فى هذا الخضم المترع بالآلام والآمال جاء الابن قبل الأصغر سعيد يحمل إلى أبيه مطلب لم يشأ أن يدخل فيه مباشرة بل آثر المناورة لكنه طريق أرهقه فقال لأبيه أريد مئتى جنيه فرد حسنين لماذا ؟فقال وهو ينفخ ألمت بى ضائقة مالية فرد حسنين موجها إليه طرفه الكليل ألم يكفى المال الذى أبعثه لك ثم ما هى الضائقة الملمة بك؟فقال أجدد الشقة ولم تستكمل حجرتان بعد فرد حسنين المثل يقول على قد لحافك مد رجليك ثم إننى لو أعطيتك ما تطلبه سأضطر إلى أن أعطى لإخوتك البنات والولد الصغير حقهم حتى لا أكون ظالما فرد سعيد مقطبا وجهه عندى حل وسط تعطينى الفلوس مقدما للشهور الثمانية القادمة فرد حسنين وهو يبتسم وهل تضمن لى أن أعيش إلى الشهور الثمانية فرد سعيد لا ربنا يعطيك طول العمر لكن فقاطعه حسنين قائلا لكن ماذا يا سعيد المال بدأ يقل نتيجة المرض وإيراد الأرض ثابت من ثلاث سنين ثم تذكر أخيك الصغير الذى لم يتربى بعد وتربيت أنت ووجدت رعاية الأب وهو حاليا ليس له سوى أب عاجز فرد سعيد أفهم من كلامك أنك لن تعطينى فرد حسنين وهل رفضت لك طلبا ؟إننى أقول إن أضمن طريق أن تكتب لى إيصال بالفلوس فهل توافق فرد سعيد وهو يقبل يد أبيه موافق فنادى حسنين على وفاء قائلا يا وفاء هاتى ورقة وقلم وجاءت وفاء بالورقة والقلم وكتب سعيد الإيصال وأعطاه لأبيه كى يحتفظ به لحين يسدده سعيد وبعد أن أخذ سعيد الفلوس انصرف مودعا أبيه وزوجته .
بعد خروج سعيد زاره مصطفى بن عبد المنعم الذى كال له كم كبير من القبلات والأحضان ثم بادره قائلا شغلتنا الأيام ومتاع الدنيا عنك يا شيخ حسنين فقال حسنين وهو يبتسم غيبة طويلة فعلا لكن حدثنى عن أحوال صحبتنا فرد مصطفى وهو يعدل العمامة الأحوال كما هى لم تتغير منذ إصابتك شفاك الله منها وعافاك وأحوال العالم كما هى أقوال دون أفعال فرد حسنين وما هى أخر أخبار الفكر فكما تعرف لم أعد قادر على القراءة الطويلة فرد مصطفى وهو يضحك أخر أخبار الفكر أنه لا يوجد روح وإنما توجد نفس ويوجد قلب لكل إنسان فاستوضح حسنين قائلا كيف ذلك ؟فرد مصطفى لم أكمل واكتشاف أيضا أن النفس والقلب شىء واحد وأنهما غير متجسدان فقال حسنين مستغربا والأدلة ؟فرد مصطفى نعم كان الوحى فالدليل على أن الإنسان نفس آية من سورة يوسف "وما أبرىء نفسى إن النفس لآمارة بالسوء"ودليل أن النفس والقلب الآيتان "ربكم أعلم بما فى نفوسكم "و"والله يعلم ما فى قلوبكم "والدليل على أنهما غير متجسدان أى مرئيان الآية القائلة "الله يتوفى الأنفس حين منامها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى "وعلى عدم وجود روح مجىء الروح بمعانى عدة ليس منها سر الحياة فقال حسنين وهو يحك ذقنه بيده كلام معقول زدنى أخبار فقال مصطفى مبتسما هل طلبت لى كوبا من الليمون وقبل أن يرد حسنين كانت وفاء قد أحضرت كوب الليمون فقال حسنين هذا هو الليمون زدنى فقال مصطفى وهو يقرب الكوب من فمه أمهلنى حتى أشربه فقال حسنين إذا اشرب وأنا أنتظر فقال مصطفى وهو يضع الكوب على المنضدة الحمد لله وإليك الخبر الثانى يثور سؤال فى الدوائر العلمية يقول هل تتحكم الآلة مستقبلا فى الإنسان فرد حسنين وهو يضحك بصوت عالى أتعرف أن هذا السؤال ذكرنى بالسؤال القائل هل يتحكم المخلوق فى الخالق؟كما يذكرنى بقولهم إن العقل ما هو إلا نتاج مادى صرف صنعه الجسد ثم خضع له وهو قول جانبه الصواب حيث أن أى شىء مصنوع لابد أن يكون فى أوله تفكير ثم بعد ذلك تنفيذ فقال مصطفى مبتسما كما يتنبئون بأن الغذاء الإنسانى سيكون على صورة كبسولات فرد حسنين كذب المنجمين ولو صدقوا وحتى إن صدق التنبأ فإن معنى ذلك افقاد الإنسان إحساسه نحو الطعام كما أنه تعطيل لأجهزة الجسم الإنسانى وقل إنهم سيلغون الرغبة الجنسية لدى الجنسين بواسطة بنوك الأجنة وقل ما هو أكثر فرد مصطفى ساخرا بل سيكون الإنسان أقل من الحمار سيأكل ويشرب ويباشر .
وتتالت الأيام وقد أصاب الملل من وفاء جانبا من حياتها أصبحت مقيدة بالزوج الجليس والطفل الذى أصبح يخرج فى الصباح إلى بيت جدته فلا يؤوب إلا نائما محمولا على كتفها مساء وحسنين أصاب منه اليأس مقتلا فأصبح يطلب من الله الموت كل يوم حتى يستريح ويريح من حوله فقد سبب لهم من القلق الكثير حيث تلاحتهم الآمال والآلام وكثيرا ما أصبحوا فى هم مقيم وكرب مستديم بسببه وفجأة أثناء هذا الخضم المترع باليأس نضب المال فى المصرف فلقد أعطى حسنين فأسخى بغير حساب ولم يدرى هل المال ذا بال فلم يكن يحسب أن ينضب المعين فصال وجال فى الأموال فلما أصبح لم يجد المال أوقف رواتب العيال وشرع فى بيع الأرض حتى لا يعانى من شر الأحوال واعترضت وفاء على هذا المسلك ورأت أنه بعد عامين لن يتبقى من الأرض شيئا وسيغيض بحر الفلوس فرد عليها قائلا هل ما تزالين عند حبك فردت وهى ترنو بذاكرتها للماضى وهل حبى لك يحتاج لجواب فرد وهو ينظر إلى وجهها أعرف كم سهرت من الليالى التى خلط فيها الدمع بالهم أعرف كم شرد عقلك وخفق قلبك فردت والدمع على وجهها وهل تطلب المزيد فرد وهو يربت على ظهرها أريدك فقط أن تعرفى أن على دين لك مهما فعلت لن يوفى اصبرى يا وفاء على ابتلاء الله لك بى فإن لك أجرا عنده وما عنده خير وأبقى فهل تقدرين ؟فردت وهى تمسح دموعها أقدر ذلك وأعرف أن لك دينا على فقد علمتنى الحياة بعد أن كنت سأخرج منها كما دخلتها فربت على ظهرها قائلا ليتنى ما فتحت نفسك على ما لا كنت تحبين أو تتصورين فردت قائلة بل ليت لديك فضلا من قوة تستطيع أن تعلمنى به فإن العلم ينير القلوب ويهدى النفوس ثم قامت فقبلته فى شفتيه فأحس بالرغبة قد ملكت عليه نفسه فطوقها بيده السليمة وقبلها قبلة حارة فحلت يده عنها بلطف وقالت لقد نسيت ذلك فلم تعيدنى له فقال آسف فردة قائلة وهى منفعلة من حقك أن تعمل فى ما بدا لك لكنك بهذه المحاولة ستعيد أشجانا وآلاما كان قد خبت نارها وانطفئت لنا فلما تحاول وأنت تعلم أنك غير قادر على الإكمال وقد يدفعنى عدم إكمالك إلى خيانتك وقد علمتنى أنها جزء لا يتجزأ من النفس وأن الإنسان إن لم يشبعها عن طريق شرعى فإن أى قوة غير قادرة إلا الله على منعه من إشباعها بطريق حرام فرد وهو يسدل جفنيه خجلا لا أعرف ما أقول لك إنى لا أعرف كيف أنظر لك الآن فردت قائلة بل انظر واملأ عينيك لأنك لم تفعل حراما أعرف أنك تريد أن تسعدنى وتنسينى بعض الهموم بأى طريق لكنك لم تقدر نتائج هذا الطريق جيدا فرد وهو يبتسم إذا قبلت الاعتذار فردت وهى تبتسم بل أنا التى يجب أن أعتذر لك وها أنا ذا أقبل رأسك وقبلتها ثم خرجت لتحضر الولد الغائب من عند جدته .
بعد خروج سعيد زاره مصطفى بن عبد المنعم الذى كال له كم كبير من القبلات والأحضان ثم بادره قائلا شغلتنا الأيام ومتاع الدنيا عنك يا شيخ حسنين فقال حسنين وهو يبتسم غيبة طويلة فعلا لكن حدثنى عن أحوال صحبتنا فرد مصطفى وهو يعدل العمامة الأحوال كما هى لم تتغير منذ إصابتك شفاك الله منها وعافاك وأحوال العالم كما هى أقوال دون أفعال فرد حسنين وما هى أخر أخبار الفكر فكما تعرف لم أعد قادر على القراءة الطويلة فرد مصطفى وهو يضحك أخر أخبار الفكر أنه لا يوجد روح وإنما توجد نفس ويوجد قلب لكل إنسان فاستوضح حسنين قائلا كيف ذلك ؟فرد مصطفى لم أكمل واكتشاف أيضا أن النفس والقلب شىء واحد وأنهما غير متجسدان فقال حسنين مستغربا والأدلة ؟فرد مصطفى نعم كان الوحى فالدليل على أن الإنسان نفس آية من سورة يوسف "وما أبرىء نفسى إن النفس لآمارة بالسوء"ودليل أن النفس والقلب الآيتان "ربكم أعلم بما فى نفوسكم "و"والله يعلم ما فى قلوبكم "والدليل على أنهما غير متجسدان أى مرئيان الآية القائلة "الله يتوفى الأنفس حين منامها والتى لم تمت فى منامها فيمسك التى قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى "وعلى عدم وجود روح مجىء الروح بمعانى عدة ليس منها سر الحياة فقال حسنين وهو يحك ذقنه بيده كلام معقول زدنى أخبار فقال مصطفى مبتسما هل طلبت لى كوبا من الليمون وقبل أن يرد حسنين كانت وفاء قد أحضرت كوب الليمون فقال حسنين هذا هو الليمون زدنى فقال مصطفى وهو يقرب الكوب من فمه أمهلنى حتى أشربه فقال حسنين إذا اشرب وأنا أنتظر فقال مصطفى وهو يضع الكوب على المنضدة الحمد لله وإليك الخبر الثانى يثور سؤال فى الدوائر العلمية يقول هل تتحكم الآلة مستقبلا فى الإنسان فرد حسنين وهو يضحك بصوت عالى أتعرف أن هذا السؤال ذكرنى بالسؤال القائل هل يتحكم المخلوق فى الخالق؟كما يذكرنى بقولهم إن العقل ما هو إلا نتاج مادى صرف صنعه الجسد ثم خضع له وهو قول جانبه الصواب حيث أن أى شىء مصنوع لابد أن يكون فى أوله تفكير ثم بعد ذلك تنفيذ فقال مصطفى مبتسما كما يتنبئون بأن الغذاء الإنسانى سيكون على صورة كبسولات فرد حسنين كذب المنجمين ولو صدقوا وحتى إن صدق التنبأ فإن معنى ذلك افقاد الإنسان إحساسه نحو الطعام كما أنه تعطيل لأجهزة الجسم الإنسانى وقل إنهم سيلغون الرغبة الجنسية لدى الجنسين بواسطة بنوك الأجنة وقل ما هو أكثر فرد مصطفى ساخرا بل سيكون الإنسان أقل من الحمار سيأكل ويشرب ويباشر .
وتتالت الأيام وقد أصاب الملل من وفاء جانبا من حياتها أصبحت مقيدة بالزوج الجليس والطفل الذى أصبح يخرج فى الصباح إلى بيت جدته فلا يؤوب إلا نائما محمولا على كتفها مساء وحسنين أصاب منه اليأس مقتلا فأصبح يطلب من الله الموت كل يوم حتى يستريح ويريح من حوله فقد سبب لهم من القلق الكثير حيث تلاحتهم الآمال والآلام وكثيرا ما أصبحوا فى هم مقيم وكرب مستديم بسببه وفجأة أثناء هذا الخضم المترع باليأس نضب المال فى المصرف فلقد أعطى حسنين فأسخى بغير حساب ولم يدرى هل المال ذا بال فلم يكن يحسب أن ينضب المعين فصال وجال فى الأموال فلما أصبح لم يجد المال أوقف رواتب العيال وشرع فى بيع الأرض حتى لا يعانى من شر الأحوال واعترضت وفاء على هذا المسلك ورأت أنه بعد عامين لن يتبقى من الأرض شيئا وسيغيض بحر الفلوس فرد عليها قائلا هل ما تزالين عند حبك فردت وهى ترنو بذاكرتها للماضى وهل حبى لك يحتاج لجواب فرد وهو ينظر إلى وجهها أعرف كم سهرت من الليالى التى خلط فيها الدمع بالهم أعرف كم شرد عقلك وخفق قلبك فردت والدمع على وجهها وهل تطلب المزيد فرد وهو يربت على ظهرها أريدك فقط أن تعرفى أن على دين لك مهما فعلت لن يوفى اصبرى يا وفاء على ابتلاء الله لك بى فإن لك أجرا عنده وما عنده خير وأبقى فهل تقدرين ؟فردت وهى تمسح دموعها أقدر ذلك وأعرف أن لك دينا على فقد علمتنى الحياة بعد أن كنت سأخرج منها كما دخلتها فربت على ظهرها قائلا ليتنى ما فتحت نفسك على ما لا كنت تحبين أو تتصورين فردت قائلة بل ليت لديك فضلا من قوة تستطيع أن تعلمنى به فإن العلم ينير القلوب ويهدى النفوس ثم قامت فقبلته فى شفتيه فأحس بالرغبة قد ملكت عليه نفسه فطوقها بيده السليمة وقبلها قبلة حارة فحلت يده عنها بلطف وقالت لقد نسيت ذلك فلم تعيدنى له فقال آسف فردة قائلة وهى منفعلة من حقك أن تعمل فى ما بدا لك لكنك بهذه المحاولة ستعيد أشجانا وآلاما كان قد خبت نارها وانطفئت لنا فلما تحاول وأنت تعلم أنك غير قادر على الإكمال وقد يدفعنى عدم إكمالك إلى خيانتك وقد علمتنى أنها جزء لا يتجزأ من النفس وأن الإنسان إن لم يشبعها عن طريق شرعى فإن أى قوة غير قادرة إلا الله على منعه من إشباعها بطريق حرام فرد وهو يسدل جفنيه خجلا لا أعرف ما أقول لك إنى لا أعرف كيف أنظر لك الآن فردت قائلة بل انظر واملأ عينيك لأنك لم تفعل حراما أعرف أنك تريد أن تسعدنى وتنسينى بعض الهموم بأى طريق لكنك لم تقدر نتائج هذا الطريق جيدا فرد وهو يبتسم إذا قبلت الاعتذار فردت وهى تبتسم بل أنا التى يجب أن أعتذر لك وها أنا ذا أقبل رأسك وقبلتها ثم خرجت لتحضر الولد الغائب من عند جدته .