نقد كتاب حجية القياس والرد علي المخالفين
مؤلف الكتاب هو يوسف بن عبد الرحمن من أهل العصر وقد استهل كتابه بمقدمة بين فيها انه كتابه بحث مختصر فى الموضوع ثم بين ما ظنه اهمية القياس فقال :
"أهمية القياس:
"القياس هو الدليل الرابع من أدلة أصول الفقه وهو أصل عظيم الشأن جليل القدر فبه استنبطت أكثر الأحكام لأن النصوص محصورة والحوادث متجددة غير محصورة ولذلك قال الامام احمد لا يستغني أحد عن القياس وقال القياس ضرورة وقال (إمام الحرمين: إن أكثر الحوادث لا نص فيها بحال ولذا قال غيره من الأئمة: إنه لو لم يستعمل القياس أفضى إلى خلو كثير من الحوادث عن الأحكام، لقلة النصوص وكون الصور لا نهاية لها ) انتهي من البحر المحيط للزركشي"
هنا القياس قائم على تكذيب أقوال الله مثل "تبيانا لكل شىء"و" وتفصيلا لكل شىء" فتعبير كل شىء دل على أن كل الحوادث مذكورة فى الوحى
وأما كون الصور لا نهاية لها فكلام مجانين لأن لكل شىء مقدار ينتهى عنده كما قال تعالى " وكل شىء عنده بمقدار"
وقد بين المؤلف إجماع الأمة على القياس فقال :
"ولقد أجمعت الامة علي العمل بالقياس ,وقد وردت بذلك الآثار , وتواتر ذلك المعني عن الصحابة والتابعين وأئمة الهدي "
ثم ناقض كلامه فقال أن الناس اختلفوا فى القياس فمنهم عمل به ومنهم من رفضه فقال:
"ولقد وقف الناس من القياس مواقف متباينة فمنهم من غلا في الأخذ به فعارض النصوص الصريحة الصحيحة برأيه ومنهم من غلا في رفضه وإنكاره فحرمه , ومنهم من عمل به بشروطه وهم اهل التحقيق فلم يلجأوا إليه إلا عند الضرورة اذا لم يجدوا حكم المسالة أو النازلة في الكتاب والسنة أو الاجماع "
وتعرض الرجل لتعريف القياس فقال :
" تعريف القياس:
اختلف الأصوليون في تعريفه نظرا لاختلافهم في مسألة هل القياس دليل شرعي نصبه الشارع أو هو عمل المجتهد فمن قال بان القياس دليل نصبه الشارع عبر عن القياس بأنه استواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل هذا تعريف الآمدي سيف الدين في الأحكام ومنهم من عبر بلفظ المساواة كابن الحاجب وابن عبد الشكور فقال ابن الحاجب: مساواة فرع لأصل في علة حكمه أما من قال بأن القياس هو عمل المجتهد كأبي بكر الباقلاني وتبعه امام الحرمين والغزالي والرازي والآمدي فقد عبروا عن القياس بأنه حمل معلوم علي معلوم في اثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما "
وهذه التعاريف تتناسى شىء هام وهو أن القياس يجب فيه التطابق التام أى المساواة التامة فذراع القياس هو نفس الطول فى أى مكان وأى شىء والكيل المقيس هو نفسه وزن أو حجم القياس والقياس عند القوم فيه اختلاف فهو يقيس شىء مختلف عن شىء أخر والجامع بينها شىء صغير يسمونه هنا العلة
وبين المؤلف أركان القياس فقال :
"اذا فأركان القياس التي يقوم عليها اربعة هي الأصل والفرع والعلة والحكم ولابد لكل قياس من توفر هذه الاركان فالأصل هو المعلوم الذي ثبت حكمه بالشرع وهو ما يقاس عليه ويشبه الفرع به, والفرع هنا هو الأمر الذي لم يرد حكمه في الشرع ابتداء وهو ما يطلب قياسه علي الأصل, والعلة هي الوصف الجامع بين الأصل والفرع, والحكم هو ثمرة قياس الفرع علي الأصل "
وأركان القياس هى أداة القياس وهى الحكم والمقيس وهو الحدث لا يمكن أن يوجد غيرهما
ثم تكلم عن أنواع القياس فقال :
"ينقسم القياس الي قسمين الاول هو قياس العكس والثاني هو قياس الطرد, فأما قياس العكس فعبارة عن اثبات عكس حكم الأصل للفرع لان علة الفرع عكس علة الأصل ومثله كما ذكر رسول الله (ص)(وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال (ص) (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم قال: كذلك إن وضعها في الحلال كان له فيها أجر) الحديث رواه مسلم عن ابي ذر الغفاري "
الخبل هنا هو أن الرواية يقولون عنها أنها قياس وطبقا للمذهب السنى فالرواية نص لأنه قول الرسول(ص)
كما أن جماع الزوجة والزنى فيهما نصوص فى القرآن كقوله تعالى " ولا تقربوا الزنى" وقوله " أتوا حرثكم أنى شئتم "ومن ثم لا يمكن أن يكون هناك قياس بالمعنى المعروف عندهم لأن القياس يكون طبقا لكلامهم فى أول البحث لشىء ليس فيه نص وهو قولهم" إنه لو لم يستعمل القياس أفضى إلى خلو كثير من الحوادث عن الأحكام، لقلة النصوص"
ومن ثم ثبت لأن لا يوجد قياس عكسى لأن دليلهم هو حجة عليهم وليس لهم لكونه نص ويوجد فيه نصوص كثيرة فى القرآن
ثم تحدث القياس الثانى فقال :
" أما النوع الثاني من القياس فهو قياس الطرد وينقسم الي ثلاثة اقسام ,قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه
قال ابن القيم في اعلام الموقعين (والأقيسة المستعملة في الاستدلال ثلاثة: قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه، وقد وردت كلها في القرآن {فأما قياس العلة} فقد جاء في كتاب الله عز وجل في مواضع، منها قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} فأخبر تعالى أن عيسى نظير آدم في التكوين بجامع ما يشتركان فيه من المعنى الذي تعلق به وجود سائر المخلوقات، وهو مجيئها طوعا لمشيئته وتكوينه، فكيف يستنكر وجود عيسى من غير أب من يقر بوجود آدم من غير أب ولا أم؟ ووجود حواء من غير أم؟ فآدم وعيسى نظيران يجمعهما المعنى الذي يصح تعليق الإيجاد والخلق به "
الاستدلال على القياس بنص هو ضرب من الخبل فالقياس هو لما ليس فيه نص والآية لا تتحدث عن الأبوية وإنما هى تتحدث عن نفى الألوهية فلو كان عيسى(ص) يستحق الألوهية بسبب عدم وجود أب فآدم(ص) مثله لاستوائهما فى عدم وجود أب ولكنهما مخلوقين من تراب وليسا إلهين
وقال :
" وأما {قياس الدلالة} فهو الجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة وملزومها؛ ومنه قوله تعالى: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} فدل سبحانه عباده بما أراهم من الإحياء الذي تحققوه وشاهدوه على الإحياء الذي استبعدوه، وذلك قياس إحياء على إحياء، واعتبار الشيء بنظيره؛ والعلة الموجبة هي عموم قدرته سبحانه، وكمال حكمته؛ وإحياء الأرض دليل العلة ومنه قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} فدل بالنظير على النظير، وقرب أحدهما من الآخر جدا بلفظ الإخراج، أي يخرجون من الأرض أحياء كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي "
والخطأ الذى ارتكبه ابن القيم فى السابق ارتكبه هنا وهو ما سيرتكبه فى النوع الثالث وهو أن يتكلم عن قياس فى النصوص والله لا يقيس لأنه من يصدر النص والقوم عرفوا القياس بأنه يكون فيما ليس فيه نص وفى النوع الثالث قال :
" {وأما قياس الشبه} فلم يحكه الله سبحانه إلا عن المبطلين؛ فمنه قوله تعالى إخبارا عن إخوة يوسف أنهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل أخيهم: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} فلم يجمعوا بين الأصل والفرع بعلة ولا دليلها، وإنما ألحقوا أحدهما بالآخر من غير دليل جامع سوى مجرد الشبه الجامع بينه وبين يوسف، فقالوا: هذا مقيس على أخيه، بينهما شبه من وجوه عديدة، وذاك قد سرق فكذلك هذا، وهذا هو الجمع بالشبه الفارغ، والقياس بالصورة المجردة عن العلة المقتضية للتساوي، وهو قياس فاسد، والتساوي في قرابة الأخوة ليس بعلة للتساوي في السرقة لو كانت حقا، ولا دليل على التساوي فيها؛ فيكون الجمع لنوع شبه خال عن العلة ودليلها
ومنه قوله تعالى إخبارا عن الكفار أنهم قالوا: {ما نراك إلا بشرا مثلنا} فاعتبروا صورة مجرد الآدمية وشبه المجانسة فيها، واستدلوا بذلك على أن حكم أحد الشبهين حكم الآخر؛ فكما لا نكون نحن رسلا فكذلك أنتم، فإذا تساوينا في هذا الشبه فأنتم مثلنا لا مزية لكم علينا، وهذا من أبطل القياس؛ "
ثم تحدث عن أول من نقل عنه القول بالقياس فقال:
"لقد عمل الصحابة والتابعون بالقياس وقد تواتر ذلك عنهم الي ان جاء النظام أبو إسحاق إبراهيم بن سيار شيخ المعتزلة فقال بنفي القياس والاجتهاد في الأحكام وتبعه علي قوله هذا داؤود بن علي بن خلف مؤسس المذهب الظاهري وتبعه علي ذلك الظاهرية، وقال بهذا القول ايضا الشيعة والأمر كما تري فما خرج رأي مخالف لما كان عليه السلف الصالح إلا وكانت له جذور بدعة من البدع "
والرجل هنا يوزع الاتهامات بلا دليل ولو نظر فى كتب المذهب السنة لوجد رافضين للقياس وقد تحدث عنهم فى المبحث الأول فقال :
"المبحث الاول في أدلة نفاة القياس
استدل هؤلاء بأدلة عديدة من الكتاب والسنة والآثار والمعقول فقالوا:
أولا:- أدلتهم من القران الكريم
اولا: ان القياس طريق غير مأمون لأنه عمل بالظن وقد قال الله (ان الظن لا يغني من الحق شيئا) وقوله (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) وقوله تعالي (ولا تقف ماليس لك به علم) وقول النبي (ص){اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث} متفق عليه من حديث أبي هريرة
ثانيا: قوله تعالي (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) قالوا بما أراك الله لا بما رأيت وقال تعالي (قل إن ضللت فإنمآ أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) فلو كان القياس هدى لم ينحصر الهدى في الوحي نسب ذلك اليهم الشنقيطي في اضواء البيان
ثالثا: ان القياس فيه اختلاف كثير وهذا دليل بطلانه لأنه لو كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف واستدلوا بقوله تعالي (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
ثانيا: قالوا ان العمل بالقياس حكم بغير ما انزل الله وفي هذا ما فيه وقالوا انه تشريع في دين الله لم يأذن به الله ولا رسوله واستدلوا بقوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون) وقوله تعالي (ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وغيرها من الايات التي في نفس المعني , (قال أبو محمد فنص رسول الله (ص)على أن ما لم يوجبه فهو غير واجب وما أوجبه بأمره فواجب ما أستطيع منه وأن ما لم يحرمه فهو حلال وأن ما نهى عنه فهو حرام فأين للقياس مدخل والنصوص قد استوعبت كل ما اختلف الناس فيه وكل نازلة تنزل إلى يوم القيامة باسمها وبالله تعالى التوفيق
وقال تعالى {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به لله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم}قال أبو محمد فصح بالنص أن كل ما لم ينص عليه فهو شيء لم يأذن به الله تعالى وهذه صفة القياس وهذا حرام
رابعا: (قالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي (ص)أو بما صح عنه (ص)من فعل أو إقرار أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها متيقن أنه قاله كل واحد منهم دون مخالف من أحد منهم أو بدليل من النص أو من الإجماع المذكور الذي لا يحتمل إلا وجها واحدا والإجماع عند هؤلاء راجع إلى توقيف من رسول الله (ص)ولا بد من لا يجوز غير ذلك أصلا) انتهي من الأحكام لابن حزم
خامسا: قالوا ان الشريعة اشتملت علي جميع الأحكام قال تعالي (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وقوله تعالي (تبيانا لكل شئ) وقوله تعالي (أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) وقوله تعالي (اليوم اكملت لكم دينكم) وقوله تعالى {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهدآء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}
(قال أبو محمد فصح أن كل ما لم يأتنا به وصية من عند الله عز وجل فهو افتراء على الله كذب وناسبه إلى الله تعالى ظالم ولم تأتنا وصية قط من قبله تعالى بالحكم بالقياس فهو افتراء وباطل وكذب بل جاءتنا وصاياه عز وجل بألا نتعدى كلامه وكلام رسوله (ص)وألا نحرم ولا نوجب إلا ما أوجبا وحرما ونهيا فقط فبطل كل ما عدا ذلك والقياس مما عدا ذلك فهو باطل) انتهي من الأحكام لابن حزم
خامسا: استدلوا بقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) قالوا ان الله نهانا ان نتقدم بين يديه ويدي رسوله برأي والقياس تقديم بين يدي الله ورسوله لأنه حكم بغير قوليهما
سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الأصليه واستدلوا بقوله تعالي (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا) وقوله تعالي (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقالوا ان براءة الذمة متيقنة والقياس مظنون فكيف نترك المقطوع به لنعمل بالمظنون
سابعا: قالوا ان الواجب عند التنازع في مسألة الرد الي كتاب الله وسنة رسوله (ص)وليس الي القياس الذي مرجعه الي الظنون قال تعالي (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) وقوله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) وقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وقوله (وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله) وقوله (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) "
الأدلة هنا بعضها يناقض بعض فنجد "سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الأصلية " أى الشرع فيه مسائل ليس فيها نصوص من الوحى وهو ما يناقض أن كل المسائل لها أحكام فى الشرع بقولهم " خامسا: قالوا ان الشريعة اشتملت علي جميع الأحكام"ووجود مث فى كل مسألة يناقض وجود مسائل ليس قيها نصوص وإنما أفعال للنبى(ص) أو تقريرات أو إجماع فى قولهم" رابعا: (قالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي (ص)أو بما صح عنه (ص)من فعل أو إقرار أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها متيقن"
ثم أورد يوسف (ص) براهينهم من السنة كما يزعمون فقال :
"ثانيا:- أدلتهم من السنة
ثامنا :وردت بعض الاحاديث بذم الرأي واتباع المقاييس
كقوله (ص)فيما رواه ابن حزم بسنده في الأحكام" ....سمعت عروة بن الزبير يقول ما زال أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوهم" وأخرج ابن عبد البر عن عروة بن الزبير أنه قال لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى أدركت فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوا بني إسرائيل) وبما روي عن النبي (ص) " تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أشدها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " انظر المحلي لابن حزم في قتل اهل البغي وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك عن عوف بن مالك ثم قال (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) وكقوله (ص) {تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا} ) من المستصفي للغزالي وأخرجه ايضا ابن حزم في الأحكام في فصل في ابطال القياس واستدلوا بقوله (ص)عن عأمر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي (ص)قال {إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته} والحديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص وقوله {إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان لها رحمة لكم فلا تبحثوا عنها} من حديث ابي ثعلبة الخشني اخرجه الدارقطني والبيهقي وغيرهما وقال النووي في رياض الصالحين حديث حسن وقال ماهر يسن الفحل محقق الكتاب حديث ضعيف
تاسعا: ورد عن بعض السلف ذم القياس والعمل به كعمر بن الخطاب
(قال عمر بن الخطاب إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلت منهم أن يحفظوه فقالوا في الدين برأيهم) الأحكام لابن حزم (وقال علي لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقال ابن مسعود قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون ويتخذ الناس رؤساء جهالا فيقيسون مالم يكن بما كان وقوله إن حكمتم الرأي أحللتم كثيرا مما حرمه الله عليكم وحرمتم كثيرا مما أحله وقول ابن عباس إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم برأيه وقال لنبيه لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل بما رأيت وقوله إياكم والمقاييس فما عبدت الشمس إلا بالمقاييس وقال ابن عمر ذروني من أرأيت وأرأيت" روضة الناظر لابن قدامة وأخرج ابن عبد البر بإسناده إلى ابن مسعود قال ليس عام إلا الذي بعده شر منه لا أقول عام أبتر من عام ولا عام أخصب من عام ولأمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام وينثلم وأخرجه البيهقي بإسناد رجاله ثقات وأخرج أيضا عن الشعبي أنه قال إياكم والمقايسة فو الذي نفسي بيده لئن أخذتم بالمقايسة لتحلن الحرام ولتحرمن الحلال ولكن ما بلغكم ممن حفظ عن أصحاب رسول الله (ص)فاحفظوه" وأخرجه أيضا الدارمي في السنن رقم 110 باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة"
وما نقلوه من روايات معظمها ليست عن النبى(ص) وأولها وهو حكاية المولدون فى بنى إسرائيل لا تتفق مع انغلاق اليهود على أنفسهم كما تتعارض مع أنهم ضلوا دون حاجة لغيرهم وفى عهد موسى(ص) نفسه بعبادة العجل مرة وبطلب صناعة أصنام لهم كبقية الناس وأما حكاية افتراق الأمة والقياس بضرب من الخبل فالأمة عندما تفترق لا تكون أمة وإنما تكون أمم كلها ضال وأيضا سكون الله عن اشياء غير نسيان يتهارض مع قوله تعالى " تبيانا لكل شىء" فهو لم يسكت عن شىء ثم ذكر يوسف براهينهم من العقل كما يزعمون وهى:
ثالثا:- أدلتهم من المعقول
عاشرا: قالوا أن الرسول (ص)قد أوتي جوامع الكلم فكيف يليق به أن يترك الوجيز المفهم إلى الطويل الموهم فيعدل عن قوله: حرمت الربا في كل مطعوم أو كل مكيل، إلى عد الأشياء الستة ليرتبك الخلق في ظلمات الجهل؟) انتهي من المستصفي
حادي عشر: قالوا ان الشرع مبني علي التعبد وقد جاء بالجمع بين المختلفات والتفريق بين المتماثلات وضربوا أمثلة لذلك منها أن القتل أكبر من الزنا , ومع هذا فقد جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة , وإن البول أنجس من المني , ومع هذا جعل الله في البول وضوءا وفي المني غسلا , وأن الصلاة أعظم من الصيام , ومع هذا فقد وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ومنها أن الشرع أوجب تطهير ما أصابه بول الجارية ولم يوجبه من بول الصبي وهما في سن واحدة اي ما لم يأكلا ومنها أن الشرع جعل الكفارة اليمين والظهار والقتل الخطأ وهي اشياء مختلفة وهذا دليل النظام في نفي القياس"
وما ذكروه هنا من براهين معقولة ليس معقولة لأنهم بنوه على ما اعتقدوه من نصوص الروايات ولم يبنوه على شىء خارج من النصوص
وفى المبحث التالى ذكر براهين القائلين بالقياس فقال:
المبحث الثاني:في أدلة القائلين بحجية القياس
بداية أقول أن من الأصوليين من عبر بحجية القياس ومنهم من عبر بالتعبد بالقياس والا فرق بين التعبيرين لان مقتضاهما واحد فاذا كان القياس حجة جاز التعبد به فممن عبر (: ((بحجية القياس)) الفخر الرازي والشيرازي والزركشي وابن السبكي والأسنوي والشوكاني, وعبر آخرون بلفظ ((التعبد)) به نحو الغزالي، وابن قدامة وابن الحاجب والآمدي ... أما الأدلة في اثبات حجية القياس فهي:
أولا:- من الكتاب العزيز
أولا قوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)
قال الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (المسألة الرابعة: اعلم أن قوله: {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} يدل عندنا على أن القياس حجة، والذي يدل على ذلك أن قوله: {فإن تنازعتم فى شىء} إما أن يكون المراد فان اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الاجماع، أو المراد فان اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة، والأول باطل لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلا تحت قوله: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} وحينئذ يصير قوله: {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} إعادة لعين ما مضى، وإنه غير جائز وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني وهو أن المراد: فان تنازعتم في شيء حكمه غير مذكور في الكتاب والسنة والاجماع، واذا كان كذلك لم يكن المراد من قوله: {فردوه إلى الله والرسول} طلب حكمه من نصوص الكتاب والسنة فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له، وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس فان قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله: {فردوه إلى الله والرسول} أي فوضوا علمه إلى الله واسكتوا عنه ولا تتعرضوا له؟ وأيضا فلم لا يجوز ان يكون المراد فردوا غير المنصوص إلى المنصوص في أنه لا يحكم فيه إلا بالنص؟ وأيضا لم يجوز لا أن يكون المراد فردوا هذه الأحكام إلى البراءة الأصلية؟
قلنا: أما الأول فمدفوع، وذلك لأن هذه الآية دلت على أنه تعالى جعل الوقائع قسمين، منها ما يكون حكمها منصوصا عليه، ومنها ما لا يكون كذلك، ثم أمر في القسم الأول بالطاعة والانقياد، وأمر في القسم الثاني بالرد إلى الله وإلى الرسول، ولا يجوز أن يكون المراد بهذا الرد السكوت، لأن الواقعة ربما كانت لا تحتمل ذلك، بل لا بد من قطع الشغب والخصومة فيها بنفي أو إثبات، واذا كان كذلك امتنع حمل الرد إلى الله على السكوت عن تلك الواقعة، وبهذا الجواب يظهر فساد السؤال الثالث
وأما السؤال الثاني: فجوابه أن البراءة الأصلية معلومة بحكم العقل، فلا يكون رد الواقعة اليها ردا إلى الله بوجه من الوجوه، أما إذا رددنا حكم الواقعة إلى الأحكام المنصوص عليها كان هذا ردا للواقعة على أحكام الله تعالى، فكان حمل اللفظ على هذا الوجه أولى )
وقد قال نفس الكلام ابن عادل في تفسيره اللباب فقال (دلت هذه الآية على أن القياس حجة)"
ما قيل هنا باطل تماما فلم يذكر القياس تلميحا ولا توضيحا والرد إلى الله والرسول يعنى الرد للنص وهو وحى الله والسؤال هل لا يوجد رد عند الله ؟ إن هذا اتهام لله تعالى عن ذلك بالجهل وقال:
"ثانيا قوله تعالي (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) قال ابن عادل في تفسير اللباب
(دلت هذه الآية على أن القياس حجة؛ لأن قوله: {الذين يستنبطونه منهم} صفة لأولي الأمر، وقد أوجب الله على الذين يجيئهم أمرين: الأمن، أو الخوف أن يرجعوا في معرفته إليهم ولا يخلو إما أن يرجعوا إليهم في معرفة هذه الوقائع مع حصول النص فيها أو لا، والأول باطل؛ لأن من استدل بالنص في واقعة لا يقال: إنه استنبط الحكم؛ فثبت أنه - تعالى- أمر المكلف برد الوقعة إلى من يستنبط الحكم فيها، ولولا أن الاستنباط حجة، لما أمر المكلف بذلك؛ فثبت أن الاستنباط حجة الي ان قال فإن قيل: لا نسلم أن المراد ب {الذين يستنبطونه منهم} أولي الأمر، لكن هذه الآية إنما نزلت في بيان الوقائع المتعلقة بالحروب والجهاد، فهب أن الرجوع إلى الاستنباط جائز فيها، فلم قلتم بجوازه في الوقائع الشرعية؛ فإن قيس أحد البابين على الآخر، كان ذلك إثباتا للقياس الشرعي بالقياس، وأنه لا يجوز أن الاستنباط في الأحكام الشرعية داخل تحت الآية فلما قلتم يلزم أن يكون القياس حجة، فإنه يمكن أن يكون المراد بالاستنباط: استخراج الأحكام من النصوص الخفية، أو من تركيبات النصوص، أو المراد منه استخراج الأحكام من البراءة، الأصلية، أو مما ثبت بحكم العقل، كما يقول الأكثرون إن الأصل في المنافع الإباحة، وفي المضار الحرمة سلمنا أن القياس الشرعي داخل في الآية، لكن بشرط أن يكون القياس مفيدا للعلم؛ لقوله - تعالى-: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فاعتبر حصول العلم من هذا الاستنباط، ونزاع في مثل هذا القياس، إنما النزاع في القياس الذي يفيد الظن: هل هو حجة في الشرع، أم لا والجواب: أما الأول فلا يصح؛ لأنه يصير التقدير: أو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلموه، وعطف المظهر على المضمر، وهو قوله: «ولو ردوه» قبيح مستكره
وأما الثاني فمدفوع من وجهين:
أحدهما: أن قوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف} حاصل في كل ما يتعلق بباب التكليف، فليس في الآية ما يوجب تخصيصها بأمر الحروب وثانيها: هب أن الأمر كما ذكرتم، لكن لما ثبت تعرف أحكام الحروب بالقياس الشرعي، وجب أن يتمسك بالقياس الشرعي في سائر الوقائع، لأنه لا قائل بالفرق وأما الثالث: وهو حمل الاستنباط على استخراج النصوص الخفية أو على تركيبات النصوص الخفية أو على تركيبات النصوص، فكل ذلك لا يخرجه عن كونه منصوصا، والتمسك بالنص لا يسمى استنباطا
وأما قوله: لا يجوز حمله على التمسك بالبراءة الأصلية قلنا: ليس هذا استنباطا، بل هذا إبقاء لما كان على ما كان، ومثل هذا لا يسمى استنباطا
وأما الرابع: وهو أن هذا الاستنباط إنما يجوز عند حصول العلم، والقياس الشرعي لا يفيد العلم فنقول: جوابه من وجهين:
أحدهما: أنه عندنا يفيد العلم؛ أن ثبوت إن القياس حجة يقطع بأنه مهما غلب على الظن أن حكم الله في الأصل معلل بكذا، ثم غلب على الظن أن ذلك المعنى قائم في الفرع، فهنا يحصل ظن أن حكم الله في الفرع مساو لحكمه في الأصل، وعند هذا الظن يقطع بأنه مكلف بأن يعمل على وفق هذا الظن؛ فالحاصل: أن الظن واقع في طريق الحكم، وأما الحكم فمقطوع به، وهو يجري مجرى ما إذا قال الله - تعالى-: مهما غلب على ظنك كذا، فاعلم أن حكمي في الواقعة كذا، فإذا غلب الظن قطعنا بثبوت ذلك الحكم انتهي من تفسير اللباب لابن عادل وهو كذلك نص كلام فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب"
بالقطع الآية تتحدث عن تفسير أحداث الأمن والخوف وليس عن أحكام الله فيهما فتفسير الأحداث هو ما يقوم به القضاة لاصدار الحكم فى الأحداث التى يتعرض عليهم من قتل او جرح أو ما شابه ولذا لم يقل الله بالرد لله فى الآية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"
ثم ذكر البرهان الثالث فقال:
"ثالثا قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}وجه الدلالة: أن الاعتبار هو لغة: مقايسة الشيء بغيره قال الزركشي في البحر المحيط (وقد سئل أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وهو من أئمة اللسان عن " الاعتبار " فقال: أن يعقل الإنسان الشيء فيعقل مثله فقيل: أخبرنا عمن رد حكم حادثة إلى نظيرها أيكون معتبرا؟ قال: نعم هو مشهور في كلام العرب ) قال الشوكاني في ارشاد الفحول(ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الاعتبار مشتق من العبور وهو المجاوزة يقال عبرت على النهر والمعبر الموضع الذي يعبر عليه والمعبر السفينة التي يعبر فيها أداة العبور والعبرة الدمعة التي عبرت من الجفن وعبر الرؤيا جاوزها إلى ما يلازمها قالوا فثبت بهذه الاستعمالات أن الاعتبار حقيقة في المجاوزة فوجب أن لا يكون حقيقة في غيرها دفعا للاشتراك والقياس عبور من حكم الأصل إلى حكم الفرع فكان داخلا تحت الأمر) فالاعتبار هو تمثيل الشيء بغيره, وإجراء حكمه عليه, ومساواته به, وهذا هو القياس ومنه قولهم: " اعتبر الدينار بالصنجة " قس الدينار بالصنجة, وهو القياس والاعتبار مأمور به لقوله {فاعتبروا} فيكون القياس مأمورا به وقال ابن رشد في كتابه فصل المقال (وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي، أو العقلي والشرعي معا )
وقال (قال ابن مفلح: القياس دين، وعند أبي الهذيل: لا يطلق عليه اسم دين، وهو في بعض كلام القاضي وعند الجبائي: الواجب منه دين انتهى وقال الروياني في البحر: القياس عندنا دين الله وحجته وشرعه انتهى ) انتهي من شرح الكوكب المنير وقال الزركشي في البحر المحيط (واعتمد ابن سريج في إثباته على قوله: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} ونقل القاضي أبو بكر في " التقريب " اتفاق أهل اللغة على أن الاعتبار اسم يتناول تمثيل الشيء بغيره، واعتباره به، وإجراء حكمه عليه، والتسوية بينهما في ذلك )"
بنى القوم دليلهم على الهواء حيث انتزعوا الجملة من سياقها وهو: "هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار"
فالمطلوب هو الاتعاظ بما حدث للكتابيين وهو أمر ليس فيه أى قياس
وأما الدليل الرابع عندهم فهو :
"رابعا قوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم} قال علي النملة في اتحاف ذوي البصائر (وجه الدلالة: أن الله تعالى قد أقام مثل الشيء مقام الشيء, فدل ذلك على أن حكم الشيء يعطى لنظيره, وأن المتماثلين حكمهما واحد, وذلك هو القياس الشرعي, وقد استدل بهذه الآية الإمام الشافعي في " الرسالة ") نقل ذلك الشوكاني في ارشاد الفحول وضعف الاستدلال بالآية علي القياس وقد ضعف ابو حنيفة هذا الاستدلال بالآية علي القياس"
نلاحظ الخبل هنا وهو الاستدلال بنص على القياس فالنص يقول أى أى عدد يقتله الصائد من الحيوانات يكون الواجب عليه هو التكفير بنفس العدد من الأنعام ومن ثم لا يوجد أى قياس وإنما هو نص كامل وأما البرهان الخامس فهو:
"خامسا قوله تعالي (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) استدل بها شيخ الاسلام ابن تيمية علي حجية القياس قاله علي النملة في اتحاف ذوي البصائر "
أين القياس وكل شىء واضح حلالا وحراما فى الآية ؟
مؤلف الكتاب هو يوسف بن عبد الرحمن من أهل العصر وقد استهل كتابه بمقدمة بين فيها انه كتابه بحث مختصر فى الموضوع ثم بين ما ظنه اهمية القياس فقال :
"أهمية القياس:
"القياس هو الدليل الرابع من أدلة أصول الفقه وهو أصل عظيم الشأن جليل القدر فبه استنبطت أكثر الأحكام لأن النصوص محصورة والحوادث متجددة غير محصورة ولذلك قال الامام احمد لا يستغني أحد عن القياس وقال القياس ضرورة وقال (إمام الحرمين: إن أكثر الحوادث لا نص فيها بحال ولذا قال غيره من الأئمة: إنه لو لم يستعمل القياس أفضى إلى خلو كثير من الحوادث عن الأحكام، لقلة النصوص وكون الصور لا نهاية لها ) انتهي من البحر المحيط للزركشي"
هنا القياس قائم على تكذيب أقوال الله مثل "تبيانا لكل شىء"و" وتفصيلا لكل شىء" فتعبير كل شىء دل على أن كل الحوادث مذكورة فى الوحى
وأما كون الصور لا نهاية لها فكلام مجانين لأن لكل شىء مقدار ينتهى عنده كما قال تعالى " وكل شىء عنده بمقدار"
وقد بين المؤلف إجماع الأمة على القياس فقال :
"ولقد أجمعت الامة علي العمل بالقياس ,وقد وردت بذلك الآثار , وتواتر ذلك المعني عن الصحابة والتابعين وأئمة الهدي "
ثم ناقض كلامه فقال أن الناس اختلفوا فى القياس فمنهم عمل به ومنهم من رفضه فقال:
"ولقد وقف الناس من القياس مواقف متباينة فمنهم من غلا في الأخذ به فعارض النصوص الصريحة الصحيحة برأيه ومنهم من غلا في رفضه وإنكاره فحرمه , ومنهم من عمل به بشروطه وهم اهل التحقيق فلم يلجأوا إليه إلا عند الضرورة اذا لم يجدوا حكم المسالة أو النازلة في الكتاب والسنة أو الاجماع "
وتعرض الرجل لتعريف القياس فقال :
" تعريف القياس:
اختلف الأصوليون في تعريفه نظرا لاختلافهم في مسألة هل القياس دليل شرعي نصبه الشارع أو هو عمل المجتهد فمن قال بان القياس دليل نصبه الشارع عبر عن القياس بأنه استواء بين الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل هذا تعريف الآمدي سيف الدين في الأحكام ومنهم من عبر بلفظ المساواة كابن الحاجب وابن عبد الشكور فقال ابن الحاجب: مساواة فرع لأصل في علة حكمه أما من قال بأن القياس هو عمل المجتهد كأبي بكر الباقلاني وتبعه امام الحرمين والغزالي والرازي والآمدي فقد عبروا عن القياس بأنه حمل معلوم علي معلوم في اثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما "
وهذه التعاريف تتناسى شىء هام وهو أن القياس يجب فيه التطابق التام أى المساواة التامة فذراع القياس هو نفس الطول فى أى مكان وأى شىء والكيل المقيس هو نفسه وزن أو حجم القياس والقياس عند القوم فيه اختلاف فهو يقيس شىء مختلف عن شىء أخر والجامع بينها شىء صغير يسمونه هنا العلة
وبين المؤلف أركان القياس فقال :
"اذا فأركان القياس التي يقوم عليها اربعة هي الأصل والفرع والعلة والحكم ولابد لكل قياس من توفر هذه الاركان فالأصل هو المعلوم الذي ثبت حكمه بالشرع وهو ما يقاس عليه ويشبه الفرع به, والفرع هنا هو الأمر الذي لم يرد حكمه في الشرع ابتداء وهو ما يطلب قياسه علي الأصل, والعلة هي الوصف الجامع بين الأصل والفرع, والحكم هو ثمرة قياس الفرع علي الأصل "
وأركان القياس هى أداة القياس وهى الحكم والمقيس وهو الحدث لا يمكن أن يوجد غيرهما
ثم تكلم عن أنواع القياس فقال :
"ينقسم القياس الي قسمين الاول هو قياس العكس والثاني هو قياس الطرد, فأما قياس العكس فعبارة عن اثبات عكس حكم الأصل للفرع لان علة الفرع عكس علة الأصل ومثله كما ذكر رسول الله (ص)(وفي بضع أحدكم صدقة) قالوا أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال (ص) (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ قالوا: نعم قال: كذلك إن وضعها في الحلال كان له فيها أجر) الحديث رواه مسلم عن ابي ذر الغفاري "
الخبل هنا هو أن الرواية يقولون عنها أنها قياس وطبقا للمذهب السنى فالرواية نص لأنه قول الرسول(ص)
كما أن جماع الزوجة والزنى فيهما نصوص فى القرآن كقوله تعالى " ولا تقربوا الزنى" وقوله " أتوا حرثكم أنى شئتم "ومن ثم لا يمكن أن يكون هناك قياس بالمعنى المعروف عندهم لأن القياس يكون طبقا لكلامهم فى أول البحث لشىء ليس فيه نص وهو قولهم" إنه لو لم يستعمل القياس أفضى إلى خلو كثير من الحوادث عن الأحكام، لقلة النصوص"
ومن ثم ثبت لأن لا يوجد قياس عكسى لأن دليلهم هو حجة عليهم وليس لهم لكونه نص ويوجد فيه نصوص كثيرة فى القرآن
ثم تحدث القياس الثانى فقال :
" أما النوع الثاني من القياس فهو قياس الطرد وينقسم الي ثلاثة اقسام ,قياس العلة وقياس الدلالة وقياس الشبه
قال ابن القيم في اعلام الموقعين (والأقيسة المستعملة في الاستدلال ثلاثة: قياس علة، وقياس دلالة، وقياس شبه، وقد وردت كلها في القرآن {فأما قياس العلة} فقد جاء في كتاب الله عز وجل في مواضع، منها قوله تعالى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} فأخبر تعالى أن عيسى نظير آدم في التكوين بجامع ما يشتركان فيه من المعنى الذي تعلق به وجود سائر المخلوقات، وهو مجيئها طوعا لمشيئته وتكوينه، فكيف يستنكر وجود عيسى من غير أب من يقر بوجود آدم من غير أب ولا أم؟ ووجود حواء من غير أم؟ فآدم وعيسى نظيران يجمعهما المعنى الذي يصح تعليق الإيجاد والخلق به "
الاستدلال على القياس بنص هو ضرب من الخبل فالقياس هو لما ليس فيه نص والآية لا تتحدث عن الأبوية وإنما هى تتحدث عن نفى الألوهية فلو كان عيسى(ص) يستحق الألوهية بسبب عدم وجود أب فآدم(ص) مثله لاستوائهما فى عدم وجود أب ولكنهما مخلوقين من تراب وليسا إلهين
وقال :
" وأما {قياس الدلالة} فهو الجمع بين الأصل والفرع بدليل العلة وملزومها؛ ومنه قوله تعالى: {ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير} فدل سبحانه عباده بما أراهم من الإحياء الذي تحققوه وشاهدوه على الإحياء الذي استبعدوه، وذلك قياس إحياء على إحياء، واعتبار الشيء بنظيره؛ والعلة الموجبة هي عموم قدرته سبحانه، وكمال حكمته؛ وإحياء الأرض دليل العلة ومنه قوله تعالى: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون} فدل بالنظير على النظير، وقرب أحدهما من الآخر جدا بلفظ الإخراج، أي يخرجون من الأرض أحياء كما يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي "
والخطأ الذى ارتكبه ابن القيم فى السابق ارتكبه هنا وهو ما سيرتكبه فى النوع الثالث وهو أن يتكلم عن قياس فى النصوص والله لا يقيس لأنه من يصدر النص والقوم عرفوا القياس بأنه يكون فيما ليس فيه نص وفى النوع الثالث قال :
" {وأما قياس الشبه} فلم يحكه الله سبحانه إلا عن المبطلين؛ فمنه قوله تعالى إخبارا عن إخوة يوسف أنهم قالوا لما وجدوا الصواع في رحل أخيهم: {إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل} فلم يجمعوا بين الأصل والفرع بعلة ولا دليلها، وإنما ألحقوا أحدهما بالآخر من غير دليل جامع سوى مجرد الشبه الجامع بينه وبين يوسف، فقالوا: هذا مقيس على أخيه، بينهما شبه من وجوه عديدة، وذاك قد سرق فكذلك هذا، وهذا هو الجمع بالشبه الفارغ، والقياس بالصورة المجردة عن العلة المقتضية للتساوي، وهو قياس فاسد، والتساوي في قرابة الأخوة ليس بعلة للتساوي في السرقة لو كانت حقا، ولا دليل على التساوي فيها؛ فيكون الجمع لنوع شبه خال عن العلة ودليلها
ومنه قوله تعالى إخبارا عن الكفار أنهم قالوا: {ما نراك إلا بشرا مثلنا} فاعتبروا صورة مجرد الآدمية وشبه المجانسة فيها، واستدلوا بذلك على أن حكم أحد الشبهين حكم الآخر؛ فكما لا نكون نحن رسلا فكذلك أنتم، فإذا تساوينا في هذا الشبه فأنتم مثلنا لا مزية لكم علينا، وهذا من أبطل القياس؛ "
ثم تحدث عن أول من نقل عنه القول بالقياس فقال:
"لقد عمل الصحابة والتابعون بالقياس وقد تواتر ذلك عنهم الي ان جاء النظام أبو إسحاق إبراهيم بن سيار شيخ المعتزلة فقال بنفي القياس والاجتهاد في الأحكام وتبعه علي قوله هذا داؤود بن علي بن خلف مؤسس المذهب الظاهري وتبعه علي ذلك الظاهرية، وقال بهذا القول ايضا الشيعة والأمر كما تري فما خرج رأي مخالف لما كان عليه السلف الصالح إلا وكانت له جذور بدعة من البدع "
والرجل هنا يوزع الاتهامات بلا دليل ولو نظر فى كتب المذهب السنة لوجد رافضين للقياس وقد تحدث عنهم فى المبحث الأول فقال :
"المبحث الاول في أدلة نفاة القياس
استدل هؤلاء بأدلة عديدة من الكتاب والسنة والآثار والمعقول فقالوا:
أولا:- أدلتهم من القران الكريم
اولا: ان القياس طريق غير مأمون لأنه عمل بالظن وقد قال الله (ان الظن لا يغني من الحق شيئا) وقوله (إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) وقوله تعالي (ولا تقف ماليس لك به علم) وقول النبي (ص){اياكم والظن فان الظن اكذب الحديث} متفق عليه من حديث أبي هريرة
ثانيا: قوله تعالي (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما) قالوا بما أراك الله لا بما رأيت وقال تعالي (قل إن ضللت فإنمآ أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) فلو كان القياس هدى لم ينحصر الهدى في الوحي نسب ذلك اليهم الشنقيطي في اضواء البيان
ثالثا: ان القياس فيه اختلاف كثير وهذا دليل بطلانه لأنه لو كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف واستدلوا بقوله تعالي (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)
ثانيا: قالوا ان العمل بالقياس حكم بغير ما انزل الله وفي هذا ما فيه وقالوا انه تشريع في دين الله لم يأذن به الله ولا رسوله واستدلوا بقوله تعالي: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون) وقوله تعالي (ام لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) وغيرها من الايات التي في نفس المعني , (قال أبو محمد فنص رسول الله (ص)على أن ما لم يوجبه فهو غير واجب وما أوجبه بأمره فواجب ما أستطيع منه وأن ما لم يحرمه فهو حلال وأن ما نهى عنه فهو حرام فأين للقياس مدخل والنصوص قد استوعبت كل ما اختلف الناس فيه وكل نازلة تنزل إلى يوم القيامة باسمها وبالله تعالى التوفيق
وقال تعالى {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به لله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم}قال أبو محمد فصح بالنص أن كل ما لم ينص عليه فهو شيء لم يأذن به الله تعالى وهذه صفة القياس وهذا حرام
رابعا: (قالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي (ص)أو بما صح عنه (ص)من فعل أو إقرار أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها متيقن أنه قاله كل واحد منهم دون مخالف من أحد منهم أو بدليل من النص أو من الإجماع المذكور الذي لا يحتمل إلا وجها واحدا والإجماع عند هؤلاء راجع إلى توقيف من رسول الله (ص)ولا بد من لا يجوز غير ذلك أصلا) انتهي من الأحكام لابن حزم
خامسا: قالوا ان الشريعة اشتملت علي جميع الأحكام قال تعالي (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وقوله تعالي (تبيانا لكل شئ) وقوله تعالي (أولم يكفهم أنآ أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون) وقوله تعالي (اليوم اكملت لكم دينكم) وقوله تعالى {ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهدآء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}
(قال أبو محمد فصح أن كل ما لم يأتنا به وصية من عند الله عز وجل فهو افتراء على الله كذب وناسبه إلى الله تعالى ظالم ولم تأتنا وصية قط من قبله تعالى بالحكم بالقياس فهو افتراء وباطل وكذب بل جاءتنا وصاياه عز وجل بألا نتعدى كلامه وكلام رسوله (ص)وألا نحرم ولا نوجب إلا ما أوجبا وحرما ونهيا فقط فبطل كل ما عدا ذلك والقياس مما عدا ذلك فهو باطل) انتهي من الأحكام لابن حزم
خامسا: استدلوا بقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) قالوا ان الله نهانا ان نتقدم بين يديه ويدي رسوله برأي والقياس تقديم بين يدي الله ورسوله لأنه حكم بغير قوليهما
سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الأصليه واستدلوا بقوله تعالي (هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا) وقوله تعالي (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) وقالوا ان براءة الذمة متيقنة والقياس مظنون فكيف نترك المقطوع به لنعمل بالمظنون
سابعا: قالوا ان الواجب عند التنازع في مسألة الرد الي كتاب الله وسنة رسوله (ص)وليس الي القياس الذي مرجعه الي الظنون قال تعالي (اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون) وقوله (وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب) وقوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا) وقوله (وأن احكم بينهم بمآ أنزل الله) وقوله (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) "
الأدلة هنا بعضها يناقض بعض فنجد "سادسا: قالوا ان مالا نجد له حكما وجب علينا فيه استصحاب البراءة الأصلية " أى الشرع فيه مسائل ليس فيها نصوص من الوحى وهو ما يناقض أن كل المسائل لها أحكام فى الشرع بقولهم " خامسا: قالوا ان الشريعة اشتملت علي جميع الأحكام"ووجود مث فى كل مسألة يناقض وجود مسائل ليس قيها نصوص وإنما أفعال للنبى(ص) أو تقريرات أو إجماع فى قولهم" رابعا: (قالوا لا يجوز الحكم البتة في شيء من الأشياء كلها إلا بنص كلام الله تعالى أو نص كلام النبي (ص)أو بما صح عنه (ص)من فعل أو إقرار أو إجماع من جميع علماء الأمة كلها متيقن"
ثم أورد يوسف (ص) براهينهم من السنة كما يزعمون فقال :
"ثانيا:- أدلتهم من السنة
ثامنا :وردت بعض الاحاديث بذم الرأي واتباع المقاييس
كقوله (ص)فيما رواه ابن حزم بسنده في الأحكام" ....سمعت عروة بن الزبير يقول ما زال أمر بني إسرائيل معتدلا حتى نشأ المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوهم" وأخرج ابن عبد البر عن عروة بن الزبير أنه قال لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيما حتى أدركت فيهم المولدون أبناء سبايا الأمم فأخذوا فيهم بالرأي فأضلوا بني إسرائيل) وبما روي عن النبي (ص) " تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة أشدها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال " انظر المحلي لابن حزم في قتل اهل البغي وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك عن عوف بن مالك ثم قال (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه) وكقوله (ص) {تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا} ) من المستصفي للغزالي وأخرجه ايضا ابن حزم في الأحكام في فصل في ابطال القياس واستدلوا بقوله (ص)عن عأمر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أن النبي (ص)قال {إن أعظم المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته} والحديث متفق عليه رواه البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص وقوله {إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان لها رحمة لكم فلا تبحثوا عنها} من حديث ابي ثعلبة الخشني اخرجه الدارقطني والبيهقي وغيرهما وقال النووي في رياض الصالحين حديث حسن وقال ماهر يسن الفحل محقق الكتاب حديث ضعيف
تاسعا: ورد عن بعض السلف ذم القياس والعمل به كعمر بن الخطاب
(قال عمر بن الخطاب إياكم والرأي فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها وتفلت منهم أن يحفظوه فقالوا في الدين برأيهم) الأحكام لابن حزم (وقال علي لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه وقال ابن مسعود قراؤكم وصلحاؤكم يذهبون ويتخذ الناس رؤساء جهالا فيقيسون مالم يكن بما كان وقوله إن حكمتم الرأي أحللتم كثيرا مما حرمه الله عليكم وحرمتم كثيرا مما أحله وقول ابن عباس إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم برأيه وقال لنبيه لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل بما رأيت وقوله إياكم والمقاييس فما عبدت الشمس إلا بالمقاييس وقال ابن عمر ذروني من أرأيت وأرأيت" روضة الناظر لابن قدامة وأخرج ابن عبد البر بإسناده إلى ابن مسعود قال ليس عام إلا الذي بعده شر منه لا أقول عام أبتر من عام ولا عام أخصب من عام ولأمير خير من أمير ولكن ذهاب خياركم وعلمائكم ثم يحدث قوم يقيسون الأمور برأيهم فيهدم الإسلام وينثلم وأخرجه البيهقي بإسناد رجاله ثقات وأخرج أيضا عن الشعبي أنه قال إياكم والمقايسة فو الذي نفسي بيده لئن أخذتم بالمقايسة لتحلن الحرام ولتحرمن الحلال ولكن ما بلغكم ممن حفظ عن أصحاب رسول الله (ص)فاحفظوه" وأخرجه أيضا الدارمي في السنن رقم 110 باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة"
وما نقلوه من روايات معظمها ليست عن النبى(ص) وأولها وهو حكاية المولدون فى بنى إسرائيل لا تتفق مع انغلاق اليهود على أنفسهم كما تتعارض مع أنهم ضلوا دون حاجة لغيرهم وفى عهد موسى(ص) نفسه بعبادة العجل مرة وبطلب صناعة أصنام لهم كبقية الناس وأما حكاية افتراق الأمة والقياس بضرب من الخبل فالأمة عندما تفترق لا تكون أمة وإنما تكون أمم كلها ضال وأيضا سكون الله عن اشياء غير نسيان يتهارض مع قوله تعالى " تبيانا لكل شىء" فهو لم يسكت عن شىء ثم ذكر يوسف براهينهم من العقل كما يزعمون وهى:
ثالثا:- أدلتهم من المعقول
عاشرا: قالوا أن الرسول (ص)قد أوتي جوامع الكلم فكيف يليق به أن يترك الوجيز المفهم إلى الطويل الموهم فيعدل عن قوله: حرمت الربا في كل مطعوم أو كل مكيل، إلى عد الأشياء الستة ليرتبك الخلق في ظلمات الجهل؟) انتهي من المستصفي
حادي عشر: قالوا ان الشرع مبني علي التعبد وقد جاء بالجمع بين المختلفات والتفريق بين المتماثلات وضربوا أمثلة لذلك منها أن القتل أكبر من الزنا , ومع هذا فقد جعل الله في القتل شاهدين وفي الزنا أربعة , وإن البول أنجس من المني , ومع هذا جعل الله في البول وضوءا وفي المني غسلا , وأن الصلاة أعظم من الصيام , ومع هذا فقد وجب على الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ومنها أن الشرع أوجب تطهير ما أصابه بول الجارية ولم يوجبه من بول الصبي وهما في سن واحدة اي ما لم يأكلا ومنها أن الشرع جعل الكفارة اليمين والظهار والقتل الخطأ وهي اشياء مختلفة وهذا دليل النظام في نفي القياس"
وما ذكروه هنا من براهين معقولة ليس معقولة لأنهم بنوه على ما اعتقدوه من نصوص الروايات ولم يبنوه على شىء خارج من النصوص
وفى المبحث التالى ذكر براهين القائلين بالقياس فقال:
المبحث الثاني:في أدلة القائلين بحجية القياس
بداية أقول أن من الأصوليين من عبر بحجية القياس ومنهم من عبر بالتعبد بالقياس والا فرق بين التعبيرين لان مقتضاهما واحد فاذا كان القياس حجة جاز التعبد به فممن عبر (: ((بحجية القياس)) الفخر الرازي والشيرازي والزركشي وابن السبكي والأسنوي والشوكاني, وعبر آخرون بلفظ ((التعبد)) به نحو الغزالي، وابن قدامة وابن الحاجب والآمدي ... أما الأدلة في اثبات حجية القياس فهي:
أولا:- من الكتاب العزيز
أولا قوله تعالي (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)
قال الفخر الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (المسألة الرابعة: اعلم أن قوله: {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} يدل عندنا على أن القياس حجة، والذي يدل على ذلك أن قوله: {فإن تنازعتم فى شىء} إما أن يكون المراد فان اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الاجماع، أو المراد فان اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة، والأول باطل لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلا تحت قوله: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} وحينئذ يصير قوله: {فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول} إعادة لعين ما مضى، وإنه غير جائز وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني وهو أن المراد: فان تنازعتم في شيء حكمه غير مذكور في الكتاب والسنة والاجماع، واذا كان كذلك لم يكن المراد من قوله: {فردوه إلى الله والرسول} طلب حكمه من نصوص الكتاب والسنة فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له، وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس فان قيل: لم لا يجوز أن يكون المراد بقوله: {فردوه إلى الله والرسول} أي فوضوا علمه إلى الله واسكتوا عنه ولا تتعرضوا له؟ وأيضا فلم لا يجوز ان يكون المراد فردوا غير المنصوص إلى المنصوص في أنه لا يحكم فيه إلا بالنص؟ وأيضا لم يجوز لا أن يكون المراد فردوا هذه الأحكام إلى البراءة الأصلية؟
قلنا: أما الأول فمدفوع، وذلك لأن هذه الآية دلت على أنه تعالى جعل الوقائع قسمين، منها ما يكون حكمها منصوصا عليه، ومنها ما لا يكون كذلك، ثم أمر في القسم الأول بالطاعة والانقياد، وأمر في القسم الثاني بالرد إلى الله وإلى الرسول، ولا يجوز أن يكون المراد بهذا الرد السكوت، لأن الواقعة ربما كانت لا تحتمل ذلك، بل لا بد من قطع الشغب والخصومة فيها بنفي أو إثبات، واذا كان كذلك امتنع حمل الرد إلى الله على السكوت عن تلك الواقعة، وبهذا الجواب يظهر فساد السؤال الثالث
وأما السؤال الثاني: فجوابه أن البراءة الأصلية معلومة بحكم العقل، فلا يكون رد الواقعة اليها ردا إلى الله بوجه من الوجوه، أما إذا رددنا حكم الواقعة إلى الأحكام المنصوص عليها كان هذا ردا للواقعة على أحكام الله تعالى، فكان حمل اللفظ على هذا الوجه أولى )
وقد قال نفس الكلام ابن عادل في تفسيره اللباب فقال (دلت هذه الآية على أن القياس حجة)"
ما قيل هنا باطل تماما فلم يذكر القياس تلميحا ولا توضيحا والرد إلى الله والرسول يعنى الرد للنص وهو وحى الله والسؤال هل لا يوجد رد عند الله ؟ إن هذا اتهام لله تعالى عن ذلك بالجهل وقال:
"ثانيا قوله تعالي (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا) قال ابن عادل في تفسير اللباب
(دلت هذه الآية على أن القياس حجة؛ لأن قوله: {الذين يستنبطونه منهم} صفة لأولي الأمر، وقد أوجب الله على الذين يجيئهم أمرين: الأمن، أو الخوف أن يرجعوا في معرفته إليهم ولا يخلو إما أن يرجعوا إليهم في معرفة هذه الوقائع مع حصول النص فيها أو لا، والأول باطل؛ لأن من استدل بالنص في واقعة لا يقال: إنه استنبط الحكم؛ فثبت أنه - تعالى- أمر المكلف برد الوقعة إلى من يستنبط الحكم فيها، ولولا أن الاستنباط حجة، لما أمر المكلف بذلك؛ فثبت أن الاستنباط حجة الي ان قال فإن قيل: لا نسلم أن المراد ب {الذين يستنبطونه منهم} أولي الأمر، لكن هذه الآية إنما نزلت في بيان الوقائع المتعلقة بالحروب والجهاد، فهب أن الرجوع إلى الاستنباط جائز فيها، فلم قلتم بجوازه في الوقائع الشرعية؛ فإن قيس أحد البابين على الآخر، كان ذلك إثباتا للقياس الشرعي بالقياس، وأنه لا يجوز أن الاستنباط في الأحكام الشرعية داخل تحت الآية فلما قلتم يلزم أن يكون القياس حجة، فإنه يمكن أن يكون المراد بالاستنباط: استخراج الأحكام من النصوص الخفية، أو من تركيبات النصوص، أو المراد منه استخراج الأحكام من البراءة، الأصلية، أو مما ثبت بحكم العقل، كما يقول الأكثرون إن الأصل في المنافع الإباحة، وفي المضار الحرمة سلمنا أن القياس الشرعي داخل في الآية، لكن بشرط أن يكون القياس مفيدا للعلم؛ لقوله - تعالى-: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم} فاعتبر حصول العلم من هذا الاستنباط، ونزاع في مثل هذا القياس، إنما النزاع في القياس الذي يفيد الظن: هل هو حجة في الشرع، أم لا والجواب: أما الأول فلا يصح؛ لأنه يصير التقدير: أو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلموه، وعطف المظهر على المضمر، وهو قوله: «ولو ردوه» قبيح مستكره
وأما الثاني فمدفوع من وجهين:
أحدهما: أن قوله: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف} حاصل في كل ما يتعلق بباب التكليف، فليس في الآية ما يوجب تخصيصها بأمر الحروب وثانيها: هب أن الأمر كما ذكرتم، لكن لما ثبت تعرف أحكام الحروب بالقياس الشرعي، وجب أن يتمسك بالقياس الشرعي في سائر الوقائع، لأنه لا قائل بالفرق وأما الثالث: وهو حمل الاستنباط على استخراج النصوص الخفية أو على تركيبات النصوص الخفية أو على تركيبات النصوص، فكل ذلك لا يخرجه عن كونه منصوصا، والتمسك بالنص لا يسمى استنباطا
وأما قوله: لا يجوز حمله على التمسك بالبراءة الأصلية قلنا: ليس هذا استنباطا، بل هذا إبقاء لما كان على ما كان، ومثل هذا لا يسمى استنباطا
وأما الرابع: وهو أن هذا الاستنباط إنما يجوز عند حصول العلم، والقياس الشرعي لا يفيد العلم فنقول: جوابه من وجهين:
أحدهما: أنه عندنا يفيد العلم؛ أن ثبوت إن القياس حجة يقطع بأنه مهما غلب على الظن أن حكم الله في الأصل معلل بكذا، ثم غلب على الظن أن ذلك المعنى قائم في الفرع، فهنا يحصل ظن أن حكم الله في الفرع مساو لحكمه في الأصل، وعند هذا الظن يقطع بأنه مكلف بأن يعمل على وفق هذا الظن؛ فالحاصل: أن الظن واقع في طريق الحكم، وأما الحكم فمقطوع به، وهو يجري مجرى ما إذا قال الله - تعالى-: مهما غلب على ظنك كذا، فاعلم أن حكمي في الواقعة كذا، فإذا غلب الظن قطعنا بثبوت ذلك الحكم انتهي من تفسير اللباب لابن عادل وهو كذلك نص كلام فخر الدين الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب"
بالقطع الآية تتحدث عن تفسير أحداث الأمن والخوف وليس عن أحكام الله فيهما فتفسير الأحداث هو ما يقوم به القضاة لاصدار الحكم فى الأحداث التى يتعرض عليهم من قتل او جرح أو ما شابه ولذا لم يقل الله بالرد لله فى الآية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا"
ثم ذكر البرهان الثالث فقال:
"ثالثا قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار}وجه الدلالة: أن الاعتبار هو لغة: مقايسة الشيء بغيره قال الزركشي في البحر المحيط (وقد سئل أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب وهو من أئمة اللسان عن " الاعتبار " فقال: أن يعقل الإنسان الشيء فيعقل مثله فقيل: أخبرنا عمن رد حكم حادثة إلى نظيرها أيكون معتبرا؟ قال: نعم هو مشهور في كلام العرب ) قال الشوكاني في ارشاد الفحول(ووجه الاستدلال بهذه الآية أن الاعتبار مشتق من العبور وهو المجاوزة يقال عبرت على النهر والمعبر الموضع الذي يعبر عليه والمعبر السفينة التي يعبر فيها أداة العبور والعبرة الدمعة التي عبرت من الجفن وعبر الرؤيا جاوزها إلى ما يلازمها قالوا فثبت بهذه الاستعمالات أن الاعتبار حقيقة في المجاوزة فوجب أن لا يكون حقيقة في غيرها دفعا للاشتراك والقياس عبور من حكم الأصل إلى حكم الفرع فكان داخلا تحت الأمر) فالاعتبار هو تمثيل الشيء بغيره, وإجراء حكمه عليه, ومساواته به, وهذا هو القياس ومنه قولهم: " اعتبر الدينار بالصنجة " قس الدينار بالصنجة, وهو القياس والاعتبار مأمور به لقوله {فاعتبروا} فيكون القياس مأمورا به وقال ابن رشد في كتابه فصل المقال (وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي، أو العقلي والشرعي معا )
وقال (قال ابن مفلح: القياس دين، وعند أبي الهذيل: لا يطلق عليه اسم دين، وهو في بعض كلام القاضي وعند الجبائي: الواجب منه دين انتهى وقال الروياني في البحر: القياس عندنا دين الله وحجته وشرعه انتهى ) انتهي من شرح الكوكب المنير وقال الزركشي في البحر المحيط (واعتمد ابن سريج في إثباته على قوله: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} ونقل القاضي أبو بكر في " التقريب " اتفاق أهل اللغة على أن الاعتبار اسم يتناول تمثيل الشيء بغيره، واعتباره به، وإجراء حكمه عليه، والتسوية بينهما في ذلك )"
بنى القوم دليلهم على الهواء حيث انتزعوا الجملة من سياقها وهو: "هو الذى أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف فى قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدى المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار"
فالمطلوب هو الاتعاظ بما حدث للكتابيين وهو أمر ليس فيه أى قياس
وأما الدليل الرابع عندهم فهو :
"رابعا قوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم} قال علي النملة في اتحاف ذوي البصائر (وجه الدلالة: أن الله تعالى قد أقام مثل الشيء مقام الشيء, فدل ذلك على أن حكم الشيء يعطى لنظيره, وأن المتماثلين حكمهما واحد, وذلك هو القياس الشرعي, وقد استدل بهذه الآية الإمام الشافعي في " الرسالة ") نقل ذلك الشوكاني في ارشاد الفحول وضعف الاستدلال بالآية علي القياس وقد ضعف ابو حنيفة هذا الاستدلال بالآية علي القياس"
نلاحظ الخبل هنا وهو الاستدلال بنص على القياس فالنص يقول أى أى عدد يقتله الصائد من الحيوانات يكون الواجب عليه هو التكفير بنفس العدد من الأنعام ومن ثم لا يوجد أى قياس وإنما هو نص كامل وأما البرهان الخامس فهو:
"خامسا قوله تعالي (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) استدل بها شيخ الاسلام ابن تيمية علي حجية القياس قاله علي النملة في اتحاف ذوي البصائر "
أين القياس وكل شىء واضح حلالا وحراما فى الآية ؟