اعتقال
كان الناس نيام كعادتهم كل ليلة فى البلدة وبعد منتصف الليل بساعتين كانت سيارات الأمن المركزى المليئة بالجنود تقف فى محطة البلدة الرئيسية وأمامها عدة سيارات صغيرة للشرطة بها ضباط أمن الدولة الصغار المكلفون بإلقاء القبض على حوالى خمسين شخصا فى البلدة وفى انتظارهم كان ضابط النقطة وكثير من الغفر وتم تقسيم القوات الموجودة لحوالى عشرة أقسام مع كل قسم ضابط وغفير وعدد من جنود الأمن المركزى واتجه كل قسم بسيارة لناحية من البلدة يقودهم غفير لبيوت المطلوبين وكان بيت السيد فى وسط البلدة ولما طرق الغفير الباب قام السيد وزوجته من النوم وكان إحساس السيد هو أن هناك مصيبة حدثت لأحد من أقاربهم إما موت وإما حادثة ما والسبب فى هذا الإحساس هو أن حوالى عشر مرات تكرر الطرق على بابهم فى الأوقات المتأخرة من الليل فى حياته وفى كل مرة كان الخبر إما موت أحدهم أو حادثة لأحدهم لذا سارع لارتداء ملابس الخروج ومعه بعض النقود ونزلت زوجته خلفه وقال وهو يقترب من الباب من ؟فقال الغفير أنا الشحات افتح يا سيد
دار فى عقل السيد سؤال من الشحات الشحات جارنا أم الشحات صديقى أم الشحات الغفير 000ولكنه شعر أن هذا الطارق لابد أن يكون مكروبا أو يحتاج لمساعدة ففتح الباب على الفور وقال تفضل يا شحات خيرا إن شاء الله ولم ينظر خارج عتبة الباب وفوجىء بمن يقول له تعال يا سيد معنا دون شوشرة ،وجد السيد نفسه أمام الضباط والعساكر والغفر وجاء السؤال من زوجته أين تأخذونه إنه لم يرتكب جريمة ؟،ودخلوا البيت وفتشوا وأخذوا معهم بعض الكتب وغيرها فقال السيد ادخلى واقفلى الباب وسار السيد معهم ولم يسألهم عن شىء فأركبوه السيارة فوجد معه حوالى عشرين شخصا يعرف بعضهم شخصيا ويعرف مناظر البعض الأخر ولكن لا يعرف أسمائهم ،الكل يشترك فى أنهم ملتحون ولحاهم طويلة وكلهم يرتدى ملابس قصيرة من الأسفل وأما هو فالوحيد الذى يلبس سروال طويل ولحيته صغيرة وعندما شاهدهم ضحك فى نفسه وقال لهم وهو يريد أن يستلقى على قفاه من الضحك صباح الخير بالليل .
قفل أحد العساكر الباب الخلفى للسيارة بالقفل من الخارج وجلس مع زميله خلف الباب وأما السيد ومن بالداخل فجلسوا وكثير منهم يداعبه النوم ،أراد السيد أن يسرى عنهم فقال لهم مرة واحد ادعى النبوة فى عصر من يسمونه الخليفة المهدى العباسى فقبضوا عليه فأمرهم المهدى أن يدخلوه عليه فلما دخل قال له هل أنت نبى فقال نعم أنا نبى فسأله المهدى وإلى من بعثت فأجاب وهل تركتمونى أبعث إلى أحد لقد قبضتم على ساعة بعثت فضحك المهدى وأخلى سبيله ،لم يضحك أحد وصمت الكل ،كان كل واحد منهم لا يعرف مصيره عدا من سبق له الذهاب لمباحث أمن الدولة وعاد ،السيد كان يعلم من الأخرين أن مع كل تنقل لضباط أمن الدولة من محافظة لأخرى يحدث جمع لكل من له ملف فى أمن الدولة ومن يستجد له نشاط دينى كما يسمونه وذلك حتى يتعرف الضباط الجدد عليهم ووصلت السيارات لعاصمة المحافظة ومنها لمبنى أمن الدولة حيث أدخلوهم الزنازين كل اثنين مع بعض وقفلوها عليهم واستلقى سيد على الفور على أرض الزنزانة ونام وفى الصباح فتحوا الأبواب وسمحوا لهم بالذهاب لدورات المياه والصلاة وخرج السيد ودخل دورة المياه ثم خرج وقام بأداء بعض التمارين الرياضية ثم توضأ وصلى الصبح دون أن ينتظر صلاة الجماعة وبعد هذا أفطر كل واحد على حسابه الخاص وليس على حساب صاحب المكان ودخلوا الزنازين ولم يحقق معهم أحد وكان الهدف من عدم التحقيق هو إحداث قلق وخوف فى نفوس القوم حتى ينهار بعضهم ويطلب السماح له بالخروج مقرا أنه لن يشترك فى أى نشاط ومرت عدة أيام كان الضباط الكبار خلالها يتحدثون مع المطلوبين ليلا بعد منتصف الليل بوقت طويل والهدف من هذا هو استغلال حالة عدم اليقظة الكاملة والرغبة فى النوم فى انتزاع معلومات بطريق الخطأ الذى يحدث فى كلام المطلوب وفى إحدى الليالى طرق أحد العساكر باب زنزانة السيد ونادى على زميله فيها فقام من النوم فدخل العسكرى وعصب عينيه بقطعة نسيج سوداء ثم قام بقيادته لمكتب الضابط ولم يدخل الخوف قلب سيد أبدا فهو يعلم أن بذكر الله تطمئن القلوب ولذا نام ولم يشعر أن زميله فى الحجرة قد رجع وفى الصبح أطلقوا سراحه وأدخلوا معه رجل أخر لم يكن شاهده من قبل ويعرف يقينا أنه ليس من بلدتهم فسلم الرجل فرد سيد السلام وبعد فترة من الصمت شعر فيها سيد أن هذا الغريب مدسوس عليه وكان ظنه فى محله فقال الرجل له من أى البلاد أنت يا أخى ؟فقال السيد من00فقال الرجل بلد فلان000والشيخ 000وعمنا 0000ومولانا 000 فقال السيد ممتحنا الرجل ونسيت الشيخ صلاح عبد الهادى والشيخ ابراهيم النقشبندى فتظاهر الرجل بمعرفتهم قائلا الواحد ذاكرته تنسى هؤلاء من حبايبنا فضحك السيد فى نفسه وقال وقعت يا ابن00لا يوجد فى بلدنا أحد من هؤلاء وأحب السيد أن يساير الرجل ويزيده ثقة فى نفسه فقال له وأنت مع أى جماعة فى هؤلاء ؟كاد الرجل يقع بلسانه ولكنه صمت برهة وقال أنا مع أهل الخير أيا كانوا فقال السيد وأنا مثلك زى ما بيقولوا زى النحلة بتاخد من كل زهرة أحسن ما فيها وظل الرجل مع السيد أربعة أيام يراقب ما يقوله وما يفعله والسيد يجيبه بما يجعله جاهلا وفى إحدى الليالى خرج الرجل ولم يعد وفى الليلة التالية جاء عسكرى وعصب عينى السيد وطلب منه أن يسير حافيا وأمسك بيده وسار معه فكان يشعر ببرودة البلاط وعد بقدميه البلاط واتجاه السير ثم فتح العسكرى الباب وأدخله فشعر أنه يسير على سجادة ثم أجلسه على كرسى فقال له الضابط مرحب يا سيد فقال أهلا وسهلا فقال الضابط هل أعجبتك القعدة هنا ؟رد لا فقال الضابط أريد الدردشة معك فضحك سيد بصوت عالى وقال لا تنفع مع معصوب العينين صمت الضابط لحظة فقال سيد احتياطات أمن هذا معروف ومع هذا لا يوجد أمن كامل فتساءل الضابط ماذا تقصد ؟رد أنت تخاف من أن أعرفك ثم أقوم بعمل ضدكم فيما بعد تفتكر هذه العصابة على عينى تمنعنى من معرفتك أو معرفة المكان الذى أوجد به فقال الضابط وكيف ستعرفنى ألديك أشعة خارقة للعصابة ؟فقال السيد أولا سأخدعك وأوافقك على ما تقوله وثانيا اشترى جريدة 000وأعرف منها كل أسماء ضباط مباحث أمن الدولة هنا وبعد ذلك عشرين جنيه تليفونات من خلال دليل التليفون وأسمع صوتك وبعد ذلك لو أردت أن أفعل أى شىء لفعلته فقال الضابط كاظما غيظه وماذا بعد؟فرد السيد هناك طرق أخرى لمعرفتك تحب تعرفها فقال الضابط زدنى علما فقال السيد أسلط أى عيل من عيال البانجو على مخبر من مخبريك هنا يقعد معاه قعدة أنس وسيخر بكل شىء ومجلة الشرطة أو أى موظف فى إدارة التنقلات وبعدها نفس فيلم التليفونات فقال الضابط ماشى يا عم السيد رفع السيد رأسه لأعلى باتجاه الضابط فشاهد وجهه من خلال فتحتى العصابة بجانب الأنف فقال له لقد رأيت وجهك الآن وملابسك فضحك الضابط أهى كرامتك يا شيخ سيد ؟فضحك سيد وقال ليست كرامة وإنما ضع عصابة على عينيك الآن وانظر من جانبى أنفك وأنت رافع رأسك لأعلى فسترانى كما أراك الآن دون عصابه إنك تلبس بنطلون رمادى وقميص أبيض وفى وجهك على الجانب الأيمن حسنة ولك شارب فذهل الضابط من قوله فأسرع ووضع منديل كعصابة على عينيه فرأى ما أخبره به سيد قعد على كرسيه صمت برهة وقال للعسكرى فك العصابة من على عينيه فك العسكرى العصابة من على عينى سيد فقال له الضابط والآن ما حكايتك يا عم السيد ؟فقال السيد قل لى لماذا أنا هنا هل ارتكبت جريمة ما تخالف القانون ؟فقال الضابط رد كويس فأخرج السيد زفيرا من أنفه ساخرا من كلام الضابط وقال له تحب أحدثك بالدستور والقانون أم أحدثك بباطل أخر أم بالإسلام ؟فقال تكلم وأنا أسمعك فقال سيد حدد لى موضوعا وأنا أحدثك فيه فقال الضابط ما رأيك فى الحكام فضحك السيد وقال أعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر فقال الضابط إذا فأنت تفصل الدولة عن الدين فرد كلا فالدولة أيا كانت لا يمكن فصلها عن دين حكامها فقال وضح فرد السيد إن الله يملك كل شىء ومن ثم قيصر ليس له شىء ومن ثم وجب أن نرد حكم كل شىء إلى الله وسأضرب لك مثلا على هذا القلم فى سترتك على الشماعة هناك إنك تقول إنه ملكك ومع هذا لا تقدر على إمساكه طوال الوقت فلو قبضت عليه فى يدك ساعة ساعتين أو عشر فى النهاية سيسقط من يدك من التعب ومن ثم فأنت لا تملكه حقيقة لأنك لو كنت مالكا حقيقيا ما سقط منك وهذا القلم أحيانا لا يكتب مع صلاحيته للكتابة بسبب برودة الجو ولو كنت تملكه حقا لكتب فى أى وقت تريد ولكنك لا تستطيع أن تأمره بهذا ومن ثم فليس هناك أحد من الخلق يملك شىء ملكية تامة حتى نقدر على أن نعطيه الملكية فقال الضابط أنت بهذا تخالف تفسير الكل للعبارة فرد السيد أنا على الأقل لم أخالف الإنجيل الذى يفسر العبارة بقوله "لا يمكن لأحد أن يكون عبدا لسيدين لأنه إما يحب الأول فيكره الأخر وإما يحب الأخر فيكره الأول لا يمكن أن تكونوا عبيدا لله والمال "فهنا إما الله وإما غيره فقال وما دخل المسيحية بما نتكلم فيه ؟فرد أنت طلبت رأيى فى الحكام وأنا أوصله لك فإن لم تكن عرفته الآن فأقول لك خذ لعبة مثل كرة القدم أو كرة اليد فقاطعه الضابط قائلا وما دخل الكرة بما نتحدث فيه؟فضحك السيد وقال ما أقوله للتوضيح والبيان فقال الضابط وهو يريد سماع رأى سيد صريحا بحيث يجد سببا لحبسه أمتعنا يا سى السيد فرد السيد وقال فى أى لعبة من اللعبات السابقة من يرتكب الخطأ مرتين أو ثلاث يحرم من اللعب ويطرد من الملعب سلما أو حربا بقوة الشرطة فقال الضابط هل تريد أن تقول أن على الشرطة القبض على الحكام وطردهم من مناصبهم لأنهم خالفوا القانون فرد أنت حكمت عليهم فقال الضابط اذكر بعض مخالفاتهم للقانون فرد مئات المخالفات أولها وجودى هنا فى مكتبك وحبسى لمدة عشرة أيام دون ذنب ارتكبته سوى قول الحق أنت نفسك أقسمت على حماية الدستور والقانون ومع هذا خالفتهم بالتحقيق معى وحبسى أنت أقسمت على حماية الدستور والقانون ولم تقسم على حماية شخص رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو أى وزير من تقديمه للمحاكمة لقد أقسمت على حماية هؤلاء من أذى المعتدين عليهم دون وجه حق ثانيها أن أول مادة فى الدستور تقول جمهورية مصر العربية مجتمع اشتراكى ديمقراطى واسأل نفسك أين الإشتراكية لقد باعوا القطاع العام ومعظم ما يملكه الشعب وثالثها أنهم خالفوا الإتفاقات التى وقعوها مع إخوتهم فهؤلاء القوم سمحوا للعدو بالمرور من القناة وإقامة قواعد على أراضيهم حتى يحتل أرض إخوتهم ويقتل بعضا منهم وأولادهم ونسائهم ويستولى على مالهم فقال الضابط وماذا بعد ؟فرد قل لى لو أننى جئت إلى أرضكم وأردت أن استولى على نصيب أخيك وساعدتنى على هذا فماذا تسمى نفسك ؟صمت الضابط فقال سيد تخاف أن تقول خائن إنها الحقيقة وأنت تعرف هذا جيدا وتعرف جزاء مرتكبها فى كل الأديان والدساتير فقال الضابط وهل كانوا سيقدرون على الوقوف فى وجه العدو ؟ضحك السيد وقال حجة الخائب فالقوم يريدون العبودية للعدو الأقوى فى نظرهم وهم بهذا لم يكونوا حتى فى درجة واحدة مع أغبياء الجاهلية الذين قالوا انصر أخاك ظالما أو مظلوما فهم لم ينصروا أخاهم ولا نفذوا قول الجاهلين وأحيانا على بكر أخينا فهم يغيرون على أخيهم ولا يرضون أبدا أن يظلم أخاهم من غيرهم فالقوم لم يحصلوا على النصر ولا على مال أخيهم وإنما تركوه للأغراب يتمتعون به وكأنهم نسوا ما قالته الأمثال الشعبية أنا وأخى على ابن عمى وأنا وابن عمى على الغريب وأكلت يوم أكل الثور الأبيض فالقوم يظنون أن عدوهم سيكتفى بنصيب أخيهم ولن ينالهم أذاه ما داموا مطيعين له ولكنه ظن كاذب فما حدث لأخيهم سيحدث معهم إن آجلا أو عاجلا