وعد الله قبل معركة أحد المسلمين بإلقاء الرعب وهو الخوف فى قلوب الكفار بسبب شركهم وفى هذا قال بسورة آل عمران "سنلقى فى قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا "وقد حقق الله هذا الوعد فصدق حيث قام المسلمون بحسو أى بقتل الكفار فى بداية المعركة قتلا عظيما فلما هرب الكفار حدث النزاع والخلاف بين المسلمين بعد النصر فى بداية المعركة أى حدث عصيان لأمر النبى (ص)بالبقاء فى أماكنهم القتالية وذلك بعد أن جعل الله المسلمين يشاهدون ما يحبون وفى هذا قال بنفس السورة "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم فى الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "وانقسم المسلمون لفريقين :
1-يريد متاع الدنيا 2- يريد جنة الأخرة ونتيجة هذا الاختلاف صرف الله المسلمين عن الكافرين ليبتليهم ثم غفر لهم هذا النزاع وعفا عنهم وفى هذا قال بنفس السورة "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم "وقد قام المسلمون الذين طلبوا الدنيا بالصعود وعدم الإستجابة لأحد غير جمع متاع الدنيا والمراد الذهاب إلى حيث الغنائم لجمعها وفى أثناء هذا الذهاب كان النبى (ص)يناديهم وهو فى المؤخرة :اثبتوا فى أماكنكم ولكن لم يستجب أحد من هذا الفريق ولذا عاقبهم الله مقابل العصيان بالغم من أجل ألا يحزنوا على ما فاتهم من الغنائم ومن أجل ألا يحزنوا بسبب ما حدث لهم من الأضرار وفى هذا قال بنفس السورة "إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم فى أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم " وبعد هذا الغم الممثل فى تحول النصر لهزيمة أنزل الله طمأنينة وأمن تمثل فى النعاس وهو النوم الذى أصاب جماعة من المسلمين وأما الجماعة الأخرى فقد أهمتهم وشغلتهم أنفسهم وهم يظنون ويعتقدون بالله غير الحق وهو ظن الجاهلية حيث يقولون :هل لنا من الأمر شيئا ؟وفى هذا قال "ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر شىء "وقد طلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهذه الجماعة إن الأمر كله لله وكانت هذه الجماعة تكتم فى نفسها ما لا يظهرون للرسول (ص)وقد قالوا :لو كان لنا من الأمر شىء ما ذبحنا هاهنا وقد طلب الله من رسوله(ص) أن يقول لهم :لو كنتم فى بيوتكم لذهب الذين فرض عليهم القتل إلى مراقدهم وفى هذا قال "قل إن الأمر كله لله يخفون فى أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شىء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم فى بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم "وقد عفا الله وغفر للذين زلوا فى يوم أحد وفى هذا قال "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم "وكانت نتيجة المعركة هى أن المسلمين أحدثوا فى الكفار خسائر تقدر بأنها ضعف خسائر المسلمين ولما حدث هذا قال المسلمون أنى هذا ؟أى كيف ولما حدث ذلك؟فطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم :هو من عند أنفسكم أى هو بسبب ضعف أنفسكم وفى هذا قال "أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم " وقد اتهم النبى (ص)عقب المعركة بأنه غل أى أخذ من الغنيمة قبل تقسيمها وقد نفى الله هذا بقوله "وما كان لنبى أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة "وكان للمنافقين فى هذه الغزوة موقف هو أن المسلمين لما قالوا لهم :تعالوا جاهدوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لهم :لو نعرف أن القتال سيحدث لذهبنا معكم وفى هذا قال بسورة آل عمران "وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم "وقد قال المنافقون إخوانهم وقد قعدوا عن الجهاد :لو أطاعونا ما قتلوا فطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم :فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم عادلين وفى هذا قال "الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين