قراءة فى كتاب إبطال القول إن عبدمناف وعبدالعزى وعبد شمس أولاد للرسول
مؤلف الكتاب هو عبد الرحيم أبو ميمونة من أهل العصر وهو يدور حول وجود أولاد للنبى(ص) سماهم بأسماء العبودية بغير الله وفىة هذا قال فى المقدمة :
"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في إبطال تسمية بعض أولاد النبي – صلى الله عليه وسلم – بأسماء الجاهلية , وبيان بطلان النسبة وعدم الصحة, والله أسأل أن ينفع بها."
استهل الكاتب كتابه بالكلام عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وهو صاحب الرواية التى ذكرت أولئك الولاد فى مخطوط فقال:
"المبحث الأول:-
ترجمة موجزة لأبي عبيدة معمر بن المثنى:
معمر بن المثنى التيمي بالولاء البصري أبو عبيدة
ولد في سنة عشر ومئة (110) في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري رحمه الله,
صاحب التصانيف أديب لغوي نحوي عالم بالشعر والغريب والأخبار والنسب ولد وتوفي بالبصرة من تصانيفه الكثيرة تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده, وصفه الذهبي بأنه إمام علامة بحر ومع ذلك قال (لم يكن صاحب حديث) وقال (قد كان هذا المرء من بحور العلم , ومع ذلك لم يكن بالماهر بكتاب الله و ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد ... ) وكما اختلف في سنة ولادته كذلك اختلفوا في سنة وفاته فقيل سنة تسع ومائتين وقيل غير ذلك وقد نسبوا له مساوئ مذكورة وأمور منكرة عظيمة والله أعلم.
تاريخ بغداد 15/ 338سير أعلام النبلاء 9/ 445وفيات الأعيان 5/ 235 معجم المؤلفين 3/ 901"
وبعد هذا ذكر رواية أبو عبيدة فى بحث بعنوان تسمية أزواج النبي وأولاده ضمن مجلة معهد المخطوطات العربية فقال:
"توثيق النقل:-
1- قال أبوعبيدة بعدما ذكر أن خديجة - رضي الله عنها - ولدت للنبي - صلى الله عليه وسلم - رقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة قال (وكذلك أيضا ولدت الذكور من أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - غير القاسم - وبه كان يكنى – فإنه ولد في الإسلام وعاش حتى مشى ثم مات وولدت في الجاهلية عبد مناف والطيب وهو عبدالله مات رضيعا والطاهر فذلك أربع بنات وأربعة بنين) انظر: تسمية أزواج النبي وأولاده ضمن مجلة معهد المخطوطات العربية13 1/ 248"
وبعد ذلك ذكر الكتب التى أوردت التسميات فقال:
"المبحث الثاني:
في التخريج المختصر للأثر الوارد بتلك التسمية:
روى الدولابي بسنده من طريق زهير بن العلاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة قال: تزوج النبي – صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي وهي أول من تزوجها فولدت له في الجاهلية عبد مناف ...... ) انظر الذرية الطاهرة النبوية للدولابي (42)
ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم - 18517 – بنفس الطريق إلا أنه عن زهير عن القيسي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة برقم - 6737 – من طريق الهيثم بن عدي عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب وفيه «قال الهيثم: فحدثني هشام بن عروة، عن أبيه، قال:» فولدت له عبد العزى، وعبد مناف، والقاسم قلت لهشام: فأين الطيب والطاهر؟ قال: هذا ما وضعتم أنتم يا أهل العراق، فأما أشياخنا فقالوا:» ولدت عبد العزى، وعبد مناف، والقاسم ...... ).
ورواه ابن عساكر كما في تاريخ دمشق 3/ 129بسنده من طريق الهيثم عن هشام بن عروة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: للنبي – صلى الله عليه وسلم ابنان , طاهر والطيب , وكان يسمي أحدهما عبد شمس والآخر عبد العزى)"
ثم ذكر المؤلف حكم أسانيد تلك الروايات فقال:
"بيان حكم هذه الآثار وأنها واهية:-
زهير بن العلاء أحاديثه موضوعة كما قال أبو حاتم , وكذلك الهيثم , فقد قال عنه يحيى (كذاب) و قال النسائي وأبو حاتم (متروك) , وغايته إن صح أنه خبر مرسل , و هناك علل أخرى , والخلاصة أنها آثار لا ينبغي التعويل عليها ولا الوقوف عندها ولذلك لم أطل في الكلام على الإسناد.
وانظر: ميزان الاعتدال2/ 83 الموضوعات لابن الجوزي 2/ 80
نقول عن بعض أهل العلم:-
وفي لسان الميزان 8/ 362 (قال النسائي الهيثم منكر الحديث والذي روى في تسمية أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم محال أن يصدر ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ).
وقال الحافظ في اللسان 8/ 362 (هذا من افتراء الهيثم على هشام والله أعلم).
وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 238 (فيه نكارة والله أعلم).
وقال 8/ 241) منكر (.
وقال ابن حزم في جوامع السيرة (38) "كل أولاده من ذكر وأنثى فمن خديجة بنت خويلد، حاشا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس، لم يولد له من غيرها.
فالذكور من ولده:
القاسم، وبه كان يكنى، وهو أكبر ولده، عاش أياما يسيرة، ولد له قبل النبوة.
وولدان آخران اختلف في اسم أحدهما، إلا أنه لا يخرج الرواية في ذلك عن " عبد الله: و " الطاهر " و " الطيب ".
وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان له ولد اسمه عبد العزى قبل النبوة، وهذا بعيد، والخبر مرسل، ولا حجة في مرسل).
وأجمع ماجاء في ذلك ما ذكره في سبل الهدى والرشاد 11/ 445 قال – رحمه الله - (روى الهيثم بن عدي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ولدت خديجة - رضي الله تعالى عنها - للنبي صلى الله عليه وسلم عبد العزى وعبد مناف والقاسم، قال الهيثم، قلت لهشام: فأين الطيب والطاهر؟ قال: هذا ما وصفتم أنتم يأهل العراق، فأما أشياخنا فقالوا: عبد العزى وعبد مناف.
قال الذهبي في " الميزان " والحافظ في " اللسان " هذا من افتراء الهيثم على هشام وقال أبو الفرج: الهيثم كذا لا يلتفت إلى قوله، وقال لنا شيخنا ابن ناصر: لم يسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط، والهيثم كذبه البخاري وأبو داود والعجلي والساجي.
وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار، وذكره ابن السكن وابن شاهين وابن الجارود و الدارقطني وغيرهم في الضعفاء، وقال في " المورد ": لا يجوز لأحد أن يقول: إن هذه التسمية وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم ... ).
وقال الحافظ عبدالغني المقدسي في السيرة (76):
(وقيل كان له ابن يقال له عبدالعزى وقد طهره الله عز وجل من ذلك وأعاذه منه).
فالحاصل أن ثمة ثلاثة أبناء نسبوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهم:-
(عبدالعزى- عبد مناف- عبد شمس) وهذه النسبة باطلة لثلاثة أوجه أجملها في الآتي:-
الوجه الأول:-
ضعف الرواية كما تقدم.
الوجه الثاني:-
مخالفتها للمشهور المتواتر , ولذلك فإن عددا من المتقدمين والمتأخرين وجما غفيرا من المحققين لم يذكروا ذلك وأعرضوا عنه وهم في معرض تعداد أولاده - صلى الله عليه وسلم - ومن أولئك:-
1 - ابن إسحاق في مغازيه (130)
2 - سيرة ابن هشام وكذا شرحها الروض الأنف 2/ 242
3 - البيهقي في دلائل النبوة (68)
4 - الذهبي في السيرة النبوية (32)
5 - وابن كثير في الفصول (241)
6 - ابن القيم في زاد المعاد 1/ 103
7 - النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1/ 37
8 - ابن سيد الناس في عيون الأثر 2/ 378
9 - وابن جماعة في المختصر الكبير في السيرة (79)
10 - وابن المبرد الحنبلي في الشجرة النبوية (116)
الوجه الثالث:-
وهو وجه يؤول للأول, أنه لو ثبتت تلك التسمية لذكرها العلماء في معرض مسألة (التسمية والتعبيد لغير الله عز وجل) فحالها حال التسمية بعبدالمطلب والكلام في الفرع النبوي مساو – إن لم يكن أولى وأقرب وأقوى – للكلام في الأصل النبوي , قال ابن حزم في مراتب الإجماع (154):
(واتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله عز وجل كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حاشا عبد المطلب)
فلم يستثن رحمه الله إلا عبدالمطلب وهو في معرض حكاية الاتفاق ولم يتعقبه شيخ الإسلام في نقد مراتب الإجماع بشيء , وفي تسمية عبدالمطلب بذلك بحث ليس هذا محل ذكره , كما أن هنالك أوجها أخرى واقتصرت على أهمها.
والخلاصة أن أولاد النبي – صلى الله عليه وسلم- الذكور ثلاثة وهم:-
القاسم وعبدالله (وهو الطيب والطاهر) وإبراهيم.
والبنات أربعة وهن:-
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.
وهنا فائدة:
قال ابن حجر- في سبب تسمية أم المؤمنين – عائشة- رضي الله عنها وعن أبيها, كما في الإصابة8/ 18 (تكنى أم عبد الله فقيل إنها ولدت من النبي صلى الله عليه و سلم ولدا فمات طفلا ولم يثبت هذا وقيل كناها بابن أختها عبد الله بن الزبير وهذا الثاني ورد عنها من طرق منها عند بن سعد عن يزيد بن هارون عن حماد عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة عن عائشة)"
نقد المؤلف بتلك الروايات بالأسانيد ومخالفتها للكتب المعروفة كان ينبغى أت يلتفت فيه إلى النقطة المعروفة المشهورة وهى أن خديجة تزوجت النبى(ص) فى سن الأربعين ومن غير الطبيعى ان تنجب كل هذا العدد من الأولاد سواء بنات أو بنين فى حوالى عشر سنوات ومن المعروف أن سن اليأس تكون ما بين الخامسة والأربعين والخمسين غالبا
الأولاد المذكورين حوالى عشرة أو يزيد القاسم وعبد الله والطيب والطاهر وعبد مناف وعبد شمس وعبد العزى وزينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة
كما ان الروايات ويبدو أنها كلها موضوعة تخبرنا ان المرأة لم تكن تحمل كل سنة مرة فقد ورد في كتاب مسند الفريابي "أن النبي محمد دخل على خديجة بنت خويلد بعد موت القاسم وهي تبكي فقالت: «يا رَسُول اللهِ دَرّتْ لُبَيْنَةُ القَاسم فلو كَان عَاش حتى يَستكمل رَضَاعَه لَهوّن عَليّ»، فقال لها: «إنّ لَه مُرضِعًا في الجنّة تستكملُ رَضَاعَتهُ»
فهنا أرضعته مدة وهذا يعنى أنها لو طبقنا نص الرضاعة سنتين فالكثير من هؤلاء الأولاد لا وجود لهم لأننا لو اعتبرنا الحمل سنة والرضاعة سنتين فالعشرة يحتاجون إلى 30سنة وهذا معناه ان حملت بعد الستين عدة مرات وهو كلام لا يصدقه عاقل كما أن الرواية تقول أنها ماتت فى الخامسة والستين 40 قبل زواج النبى (ص)+15 سنة قبل البعثة+10 سنوات بعد البعثة ولكن طبقا لوفاتها فى السنة السابعة قبل الهجرة يكون عمرها62 سنة فقط ومن ثم يكون إنجاب هذا العدد محالا ولو طبقنا نفس الكلام لآنجبت خمسة أو ستة على الأكثر بعد الأربعين
الروايات تدخلنا فى خبل وجنون ففاطمة طبقا للرواية الأشهر ولدت قبل الهجرة بخمس سنوات وأمها توفت بعد ذلك بسنتين أى أنها ولدتها وهى فى الثالثة والستين
أعطونا عقولكم لنصدق هذا الجنون
ومن ثم فالروايات غير صادقة والقرآن يخبرنا أن أولاد النبى(ص) الذكور كلهم ماتوا قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال فى قوله تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم "
وأما ذريته الباقيات فكلهن كن بنات كما قال تعالى :
" يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك"
وعند نزول هذه الآية كانت كل بناته قد بلغن مبلغ النسوة لأمرهن بإطالة الجلابيب
فى النهاية لا يسعنا أن نقول سوى التالى :
أن الروايات فى الأمر تورث الجنون والمسألة لا تهمنا فى شىء فحتى لو كان الأولاد سموا بتلك الأسماء فهذا لا يعيب النبى(ص) فى شىء لأنهم سموا قبل نزول الوحى عليه بسنوات طويلة والإنسان لا يحاسب على جهله وإن كان من المستبعد أن يسميهم النبى(ص) فى جاهليته بهذه الأسماء لأن الله يختار الرسل(ص)ممن يفكرون فى عبادة الله وحده والعدل بين الناس
مؤلف الكتاب هو عبد الرحيم أبو ميمونة من أهل العصر وهو يدور حول وجود أولاد للنبى(ص) سماهم بأسماء العبودية بغير الله وفىة هذا قال فى المقدمة :
"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فهذه رسالة لطيفة في إبطال تسمية بعض أولاد النبي – صلى الله عليه وسلم – بأسماء الجاهلية , وبيان بطلان النسبة وعدم الصحة, والله أسأل أن ينفع بها."
استهل الكاتب كتابه بالكلام عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وهو صاحب الرواية التى ذكرت أولئك الولاد فى مخطوط فقال:
"المبحث الأول:-
ترجمة موجزة لأبي عبيدة معمر بن المثنى:
معمر بن المثنى التيمي بالولاء البصري أبو عبيدة
ولد في سنة عشر ومئة (110) في الليلة التي توفي فيها الحسن البصري رحمه الله,
صاحب التصانيف أديب لغوي نحوي عالم بالشعر والغريب والأخبار والنسب ولد وتوفي بالبصرة من تصانيفه الكثيرة تسمية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده, وصفه الذهبي بأنه إمام علامة بحر ومع ذلك قال (لم يكن صاحب حديث) وقال (قد كان هذا المرء من بحور العلم , ومع ذلك لم يكن بالماهر بكتاب الله و ولا العارف بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا البصير بالفقه واختلاف أئمة الاجتهاد ... ) وكما اختلف في سنة ولادته كذلك اختلفوا في سنة وفاته فقيل سنة تسع ومائتين وقيل غير ذلك وقد نسبوا له مساوئ مذكورة وأمور منكرة عظيمة والله أعلم.
تاريخ بغداد 15/ 338سير أعلام النبلاء 9/ 445وفيات الأعيان 5/ 235 معجم المؤلفين 3/ 901"
وبعد هذا ذكر رواية أبو عبيدة فى بحث بعنوان تسمية أزواج النبي وأولاده ضمن مجلة معهد المخطوطات العربية فقال:
"توثيق النقل:-
1- قال أبوعبيدة بعدما ذكر أن خديجة - رضي الله عنها - ولدت للنبي - صلى الله عليه وسلم - رقية وزينب وأم كلثوم وفاطمة قال (وكذلك أيضا ولدت الذكور من أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - غير القاسم - وبه كان يكنى – فإنه ولد في الإسلام وعاش حتى مشى ثم مات وولدت في الجاهلية عبد مناف والطيب وهو عبدالله مات رضيعا والطاهر فذلك أربع بنات وأربعة بنين) انظر: تسمية أزواج النبي وأولاده ضمن مجلة معهد المخطوطات العربية13 1/ 248"
وبعد ذلك ذكر الكتب التى أوردت التسميات فقال:
"المبحث الثاني:
في التخريج المختصر للأثر الوارد بتلك التسمية:
روى الدولابي بسنده من طريق زهير بن العلاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة بن دعامة قال: تزوج النبي – صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي وهي أول من تزوجها فولدت له في الجاهلية عبد مناف ...... ) انظر الذرية الطاهرة النبوية للدولابي (42)
ورواه الطبراني في المعجم الكبير برقم - 18517 – بنفس الطريق إلا أنه عن زهير عن القيسي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة.
ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة برقم - 6737 – من طريق الهيثم بن عدي عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب وفيه «قال الهيثم: فحدثني هشام بن عروة، عن أبيه، قال:» فولدت له عبد العزى، وعبد مناف، والقاسم قلت لهشام: فأين الطيب والطاهر؟ قال: هذا ما وضعتم أنتم يا أهل العراق، فأما أشياخنا فقالوا:» ولدت عبد العزى، وعبد مناف، والقاسم ...... ).
ورواه ابن عساكر كما في تاريخ دمشق 3/ 129بسنده من طريق الهيثم عن هشام بن عروة عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: للنبي – صلى الله عليه وسلم ابنان , طاهر والطيب , وكان يسمي أحدهما عبد شمس والآخر عبد العزى)"
ثم ذكر المؤلف حكم أسانيد تلك الروايات فقال:
"بيان حكم هذه الآثار وأنها واهية:-
زهير بن العلاء أحاديثه موضوعة كما قال أبو حاتم , وكذلك الهيثم , فقد قال عنه يحيى (كذاب) و قال النسائي وأبو حاتم (متروك) , وغايته إن صح أنه خبر مرسل , و هناك علل أخرى , والخلاصة أنها آثار لا ينبغي التعويل عليها ولا الوقوف عندها ولذلك لم أطل في الكلام على الإسناد.
وانظر: ميزان الاعتدال2/ 83 الموضوعات لابن الجوزي 2/ 80
نقول عن بعض أهل العلم:-
وفي لسان الميزان 8/ 362 (قال النسائي الهيثم منكر الحديث والذي روى في تسمية أولاد رسول الله صلى الله عليه وسلم محال أن يصدر ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ).
وقال الحافظ في اللسان 8/ 362 (هذا من افتراء الهيثم على هشام والله أعلم).
وقال ابن كثير في البداية والنهاية 8/ 238 (فيه نكارة والله أعلم).
وقال 8/ 241) منكر (.
وقال ابن حزم في جوامع السيرة (38) "كل أولاده من ذكر وأنثى فمن خديجة بنت خويلد، حاشا إبراهيم، فإنه من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس، لم يولد له من غيرها.
فالذكور من ولده:
القاسم، وبه كان يكنى، وهو أكبر ولده، عاش أياما يسيرة، ولد له قبل النبوة.
وولدان آخران اختلف في اسم أحدهما، إلا أنه لا يخرج الرواية في ذلك عن " عبد الله: و " الطاهر " و " الطيب ".
وروينا من طريق هشام بن عروة عن أبيه: أنه كان له ولد اسمه عبد العزى قبل النبوة، وهذا بعيد، والخبر مرسل، ولا حجة في مرسل).
وأجمع ماجاء في ذلك ما ذكره في سبل الهدى والرشاد 11/ 445 قال – رحمه الله - (روى الهيثم بن عدي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ولدت خديجة - رضي الله تعالى عنها - للنبي صلى الله عليه وسلم عبد العزى وعبد مناف والقاسم، قال الهيثم، قلت لهشام: فأين الطيب والطاهر؟ قال: هذا ما وصفتم أنتم يأهل العراق، فأما أشياخنا فقالوا: عبد العزى وعبد مناف.
قال الذهبي في " الميزان " والحافظ في " اللسان " هذا من افتراء الهيثم على هشام وقال أبو الفرج: الهيثم كذا لا يلتفت إلى قوله، وقال لنا شيخنا ابن ناصر: لم يسم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط، والهيثم كذبه البخاري وأبو داود والعجلي والساجي.
وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار، وذكره ابن السكن وابن شاهين وابن الجارود و الدارقطني وغيرهم في الضعفاء، وقال في " المورد ": لا يجوز لأحد أن يقول: إن هذه التسمية وقعت من النبي صلى الله عليه وسلم ... ).
وقال الحافظ عبدالغني المقدسي في السيرة (76):
(وقيل كان له ابن يقال له عبدالعزى وقد طهره الله عز وجل من ذلك وأعاذه منه).
فالحاصل أن ثمة ثلاثة أبناء نسبوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهم:-
(عبدالعزى- عبد مناف- عبد شمس) وهذه النسبة باطلة لثلاثة أوجه أجملها في الآتي:-
الوجه الأول:-
ضعف الرواية كما تقدم.
الوجه الثاني:-
مخالفتها للمشهور المتواتر , ولذلك فإن عددا من المتقدمين والمتأخرين وجما غفيرا من المحققين لم يذكروا ذلك وأعرضوا عنه وهم في معرض تعداد أولاده - صلى الله عليه وسلم - ومن أولئك:-
1 - ابن إسحاق في مغازيه (130)
2 - سيرة ابن هشام وكذا شرحها الروض الأنف 2/ 242
3 - البيهقي في دلائل النبوة (68)
4 - الذهبي في السيرة النبوية (32)
5 - وابن كثير في الفصول (241)
6 - ابن القيم في زاد المعاد 1/ 103
7 - النووي في تهذيب الأسماء واللغات 1/ 37
8 - ابن سيد الناس في عيون الأثر 2/ 378
9 - وابن جماعة في المختصر الكبير في السيرة (79)
10 - وابن المبرد الحنبلي في الشجرة النبوية (116)
الوجه الثالث:-
وهو وجه يؤول للأول, أنه لو ثبتت تلك التسمية لذكرها العلماء في معرض مسألة (التسمية والتعبيد لغير الله عز وجل) فحالها حال التسمية بعبدالمطلب والكلام في الفرع النبوي مساو – إن لم يكن أولى وأقرب وأقوى – للكلام في الأصل النبوي , قال ابن حزم في مراتب الإجماع (154):
(واتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله عز وجل كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك حاشا عبد المطلب)
فلم يستثن رحمه الله إلا عبدالمطلب وهو في معرض حكاية الاتفاق ولم يتعقبه شيخ الإسلام في نقد مراتب الإجماع بشيء , وفي تسمية عبدالمطلب بذلك بحث ليس هذا محل ذكره , كما أن هنالك أوجها أخرى واقتصرت على أهمها.
والخلاصة أن أولاد النبي – صلى الله عليه وسلم- الذكور ثلاثة وهم:-
القاسم وعبدالله (وهو الطيب والطاهر) وإبراهيم.
والبنات أربعة وهن:-
زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة.
وهنا فائدة:
قال ابن حجر- في سبب تسمية أم المؤمنين – عائشة- رضي الله عنها وعن أبيها, كما في الإصابة8/ 18 (تكنى أم عبد الله فقيل إنها ولدت من النبي صلى الله عليه و سلم ولدا فمات طفلا ولم يثبت هذا وقيل كناها بابن أختها عبد الله بن الزبير وهذا الثاني ورد عنها من طرق منها عند بن سعد عن يزيد بن هارون عن حماد عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة عن عائشة)"
نقد المؤلف بتلك الروايات بالأسانيد ومخالفتها للكتب المعروفة كان ينبغى أت يلتفت فيه إلى النقطة المعروفة المشهورة وهى أن خديجة تزوجت النبى(ص) فى سن الأربعين ومن غير الطبيعى ان تنجب كل هذا العدد من الأولاد سواء بنات أو بنين فى حوالى عشر سنوات ومن المعروف أن سن اليأس تكون ما بين الخامسة والأربعين والخمسين غالبا
الأولاد المذكورين حوالى عشرة أو يزيد القاسم وعبد الله والطيب والطاهر وعبد مناف وعبد شمس وعبد العزى وزينب وأم كلثوم ورقية وفاطمة
كما ان الروايات ويبدو أنها كلها موضوعة تخبرنا ان المرأة لم تكن تحمل كل سنة مرة فقد ورد في كتاب مسند الفريابي "أن النبي محمد دخل على خديجة بنت خويلد بعد موت القاسم وهي تبكي فقالت: «يا رَسُول اللهِ دَرّتْ لُبَيْنَةُ القَاسم فلو كَان عَاش حتى يَستكمل رَضَاعَه لَهوّن عَليّ»، فقال لها: «إنّ لَه مُرضِعًا في الجنّة تستكملُ رَضَاعَتهُ»
فهنا أرضعته مدة وهذا يعنى أنها لو طبقنا نص الرضاعة سنتين فالكثير من هؤلاء الأولاد لا وجود لهم لأننا لو اعتبرنا الحمل سنة والرضاعة سنتين فالعشرة يحتاجون إلى 30سنة وهذا معناه ان حملت بعد الستين عدة مرات وهو كلام لا يصدقه عاقل كما أن الرواية تقول أنها ماتت فى الخامسة والستين 40 قبل زواج النبى (ص)+15 سنة قبل البعثة+10 سنوات بعد البعثة ولكن طبقا لوفاتها فى السنة السابعة قبل الهجرة يكون عمرها62 سنة فقط ومن ثم يكون إنجاب هذا العدد محالا ولو طبقنا نفس الكلام لآنجبت خمسة أو ستة على الأكثر بعد الأربعين
الروايات تدخلنا فى خبل وجنون ففاطمة طبقا للرواية الأشهر ولدت قبل الهجرة بخمس سنوات وأمها توفت بعد ذلك بسنتين أى أنها ولدتها وهى فى الثالثة والستين
أعطونا عقولكم لنصدق هذا الجنون
ومن ثم فالروايات غير صادقة والقرآن يخبرنا أن أولاد النبى(ص) الذكور كلهم ماتوا قبل أن يبلغوا مبلغ الرجال فى قوله تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم "
وأما ذريته الباقيات فكلهن كن بنات كما قال تعالى :
" يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك"
وعند نزول هذه الآية كانت كل بناته قد بلغن مبلغ النسوة لأمرهن بإطالة الجلابيب
فى النهاية لا يسعنا أن نقول سوى التالى :
أن الروايات فى الأمر تورث الجنون والمسألة لا تهمنا فى شىء فحتى لو كان الأولاد سموا بتلك الأسماء فهذا لا يعيب النبى(ص) فى شىء لأنهم سموا قبل نزول الوحى عليه بسنوات طويلة والإنسان لا يحاسب على جهله وإن كان من المستبعد أن يسميهم النبى(ص) فى جاهليته بهذه الأسماء لأن الله يختار الرسل(ص)ممن يفكرون فى عبادة الله وحده والعدل بين الناس