نقد كتاب الإعاقة والزواج
المؤلف زيد بن محمد الرماني وهو يدور حول زواج أولى الضرر كما سماهم الله من خلال وقفات للكاتب فى نواحى معينة وفى مقدمته قال:
"وبعد:
فإن ظاهرة الإعاقة معروفة منذ زمن طويل، كما أن ظاهرة التزاوج بين الأسوياء والمعاقين معلومة تاريخيا
بيد أن هذه الظواهر وفي زماننا الحاضر أخذت منحى جديدا واهتماما خاصا
ومن هنا، فيشرفني تقديم جهدي المتواضع من خلال بعض الوقفات الإرشادية المختصرة حول تلك الظواهر الاجتماعية آملا أن يجد فيها القارئ الحبيب الفائدة والتوجيه والله أسأل توفيق المساعي وإنجاح المقاصد فإلى ثنايا تلك الوقفات"
وقد استهل الكتاب بالتعريف فقال :
"وقفة اصطلاحية:
الإعاقة جذرها اللغوي العين والواو والقاف، «عوق» أو العين والألف والقاف، «عاق»، ومن معانيها الحجب والمنع، فكأن الأعمى - مثلا - منع من الإبصار وحجب عن النظر
ولذا، فإن الإعاقة لا تعني شكلا محددا، وإنما تتسع لأشكال كثيرة، فالأعمى معاق عن الإبصار، والأبكم معاق عن الكلام، والأصم معاق عن السماع، والأعور معاق عن اكتمال النظر، والأعرج معاق عن اكتمال المشي، والكسيح معاق عن المشي، والأبرص معاق عن حسن الصورة، والأقرع معاق عن شعر الرأس إلخ
بل إن معاني الإعاقة تسري كذلك - في نظري القاصر - على أمور أخرى، فالجاهل معاق عن المعرفة، والأحمق معاق عن النباهة،والغبي معاق عن التعلم، والكذاب معاق عن الصدق، والنمام معاق عن سلامة الصدر، والبليد معاق عن الفهم إلخ ومن ثم، فإن الإعاقة مصطلح واسع وليس كما يتوهم بعض الناس أنه مفهوم ضيق محصور في فئات معينة أو حالات محددة
وإذا سألنا المتخصصين في هذا المجال عن المفهوم الاصطلاحي عندهم لمصطلح الإعاقة أو المعاق، فإنهم يقولون: «الإعاقة تعني تعطل أو توقف جزء معين من الإنسان عن القيام بعمل معين (الوظائف الأساسية)»
ويستوحى من هذا التحديد قصر التعريف على حالات التوقف أو التعطل الإرادي أو غير الإرادي مع التركيز على الإعاقة الجسدية بالدرجة الأولى
ومع تقديري لذلك، إلا أني أشارك مجموعة أخرى من الاجتماعيين أصحاب النظرة الواسعة للظواهر المجتمعية، إذ يفسحون المجال رحبا لكل شكل من أشكال التعطل أو العجز أو القصور أو الضعف
ذلك لأن الإعاقة كلمة واسعة الدلالة، ومصطلح عريض المعاني، ومفهوم عام، حاول بعض الباحثين تحديده وتأطيره في شكل أو زاوية صغيرة، دون مستند علمي أو شرعي صحيح"
قطعا الكلمة أساسا كما فى كل العلوم التى تسمى اجتماعية مأخوذة من ترجمات البعض لما يقوله الكفار فلا نجد احد يفكر فى التسمية القرآنية وهى أولى الضرر
وكلمة أولى الضرر تعنى المصابين بعجز جسدى جزئى سواء كان ناتج قبل الولادة أو بعدها ولا تعنى كما قال المؤلف معه العجز النفسى الذى يدور حول جزء معين من النفس وهو العجز العقلى فأصحاب العجز العقلى سماهم الله المؤلفة قلوبهم أى المجانين أو الأغبياء بلغتنا الدراجة
والتفريق الإلهى جعل هناك فارق بين الاثنين فلا يجوز زواج المؤلفة قلوبهم وهم المجانين بينما يجوز زوج أولى الضرر وقد جعل الفريقين ضمن مصارف الزكاة أى الصدقات فسمى أولى الضرر الفقراء وسمى الأخرين المؤلفة قلوبهم
وتحدث عما سماه الوقفة الشرعية فقال :
"* وقفة شرعية:
المعاق في الشريعة الإسلامية فرد مسلم كامل الأهلية، له كامل الحقوق، تحتفي به الشريعة أيما حفاوة وترعى شؤونه الخاصة والعامة، وتوفر له المناخ المناسب لكي يعيش حياة مستقرة هانئة"
والخطأ هنا هو كون المعاق فرد مسلم كامل الأهلية فأولى الضرر وهم المصابون بالعجز الجزئى الجسمى هم أفراد منهم المسلمون كاملو الأهلية وأما المؤلفة قلوبهم وهم المصابون بعجز عقلى فليسوا بمسلمين ولا كفار عند الله ولكنهم بشر لا يحاسبون فى الآخرة على أعمالهم ومن ثم ليسوا لهم أهلية بمعنى أن غيرهم هو من يقوم على رعايتهم بالنفقة عليهم وهؤلاء لا يتزوجون
وتحدث عن أحكام الله فيهم فقال :
"وقد حفلت آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة بكثير من الأحكام والضوابط والقواعد للتعامل مع إخواننا المعاقين
وما حديث القرآن عن الأعمى كما في سورة «النبأ»، وكذا عن أصحاب الأعذار والمرضى في آيات كثيرة، بحيث لا يلحقهم حرج، إضافة إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأعمى والأقرع والأبرص، مما يؤكد حرص شريعة الإسلام على أصحاب الإعاقات ورعاية شؤونهم
والفقه الإسلامي مليء بالأحكام الفقهية والقواعد الشرعية والضوابط الأصولية الخاصة بكل شكل من أشكال الإعاقة، كما في أحكام الطهارة والصلاة والسفر والصوم والحج
إن شريعتنا السمحة تنظر للمعاق نظرة احترام وتقدير، ومراعاة للأحوال، فلا تكلفه ما يشق عليه أو يوقعه في الحرج"
وهنا لم يذكر الرجل أحكام الإسلام فيهم وهى :
وجود مصرف لكل واحد من الفريقين فى الصدقات للانفاق عليهم أو منهم وفى هذا قال تعالى :
"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم "
أن بعض أولى الضرر كالعميان لا يعملون عملا وظيفيا ولذا رفع الحرج عنهم فقال :
" ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا ألأعمى حرج"
فأى مضرور عاجز عن الكسب الوظيفى يصرف له راتب شهرى للنفقة وأى مؤلف قلب أى مركب نفس تركيبا مخالفا للناس له راتب شهرى يقبضه وليه أى كفيله للنفقة عليه
ليس على أولى الضرر جهاد وهم يساوون المجاهدين فى مكانتهم الأخروية كما قال تعالى :
ثم حدثنا عن المعاقين فى التراث فقال :
"* وقفة تراثية:
امتدادا لاهتمام الشريعة الإسلامية بإخواننا المعاقين وشؤونهم وأحوالهم
كان اهتمام علمائنا وفقهائنا كبيرا، فهذا شيخ الإسلام ابن تمية وتلميذه ابن القيم الجوزية يفردان في كتبهما مباحث عديدة تختص بالمعاقين وحقوقهم
فنجد ابن تيمية يفصل القول في أصحاب الأعذار وأحكامهم الفقهية المترتبة، وكيفية الوضوء والتيمم للمريض ومن في حكمه
كما أن ابن قيم الجوزية يبين كثيرا من أحكام المجذوم والأبرص والأقرع، وتحدث عن من أصيب في عقله أو رأسه أو عينه أو يده أو رجله، وما يترتب على ذلك من أحكام
ولم يفت على ابن تيمية وابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى أن يناقشا قضايا متنوعة للمعاقين ومن في حكمهم فيما يتصل بالأحكام الفقهية ذات العلاقة بالصلاة أو الصوم أو السفر ونحو ذلك"
والغريب ألا يذكر المؤلف تلك الأحكام هنا والملاحظ أن القوم وهم الفقهاء سموا القوم بأصحاب الأعذار مبتعدين عن التسميات الإلهية ونلاحظ أن الرجل يخلط بين أصحاب الأمراض كالجذام والبرص وبين أولى الضرر فالمرضى بالجذام طالما كانوا فى مراحله الأولى لا يعتبرون من أولى الضرر لعدم تساقط أو قطع بعض أطرافهم فإن قطعت أو تساقطت بعض أطرافهم أصبحوا من أولى الضرر وأما البرص فليس إعاقة لأنه لا يمنع الإنسان من الكسب ولا من العقل وإنما مرض
ثم دخل بنا فيما سماه وقفة اجتماعية فقال:
" وقفة اجتماعية:
إن علم الاجتماع الإسلامي ليس بدعا من علوم الشريعة، فامتدادا لاهتمام الشرع المطهر والفقه الإسلامي والعلماء المسلمين، كان اهتمام علماء الاجتماع قديما وحديثا بفئة المعاقين
وساعدهم في ذلك تغير نظرة المجتمعات المعاصرة للمعاقين من نظرة رحمة وشفقة إلى نظرة تقدير وإعجاب خاصة أن بعض المعاقين فاق إخوانه في الابتكار والموهبة والإبداع والتميز
فقد تغلب مجموعة من المعاقين على إعاقتهم ولم يستسلموا لها، وكافحوا وحاولوا فوفقهم الله عز وجل للنجاح والتألق، فمنهم من حفظ القرآن الكريم في زمن قياسي، ومنهم من أبدع في مجالات علمية، وبعضهم تفرد في حقل الرعاية الاجتماعية، وآخرون ابتكروا وسائل معينة فتحت لزملائهم المعاقين سبل إعانة ومساعدة
إن علماءنا الاجتماعيين مدعوون إلى مزيد من العناية والاهتمام بمثل هؤلاء وغيرهم من المسنين والأرامل والمطلقات والأيتام، كي يكون مجتمعنا مجتمعا متماسكا متعاونا قويا"
قطعا هذا كلام عام فالمفروض أن يفصل الرجل الكلام فالمجتمع السليم يجب أن يحترم ويقدر تلك الفئات لا أن يشرع من عنده شىء فى حقهم لأن الشريعة جاءت كاملة أعطتهم حقوقهم كاملة دون نقص وإنما المقصود هنا تعامل المجتمع معهم كأفراد فلا سخرية ولا استهزاء ولا إضرار لهم
ثم تحدث خالطا الأمور عن وقفة مؤسسية والمفروض أن المجتمع الذى تحدث عنه مكون من مؤسسات فقال :
" وقفة مؤسسية:
إن مؤسسات الرعاية الاجتماعية والدور الخيرية والهيئات الإنسانية في هذا الزمن جيدة، هدفها العام رعاية فئات معينة من المجتمع فكريا وتربويا واجتماعيا وإنسانيا
فهناك مؤسسات تعليمية، وأخرى اجتماعية، وثالثة خيرية، بل إن هناك نوادي وأنشطة رياضية ومؤسسات ثقافية
وبعض الدول الإسلامية أنشأت وزارات وإدارات مخصصة للشؤون الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والتأهيل والتدريب والتعليم لشرائح معينة من المجتمع
وهذه المؤسسات وغيرها تستهدف معالجة أوضاع معينة من أبناء وطننا الكبير، سواء من ناحية التأهيل الصحي أو الرعاية الاجتماعية أو التدريب المهني أو التحصيل الدراسي
وفي خليجنا مؤسسات اجتماعية ودور رعاية ومراكز إنسانية رائعة تشهد بحق أن ولاة الأمر وإخواننا المهتمين قد أولوا المجتمع بكافة شرائحه الاهتمام اللائق به"
وقطعا السبب فى هذا الخلط وهذا الكلام هو وجود فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله فلا يوجد مؤسسات خاصة بأولى الضرر لأن كل شىء نظمه الله ومن اخترعوا تلك المؤسسات لا يوجد فى دينهم شىء عن الطائفة ومن ثم حاولوا سد النقص فى أديانهم بعمل تلك المؤسسات ولأنهم بشر فقد خطئوا فى كثير من تلك المؤسسات كمشافى المجانين فالمجنون فى الإسلام لا يعزل عن المجتمع وإنما يعيش فيه وكوجود وسائل مواصلات خاصة بهم مع أن المفروض أن العاديين يقومون بخدمتهم بتوصيلهم
المجتمعات الكافرة خاصة الأغنياء قرروا التخلى عن أولى الضرر فبدلا من قيامهم بخدمة أقاربهم أولى الضرر بأنفسهم وهو واب كل أم وأب و أخ وأخت أدخلوهم دور الرعاية حتى يتمتعوا هم بحياتهم كما يحلو لهم ومن ثم ساءت حالات كثير منهم لافتقادهم للرعاية الأسرية
ثم دخل فى موضوع الكتاب فقال :
"وقفة إشكالية:
المشكلة: عزوف الفتيات عن الزواج من معاق؟
الأسباب: نفسية، داخل كيان الفتاة، حيث تخشى أن يعرف الناس أن زوجها معاق، ومن ثم تكون في موضع شفقة ورحمة
وربما كانت أسبابا اجتماعية، داخل كيان المجتمع، حيث ما زالت كثير من الأسر تنظر إلى المعاق نظرة خاصة معينة
وقد تكون أسبابا اقتصادية، داخل كيان عش الزوجية، إذ ربما توهمت الفتاة أن زوجها المعاق غير قادر على إعالة الأسرة ماديا، وقد يكون غير قادر على توفير حياة كريمة وعيشة رضية من الناحية الاقتصادية
وهناك الأسباب العرفية، داخل كيان الأعراف والتقاليد والعادات، إذ درجت كل فتاة على أن تحلم بزوج مثالي كامل الأوصاف والخلقة جاهز من الناحية المادية وافر القوى والعقل، حتى ولو كان مخلا ببعض السلوكيات والآداب
بيد أن هناك بعض الاستثناءات موجودة في الآونة الأخيرة بكثرة تتمثل في زيجات عديدة بين أناس أسوياء ومعاقين أو مشتركي إعاقة وكانت حياتهم سعيدة ورزقهم الله سبحانه أولادا، وهيأ لهم دخلا وعيشة طيبة وفتح لهم أبواب خير وفلاح
ومن الناحية الشرعية: فإن من شروط الزواج الرئيسة الرضا والقبول، إلى جانب (الإسلام، الحرية، العقل، البلوغ، الكفاءة ) فإذا قبلت الفتاة الزواج من معاق، ففي هذا خير كثير
ولكن إذا رفضت، فذلك لأسباب خاصة، سبق بيان بعضها، والشرع يتيح لها ذلك، ولكن أختي الفاضلة ألا تقبلي به إذا كان قادرا على أمور كثيرة وإن كان معاقا في بعض الأمور، على سبيل الابتلاء والاختبار واحتساب الأجر من الله، وقد يهيئ الله سبحانه لك خيرا كثيرا، كما يسره لآخرين كثر
واعلمي أن من أنبياء الله عز وجل من كان أعمى، وفي الصحابة رضي الله عليهم أعمى وأقرع وأبرص وأعرج، وسير السلف الصالح لا تخلو من ذلك، ولنا في رسول الله القدوة وفي أصحابه الأسوة
خاصة أن الأطباء أثبتوا أن الإعاقة في العموم لا تمنع من الإنجاب، فكم من معاق أو معاقة رزقهم الله بأولاد أسوياء
ثم إن الشكل الخارجي ليس مقياسا شرعيا، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«إن جاءكم من ترضون دينه وأمانته (خلقه) فزوجوه»"
ما قاله المؤلف هنا كلام صحيح ولكنه ناتج من العيش فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله فلو أن المجتمع ربى على شرع الله لكان زواج أولى الضرر أمرا عاديا ولكنه تربى على غير شرع الله ولذا أصبح هناك نفور كبير من زواج المضرورين والمضرورات وبالقطع ليس حله زواجهم من بعضهم البعض لأن فى بعض حالات الضرر يكون الزواج محرما لأنه يؤدى لأضرار فادحة كما فى زواج العميان بعضهم البعض ولذا قالوا " إذا كان أعمى يقود أعمى فإنهما يسقطان فى حفرة"أو زواج المشلولين شللا نصفيا بعضهم البعض فزواج مختلفى الضرر مباح لأن عجز أحدهم عن شىء يكمله صحة الأخر فى نفس الأمر
وقدم الرجل فى الحتام نصائحه لأولى الضرر وغيرهم فقال :
"الخاتمة
أقدم بعض النصائح والتوجيهات، علها أن تكون وسائل مناسبة لمواجهة تلك الظاهرة وأمثالها:
أولا: الرضا بالقضاء والقدر والتسليم به ركن ركين من أركان الدين الإسلامي، ولابد من الإيمان به والعمل بمقتضاه
ثانيا: الدين والأمانة والخلق الحسن مقاييس شرعية ينبغي الأخذ بها عند الرغبة في الزواج وغيره
ثالثا: العادات والتقاليد الاجتماعية ينبغي الحذر من بعضها، لكونها تخالف الشرع وكذا الفطرة، ومن ذلك رفض الزواج من معاق
رابعا: الابتلاء والاختبار من الله عز وجل لا يكون إلا لمن اختصهم الله، فيبتلي الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد يكون الزواج من معاق ابتلاء واختبارا من الله لامتحان إيمان الفرد
خامسا: ينبغي أن لا نكره أمرا من أمور الله سبحانه أو قدرا شرعيا أو مصيبة دن أهمها أن يقدم الحكام والقضاة القدوة للأخرين بزواج بعض المضرورات
المؤلف زيد بن محمد الرماني وهو يدور حول زواج أولى الضرر كما سماهم الله من خلال وقفات للكاتب فى نواحى معينة وفى مقدمته قال:
"وبعد:
فإن ظاهرة الإعاقة معروفة منذ زمن طويل، كما أن ظاهرة التزاوج بين الأسوياء والمعاقين معلومة تاريخيا
بيد أن هذه الظواهر وفي زماننا الحاضر أخذت منحى جديدا واهتماما خاصا
ومن هنا، فيشرفني تقديم جهدي المتواضع من خلال بعض الوقفات الإرشادية المختصرة حول تلك الظواهر الاجتماعية آملا أن يجد فيها القارئ الحبيب الفائدة والتوجيه والله أسأل توفيق المساعي وإنجاح المقاصد فإلى ثنايا تلك الوقفات"
وقد استهل الكتاب بالتعريف فقال :
"وقفة اصطلاحية:
الإعاقة جذرها اللغوي العين والواو والقاف، «عوق» أو العين والألف والقاف، «عاق»، ومن معانيها الحجب والمنع، فكأن الأعمى - مثلا - منع من الإبصار وحجب عن النظر
ولذا، فإن الإعاقة لا تعني شكلا محددا، وإنما تتسع لأشكال كثيرة، فالأعمى معاق عن الإبصار، والأبكم معاق عن الكلام، والأصم معاق عن السماع، والأعور معاق عن اكتمال النظر، والأعرج معاق عن اكتمال المشي، والكسيح معاق عن المشي، والأبرص معاق عن حسن الصورة، والأقرع معاق عن شعر الرأس إلخ
بل إن معاني الإعاقة تسري كذلك - في نظري القاصر - على أمور أخرى، فالجاهل معاق عن المعرفة، والأحمق معاق عن النباهة،والغبي معاق عن التعلم، والكذاب معاق عن الصدق، والنمام معاق عن سلامة الصدر، والبليد معاق عن الفهم إلخ ومن ثم، فإن الإعاقة مصطلح واسع وليس كما يتوهم بعض الناس أنه مفهوم ضيق محصور في فئات معينة أو حالات محددة
وإذا سألنا المتخصصين في هذا المجال عن المفهوم الاصطلاحي عندهم لمصطلح الإعاقة أو المعاق، فإنهم يقولون: «الإعاقة تعني تعطل أو توقف جزء معين من الإنسان عن القيام بعمل معين (الوظائف الأساسية)»
ويستوحى من هذا التحديد قصر التعريف على حالات التوقف أو التعطل الإرادي أو غير الإرادي مع التركيز على الإعاقة الجسدية بالدرجة الأولى
ومع تقديري لذلك، إلا أني أشارك مجموعة أخرى من الاجتماعيين أصحاب النظرة الواسعة للظواهر المجتمعية، إذ يفسحون المجال رحبا لكل شكل من أشكال التعطل أو العجز أو القصور أو الضعف
ذلك لأن الإعاقة كلمة واسعة الدلالة، ومصطلح عريض المعاني، ومفهوم عام، حاول بعض الباحثين تحديده وتأطيره في شكل أو زاوية صغيرة، دون مستند علمي أو شرعي صحيح"
قطعا الكلمة أساسا كما فى كل العلوم التى تسمى اجتماعية مأخوذة من ترجمات البعض لما يقوله الكفار فلا نجد احد يفكر فى التسمية القرآنية وهى أولى الضرر
وكلمة أولى الضرر تعنى المصابين بعجز جسدى جزئى سواء كان ناتج قبل الولادة أو بعدها ولا تعنى كما قال المؤلف معه العجز النفسى الذى يدور حول جزء معين من النفس وهو العجز العقلى فأصحاب العجز العقلى سماهم الله المؤلفة قلوبهم أى المجانين أو الأغبياء بلغتنا الدراجة
والتفريق الإلهى جعل هناك فارق بين الاثنين فلا يجوز زواج المؤلفة قلوبهم وهم المجانين بينما يجوز زوج أولى الضرر وقد جعل الفريقين ضمن مصارف الزكاة أى الصدقات فسمى أولى الضرر الفقراء وسمى الأخرين المؤلفة قلوبهم
وتحدث عما سماه الوقفة الشرعية فقال :
"* وقفة شرعية:
المعاق في الشريعة الإسلامية فرد مسلم كامل الأهلية، له كامل الحقوق، تحتفي به الشريعة أيما حفاوة وترعى شؤونه الخاصة والعامة، وتوفر له المناخ المناسب لكي يعيش حياة مستقرة هانئة"
والخطأ هنا هو كون المعاق فرد مسلم كامل الأهلية فأولى الضرر وهم المصابون بالعجز الجزئى الجسمى هم أفراد منهم المسلمون كاملو الأهلية وأما المؤلفة قلوبهم وهم المصابون بعجز عقلى فليسوا بمسلمين ولا كفار عند الله ولكنهم بشر لا يحاسبون فى الآخرة على أعمالهم ومن ثم ليسوا لهم أهلية بمعنى أن غيرهم هو من يقوم على رعايتهم بالنفقة عليهم وهؤلاء لا يتزوجون
وتحدث عن أحكام الله فيهم فقال :
"وقد حفلت آيات قرآنية عديدة وأحاديث نبوية شريفة بكثير من الأحكام والضوابط والقواعد للتعامل مع إخواننا المعاقين
وما حديث القرآن عن الأعمى كما في سورة «النبأ»، وكذا عن أصحاب الأعذار والمرضى في آيات كثيرة، بحيث لا يلحقهم حرج، إضافة إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الأعمى والأقرع والأبرص، مما يؤكد حرص شريعة الإسلام على أصحاب الإعاقات ورعاية شؤونهم
والفقه الإسلامي مليء بالأحكام الفقهية والقواعد الشرعية والضوابط الأصولية الخاصة بكل شكل من أشكال الإعاقة، كما في أحكام الطهارة والصلاة والسفر والصوم والحج
إن شريعتنا السمحة تنظر للمعاق نظرة احترام وتقدير، ومراعاة للأحوال، فلا تكلفه ما يشق عليه أو يوقعه في الحرج"
وهنا لم يذكر الرجل أحكام الإسلام فيهم وهى :
وجود مصرف لكل واحد من الفريقين فى الصدقات للانفاق عليهم أو منهم وفى هذا قال تعالى :
"لا يستوى القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون فى سبيل الله بأموالهم وأنفسهم "
أن بعض أولى الضرر كالعميان لا يعملون عملا وظيفيا ولذا رفع الحرج عنهم فقال :
" ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا ألأعمى حرج"
فأى مضرور عاجز عن الكسب الوظيفى يصرف له راتب شهرى للنفقة وأى مؤلف قلب أى مركب نفس تركيبا مخالفا للناس له راتب شهرى يقبضه وليه أى كفيله للنفقة عليه
ليس على أولى الضرر جهاد وهم يساوون المجاهدين فى مكانتهم الأخروية كما قال تعالى :
ثم حدثنا عن المعاقين فى التراث فقال :
"* وقفة تراثية:
امتدادا لاهتمام الشريعة الإسلامية بإخواننا المعاقين وشؤونهم وأحوالهم
كان اهتمام علمائنا وفقهائنا كبيرا، فهذا شيخ الإسلام ابن تمية وتلميذه ابن القيم الجوزية يفردان في كتبهما مباحث عديدة تختص بالمعاقين وحقوقهم
فنجد ابن تيمية يفصل القول في أصحاب الأعذار وأحكامهم الفقهية المترتبة، وكيفية الوضوء والتيمم للمريض ومن في حكمه
كما أن ابن قيم الجوزية يبين كثيرا من أحكام المجذوم والأبرص والأقرع، وتحدث عن من أصيب في عقله أو رأسه أو عينه أو يده أو رجله، وما يترتب على ذلك من أحكام
ولم يفت على ابن تيمية وابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى أن يناقشا قضايا متنوعة للمعاقين ومن في حكمهم فيما يتصل بالأحكام الفقهية ذات العلاقة بالصلاة أو الصوم أو السفر ونحو ذلك"
والغريب ألا يذكر المؤلف تلك الأحكام هنا والملاحظ أن القوم وهم الفقهاء سموا القوم بأصحاب الأعذار مبتعدين عن التسميات الإلهية ونلاحظ أن الرجل يخلط بين أصحاب الأمراض كالجذام والبرص وبين أولى الضرر فالمرضى بالجذام طالما كانوا فى مراحله الأولى لا يعتبرون من أولى الضرر لعدم تساقط أو قطع بعض أطرافهم فإن قطعت أو تساقطت بعض أطرافهم أصبحوا من أولى الضرر وأما البرص فليس إعاقة لأنه لا يمنع الإنسان من الكسب ولا من العقل وإنما مرض
ثم دخل بنا فيما سماه وقفة اجتماعية فقال:
" وقفة اجتماعية:
إن علم الاجتماع الإسلامي ليس بدعا من علوم الشريعة، فامتدادا لاهتمام الشرع المطهر والفقه الإسلامي والعلماء المسلمين، كان اهتمام علماء الاجتماع قديما وحديثا بفئة المعاقين
وساعدهم في ذلك تغير نظرة المجتمعات المعاصرة للمعاقين من نظرة رحمة وشفقة إلى نظرة تقدير وإعجاب خاصة أن بعض المعاقين فاق إخوانه في الابتكار والموهبة والإبداع والتميز
فقد تغلب مجموعة من المعاقين على إعاقتهم ولم يستسلموا لها، وكافحوا وحاولوا فوفقهم الله عز وجل للنجاح والتألق، فمنهم من حفظ القرآن الكريم في زمن قياسي، ومنهم من أبدع في مجالات علمية، وبعضهم تفرد في حقل الرعاية الاجتماعية، وآخرون ابتكروا وسائل معينة فتحت لزملائهم المعاقين سبل إعانة ومساعدة
إن علماءنا الاجتماعيين مدعوون إلى مزيد من العناية والاهتمام بمثل هؤلاء وغيرهم من المسنين والأرامل والمطلقات والأيتام، كي يكون مجتمعنا مجتمعا متماسكا متعاونا قويا"
قطعا هذا كلام عام فالمفروض أن يفصل الرجل الكلام فالمجتمع السليم يجب أن يحترم ويقدر تلك الفئات لا أن يشرع من عنده شىء فى حقهم لأن الشريعة جاءت كاملة أعطتهم حقوقهم كاملة دون نقص وإنما المقصود هنا تعامل المجتمع معهم كأفراد فلا سخرية ولا استهزاء ولا إضرار لهم
ثم تحدث خالطا الأمور عن وقفة مؤسسية والمفروض أن المجتمع الذى تحدث عنه مكون من مؤسسات فقال :
" وقفة مؤسسية:
إن مؤسسات الرعاية الاجتماعية والدور الخيرية والهيئات الإنسانية في هذا الزمن جيدة، هدفها العام رعاية فئات معينة من المجتمع فكريا وتربويا واجتماعيا وإنسانيا
فهناك مؤسسات تعليمية، وأخرى اجتماعية، وثالثة خيرية، بل إن هناك نوادي وأنشطة رياضية ومؤسسات ثقافية
وبعض الدول الإسلامية أنشأت وزارات وإدارات مخصصة للشؤون الاجتماعية والرعاية الاجتماعية والتأهيل والتدريب والتعليم لشرائح معينة من المجتمع
وهذه المؤسسات وغيرها تستهدف معالجة أوضاع معينة من أبناء وطننا الكبير، سواء من ناحية التأهيل الصحي أو الرعاية الاجتماعية أو التدريب المهني أو التحصيل الدراسي
وفي خليجنا مؤسسات اجتماعية ودور رعاية ومراكز إنسانية رائعة تشهد بحق أن ولاة الأمر وإخواننا المهتمين قد أولوا المجتمع بكافة شرائحه الاهتمام اللائق به"
وقطعا السبب فى هذا الخلط وهذا الكلام هو وجود فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله فلا يوجد مؤسسات خاصة بأولى الضرر لأن كل شىء نظمه الله ومن اخترعوا تلك المؤسسات لا يوجد فى دينهم شىء عن الطائفة ومن ثم حاولوا سد النقص فى أديانهم بعمل تلك المؤسسات ولأنهم بشر فقد خطئوا فى كثير من تلك المؤسسات كمشافى المجانين فالمجنون فى الإسلام لا يعزل عن المجتمع وإنما يعيش فيه وكوجود وسائل مواصلات خاصة بهم مع أن المفروض أن العاديين يقومون بخدمتهم بتوصيلهم
المجتمعات الكافرة خاصة الأغنياء قرروا التخلى عن أولى الضرر فبدلا من قيامهم بخدمة أقاربهم أولى الضرر بأنفسهم وهو واب كل أم وأب و أخ وأخت أدخلوهم دور الرعاية حتى يتمتعوا هم بحياتهم كما يحلو لهم ومن ثم ساءت حالات كثير منهم لافتقادهم للرعاية الأسرية
ثم دخل فى موضوع الكتاب فقال :
"وقفة إشكالية:
المشكلة: عزوف الفتيات عن الزواج من معاق؟
الأسباب: نفسية، داخل كيان الفتاة، حيث تخشى أن يعرف الناس أن زوجها معاق، ومن ثم تكون في موضع شفقة ورحمة
وربما كانت أسبابا اجتماعية، داخل كيان المجتمع، حيث ما زالت كثير من الأسر تنظر إلى المعاق نظرة خاصة معينة
وقد تكون أسبابا اقتصادية، داخل كيان عش الزوجية، إذ ربما توهمت الفتاة أن زوجها المعاق غير قادر على إعالة الأسرة ماديا، وقد يكون غير قادر على توفير حياة كريمة وعيشة رضية من الناحية الاقتصادية
وهناك الأسباب العرفية، داخل كيان الأعراف والتقاليد والعادات، إذ درجت كل فتاة على أن تحلم بزوج مثالي كامل الأوصاف والخلقة جاهز من الناحية المادية وافر القوى والعقل، حتى ولو كان مخلا ببعض السلوكيات والآداب
بيد أن هناك بعض الاستثناءات موجودة في الآونة الأخيرة بكثرة تتمثل في زيجات عديدة بين أناس أسوياء ومعاقين أو مشتركي إعاقة وكانت حياتهم سعيدة ورزقهم الله سبحانه أولادا، وهيأ لهم دخلا وعيشة طيبة وفتح لهم أبواب خير وفلاح
ومن الناحية الشرعية: فإن من شروط الزواج الرئيسة الرضا والقبول، إلى جانب (الإسلام، الحرية، العقل، البلوغ، الكفاءة ) فإذا قبلت الفتاة الزواج من معاق، ففي هذا خير كثير
ولكن إذا رفضت، فذلك لأسباب خاصة، سبق بيان بعضها، والشرع يتيح لها ذلك، ولكن أختي الفاضلة ألا تقبلي به إذا كان قادرا على أمور كثيرة وإن كان معاقا في بعض الأمور، على سبيل الابتلاء والاختبار واحتساب الأجر من الله، وقد يهيئ الله سبحانه لك خيرا كثيرا، كما يسره لآخرين كثر
واعلمي أن من أنبياء الله عز وجل من كان أعمى، وفي الصحابة رضي الله عليهم أعمى وأقرع وأبرص وأعرج، وسير السلف الصالح لا تخلو من ذلك، ولنا في رسول الله القدوة وفي أصحابه الأسوة
خاصة أن الأطباء أثبتوا أن الإعاقة في العموم لا تمنع من الإنجاب، فكم من معاق أو معاقة رزقهم الله بأولاد أسوياء
ثم إن الشكل الخارجي ليس مقياسا شرعيا، فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
«إن جاءكم من ترضون دينه وأمانته (خلقه) فزوجوه»"
ما قاله المؤلف هنا كلام صحيح ولكنه ناتج من العيش فى مجتمعات لا تحكم بشرع الله فلو أن المجتمع ربى على شرع الله لكان زواج أولى الضرر أمرا عاديا ولكنه تربى على غير شرع الله ولذا أصبح هناك نفور كبير من زواج المضرورين والمضرورات وبالقطع ليس حله زواجهم من بعضهم البعض لأن فى بعض حالات الضرر يكون الزواج محرما لأنه يؤدى لأضرار فادحة كما فى زواج العميان بعضهم البعض ولذا قالوا " إذا كان أعمى يقود أعمى فإنهما يسقطان فى حفرة"أو زواج المشلولين شللا نصفيا بعضهم البعض فزواج مختلفى الضرر مباح لأن عجز أحدهم عن شىء يكمله صحة الأخر فى نفس الأمر
وقدم الرجل فى الحتام نصائحه لأولى الضرر وغيرهم فقال :
"الخاتمة
أقدم بعض النصائح والتوجيهات، علها أن تكون وسائل مناسبة لمواجهة تلك الظاهرة وأمثالها:
أولا: الرضا بالقضاء والقدر والتسليم به ركن ركين من أركان الدين الإسلامي، ولابد من الإيمان به والعمل بمقتضاه
ثانيا: الدين والأمانة والخلق الحسن مقاييس شرعية ينبغي الأخذ بها عند الرغبة في الزواج وغيره
ثالثا: العادات والتقاليد الاجتماعية ينبغي الحذر من بعضها، لكونها تخالف الشرع وكذا الفطرة، ومن ذلك رفض الزواج من معاق
رابعا: الابتلاء والاختبار من الله عز وجل لا يكون إلا لمن اختصهم الله، فيبتلي الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، وقد يكون الزواج من معاق ابتلاء واختبارا من الله لامتحان إيمان الفرد
خامسا: ينبغي أن لا نكره أمرا من أمور الله سبحانه أو قدرا شرعيا أو مصيبة دن أهمها أن يقدم الحكام والقضاة القدوة للأخرين بزواج بعض المضرورات