تزايدت الآلام على حسنين فكل قطعة من جسده تئن كأنها تعزف قطعة موسيقية تفوق الموسيقى السيموفونية وحسنين لا يملك حيالها إلا الصمت فاليأس قطعة من الجمر كلما تذكرها فاضت عينيه بالدموع وهو يقول :
الأيدى لا تستحى فى المد إلى مثلها لكنك أنت خالق الأيدى ومثلها فكيف أستحى منك إنى طامع فى رحمتك لا بل فى ذرة منها لا بل أصغر ما خلقت فإن لم أطمع فى رحمتك ففيما أطمع أفى دنيا يتكالب ناسها على المتاع أم فى رضا غيرك يا رب أنت بما يتلجلج فى صدرى عالم وبما فى جسمى يارب لا أسألك رد القضاء وإنما أسالك الرضا به يا رب خفف عنى وعن كل مرضى العالمين أجمعين آمين
وأقبل الأولاد والأصدقاء يعاودون الرجل العاجز وكلما تزايدت الزيارات شعرت وفاء بقلبها ينقبض ثم يزيد وجيبه فكثرة الزيارات تذكرها بليلة موت أبيها حيث زاره ليلتها ما يقرب من عشرين شخصا ظل البعض منهم يقول إن مرت عليه الليلة سيعيش وإن لم تمر سيموت إنه هذه الزيارات تشيع فى نفسها الوهن وتذكرها بالحين ونهاية الأجل وقعد حسنين والكل يروون الملح والطرف والنكت وهو يضحك بسعة صدر ووفاء ترقبه إنها النهاية صحوة الموت وبعد انصراف الكل قال لها حسنين إن الأجل قرب ودنا صعود النفس لخالقها فقالت وفاء بألم ألا توصى للصغير بشىء فرد وهو يحمدل لا إنى أتركه لعناية الله ردت وهى متحيرة لقد نال أولادك حظهم من التربية والتعليم والزواج والمساعدة فى حياتك ولكن هذا الصغير من يقوم له بهذا اكتب له البيت فقد اشتريت لكل منهم بيت ثم إنه سيفقد حنان الأب وقد ترع أولادك منه فمن يعوضه إنه حنانك والعيش فى أحضانك لا يساويه شىء انصفه بدل من أن يكبر فلا يذكرك بخير فرد باسما كنت أفكر فى هذا فإن أصبحت أوصى له فردت الموت قد يكون أسرع منى ومنك فقاطعها فى يأس الله أعلم إنى أعترف لك بالفضل على عندما تحملتى كل هذا النصب وأدين لك بدين لا أستطيع أن أوفيه فقد تجشمت مشقة حملى أربع سنوات على أكف الراحة فقالت بتحسر سأترك لك الأمر حتى الصباح إن شاء الله ثم تركته وأخذت الولد لحجرة أخرى فأنامته وظلت طوال الليل تنتقل من حجرة الولد لحجرة حسنين تطمئن عليه وبعد طلوع الفجر كان حسنين يردد لا إله إلا الله مسلما نفسه لبارئها
لم تنهار وفاء ولم تبكى عندما مات الرجل كانت نفسها متألمة وظلت تردد آى القرآن ثم ذهبت لبيت زهيرة فأخبرتها ثم ذهبت لبيت أمها وأخذتها معها لبيت الحانوتى ومنه إلى بيت حسنين واتصلت بالهاتف بأبناء حسنين الآخرين فجاءوا على جناح السرعة وكان الأبيض قد تحول لأسود فى نفس وفاء كل شىء اسود وقد أشاع هذا الإحساس الاكتئاب فى نفسها وفى الظهيرة شيع حسنين إلى مثواه فأظلمت الدنيا فى عينى وفاء وبكت بكاء مرا لكنه قصير ثم جلست تحدث نفسها يرحمك الله يا حسنين كنت نعم الزوج ونعم الصديق كنت رجلا نادرا كنت تشد انتباهى فى الصمت فى الكلام فى محاصرتك عينيى فى دمعتى تبحث عن السر رحمك الله فقد كنت كالشجرة المورقة ترمى بثمارها الطيبة لا تكترث بما ينالك من تعب ومن عدم فهمى رحمك الله فقد ترك موتك فى قلبى جروح جديرة بألا تندمل وهل أنسى قولك لى كلما آب الألم تذكرتك كلما برحنى تذكرتك لا أعرف لذكرك عند الألم سبب إلا إنك راحتى
دعك الآن يا وفاء من هذا الكلام دعك من الحزن الذى يختال العمر وينزف الجسد دعك من القلق امنحيه اجازة مفتوحة وتخلصى من سلاسه وأغلاله دعك من كل هذا وأقبلى على رعاية الولد فالانتظار لا يجدى والزمن زمن التحدى وما تجديه الآن لا تجديه غدا يجب أن تخلعى ثوب الحداد تكسرى القيود فالدماء لا تجرى إلا فى الأحياء فالوقت ليس وقت تذكر الحبيب الذى ضحى فى الهوى ومضى على الدرب وليس وقت سؤال كيف المحبة تهون وكيف تنسى الحبيب العيون .
تركت وفاء البدع كالخميس الصغير والكبير والأربعين مما جعل بعض الناس يلوكون سيرتها بالسوء لقد اكتفت بالدعاء للرجل بالرحمة وفاجاءها أولاد حسنين باجتماعهم معها للبحث فى الميراث فبادرتهم قائلة ألا تستحون إن الرجل لم يأكله الدود بعد وتتنازعون على الميراث فهز سعيد رأسه وقال الحى أبقى من الميت فقاطعته بابتسامة ساخرة هل تعرف ماذا ترك أبوك ؟فرد بصوت عالى لقد ترك أرضا ومالا فى المصرف والبيت فنظرت له وقالت لا لقد ترك البيت فقط وقبل أن تقاطعنى والأرض أقول لك بيعت وصرفت معظم فلوسها على علاج أبوك والأموال التى فى المصرف هى مال أخيك الصغير الذى كان يأخذ مثلكم ومفكرة أبوك تقول أنك أخذت فى السنين التى عشتها مع أبوك عشرين ألف وكل أخت عشرة آلاف وعليك مئتى جنيه وفيه إيصال أمانة معى فردت زهيرة لا أحد ينكر ما قلت وإنى عليه لشهيدة وأتبرع بنصيبى فى الميراث لأخى الصغير ردا على جميلك مع أبى ومعى فقاطعها سعيد كل واحد حر فى نصيبه فقالت زهيرة بنبرة حزينة تذكر يا سعيد إن أباك قد منحنا الكثير من المال والحنان والحنان لا يساويه أى مال فقالت زينب الابنة الصغرى عيب يا سعيد لما نسيب أخوك يضيع وكلنا موجودين على وجه الحياة تذكر إن عندك عيال وكما تدين تدان فرد سعيد بصوت عالى أنا لم أظلمها أنا أطلب حقى فردت وفاء بنبرة هادئة سوف نقسم ما بقى من مال فى المصرف وكل واحد منكم يصرف على محمد أخوكم شهر أو يأخذه عنده شهر وعند هذا ظهر التأفف على وجوههم فأخيهم المجنون لم يكن فى حسبانهم فقال سعيد ندخله المصحة فقالت وفاء لا أبوكم وصانى عليه فقالت زهيرة أنا موافقة نسيبه معك وقالت زينب وأنا موافقة
الأيدى لا تستحى فى المد إلى مثلها لكنك أنت خالق الأيدى ومثلها فكيف أستحى منك إنى طامع فى رحمتك لا بل فى ذرة منها لا بل أصغر ما خلقت فإن لم أطمع فى رحمتك ففيما أطمع أفى دنيا يتكالب ناسها على المتاع أم فى رضا غيرك يا رب أنت بما يتلجلج فى صدرى عالم وبما فى جسمى يارب لا أسألك رد القضاء وإنما أسالك الرضا به يا رب خفف عنى وعن كل مرضى العالمين أجمعين آمين
وأقبل الأولاد والأصدقاء يعاودون الرجل العاجز وكلما تزايدت الزيارات شعرت وفاء بقلبها ينقبض ثم يزيد وجيبه فكثرة الزيارات تذكرها بليلة موت أبيها حيث زاره ليلتها ما يقرب من عشرين شخصا ظل البعض منهم يقول إن مرت عليه الليلة سيعيش وإن لم تمر سيموت إنه هذه الزيارات تشيع فى نفسها الوهن وتذكرها بالحين ونهاية الأجل وقعد حسنين والكل يروون الملح والطرف والنكت وهو يضحك بسعة صدر ووفاء ترقبه إنها النهاية صحوة الموت وبعد انصراف الكل قال لها حسنين إن الأجل قرب ودنا صعود النفس لخالقها فقالت وفاء بألم ألا توصى للصغير بشىء فرد وهو يحمدل لا إنى أتركه لعناية الله ردت وهى متحيرة لقد نال أولادك حظهم من التربية والتعليم والزواج والمساعدة فى حياتك ولكن هذا الصغير من يقوم له بهذا اكتب له البيت فقد اشتريت لكل منهم بيت ثم إنه سيفقد حنان الأب وقد ترع أولادك منه فمن يعوضه إنه حنانك والعيش فى أحضانك لا يساويه شىء انصفه بدل من أن يكبر فلا يذكرك بخير فرد باسما كنت أفكر فى هذا فإن أصبحت أوصى له فردت الموت قد يكون أسرع منى ومنك فقاطعها فى يأس الله أعلم إنى أعترف لك بالفضل على عندما تحملتى كل هذا النصب وأدين لك بدين لا أستطيع أن أوفيه فقد تجشمت مشقة حملى أربع سنوات على أكف الراحة فقالت بتحسر سأترك لك الأمر حتى الصباح إن شاء الله ثم تركته وأخذت الولد لحجرة أخرى فأنامته وظلت طوال الليل تنتقل من حجرة الولد لحجرة حسنين تطمئن عليه وبعد طلوع الفجر كان حسنين يردد لا إله إلا الله مسلما نفسه لبارئها
لم تنهار وفاء ولم تبكى عندما مات الرجل كانت نفسها متألمة وظلت تردد آى القرآن ثم ذهبت لبيت زهيرة فأخبرتها ثم ذهبت لبيت أمها وأخذتها معها لبيت الحانوتى ومنه إلى بيت حسنين واتصلت بالهاتف بأبناء حسنين الآخرين فجاءوا على جناح السرعة وكان الأبيض قد تحول لأسود فى نفس وفاء كل شىء اسود وقد أشاع هذا الإحساس الاكتئاب فى نفسها وفى الظهيرة شيع حسنين إلى مثواه فأظلمت الدنيا فى عينى وفاء وبكت بكاء مرا لكنه قصير ثم جلست تحدث نفسها يرحمك الله يا حسنين كنت نعم الزوج ونعم الصديق كنت رجلا نادرا كنت تشد انتباهى فى الصمت فى الكلام فى محاصرتك عينيى فى دمعتى تبحث عن السر رحمك الله فقد كنت كالشجرة المورقة ترمى بثمارها الطيبة لا تكترث بما ينالك من تعب ومن عدم فهمى رحمك الله فقد ترك موتك فى قلبى جروح جديرة بألا تندمل وهل أنسى قولك لى كلما آب الألم تذكرتك كلما برحنى تذكرتك لا أعرف لذكرك عند الألم سبب إلا إنك راحتى
دعك الآن يا وفاء من هذا الكلام دعك من الحزن الذى يختال العمر وينزف الجسد دعك من القلق امنحيه اجازة مفتوحة وتخلصى من سلاسه وأغلاله دعك من كل هذا وأقبلى على رعاية الولد فالانتظار لا يجدى والزمن زمن التحدى وما تجديه الآن لا تجديه غدا يجب أن تخلعى ثوب الحداد تكسرى القيود فالدماء لا تجرى إلا فى الأحياء فالوقت ليس وقت تذكر الحبيب الذى ضحى فى الهوى ومضى على الدرب وليس وقت سؤال كيف المحبة تهون وكيف تنسى الحبيب العيون .
تركت وفاء البدع كالخميس الصغير والكبير والأربعين مما جعل بعض الناس يلوكون سيرتها بالسوء لقد اكتفت بالدعاء للرجل بالرحمة وفاجاءها أولاد حسنين باجتماعهم معها للبحث فى الميراث فبادرتهم قائلة ألا تستحون إن الرجل لم يأكله الدود بعد وتتنازعون على الميراث فهز سعيد رأسه وقال الحى أبقى من الميت فقاطعته بابتسامة ساخرة هل تعرف ماذا ترك أبوك ؟فرد بصوت عالى لقد ترك أرضا ومالا فى المصرف والبيت فنظرت له وقالت لا لقد ترك البيت فقط وقبل أن تقاطعنى والأرض أقول لك بيعت وصرفت معظم فلوسها على علاج أبوك والأموال التى فى المصرف هى مال أخيك الصغير الذى كان يأخذ مثلكم ومفكرة أبوك تقول أنك أخذت فى السنين التى عشتها مع أبوك عشرين ألف وكل أخت عشرة آلاف وعليك مئتى جنيه وفيه إيصال أمانة معى فردت زهيرة لا أحد ينكر ما قلت وإنى عليه لشهيدة وأتبرع بنصيبى فى الميراث لأخى الصغير ردا على جميلك مع أبى ومعى فقاطعها سعيد كل واحد حر فى نصيبه فقالت زهيرة بنبرة حزينة تذكر يا سعيد إن أباك قد منحنا الكثير من المال والحنان والحنان لا يساويه أى مال فقالت زينب الابنة الصغرى عيب يا سعيد لما نسيب أخوك يضيع وكلنا موجودين على وجه الحياة تذكر إن عندك عيال وكما تدين تدان فرد سعيد بصوت عالى أنا لم أظلمها أنا أطلب حقى فردت وفاء بنبرة هادئة سوف نقسم ما بقى من مال فى المصرف وكل واحد منكم يصرف على محمد أخوكم شهر أو يأخذه عنده شهر وعند هذا ظهر التأفف على وجوههم فأخيهم المجنون لم يكن فى حسبانهم فقال سعيد ندخله المصحة فقالت وفاء لا أبوكم وصانى عليه فقالت زهيرة أنا موافقة نسيبه معك وقالت زينب وأنا موافقة