ذهبت أبحث عن الفقيه ابن عبد العليم كى يجمع شمل المجاهدين ونعمل معا على هدم هذا النظام الظالم الذى لا يريد أصحابه التخلى عنه ويستعينون على إبقاءه موجودا بكل الوسائل المتاحة أمامهم قتل وسرقة واغتصاب واختلاس 000طال زمان البحث فالرجل لا أثر له فى بيته ولا فى مجلس علمه ولم يره أحد من مدة كل من قابلته من تلاميذه وأصحابه قالوا إن أخر العهد به كان أيام الجهاد وفكرت وظننت ظنونا عدة ظن منها يقول إن الله أكرمه بالشهادة فهو الآن فى جنان البرزخ السماوى يتنعم ويستبشر بمن خلفه فى الدنيا على دين الله وظن أخر يقول لقد رحل الفقيه لبلد أخر ليكمل رسالته فى تعليم الناس دينهم وظن ثالث يقول لقد قتله الأمراء بعد الجهاد حتى لا يتجمع الناس حوله ويستولون على الحكم وينصبونه أميرا عليهم يحكم بالعدل والقسطاس وظن رابع يقول إنه فى السجن للسبب السابق نفسه ،لم أقدر على تحديد أى ظن هو الحقيقة وكان أمامى طرق عدة للوصول للحقيقية وكان على أن أسير فيها كلها متى سنحت فرصة السير فى أى منها وكنت كلما قابلت غريبا فى البلدة سألته هل ذهب ابن عبد العليم عندكم وفى كل مرة كان الجواب لا فكنت أقول إنه رجل فقيه عالم يعلم الناس دينهم فهل علمتم من خبره شيئا فكان الجواب لا
ذهبت لحفارى القبور ومن يقومون بالدفن وسألتهم عن الرجل هل دفنوا جثته ؟فكان الجواب لم نره لم ندفنه وتصادقت مع حراس السجن فى المدينة ودفعت لهم أموالا أخذتها من والدى وسألتهم عن الرجل فقالوا لا نعرف الرجل وأدخلونى السجن وفتحوا لى الزنازين وشاهدت من بداخلها كانت أجسامهم واهنة هزيلة وأنفسهم يائسة وفى النهاية لم أجد الرجل ولكنى عزمت على إخراج هؤلاء المساجين الذين سجنوا ظلما بسبب معارضتهم للأمراء وسمعت من بعض الحراس أن الرجل قد يكون قد دخل السجن فعلا ومات أو دخل وتم سوقه لسجن أخر فى بلدة أخرى وسألت الحارس وأين سجلات السجن فضحك وأجاب ليس للسجن عندنا سجلات فما عندنا هو عدد المساجين وأما الأسماء وقضايا الأشخاص التى سجنوا من أجلها فلا نعرف عنها شيئا فنحن كما يقولون عبد المأمور قلت له بل عبد الآمر فالمأمور عبد وأما الآمر فهو السيد لأن المأمور هو من يتلقى الأوامر والآمر هو من يلقى الأوامر
لم أجد أمامى حلا لمشكلة الحق ونصره سوى أن أفعل ما كنت أريد أن يفعله ابن عبد العليم لذا سعيت حتى جمعت تلاميذه وأصحابه واتفقنا على نصر الحق وكانت الخطة هى معرفة مداخل وخارج قصور الأمراء ودار العسس وما يوجد فيها وما عليها من حراسات وإطلاق سراح المساجين لكى يكونوا أعوان وإخوان لنا فى أمرنا ومن أجل المعرفة بعضنا عمل فى القصور فى أعمال مختلفة وبعضنا عمل بصاصا للعسس وبعضنا الأخر انضم لحرس السجن وبعضنا انضم للصوفية وبعضنا عمل لدى التجار الكبار وكان هذا شر لابد منه للنصر وكان سر العمل مع هؤلاء هو أن هناك تحالفا بين الأمراء والعسس والحرس والتجار وبعض شيوخ الصوفية على اقتسام خيرات البلاد وهذا التحالف بعضه كان ظاهرا وبعضه كان خفيا وفى تلك الفترة كنت أسافر للبلدات حول مدينتنا مرات كى ألقى بعض الإخوان حتى ندرس ما جمعناه من معلومات عن القوم ونتعرف على ما يجب فعله ومرات كنت أتسقط أخبارا عن ابن عبد العليم ومرات كنت أجمع بعض المال وأشترى به سلاحا نخفيه لليوم الموعود وفى إحدى المرات شاهدت وأنا عائد شبح رجل ليس ببعيد عن الطريق كان يرتدى أسمالا بالية وجسمه هزيل كأنما قد خرج من قبر وشعره طويل قد غطى ملامح وجهه والقذارة ظاهرة عليه وهو يسير وصدره ورأسه قد انحنوا للأمام كأنه جائع أو به مغص سقت فرسى نحو الرجل وإذا بى أجده عمى إسماعيل العدنى فنزلت من على فرسى وحملت الرجل عليه كان متعبا منهكا لدرجة أننى قلت فى نفسى أنه سيموت لا محالة بعد قليل وحاولت أن أبقيه متيقظا على الحصان ولكنه أغمى عليه فسقت الحصان للبيت وهناك أنزلت الرجل مع أبى ومزقنا ملابسه وحممناه وألبسناه ملابس نظيفة بدا لى كهيكل عظمى يغطيه الجلد وكل هذا حدث وهو مغمى عليه ثم حملناه للسرير واستدعينا الطبيب الذى جاء وشخص حالته على أنه خمود وخمول وإنهاك عام فى الجسم من أثر جوع طويل وأوصانا أن نسقيه سوائل على قدر ما نقدر ثم نطعمه طعاما لينا هشا حتى لا تتأثر معدته لو أكل طعاما عاديا وأقام والدى بجانب صاحبه وأما أنا فباشرت أعمال أبى وكنت أقوم بما يجب على من أعمال تجاه اليوم الموعود وبعد أسبوعين بدأ العم إسماعيل يسترد وعيه لفترات طويلة ثم تحسنت حالته وأصبح سليما معافى وعندما عدت من سفرى لم أجده فى بيتنا فأخبرنى أبى أنه قد عاد لبيته وعمله مرة أخرى فذهبت للبيت بعد العصر فوجدته جالسا فى رحبة الدار فقلت السلام عليكم ورحمة الله يا عم إسماعيل فقام الرجل واعتنقنى وهو يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ابن أخى شكرا لك على ما صنعته من أجلى قلت له لا شكر على واجب يا عم سألته ماذا جعلك فى تلك الحال المزرية ؟أجاب منه إلى الله سهل الصوفى أضلنى وأغوانى فقلت كيف ؟رد قال لى أن الرسول (ص)قال من أخلص لله 40 صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه وأن من أراد ينابيع الحكمة عليه أن يعتكف كموسى (ص)40 يوما فى الخلاء فلا يأكل إلا خبزا وملحا يتناول كل ليلة رطلا وأن عليه أن ينقص الكمية كل يوم بعضا حتى يصل إلى ربع رطل فى نهاية الأربعينية قلت وهل صدقته قال فى البداية قلت إن الحديث ليس فيه ذكر للأكل قليلا أو كثيرا فقال لى إن العارفين قد جربوا هذا فلم ينفعهم إلا قلة الطعام والمنام والكلام والإعتزال عن الناس فابتسمت وقلت إن الحكمة يا عم موجودة فى كل وقت تستطيع أن تستدعيها يا حافظ كتاب الله إذا قرأت كتاب الله ومن ثم فليس الجوع طريقها ولا الإعتكاف قال إذا القرآن هو الحكمة فضحكت وقلت قال الله لنبيه "ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة "وقال "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة "وقال "ويعلمكم الكتاب والحكمة "فالحكمة هى الوحى المنزل هى كتاب الله فقال لعنة الله عليه قعد يحكى لى حكايات تبين لى فضل الأربعينية وأننى سأكون من أصحاب الكرامات قال لى أن أبا سليمان الخواص قال كنت راكبا حمارا لى يوما وكان يؤذيه الذباب فيطأطىء رأسه فكنت أضرب رأسه بخشبة كانت فى يدى فرفع الحمار رأسه إلى وقال اضرب فإنك على رأسك تضرب قيل له يا أبا سليمان وقع لك ذلك أو سمعته فقال سمعته كما سمعتك تتكلم وحكى أن جعفر الخلدى كان عنده فص له قيمة وكان يوما من الأيام راكبا فى السمارية فى دجلة فهم أن يعطى الملاح قطعة وحل الخرقة فوقع الفص فى الدجلة وكان عنده دعاء للضالة مجرب وكان يدعو به فوجد الفص فى وسط أوراق كان يتصفحها والدعاء هو أن يقول يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمع على ضالتى فضحكت وقلت يا عم عيبنا أننا نقرأ القرآن بلا فهم إننا نحفظ الألفاظ ولا نحفظ المعنى المراد فالمخلوقات مثل الحمير تتكلم أى تنطق ألفاظا ولكنها لا تخاطب الناس كما قال تعالى "أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء "إنها تخاطب بعضها ولا يوجد من يفهم لغاتها بعد سليمان(ص)لأنه قال كما حكى لنا القرآن "رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "ومن ملكه فهمه لحديث الحيوانات الذى منع عن كل الرسل (ص)بعده فقال العم مستغربا وحديث الجمل وحديث حنين الجذع وشكوى الغزال فابتسمت وقلت كل هذا وغيره من أحاديث المعجزات فى عهد محمد(ص)يخالف قوله بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "ومن ثم فالله منع الآيات وهى المعجزات عن محمد(ص)لأن الأقوام لم يصدقوا بمعجزات الرسل (ص)قبله ومن ثم فلا فائدة من إعطاءها له فقال لقد عرفنى سهل أن الصوفية تظهر الخوارق على أيديهم وأنهم يتصرفون فى عالم الطبيعة بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية فى الأكوان قلت له كلام باطل بدليل أن الصوفية المنتسبون للإسلام كثرة ومع هذا ترى المسلمين مهانين أذلاء يحكمهم الظلمة كما يحكمهم ويحتل بلادهم أهل الأديان الأخرى فلو كانوا يقدرون على شىء لمنعوا هذا الهوان والذل فقال صدقت يا ولدى ومن أعجب ما علمنى وحفظنى قصيدة نسبها للعالم السبتى تسمى زايرجة العالم وادعى أنها تظهر الغيب فقلت كما قال تعالى فى القرآن "لا يعلم الغيب إلا الله "فقال صدقت فقلت وماذا تقول هذه القصيدة ؟قال :
يقول سبيـــــتى وبحمد ربه مصل على هاد إلى الناس أرسلا
محمد المبعوث خاتم الأنبــــيا ويرضى عن الصحب ومن لهم تلا
ألا هذه زايرجة العالم الـــذى تراه بحبكم بالعقـــل قد علا
فمن أحكم الوضع فيحكم جسمه ويدرك أحكاما تدبرها الــعلا
ومن أحكم الربط فيدرك قــوة ويدرك للتقوى وللكـل حصلا
ومن أحكم التصريف يحكم سره ويقتل نفسه وصح له الــولا
وفى عالم الأمر تراه محققــــا وهذا مقام من بالأذكار كـملا
فهذى سرائر عليكم بكتــمها أقمها ودوائر للحـــاء عدلا
فطاء لها عرش وفيه نقوشنــا بنظم ونثر قد تراه مجـــدولا
فنسب دوائر كنسبة فــلكها وارسم كواكبا لأدراجها الـعلا
ونخرج لأوتار وارسم حـروفها وكور بمثله على حد من خـلا
أقم شكل زيرهم وسو بيــوته وحقق لها مهم ونورهم جــلا
وحصل علوما للطابع مهندسـا وعلما لموسيقى والأرباع مثـلا
وسو لموسيقى وعلم حروفهـم وعلم بالآت فحقق وحصــلا
وسو دوائرا ونسب حــروفها وعـالمها أطلق والإقليم جدولا
أمير لنا فهو نهاية دولــــة زناتية أيـــة وحكم لها خلا
وقطر الأندلس فأين لهودهـم وجاء بنوا نصــر وظفرهم تلا
ملوك وفرسان وأهل الحكمـة فإن شئت نصهـم وقطرهم حلا
ومهدى توحيد بتونس حكمهم ملوك وبالشرق بـالأوفاق نزلا
وأقسم على القطر وكن متفقدا فإن شئت بالروم فالبحرف شكلا
ففتش ويرشنون الراء حرفهـم وافر سهم دل والطــاء كملا
ملوك كناوة ودلو القافهــم واعراب قومنا بترقيق أعــملا
فهذى حباشى وسند فهرمـس وفرس ططاوى وما بعدهم طـلا
فقيصرهم حاء ويزد جردهـم لكان وقبطيهم بلامة طـــولا
وعباسي كلهم شريف معظـم ولا كن تركى بذا الفعل عطـلا
فإن شئت تدقيق الملوك كلهـم فختم بيوتا ثم نسب جـــدولا
على حكم قانون الحرف وعلمها وعلم طبائعها وكله مثــــلا
فمن علم العلوم بعلم علمنــا ويعلم أسرار الوجود وأكمــلا
فيرسخ علمـــه ويعرف ربه وعــلا ملا حيم بحا ميم فصلا
قاطعت العم يكفى هذا فهو كلام فى معظمه باطل فلا أحد يعلم أسرار الوجود من الخلق وإن هذا الرجل يشير فى كلامه لما يسمونه علم الرمز والكتابة السرية والشيفرة فما يقوله هو ألف بائية سرية تستبدل فيها الحروف بكلمات أو ما شابه هذا فقال العم:يا ولدى إنها قصيدة تزيد على المائة بيت وفيها مدح لبعض من نسب للتصوف كذى النون والجنيد حيث يقول:
أيا طالب السر لتهليـــل ربـه لــدى أسمائه تصادف منهلا
تطيعك أخبار الأنام بقلبهـــم كذلك رسهم وفى الشمس أعملا
ترى عامة الناس إليك تفــندوا وما قلته حــقا وفى الغير أهملا
طريقك هذا السيل والسيل الـذى أقوله غيركم ونصركوه اجتلى
إذا شئت تحيا فى الوجود مع التقى ودينا متينا أم تــكن متوصلا
كذى النون والجنيد مع سر صنعته وفى سر بسطام أراك مـسربلا
فبطشك تهليل وقوسك مطلــع ويوم الخميس البد والأحد انجلى
وفى جمعة أيضا بالأسماء مثلـــه وفى اثنين للحسنى تكون مكملا
وفى طائه سر وفى هائـــه إذا أراك بها مع نسبة الكل أعطلا
وساعة سعد شرطهم فى نقوشـها وعود ومصطكى بخور تحصلا
وتتلو عليها أخر الحشــر دعوة والإخلاص والسبع المثانى مرتلا
قلت يا عم إنها دعوة للبعد عن العمل والإلتزام بالكلام مع عمل الخزعبلات بالتفاؤل ببعض الساعات وإيقاد العود والمصطكى وقراءة بعض القرآن للطاعة أى للعمل به وليس للعبث واللهو فقال المهم أدخلنى فى متاهات كثيرة فعلمنى أيضا أن الله هو حبيبنا ومن يحبه الله يكون معه واحدا وتمثل ببيتى شعر قالهم لى قلت وما هما قال
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصـــرتنى أبصرته وإذا أبصـرته أبصرتنا
فضحكت وقلت سبحان الله عن الحلول ولو سرنا مع القول الذى قاله لقلنا فإذا ضربتنى ضربته وإذا جلدتنى جلدته ولو كانت امرأته لقلنا لو نكتها نكته والعياذ بالله وكل هذا جنون فقال العم ومع هذا كان أحيانا يقول الحق كقوله عن بعضهم :
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرى فى الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المـحب لمن يحب مطيع
قلت هذا هو الحق .
بعد هذا اللقاء مع العم بدأنا تنفيذ خطتنا للقضاء على العصبة الظالمة حيث بدأنا بعمليات قتل عشوائية لبعض رءوس القوم خاصة رؤساء العسس ورؤساء الجند وكانت هذه العمليات تتم وكأنها عمليات قتل فى شجار عادى أو قتل فى مطاردة المجرمين وبعد هذا اتفقنا على تنفيذ القضاء على عصبة الشر فى الليلة الأولى من عيد الفطر حيث يقيمون الليالى الملاح احتفالا بطلوع روح شهر رمضان وفيها تقام الراقصات بعروضهن الخليعة وتغنى المغنيات والحاشيات وتراق الخمور وتنساب فى كئوس القوم وكانت الضربة قائمة على أساس إشعال حريق كبير فى أحد جوانب القلعة حتى يتم شغل أكثر العسس والعسكر بإخماد الحريق وتكون الفرصة سانحة لضرب العصبة التى لن تترك الحفلات والتى سيكون عدد قليل من الجند يحرسونهم قليل وفى الليلة الموعودة عندما بدأت الحفلة تم إشعال النار فى الجانب الشمالى من القلعة ودخلنا ولما بدا الدخان يظهر للقاعدين فى الخلاء وتأججت النيران على البعد أمر الوالى العساكر والعسس بالذهاب لإطفاء الحريق فأطاعوا الأمر بحيث لم يتبق مع الوالى وقادة الجند والقاضى وقائد الشرطة وبعض رؤساء الدواوين إلا حوالى عشرين جنديا وعلى الفور بدأنا الإنتشار كان كل واحد مكلف بالذهاب والوقوف خلف جندى وطعنه بسكين حتى الموت وفعلا فى دقائق تم قتل الجنود وعلى الفور أقفلنا القاعة على من فيها وبدأنا فقتلنا الوالى والقاضى والقادة ورؤساء الدواوين ثم جمعنا الجثث ووضعناها فى إحدى الحجرات وحبسنا النساء ومن كان فى القاعة فيها ووضعنا عليها حرس من الخارج وعلى الفور اتجهت فرقتان لمكان الحريق وكان الغرض هو تجريد الجنود من السلاح وساعدنا على هذا أن كثير منهم نتيجة حملهم للدلاء خلعوا سلاحهم وبزاتهم الثقيلة ورموها على الأرض ومن ثم كفونا شر القتال العظيم ومن ثم أخذنا أسلحتهم وحاولنا بشتى الطرق الممكنة أخذ سلاح بقيتهم دون قتال وقد نجحنا نجاحا كبيرا ولم يحدث سوى قتال صغير قتل فيه حوالى 20 جنديا واستشهد من جنودنا خمسة وأصيب من الجانبين حوالى 90 المهم أننا استولينا على القلعة وبدأنا فى توزيع أنفسنا على البلدة كشرطة وجنود جيش وأصدرنا أوامرنا للعاملين فى الدواوين بسير العمل كما هو مع إعطاء الناس حقوقهم وفى بداية الأمر كانت حال البلدة كأنها فوضى الناس البسطاء فى ذهول ،أذناب عصبة الشر بعضهم لزم بيته والبعض الأخر فر هاربا من عقابنا على ما فعل من مساعدته للعصبة على الإثم والعدوان وكان السبب فى هذا الحال هو ترك الناس للإسلام وإقامة دواوين على هواهم مثل ديوان المكوس والعشور ودواوين الإنشاء والغناء وعلى المصلحين وقع عبء كبير فكان لابد من إلغاء هذه الدواوين الظالمة الضارة وإقامة الدواوين التى نص عليها الوحى كديوان أمة الخير أى الحسبة وهم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر تطبيقا لقوله بسورة آل عمران "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر "وكديوان الجهاد فى سبيل الله الذى سموه ديوان الجيش الذى كان مهمته إخافة الناس وليس الدفاع عنهم ضد أعداء دين الله وبعد فترة استقرت الأمور فى البلدة وما حولها من التوابع بعد أن أقمنا بعمل الدواوين اللازمة لتطبيق حكم الله ولكن كان هناك خطرين يتربصان بنا أولهما أعداء الداخل وهم الذين ساءهم العدل من أنصار عصبة الشر وثانيهما أعداء الخارج من الدول والسلطنات التى رأت فى عملنا زلزالا سيصيبهم مثله معظمهم
ذهبت لحفارى القبور ومن يقومون بالدفن وسألتهم عن الرجل هل دفنوا جثته ؟فكان الجواب لم نره لم ندفنه وتصادقت مع حراس السجن فى المدينة ودفعت لهم أموالا أخذتها من والدى وسألتهم عن الرجل فقالوا لا نعرف الرجل وأدخلونى السجن وفتحوا لى الزنازين وشاهدت من بداخلها كانت أجسامهم واهنة هزيلة وأنفسهم يائسة وفى النهاية لم أجد الرجل ولكنى عزمت على إخراج هؤلاء المساجين الذين سجنوا ظلما بسبب معارضتهم للأمراء وسمعت من بعض الحراس أن الرجل قد يكون قد دخل السجن فعلا ومات أو دخل وتم سوقه لسجن أخر فى بلدة أخرى وسألت الحارس وأين سجلات السجن فضحك وأجاب ليس للسجن عندنا سجلات فما عندنا هو عدد المساجين وأما الأسماء وقضايا الأشخاص التى سجنوا من أجلها فلا نعرف عنها شيئا فنحن كما يقولون عبد المأمور قلت له بل عبد الآمر فالمأمور عبد وأما الآمر فهو السيد لأن المأمور هو من يتلقى الأوامر والآمر هو من يلقى الأوامر
لم أجد أمامى حلا لمشكلة الحق ونصره سوى أن أفعل ما كنت أريد أن يفعله ابن عبد العليم لذا سعيت حتى جمعت تلاميذه وأصحابه واتفقنا على نصر الحق وكانت الخطة هى معرفة مداخل وخارج قصور الأمراء ودار العسس وما يوجد فيها وما عليها من حراسات وإطلاق سراح المساجين لكى يكونوا أعوان وإخوان لنا فى أمرنا ومن أجل المعرفة بعضنا عمل فى القصور فى أعمال مختلفة وبعضنا عمل بصاصا للعسس وبعضنا الأخر انضم لحرس السجن وبعضنا انضم للصوفية وبعضنا عمل لدى التجار الكبار وكان هذا شر لابد منه للنصر وكان سر العمل مع هؤلاء هو أن هناك تحالفا بين الأمراء والعسس والحرس والتجار وبعض شيوخ الصوفية على اقتسام خيرات البلاد وهذا التحالف بعضه كان ظاهرا وبعضه كان خفيا وفى تلك الفترة كنت أسافر للبلدات حول مدينتنا مرات كى ألقى بعض الإخوان حتى ندرس ما جمعناه من معلومات عن القوم ونتعرف على ما يجب فعله ومرات كنت أتسقط أخبارا عن ابن عبد العليم ومرات كنت أجمع بعض المال وأشترى به سلاحا نخفيه لليوم الموعود وفى إحدى المرات شاهدت وأنا عائد شبح رجل ليس ببعيد عن الطريق كان يرتدى أسمالا بالية وجسمه هزيل كأنما قد خرج من قبر وشعره طويل قد غطى ملامح وجهه والقذارة ظاهرة عليه وهو يسير وصدره ورأسه قد انحنوا للأمام كأنه جائع أو به مغص سقت فرسى نحو الرجل وإذا بى أجده عمى إسماعيل العدنى فنزلت من على فرسى وحملت الرجل عليه كان متعبا منهكا لدرجة أننى قلت فى نفسى أنه سيموت لا محالة بعد قليل وحاولت أن أبقيه متيقظا على الحصان ولكنه أغمى عليه فسقت الحصان للبيت وهناك أنزلت الرجل مع أبى ومزقنا ملابسه وحممناه وألبسناه ملابس نظيفة بدا لى كهيكل عظمى يغطيه الجلد وكل هذا حدث وهو مغمى عليه ثم حملناه للسرير واستدعينا الطبيب الذى جاء وشخص حالته على أنه خمود وخمول وإنهاك عام فى الجسم من أثر جوع طويل وأوصانا أن نسقيه سوائل على قدر ما نقدر ثم نطعمه طعاما لينا هشا حتى لا تتأثر معدته لو أكل طعاما عاديا وأقام والدى بجانب صاحبه وأما أنا فباشرت أعمال أبى وكنت أقوم بما يجب على من أعمال تجاه اليوم الموعود وبعد أسبوعين بدأ العم إسماعيل يسترد وعيه لفترات طويلة ثم تحسنت حالته وأصبح سليما معافى وعندما عدت من سفرى لم أجده فى بيتنا فأخبرنى أبى أنه قد عاد لبيته وعمله مرة أخرى فذهبت للبيت بعد العصر فوجدته جالسا فى رحبة الدار فقلت السلام عليكم ورحمة الله يا عم إسماعيل فقام الرجل واعتنقنى وهو يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ابن أخى شكرا لك على ما صنعته من أجلى قلت له لا شكر على واجب يا عم سألته ماذا جعلك فى تلك الحال المزرية ؟أجاب منه إلى الله سهل الصوفى أضلنى وأغوانى فقلت كيف ؟رد قال لى أن الرسول (ص)قال من أخلص لله 40 صباحا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه وأن من أراد ينابيع الحكمة عليه أن يعتكف كموسى (ص)40 يوما فى الخلاء فلا يأكل إلا خبزا وملحا يتناول كل ليلة رطلا وأن عليه أن ينقص الكمية كل يوم بعضا حتى يصل إلى ربع رطل فى نهاية الأربعينية قلت وهل صدقته قال فى البداية قلت إن الحديث ليس فيه ذكر للأكل قليلا أو كثيرا فقال لى إن العارفين قد جربوا هذا فلم ينفعهم إلا قلة الطعام والمنام والكلام والإعتزال عن الناس فابتسمت وقلت إن الحكمة يا عم موجودة فى كل وقت تستطيع أن تستدعيها يا حافظ كتاب الله إذا قرأت كتاب الله ومن ثم فليس الجوع طريقها ولا الإعتكاف قال إذا القرآن هو الحكمة فضحكت وقلت قال الله لنبيه "ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة "وقال "وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة "وقال "ويعلمكم الكتاب والحكمة "فالحكمة هى الوحى المنزل هى كتاب الله فقال لعنة الله عليه قعد يحكى لى حكايات تبين لى فضل الأربعينية وأننى سأكون من أصحاب الكرامات قال لى أن أبا سليمان الخواص قال كنت راكبا حمارا لى يوما وكان يؤذيه الذباب فيطأطىء رأسه فكنت أضرب رأسه بخشبة كانت فى يدى فرفع الحمار رأسه إلى وقال اضرب فإنك على رأسك تضرب قيل له يا أبا سليمان وقع لك ذلك أو سمعته فقال سمعته كما سمعتك تتكلم وحكى أن جعفر الخلدى كان عنده فص له قيمة وكان يوما من الأيام راكبا فى السمارية فى دجلة فهم أن يعطى الملاح قطعة وحل الخرقة فوقع الفص فى الدجلة وكان عنده دعاء للضالة مجرب وكان يدعو به فوجد الفص فى وسط أوراق كان يتصفحها والدعاء هو أن يقول يا جامع الناس ليوم لا ريب فيه أجمع على ضالتى فضحكت وقلت يا عم عيبنا أننا نقرأ القرآن بلا فهم إننا نحفظ الألفاظ ولا نحفظ المعنى المراد فالمخلوقات مثل الحمير تتكلم أى تنطق ألفاظا ولكنها لا تخاطب الناس كما قال تعالى "أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء "إنها تخاطب بعضها ولا يوجد من يفهم لغاتها بعد سليمان(ص)لأنه قال كما حكى لنا القرآن "رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى "ومن ملكه فهمه لحديث الحيوانات الذى منع عن كل الرسل (ص)بعده فقال العم مستغربا وحديث الجمل وحديث حنين الجذع وشكوى الغزال فابتسمت وقلت كل هذا وغيره من أحاديث المعجزات فى عهد محمد(ص)يخالف قوله بسورة الإسراء "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون "ومن ثم فالله منع الآيات وهى المعجزات عن محمد(ص)لأن الأقوام لم يصدقوا بمعجزات الرسل (ص)قبله ومن ثم فلا فائدة من إعطاءها له فقال لقد عرفنى سهل أن الصوفية تظهر الخوارق على أيديهم وأنهم يتصرفون فى عالم الطبيعة بالأسماء الحسنى والكلمات الإلهية الناشئة عن الحروف عن الحروف المحيطة بالأسرار السارية فى الأكوان قلت له كلام باطل بدليل أن الصوفية المنتسبون للإسلام كثرة ومع هذا ترى المسلمين مهانين أذلاء يحكمهم الظلمة كما يحكمهم ويحتل بلادهم أهل الأديان الأخرى فلو كانوا يقدرون على شىء لمنعوا هذا الهوان والذل فقال صدقت يا ولدى ومن أعجب ما علمنى وحفظنى قصيدة نسبها للعالم السبتى تسمى زايرجة العالم وادعى أنها تظهر الغيب فقلت كما قال تعالى فى القرآن "لا يعلم الغيب إلا الله "فقال صدقت فقلت وماذا تقول هذه القصيدة ؟قال :
يقول سبيـــــتى وبحمد ربه مصل على هاد إلى الناس أرسلا
محمد المبعوث خاتم الأنبــــيا ويرضى عن الصحب ومن لهم تلا
ألا هذه زايرجة العالم الـــذى تراه بحبكم بالعقـــل قد علا
فمن أحكم الوضع فيحكم جسمه ويدرك أحكاما تدبرها الــعلا
ومن أحكم الربط فيدرك قــوة ويدرك للتقوى وللكـل حصلا
ومن أحكم التصريف يحكم سره ويقتل نفسه وصح له الــولا
وفى عالم الأمر تراه محققــــا وهذا مقام من بالأذكار كـملا
فهذى سرائر عليكم بكتــمها أقمها ودوائر للحـــاء عدلا
فطاء لها عرش وفيه نقوشنــا بنظم ونثر قد تراه مجـــدولا
فنسب دوائر كنسبة فــلكها وارسم كواكبا لأدراجها الـعلا
ونخرج لأوتار وارسم حـروفها وكور بمثله على حد من خـلا
أقم شكل زيرهم وسو بيــوته وحقق لها مهم ونورهم جــلا
وحصل علوما للطابع مهندسـا وعلما لموسيقى والأرباع مثـلا
وسو لموسيقى وعلم حروفهـم وعلم بالآت فحقق وحصــلا
وسو دوائرا ونسب حــروفها وعـالمها أطلق والإقليم جدولا
أمير لنا فهو نهاية دولــــة زناتية أيـــة وحكم لها خلا
وقطر الأندلس فأين لهودهـم وجاء بنوا نصــر وظفرهم تلا
ملوك وفرسان وأهل الحكمـة فإن شئت نصهـم وقطرهم حلا
ومهدى توحيد بتونس حكمهم ملوك وبالشرق بـالأوفاق نزلا
وأقسم على القطر وكن متفقدا فإن شئت بالروم فالبحرف شكلا
ففتش ويرشنون الراء حرفهـم وافر سهم دل والطــاء كملا
ملوك كناوة ودلو القافهــم واعراب قومنا بترقيق أعــملا
فهذى حباشى وسند فهرمـس وفرس ططاوى وما بعدهم طـلا
فقيصرهم حاء ويزد جردهـم لكان وقبطيهم بلامة طـــولا
وعباسي كلهم شريف معظـم ولا كن تركى بذا الفعل عطـلا
فإن شئت تدقيق الملوك كلهـم فختم بيوتا ثم نسب جـــدولا
على حكم قانون الحرف وعلمها وعلم طبائعها وكله مثــــلا
فمن علم العلوم بعلم علمنــا ويعلم أسرار الوجود وأكمــلا
فيرسخ علمـــه ويعرف ربه وعــلا ملا حيم بحا ميم فصلا
قاطعت العم يكفى هذا فهو كلام فى معظمه باطل فلا أحد يعلم أسرار الوجود من الخلق وإن هذا الرجل يشير فى كلامه لما يسمونه علم الرمز والكتابة السرية والشيفرة فما يقوله هو ألف بائية سرية تستبدل فيها الحروف بكلمات أو ما شابه هذا فقال العم:يا ولدى إنها قصيدة تزيد على المائة بيت وفيها مدح لبعض من نسب للتصوف كذى النون والجنيد حيث يقول:
أيا طالب السر لتهليـــل ربـه لــدى أسمائه تصادف منهلا
تطيعك أخبار الأنام بقلبهـــم كذلك رسهم وفى الشمس أعملا
ترى عامة الناس إليك تفــندوا وما قلته حــقا وفى الغير أهملا
طريقك هذا السيل والسيل الـذى أقوله غيركم ونصركوه اجتلى
إذا شئت تحيا فى الوجود مع التقى ودينا متينا أم تــكن متوصلا
كذى النون والجنيد مع سر صنعته وفى سر بسطام أراك مـسربلا
فبطشك تهليل وقوسك مطلــع ويوم الخميس البد والأحد انجلى
وفى جمعة أيضا بالأسماء مثلـــه وفى اثنين للحسنى تكون مكملا
وفى طائه سر وفى هائـــه إذا أراك بها مع نسبة الكل أعطلا
وساعة سعد شرطهم فى نقوشـها وعود ومصطكى بخور تحصلا
وتتلو عليها أخر الحشــر دعوة والإخلاص والسبع المثانى مرتلا
قلت يا عم إنها دعوة للبعد عن العمل والإلتزام بالكلام مع عمل الخزعبلات بالتفاؤل ببعض الساعات وإيقاد العود والمصطكى وقراءة بعض القرآن للطاعة أى للعمل به وليس للعبث واللهو فقال المهم أدخلنى فى متاهات كثيرة فعلمنى أيضا أن الله هو حبيبنا ومن يحبه الله يكون معه واحدا وتمثل ببيتى شعر قالهم لى قلت وما هما قال
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
فإذا أبصـــرتنى أبصرته وإذا أبصـرته أبصرتنا
فضحكت وقلت سبحان الله عن الحلول ولو سرنا مع القول الذى قاله لقلنا فإذا ضربتنى ضربته وإذا جلدتنى جلدته ولو كانت امرأته لقلنا لو نكتها نكته والعياذ بالله وكل هذا جنون فقال العم ومع هذا كان أحيانا يقول الحق كقوله عن بعضهم :
تعصى الإله وأنت تظهر حبه هذا لعمرى فى الفعال بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته إن المـحب لمن يحب مطيع
قلت هذا هو الحق .
بعد هذا اللقاء مع العم بدأنا تنفيذ خطتنا للقضاء على العصبة الظالمة حيث بدأنا بعمليات قتل عشوائية لبعض رءوس القوم خاصة رؤساء العسس ورؤساء الجند وكانت هذه العمليات تتم وكأنها عمليات قتل فى شجار عادى أو قتل فى مطاردة المجرمين وبعد هذا اتفقنا على تنفيذ القضاء على عصبة الشر فى الليلة الأولى من عيد الفطر حيث يقيمون الليالى الملاح احتفالا بطلوع روح شهر رمضان وفيها تقام الراقصات بعروضهن الخليعة وتغنى المغنيات والحاشيات وتراق الخمور وتنساب فى كئوس القوم وكانت الضربة قائمة على أساس إشعال حريق كبير فى أحد جوانب القلعة حتى يتم شغل أكثر العسس والعسكر بإخماد الحريق وتكون الفرصة سانحة لضرب العصبة التى لن تترك الحفلات والتى سيكون عدد قليل من الجند يحرسونهم قليل وفى الليلة الموعودة عندما بدأت الحفلة تم إشعال النار فى الجانب الشمالى من القلعة ودخلنا ولما بدا الدخان يظهر للقاعدين فى الخلاء وتأججت النيران على البعد أمر الوالى العساكر والعسس بالذهاب لإطفاء الحريق فأطاعوا الأمر بحيث لم يتبق مع الوالى وقادة الجند والقاضى وقائد الشرطة وبعض رؤساء الدواوين إلا حوالى عشرين جنديا وعلى الفور بدأنا الإنتشار كان كل واحد مكلف بالذهاب والوقوف خلف جندى وطعنه بسكين حتى الموت وفعلا فى دقائق تم قتل الجنود وعلى الفور أقفلنا القاعة على من فيها وبدأنا فقتلنا الوالى والقاضى والقادة ورؤساء الدواوين ثم جمعنا الجثث ووضعناها فى إحدى الحجرات وحبسنا النساء ومن كان فى القاعة فيها ووضعنا عليها حرس من الخارج وعلى الفور اتجهت فرقتان لمكان الحريق وكان الغرض هو تجريد الجنود من السلاح وساعدنا على هذا أن كثير منهم نتيجة حملهم للدلاء خلعوا سلاحهم وبزاتهم الثقيلة ورموها على الأرض ومن ثم كفونا شر القتال العظيم ومن ثم أخذنا أسلحتهم وحاولنا بشتى الطرق الممكنة أخذ سلاح بقيتهم دون قتال وقد نجحنا نجاحا كبيرا ولم يحدث سوى قتال صغير قتل فيه حوالى 20 جنديا واستشهد من جنودنا خمسة وأصيب من الجانبين حوالى 90 المهم أننا استولينا على القلعة وبدأنا فى توزيع أنفسنا على البلدة كشرطة وجنود جيش وأصدرنا أوامرنا للعاملين فى الدواوين بسير العمل كما هو مع إعطاء الناس حقوقهم وفى بداية الأمر كانت حال البلدة كأنها فوضى الناس البسطاء فى ذهول ،أذناب عصبة الشر بعضهم لزم بيته والبعض الأخر فر هاربا من عقابنا على ما فعل من مساعدته للعصبة على الإثم والعدوان وكان السبب فى هذا الحال هو ترك الناس للإسلام وإقامة دواوين على هواهم مثل ديوان المكوس والعشور ودواوين الإنشاء والغناء وعلى المصلحين وقع عبء كبير فكان لابد من إلغاء هذه الدواوين الظالمة الضارة وإقامة الدواوين التى نص عليها الوحى كديوان أمة الخير أى الحسبة وهم من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر تطبيقا لقوله بسورة آل عمران "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر "وكديوان الجهاد فى سبيل الله الذى سموه ديوان الجيش الذى كان مهمته إخافة الناس وليس الدفاع عنهم ضد أعداء دين الله وبعد فترة استقرت الأمور فى البلدة وما حولها من التوابع بعد أن أقمنا بعمل الدواوين اللازمة لتطبيق حكم الله ولكن كان هناك خطرين يتربصان بنا أولهما أعداء الداخل وهم الذين ساءهم العدل من أنصار عصبة الشر وثانيهما أعداء الخارج من الدول والسلطنات التى رأت فى عملنا زلزالا سيصيبهم مثله معظمهم