرؤيا لا تجىء سوى بالغم أو بالـسعد
ذكرتنى رؤيا السعـد رؤى سعد كان أمرها فى بالبعـــد
وسعد الرؤيا قد يكـون فى الواقع تعب كنقض الوعـــد
رؤى مرموزة تشاهـد فيها غرائب فالنجوى تسمعها كالرعد
وقد تذبح فتعيش ثم تضرب ذابحك وقد تشاهد شعرك كالجعد
وهو فى الواقع مرسـل وقد تصعد لجو السماء بالقعـــد
وقد تود لبنى وتنكحــها فينبئك الواقع نكاحك لدعــد
قلت يا مولاى لا ينشغلك بالك بهذا فإنها أضغاث أحلام فقالت نادية هيا يا مولاى للشرب واللعب والمتع
64- حدثنا على بن الأقمر حدثنا الفضل بن الظافر قال
عندما جهزنا الخطة لقتل الحسن فى القاعة الكبرى بقصر حسين ناماور كان همنا الأكبر منصرف لإخلاء القاعة من العبيد والفتيات وحتى الجند التابعين للحسن ولذا اتفقنا على أن يرتدى بعضنا زى الجند والخدم ويقفوا على الأبواب ثم أدخل أنا وحسين لقتله وقد اختلفت مع حسين فيمن يقتله أنا أو هو فقلت له أنا وليس أنت فقال حسين أنا أولى بذلك منك قلت هدفى تجنبيك المشاكل المستقبلية فقال وما هى ؟فرددت إن ولى العهد قد تتغير نفسه من جهتك إذا علم أنك قاتل والده ومن ثم يعمل على قتلك أو إبعادك وزوجتك قد تطلب الطلاق لهذا السبب فابتسم ساخرا وقال عندما تقدم على شىء تعتقد أنه الحق لا يهمك ما يحدث بعده ولست أخاف زوجتى ولا أخيها ولا ما يفعلون المهم إعادة الدولة لما كانت عليه فى عهد الحسن بن الصباح فقلت فكر وقرر فرد لقد قررت أن أقتله أنا فقلت إذا فلنتخلص منه وأعوانه دفعة واحدة فتساءل كيف ؟فقلت ما دام سيحضر نهارا بعد أسبوع فسندعو قادته والوزراء وكل كبير مشايع له لحضور حفل يقام بعد المغرب وبعد أن يدخلوا القاعة بعد إخفاء جثته وتنظيف المكان نهجم عليهم وبذلك نفتك بالكل حتى يتولى ولى العهد دون وجود البطانة الفاسدة التى لو بقيت لكانت النتيجة أن يكون ألعوبة فى أيديهم فقال هذا حسن
65- قال سعيد مولى الحسن :
جهزت موكب سيدى الحسن على ذكره السلام لكى يذهب لزيارة ابنته وصهره حسين ناماور فى قصرهما وما إن خرج من القصر حتى نظر له وقال ستصيبنى وحشة من جراء تركك ومن فيك من الحسان قلت يا سيدى يا خليفة الله أنت كبيرنا وعظيمنا فإذا كان الأمر كما تقول فإبق فى القصر لتتمتع بمن فيه وأرسل جندك يأتون بصهرك وابنتك وأولادهما لهنا فقال لقد وعدتهم ولا يليق بالخليفة إذا وعد أن يخلف وعده قلت صدقت يا مولاى وعند هذا حملناه وأركبناه المركبة التى انطلقت لقصر صهره .
66- حدثنا كريم العليمى قال حدثنا حسين ناماور قال :
لما حضر الحسن فى موكبه نزلت فاستقبلته وأدخلته القاعة الكبرى وكان الوقت ظهرا واحتجز جندى من أتى معه من الجند وغيرهم عن طريق وضع مرقد منوم فى الطعام والشراب الذى قدموه لهم وعندما دخل القاعة جلس الأفضل ومال على أذنى وقال بصوت خفيض هيا للعمل فقلت اصبر فلم يحن الوقت بعد سيرى ابنته وأولادى ثم نفعل ما نريد بعد خروجهم وعند هذا استدعيت زوجتى وأولادى فأتوا لرؤية الحسن وبعد ساعة تناولنا الغداء مال الحسن على أذنى وقال اصرف زوجتك والأولاد وأرنى ما وعدتنى به من الجوارى والقيان فقلت أمر مولاى وصرفتهم وبعد أن تأكدت من بعدهم بعدا كافيا عن القاعة قلت أحضروا الجوارى والقيان وعند هذا أغلقت الأبواب وكانت جملة أحضروا الجوارى والقيان هى الإشارة المتفق عليها لغلق الأبواب وكان معى فى القاعة الفضل وسبعة من الأصدقاء الموثوق بهم وكانوا يجلسون محيطين بكرسى الحسن ولم أرد أن أرى وجهه وأنا أقتله فوقفت خلفه وسللت سيفى ثم طوحت يدى به ثم ضربت عنقه وقلت وأنا أضرب هذا ما وعدتك به فانفصلت رقبته عن جسده وأغرقت الدماء المكان فتركناه حتى خمد جسده ثم نظفنا المكان ولففنا جسده فى أثواب وأكفان مع رقبته ثم وضعناه فى صندوق فى إحدى الحجرات وأجلسنا أمامها بعض الجند لكى يمنعوا من يأتى لدخولها وقرب المغرب بدأ القادة والأعيان والمشايعين الكبار للحسن يأتون وعند وقت العشاء كان العقد قد اكتمل فناديت قائلا سكوت يا قوم فبعد قليل يحضر سلطانكم الحسن على ذكره السلام وكان هذا القول هو الإشارة المتفق عليها لدخول الجند المسلحين للقاعة لحصد نفوس القوم وما إن دخلوا حتى غلقت الأبواب وقتلنا الكل ووقفنا فى برك من الدماء وبعد هذا أمرت بجمع الجثث ودفنها وتنظيف المكان من الدماء وغيرها ورجعنا من الدفن فصلينا العشاء وقد تعجب الناس عندما سمعوا الآذان فى هذا الوقت من الليل بعد أن تم منعه وفى الصباح أذن لصلاة الصبح فعرف الناس أن شىء ما قد حدث وذهبت لقصر ولى العهد وأخذته للمسجد واستدعينا العلماء ومن بقى من الأعيان وبايعناه سلطانا على كتاب الله