نظرات فى كتاب لماذا نختلف ؟
الكتاب من تأليف ناصر بن سليمان السابعي وقد استهل المقال بالحديث عن أسباب الكتابة فى الموضوع فقال :
"لماذا نختلف ؟!!
سؤال لا أريد أن أجيب عليه بقدر ما أبحث عمن يجيبني عليه بشفافية وموضوعية بعيدا عن الاندفاع والتشنج.
لماذا نختلف ؟!!
سؤال لا أريد أن أطرحه لولا حساسية كثير من المواقف التي كان لها صدى وأثر بالغ في تمزيق أوتار المودة ، وإهاجة نوى السجايا التي أذابتها حرارة الإيمان ، فإذا بها تورى لتذهب نور الإيمان تحت ضغط النفس ورغباتها ... أو لنقل: سؤال ينبغي طرحه كيلا نختلف ، وإذا اختلفنا فيكون الاختلاف وسيلة من وسائل الوفاق لا عاملا من عوامل الشقاق"
وفى الإجابة طلب منا تقرير أن الاختلاف أمر حتمى نتيجة الطبيعة البشرية فقال:
"بداية ، لا بد أن نقرر ما يلي:
أولا:
الاختلاف أمر تفرضه الطبيعة البشرية ، من تعدد الطباع وتنوع الأمزجة وتباين الرغبات ، كما تدفع إليه التصورات الكثيرة التي يتبناها هذا العدد الوفير من البشر ، وهو أمر تمليه حركة الحياة المتقلبة المتطورة ، بما لها من آثار على الأفراد والجماعات ، وحينئذ تتشابك المصالح فربما اتحدت وربما تضادت ... وهكذا شأن الحياة أيضا فإن الاختلاف موجود في جوانب عديدة ، ومن ذلك اختلاف الليل والنهار ، واختلاف الناس ، وأجناسهم وألوانهم وألسنتهم ، وقد جعل الله هذا الاختلاف آية من آيات قدرته ، وشاهدا من شواهد حكمته وعظمته."
والخطأ فى الحديث هو أن اسباب الاختلاف هى تعدد الطباع وتنوع الأمزجة وتباين الرغبات والتصورات وسبب الاختلاف واحد وهو الإرادة البشرية وهى المشيئة التى قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
وأما التثرير الثانى المطلوب منا كقراء فهو:
"ثانيا:
ان الاختلاف شيء وجد قرينا للشرائع ودعوات الأنبياء والمصلحين ، يقول الله تعالى: (( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم )) { البقرة - آية 213 } وإنما وجد الاختلاف هنا لذات الدعوة وكلمة الحق ، فإن الحق يتصادم مع رغبات الكم الهائل من الناس ، والدعوة لا يقبلها كل نفس ، فالاختلاف مع كونه هنا مذموما فهو ديناميكية طبيعية إزاء دعوة الحق وسيأتي بعون الله سبحانه الحديث عن هذه النقطة بشيء من التفصيل"
وأما كون التقرير هو نتيجة الشريعة الإلهية فهو يختلف مع أن البداية لم يكن هناك اختلاف فى الشريعة لقوله تعالى :
" كان الناس أمة واحدة"
ومن ثم الاختلاف كان مرحلة تالية للأمة الواحدة فى بداية البشرية وظل هكذا بعد قيام المجتمع المسلم بعد هلاك الكفار فقد كانوا أمة واحدة ولكن مع مرور الزمن تحولت لأمم مختلفة أو كافرة وكلما جاء رسول تجدد أمر الأمة الواحدة ثم تفرقها
وأما ثالث الأمور التى طالبنا بها السابعى فهو :
"ثالثا:
أن ديننا العظيم دعا إلى الوحدة دعوته إلى التوحيد ، وأرشد إلى ترك الاختلاف إذ لم يذكر في نصوص الكتاب إلا مقرونا بالذم ، أو ببيان وجود طائفة الباطل والزيع والضلال ، بجانب وجود طائفة الحق والهدى
آخر ما تحدثنا عنه هو الأمر الثالث المتعلق بدعوة الإسلام إلى الوحدة ونبذ الاختلاف"
وهذا كلام صحيح فالتوحيد هو أصل وحدة أمة المسلمين وتحدث عن أنواع الاختلاف فقال:
"وفي ضوء ذلك يمكننا أن نفهم العلاقة بين هذه الدعوة وبين الطبيعة البشرية المحفوفة بعوامل الحياة المتعددة ، وتفسيرها يتمثل في أن الاختلاف على ثلاثة أنواع:
1- اختلاف تنوع: وهذا في التباين بين الطبائع والأجناس والألوان واللغات والعادات ...
2- اختلاف تكامل: كتعاقب الليل والنهار ..
وهذان يندرجان في سلك الآيات الإلهية الدالة على القدرة والربوبية.
3- الاختلاف الناشئ عن النوع الأول حينما تلتقي طبيعتان في شيء واحد أو تصطدم طبيعة من طبائع البشر مع شيء آخر ، وهنا جاءت التشريعات لتنظم تلك العلاقة وتبين للإنسان كيف يمكن أن يحدد الاختيار الصحيح المؤيد بعوامل الإيمان التي تمكنه من تنفيذ مقاصد التشريع وتحقيق أهدافه ، وهنا يأتي دور النوع الثاني في إثارة الوجدان تجاه القوة الحقيقية في هذا الوجود قوة الخالق سبحانه وتعالى التي تذوب مع الإيمان بها كل طبيعة ، وتتحول الجبلة إلى اختيار الشرع بدلا عن اختيارها المجرد "
وتحدث عن اختيارات الإنسان فقال :
"وعند هذه النقطة يكون الاختيار على قسمين:
- قسم موافق لاختيار الشرع.
- قسم مخالف للاختيار الصحيح الذي دعا إليه الشرع ، ويراد من النفس البشرية أن تكون وفق الحق فيه."
وتحدث عن أن الاختلاف أمر حتمى فقال :
"وأعود مرة أخرى فأقول:
- أن نختلف في الطبيعة والمزاج فهو أمر طبيعي.
- وأن نختلف في التصورات والتوجهات فهو أمر سائغ ، ولكن هنا ينبغي الالتفات إلى العوامل في تكوين التصور وتشكيل التوجه.
فإذا اختلفنا بناء على ذلك عدنا إلى الأسباب الحقيقية الداعية إلى الاختلاف لأن معرفتها وسيلة هامة تعين على معرفة مكمن الداء."
ثم حدثنا عن أسباب الاختلاف فقال :
"أسباب الاختلاف:
السبب الأول:
- الهوى:
وهذا مجمع كثير من الأدواء ، من حب الدنيا ، وحب الظهور ، وحب الانتصار ، واحتقار الآخرين ، والاعتداد بالنفس ، ونحوها. وكل هذه تدفع إلى التمسك بالرأي ومعاداة الرأي الآخر ، وهي لا تأتي بخير ، والهوى هو المدخل الكبير للشيطان إلى قلب الإنسان ، وبوابته الواسعة إلى الإيمان وكم أردى الهوى من الأمم والرجال ، وأبطل ثواب الأعمال والأقوال ، وقاد إلى الشر والفتنة ، ولذا جعل الله سبحانه وتعالى من يتبع الهوى متخذا له إلها:
(( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا )) { سورة الفرقان - آية 43}.
((أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون )) { الجاثية - آية 23}.
السبب الثاني:
الغيرة على الحق والدفاع عنه والتمسك بعرى الإسلام
وهذا خلاف محمود تقتضيه ضرورة الدين ، فإن مخالفة أهل الحق لأهل الباطل هي دعوة الأنبياء والمرسلين وشأن الدعاة والمصلحين ، وهو من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وسبيل من سبل الإصلاح ونشر دعوة الخير وإيصال كلمة الحق ، ولكن أمر القائم به حينئذ بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ، كقوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام في شأن فرعون:
(( فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى )) { سورة طه -آية 44 }.
وفي دعوة إبراهيم عليه السلام لأبيه وقومه وطريقة خطابه لهم ومحاجته إياهم عبرة للمعتبرين من الدعاة والمصلحين ، وهكذا شأن المرسلين كلهم ، وحسبنا ما في سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من المثل العليا والأخلاق الرفيعة في حسن التعامل وحسن العرض لمبادئ هذا الدين.
السبب الثالث:
سوء الظن أو سوء الفهم وسوء التفاهم ، أو ما يعبر عنه في مجال الفقه بعدم تحرير موضع النزاع وله أمثلة وصور متعددة ، حيث يتضح في كثير من الخلافات الفقهية أن الخلاف لفظي لا جدوى منه ، أو أن المختلفين غير متفقين على موضع الخلاف وقد جمع الشاطبي عشرة أسباب لعدم الاعتداد بالخلاف ومنها: ألا يتوارد الخلاف على محل واحد.
ويدخل في هذا السبب: الجهل بوجود الخلاف ، وهو من أسباب الاختلاف المهمة ، ويدخل أيضا: الجهل بما يجوز فيه الاختلاف ، ويتمثل ذلك في الخلط بين مسائل الرأي ومسائل الدين ، ومنشأ هذا الجهل حتما ، وهذا ما نلحظ فيه اشتداد معركة الاختلاف في مسائل عذر النبي صلى الله عليه وسلم من اختلف فيما أعظم منها.
وأما سوء الظن فحدث ولا حرج عن صوره وأمثلته بين الناس عامة وبين المختلفين خاصة ، وكم في حياة الناس من مشاكل وخلافات سببها هذه الآفة ، فقد يؤدي إلى الطلاق ، ويؤدي إلى المحاكم ، ويؤدي إلى الخصومات العنيفة ، وإلى السباب والشتائم ، وربما يؤدي إلى القتل ... وقد مررت بأحداث عجيبة كان لسوء الظن فيها النصيب الأوفر من جانب العداء المتأجج والخلاف المتأزم ، ولا زالت كنانة الزمان تنثر لنا سهامها الطاعنة ، يرى فيها المرء ما يورث في نفسه حسرة ، ويثير فيها الأسى ...
إن الحال التي يعيشها كثير من الناس حال تستحق الرثاء حين نشهد الأواصر تتمزق بين الأخوين أو بين الإخوة بسبب هذه الظنون التي لم تبن ولم تبق على شيء.
ولست أقول ذلك عن تهمة أو من فراغ ، وإنما الأشياء صحت لي ، فعرفت كيف يستغل الشيطان هذا الأمر لصالحه ، وما نرى مشاهده في كثير من الأشياء ما هو إلا انعكاس لهذه المأساة.
سيظل الأمر على هذا الحال إن لم نتدارس أسباب الفرقة والخلاف وبقينا على نفس الشعور بالألم ، وعدم التحرك إلى إيجاد حل لذلك !!!
سبق بيان أسباب الخلاف المهمة ، وليس الخلاف المراد ما كان في فروع الفقه مما يكون المجال فيه رحبا والخلاف فيه سائغا وإنما الخلاف المقصود هو ما أدى إلى الفرقة والخصام والنزاع والتشتت والمعاداة."
وهذا الحديث عن أسباب الاختلاف كان من المفترض أن يتحدث عن وجود نوعين من الاختلاف :
الأول الاختلاف المباح مثل اختلافنا فى أنواع ألأكل التى نفضلها على فيرها كما قال تعالى على لسان البشر:
" ونفضل بعضها على بعض فى الأكل"
ومن ضمن هذا الاختلاف ما أعطانا الله من حرية الاختيار سواء كان اختيارا مفتوحا حرا ومثاله :
اختيار زوج أو زوجة فهذا الاختيار مفتوح بمعنى أن هناك العشرات أو المئات أو الآلاف أو الملايين من الاختيارات
أو كان اختيارا محدودا مثل اختيار ولى القتيل العفو أو القصاص أو اختيار المطلقة أو وليها اعطاء النصف الثانى من المهر للزوج الذى لم يحل بها أو عدم الاعطاء كما قال تعالى :
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى"
الثانى الاختلاف المحرم وهو الخروج على شرع الله وهو ما سماه الله عصيان الله كما قال :
"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها"
ومرد وهو سبب الاختلاف هو المشيئة كما قال تعالى :
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
ومن داخل أسباب الاختلاف المباح الخطأ الذى سماته الرجل سوء الظن وهى تسمية ليست صحيحة فالخطأ هو عصيان الله نتيجة الجهل بحكمه أو نتيجة الظن الخاطىء وهذا ما سموه بالاجتهاد
وهذا الاختلاف من ضمن الاختلاف المباح الذى لا يعاقب الله عليه نتيجة الجهل كما قال تعالى :
" وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم"
وتحدث عن الخلاف المذموم أى المحرم فقال :
"ويتضح أن الخلاف المذموم هو ما كان مخالفا للحق ، أو نابعا عن غرض نفسي أو دفع إليه سوء الظن أو سوء الفهم ، وهنا ينبغي على المؤمن أن يتحرى الحق في كل شيء ، وأن يبحث عن الحقيقة ، وأن يحوط تفكيره وسلوكه وحياته كلها بسياج من التقوى ، ويحتاج الإنسان من أجل ذلك إلى عدة أشياء:
- العلم ، فإنه نور ، فكم من خلاف كان مبناه الجهل وليت أن من جهل شيئا لم يعاده حتى يتبين له فيه وجه الحق:
((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا )) { سورة الإسراء - آية 36}.
- التواضع ، فإن التعالم وحسبان الإنسان نفسه عالما وصل إلى مرتبة العلماء الراسخين هو الغرور بعينه ، وهو مزلق خطير من مزالق الشيطان فإنه يؤدي إلى الإعجاب بالنفس والرأي ، وإلى التمسك بالخطأ أو الباطل حين يقع في قبضة الحق.
- الورع ، فلا يأنف الإنسان عن قول الحق إذا علم موضع الحق ، ولا الرجوع إلى الحق إن بان له ذلك.
- إخلاص النية ، فإن كثيرا من الخلاف دافعه الانتصار للنفس وتلبية رغباتها وحظوظها ، أو حب الشهرة ، ولو أخلص الإنسان نيته لم يقم أمره على النزاع:
( من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو ليماري به السفهاء لقي الله يوم القيامة وهو خائب من الحسنات )
إن من فقد شيئا من هذه الأمور فهو أمام حفرة من حفر الشيطان التي يوقع فيها الإنسان ، يا ترى كيف من فقد كل هذه الأشياء ؟!!
أعرف أن مثل هذه العبارات ثقيلة على نفوسنا ، وذلك لأن تربية النفس هي آخر ما نعتني به في حياتنا –إلا من رحم الله- ولو أننا صدقنا مع أنفسنا في خطابها وعتابها ومحاسبتها ومعاقبتها لوجدنا أن كثيرا من خلافاتنا هي نفثة الهوى أو نفخة الشيطان ، أو انطفاء شعلة العلم ، أو غير ذلك مما يعتري العقل من ذهاب نوره ، أو يعتري الإيمان من الضعف والاضطراب.
إن من واجب المؤمن هو أن يبحث عن موضع الخلل في حياته ، في تفكيره ، في تصوراته ، في سلوكه وأخلاقه وتعامله ، في عبادته ، في كل شيء ..
ومن أوتي عقلا سليما كان أكمل في رد النفس الشرودة إلى ميدان الصواب
كيف يتأتى للمؤمن العاقل أن يعيش حياته مليئة بالأخطاء دون نظر ولا تأمل ، ولا تفكر ولا تدبر في الحال والعاقبة ؟!!
وإلام يظل الإنسان يخطئ في حق الله تبارك وتعالى ، وفي حق نفسه ، وفي حق إخوانه ، ممن ليس بينه وبينهم إلا روابط الإيمان ؟!!
من منا فحص نفسه وفتش عن عيوبه ، وأحصاها –وهي كثيرة- وأعطى لنفسه مجالا لإصلاحها ، ووضع لها برنامجا للتربية والتهذيب وتكميل النقص وسد الخلل ؟!!
نظرنا إلى أنفسنا فوجدناها تسرح في ميادين الجهل ، فهل رتعنا بها في رياض العلم ؟!! ونظرنا إلى أنفسنا فرأيناها محفوفة بأوار الهوى ، فهل أطفأناه من حياض الإيمان وبرد اليقين ؟!!
إن القوة الحقيقة هي التي تصرع نفس صاحبها قبل أن تصارع نفوس الآخرين ، ومقتضى الإيمان الصحيح أن يكبح جماح النفس عما يخالف الحق ، هنالك يبلو الإنسان نفسه ، في مواطن الشدة ، و مواقف القلق ، ولحظات النزق ، حين يطيش اللب عن الصواب !!
وإن كنت أعجب من الخلاف بين إخوة لم يفرقهم إلا سوء تفاهم ونحوه ، فإن العجب يشتد في شهر رمضان الكريم. إذا لم يكن لهذا الشهر نفحاته ، ورحماته ، وبركاته ولا لحرمته وكرامته على الله سبحانه دور في تربية النفوس وتهذيبها ، ففيم نلتقي ، وعلى أي شيء نجتمع ؟!!
تجنب قيود الحظ فالحظ مرتهن *** وأرهق جنود النفس حربا ولا تهن
وفي ظلمات الطبع بالحق فاستبن *** وعرج على باب العليم وسله من
مواهب نور العلم بحرا قليذما

أين الذين يرتقون في سلم المعالي يوما بعد يوم ، وساعة إثر ساعة ؟!
رقوا بكمالات الهدى منتهى العلا *** وأنزلهم من قربه الحق منزلا
وأوردهم من مورد الود منهلا *** وهم في الثرى قاموا وأرواحهم إلى
سما العرش والكرسي دونهما سما"
وعاد فى نهاية حديثه إلى السؤال من جديد مبينا أن نتائج الخلاف المذموم سيئة فقال :
"في الختام أعود فأقول مرة أخرى:
لماذا نختلف ؟!!
إن للاختلاف آثارا سلبية كثيرة على الفرد وعلى الأمة ، ويمكن ذكر بعض آثارها فيما يلي:
1- تنمية الطبائع الجبلية في الإنسان ، مما يصعب علاجها في مراحلها المتقدمة.
2- الاضطراب في التصرف والسلوك ، فتارة غضب وتارة سكون وهكذا.
3- ردة فعل عكسية عن كثير من أعمال الخير التي فيها صلاح للآخرين.
4- العداوات والشحناء بين أهل البيت الواحد والصف الواحد ، وذلك هزيمة وضعف:
(( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين )) { سورة الأنفال - آية 46 }
5- يطمع الأعداء في الأمة المتناحرة أكثر من طمعها في الأمة المتكاتفة ، وهنالك سيندس المندسون وسيجد المغرضون فرجا وثغورا لزيادة الجراح كيا ، وإثارة القلاقل وبث روح الفرقة والخصام وتأصيل الخلاف وتثبيته في النفوس."
وتحدث عن أحوال الأمة فى عصرنا وكونها أحوال سيئة مرجعا ذلك إلى الاختلاف فقال :
"إخوتي الكرام
نظرة سريعة في حالنا:
- قلة عدد.
- قلة مال.
- قلة علماء.
أيحتمل الأمر –مع ذلك- خلافا وفرقة ، ونحن بالأمس القريب بدأنا نلملم شتاتنا ونستعيد قوانا ونشحذ عزائمنا ؟!! أليس لنا عبرة بغيرنا وبما حل فيهم من النزاع الذي أذهب الريح وأضعف القوى ؟!!
أين العقول معشر الرجال ؟!!وإذا كان لابد من الخلاف فليكن في أضيق نطاق وأضعف حالاته وفوق كل ذلك أرشدنا القرآن الكريم إلى أحسن أسلوب وأفضل طريقة لحل الخلافات والنزاعات:
(( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) { سورة النساء - آية 59}."
ومن ثم وجب على الكل العودة إلى مصدر التوحيد أى الوحدة وهو كتاب الله وهذا هو الحل الذى قاله المؤلف فى نهاية مثاله