سورة الحج
سميت بهذا الاسم لطلب إبراهيم (ص)الحج من الناس فيها بقوله :"وأذن فى الناس بالحج "
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس إن زلزلة الساعة شىء عظيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الخلق إن هزة القيامة أمر هائل ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم أن باسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن زلزلة الساعة شىء عظيم أى رجفة القيامة وهى رجفة الأرض والسماء التابعة لها شىء عظيم أى أمر كبير مصداق لقوله بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها "وقوله بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " والخطاب وما بعده للناس.
"يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "المعنى يوم تشهدونها تنشغل كل نفس عما عملت وتلقى صاحبة كل ثقل ثقلها وتشهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين ولكن عقاب الله عظيم ،يبين الله للناس أنهم فى يوم يرون أى يشهدون الزلزلة يحدث التالى :تذهل كل مرضعة عما أرضعت أى تنشغل كل نفس كافرة عما صنعت والمراد أنها تنكر الذى عملت فى الدنيا فتقسم على أنها"ما كنا نعمل من سوء"كما قال بسورة النحل،وتضع كل ذات حمل حملها والمراد وتتحمل كل صاحبة عمل جزاء عملها ،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والمراد وتشاهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين والمراد أن من يشاهد الكفار فى يوم القيامة يظن أنهم مخمورين من حيرتهم ومع ذلك ليسوا بشاربى خمر ولكن الذى جعل حالهم هكذا هو أن عذاب الله شديد أى أن عقاب الله أليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن عذابى هو العذاب الأليم ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد "المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الرب بدون وحى ويطيع كل هوى منحرف ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يخاصم فى دين الله بغير علم أى هدى أى كتاب منير أى وحى من الله مصداق لقوله بسورة الحج"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير"وهذا المجادل يتبع كل شيطان مريد أى يطيع كل هوى ضال والمراد يطيع هوى نفسه الذى يعتبره إلهه مصداق لقوله بسورة الجاثية "أفرأيت من أتخذ إلهه هواه "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وكتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير "المعنى وحكم عليه أنه من أطاعه فإنه يهلكه أى يدخله فى عقاب النار ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله كتب على الشيطان والمراد أن الله حكم على الهوى الضال بالتالى أن من تولاه أى أطاع حكم الهوى فإن الهوى يضله أى يهلكه وفسر هذا بأنه يهديه إلى عذاب السعير والمراد أنه يدخله فى نار جهنم .
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"المعنى يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب للقيام فإنا أنشأناكم من طين ثم من منى ثم من مرفوعة ثم من لحم محول وغير محول لنظهر لكم ونضع فى البطون الذى نريد إلى موعد محدد ثم نجعلكم وليدا ثم لتصلوا قوتكم ومنكم من يموت ومنكم من يعود إلى أسوأ الحياة لكيلا يعرف من بعد معرفة شيئا وتشاهد الأرض مجدبة فإذا أسقطنا عليها المطر تحركت ونمت وأخرجت من كل فرد كريم ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،ويبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء ،ويبين الله لنبيه(ص)أنه يرى الأرض هامدة والمراد أنه يشاهد الأرض ميتة مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الأرض الميتة "فإذا أنزلنا عليها الماء والمراد فإذا أسقطنا على الأرض المجدبة الماء وهو المطر اهتزت أى تحركت حبيبات الأرض وربت أى ونمت والمراد وانتفخت حبيبات الأرض بالماء وأنبتت من كل زوج بهيج أى وأخرجت من كل فرد كريم مصداق لقوله بسورة لقمان "فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "والخطاب للنبى(ص)
"ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وإنه على كل شىء قدير "المعنى ذلك بأن الرب هو العدل وأنه يبعث الهلكى وأنه لكل أمر فاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ذلك وهو إحياء الأرض بعد موتها يحدث التالى أن الله هو الحق أى العدل وأنه يحيى الموتى والمراد وأنه يبعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"ويبين له أنه على كل شىء قدير والمراد أنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور"المعنى وإن القيامة حادثة لا ظلم فيها وأن الله يحيى من فى المدافن،يبين الله لنبيه (ص)أن الساعة آتية لا ريب فيها والمراد أن القيامة قائمة أى متحققة لا ظلم فيها مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم"وأن الله يبعث من فى القبور والمراد وأن الرب يحيى من فى المدافن وهم الموتى مصداق لقوله بنفس السورة "وأنه يحيى الموتى ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد"المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الله بغير وحى ولا رشاد ولا حكم مضىء ،معد نفسه ليرد عن دين الله له فى الأولى ذل وندخله يوم البعث عقاب النار ذلك بما عملت نفسك وأن الله ليس بمنقص للخلق،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يحاجج فى دين الله بغير علم وفسر العلم بأنه الهدى وفسره بأنه الكتاب المنير وهو الحكم الواضح وهذا يعنى أنه يحاجج بالباطل مصداق لقوله بسورة الكهف"ويجادل الذين كفروا بالباطل "والمجادل ثانى عطفه أى معد نفسه ليضل عن سبيل الله والمراد ليبعد عن دين الرب نفسه وغيره وهو له فى الدنيا وهى المعيشة الأولى خزى أى ذل مصداق لقوله بسورة الأعراف"وذلة فى الحياة الدنيا "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق والمراد وندخله يوم البعث عقاب النار والسبب ما قدمت يداه أى عملت نفسه مصداق لقوله بسورة المائدة"ما قدمت لهم أنفسهم "وأن الله ليس بظلام للعبيد أى ليس بمنقص حق الخلق وهذا يعنى أنه لا يضيع أجر أحد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والأخرة ذلك هو الخسران المبين "المعنى ومن الخلق من يطيع الله على شرط فإن مسه نفع سكن له وإن مسه ضرر ارتد إلى كفره أضاع الأولى والقيامة ذلك هو الضياع العظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس وهم البشر من يعبد الله على حرف أى من يطيع دين الله على شرط فإن أصابه خير أى فإن أعطاه الله نفع والمراد أنه يتبع دين الله إذا أعطاه الله النفع وإن أصابته فتنة أى وإن أتاه أذى انقلب على وجهه أى ارتد إلى كفره والمراد إذا حدث له ضرر عمل ضد مصلحته نفسه فكفر بدين الله وبهذا العمل يكون قد خسر أى أضاع الدنيا والأخرة والمراد ثواب الأولى وثواب القيامة وهذا هو الخسران المبين أى الضياع العظيم .
"يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير "المعنى يعبد من غير الله الذى لا يؤذيه والذى لا يفيده ذلك هو الكفر العظيم يعبد من أذاه أدنى من خيره فقبح الناصر أى قبح الصاحب ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكافر يدعو من دون الله أى يعبد من سوى الله ما لا يضره أى ما لا يؤذيه وما لا ينفعه أى وما لا يفيده مصداق لقوله بسورة الفرقان "ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم"وهذا يعنى أن معبودهم لا يقدر على إيذاء الكافر ولا يقدر على نفعه ويبين له أن ذلك وهو عبادة غير الله هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم ،والكافر يدعو لمن ضره أقرب من نفعه والمراد يتبع من أذاه أوقع من فائدته والمراد أن المعبود أذى عبادته هو الحادث وليس نفع عبادته ،ويبين له أن المعبود من دون الله هو بئس المولى أى ساء أى قبح العشير وهو الناصر أى الصاحب والمراد أنه لا ينصر عابده كما ينصر الولى أى العشير صاحبه .
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد "المعنى إن الرب يسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون إن الله يصنع ما يشاء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات والمراد يسكن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات فى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته "والجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ،ويبين له إن الله يفعل ما يريد والمراد يحكم ما يشاء مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله يحكم ما يريد"وقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يشاء".
"من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله لا يهدى من يريد "المعنى من كان يعتقد أن لن يؤيده الله فى الأولى والقيامة فليصنع حبل للسماء ثم ليبتر هل يزيلن مكره ما يثير وهكذا أوحيناه علامات ظاهرات وأن الله يرشد من يشاء ،يطلب الله من كل إنسان يظن أى يعتقد الإعتقاد التالى :أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة والمراد أن لن يرحمه الرب فى الأولى والقيامة أى أن لن يؤيده الرب فى الأولى والقيامة بثوابه الطلب التالى :أن يمد سبب إلى السماء أى أن يصنع سلم إلى الأعلى والمراد أن يدبر مكيدة ويعملها فى دين الله ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ والمراد ثم لينظر هل يزيلن تدبيره ما يغضب وبالطبع النتيجة هى أن المنتظر هو الهالك والله هو الباقى ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزل الله الوحى آيات بينات والمراد أوحى الله القرآن أحكام عربيات مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "،ويبين له أن الله يهدى من يريد أى أن الله يقرب من يحب والمراد أن الله يثيب من يشاء وهم الذين ينيبون لله مصداق لقوله بسورة الشورى "ويهدى إليه من ينيب" .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد "المعنى إن الذين صدقوا واليهود والخارجين والنصارى والمجوس والكافرين إن الله يحكم بينهم يوم البعث إن الله على كل أمر رقيب ،يبين الله أن الله يفصل أى يقضى يوم القيامة أى البعث مصداق لقوله بسورة الجاثية "يقضى بينهم يوم القيامة " بين كل من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله والذين هادوا أى اليهود والصابئين وهم المنحرفين عن أديان أقوامهم والنصارى وهم أنصار المسيح(ص)والمجوس وهم عبدة النار عند بعض الناس والذين أشركوا أى كفروا وهم كل فريق اتخذ مع الله آلهة مزعومة يستوى فى ذلك الأصنام والدساتير الوضعية والمخلوقات وغيرها،ويبين أن الله على كل شىء شهيد والمراد أن الله بكل أمر عليم أى على كل مخلوق رقيب مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان الله على كل شىء رقيبا "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير من الناس حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء "المعنى ألم تعلم أن الله يطيعه من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والكواكب والرواسى والشجر والدواب وعديد من الخلق وعديد من الخلق وجب له العقاب ومن يذل الله فما له من معز ،إن الرب يصنع ما يريد،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر أى هل لم تعلم أن الله يسجد أى يسبح له مصداق لقوله بسورة التغابن"يسبح ما فى السموات وما فى الأرض" والمراد من يطيع حكم الله من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب والجبال وهى الرواسى والشجر وهو النبات والدواب وهى الحيوانات المتحركة وكثير من الناس والمراد وعديد من الخلق ،وهذا يعنى أن كل خلق الله يتبع حكمه ما عدا كثير من الناس أى عديد من الخلق حق عليه العذاب أى وجب له العقاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويبين له أن من يهن الله فما له من مكرم أى من يضلل فما له من ولى مصداق لقوله بسورة الشورى "ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده"والمراد من يذل الرب فما له من معز ،ويبين له أن الله يفعل ما يشاء والمراد أن الرب يصنع ما يريد مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يريد"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به ما فى بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق "المعنى هذان عدوان تشاجروا فى إلههم فالذين كذبوا فصلت لهم ملابس من لهب ينزل من فوق أدمغتهم الكريه يحرق به الذى فى بطونهم والجلود ولهم سلاسل من حديد كلما أحبوا أن يهربوا منها من غم ارجعوا فيها وادخلوا عقاب النار ، يبين الله للنبى(ص) أن الناس خصمان أى عدوان والمراد فريقان كل منهم اختصم فى الرب أى تجادل فى الله والمراد اختلف مع الأخر فى دين الله ،ويبين لنا أن الذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار والمراد فصلت لهم سرابيل من قطران مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وسرابيلهم من قطران "وهذا يعنى أن ملابسهم مفصلة من نحاس ملتهب وهم يصب من فوق رؤسهم الحميم والمراد ينزل من أعلى أدمغتهم سائل الغساق وهو سائل كريه محرق يصهر به ما فى بطونهم والمراد يحرق به الذى فى أمعاءهم والجلود وهى اللحم الخارجى الذى يغطى أعضاء الجسم ،ولهم مقامع من حديد والمراد ولهم أصفاد أى سلاسل من الحديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وترى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد "والكفار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم والمراد كلما شاءوا أن يهربوا منها من عذاب أعيدوا فيها والمراد ارجعوا فيها وذوقوا عذاب الحريق والمراد وعلموا ألم النار وهو عذاب الخلد مصداق لقوله بسورة السجدة "وذوقوا عذاب الخلد".
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حريرا وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"المعنى إن الله يسكن الذين صدقوا وحى الله وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ولؤلؤا وثيابهم فيها حرير ورشدوا إلى الحسن من الحكم أى رشدوا إلى دين الشاكر ،يبين الله أنه يدخل أى يسكن فى الجنات وهى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمة منه"وهم الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وهذه الجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا والمراد ويرتدون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم من حرير أى سندس وإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق "وقد هدوا أى رشدوا إلى الطيب من القول وهو الحسن من الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام "ومن أحسن من الله حكما "وفسر هذا بأنهم هدوا إلى صراط الحميد أى رشدوا إلى حكم الشاكر وهو الله المثيب لمن يطيعه والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
سميت بهذا الاسم لطلب إبراهيم (ص)الحج من الناس فيها بقوله :"وأذن فى الناس بالحج "
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها الناس إن زلزلة الساعة شىء عظيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الخلق إن هزة القيامة أمر هائل ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم أن باسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن زلزلة الساعة شىء عظيم أى رجفة القيامة وهى رجفة الأرض والسماء التابعة لها شىء عظيم أى أمر كبير مصداق لقوله بسورة الزلزلة "إذا زلزلت الأرض زلزالها "وقوله بسورة النازعات "يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة " والخطاب وما بعده للناس.
"يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد "المعنى يوم تشهدونها تنشغل كل نفس عما عملت وتلقى صاحبة كل ثقل ثقلها وتشهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين ولكن عقاب الله عظيم ،يبين الله للناس أنهم فى يوم يرون أى يشهدون الزلزلة يحدث التالى :تذهل كل مرضعة عما أرضعت أى تنشغل كل نفس كافرة عما صنعت والمراد أنها تنكر الذى عملت فى الدنيا فتقسم على أنها"ما كنا نعمل من سوء"كما قال بسورة النحل،وتضع كل ذات حمل حملها والمراد وتتحمل كل صاحبة عمل جزاء عملها ،وترى الناس سكارى وما هم بسكارى والمراد وتشاهد الخلق مخدرين وما هم بمخدرين والمراد أن من يشاهد الكفار فى يوم القيامة يظن أنهم مخمورين من حيرتهم ومع ذلك ليسوا بشاربى خمر ولكن الذى جعل حالهم هكذا هو أن عذاب الله شديد أى أن عقاب الله أليم مصداق لقوله بسورة الحجر"وإن عذابى هو العذاب الأليم ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد "المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الرب بدون وحى ويطيع كل هوى منحرف ،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يخاصم فى دين الله بغير علم أى هدى أى كتاب منير أى وحى من الله مصداق لقوله بسورة الحج"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير"وهذا المجادل يتبع كل شيطان مريد أى يطيع كل هوى ضال والمراد يطيع هوى نفسه الذى يعتبره إلهه مصداق لقوله بسورة الجاثية "أفرأيت من أتخذ إلهه هواه "والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"وكتب عليه أنه من تولاه فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير "المعنى وحكم عليه أنه من أطاعه فإنه يهلكه أى يدخله فى عقاب النار ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله كتب على الشيطان والمراد أن الله حكم على الهوى الضال بالتالى أن من تولاه أى أطاع حكم الهوى فإن الهوى يضله أى يهلكه وفسر هذا بأنه يهديه إلى عذاب السعير والمراد أنه يدخله فى نار جهنم .
"يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا لا يعلم بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج"المعنى يا أيها الخلق إن كنتم فى تكذيب للقيام فإنا أنشأناكم من طين ثم من منى ثم من مرفوعة ثم من لحم محول وغير محول لنظهر لكم ونضع فى البطون الذى نريد إلى موعد محدد ثم نجعلكم وليدا ثم لتصلوا قوتكم ومنكم من يموت ومنكم من يعود إلى أسوأ الحياة لكيلا يعرف من بعد معرفة شيئا وتشاهد الأرض مجدبة فإذا أسقطنا عليها المطر تحركت ونمت وأخرجت من كل فرد كريم ،يخاطب الله الناس وهم الخلق مبينا لهم إنهم إن كانوا فى ريب من البعث والمراد إن كانوا فى تكذيب للقيام بعد الموت فإنه قد خلقهم من تراب والمراد أنشأهم من طين مصداق لقوله بسورة الأنعام"خلقكم من طين "والتراب هو الصعيد الذى تحول إلى طعام أكله الناس فتحول إلى نطفة أى جزء من المنى فى أجسامهم ولما استقر منى الرجل مع منى المرأة فى رحمها تحولا إلى علقة أى قطعة من المنى الملتف حول نفسه مرفوعة فى وسط الرحم وبعد ذلك تحولت القطعة المرفوعة إلى مضغة مخلقة وغير مخلقة والمراد إلى لحم متغير وغير متغير فاللحم المتغير هو الذى يتحول بعد إلى ذلك لعظام يغطيها اللحم غير المتغير مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما "وهذه الحقائق ليبين أى ليظهر الله للناس قدرته على البعث ،وبعد ذلك يقر الله فى الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى والمراد يخلق الله فى البطون الذى يريد سواء ذكر أو أنثى إلى موعد معلوم له وحده ،ويبين الله للناس أنه من بعد مراحل الخلق السابقة يخرجهم طفلا والمراد يخلقهم وليدا والمراد يخلق كل واحد منهم مولودا يعيش ليبلغوا أشدهم أى ليصلوا قوتهم والمراد ليصلوا لسن الشباب ومنهم من يتوفى أى يموت قبل وصوله لسن القوة ومنهم من يرد إلى أرذل العمر أى ومنهم من يعود إلى أسوأ الحياة وهذا يعنى أن منهم من يصل لأسوأ مراحل الشيخوخة وفيها لا يعلم من بعد علم شيئا أى وفيها لا يعرف من بعد معرفة أمرا وهذا يعنى أنه يصاب بالنسيان التام لكل شىء ،ويبين الله لنبيه(ص)أنه يرى الأرض هامدة والمراد أنه يشاهد الأرض ميتة مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الأرض الميتة "فإذا أنزلنا عليها الماء والمراد فإذا أسقطنا على الأرض المجدبة الماء وهو المطر اهتزت أى تحركت حبيبات الأرض وربت أى ونمت والمراد وانتفخت حبيبات الأرض بالماء وأنبتت من كل زوج بهيج أى وأخرجت من كل فرد كريم مصداق لقوله بسورة لقمان "فأنبتنا فيها من كل زوج كريم "والخطاب للنبى(ص)
"ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وإنه على كل شىء قدير "المعنى ذلك بأن الرب هو العدل وأنه يبعث الهلكى وأنه لكل أمر فاعل ،يبين الله لنبيه (ص)أن ذلك وهو إحياء الأرض بعد موتها يحدث التالى أن الله هو الحق أى العدل وأنه يحيى الموتى والمراد وأنه يبعث من فى القبور مصداق لقوله بسورة الحج"وأن الله يبعث من فى القبور"ويبين له أنه على كل شىء قدير والمراد أنه لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من فى القبور"المعنى وإن القيامة حادثة لا ظلم فيها وأن الله يحيى من فى المدافن،يبين الله لنبيه (ص)أن الساعة آتية لا ريب فيها والمراد أن القيامة قائمة أى متحققة لا ظلم فيها مصداق لقوله بسورة غافر"لا ظلم اليوم"وأن الله يبعث من فى القبور والمراد وأن الرب يحيى من فى المدافن وهم الموتى مصداق لقوله بنفس السورة "وأنه يحيى الموتى ".
"ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثانى عطفه ليضل عن سبيل الله له فى الدنيا خزى ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد"المعنى ومن الخلق من يحاجج فى الله بغير وحى ولا رشاد ولا حكم مضىء ،معد نفسه ليرد عن دين الله له فى الأولى ذل وندخله يوم البعث عقاب النار ذلك بما عملت نفسك وأن الله ليس بمنقص للخلق،يبين الله لنبيه (ص)أن من الناس وهم الخلق من يجادل فى الله والمراد من يحاجج فى دين الله بغير علم وفسر العلم بأنه الهدى وفسره بأنه الكتاب المنير وهو الحكم الواضح وهذا يعنى أنه يحاجج بالباطل مصداق لقوله بسورة الكهف"ويجادل الذين كفروا بالباطل "والمجادل ثانى عطفه أى معد نفسه ليضل عن سبيل الله والمراد ليبعد عن دين الرب نفسه وغيره وهو له فى الدنيا وهى المعيشة الأولى خزى أى ذل مصداق لقوله بسورة الأعراف"وذلة فى الحياة الدنيا "ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق والمراد وندخله يوم البعث عقاب النار والسبب ما قدمت يداه أى عملت نفسه مصداق لقوله بسورة المائدة"ما قدمت لهم أنفسهم "وأن الله ليس بظلام للعبيد أى ليس بمنقص حق الخلق وهذا يعنى أنه لا يضيع أجر أحد والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والأخرة ذلك هو الخسران المبين "المعنى ومن الخلق من يطيع الله على شرط فإن مسه نفع سكن له وإن مسه ضرر ارتد إلى كفره أضاع الأولى والقيامة ذلك هو الضياع العظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس وهم البشر من يعبد الله على حرف أى من يطيع دين الله على شرط فإن أصابه خير أى فإن أعطاه الله نفع والمراد أنه يتبع دين الله إذا أعطاه الله النفع وإن أصابته فتنة أى وإن أتاه أذى انقلب على وجهه أى ارتد إلى كفره والمراد إذا حدث له ضرر عمل ضد مصلحته نفسه فكفر بدين الله وبهذا العمل يكون قد خسر أى أضاع الدنيا والأخرة والمراد ثواب الأولى وثواب القيامة وهذا هو الخسران المبين أى الضياع العظيم .
"يدعوا من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعوا لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير "المعنى يعبد من غير الله الذى لا يؤذيه والذى لا يفيده ذلك هو الكفر العظيم يعبد من أذاه أدنى من خيره فقبح الناصر أى قبح الصاحب ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكافر يدعو من دون الله أى يعبد من سوى الله ما لا يضره أى ما لا يؤذيه وما لا ينفعه أى وما لا يفيده مصداق لقوله بسورة الفرقان "ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم"وهذا يعنى أن معبودهم لا يقدر على إيذاء الكافر ولا يقدر على نفعه ويبين له أن ذلك وهو عبادة غير الله هو الضلال البعيد أى الكفر العظيم ،والكافر يدعو لمن ضره أقرب من نفعه والمراد يتبع من أذاه أوقع من فائدته والمراد أن المعبود أذى عبادته هو الحادث وليس نفع عبادته ،ويبين له أن المعبود من دون الله هو بئس المولى أى ساء أى قبح العشير وهو الناصر أى الصاحب والمراد أنه لا ينصر عابده كما ينصر الولى أى العشير صاحبه .
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد "المعنى إن الرب يسكن الذين صدقوا وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون إن الله يصنع ما يشاء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات والمراد يسكن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات فى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فأما الذين أمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم فى رحمته "والجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير من أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ،ويبين له إن الله يفعل ما يريد والمراد يحكم ما يشاء مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله يحكم ما يريد"وقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يشاء".
"من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله لا يهدى من يريد "المعنى من كان يعتقد أن لن يؤيده الله فى الأولى والقيامة فليصنع حبل للسماء ثم ليبتر هل يزيلن مكره ما يثير وهكذا أوحيناه علامات ظاهرات وأن الله يرشد من يشاء ،يطلب الله من كل إنسان يظن أى يعتقد الإعتقاد التالى :أن لن ينصره الله فى الدنيا والأخرة والمراد أن لن يرحمه الرب فى الأولى والقيامة أى أن لن يؤيده الرب فى الأولى والقيامة بثوابه الطلب التالى :أن يمد سبب إلى السماء أى أن يصنع سلم إلى الأعلى والمراد أن يدبر مكيدة ويعملها فى دين الله ثم ليقطع هل يذهبن كيده ما يغيظ والمراد ثم لينظر هل يزيلن تدبيره ما يغضب وبالطبع النتيجة هى أن المنتظر هو الهالك والله هو الباقى ،ويبين أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزل الله الوحى آيات بينات والمراد أوحى الله القرآن أحكام عربيات مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "،ويبين له أن الله يهدى من يريد أى أن الله يقرب من يحب والمراد أن الله يثيب من يشاء وهم الذين ينيبون لله مصداق لقوله بسورة الشورى "ويهدى إليه من ينيب" .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شىء شهيد "المعنى إن الذين صدقوا واليهود والخارجين والنصارى والمجوس والكافرين إن الله يحكم بينهم يوم البعث إن الله على كل أمر رقيب ،يبين الله أن الله يفصل أى يقضى يوم القيامة أى البعث مصداق لقوله بسورة الجاثية "يقضى بينهم يوم القيامة " بين كل من الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله والذين هادوا أى اليهود والصابئين وهم المنحرفين عن أديان أقوامهم والنصارى وهم أنصار المسيح(ص)والمجوس وهم عبدة النار عند بعض الناس والذين أشركوا أى كفروا وهم كل فريق اتخذ مع الله آلهة مزعومة يستوى فى ذلك الأصنام والدساتير الوضعية والمخلوقات وغيرها،ويبين أن الله على كل شىء شهيد والمراد أن الله بكل أمر عليم أى على كل مخلوق رقيب مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان الله على كل شىء رقيبا "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ألم تر إلى الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير من الناس حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء "المعنى ألم تعلم أن الله يطيعه من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والكواكب والرواسى والشجر والدواب وعديد من الخلق وعديد من الخلق وجب له العقاب ومن يذل الله فما له من معز ،إن الرب يصنع ما يريد،يسأل الله نبيه (ص)ألم تر أى هل لم تعلم أن الله يسجد أى يسبح له مصداق لقوله بسورة التغابن"يسبح ما فى السموات وما فى الأرض" والمراد من يطيع حكم الله من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب والجبال وهى الرواسى والشجر وهو النبات والدواب وهى الحيوانات المتحركة وكثير من الناس والمراد وعديد من الخلق ،وهذا يعنى أن كل خلق الله يتبع حكمه ما عدا كثير من الناس أى عديد من الخلق حق عليه العذاب أى وجب له العقاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويبين له أن من يهن الله فما له من مكرم أى من يضلل فما له من ولى مصداق لقوله بسورة الشورى "ومن يضلل الله فما له من ولى من بعده"والمراد من يذل الرب فما له من معز ،ويبين له أن الله يفعل ما يشاء والمراد أن الرب يصنع ما يريد مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يفعل ما يريد"والخطاب وما قبله للنبى(ص).
"هذان خصمان اختصموا فى ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به ما فى بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق "المعنى هذان عدوان تشاجروا فى إلههم فالذين كذبوا فصلت لهم ملابس من لهب ينزل من فوق أدمغتهم الكريه يحرق به الذى فى بطونهم والجلود ولهم سلاسل من حديد كلما أحبوا أن يهربوا منها من غم ارجعوا فيها وادخلوا عقاب النار ، يبين الله للنبى(ص) أن الناس خصمان أى عدوان والمراد فريقان كل منهم اختصم فى الرب أى تجادل فى الله والمراد اختلف مع الأخر فى دين الله ،ويبين لنا أن الذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار والمراد فصلت لهم سرابيل من قطران مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وسرابيلهم من قطران "وهذا يعنى أن ملابسهم مفصلة من نحاس ملتهب وهم يصب من فوق رؤسهم الحميم والمراد ينزل من أعلى أدمغتهم سائل الغساق وهو سائل كريه محرق يصهر به ما فى بطونهم والمراد يحرق به الذى فى أمعاءهم والجلود وهى اللحم الخارجى الذى يغطى أعضاء الجسم ،ولهم مقامع من حديد والمراد ولهم أصفاد أى سلاسل من الحديد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وترى المجرمين يومئذ مقرنين فى الأصفاد "والكفار كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم والمراد كلما شاءوا أن يهربوا منها من عذاب أعيدوا فيها والمراد ارجعوا فيها وذوقوا عذاب الحريق والمراد وعلموا ألم النار وهو عذاب الخلد مصداق لقوله بسورة السجدة "وذوقوا عذاب الخلد".
"إن الله يدخل الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنات تجرى من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حريرا وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد"المعنى إن الله يسكن الذين صدقوا وحى الله وفعلوا الحسنات حدائق تسير من أسفلها العيون يرتدون فيها من حلى من ذهب ولؤلؤا وثيابهم فيها حرير ورشدوا إلى الحسن من الحكم أى رشدوا إلى دين الشاكر ،يبين الله أنه يدخل أى يسكن فى الجنات وهى رحمته مصداق لقوله بسورة الجاثية "فيدخلهم ربهم فى رحمة منه"وهم الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وهذه الجنات تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أسفل أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم يحلون فيها أساور من ذهب ولؤلؤا والمراد ويرتدون فيها حلى من الذهب واللؤلؤ ولباسهم وهو ثيابهم من حرير أى سندس وإستبرق مصداق لقوله بسورة الكهف"ويلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق "وقد هدوا أى رشدوا إلى الطيب من القول وهو الحسن من الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام "ومن أحسن من الله حكما "وفسر هذا بأنهم هدوا إلى صراط الحميد أى رشدوا إلى حكم الشاكر وهو الله المثيب لمن يطيعه والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).