نقد رسالة ابن عبد الهادي في فضائل الصحابة
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي المتوفى: 744 هـ
(1) -[1] قال الشيخ الإمام الحافظ الناقد الجهبذ شموس الدين محمد بن عبد الهادي القدسي، أخبرنا غير واحد من شيوخنا، سماعا عليهم، منهم الحافظ أبو الحجاج المزي، قالوا: أنا أبو الغنائم المسلم بن محمد بن المسلم بن علان، أنا أبو علي حنبل بن عبد الله الرصافي، أنا أبو القاسم بن الحصين، أنا علي بن المذهب، أنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، أنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ثنا أبي الإمام أحمد بن حنبل، ثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرأها لكتاب الله عز وجل أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
(2) -[2] ورواه أحمد أيضا عن عفان، عن وهيب، عن خالد الحذاء. وقال أبو عبد الله بن ماجه في سننه، ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، ثنا خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، أن رسول الله (ص) قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا وإن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
(3) -[3] حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأعلمهم بالفرائض زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".ورواه الترمذي عن محمد بن بشار، عن عبد الوهاب الثقفي، وقال: حسن صحيح. ورواه النسائي عن أحمد بن سليمان، عن عفان، عن وهيب، عن خالد الحذاء، وعن محمد بن يحيى بن أيوب بن إبراهيم، عن عبد الوهاب الثقفي، ورواه الحاكم أبو عبد الله في كتاب المستدرك على الصحيحين، وقال: هو على شرط الشيخين
(4) -[4] وقال الحافظ أبو بكر البيهقي، أنا أبو الحسين بن بشران، ببغداد، أنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري الرزاز، ثنا حنبل بن إسحاق، ثنا قبيصة بن عقبة، ثنا سفيان بن سعيد، عن خالد، وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
(5) -[5] قال: وكذلك رواه قطبة بن العلاء، عن سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أنس موصولا، وكذلك رواه وهيب بن خالد، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن خالد الحذاء موصولا، أخبرنا أبو طاهر الفقيه، أنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد أباذي، ثنا أبو قلابة، ثنا عفان، وسهل بن بكار، قال: أنبا وهيب، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله (ص): " أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم أبي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
(6) -[6] حدثنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا أبو المثنى، ومحمد بن أيوب، قالا: ثنا مسدد، ثنا عبد الوهاب. ح وأخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو، أنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن نصير، ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، ثنا عبد الوهاب الثقفي، ثنا خالد، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر ".ثم ذكر ما بعده بمعناه ورواه بشر بن المفضل، وإسماعيل ابن علية، ومحمد بن أبي عدي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النبي (ص) مرسلا إلا قوله في أبي عبيدة، فإنهم وصلوه في آخره، فجعلوه عن أنس بن مالك، عن النبي (ص) وكل هؤلاء الرواة ثقات أثبات، والله أعلم، انتهى كلامه. وقد اختلف العلماء في هذا الحديث قديما وحديثا، فقال بعضهم: الصحيح أنه مرسل، وقال بعضهم: هو منقطع لم يسمعه أبو قلابة من أنس، والصحيح منه ذكر أبي عبيدة، وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب أن أكثر الرواة رووه مرسلا، وقد سئل عنه الإمام الحافظ الحبر أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل، فقال: يرويه خالد الحذاء، وعاصم الأحول، واختلف عنهما، فأما حديث خالد الحذاء، فرواه إسماعيل ابن علية، عن خالد، عن أبي قلابة مرسلا، واختلف عن الثوري، فرواه قبيصة، عن الثوري، عن خالد، وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس، وخالفه فعلا ابن عبد الرحمن، فرواه عن الثوري، عن عاصم، عن أبي قلابة، عن ابن عمر، وعن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس، ورواه وكيع، عن الثوري، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس. ورواه ابن عيينة، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، عن عاصم، عن أبي قلابة، مرسلا، ورواه أبو قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة أيضا، وروى شعبة من هذا الحديث كلمة وهي فضيلة أبي عبيدة بن الجراح خاصة، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس، واختلف عن شعبة في ذلك، فقيل: عن سليمان بن حرب، عن شعبة، عن ثابت، عن أنس، وقيل: عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أنس، وقيل: عن أبي عمر، إلي، ويعني عن شعبة، عن قتادة، عن أنس، وأصحها شعبة، عن خالد، عن أبي قلابة، وهذا الذي صححه الدارقطني هو الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث شعبة"
الأحاديث الستة مضمونها واحد تقريبا ولم يقل منها النبى(ص) شىء
والأخطاء فيها :
الخطأ الأول هو تمييز كل صحابى بصفة ويخالف هذا أن القرآن وصفهم كلهم بالرحمة والشدة فقال تعالى:
"محمد رسول الله والذين معه أشداء رحماء بينهم "
كما أنهم كلهم وصفوا بالعلم والصدق لأنهم كلهم تعلموا فى مدرسة النبى (ص)
والخطأ الأخر وصف أبو عبيدة بالأمانة وحده وهذا يعنى أن بقيتهم خونة لأن المفروض أن يقول القائل وأشدهم أى وأعظمهم أمانة فلان
(7) -[101] فقال حدثنا أبو الوليد، ثنا شعبة، عن خالد، عن أبي قلابة، عن أنس، عن النبي (ص) قال: " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".وكذلك رواه مسلم في صحيحه
(Cool -[7] ذكر أبو عبيدة فقط من حديث إسماعيل ابن علية، عن خالد فقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل ابن علية، عن خالد. ح قال: حدثني زهير بن حرب، ثنا إسماعيل، أنا خالد، عن أبي قلابة قال: قال أنس: قال رسول الله (ص): " إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".وقد تقدم أن بشر بن المفضل، ومحمد بن أبي عدي، وهما ثقتان ثبتان رويا الحديث أيضا عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النبي (ص) مرسلا إلا ذكر أبي عبيدة. وقال الحافظ أبو بكر الخطيب في الجزء السادس من كتاب الفصل للوصل المدرج في النقل بعد أن روى الحديث من رواية قبيصة، عن سفيان، عن خالد، وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس. كذا روى هذا الحديث قبيصة بن عقبة، عن سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، وعاصم الأحول، فانفرد بتجويده، والجمع فيه بين خالد، وعاصم، وخالفه وكيع بن الجراح، وعبيد الله الأشجعي، وقطبة بن العلاء، فرووه عن الثوري، عن خالد وحده، عن أبي قلابة، عن أنس، ورواه عن خالد، كذلك عبد الوهاب الثقفي، ووهيب بن خالد، وعمر بن حبيب القاضي، ورواه معلى بن عبد الرحمن، عن سفيان الثوري، عن خالد، عن أبي قلابة، عن ابن عمر، عن النبي (ص) ووهم في هذا القول، ولم يكن أبو قلابة يسند جميع المتن، وإنما كان يرسله عند ذكر أبي عبيدة وحده، فإنه كان يسنده عن أنس، عن النبي (ص) روى ذلك عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، إسماعيل ابن علية مبينا مفصلا وبين المسند من المرسل، بعد أن ساقه سياقة واحدة. ورواه حماد بن زيد، ومعمر بن راشد، عن عاصم الأحول، عن أبي قلابة، عن النبي (ص) مرسلا، وأدرجا فيه ذكر أبي عبيدة. وكذلك رواه أبو قحذم النضر بن معبد، عن أبي قلابة، عن النبي (ص) مرسلا. وقد أفرد شعبة بن الحجاج في روايته عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة المسند من هذا الحديث فقط في ذكر أبي عبيدة. وروى عن شعبة بن أبي عروبة، وعن معمر بن راشد، عن قتادة، عن أنس، عن النبي (ص) الحديث بطوله. فأما شعبة فلا أعلم رواه إلا محمد بن حميد الرازي، عن مهران بن أبي عمر، عنه. وأما معمر فاختلف عليه فيه، فأسنده ووصله عنه داود بن عبد الرحمن العطار، وأرسله عنه عبد الرزاق بن همام، ثم إسحاق الخطيب، جميع ذلك بأسانيده، وقال بعد ذلك: فأما حديث أبي قلابة فالصحيح منه المسند المتصل ذكر أبي عبيدة حسب، وما سوى ذلك مرسلا غير متصل والله أعلم وقال أبو عمر بن عبد البر: ويروي من حديث أبي قلابة، عن أنس، ومنهم من يرويه مرسلا وهو الأكثر، أن رسول الله (ص) قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ".فذكر الحديث. وقد كان شيخنا الإمام العلامة أبو العباس أحمد بن تيمية، رحمه الله، يتكلم في هذا الحديث ويقول: حديث هو ضعيف، قال: ولا أعلم أن زيد بن ثابت تكلم في الفرائض على عهد النبي (ص) بل ولا على عهد أبي بكر، ولهذا لم يختلفوا في الجد على عهد أبي بكر، وإنما وقع النزاع بينهم فيه في خلافة عمر، رضي الله عنه، ولم يكن زيد معروفا بالفرائض في خلافة أبي بكر، فإن قيل: فقد روى هذا الحديث من غير حديث أبي قلابة، عن أنس، فرواه معمر، عن قتادة، عن أنس"
الحديثان الخطأ المشترك بينهما وصف أبو عبيدة بالأمانة وحده وهذا يعنى أن بقيتهم خونة لأن المفروض أن يقول القائل وأشدهم أى وأعظمهم أمانة
وعاد المؤلف لذكر مضمون الروايات الأولى فقال :
(9) -[104] قال الترمذي: حدثنا سفيان بن وكيع، ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن داود العطار، عن معمر، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان بن عفان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".فالجواب أن مثل هذا الإسناد لا يحتج به لغرابته، وضعف راويه. قال الترمذي: هو حديث غريب، لا نعرفه من حديث قتادة إلا من هذا الوجه، والظاهر أن هذا الإسناد اشتبه على سفيان بن وكيع بحديث أبي قلابة، أو أدخله عليه وراقه، فإنه كان له وراق سوء يدخل عليه الأحاديث. قال البخاري في سفيان بن وكيع: يتكلمون فيه لأشياء لقنوه. وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا يشتغل به، قيل له: كان يكذب، قال: كان أبوه رجلا صالحا، قيل له: أكان متهم بالكذب؟ قال: نعم، وقال عبد الرحمن أيضا: سمعت أبي يقول: جاءني جماعة من مشايخ الكوفة، فقال: أبلغنا أنك تختلف إلى مشايخ الكوفة وتركت سفيان بن وكيع، أما كنت ترعى له في أبيه؟ فقلت لهم: إني أوجب له حقه، وأحب أن تجرى أموره على الستر، وله وراق قد أفسد حديثه، قالوا: فنحن نقول له: يبعد الوراق عن نفسه، فوعدتهم أن أجيئه، فأتيته مع جماعة من أهل الحديث، فقلت له: أن حقك واجبة علينا في شيخك، وفي نفسك، ولو صنت عن نفسك، وكنت تقتصر على كتب أبيك، لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ فقال: ما الذي ينقم علي؟ فقلت: فد أدخل وراقك بين حديثك ما ليس من حديثك، قال: فكيف السبيل في هذا، قلت: ترمي بالمخرجات، وتقتصر على الأصول، ولا تقرأ إلا من أصولك، وتنحي هذا الوراق عن نفسك، وتدعو بابن كرامة، وتوليه أصولك، فإنه يوثق به، فقال: مقبولا منك، قال: وبلغني أن وراقه كان قد أدخلوه بيننا يسمع علينا الحديث، فما فعل شيئا مما قال فبطل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي قد أدخلت بين حديثه وقد سرق من حديث المحدثين، سئل عنه أبي، فقال: لين. وقال بكر بن نفيل: سمعت أبا زرعة الرازي يقول: ثلاثة ليست لهم محاباة عندنا، فذكر منهم سفيان بن وكيع. وقال النسائي: لا يحدث عنه ليس بشيء، وقال ابن عدي: له حديث كثير، وإنما بلاه أنه كان يتلقن ما لقن، ويقال: كان له وراق يلقنه من حديث موقوف يرفعه، وحديث مرسل فيوصله أو يبدل في الإسناد قوما بدل قوم، كما بينت طرفا منه في هذه الأخبار التي ذكرتها. وقال أبو حاتم بن حبان: كان سفيان بن وكيع شيخا فاضلا صادقا إلا أنه ابتلي بوراق سوء، كان يدخل عليه الحديث، وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه، وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع، فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك. وكان ابن خزيمة يروي عنه وسمعته يقول: ثنا بعض من أمسكنا عن ذكره، وهو من الضرب الذي ذكر به مرارا: أن لو خر من السماء فتخطفه الطير أحب إليه من أن يكذب على رسول الله (ص) ولكن أفسدوه. وما كان ابن خزيمة يحدث عنه إلا بالحرف بعد الحرف، وما سمعت منه عن سفيان بن وكيع إلا حديث الأشعث بن عبد الملك فقط. وقال الدارقطني: سفيان بن وكيع كان بليته وراق له يقال له: قرطبة، وكان وراقه هذا غير مأمون، وذكر له أحاديث لقنه إياها، فإذا كانت هذه حال سفيان بن وكيع وقد انفرد بهذا الحديث ولم يتابعه عليه أحد، ولم يروه أحد من أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي عنه، ولا رواه أحمد في مسنده، فكيف يجوز أن يحتج به، أو يكون شاهدا لغيره، والله أعلم، ثم رأيت عبد الرزاق قد روى هذا الحديث، عن معمر، عن قتادة مرسلا، وهو الصواب
(10) -[9] قال الخطيب، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي، أنا ابن محمد حاجب بن أحمد الطوسي، ثنا محمد بن حماد، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، قال: سمعت قتادة، يحدث عن النبي (ص) قال: " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في أمر الله عمر، وأقضاهم علي، وأصدقهم حياء عثمان، وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح، وأعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ، وأقرؤهم أبي، وأفرضهم زيد بن ثابت ".قال الخطيب: وإرسال هذا الحديث عن معمر عن قتادة، أصح من إيصاله
(11) -[105] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من رواية محمد بن المنكدر، عن جابر، قال أبو القاسم الطبراني في معجمه الصغير: حدثنا علي بن جعفر الملحمي الأصبهاني، ثنا محمد بن الوليد العباسي، ثنا عثمان بن زفر، ثنا مندل بن علي، عن ابن جريج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ".الحديث، فالجواب أن هذا الإسناد ضعيف، غريب جدا، بل موضوع، ومندل بن علي تكلم فيه الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم، والحمل في هذا الحديث على محمد بن الوليد وهو ابن أبان القلانسي البغدادي، مولى بني هاشم، وكان كذابا، قال الحافظ أبو أحمد بن عدي: يضع الحديث، ويوصله، ويسرق، ويقلب الأسانيد والمتون. سمعت الحسين بن أبي معشر يقول: محمد بن وليد بن أبان كذاب. وقال أبو حاتم الرازي: ليس بصدوق. وقال الدارقطني: ضعيف
(12) -[106] فإن قيل: فقد روى أيضا من حديث أبي سعيد، قال قاسم بن أصبغ، ثنا أحمد بن زهير، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا سلام، عن زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأبو هريرة وعاء للعلم ".أو قال: " وعاء العلم، وعند سلمان علم لا يدرك، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر "
(13) -[10] وقال العقيلي: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا أحمد بن يونس، ثنا سلام، ثنا زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم هذه الأمة بها أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأصدقهم حياء عثمان، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأبو هريرة وعاء من العلم، وسلمان عالم لا يدرك، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".ذكره في ترجمة سلام، وذكر له غير هذا الحديث، ثم قال: هذه الأسانيد غير محفوظة والمتون معروفة بخلاف هذا الإسناد
(14) -[107] قال أبو بكر محمد بن العباس بن يحيى فيما رواه عنه أبو علي شاذان، حدثنا إبراهيم بن الهيثم بن المهلب، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا سلام الطويل، ثنا زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر بن الخطاب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله عز وجل أبي بن كعب، وأعلمهم بحلال الله وحرامه معاذ بن جبل، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وسلمان الفارسي علم لا يدرك، ولا أظلت الخضراء ولا أقلت البطحاء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ".فالجواب: أن هذا إسناد ضعيف، مشتمل على رجلين ضعيفين أحدهما أضعف من الآخر، فأما الأول فزيد العمي، وهو ابن الحواري البصري، قال يحيى بن معين: لا شيء، وقال مرة: ضعيف، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، واهي الحديث، ضعيف، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقال أبو عبيد الآجري: قيل لأبي داود: زيد العمي قال: حدث عنه شعبة وليس بذاك، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو حاتم بن حبان يروي عن أنس أشياء موضوعة لا أصل لها، حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وكان يحيى يمرض القول فيه، وهو عندي لا يجوز الاحتجاج بخبره، ولا كتبة حديثه إلا للاعتبار، سمعت الحنبلي يقول: سمعت أحمد بن زهير يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: لا يجوز حديث زيد العمي، وكان أمثل من يزيد الرقاشي. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه، ومن يروي عنهم ضعفاء هم وهو على أن شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن أضعف منه، وقد روى الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، والدارقطني، أنهم حسنوا أمره، وقالوا: هو صالح، وكذلك الجوزجاني قال: هو متماسك، والمتحصل من أمره أن الأكثر على تضعيفه، وعدم الاحتجاج به، ولو لم يكن في الإسناد ضعيف غيره، فكيف إذا كان فيه من هو أضعف منه، وهو سلام الطويل، وهو الضعيف الثاني الذي في الحديث، وهو أضعف من زيد بكثير، قال أبو أحمد بن عدي: البلاء منه لا من زيد. وقال الإمام أحمد بن حنبل: سلام روى أحاديث منكرة. وضعفه علي ابن المديني. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال مرة: ضعيف لا يكتب حديثه، وقال: من له أحاديث منكرة، وقال ابن عمار الموصلي: ليس بحجة، وقال السعدي: غير ثقة، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث تركوه، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي: متروك، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال أبو القاسم الثغري: ضعيف الحديث جدا، وقال ابن خراش: متروك، وقال مرة: كذاب، وقال ابن الجنيد، والدارقطني، والأزدي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد لها، وقال الحاكم: روى أحاديث موضوعة، وروى له ابن عدي أحاديث، وقال دعامة: ما يرويه عن من يرويه عن الضعفاء والثقات لا يتابعه أحد عليه، فظهر لنا من أقوال الأئمة، رضي الله عنهم، أن هذا الحديث بهذا الإسناد ساقط لا يجوز الاعتماد عليه، والله الموفق للصواب
(15) -[108] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من رواية ابن عمر أيضا، قال الحافظ أبو أحمد بن عدي، ثنا صدقة بن منصور أبو الأزهر، بحران، ثنا أبو معمر، ثنا هشيم، عن كوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (ص): " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأفرضهم زيد، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح "
(16) -[11] حدثنا الحسين بن أبي معشر، وابن صاعد قالا: ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان، ثنا أبي، ثنا كوثر بن حكيم، وقال ابن صاعد أبو مخلد الحلبي: ثنا نافع، عن ابن عمر، عن عمر، قال: قال النبي (ص): " إن أرأف أمتي أبو بكر، وإن أصلبها في أمر الله لعمر، وإن أشدها حياء لعثمان، وإن أقرؤها لأبي، وإن أفرضها لزيد، وإن أقضاها لعلي، وإن أعلمها بالحلال والحرام لمعاذ، وإن أصدقها لهجة لأبو ذر، وإن أمين هذه الأمة لأبو عبيدة بن الجراح، وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن العباس ".حدثنا أحمد بن محمد بن ميمون بن إبراهيم بن كوثر، ثنا إسحاق بن إبراهيم بن الأخيل، ثنا مبشر بن إسماعيل، عن الكوثر بن حكيم، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي (ص) بنحوه. فالجواب: أن هذا الحديث باطل من هذا الوجه، والحمل فيه على كوثر بن حكيم، وقد ضعفوه وتركوه. قال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، عن أبيه: كوثر ليس بشيء، أحاديثه بواطيل، وقال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن كوثر، فقال: ليس هو من عيالنا، قال: كان أبو نعيم إذا لم يرو عن إنسان، قال: ليس هو من عيالنا متروك الحديث. وروى غير واحد عن يحيى بن معين، أنه قال: كوثر بن حكيم ليس بشيء، وقال البخاري: كان أحمد لا يرى الكتابة عنه، وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال الجوزجاني: لا يحل كتابة حديثه عندي لأنه متروك، وقال البخاري، والدارقطني: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي المناكير عن المشاهير، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديث الأثبات. وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ
(17) -[109] فإن قيل: فقد روى من وجه آخر عن ابن عمر، قال أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا محمد بن يحيى الزماني، ثنا محمد بن الحارث الحارثي، ثنا محمد بن عبد الرحمن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (ص): " أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في الإسلام عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".فالجواب أن هذا الطريق مثل الذي قبله في الضعف أو أضعف من الذي قبله، فإن فيه رجلين اتفق الأئمة على ضعفهما، وهما الحارثي وابن البيلماني، فأما الحارثي فقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال القلانسي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدا، وأما محمد بن عبد الرحمن البيلماني، فقال الإمام يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري، والنسائي، وغيرهما: منكر الحديث، وقال ابن عدي: الضعيف على حديثه بين، وقال ابن حبان: روى عنه أهل البصرة، كان ممن أخرجت له الأرض أفلاذ كبدها، حدث عن أبيه بنسخة شبيها بمائتي حديث كلها موضوعة، لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب إلا على جهة التعجب
(18) -[110] فإن قيل: فقد روى من حديث أبي محجن الثقفي أيضا، قال أبو عمر ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب: وفيما رواه شيخنا عيسى بن سعيد بن سعدان المقرئ، ثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، ثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأخبرنا به أبو عثمان سعيد بن عثمان، أنا أحمد بن دحيم، ثنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة العامري، بالكوفة، ثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحماني، ثنا أبو سعد الأعور، يعني البقال وكان مولى لحذيفة، قال: ثنا شيخ من الصحابة، فقال له أبو محجن أو محجن بن فلان، قال: قال رسول الله (ص): " إن أرأف أمتي بأمتي أبو بكر، وأقواها في أمر الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأقضاها علي، وأقرؤها أبي، وأفرضها زيد، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، ولكل أمة أمين، وأمين هذه أبو عبيدة بن الجراح ".فالجواب أن هذا الإسناد أيضا ضعيف لا يجوز الاحتجاج بمثله، وأبو محجن غير معروف بالرواية، وأبو سعيد البقال اسمه سعيد بن المرزبان، وقد ضعفه غير واحد من الأئمة، وتكلموا فيه بعبارات مختلفة، قال إسماعيل بن عبد الله سمويه، عن عمر بن حفص بن غياث: ترك أبي حديث أبي سعد البقال، وقال عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، عن أبيه: ما رأيت سفيان بن عيينة أملى علينا إلا حديثا واحدا حديث أبي سعد البقال، قيل له: لم قال بضعف أبي سعد عنده، وقال عباس الدوري، وأحمد بن سعد بن أبي مريم، عن يحيى بن معين: ليس بشيء، زاد ابن أبي مريم لا يكتب حديثه، وقال أبو داود عن يحيى: ليس بشيء وكان أعور، وكان من قراء الناس، وقال عمر، وابن علي القلانسي: ضعيف الحديث متروك الحديث، وقال أبو زرعة: لين الحديث مدلس، قيل: هو صدوق، قال: نعم، كان لا يكذب، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ضعيف، وقال مرة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال أبو حاتم بن حبان: كان كثير الوهم، فاحش الخطإ، ضعفه يحيى بن معين، وقال أبو أحمد بن عدي: حدث عنه شعبة، والثوري، وابن عيينة، وغيرهم من ثقات الناس، وله من الحديث شيء صالح، وهو في جملة ضعفاء الكوفة، الذين يجمع حديثهم ولا يترك، وكان قاسم المطرز قد جمع حديثه يمليه علينا"
والأخطاء في الروايات السابقة هى نفس الأخطاء
ثم قال :
(19) -[12] وقال محمد بن سهل بن طرخان ثنا البيكندي، عن عبد الله بن المبارك، قلت لشريك: أتعرف أبا سعد البقال؟ قال: أي والله أنا أعرفه عالي الإسناد أنا حدثته، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله (ص): " الندم توبة ".فتركني، وترك عبد الكريم وزيادا، وحدث عن عبد الله بن معقل، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي (ص) أبو حاتم بن حبان: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، ثنا ابن قهزاذ، سمعت أبا إسحاق الطالقاني، يقول: سألت عبد الله بن المبارك، عن أبي سعد البقال، فقال: كان قريب الإسناد، قال أبو حاتم: يريد ابن المبارك بقوله: كان قريب الإسناد أي: إنا كتبنا عنه نعرف إسناده، ولولا ذاك لم يكتب عنه شيئا، والصحيح عن وكيع عدم توثيقه له، فإنه لما سئل عنه وثق شيخه أبا وائل، وسكت عنه، بل ظاهر كلامه أنه ضعفه، وفي الجملة إسناد هذا الحديث شاذ غريب، لا يحتج به أحد من أئمة الحديث، وأئمة الفقهاء، والله أعلم"
والخطأ أن الندم توبة لأن التوبة لابد فيها من الاستغفار وليس التحسر فقط كما قال تعالى :
"ومن يستغفر الله يجد الله توابا رحيما"
ثم قال معيدا مضمون الروايات السابقة :
(20) -[112] فإن قيل: فقد روي هذا الحديث من وجه آخر من حديث شداد بن أوس بزيادة بعض وبعض بعض، قال الحافظ أبو الفتح أحمد بن محمد بن أبي الدوري في بعض أماليه: حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، أنا أحمد بن الحسن الفقيه، ثنا الحارث بن محمد، ثنا عبد الرحيم بن واقد، ثنا بشير بن زاذان القرشي، ثنا عمر بن صبح، عن بعض أصحابه، قال عبد الرحيم: قال لي رجل من أهل العلم: سمعت من بشير بن زاذان، عن رجل، عن مكحول، عن شداد بن أوس، أن رسول الله (ص) قال: " أبو بكر أرأف أمتي وأرحمها، وعمر بن الخطاب خير أمتي وأعدلها، عثمان بن عفان أحيا أمتي وأكرمها، وعلي بن أبي طالب ألب أمتي وأشجعها، وعبد الله بن مسعود أبر أمتي وآمنها، وأبو ذر أزهد أمتي وأصدقها، وأبو الدرداء أعبد أمتي وأتقاها، ومعاوية بن أبي سفيان أحكم أمتي وأجودها ".فالجواب: أن هذا الحديث موضوع، وإسناده ساقط لا يحتج بمثله من عقل شيئا من علم الحديث، فإنه مشتمل على كذاب، وضعيفين، وغير معروف وفيه انقطاع، فأما الكذاب معمر بن صبح، قال البخاري: حدثني يحيى، عن علي بن حدير، قال: سمعت عمر بن صبح يقول: أنا وضعت خطبة النبي (ص) وقال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان ممن يضع الحديث على الثقات، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب لأهل الصناعة فقط، وقال أبو أحمد بن عدي: منكر الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال الأزدي: كذاب دامر، وأما الضعيف الأول فبشير بن زاذان، قال العباس الدوري، عن يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن عدي: أحاديثه ليس عليها نور، وهو غير ثقة ضعيف، ويحدث عن ضعفاء جماعة، وهو بين الضعف، وأحاديثه عامتها عن الضعفاء، وأما الضعيف الآخر فعبد الرحيم بن واقد، ضعفه الحافظ أبو بكر الخطيب، وأما الانقطاع والجهالة فيه فظاهرة
(21) -[113] فإن قيل: فقد روي بعض الحديث من وجه آخر، قال يزيد بن هارون، ثنا مسلم بن عبيد، عن الحسن، قال: قال رسول الله (ص): " علي أقضى أمتي، وأبي أقرؤهم، وأبو عبيدة أمينهم ".ذكره الحلواني، عن يزيد بن هارون، وهو إسناد صحيح عن الحسن، ومسلم بن عبيد كنيته أبو نصيرة، وقد وثقه الإمام أحمد بن حنبل وغيره، فالجواب أنه حديث مرسل، ومراسيل الحسن قد عرف الكلام فيها، وأنها من أضعف المراسيل، والثابت عن عمر رضي الله عنه من غير وجه أنه قال: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا (22) -[114] قال أحمد، ثنا وكيع، سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال عمر: " علي أقضانا، وأبي أقرؤنا "
والأقرب في هذه الأحاديث كلها حديث أنس، والأظهر أنه مرسل، وباقي الأحاديث في أسانيدها مقال، وبعض ألفاظ الحديث صحيح، ثابت، متصل لا شك فيه كذكر أبي عبيدة، وبعضها ضعيف قطعا، وبعضها مشكوك فيه، ومحتمل، وفيه ارتياب. والله الموفق للصواب."
ومما سبق نجد أن ابن عبد الهادى انتهى إلى أن تلك الأحاديث كلها رجالها مجروحون ومن ثم لا تصح نسبتها للنبى(ص)