قراءة فى كتاب الإيماء إلى علة حديث من قال جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء
المؤلف: أبُو مُحَمَّدٍ الأَلْفِيُّ وقد كتب الألفى فى نهاية الكتاب أنه "مقتبس من: الرَّوْضُ الْمِعْطَارُ بِتَخْرِيْجِ مُسْنَدِ الْبَزَّار مُسْنَدُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ"
ومن ثم فالكتاب عبارة عن نقل جزء من كتاب البزار وموضوع الكتاب حديث هو "من صنع إليه معروف فقال لصاحبه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء"
والحديث باطل لأن قول جزاك الله خيرا ليس ثناء أو مدحا وإنما هو دعاء لله أن يجازى الأخر بالجنة على عمله سواء كان معروفا أو واجبا
وأورد الألفى أسانيد الحديث والكتب التى ذكره فيها والكلام فى رجاله فقال :
"قال أبو بكر البزار «مسنده» (7/ 54/ح 2601): أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن منيع قالا: أخبرنا الأحوص بن جواب قال: أخبرنا سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليه معروف فقال لصاحبه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء».
قال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سعير، ولا عن سعير إلا الأحوص بن جواب.
ـــ التخريج ـــ
أولا: تخريج الحديث من طريق المصنف
أخرجه الترمذي «السنن» (كتاب البر والصلة / باب ما جاء في الثناء بالمعروف) (ج 4/ص 380/ 2035)، والنسائي «الكبرى» (كتاب عمل اليوم والليلة / باب ما يقول لمن صنع إليه معروفا) (ج 6/ص 53/ 1008) و «عمل اليوم والليلة (ج 1/ص 221/ 180)، وابن حبان (ج 8/ ص 202/ 3413)، وابن السني «عمل اليوم والليلة» (ج 1/ص 242/ 275) ثلاثتهم عن إبراهيم بن سعيد الجوهري - وزاد الترمذي: الحسين بن الحسن المروزي -، وأبو بكر الشافعي «الغيلانيات» (ص 184) من طريق القاسم بن الحسن وإسحاق بن الحصين الرقي وإبراهيم بن سعيد الجوهري وإسحاق بن إبراهيم البغوي، والطبراني «المعجم الصغير» (ج 2/ص 291/ 1183)، وأبو الشيخ ابن حيان «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج 4/ص 164/ 598)، وأبو نعيم «أخبار أصبهان» (ترجمة يزيد بن إبراهيم الرقاعي الخطيب) (ج 2/ص 323/ 1852)، والبيهقي «شعب الإيمان» (ج 6/ ص 521/ 9137) و «الدعوات الكبير» (ح 655)، والخطيب «تالي تلخيص المتشابه» (ج 1/ ص 278/ 160) خمستهم من طريق أحمد بن يونس الضبى، وأبو القاسم الأصبهاني «الترغيب والترهيب» (ج 2/ص 70/ح 1173)، والضياء «الأحاديث المختارة» (ج 4/ص 110/ح 1321، 1322) كلاهما من طريق الحسين بن الحسن المروزي، ستتهم عن الأحوص بن جواب عن سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد بمثله.
ثانيا: تخريج شاهد للحديث بإسناد ضعيف
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
قال أبو بكر بن أبي شيبة «المصنف» (ج 5/ص 322/ 26518): حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء».
وأخرجه كذلك عبد الرزاق «المصنف» (ج 2/ص 215/ح 3118)، والحميدي (ج 2/ص 490/ 1160)، وعبد بن حميد «المنتخب» (ج 1/ص 415/ 1418)، والحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث عن زوائد الحارث» (ج 2/ص 859/ 914)، والبزار (ج 16/ص 241/ح 9413)، والخرائطي «مكارم الأخلاق» (ص 297/ح 913)، والطبراني «الدعاء» (ح 1929 - 1932)، وابن عدي «الكامل» (ترجمة موسى بن عبيدة) (ج 6/ص 335/ 1813)، وتمام الرازي «الفوائد» (ح 1040، 1468)، والبيهقي «معرفة السنن والآثار» (ج 7/ص 583/ 6170،6171)، والخطيب «تاريخ بغداد» (ترجمة عمر بن زرارة أبي حفص الحدثي) (ج 11/ص 203/ 5906) من طرق عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة بمثله.
قلت: وهذا إسناد ضعيف. موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي منكر الحديث، قاله أحمد.
وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه.
وقال ابن حبان «المجروحين» (2/ 234): كان من خيار عباد الله نسكا وفضلا وعبادة وصلاحا، إلا أنه غفل عن الإتقان في الحفظ، حتى يأتي بالشيء الذي لا أصل له متوهما، ويروي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات من غير تعمد له، فبطل الاحتجاج به من جهة النقل، وإن كان فاضلا في نفسه.
قال البوصيري: مدار هذه الطرق على موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين، والترمذي، والنسائي، وغيرهم.
وقال الترمذي: وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، وسألت محمدا عنه، فلم يعرفه.
ثالثا: تخريج شواهد أخرى للحديث بأسانيد واهية
وقد روي الحديث أيضا بمعناه عن جماعة من الصحابة، ولا يصح منها شيء البتة:
[1] من حديث عبد الله بن عمر:
أخرجه الخطيب «تاريخ بغداد» (ج 10/ص 282) من طريق عبد الرحمن بن قريش بن فهير بن خزيمة أبي
نعيم الهروي ثنا إدريس بن موسى الهروي ثنا موسى بن نصر السمرقندي عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء».
قلت: وهذا منكر بهذا الإسناد، لا أعلمه روي عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الرحمن بن قريش بن فهير بن خزيمة أبو نعيم الهروي، واتهمه السليماني بوضع الحديث.
وقال الخطيب: قدم بغداد وحدث بها، وفي حديثه غرائب وأفراد، ولم أسمع فيه إلا خيرا.
[2] ومن حديث أم المؤمنين أم سلمة:
أخرجه ابن عدي «الكامل» (ج 3/ص 319) من طريق سليم بن مسلم الخشاب عن موسى بن عبيدة عن ثابت مولى أم سلمة عن أم سلمة به.
قلت: وهذا إسناد واه بمرة. قال يحيى بن معين: سليم بن مسلم الذي يقال له الخشاب ليس بثقة. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: هذا حديث يرويه موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة، وسليم بن مسلم هذا لم يضبط إسناده فأقلبها، فقال: عن ثابت وإنما هو عن محمد بن ثابت، ونسب ثابتا فقال مولى أم سلمة، وقال: عن أم سلمة وإنما هو عن أبي هريرة.
[3] ومن حديث أم المؤمنين عائشة:
أخرجه العقيلي «الضعفاء» (ج 3/ص 388)، والخرائطي «فضيلة الشكر» (ح 101) عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة مرفوعا قال: «كفى بها نعمة إذا تجالس الرجلان، أو تخالطا، أو تصاحبا، أو تجاورا، أو تشاركا أن يتفرقا، وكل واحد منهما يقول لصاحبه: جزاك الله خيرا».
وقال أبو جعفر: ولا يعرف هذا الحديث إلا بعيسى يعني ابن ميمون.
قلت: وهذا منكر بهذا الإسناد. والمتهم به: عيسى بن ميمون القرشي المدني مولى القاسم بن محمد متروك الحديث.
قال عباس الدوري: قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وقال آدم بن موسى: سمعت البخاري قال: عيسى بن ميمون منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات، فاستحق مجانبة حديثه، والاجتناب عن روايته وترك الاحتجاج بما يروي لما غلب عليه من المناكير.
[4] ومن حديث عبد الرحمن بن عوف:
أخرجه الخطيب «تاريخ بغداد» (ترجمة أحمد بن عثمان بن الليث الحفري) (ج 4/ص 297) من طريقه عن محمد بن سماعة القاضي ثنا زياد بن الحارث عن أبي جزي القرشي عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اصطنع أحدكم إلى أخيه معروفا، فقال له: جزاك الله خيرا يقول الله تعالى: عبدي أسدى إليك أخوك معروفا، فلم يكن عندك ما تكافئه فأحلته علي، والخير مني الجنة».
وقال أبو بكر الخطيب: إسناده مظلم، وفيه غير واحد من المجهولين.
[5] ومن حديث أنس:
أخرجه ابن عساكر «تاريخ دمشق» (ج 52/ص 400).
فقد بان: أن كلها أسانيد واهية، لا يثبت بمثلها الخبر، ولا يقوم بواحد منها حجة.
رابعا: تراجم رواة حديث المصنف
(1) إبراهيم بن سعيد الجوهري أبو إسحاق بن أبي عثمان البغدادي الطبري.
روى عن حماد بن أسامة، وروح بن عبادة، وابن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وأبي أحمد الزبيري وعدة. روى عنه الجماعة سوى البخاري، والحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، وزكريا بن يحيى السجزي، وموسى بن هارون ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو حاتم الرازي، وأبو عروبة الحراني، وخلق كثيرون.
قال أبو حاتم: كان يذكر بالصدق. وقال النسائي: ثقة. وقال عبد الله بن جعفر بن خاقان السلمي: قال لي إبراهيم الجوهري: كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم. وقال الخطيب: كان ثقة مكثرا ثبتا، صنف المسند. وقال ابن حجر: ثقة حافظ تكلم فيه بلا حجة، مات بعد الخمسين والمائتين، روى له الجماعة سوى البخاري.
(2) الأحوص بن جواب الضبي بفتح الجيم وتشديد الواو، أبو الجواب الكوفي.
روى عن: سعير بن الخمس، وسفيان الثوري، وسليمان بن قرم الضبي، وعمار بن رزيق الضبي.
روى عنه: إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأحمد بن يونس الضبي، وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن البغوي، وعباس بن محمد الدوري، وأبو بكر بن أبي شيبة. قال ابن أبي خيثمة، ويعقوب بن شيبة عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (6/ 89)، وقال: كان متقنا ربما وهم. وقال ابن حجر: صدوق ربما وهم مات سنة إحدى عشرة ومئتين، روى له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
(3) سعير بن الخمس بكسر المعجمة وسكون الميم التميمي، أبو مالك الكوفي.
روى عن: حبيب بن أبي ثابت، وزيد بن أسلم، وسليمان التيمي، وسليمان الأعمش وعدة.
روى عنه: الأحوص بن جواب، وحسين بن علي الجعفي، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن يحيى التميمي، وجماعة.
قال ابن سعد: كان صاحب سنة وعنده أحاديث. وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث , ويروون عنه مناكير. وقال الترمذي: هو ثقة عند أهل الحديث.
وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (6/ 436). وقال أبو الفضل بن عمار الشهيد: أخطأ في غير ما حديث مع قلة ما روى. وقال ابن حجر: صدوق له عند مسلم حديث واحد في الوسوسة.
(4) سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري، نزل في التيم فنسب إليهم.
روى عن: أنس بن مالك، وأبي عثمان النهدي، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وطاوس، وأبي مجلز لاحق بن حميد، ويحيى بن يعمر، وبكر بن عبد الله المزني، والحسن البصري، وطلق بن حبيب، وثابت البناني، وقتادة، وخلق.
روى عنه: أسباط بن محمد، وأنيس بن سوار الجرمي، وبشر بن المفضل، وجرير بن حازم، وجرير بن عبد الحميد، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن حيان، وشعبة، وعبد الله بن المبارك، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد الوهاب بن عطاء، والقاسم بن معن، وقريش بن أنس، ومرزوق أبو بكر، ومروان بن معاوية الفزاري، ومعمر، وهشيم بن بشير، وهوذة بن خليفة، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، ويوسف بن يعقوب السلعي، وأبو جعفر الرازي، وبحر بن كنيز السقاء، وخلق غيرهم.
روى الربيع بن يحيى عن شعبة قال: ما رأيت أحدا أصدق من سليمان التيمي، كان إذا حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم تغير لونه. وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة، وهو أحب إلي في أبي عثمان النهدي من عاصم الأحول. وقال يحيى بن معين، والنسائي، وغيرهما: ثقة. وقال العجلي: ثقة، من خيار أهل البصرة.
وقال ابن سعد: من العباد المجتهدين، كثير الحديث، ثقة، يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان هو وابنه يدوران بالليل في المساجد، فيصليان في هذا المسجد مرة، وفي هذا المسجد مرة حتى يصبحا.
قال ابن حجر: ثقة عابد مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو ابن سبع وتسعين، روى له الجماعة.
(5) عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة أبو عثمان النهدي.
مخضرم، معمر، أدرك الجاهلية والإسلام، وغزا في خلافة عمر، وبعدها غزوات، وشهد وقعة اليرموك. وحدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وبلال، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة، وابن عباس، وطائفة سواهم.
حدث عنه: قتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وعمران بن حدير، وعلي بن جدعان، وحجاج بن أبي زينب، وخلق.
كان من سادة العلماء العاملين. وثقه علي بن المديني، والعجلي، وأبو زرعة، وجماعة.
قال ابن سعد: سكن الكوفة، فلما قتل الحسين بن علي عليه السلام تحول، فنزل البصرة، وقال: لا أسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وكان ثقة. وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (5/ 75).
وقال ابن حجر: ثقة ثبت عابد. روى له الجماعة.
(6) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي أبو زيد المدني.
حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، وابن مولاه. رباه النبي صلى الله عليه وسلم وأحبه كثيرا، وهو ابن حاضنته أم أيمن، وكان شديد السواد، خفيف الروح، ماهرا، شجاعا. استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على جيش لغزو الشام، وفي الجيش عمر والكبار؛ فلم يسر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبادر الصديق ببعثهم، فأغاروا على أبنى من ناحية البلقاء. وقد سكن المزة مدة، ثم رجع إلى المدينة، فمات بها.
خامسا: موضع التفرد
قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سعير، ولا عن سعير إلا الأحوص بن جواب.
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن جيد غريب، لا نعرفه من حديث أسامة بن زيد إلا من هذا الوجه.
وقال أبو الحسن الدارقطني: تفرد به سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان، وتفرد به أبو الجواب الأحوص بن جواب عنه.
قلت: هو كما قالوا. ولعل تفرد سعير بن الخمس هو الذي جعل البخاري وأبا حاتم يحكمان على الحديث بالنكارة، فإن سعيرا والأحوص مع كونهما صدوقين ليسا بالمتقنين، ولم يبلغا مبلغ من يحتمل تفرده، لا سيما عن سليمان التيمي، وهو من حفاظ البصرة ممن كثر تلامذته الناقلين عنه الضابطين لحديثه المعتنين بحفظه، فلا يخفى مثله على الأثبات من أصحابه كشعبة والثوري ومعتمر وابن المبارك ويحيى القطان وطبقتهم، ويكون عند سعير بن الخمس، وليس من خواص التيمي، ولا من أثبات أصحابه، ولا ممن لهم اعتناء بحديثه وضبط له!. وقد تقدم قول أبى الفضل بن عمار الشهيد في سعير بن الخمس: أخطأ في غير ما حديث مع قلة ما روى، وقول البخاري: كان قليل الحديث، ويرون عنه مناكير.
فتفرد سعير بالحديث، مع قلة ما روى عن التيمي، دون أثبات أصحابه الحافظين لحديثه المكثرين من الرواية عنه مما يثير ريبة الناقد البصير بعلل الأحاديث كالبخاري وأبي حاتم والدارقطني، ومن على طريقتهم من أئمة النقد.
فالظاهر، بل المتيقن: أن هذا الحديث يندرج تحت الوجه السادس من أوجه الغرابة، وهو: تفرد الصدوق عن مشهور من الثقات بما لا يوجد عند ثقات أصحابه، وليس لذلك الصدوق اعتناء بحديث ذاك الثقة.
سادسا: ذكر من حكم من الأئمة على هذا الحديث بالنكارة أو الوضع
قال أبو عيسى الترمذي كما في «ترتيب علل الترمذي لأبي طالب القاضي» (1/ 315/ح 589): سألت محمدا عن هذا الحديث؟، فقال: هذا منكر , وسعير بن الخمس كان قليل الحديث , ويروون عنه مناكير.
وقال ابن أبي حاتم «علل الحديث» (ج 6/ص 338/ 2570): سألت أبي عن حديث رواه الأحوص بن جواب عن سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد، وذكر الحديث. فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر بهذا الإسناد.
ونقله عنه الضياء «الأحاديث المختارة» (ج 4/ص 111 - 112).
وقال ابن أبي حاتم في موضع آخر (ج 5/ص 589/ 2197): قال أبي: هذا حديث عندي موضوع بهذا الإسناد.
سابعا: الحكم على الحديث
إسناد البزار ظاهره الحسن، فسعير بن الخمس، والأحوص بن جواب صدوقان، وقد وثقهما بعض الأئمة. لذا حسن الحديث الترمذي، وصححه ابن حبان، والضياء المقدسي.
وقال إماما العلل البخاري، وأبو حاتم: هذا حديث منكر بهذا الإسناد. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وربما كان من أوهام الأحوص بن جواب الضبي، فقد قال ابن حبان وابن حجر: صدوق ربما وهم.
وأكثر المتأخرين يصححون الحديث؛ نظرا لصحة إسناده ظاهرا، وركونا إلى ثقة رجاله، على أن الثقة ربما أخطأ ووهم، وروى المنكر."
وانتهى النقل إلى هنا ومع هذا لم نعرف هل حكم البزار أو غيره بصحته أو بطلانه فقد حكم البعض بصحته فقال :
"إسناد البزار ظاهره الحسن، فسعير بن الخمس، والأحوص بن جواب صدوقان، وقد وثقهما بعض الأئمة لذا حسن الحديث الترمذي، وصححه ابن حبان، والضياء المقدسي"
وقال الألفى :
"وأكثر المتأخرين يصححون الحديث؛ نظرا لصحة إسناده ظاهرا، وركونا إلى ثقة رجاله"
وحكم البعض الأخر بنطارته وعدم صحته فقال :
" وقال إماما العلل البخاري، وأبو حاتم: هذا حديث منكر بهذا الإسناد. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وربما كان من أوهام الأحوص بن جواب الضبي، فقد قال ابن حبان وابن حجر: صدوق ربما وهم."
والحديث كما قلت فى أوله باطل لأنه ليس مدحا أو ثناء وإنما دعاء أى طلب من الله أن يجزى صاحب المعروف بالخير وهو الجنة بدليل أن إحدى رواياته تقول :
" إذا اصطنع أحدكم إلى أخيه معروفا، فقال له: جزاك الله خيرا يقول الله تعالى: عبدي أسدى إليك أخوك معروفا، فلم يكن عندك ما تكافئه فأحلته علي، والخير مني الجنة"
والمراد فأحلته على فهنا الذى لم يجد مكافأة للرد بها أحال الأمر على الله بدعوته أن يدخله الجنة
المؤلف: أبُو مُحَمَّدٍ الأَلْفِيُّ وقد كتب الألفى فى نهاية الكتاب أنه "مقتبس من: الرَّوْضُ الْمِعْطَارُ بِتَخْرِيْجِ مُسْنَدِ الْبَزَّار مُسْنَدُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ"
ومن ثم فالكتاب عبارة عن نقل جزء من كتاب البزار وموضوع الكتاب حديث هو "من صنع إليه معروف فقال لصاحبه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء"
والحديث باطل لأن قول جزاك الله خيرا ليس ثناء أو مدحا وإنما هو دعاء لله أن يجازى الأخر بالجنة على عمله سواء كان معروفا أو واجبا
وأورد الألفى أسانيد الحديث والكتب التى ذكره فيها والكلام فى رجاله فقال :
"قال أبو بكر البزار «مسنده» (7/ 54/ح 2601): أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري، وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن منيع قالا: أخبرنا الأحوص بن جواب قال: أخبرنا سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليه معروف فقال لصاحبه: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء».
قال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سعير، ولا عن سعير إلا الأحوص بن جواب.
ـــ التخريج ـــ
أولا: تخريج الحديث من طريق المصنف
أخرجه الترمذي «السنن» (كتاب البر والصلة / باب ما جاء في الثناء بالمعروف) (ج 4/ص 380/ 2035)، والنسائي «الكبرى» (كتاب عمل اليوم والليلة / باب ما يقول لمن صنع إليه معروفا) (ج 6/ص 53/ 1008) و «عمل اليوم والليلة (ج 1/ص 221/ 180)، وابن حبان (ج 8/ ص 202/ 3413)، وابن السني «عمل اليوم والليلة» (ج 1/ص 242/ 275) ثلاثتهم عن إبراهيم بن سعيد الجوهري - وزاد الترمذي: الحسين بن الحسن المروزي -، وأبو بكر الشافعي «الغيلانيات» (ص 184) من طريق القاسم بن الحسن وإسحاق بن الحصين الرقي وإبراهيم بن سعيد الجوهري وإسحاق بن إبراهيم البغوي، والطبراني «المعجم الصغير» (ج 2/ص 291/ 1183)، وأبو الشيخ ابن حيان «طبقات المحدثين بأصبهان» (ج 4/ص 164/ 598)، وأبو نعيم «أخبار أصبهان» (ترجمة يزيد بن إبراهيم الرقاعي الخطيب) (ج 2/ص 323/ 1852)، والبيهقي «شعب الإيمان» (ج 6/ ص 521/ 9137) و «الدعوات الكبير» (ح 655)، والخطيب «تالي تلخيص المتشابه» (ج 1/ ص 278/ 160) خمستهم من طريق أحمد بن يونس الضبى، وأبو القاسم الأصبهاني «الترغيب والترهيب» (ج 2/ص 70/ح 1173)، والضياء «الأحاديث المختارة» (ج 4/ص 110/ح 1321، 1322) كلاهما من طريق الحسين بن الحسن المروزي، ستتهم عن الأحوص بن جواب عن سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد بمثله.
ثانيا: تخريج شاهد للحديث بإسناد ضعيف
وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
قال أبو بكر بن أبي شيبة «المصنف» (ج 5/ص 322/ 26518): حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء».
وأخرجه كذلك عبد الرزاق «المصنف» (ج 2/ص 215/ح 3118)، والحميدي (ج 2/ص 490/ 1160)، وعبد بن حميد «المنتخب» (ج 1/ص 415/ 1418)، والحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث عن زوائد الحارث» (ج 2/ص 859/ 914)، والبزار (ج 16/ص 241/ح 9413)، والخرائطي «مكارم الأخلاق» (ص 297/ح 913)، والطبراني «الدعاء» (ح 1929 - 1932)، وابن عدي «الكامل» (ترجمة موسى بن عبيدة) (ج 6/ص 335/ 1813)، وتمام الرازي «الفوائد» (ح 1040، 1468)، والبيهقي «معرفة السنن والآثار» (ج 7/ص 583/ 6170،6171)، والخطيب «تاريخ بغداد» (ترجمة عمر بن زرارة أبي حفص الحدثي) (ج 11/ص 203/ 5906) من طرق عن موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة بمثله.
قلت: وهذا إسناد ضعيف. موسى بن عبيدة بن نشيط الربذي منكر الحديث، قاله أحمد.
وقال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه.
وقال ابن حبان «المجروحين» (2/ 234): كان من خيار عباد الله نسكا وفضلا وعبادة وصلاحا، إلا أنه غفل عن الإتقان في الحفظ، حتى يأتي بالشيء الذي لا أصل له متوهما، ويروي عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات من غير تعمد له، فبطل الاحتجاج به من جهة النقل، وإن كان فاضلا في نفسه.
قال البوصيري: مدار هذه الطرق على موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين، والترمذي، والنسائي، وغيرهم.
وقال الترمذي: وقد روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، وسألت محمدا عنه، فلم يعرفه.
ثالثا: تخريج شواهد أخرى للحديث بأسانيد واهية
وقد روي الحديث أيضا بمعناه عن جماعة من الصحابة، ولا يصح منها شيء البتة:
[1] من حديث عبد الله بن عمر:
أخرجه الخطيب «تاريخ بغداد» (ج 10/ص 282) من طريق عبد الرحمن بن قريش بن فهير بن خزيمة أبي
نعيم الهروي ثنا إدريس بن موسى الهروي ثنا موسى بن نصر السمرقندي عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرجل لأخيه: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء».
قلت: وهذا منكر بهذا الإسناد، لا أعلمه روي عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد، تفرد به عبد الرحمن بن قريش بن فهير بن خزيمة أبو نعيم الهروي، واتهمه السليماني بوضع الحديث.
وقال الخطيب: قدم بغداد وحدث بها، وفي حديثه غرائب وأفراد، ولم أسمع فيه إلا خيرا.
[2] ومن حديث أم المؤمنين أم سلمة:
أخرجه ابن عدي «الكامل» (ج 3/ص 319) من طريق سليم بن مسلم الخشاب عن موسى بن عبيدة عن ثابت مولى أم سلمة عن أم سلمة به.
قلت: وهذا إسناد واه بمرة. قال يحيى بن معين: سليم بن مسلم الذي يقال له الخشاب ليس بثقة. وقال النسائي: متروك الحديث. وقال ابن عدي: هذا حديث يرويه موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي هريرة، وسليم بن مسلم هذا لم يضبط إسناده فأقلبها، فقال: عن ثابت وإنما هو عن محمد بن ثابت، ونسب ثابتا فقال مولى أم سلمة، وقال: عن أم سلمة وإنما هو عن أبي هريرة.
[3] ومن حديث أم المؤمنين عائشة:
أخرجه العقيلي «الضعفاء» (ج 3/ص 388)، والخرائطي «فضيلة الشكر» (ح 101) عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة مرفوعا قال: «كفى بها نعمة إذا تجالس الرجلان، أو تخالطا، أو تصاحبا، أو تجاورا، أو تشاركا أن يتفرقا، وكل واحد منهما يقول لصاحبه: جزاك الله خيرا».
وقال أبو جعفر: ولا يعرف هذا الحديث إلا بعيسى يعني ابن ميمون.
قلت: وهذا منكر بهذا الإسناد. والمتهم به: عيسى بن ميمون القرشي المدني مولى القاسم بن محمد متروك الحديث.
قال عباس الدوري: قال يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. وقال آدم بن موسى: سمعت البخاري قال: عيسى بن ميمون منكر الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات، فاستحق مجانبة حديثه، والاجتناب عن روايته وترك الاحتجاج بما يروي لما غلب عليه من المناكير.
[4] ومن حديث عبد الرحمن بن عوف:
أخرجه الخطيب «تاريخ بغداد» (ترجمة أحمد بن عثمان بن الليث الحفري) (ج 4/ص 297) من طريقه عن محمد بن سماعة القاضي ثنا زياد بن الحارث عن أبي جزي القرشي عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا اصطنع أحدكم إلى أخيه معروفا، فقال له: جزاك الله خيرا يقول الله تعالى: عبدي أسدى إليك أخوك معروفا، فلم يكن عندك ما تكافئه فأحلته علي، والخير مني الجنة».
وقال أبو بكر الخطيب: إسناده مظلم، وفيه غير واحد من المجهولين.
[5] ومن حديث أنس:
أخرجه ابن عساكر «تاريخ دمشق» (ج 52/ص 400).
فقد بان: أن كلها أسانيد واهية، لا يثبت بمثلها الخبر، ولا يقوم بواحد منها حجة.
رابعا: تراجم رواة حديث المصنف
(1) إبراهيم بن سعيد الجوهري أبو إسحاق بن أبي عثمان البغدادي الطبري.
روى عن حماد بن أسامة، وروح بن عبادة، وابن عيينة، وعبد الوهاب الثقفي، وأبي أحمد الزبيري وعدة. روى عنه الجماعة سوى البخاري، والحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، وزكريا بن يحيى السجزي، وموسى بن هارون ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبو حاتم الرازي، وأبو عروبة الحراني، وخلق كثيرون.
قال أبو حاتم: كان يذكر بالصدق. وقال النسائي: ثقة. وقال عبد الله بن جعفر بن خاقان السلمي: قال لي إبراهيم الجوهري: كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فأنا فيه يتيم. وقال الخطيب: كان ثقة مكثرا ثبتا، صنف المسند. وقال ابن حجر: ثقة حافظ تكلم فيه بلا حجة، مات بعد الخمسين والمائتين، روى له الجماعة سوى البخاري.
(2) الأحوص بن جواب الضبي بفتح الجيم وتشديد الواو، أبو الجواب الكوفي.
روى عن: سعير بن الخمس، وسفيان الثوري، وسليمان بن قرم الضبي، وعمار بن رزيق الضبي.
روى عنه: إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأحمد بن يونس الضبي، وإسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن البغوي، وعباس بن محمد الدوري، وأبو بكر بن أبي شيبة. قال ابن أبي خيثمة، ويعقوب بن شيبة عن يحيى بن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (6/ 89)، وقال: كان متقنا ربما وهم. وقال ابن حجر: صدوق ربما وهم مات سنة إحدى عشرة ومئتين، روى له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
(3) سعير بن الخمس بكسر المعجمة وسكون الميم التميمي، أبو مالك الكوفي.
روى عن: حبيب بن أبي ثابت، وزيد بن أسلم، وسليمان التيمي، وسليمان الأعمش وعدة.
روى عنه: الأحوص بن جواب، وحسين بن علي الجعفي، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن يحيى التميمي، وجماعة.
قال ابن سعد: كان صاحب سنة وعنده أحاديث. وقال عثمان بن سعيد الدارمي عن يحيى بن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث , ويروون عنه مناكير. وقال الترمذي: هو ثقة عند أهل الحديث.
وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (6/ 436). وقال أبو الفضل بن عمار الشهيد: أخطأ في غير ما حديث مع قلة ما روى. وقال ابن حجر: صدوق له عند مسلم حديث واحد في الوسوسة.
(4) سليمان بن طرخان التيمي أبو المعتمر البصري، نزل في التيم فنسب إليهم.
روى عن: أنس بن مالك، وأبي عثمان النهدي، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وطاوس، وأبي مجلز لاحق بن حميد، ويحيى بن يعمر، وبكر بن عبد الله المزني، والحسن البصري، وطلق بن حبيب، وثابت البناني، وقتادة، وخلق.
روى عنه: أسباط بن محمد، وأنيس بن سوار الجرمي، وبشر بن المفضل، وجرير بن حازم، وجرير بن عبد الحميد، وزهير بن معاوية، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وسليمان بن حيان، وشعبة، وعبد الله بن المبارك، وعبد الوارث بن سعيد، وعبد الوهاب بن عطاء، والقاسم بن معن، وقريش بن أنس، ومرزوق أبو بكر، ومروان بن معاوية الفزاري، ومعمر، وهشيم بن بشير، وهوذة بن خليفة، ويحيى بن سعيد القطان، ويزيد بن زريع، ويوسف بن يعقوب السلعي، وأبو جعفر الرازي، وبحر بن كنيز السقاء، وخلق غيرهم.
روى الربيع بن يحيى عن شعبة قال: ما رأيت أحدا أصدق من سليمان التيمي، كان إذا حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم تغير لونه. وقال أحمد بن حنبل: هو ثقة، وهو أحب إلي في أبي عثمان النهدي من عاصم الأحول. وقال يحيى بن معين، والنسائي، وغيرهما: ثقة. وقال العجلي: ثقة، من خيار أهل البصرة.
وقال ابن سعد: من العباد المجتهدين، كثير الحديث، ثقة، يصلي الليل كله بوضوء عشاء الآخرة، وكان هو وابنه يدوران بالليل في المساجد، فيصليان في هذا المسجد مرة، وفي هذا المسجد مرة حتى يصبحا.
قال ابن حجر: ثقة عابد مات سنة ثلاث وأربعين ومائة، وهو ابن سبع وتسعين، روى له الجماعة.
(5) عبد الرحمن بن مل بن عمرو بن عدي بن وهب بن ربيعة أبو عثمان النهدي.
مخضرم، معمر، أدرك الجاهلية والإسلام، وغزا في خلافة عمر، وبعدها غزوات، وشهد وقعة اليرموك. وحدث عن: عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي بن كعب، وبلال، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان الفارسي، وحذيفة بن اليمان، وأبي موسى الأشعري، وأسامة بن زيد، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وأبي هريرة، وابن عباس، وطائفة سواهم.
حدث عنه: قتادة، وعاصم الأحول، وحميد الطويل، وسليمان التيمي، وأيوب السختياني، وداود بن أبي هند، وخالد الحذاء، وعمران بن حدير، وعلي بن جدعان، وحجاج بن أبي زينب، وخلق.
كان من سادة العلماء العاملين. وثقه علي بن المديني، والعجلي، وأبو زرعة، وجماعة.
قال ابن سعد: سكن الكوفة، فلما قتل الحسين بن علي عليه السلام تحول، فنزل البصرة، وقال: لا أسكن بلدا قتل فيه ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، وكان ثقة. وذكره ابن حبان في «كتاب الثقات» (5/ 75).
وقال ابن حجر: ثقة ثبت عابد. روى له الجماعة.
(6) أسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس الكلبي أبو زيد المدني.
حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه، وابن مولاه. رباه النبي صلى الله عليه وسلم وأحبه كثيرا، وهو ابن حاضنته أم أيمن، وكان شديد السواد، خفيف الروح، ماهرا، شجاعا. استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على جيش لغزو الشام، وفي الجيش عمر والكبار؛ فلم يسر حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبادر الصديق ببعثهم، فأغاروا على أبنى من ناحية البلقاء. وقد سكن المزة مدة، ثم رجع إلى المدينة، فمات بها.
خامسا: موضع التفرد
قال البزار: هذا الحديث لا نعلم رواه عن سليمان التيمي إلا سعير، ولا عن سعير إلا الأحوص بن جواب.
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن جيد غريب، لا نعرفه من حديث أسامة بن زيد إلا من هذا الوجه.
وقال أبو الحسن الدارقطني: تفرد به سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان، وتفرد به أبو الجواب الأحوص بن جواب عنه.
قلت: هو كما قالوا. ولعل تفرد سعير بن الخمس هو الذي جعل البخاري وأبا حاتم يحكمان على الحديث بالنكارة، فإن سعيرا والأحوص مع كونهما صدوقين ليسا بالمتقنين، ولم يبلغا مبلغ من يحتمل تفرده، لا سيما عن سليمان التيمي، وهو من حفاظ البصرة ممن كثر تلامذته الناقلين عنه الضابطين لحديثه المعتنين بحفظه، فلا يخفى مثله على الأثبات من أصحابه كشعبة والثوري ومعتمر وابن المبارك ويحيى القطان وطبقتهم، ويكون عند سعير بن الخمس، وليس من خواص التيمي، ولا من أثبات أصحابه، ولا ممن لهم اعتناء بحديثه وضبط له!. وقد تقدم قول أبى الفضل بن عمار الشهيد في سعير بن الخمس: أخطأ في غير ما حديث مع قلة ما روى، وقول البخاري: كان قليل الحديث، ويرون عنه مناكير.
فتفرد سعير بالحديث، مع قلة ما روى عن التيمي، دون أثبات أصحابه الحافظين لحديثه المكثرين من الرواية عنه مما يثير ريبة الناقد البصير بعلل الأحاديث كالبخاري وأبي حاتم والدارقطني، ومن على طريقتهم من أئمة النقد.
فالظاهر، بل المتيقن: أن هذا الحديث يندرج تحت الوجه السادس من أوجه الغرابة، وهو: تفرد الصدوق عن مشهور من الثقات بما لا يوجد عند ثقات أصحابه، وليس لذلك الصدوق اعتناء بحديث ذاك الثقة.
سادسا: ذكر من حكم من الأئمة على هذا الحديث بالنكارة أو الوضع
قال أبو عيسى الترمذي كما في «ترتيب علل الترمذي لأبي طالب القاضي» (1/ 315/ح 589): سألت محمدا عن هذا الحديث؟، فقال: هذا منكر , وسعير بن الخمس كان قليل الحديث , ويروون عنه مناكير.
وقال ابن أبي حاتم «علل الحديث» (ج 6/ص 338/ 2570): سألت أبي عن حديث رواه الأحوص بن جواب عن سعير بن الخمس عن سليمان التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد، وذكر الحديث. فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر بهذا الإسناد.
ونقله عنه الضياء «الأحاديث المختارة» (ج 4/ص 111 - 112).
وقال ابن أبي حاتم في موضع آخر (ج 5/ص 589/ 2197): قال أبي: هذا حديث عندي موضوع بهذا الإسناد.
سابعا: الحكم على الحديث
إسناد البزار ظاهره الحسن، فسعير بن الخمس، والأحوص بن جواب صدوقان، وقد وثقهما بعض الأئمة. لذا حسن الحديث الترمذي، وصححه ابن حبان، والضياء المقدسي.
وقال إماما العلل البخاري، وأبو حاتم: هذا حديث منكر بهذا الإسناد. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وربما كان من أوهام الأحوص بن جواب الضبي، فقد قال ابن حبان وابن حجر: صدوق ربما وهم.
وأكثر المتأخرين يصححون الحديث؛ نظرا لصحة إسناده ظاهرا، وركونا إلى ثقة رجاله، على أن الثقة ربما أخطأ ووهم، وروى المنكر."
وانتهى النقل إلى هنا ومع هذا لم نعرف هل حكم البزار أو غيره بصحته أو بطلانه فقد حكم البعض بصحته فقال :
"إسناد البزار ظاهره الحسن، فسعير بن الخمس، والأحوص بن جواب صدوقان، وقد وثقهما بعض الأئمة لذا حسن الحديث الترمذي، وصححه ابن حبان، والضياء المقدسي"
وقال الألفى :
"وأكثر المتأخرين يصححون الحديث؛ نظرا لصحة إسناده ظاهرا، وركونا إلى ثقة رجاله"
وحكم البعض الأخر بنطارته وعدم صحته فقال :
" وقال إماما العلل البخاري، وأبو حاتم: هذا حديث منكر بهذا الإسناد. وقال البخاري: سعير بن الخمس كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير.
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.
وربما كان من أوهام الأحوص بن جواب الضبي، فقد قال ابن حبان وابن حجر: صدوق ربما وهم."
والحديث كما قلت فى أوله باطل لأنه ليس مدحا أو ثناء وإنما دعاء أى طلب من الله أن يجزى صاحب المعروف بالخير وهو الجنة بدليل أن إحدى رواياته تقول :
" إذا اصطنع أحدكم إلى أخيه معروفا، فقال له: جزاك الله خيرا يقول الله تعالى: عبدي أسدى إليك أخوك معروفا، فلم يكن عندك ما تكافئه فأحلته علي، والخير مني الجنة"
والمراد فأحلته على فهنا الذى لم يجد مكافأة للرد بها أحال الأمر على الله بدعوته أن يدخله الجنة