"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون "المعنى وحلفوا بالرب قدر طاقتهم لئن أوصيتهم ليذهبن قل لا تحلفوا اتباع معلوم إن الرب عليم بما تصنعون،يبين الله لنبيه (ص)أن الفريق المنافق أقسموا بالله جهد أيمانهم أى حلفوا بالرب قدر استطاعتهم وهذا يعنى أنهم حلفوا مرات كثيرة فقالوا لئن أمرتنا لنخرجن والمراد لئن أوصيتنا يا محمد لنجاهدن ويطلب الله منه أن يقول لهم طاعة معروفة أى إتباع معلوم والمراد أن طاعتكم لنا جميلة وهو أسلوب استهزاء لأن طاعتهم ظاهرية والمراد إذا كان لهم منفعة فى الطاعة فعلوها وإن لم يكن لهم منفعة فإنهم لا يطيعون ويقول إن الله خبير بما تعملون والمراد إن الرب عليم بالذى تفعلون مصداق لقوله بنفس السورة "والله عليم بما يفعلون ".
"قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى قل اتبعوا النبى (ص)فإن خالفوا فإنما له جزاء ما عمل ولكم جزاء الذى عملتم وإن تتبعوه ترحموا وما على المبعوث إلا البيان الأمين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أطيعوا الله أى أطيعوا الرسول (ص)والمراد اتبعوا الحكم المنزل من الرب على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة الزمر "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم "وإن تطيعوه تهتدوا والمراد وإن تتبعوا حكم الله ترحموا مصداق لقوله بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون "والمراد تنصروا فى الدنيا والآخرة وما على الرسول إلا البلاغ المبين والمراد وما على المبعوث سوى التوصيل الصادق للوحى ويبين للنبى (ص)أن الناس إن تولوا أى عصوا الوحى فإنما عليه ما حمل والمراد له جزاء ما عمل فى الدنيا وعلى الناس ما حملوا وهو جزاء ما عملوا فى الدنيا والخطاب للنبى(ص).
"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون "المعنى أخبر الرب الذين صدقوا الوحى منكم وفعلوا الحسنات ليحكمنهم فى البلاد كما حكم الذين سبقوهم أى ليحكمن لهم إسلامهم الذى قبل أى ليعطينهم من بعد خشيتهم طمأنينة يطيعوننى لا يطيعون معى أحدا ومن كذب بعد إسلامه فأولئك هم الخاسرون ،يبين الله للناس أنه وعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات والمراد أخبر الذين صدقوا حكم الله منهم وفعلوا الحسنات وهى الطاعات لحكمه ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم أى ليمكننهم فى البلاد كما مكن الذين سبقوهم مصداق لقوله بسورة الحج "الذين إن مكناهم أقاموا الصلاة "والمراد يحكمهم فى البلاد بحكمه وفسر هذا بأنه يمكن لهم دينهم الذى ارتضى والمراد يحكم لهم إسلامهم الذى قبل لهم فى الأرض مصداق لقوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وفسر هذا بأنهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا والمراد يعطى لهم من بعد خشيتهم أذى الناس وهو ضعفهم طمأنينة وهى القوة التى يحكمون بها الأرض وهم يعبدوننى أى يطيعون حكم الله ولا يشركون بى شيئا والمراد ولا يطيعون مع دينى دينا أخر ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون والمراد ومن عصى حكمى من بعد إسلامه فأولئك هم الكافرون المعذبون والخطاب وما بعده للناس.
"وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون "المعنى وأطيعوا الدين أى اتبعوا الحق أى اتبعوا حكم النبى (ص)لعلكم تفوزون ،يطلب الله من الناس أن يقيموا الصلاة أى يطيعوا الدين وهو الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى"أن أقيموا الدين "وفسر هذا بأنهم أتوا الزكاة أى أطاعوا الحق وفسر هذا بأنهم يطيعوا أى يتبعوا حكم الرسول (ص) المنزل عليه من الله مصداق لقوله بسورة الأعراف "واتبعوا النور الذى أنزل معه "والسبب لعلهم يرحمون أى يفوزون بثواب الله فى الدنيا والأخرة والمراد يفلحون مصداق لقوله بسورة الحج "لعلكم تفلحون " .
"لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير "المعنى لا تظنن الذين كذبوا منتصرين فى البلاد ومقامهم جهنم وقبح المقام لهم ، ينهى الله النبى (ص)فيقول لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض والمراد لا تعتقد الذين كذبوا سابقين أى قاهرين لعذابنا فى الأرض مصداق لقوله بسورة العنكبوت "أم حسب الذين عملوا السيئات أن يسبقونا "ومأواهم النار ولبئس المصير والمراد ومقامهم جهنم وقبح المهاد وهو المقام لهم مصداق لقوله بسورة آل عمران "مأواهم جهنم وبئس المهاد "والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم "المعنى يا أيها الذين صدقوا ليطلب منكم السماح الذين تصرفت أنفسكم فيهم والذين لم يصلوا البلوغ منكم ثلاث نوبات من قبل صلاة الصبح ووقت تخلعون ملابسكم من القيلولة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث مرات لكم ليس عليكم ولا عليهم ذنب بعدهن دوارون عليكم بعضكم على بعض كذلك يظهر الرب لكم الأحكام والرب خبير قاضى ،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله موضحا لهم أن عليهم أن يعلموا كل من الذين ملكت أيمانهم وهم العبيد والإماء الذين تصرفت فيهم أنفسهم والذين لم يبلغوا الحلم وهم الذين لم يصلوا سن البلوغ الجنسى من الأطفال أن يستئذنوا أى يطلبوا السماح لهم بالدخول عليهم فى حجرات النوم ثلاثة مرات مرة قبل صلاة الفجر وهى الصبح ومرة حين تضعون ثيابكم من الظهيرة والمراد ومرة وقت تخلعون ملابسكم عند القيلولة وهو وسط النهار ومرة بعد صلاة العشاء وهى صلاة الليل وهى ثلاث عورات أى مرات ليس على المؤمنين ولا على ملك اليمين والذين لم يبلغوا الحلم جناح أى ذنب يلزم العقاب وفى غير هذه الأوقات طوافون بعضكم على بعض والمراد دوارون بعضكم على بعض ويبين الله أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى إنزال الوحى وهو قول الحكم يبين الله لهم الآيات أى يوضح لهم الأحكام ليطيعوها والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق والخطاب للمؤمنين .
"وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم "المعنى وإذا وصل العيال منكم البلوغ فليستسمحوا كما استسمح الذين من قبلهم هكذا يفصل الله لكم أحكامه والرب خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أن الأطفال وهم العيال إذا بلغوا الحلم وهو البلوغ الجنسى عليهم أن يعلموهم أن عليهم أن يستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم والمراد أن يطلبوا السماح لهم بالدخول على الأزواج فى حجرات النوم كما طلب الذين سبقوهم وهم الأطفال قبل البلوغ وملك اليمين وكذلك أى بتلك الطريقة وهى إنزال الحكم يبين الله لهم آياته والمراد يوضح لهم أحكامه والله عليم حكيم والمراد والرب خبير بكل شىء قاضى بالعدل والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"والقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم "المعنى والجالسات من الإناث اللاتى لا يردن زواجا فليس عليهن عقاب أن يخففن من ملابسهن غير مظهرات لجسم وأن يدعن أفضل لهن والرب خبير محيط ،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن القواعد من النساء وهن الجوالس من الإناث والمراد الأرامل والمطلقات اللاتى لا يرجون نكاحا والمراد اللاتى لا يردن زواجا ليس عليهن جناح أى عقاب إذا فعلن التالى أن يضعن من ثيابهن غير متبرجات بزينة والمراد أن يخففن من ملابسهن غير مظهرات لعورة وهذا يعنى أن يخلعن ثوب من الثوبين اللذين يلبسن بحيث أن الثوب الباقى عليهن يغطى جسمهن كما يغطيه الثوبين فلا يظهر شىء من العورة ويبين الله لهن أن الاستعفاف وهو ترك خلع الثوب الثانى خير لهن أى أحسن لهن وهو سميع عليم والمراد خبير محيط بكل شىء.
"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون "المعنى ليس على الضرير عقاب ولا على الأعرج عقاب ولا على العليل عقاب ولا على ذواتكم أن تطعموا من مساكنكم أو مساكن آبائكم أو مساكن والداتكم أو مساكن اخوانكم أو مساكن أخواتكم أو مساكن أعمامكم أو مساكن عماتكم أو مساكن أخوالكم أو مساكن خالاتكم أو ما تحكمتم بأصحابه أو صاحبكم ليس عليكم عقاب أن تطعموا كلكم أو أفرادا فإذا ولجتم مساكنا فقولوا لبعضكم سلام من لدى الرب دائم مفيد هكذا يوضح الله لكم الأحكام لعلكم تفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن ليس جناح أى عقاب على كل من الأعمى وهو الضرير الذى لا يرى والأعرج وهو معوج الرجل والمريض وهو العليل وأنفسنا وهم بقية المسلمين إذا فعلوا التالى أكلوا من بيوت وهى مساكن كل من أنفسهم والآباء وهم الأب والجد والأمهات وهن الوالدات من الأم والجدة والإخوان وهم الذكور لأم أو أب أو لهما أو لغير والأخوات وهن الإناث لأم أو أب أو لهما أو لغير وهو أن تكون الأم منجبة لطفل وزوجها الأخر منجب لطفل من غيرها وغيرها منجبة لطفل من غير زوج الأولى ،والأعمام وهم اخوة الأب والعمات وهن أخوات الأب والأخوال وهم إخوة الأم والخالات وهن أخوات الأم وما ملكتم مفاتحه أى المساكن التى يأمرون أصحابها وهم الأبناء وملك اليمين والصديق وهو الصاحب ويبين لهم أن ليس عليهم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا والمراد أن ليس عليهم عقاب أن يطعموا كلهم مع بعض أو أفرادا كل واحد بمفرده ويبين لهم أنهم إذا دخلوا بيوتا والمراد إذا أرادوا أن يلجوا مساكنا فعليهم أن يسلموا على أنفسهم والمراد فعليهم أن يقولوا لبعضهم تحية مباركة طيبة أى سلام دائم مفيد والتحية هى أى قول يطلب الخير لأهل البيت وكذلك وهو بإنزال الوحى يبين لهم الآيات أى يفصل لهم الأحكام لعلهم يعقلون أى يفهمون أى يطيعونها والخطاب للمؤمنين
"إن المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستئذنوه إن الذين يستئذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فإذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم "المعنى إن المصدقون الذين صدقوا بحكم الله ونبيه (ص)وإذا كانوا معه على حكم شامل لم ينصرفوا حتى يستسمحوه إن الذين يستسمحونك أولئك الذين يصدقون بحكم الرب ونبيه (ص)فإذا استسمحوك لبعض نفعهم فاسمح لمن أردت منهم واستعفى لهم الرب إن الرب عفو نافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنون وهم المصدقون هم الذين آمنوا بالله ورسوله (ص)والمراد الذين صدقوا بالوحى المنزل من الرب على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة النساء "والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك "وهم إذا كانوا معه على أمر جامع والمراد إذا كانوا مع النبى (ص)فى عمل شامل لم يذهبوا حتى يستئذنوه والمراد لم يتركوا مكانهم حتى يطلبوا السماح منه بالترك ويبين له أن الذين يستئذنونه وهم الذين يطلبون السماح لهم بترك مكانهم هم الذين يؤمنون بالله ورسوله والمراد الذين يصدقون بوحى الرب المنزل على نبيه (ص)ويبين له أن المؤمنين إذا استئذنوه لبعض أمرهم والمراد إذا طلبوا منه السماح لهم بترك أماكنهم لقضاء بعض مصالحهم فالواجب عليه أن يأذن لمن شاء منهم والمراد أن يسمح لمن أراد منهم بترك مواضعهم وهو بعضهم بشرط العدل بينهم وأن يستغفر لهم أى يصل عليهم مصداق لقوله بسورة التوبة "وصل عليهم "والمراد أن يطلب لهم الرحمة وهى العفو من الله والله غفور رحيم أى نافع مفيد لطاعتهم حكمه والخطاب للنبى(ص) .
"لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "المعنى لا تساووا حكم النبى (ص)بحكم بعضكم لبعض قد يعرف الرب الذين يهربون منكم هروبا فليخف الذين يعصون حكمه أن تمسهم عقوبة أى ينزل بهم عقاب شديد ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجعلوا دعاء الرسول (ص)بينهم وهو حكم النبى (ص)لهم مثل دعاء بعضهم بعض أى شبه حكم بعضهم لبعض لأن قول النبى (ص)حكم منزل من الله وحكم الناس هو من شهواتهم ويبين لهم أنه يعلم الذين يتسللون منهم لواذا والمراد إنه يعرف الذين يهربون منهم من المعسكرات هروبا والمراد أنه يدرى الذين يفرون خفية من معسكرات المسلمين لجوء إلى حياة الراحة فى رأيهم ،يطلب الله من الذين يخالفون عن أمره وهم الذين يعصون حكم الله بالاستئذان من الرسول (ص)وذلك بهروبهم أى بانصرافهم دون إذنه أن يحذروا أى يخافوا والمراد أن يحتاطوا حتى لا تصيبهم فتنة أى عذاب أليم أى عقاب شديد بسبب عصيانهم الأمر والخطاب للمؤمنين ومن يعلن إيمانه وهو منافق .
"ألا إن لله ما فى السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شىء عليم " المعنى ألا إن لله حكم الذى فى السموات والأرض ،قد يعرف الذى أنتم عليه ويوم يعودون إليه فيخبرهم بالذى صنعوا والرب بكل أمر خبير ،يبين الله للناس أن الله له أى ملكه ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "لله ملك السموات والأرض "ويبين لهم أنه يعلم ما هم عليه أى يعرف الذى هم عليه من الأديان ويوم يرجعون إليه والمراد يوم"إليه يحشرون "كما قال بسورة الأنعام فينبئهم بما عملوا والمراد فيخبرهم بالذى فعلوا عن طريق الكتب المنشرة مصداق لقوله بسورة الأنعام "ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون "والله بكل شىء عليم "والمراد والرب بكل أمر خبير وهو يحاسب عليه .
"قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين "المعنى قل اتبعوا النبى (ص)فإن خالفوا فإنما له جزاء ما عمل ولكم جزاء الذى عملتم وإن تتبعوه ترحموا وما على المبعوث إلا البيان الأمين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس أطيعوا الله أى أطيعوا الرسول (ص)والمراد اتبعوا الحكم المنزل من الرب على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة الزمر "واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم "وإن تطيعوه تهتدوا والمراد وإن تتبعوا حكم الله ترحموا مصداق لقوله بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون "والمراد تنصروا فى الدنيا والآخرة وما على الرسول إلا البلاغ المبين والمراد وما على المبعوث سوى التوصيل الصادق للوحى ويبين للنبى (ص)أن الناس إن تولوا أى عصوا الوحى فإنما عليه ما حمل والمراد له جزاء ما عمل فى الدنيا وعلى الناس ما حملوا وهو جزاء ما عملوا فى الدنيا والخطاب للنبى(ص).
"وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون "المعنى أخبر الرب الذين صدقوا الوحى منكم وفعلوا الحسنات ليحكمنهم فى البلاد كما حكم الذين سبقوهم أى ليحكمن لهم إسلامهم الذى قبل أى ليعطينهم من بعد خشيتهم طمأنينة يطيعوننى لا يطيعون معى أحدا ومن كذب بعد إسلامه فأولئك هم الخاسرون ،يبين الله للناس أنه وعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات والمراد أخبر الذين صدقوا حكم الله منهم وفعلوا الحسنات وهى الطاعات لحكمه ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم أى ليمكننهم فى البلاد كما مكن الذين سبقوهم مصداق لقوله بسورة الحج "الذين إن مكناهم أقاموا الصلاة "والمراد يحكمهم فى البلاد بحكمه وفسر هذا بأنه يمكن لهم دينهم الذى ارتضى والمراد يحكم لهم إسلامهم الذى قبل لهم فى الأرض مصداق لقوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وفسر هذا بأنهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا والمراد يعطى لهم من بعد خشيتهم أذى الناس وهو ضعفهم طمأنينة وهى القوة التى يحكمون بها الأرض وهم يعبدوننى أى يطيعون حكم الله ولا يشركون بى شيئا والمراد ولا يطيعون مع دينى دينا أخر ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون والمراد ومن عصى حكمى من بعد إسلامه فأولئك هم الكافرون المعذبون والخطاب وما بعده للناس.
"وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون "المعنى وأطيعوا الدين أى اتبعوا الحق أى اتبعوا حكم النبى (ص)لعلكم تفوزون ،يطلب الله من الناس أن يقيموا الصلاة أى يطيعوا الدين وهو الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى"أن أقيموا الدين "وفسر هذا بأنهم أتوا الزكاة أى أطاعوا الحق وفسر هذا بأنهم يطيعوا أى يتبعوا حكم الرسول (ص) المنزل عليه من الله مصداق لقوله بسورة الأعراف "واتبعوا النور الذى أنزل معه "والسبب لعلهم يرحمون أى يفوزون بثواب الله فى الدنيا والأخرة والمراد يفلحون مصداق لقوله بسورة الحج "لعلكم تفلحون " .
"لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير "المعنى لا تظنن الذين كذبوا منتصرين فى البلاد ومقامهم جهنم وقبح المقام لهم ، ينهى الله النبى (ص)فيقول لا تحسبن الذين كفروا معجزين فى الأرض والمراد لا تعتقد الذين كذبوا سابقين أى قاهرين لعذابنا فى الأرض مصداق لقوله بسورة العنكبوت "أم حسب الذين عملوا السيئات أن يسبقونا "ومأواهم النار ولبئس المصير والمراد ومقامهم جهنم وقبح المهاد وهو المقام لهم مصداق لقوله بسورة آل عمران "مأواهم جهنم وبئس المهاد "والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم "المعنى يا أيها الذين صدقوا ليطلب منكم السماح الذين تصرفت أنفسكم فيهم والذين لم يصلوا البلوغ منكم ثلاث نوبات من قبل صلاة الصبح ووقت تخلعون ملابسكم من القيلولة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث مرات لكم ليس عليكم ولا عليهم ذنب بعدهن دوارون عليكم بعضكم على بعض كذلك يظهر الرب لكم الأحكام والرب خبير قاضى ،يخاطب الله الذين آمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله موضحا لهم أن عليهم أن يعلموا كل من الذين ملكت أيمانهم وهم العبيد والإماء الذين تصرفت فيهم أنفسهم والذين لم يبلغوا الحلم وهم الذين لم يصلوا سن البلوغ الجنسى من الأطفال أن يستئذنوا أى يطلبوا السماح لهم بالدخول عليهم فى حجرات النوم ثلاثة مرات مرة قبل صلاة الفجر وهى الصبح ومرة حين تضعون ثيابكم من الظهيرة والمراد ومرة وقت تخلعون ملابسكم عند القيلولة وهو وسط النهار ومرة بعد صلاة العشاء وهى صلاة الليل وهى ثلاث عورات أى مرات ليس على المؤمنين ولا على ملك اليمين والذين لم يبلغوا الحلم جناح أى ذنب يلزم العقاب وفى غير هذه الأوقات طوافون بعضكم على بعض والمراد دوارون بعضكم على بعض ويبين الله أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى إنزال الوحى وهو قول الحكم يبين الله لهم الآيات أى يوضح لهم الأحكام ليطيعوها والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق والخطاب للمؤمنين .
"وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم "المعنى وإذا وصل العيال منكم البلوغ فليستسمحوا كما استسمح الذين من قبلهم هكذا يفصل الله لكم أحكامه والرب خبير قاضى ،يبين الله للمؤمنين أن الأطفال وهم العيال إذا بلغوا الحلم وهو البلوغ الجنسى عليهم أن يعلموهم أن عليهم أن يستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم والمراد أن يطلبوا السماح لهم بالدخول على الأزواج فى حجرات النوم كما طلب الذين سبقوهم وهم الأطفال قبل البلوغ وملك اليمين وكذلك أى بتلك الطريقة وهى إنزال الحكم يبين الله لهم آياته والمراد يوضح لهم أحكامه والله عليم حكيم والمراد والرب خبير بكل شىء قاضى بالعدل والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"والقواعد من النساء اللاتى لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم "المعنى والجالسات من الإناث اللاتى لا يردن زواجا فليس عليهن عقاب أن يخففن من ملابسهن غير مظهرات لجسم وأن يدعن أفضل لهن والرب خبير محيط ،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن القواعد من النساء وهن الجوالس من الإناث والمراد الأرامل والمطلقات اللاتى لا يرجون نكاحا والمراد اللاتى لا يردن زواجا ليس عليهن جناح أى عقاب إذا فعلن التالى أن يضعن من ثيابهن غير متبرجات بزينة والمراد أن يخففن من ملابسهن غير مظهرات لعورة وهذا يعنى أن يخلعن ثوب من الثوبين اللذين يلبسن بحيث أن الثوب الباقى عليهن يغطى جسمهن كما يغطيه الثوبين فلا يظهر شىء من العورة ويبين الله لهن أن الاستعفاف وهو ترك خلع الثوب الثانى خير لهن أى أحسن لهن وهو سميع عليم والمراد خبير محيط بكل شىء.
"ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت أبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت اخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون "المعنى ليس على الضرير عقاب ولا على الأعرج عقاب ولا على العليل عقاب ولا على ذواتكم أن تطعموا من مساكنكم أو مساكن آبائكم أو مساكن والداتكم أو مساكن اخوانكم أو مساكن أخواتكم أو مساكن أعمامكم أو مساكن عماتكم أو مساكن أخوالكم أو مساكن خالاتكم أو ما تحكمتم بأصحابه أو صاحبكم ليس عليكم عقاب أن تطعموا كلكم أو أفرادا فإذا ولجتم مساكنا فقولوا لبعضكم سلام من لدى الرب دائم مفيد هكذا يوضح الله لكم الأحكام لعلكم تفهمون ،يبين الله للمؤمنين أن ليس جناح أى عقاب على كل من الأعمى وهو الضرير الذى لا يرى والأعرج وهو معوج الرجل والمريض وهو العليل وأنفسنا وهم بقية المسلمين إذا فعلوا التالى أكلوا من بيوت وهى مساكن كل من أنفسهم والآباء وهم الأب والجد والأمهات وهن الوالدات من الأم والجدة والإخوان وهم الذكور لأم أو أب أو لهما أو لغير والأخوات وهن الإناث لأم أو أب أو لهما أو لغير وهو أن تكون الأم منجبة لطفل وزوجها الأخر منجب لطفل من غيرها وغيرها منجبة لطفل من غير زوج الأولى ،والأعمام وهم اخوة الأب والعمات وهن أخوات الأب والأخوال وهم إخوة الأم والخالات وهن أخوات الأم وما ملكتم مفاتحه أى المساكن التى يأمرون أصحابها وهم الأبناء وملك اليمين والصديق وهو الصاحب ويبين لهم أن ليس عليهم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا والمراد أن ليس عليهم عقاب أن يطعموا كلهم مع بعض أو أفرادا كل واحد بمفرده ويبين لهم أنهم إذا دخلوا بيوتا والمراد إذا أرادوا أن يلجوا مساكنا فعليهم أن يسلموا على أنفسهم والمراد فعليهم أن يقولوا لبعضهم تحية مباركة طيبة أى سلام دائم مفيد والتحية هى أى قول يطلب الخير لأهل البيت وكذلك وهو بإنزال الوحى يبين لهم الآيات أى يفصل لهم الأحكام لعلهم يعقلون أى يفهمون أى يطيعونها والخطاب للمؤمنين
"إن المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستئذنوه إن الذين يستئذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استئذنوك لبعض شأنهم فإذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم "المعنى إن المصدقون الذين صدقوا بحكم الله ونبيه (ص)وإذا كانوا معه على حكم شامل لم ينصرفوا حتى يستسمحوه إن الذين يستسمحونك أولئك الذين يصدقون بحكم الرب ونبيه (ص)فإذا استسمحوك لبعض نفعهم فاسمح لمن أردت منهم واستعفى لهم الرب إن الرب عفو نافع ،يبين الله لنبيه (ص)أن المؤمنون وهم المصدقون هم الذين آمنوا بالله ورسوله (ص)والمراد الذين صدقوا بالوحى المنزل من الرب على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة النساء "والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك "وهم إذا كانوا معه على أمر جامع والمراد إذا كانوا مع النبى (ص)فى عمل شامل لم يذهبوا حتى يستئذنوه والمراد لم يتركوا مكانهم حتى يطلبوا السماح منه بالترك ويبين له أن الذين يستئذنونه وهم الذين يطلبون السماح لهم بترك مكانهم هم الذين يؤمنون بالله ورسوله والمراد الذين يصدقون بوحى الرب المنزل على نبيه (ص)ويبين له أن المؤمنين إذا استئذنوه لبعض أمرهم والمراد إذا طلبوا منه السماح لهم بترك أماكنهم لقضاء بعض مصالحهم فالواجب عليه أن يأذن لمن شاء منهم والمراد أن يسمح لمن أراد منهم بترك مواضعهم وهو بعضهم بشرط العدل بينهم وأن يستغفر لهم أى يصل عليهم مصداق لقوله بسورة التوبة "وصل عليهم "والمراد أن يطلب لهم الرحمة وهى العفو من الله والله غفور رحيم أى نافع مفيد لطاعتهم حكمه والخطاب للنبى(ص) .
"لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "المعنى لا تساووا حكم النبى (ص)بحكم بعضكم لبعض قد يعرف الرب الذين يهربون منكم هروبا فليخف الذين يعصون حكمه أن تمسهم عقوبة أى ينزل بهم عقاب شديد ،يطلب الله من المؤمنين ألا يجعلوا دعاء الرسول (ص)بينهم وهو حكم النبى (ص)لهم مثل دعاء بعضهم بعض أى شبه حكم بعضهم لبعض لأن قول النبى (ص)حكم منزل من الله وحكم الناس هو من شهواتهم ويبين لهم أنه يعلم الذين يتسللون منهم لواذا والمراد إنه يعرف الذين يهربون منهم من المعسكرات هروبا والمراد أنه يدرى الذين يفرون خفية من معسكرات المسلمين لجوء إلى حياة الراحة فى رأيهم ،يطلب الله من الذين يخالفون عن أمره وهم الذين يعصون حكم الله بالاستئذان من الرسول (ص)وذلك بهروبهم أى بانصرافهم دون إذنه أن يحذروا أى يخافوا والمراد أن يحتاطوا حتى لا تصيبهم فتنة أى عذاب أليم أى عقاب شديد بسبب عصيانهم الأمر والخطاب للمؤمنين ومن يعلن إيمانه وهو منافق .
"ألا إن لله ما فى السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شىء عليم " المعنى ألا إن لله حكم الذى فى السموات والأرض ،قد يعرف الذى أنتم عليه ويوم يعودون إليه فيخبرهم بالذى صنعوا والرب بكل أمر خبير ،يبين الله للناس أن الله له أى ملكه ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "لله ملك السموات والأرض "ويبين لهم أنه يعلم ما هم عليه أى يعرف الذى هم عليه من الأديان ويوم يرجعون إليه والمراد يوم"إليه يحشرون "كما قال بسورة الأنعام فينبئهم بما عملوا والمراد فيخبرهم بالذى فعلوا عن طريق الكتب المنشرة مصداق لقوله بسورة الأنعام "ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون "والله بكل شىء عليم "والمراد والرب بكل أمر خبير وهو يحاسب عليه .