قراءة في فتوى حكم شرب الدخان
المفتى عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي وأما السائل فعلى الصالحى الذى سأل المجيب عن حكم الدخان فقال :
"من الولد على بن حمد الصالحي: إلى فضيلة الشيخ المكرم: عبدالرحمن الناصر السعدي بعد السلام عليكم و رحمة الله وبركاته. أرجوكم الإفادة عن حكم شرب الدخان و الاتجار به على وجه التوضيح هل هو حرام أو مكروه أفتونا مأجورين؟
وكان الجواب هو :
"الجواب: وبالله التوفيق، نسأله الهداية لنا ولإخواننا المسلمين.
اما الدخان شربه و الاتجار به و الإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه؛ شربا، واستعمالا، واتجارا، وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحة، كما يجب عليه ان يتوب من جميع الذنوب؛ وذلك أنه داخل في عموم النصوص الدالة على التحريم، داخل في لفظها العام وفي معناه؛ وذلك لمضاره الدينية والبدنية و المالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه، فكيف إذا اجتمعت؟!"
السعدى لابد أنه يقصد تدخين الدخان لأن الدخان هو نبات أخرجه الله من الأرض لمنفعة الناس ويسمونه الطباق ومن ثم كان لابد في الفتوى من التفرقة بين الدخان كنبات وهو يستعمل في عمل الخبز وعمل أطعمة أخرى متنوعة حيث يزرع ولكن الشياطين وهم الكفار من غيروا مسار النبات من طعام محلل إلى استعمال محرم وهو التدخين
واستعرض السعدى النصوص العامة التى تحرم تدخين الدخان وغيره مما يضر فقال :
"فصل
- أما مضاره الدينية ودلالة النصوص على منعه وتحريمه فمن وجوه كثيرة: منها قوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبئث} [الأعراف 157] وقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة 195]، وقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء 29]، فهذه الآيات وما أشبهها حرم الله بها كل خبيث أو ضار، فكل ما يستخبث أو يضر فإنه لا يحل، والخبث والضرر يعرف بآثاره وما يترتب عليه من المفاسد، فهذا الدخان له مفاسد و أضرار كثيرة محسوسة كل أحد يعرفها، وأهله من أعرف الناس بها، ولكن إرادتهم ضعيفة، ونفوسهم تغلبهم مع الشعور بالضرر، وقد قال العلماء: يحرم كل طعام وشراب فيه مضرة."
والعبارة الأخيرة للسعدى عن الطعام والشراب تنقض أمر تحريمه الدخان فلا هو طعام ولا هو شراب وإنما هواء يفسد الجسم من خلال استنشاقه وإدخاله للجوف الصدرى غالبا أو البطنى نادرا
وتحدث عن مضاره الدينية فقال :
"- ومن مضاره الدينية: أنه يثقل على العبد العبادات والقيام بالمأمورات خصوصا الصيام، و ما كره العبد للخير فإنه شر، وكذلك يدعو إلى مخالطة الأرذال، ويزهد في مجالس الأخيار كما هو مشاهد، وهذا من أعظم النقائص أن يكون العبد مؤالفا للأشرار متباعدا عن الأخيار، ويترتب على ذلك العداوة لأهل الخير والبغض لهم، والقدح فيهم والزهد في طريقهم، ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة و دخلوا في مداخل قبيحة، وكان ذلك عنوانا على سقوط أخلاقهم فهو باب لشرور كثيرة فضلا عن ضرره الذاتي"
بالقطع ما تحدث عنه هو مضار نفسية واجتماعية لأن الدين يشمل كلا شىء ولا يسمى الشىء بالمضار الدينية فالدين ليس فيه مضار كما قال تعالى :
" ما جعل الله عليكم في الدين من حرج"
وتحدث عن الأضرار الجسدية فقال :
"فصل
- و أما مضاره البدنية: فكثيرة جدا، فإنه يوهن القوة ويضعفها، ويضعف البصر، وله سريان ونفوذ في البدن والعروق، فيوهن القوى، ويمنع الإنتفاع الكلي بالغذاء، ومتى اجتمع الأمران اشتد الخطر وعظم البلاء. ومنها: إضعاف القلب، واضطراب الأعصاب، وفقد شهية الطعام. ومنها: السعال، والنزلات الشديدة التي ربما أدت إلى الإختناق وضيق النفس، فكم من قتيل أو مشرف على الهلاك وقد قرر غير واحد من الأطباء المعتبرين أن لشرب الدخان الأثر الأكبر في الأمراض الصدرية، وهي السل وتوابعه، وله أثر محسوس في مرض السرطان، وهذه من أخطر الأمراض و أصعبها.
فيا عجبا لعاقل حريص على حفظ صحته وهو مقيم على شربه مع مشاهدة هذه الأضرار او بعضها! فكم تلف بسببه خلق كثير! وكم تعرض منهم لأكثر من ذلك! وكم قويت بسببه الأمراض البسيطة حتى عظمت وعز على الأطباء دواؤها! وكم أسرع بصاحبه إلى الانحطاط السريع من قوته وصحته! ومن العجب أن كثيرا من الناس يتقيدون بإرشادات الأطباء في الأمور التي هي دون ذلك بكثير، فكيف يتهاونون بهذا الأمر الخطير! ذلك لغلبة الهوى وإستيلاء النفس على إرادة الإنسان، وضعف إرادته عن مقاومتها وتقديم العادات على ما تعلم مضرته. ولا تستغرب حال كثير من الأطباء الذين يدخنون وهم يعترفون بلسان حالهم أو لسان مقالهم بمضرته الطبية، فإن العادات تسيطر على عقل صاحبها وعلى إرادته، ويشعر كثيرا أو أحيانا بالمضرة وهو مقيم عى ما يضره وهذه المضار أشرنا إليها إشارة، مع ما فيه من تسويد الفم والشفتين والأسنان، وسرعة بلائها وتحطمها وتآكلها بالتسوس، وانهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كاللحم المنهار المحترق تتألم مما لا يتألم منه وكثير من أمراض الإلتهابات ناشئة عنه، ومن تتبع مضاره وجدها أكثر مما ذكرنا"
مما لا شك فيه أن تدخين الأدخنة المختلفة له مضار صحية يقينية سواء للمدخن أو لمن حوله
وتعرض لمضار التدخين المالية فبين أنه نوع من التبذير وإضاعة المال فقال :
"فصل
و اما مضاره المالية: فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن إضاعة المال)، و أي إضاعة أبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا نفع فيه بوجه من الوجوه، حتى أن كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الأموال الكثيرة، وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة، وهذا انحراف عظيم، وضرر جسيم فصرف المال في الأمور التي لا نفع فيها منهي عنه، فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره!. ولما كان الدخان بهذه المثابة مضرا بالدين والبدن والمال، كانت التجارة فيه محرمة، وتجارته بائرة غير رابحة، وقد شاهد الناس أن كل متجر فيه و إن استدرج ونما ماله في وقت ما فإنه يبتلي بالقلة في آخر امره وتكون عواقبه وخيمة،"
وبعد هذا الحديث عن أسباب تحريم التدخين من خلال ذكر مضارة النفسية والاجتماعية والبدنية والمالية ذكر السعدى اتفاق علماء نجد على تحريم التدخين فقال :
"ثم إن النجديين ولله الحمد جميع علماؤهم متفقون على تحريمه ومنعه، والعوام تبع للعلماء فلا يسوغ ولا يحل للعوام أن يتبعوا الهوى ويتأولوا ويتعللوا بأنه يوجد من علماء الأمصار من يحلله ولا يحرمه، فإن هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء، فإن العوام تبع لعلمائهم ليسوا مستقلين، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم وهذا واجبهم، كما قال تعالى {فسئلوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل 43] و [الأنبياء 7].
وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوام –اتباعا للهوى لا اتباعا للحق والهدى –إلا كما لو قال بعضهم: يوجد بعض علماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة فلا تنكروا علينا إذا اتبعناهم، أو يوجد من يبيح ربا الفضل فلنا أن نتبعهم، أو يوجد من لا يحرم اكل ذوات المخالب من الطير فلنا أن نتبعهم، لو فتح هذا الباب فتح على الناس شر كثير، وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم، وكل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأدلة الشرعية، ولما عليه أهل العلم، من الأمور التي لا تحل ولا تجوز."
وتحدث عن أدلة التحليل والتحليل فقال :
"والميزان الحقيقي: هو مادلت عليه أصول الشرع و قواعده، وقد دلت على تحريم الدخان؛ لما يترتب عليه من المفاسد و المضار المتنوعة، وكل أمر فيه ضرر على العبد: في دينه، أو بدنه، أو ماله من غير نفع فهو محرم. فكيف إذا تنوعت المفاسد وتجمعت، أليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا تركه والتحذير منه ونصيحة من يقبل النصيحة!."
وبالقطع النصوص الإلهية وحدها من تحلل وتحرم ونصح الرجل المدخنين طالبا منهم التوبة من ذنب التدخين فقال :
"فالواجب على من نصح نفسه وصار لها عنده قدر وعزيمة أن يتوب إلى الله عن شربه، ويعزم عزما جازما مقرونا بالاستعانة بالله لا تردد فيه ولا ضعف عزيمة فإن من فعل ذلك أعانه الله على تركه وهون عليه. ومما بهون عليه الأمر أن يعرف أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وكما أن ثواب الطاعة الشاقة أعظم مما لا مشقة فيه، فكذلك ثواب تارك المعصية إذا شق عليه الأمر وصعب أعظم أجرا و ثوابا، فمن وفقه الله وأعانه على ترك الدخان فإنه يجد المشقة في أول الأمر ثم لا يزال يسلو شيئا فشيئا حتى يتم الله نعمته عليه، فيتغبط بفضل الله عليه وحفظه وإعانته، وينصح إخوانه بما ينصح به نفسه والتوفيق بيد الله، ومن علم الله من قلبه صدق النية في طلب ما عنده بفعل المأمورات وترك المحظورات يسره للبسرى، وجنبه العسرى، وسهل له طرق الخير كلها، فنسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى الخير، و أن يحفظنا من كل شر، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم."
بالقطع التوبة من أى ذنب مطلوبة وكثير من المدخنين يصومون نهار رمضان ولا يتناولون أى دخان ومن صبر على عدم التدخين 12 ساعة أو يزيد يقدر أن يصبر على عدم التدخين بقية اليوم ومن ثم يجب أن يستغل المدخنون شهر رمضان للاقلاع عن هذا الذنب ولكن قبل أن يتوب المدخنون من عامة الناس يجب على الحكومات أن تتوب من استيراد وتصنيع الأدخنة فتتوقف عن استيرادها وعن تصنيعها ومن ثم بيعها وساعتها لن يجد المدخنون شىء يدخنون به إلا أن يخترعوا اختراعات محلية وساعتها يكون ذنبهم عليهم وليس على الحكومات وهم معا
ماذا تكسب الحكومات من نشر التدخين ؟
الحكومات بالقطع تكسب انشغال المدخنين بأمراضهم وبعدهم عن التفكير في الثورة عليها بسبب ظلمها وفسادها
لو حاكمنا الحكومات حسب قوانينها لوجب إدخال الوزراء والمسئولين مشافى المجانين فعندما توجد وزارة تسمى وزارة الصحة تعلن أن التدخين ضار بالصحة وكذلك وزارة البيئة ووزارة الإعلام والأوقاف وتأتى وزارة الصناعة فتقوم بتصنيع الأدخنة وتأتى وزارة التجارة فتستورد الأدخنة ولا يوقفها الملك أو الحاكم أو رئيس الحكومة فمعنى هذا أن من يديرون الدولة يعملون لصالحهم وليس لصالح الناس ومن ثم نجد أنهم يبيحون تصنيع وتجارة الأدخنة وبالاضافة لذلك تقوم الحكومات من خلال بعض أفراد الشرطة وحرس الحدود بالسماح بتهريب المخدرات وبيعها في البلاد من خلال غض الطرف عن البائعين فالمعنى الذى يصل للشعوب هو أن حكامها خونة وأن المسئولون لا يريدون صلاحا ولا عدل وإنما يريدون شعبا من المرضى والمدمنين ومرتكبى الجرائم
المفتى عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن ناصر بن حمد آل سعدي وأما السائل فعلى الصالحى الذى سأل المجيب عن حكم الدخان فقال :
"من الولد على بن حمد الصالحي: إلى فضيلة الشيخ المكرم: عبدالرحمن الناصر السعدي بعد السلام عليكم و رحمة الله وبركاته. أرجوكم الإفادة عن حكم شرب الدخان و الاتجار به على وجه التوضيح هل هو حرام أو مكروه أفتونا مأجورين؟
وكان الجواب هو :
"الجواب: وبالله التوفيق، نسأله الهداية لنا ولإخواننا المسلمين.
اما الدخان شربه و الاتجار به و الإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه؛ شربا، واستعمالا، واتجارا، وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحة، كما يجب عليه ان يتوب من جميع الذنوب؛ وذلك أنه داخل في عموم النصوص الدالة على التحريم، داخل في لفظها العام وفي معناه؛ وذلك لمضاره الدينية والبدنية و المالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه، فكيف إذا اجتمعت؟!"
السعدى لابد أنه يقصد تدخين الدخان لأن الدخان هو نبات أخرجه الله من الأرض لمنفعة الناس ويسمونه الطباق ومن ثم كان لابد في الفتوى من التفرقة بين الدخان كنبات وهو يستعمل في عمل الخبز وعمل أطعمة أخرى متنوعة حيث يزرع ولكن الشياطين وهم الكفار من غيروا مسار النبات من طعام محلل إلى استعمال محرم وهو التدخين
واستعرض السعدى النصوص العامة التى تحرم تدخين الدخان وغيره مما يضر فقال :
"فصل
- أما مضاره الدينية ودلالة النصوص على منعه وتحريمه فمن وجوه كثيرة: منها قوله تعالى: {ويحرم عليهم الخبئث} [الأعراف 157] وقوله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة 195]، وقوله: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء 29]، فهذه الآيات وما أشبهها حرم الله بها كل خبيث أو ضار، فكل ما يستخبث أو يضر فإنه لا يحل، والخبث والضرر يعرف بآثاره وما يترتب عليه من المفاسد، فهذا الدخان له مفاسد و أضرار كثيرة محسوسة كل أحد يعرفها، وأهله من أعرف الناس بها، ولكن إرادتهم ضعيفة، ونفوسهم تغلبهم مع الشعور بالضرر، وقد قال العلماء: يحرم كل طعام وشراب فيه مضرة."
والعبارة الأخيرة للسعدى عن الطعام والشراب تنقض أمر تحريمه الدخان فلا هو طعام ولا هو شراب وإنما هواء يفسد الجسم من خلال استنشاقه وإدخاله للجوف الصدرى غالبا أو البطنى نادرا
وتحدث عن مضاره الدينية فقال :
"- ومن مضاره الدينية: أنه يثقل على العبد العبادات والقيام بالمأمورات خصوصا الصيام، و ما كره العبد للخير فإنه شر، وكذلك يدعو إلى مخالطة الأرذال، ويزهد في مجالس الأخيار كما هو مشاهد، وهذا من أعظم النقائص أن يكون العبد مؤالفا للأشرار متباعدا عن الأخيار، ويترتب على ذلك العداوة لأهل الخير والبغض لهم، والقدح فيهم والزهد في طريقهم، ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة و دخلوا في مداخل قبيحة، وكان ذلك عنوانا على سقوط أخلاقهم فهو باب لشرور كثيرة فضلا عن ضرره الذاتي"
بالقطع ما تحدث عنه هو مضار نفسية واجتماعية لأن الدين يشمل كلا شىء ولا يسمى الشىء بالمضار الدينية فالدين ليس فيه مضار كما قال تعالى :
" ما جعل الله عليكم في الدين من حرج"
وتحدث عن الأضرار الجسدية فقال :
"فصل
- و أما مضاره البدنية: فكثيرة جدا، فإنه يوهن القوة ويضعفها، ويضعف البصر، وله سريان ونفوذ في البدن والعروق، فيوهن القوى، ويمنع الإنتفاع الكلي بالغذاء، ومتى اجتمع الأمران اشتد الخطر وعظم البلاء. ومنها: إضعاف القلب، واضطراب الأعصاب، وفقد شهية الطعام. ومنها: السعال، والنزلات الشديدة التي ربما أدت إلى الإختناق وضيق النفس، فكم من قتيل أو مشرف على الهلاك وقد قرر غير واحد من الأطباء المعتبرين أن لشرب الدخان الأثر الأكبر في الأمراض الصدرية، وهي السل وتوابعه، وله أثر محسوس في مرض السرطان، وهذه من أخطر الأمراض و أصعبها.
فيا عجبا لعاقل حريص على حفظ صحته وهو مقيم على شربه مع مشاهدة هذه الأضرار او بعضها! فكم تلف بسببه خلق كثير! وكم تعرض منهم لأكثر من ذلك! وكم قويت بسببه الأمراض البسيطة حتى عظمت وعز على الأطباء دواؤها! وكم أسرع بصاحبه إلى الانحطاط السريع من قوته وصحته! ومن العجب أن كثيرا من الناس يتقيدون بإرشادات الأطباء في الأمور التي هي دون ذلك بكثير، فكيف يتهاونون بهذا الأمر الخطير! ذلك لغلبة الهوى وإستيلاء النفس على إرادة الإنسان، وضعف إرادته عن مقاومتها وتقديم العادات على ما تعلم مضرته. ولا تستغرب حال كثير من الأطباء الذين يدخنون وهم يعترفون بلسان حالهم أو لسان مقالهم بمضرته الطبية، فإن العادات تسيطر على عقل صاحبها وعلى إرادته، ويشعر كثيرا أو أحيانا بالمضرة وهو مقيم عى ما يضره وهذه المضار أشرنا إليها إشارة، مع ما فيه من تسويد الفم والشفتين والأسنان، وسرعة بلائها وتحطمها وتآكلها بالتسوس، وانهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كاللحم المنهار المحترق تتألم مما لا يتألم منه وكثير من أمراض الإلتهابات ناشئة عنه، ومن تتبع مضاره وجدها أكثر مما ذكرنا"
مما لا شك فيه أن تدخين الأدخنة المختلفة له مضار صحية يقينية سواء للمدخن أو لمن حوله
وتعرض لمضار التدخين المالية فبين أنه نوع من التبذير وإضاعة المال فقال :
"فصل
و اما مضاره المالية: فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه نهى عن إضاعة المال)، و أي إضاعة أبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا نفع فيه بوجه من الوجوه، حتى أن كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الأموال الكثيرة، وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة، وهذا انحراف عظيم، وضرر جسيم فصرف المال في الأمور التي لا نفع فيها منهي عنه، فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره!. ولما كان الدخان بهذه المثابة مضرا بالدين والبدن والمال، كانت التجارة فيه محرمة، وتجارته بائرة غير رابحة، وقد شاهد الناس أن كل متجر فيه و إن استدرج ونما ماله في وقت ما فإنه يبتلي بالقلة في آخر امره وتكون عواقبه وخيمة،"
وبعد هذا الحديث عن أسباب تحريم التدخين من خلال ذكر مضارة النفسية والاجتماعية والبدنية والمالية ذكر السعدى اتفاق علماء نجد على تحريم التدخين فقال :
"ثم إن النجديين ولله الحمد جميع علماؤهم متفقون على تحريمه ومنعه، والعوام تبع للعلماء فلا يسوغ ولا يحل للعوام أن يتبعوا الهوى ويتأولوا ويتعللوا بأنه يوجد من علماء الأمصار من يحلله ولا يحرمه، فإن هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء، فإن العوام تبع لعلمائهم ليسوا مستقلين، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم وهذا واجبهم، كما قال تعالى {فسئلوا اهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [النحل 43] و [الأنبياء 7].
وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوام –اتباعا للهوى لا اتباعا للحق والهدى –إلا كما لو قال بعضهم: يوجد بعض علماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة فلا تنكروا علينا إذا اتبعناهم، أو يوجد من يبيح ربا الفضل فلنا أن نتبعهم، أو يوجد من لا يحرم اكل ذوات المخالب من الطير فلنا أن نتبعهم، لو فتح هذا الباب فتح على الناس شر كثير، وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم، وكل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأدلة الشرعية، ولما عليه أهل العلم، من الأمور التي لا تحل ولا تجوز."
وتحدث عن أدلة التحليل والتحليل فقال :
"والميزان الحقيقي: هو مادلت عليه أصول الشرع و قواعده، وقد دلت على تحريم الدخان؛ لما يترتب عليه من المفاسد و المضار المتنوعة، وكل أمر فيه ضرر على العبد: في دينه، أو بدنه، أو ماله من غير نفع فهو محرم. فكيف إذا تنوعت المفاسد وتجمعت، أليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا تركه والتحذير منه ونصيحة من يقبل النصيحة!."
وبالقطع النصوص الإلهية وحدها من تحلل وتحرم ونصح الرجل المدخنين طالبا منهم التوبة من ذنب التدخين فقال :
"فالواجب على من نصح نفسه وصار لها عنده قدر وعزيمة أن يتوب إلى الله عن شربه، ويعزم عزما جازما مقرونا بالاستعانة بالله لا تردد فيه ولا ضعف عزيمة فإن من فعل ذلك أعانه الله على تركه وهون عليه. ومما بهون عليه الأمر أن يعرف أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وكما أن ثواب الطاعة الشاقة أعظم مما لا مشقة فيه، فكذلك ثواب تارك المعصية إذا شق عليه الأمر وصعب أعظم أجرا و ثوابا، فمن وفقه الله وأعانه على ترك الدخان فإنه يجد المشقة في أول الأمر ثم لا يزال يسلو شيئا فشيئا حتى يتم الله نعمته عليه، فيتغبط بفضل الله عليه وحفظه وإعانته، وينصح إخوانه بما ينصح به نفسه والتوفيق بيد الله، ومن علم الله من قلبه صدق النية في طلب ما عنده بفعل المأمورات وترك المحظورات يسره للبسرى، وجنبه العسرى، وسهل له طرق الخير كلها، فنسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى الخير، و أن يحفظنا من كل شر، إنه جواد كريم، رؤوف رحيم."
بالقطع التوبة من أى ذنب مطلوبة وكثير من المدخنين يصومون نهار رمضان ولا يتناولون أى دخان ومن صبر على عدم التدخين 12 ساعة أو يزيد يقدر أن يصبر على عدم التدخين بقية اليوم ومن ثم يجب أن يستغل المدخنون شهر رمضان للاقلاع عن هذا الذنب ولكن قبل أن يتوب المدخنون من عامة الناس يجب على الحكومات أن تتوب من استيراد وتصنيع الأدخنة فتتوقف عن استيرادها وعن تصنيعها ومن ثم بيعها وساعتها لن يجد المدخنون شىء يدخنون به إلا أن يخترعوا اختراعات محلية وساعتها يكون ذنبهم عليهم وليس على الحكومات وهم معا
ماذا تكسب الحكومات من نشر التدخين ؟
الحكومات بالقطع تكسب انشغال المدخنين بأمراضهم وبعدهم عن التفكير في الثورة عليها بسبب ظلمها وفسادها
لو حاكمنا الحكومات حسب قوانينها لوجب إدخال الوزراء والمسئولين مشافى المجانين فعندما توجد وزارة تسمى وزارة الصحة تعلن أن التدخين ضار بالصحة وكذلك وزارة البيئة ووزارة الإعلام والأوقاف وتأتى وزارة الصناعة فتقوم بتصنيع الأدخنة وتأتى وزارة التجارة فتستورد الأدخنة ولا يوقفها الملك أو الحاكم أو رئيس الحكومة فمعنى هذا أن من يديرون الدولة يعملون لصالحهم وليس لصالح الناس ومن ثم نجد أنهم يبيحون تصنيع وتجارة الأدخنة وبالاضافة لذلك تقوم الحكومات من خلال بعض أفراد الشرطة وحرس الحدود بالسماح بتهريب المخدرات وبيعها في البلاد من خلال غض الطرف عن البائعين فالمعنى الذى يصل للشعوب هو أن حكامها خونة وأن المسئولون لا يريدون صلاحا ولا عدل وإنما يريدون شعبا من المرضى والمدمنين ومرتكبى الجرائم