الحفاظ علي السنن الكونية تعنى
ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻧﺸﺄﺓ ﺍﻟﻜﻮﻥ .. ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻳﺤﻴﻰ
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻗُﻞْ ﺃَﻏَﻴْﺮَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃَﺗَّﺨِﺬُ ﻭَﻟِﻴّﺎً ﻓَﺎﻃِﺮِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻭَﻫُﻮَ ﻳُﻄْﻌِﻢُ ﻭَﻻ ﻳُﻄْﻌَﻢُ ﻗُﻞْ ﺇِﻧِّﻲ ﺃُﻣِﺮْﺕُ ﺃَﻥْ ﺃَﻛُﻮﻥَ ﺃَﻭَّﻝَ ﻣَﻦْ ﺃَﺳْﻠَﻢَ ﻭَﻻ ﺗَﻜُﻮﻧَﻦَّ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ ) ( ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ 14: ) . ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻭَﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀَ ﺭَﻓَﻌَﻬَﺎ ﻭَﻭَﺿَﻊَ ﺍﻟْﻤِﻴﺰَﺍﻥَ ) ( ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ 7: ) .
ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻭﻝ ﺩﻳﻔﺰ ﺃﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ : " ﺭﺍﻓﻘﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﺩﻗﺔ ﻓﻲ ﻃﺎﻗﺔ ﺟﺎﺫﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺨﻴﻠﻬﺎ، ﻭﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻭﺍﺿﺤﺔ .. ﻓﻬﻲ ﺿﺮﺑﺔ ﻗﺪﻳﻤﺔ .. ﺇﻻ ﺃﻥ ﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻣﺨﺘﺎﺭﺓ " [1] .
ﻳﻘﺪﺭ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺃﻧﻪ ﻳﻮﺟﺪ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﺑﻠﻴﻮﻥ ﻣﺠﺮﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ( ﺍﻟﺤﻠﺰﻭﻥ، ﺍﻹﻫﻠﻴﻠﺠﻴﺔ .. ﺍﻟﺦ ) ، ﻭﻟﻚ ﻭﺍﺣﺪ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ، ﻭﺃﺣﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﻟﻬﺎ ﺗﺴﻌﺔ ﻛﻮﺍﻛﺐ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻳﻌﻴﺶ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺍﻟﻤﻌﺪﻭﺩﺓ ﺑﺪﺀﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ .
ﺍﻧﻈﺮ ﺣﻮﻟﻚ : ﻫﻞ ﺃﻥ ﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻴﻨﻚ ﻳﺘﺴﻢ ﺑﺎﻟﻔﻮﺿﻰ ﻭﺍﻟﻌﺸﻮﺍﺋﻴﺔ ﺃﻡ ﺑﺎﻻﻧﺘﻈﺎﻡ ﻭﺍﻟﺪﻗﺔ ؟ ﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺷﻜﻠﺖ ﻣﺠﺮﺍﺕ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﻌﺜﺮﺕ ﻋﺸﻮﺍﺋﻴﺎً ؟ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺠﻤﻌﺖ ﻭﺗﺮﺍﻛﻤﺖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﺎﻁ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﻭﺷﻜﻠﺖ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ؟ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻜﻦ ﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﺮﻫﻒ ﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺘﻨﺎ ﺍﻟﺸﻤﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻧﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﻋﻨﻴﻒ . ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﺟﺪﺍً ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ : ﻛﻴﻒ ﺗﺮﻛﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ؟ .
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻫﻮ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﻫﺎﺋﻞ ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻓﻤﻦ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺗﺒﻌﺜﺮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎﻥ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮﺍﺋﻲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺣﺎﻟﻴﺎً ﻟﻴﺴﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻭﺑﺪﻻُ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻓﻲ ﻛﻮﺍﻛﺐ ﻭﻧﺠﻮﻡ ﻭﻣﺠﺮﺍﺕ ﻭﻋﻨﺎﻗﻴﺪ ﻣﺠﺮﻳﺔ، ﻭﻣﺠﺮﺍﺕ ﻓﻮﻕ ﻋﻨﻘﻮﺩﻳﺔ، ﻭﻋﻨﺎﻗﻴﺪ ﻋﻤﻼﻗﺔ، ﻭﻛﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﺎﺛﻞ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﻗﻨﺒﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺨﺰﻥ ﻗﻤﺢ، ﻭﺃﺩﻯ ﻟﺴﻘﻮﻁ ﻛﻞ ﺣﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻋﻠﻰ ﺷﺒﻜﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﻛﻴﺎﺱ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﻠﺴﺎﺀ ﻭﻣﺮﺯﻭﻣﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺑﺎﻻﺕ ﻭﻣﺤﻤﻮﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﻋﺮﺑﺎﺕ ﻧﻘﻞ ﻭﺟﺎﻫﺰﺓ ﻟﻠﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺗﻨﺎﺛﺮﻫﺎ ﻛﺎﻟﻤﻄﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻗﻄﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﺗﺠﺎﻩ، ﻭﻟﻘﺪ ﻋﺒﺮ ( ﻓﺮﻳﺪ ﻫﻮﻳﻞ ) ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻣﻌﺎﺭﺿﺎً ﺷﺮﺳﺎً ﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻌﺪﺓ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻋﻦ ﺩﻫﺸﺘﻪ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺐ ﻓﻘﺎﻝ : " ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺪﺃ ﺑﺎﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﺣﺎﻟﻴﺎً ﻛﻤﺎ ﻧﺸﺎﻫﺪ ﻓﺈﻥ ﺃﻱ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﻳﻠﻘﻲ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻭﻳﻔﺮﻗﻬﺎ ﻛﻠﻴﺎً، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﻧﺘﺞ ﺑﺸﻜﻞ ﻏﺎﻣﺾ ﻭﺳﺮﻱ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍً ﻣﻌﺎﻛﺴﺎً ﻓﺠﻌﻞ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺗﺘﺠﻤﻊ ﻭﺗﺘﺮﺍﻛﻢ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﻣﺠﺮﺍﺕ " [2]
ﻗُﺪﺭ ﻟﻠﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺘﺠﺖ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺃﺷﻜﺎﻻً ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺷﻲﺀ ﻏﺮﻳﺐ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺘﻮﻗﻊ، ﻭﺣﺪﻭﺙ ﻣﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻘﻴﺔ ﻭﺍﻻﻧﺴﺠﺎﻡ ﺑﻴﻦ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻛﺎﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺳﻮﻑ ﻧﺪﺭﺱ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺪﻫﺶ ﻭﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻭﻧﻔﺼﻞ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻘﻮﻝ .
ﺍﻟﺸﻜﻞ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﻳﻮﺿﺢ ﻧﺸﻮﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﻤﺎ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﺻﻄﻼﺣﺎ ﺍﻟﻀﺮﺑﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﻛﺎﺳﻢ ﻓﺎﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﻳﻨﺸﺄ ﻋﻨﻪ ﻓﻮﺿﺎ
ﻭﻟﻴﺲ ﻧﻈﺎﻡ ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻴﺴﻤﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻔﺘﻖ ( ﻓﻔﺘﻖ ﺍﻟﺜﻮﺏ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺑﺸﻜﻞ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﻣﻮﺟﻪ ﻭﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺧﻴﺎﻁ ﻣﺎﻫﺮ ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮﺍﺋﻲ (
ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ :
ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻤﻌﻮﺍ ﻋﻦ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻟﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮﺍ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺑﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺗﺎﻡ ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻫﺪﻓﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﺎ ﻳﺨﺘﻔﻲ ﺧﻠﻔﻪ، ﺫﻟﻚ ﺑﺄﻥ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻻ ﺗﻮﺣﻲ ﻟﻤﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺃﻱ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺃﻭ ﺧﻄﺔ ﺃﻭ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺑﻴﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻣﺮ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻟﻮﺟﻮﺩ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﺍﻟﻤﻌﻘﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺘﺞ ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ .
ﺃﺣﺪ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻤﺤﻴﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺮﺑﻜﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺣﺪﺙ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻻﺗﺠﺎﻫﺎﺕ، ﻭﺗﻮﺟﺪ ﻫﻨﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻫﺎﻣﺔ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻧﻠﻔﺖ ﺍﻻﻧﺘﺒﺎﻩ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﻫﻲ ﻭﺟﻮﺏ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﻮﺓ ﺗﺠﺎﺫﺏ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻼﻧﻔﺠﺎﺭ، ﺃﻱ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺒﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻜﻔﻲ ﻟﺘﺠﻤﻊ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻗﻮﺗﺎﻥ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﺎﻥ ﺗﻌﻤﻼﻥ ﻣﺘﻌﺎﻛﺴﺘﻴﻦ، ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﻫﻲ ﺗﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻭﻧﺤﻮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﺗﻘﺎﻭﻡ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺗﺠﺬﺏ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻒ، ﻭﻫﻤﺎ ﺗﻌﻤﻼﻥ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﻛﻞ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻟﺤﻈﺔ، ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﻤﻞ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﺗﻴﻦ ﺍﻟﻠﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺘﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺗﻮﺍﺯﻥ، ﻷﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻼﻧﻔﺠﺎﺭ ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺳﻮﻑ ﻳﻨﻬﺎﺭ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎً، ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﻛﺴﺔ ﺃﻛﺒﺮ، ﻓﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ﺳﻮﻑ ﺗﺘﻨﺎﺛﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﺗﺠﺎﻩ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﻻ ﺍﺗﺤﺎﺩ ﺇﻃﻼﻗﺎً .
ﺇﺫﻥ ﻛﻢ ﻫﻲ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﺣﺴﺎﺳﻴﺔ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ؟
ﻭﻛﻢ ﻫﻮ ﺩﻗﻴﻖ ﻋﺎﻣﻞ ﺍﻻﺭﺗﺨﺎﺀ ( ﺗﺨﻔﻴﻒ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ) ﻭﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩ ﺑﻴﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﺗﻴﻦ ؟
ﺃﺟﺮﻯ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻲ ( ﺑﺎﻭﻝ ﺩﻳﻔﺰ ) ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ
( ﺇﺩﻳﻠﻴﺎﺭﺩ ) ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺮﺍﻟﻴﺎ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻟﻠﺸﺮﻭﻁ ﻭﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺑﻤﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻟﺤﻈﺔ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﺗﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺬﻫﻠﺔ، ﻓﻮﻓﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ( ﺩﻳﻔﺰ ) ﺇﺫﺍ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ( 10 18- ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) ( ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻛﻮﻳﻨﺘﻠﻴﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ) ﻓﻴﺠﺐ ﺃﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻮﻥ .
ﻭﻭﺻﻒ ( ﺩﻳﻔﺰ ) ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﻠﻲ : " ﺃﻭﺻﻠﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻟﻘﻴﻤﺔ ﺣﺪﻳﺔ ﻗﺮﻳﺒﺔ ﺟﺪﺍً ﻟﻠﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻨﺪﻫﺎ ﺳﻴﻬﺮﺏ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺟﺎﺫﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻳﺘﻤﺪﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ . ﺃﻣﺎ ﻟﻮ ﺃﺑﻄﺄ ﻗﻠﻴﻼً ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻌﺪﻝ ﺗﻤﺪﺩﻩ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺔ ﻟﻪ ﻓﺴﻮﻑ ﻳﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺳﺮﻋﺔ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﻓﺈﻥ ﻣﺎﺩﺓ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﻛﻠﻴﻼً ﻭﻣﻨﺬ ﺯﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ . ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﺃﻥ ﻧﺴﺄﻝ ﺑﺪﻗﺔ ﻛﻴﻒ ﻫﻲ ﺭﻗﺔ ﻭﺭﻫﺎﻓﺔ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻫﺬﺍ ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻣﻜﻦ ﺿﺒﻄﻪ ﻭﺗﻨﻈﻴﻤﻪ ﻟﻴﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﻂ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺍﻟﻔﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﺪﺛﻴﻦ ﺍﻷﺧﻴﺮﻳﻦ ؟ ﻓﺘﻘﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺃﺳﺴﻨﺎ ﻧﻤﻮﺫﺟﺎً ﺯﻣﻨﻴﺎً ﻟﻼﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﺻﺎﺭﻡ ﻓﺒﻌﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻗﺪ ﺗﻐﻴﺮ ﻋﻦ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻦ 10 18– ﻭ ﻫﺬﺍ ﻛﺎﻑ ﻷﻥ ﻳﻠﻘﻲ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ( ﺍﻟﻤﺮﻫﻒ ) ﺑﻌﻴﺪﺍً، ﻭﻫﻨﺎ ﺗﻜﺘﺸﻒ ﺃﻥ ﻗﻮﺓ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺗﻼﺀﻣﺖ ﻭﺗﻮﺍﻓﻘﺖ ﺑﺪﻗﺔ ﻻ ﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻣﻊ ﻗﻮﺓ ﺟﺎﺫﺑﻴﺘﻪ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻫﻮ ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻴﺲ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭﺍً ﻋﺒﺜﻴﺎً ﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭﺍً ﻣﻨﻈﻤﺎً ﻭﻣﻘﺪﺭﺍً ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻭﺇﺗﻘﺎﻥ " [ 3 ] .
ﻭﻗﺪ ﻧﺸﺮﺕ ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﻌﻠﻢ ( Science ) ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭﺓ ﻣﻘﺎﻻً ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺪﻫﺶ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻊ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺟﺎﺀ ﻓﻴﻪ : " ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﺑﺠﺰﺀ ﺻﻐﻴﺮ ﺟﺪﺍً ﻣﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻔﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻭﻭﻓﻖ ﻧﻈﺮﻳﺔ ( ﺍﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ ) ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺒﻴﺔ ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺳﻮﻑ ﻟﻦ ﻳﺘﻤﺪﺩ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ ﻟﻠﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻭﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺘﻘﻠﺺ ﻭﺃﺧﻴﺮﺍً ﻳﻨﺘﻬﻲ ﻭﻳﺰﻭﻝ ﻓﻲ ﻧﻘﻄﺔ . ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﺃﻗﻞ ﺑﺠﺰﺀ ﺿﺌﻴﻞ ﺻﻐﻴﺮ ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺳﻮﻑ ﻳﺘﻤﺪﺩ ﻓﺠﺄﺓ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﺎﺫﺏ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺬﺭﻳﺔ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﺘﺸﻜﻞ ِﺇﻃﻼﻗﺎً ﺃﻳﺔ ﻧﺠﻮﻡ ﺃﻭ ﻣﺠﺮﺍﺕ، ﻭﺑﺎﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﻦ ﻳﻈﻬﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺃﺑﺪﺍً، ﻭﻭﻓﻖ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻜﺜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻭﻛﺜﺎﻓﺘﻪ ﺍﻟﺤﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﻫﻲ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪ ﺑﺎﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ ( ﺍﻟﻜﻮﺍﺩﺭ ﻟﻴﻮﻥ ) ﻓﻬﺬﺍ ﻳﺸﺒﻪ ﻭﺿﻊ ﻗﻠﻢ ﺭﺻﺎﺹ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﻳﻘﻒ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻓﻪ ﺍﻟﺤﺎﺩ ﻟﻤﺪﺓ ﺗﺰﻳﺪ ﻋﻦ ﺑﻠﻴﻮﻥ ﺳﻨﺔ، ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻭﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻳﺘﻤﺪﺩ ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺳﻮﻑ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﻛﺜﺮ ﺩﻗﺔ " [4]
ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ( ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻫﺎﻭﻛﻨﻎ ) ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﺸﺪﺓ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﺪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻭﺍﻋﺘﺒﺮ ﺃﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻟﻴﺲ ﺳﻮﻯ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻣﺨﺘﺼﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺰﻣﻦ " A Brief History of Time ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺑﺎﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻓﻲ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﻭﻗﺎﻝ : " ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﺪﻝ ﺍﻟﺘﻤﺪﺩ ﺑﻌﺪ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﺻﻐﺮ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺣﺘﻰ ﺟﺰﺀ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺑﻠﻴﻮﻥ، ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺳﻴﻨﻬﺎﺭ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﻤﻪ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ "0. [5]
ﻭﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻵﻥ ﻫﻮ : ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺪﻝ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﺍﻟﻤﻤﻴﺰ ﻛﻤﺎ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ؟ .. ﻭﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﺗﺒﺮﻫﻦ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﺪﺭﻙ، ﻭﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﺼﺎﺩﻓﺔ، ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ " ﺩﻳﻔﺰ " ﻣﺎﺩﻱ ﻭﻣﺘﺤﻤﺲ ﻟﻤﺎﺩﻳﺘﻪ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻳﻌﺘﺮﻑ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻗﺎﺋﻼً : " ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻌﺐ ﺃﻥ ﻧﻘﺎﻭﻡ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺇﺫﺍ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﺣﺴﺎﺱ ﺟﺪﺍً ﻟﺘﺒﺪﻳﻼﺕ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ، ﻓﻬﻲ ﺗﻤﻴﻞ ﻷﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺪﺭﻭﺳﺔ ﺑﺤﺬﺭ ﺷﺪﻳﺪ، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﺒﺪﻭ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﻟﺜﻮﺍﺑﺘﻬﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻗﻴﻤﺎً ﻋﺪﺩﻳﺔ ﺑﺘﻮﺍﻓﻖ ﺇﻋﺠﺎﺯﻱ ﻣﻌﻬﺎ، ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻗﻮﺓ ﻓﻲ ﺟﻮﻫﺮ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻜﻮﻧﻲ ."
[6]
ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ :
ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻌﺘﺒﺮﺓ ﻟﻠﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻻﺑﺘﺪﺍﺋﻴﺔ ﻟﻠﺨﻠﻖ، ﻭﻓﻮﺭ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻣﻀﺒﻮﻃﺔ ﻋﺪﺩﻳﺎً ﺑﺸﻜﻞ ﺻﺤﻴﺢ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻷﻧﻪ ﻟﻮ ﻭﺟﺪ ﺃﻱ ﺧﻼﻑ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻠﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻮﻥ .
ﻣﻴّﺰﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻭﺟﻮﺩ ﺃﺭﺑﻊ ﻗﻮﻯ ﺃﺳﺎﺳﻴﺔ ﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﻛﻞ ﺗﺮﻛﻴﺐ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺗﺨﻀﻊ ﻟﺤﻜﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺗﻌﺮﻑ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻜﻬﺮﻃﻴﺴﻴﺔ ﻓﻬﻤﺎ ﻣﺤﻜﻮﻣﺘﺎﻥ ﺑﺘﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ، ﺃﻱ ﺑﻜﻠﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺤﻜﻮﻣﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺭﺑﻊ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻤﻞ ﻓﻮﺭﻱ ﻋﻘﺐ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﻭﻫﻲ ﻧﺘﺠﺖ ﻭﺭﺍﻓﻘﺖ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﺓ .
ﺇﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﺭﻧﺔ ﻗﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻫﻮ ﺗﻨﻮﻳﺮ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻭﻣﺪﻯ ﻓﻌﺎﻟﻴﺘﻬﺎ ﻭﺑﻴﺎﻥ ﻟﻘﻴﻤﻬﺎ ﻭﺍﻻﺧﺘﻼﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺬﻫﻠﺔ ﻣﻦ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻷﺧﺮﻯ، ﻭﻳﻌﻄﻲ ﺍﻟﺠﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺑﻮﺣﺪﺍﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ :
ﻗﻮﺓ ﻧﻮﻭﻳﺔ ﻗﻮﻳﺔ 15
ﻗﻮﺓ ﻧﻮﻭﻳﺔ ﺿﻌﻴﻔﺔ 7.03 10× 3–
ﻗﻮﺓ ﻛﻬﺮﻃﻴﺴﻴﺔ 3.05 10× 12–
ﻗﻮﺓ ﺗﺠﺎﺫﺏ ﺛﻘﺎﻟﻴﺔ 5.90 × 10 39–
ﻻﺣﻆ ﻛﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻭﻕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻮﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﺍﻷﺭﺑﻊ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻗﻮﺍﻫﺎ ( ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻨﻮﻭﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ) ﻭﺃﺿﻌﻔﻬﺎ ( ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺘﺠﺎﺫﺏ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ ) ﻫﻮ ﺣﻮﺍﻟﻲ 52 ﻣﺘﺒﻮﻋﺔ ﺑـ 83 ﺻﻔﺮﺍً . ﻓﻠﻤﺎﺫﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻕ ؟
ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ ﺍﻟﺒﻴﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ( ﻣﻴﺸﻞ ﺩﻳﻨﺘﻮﻥ ) Michael John Denton ﻃﺮﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ " ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ " ﻗﺎﺋﻼً : " ﻣﺜﻼً ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ ﺃﻗﻮﻯ ﺑﺘﺮﻳﻠﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﻓﺎﻟﻜﻮﻥ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻐﺮ ﻭﺗﺎﺭﻳﺦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻗﺼﻴﺮ ﺟﺪﺍً، ﻓﻤﻦ ﺃﺟﻞ ﻧﺠﻢ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻛﺘﻠﺘﻪ ﺃﻗﻞ ﺑﺘﺮﻳﻠﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻠﺸﻤﺲ ﻓﺴﻮﻑ ﻟﻦ ﺗﻤﺘﺪ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻟﺤﻮﺍﻟﻲ ﺳﻨﺔ ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺍﻟﺜﻘﺎﻟﻴﺔ ﺃﻗﻞ ﻃﺎﻗﺔ ﻓﻠﻦ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻧﺠﻮﻡ ﻭﻻ ﻣﺠﺮﺍﺕ ﺇﻃﻼﻗﺎً، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ ﻟﻴﺴﺖ ﺃﻗﻞ ﺣﺪﻳﺔ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﻓﺈﺫﺍ ﺿﻌﻔﺖ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻟﻘﻮﻳﺔ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﻗﻠﻴﻞ ﺟﺪﺍً ﻓﺴﻴﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﻨﺼﺮ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺮ ﻫﻮ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻦ ﻭﻟﻦ ﺗﻮﺟﺪ ﺫﺭﺍﺕ ﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﻗﻮﻯ ﺑﻘﻠﻴﻞ ﺑﻌﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻬﺮﺍﻃﻴﺴﻴﺔ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺗﺤﺘﻮﻱ ﻧﻮﺍﺓ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺑﺮﻭﺗﻮﻧﻴﻦ ﻭﺳﻴﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﻣﻈﻬﺮﺍً ﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻭﺃﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻬﻴﺪﺭﻭﺟﻴﻦ، ﻭﺇﺫﺍ ﺗﻄﻮﺭﺕ ﻧﺠﻮﻡ ﺃﻭ ﻣﺠﺮﺍﺕ ﻓﻴﻪ ﻓﺴﻮﻑ ﺗﻜﻮﻥ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻋﻦ ﻃﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ . ﻭﺍﺿﺢ ﺃﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺛﻮﺍﺑﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺧﺬﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﻓﺴﻮﻑ ﻟﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻧﺠﻮﻡ ﻭﻻ ﻣﺴﺘﻌﺮﺍﺕ ﻭﻻ ﻛﻮﺍﻛﺐ ﻭﻻ ﺫﺭﺍﺕ ﻭﻻ ﺣﻴﺎﺓ " [7] .
ﻋﻠﻖ ( ﺑﺎﻭﻝ ﺩﻳﻔﺰ ) ﻋﻠﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺷﺮﻭﻃﺎً ﻣﺜﺎﻟﻴﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻨﺎﺱ : " ﻣﺎﺫﺍ ﻟﻮ ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺁﺛﺮﺕ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺃﻋﺪﺍﺩ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻗﻠﻴﻼً ﻋﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻌﻼً ؟ .. ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻫﻮ : ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺳﻴﻜﻮﻥ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﻣﺨﺘﻠﻔﺎً ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﻭﻧﺤﻦ ﺳﻮﻑ ﻟﻦ ﻧﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎ ﻟﻨﺮﺍﻩ، ﻭﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎﺕ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺒﺪﺍﺋﻲ ﻳﺠﺒﺮﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻝ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﺗﻢ ﺿﺒﻂ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺘﻤﺪﺩ ﺑﻨﻈﺎﻡ ﻭﺩﻗﺔ ﻣﺪﻫﺸﺔ ".
[8]
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﺎﻥ ( Arno Allan Penzias ﻭ Robert Woodrow Wilson ) ﻳﻌﻤﻼﻥ ﻣﻌﺎً ﺍﻛﺘﺸﻔﺎ ﺍﻹﺷﻌﺎﻉ ﺍﻟﺨﻠﻔﻲ ﻟﻠﻜﻮﻥ ( Cosmic microwave background radiation ) ﻭﻗﺪ ﻧﺎﻻ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻛﺘﺸﺎﻑ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1965 ﻭﻋﻠﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻛﺘﺸﺎﻓﻬﻤﺎ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺇﺷﻌﺎﻉ ﺧﻠﻔﻲ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻋﻠﻖ ( ﺑﻨﺰﻳﺎﺱ ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺑﻘﻮﻟﻪ ": ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺇﻟﻰ ﺣﺎﺩﺛﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﻭﻭﺣﻴﺪﺓ ﻟﻜﻮﻥ ﺧﻠﻖ ﻭﺍﻧﺒﺜﻖ ﻣﻦ ﻻ ﺷﻲﺀ … ﻭ ﻣﺼﺤﻮﺏ ﺑﺘﻮﺍﺯﻥ ﺩﻗﻴﻖ ﻛﺎﻥ ﺿﺮﻭﺭﻳﺎً ﻟﻴﻘﺪﻡ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ..... ﻓﻜﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺻﻤﻢ ﻭﻓﻖ ﻣﺨﻄﻂ ﺧﺎﺭﻕ ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺒﻌﺾ " [9]
ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻗﺘﺒﺴﻨﺎ ﺑﻌﻀﺎً ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻬﻢ ﻟﻠﺘﻮ ﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺕ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻫﺪﺍﺗﻬﻢ، ﻓﺒﺎﻟﻔﺤﺺ ﻭﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﺍﻟﻼﻣﻌﻘﻮﻟﺔ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻳﻘﻮﺩ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﻭﻫﻲ : ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺃﺳﻤﻰ ﻭﺗﻨﺎﺳﻖ ﻛﺎﻣﻞ، ﻭﺑﺪﻭﻥ ﺗﺮﺩﺩ ﻓﺎﻟﻤﺆﻟﻒ ﻭﺍﻟﻤﻨﻔﺬ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺳﻖ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﺪﻭﻥ ﺃﻱ ﺧﻠﻞ، ﻭﻟﻘﺪ ﻟﻔﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺮﺗﻴﺐ ﻭﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﻭ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻓﻲ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ : ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺍﻟَّﺬِﻱ ﻟَﻪُ ﻣُﻠْﻚُ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻭَﻟَﻢْ ﻳَﺘَّﺨِﺬْ ﻭَﻟَﺪﺍً ﻭَﻟَﻢْ ﻳَﻜُﻦْ ﻟَﻪُ ﺷَﺮِﻳﻚٌ ﻓِﻲ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚِ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻓَﻘَﺪَّﺭَﻩُ ﺗَﻘْﺪِﻳﺮﺍً ) ( ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ 2: ) .
ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺗﺪﺣﺾ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ :
ﻳﻮﺿﺢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﺳﺎﺑﻘﺎً ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻧﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻤﻜﻨﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻓﺴﺮﻋﺔ ﺍﻧﻔﺠﺎﺭ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻭﻗﻴﻢ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻭﻛﻞ ﺍﻟﻤﺘﺤﻮﻻﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻮﻑ ﻧﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻟﻘﺎﺩﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺣﻴﻮﻳﺔ ﻟﻠﺒﻘﺎﺀ ﺗﻢ ﺗﺮﺗﻴﺒﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺩﻗﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺩﻳﺔ . ﻭﺍﻵﻥ ﺩﻋﻨﺎ ﻧﺼﻨﻊ ﺍﺳﺘﻄﺮﺍﺩﺍً ﻣﺨﺘﺼﺮﺍً ﻭﻧﻬﺘﻢ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ : ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﻫﻲ ﺗﻌﺒﻴﺮ ﺭﻳﺎﺿﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ ﻓﻲ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻭﻗﻮﻉ ﺣﺪﺙ ﻣﺎ . ﻭ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺣﺴﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻓﻲ ﻓﺮﻉ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ، ﻭﺩﻋﻨﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ : ﻟﻨﺄﺧﺬ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺴﺒﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ، ﻭﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻋﻄﺎﻧﺎ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ؟ ﻓﻬﻞ ﻫﻮ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ ﺑﻠﻴﻮﻧﺎﺗﺖ ﺍﻟﺒﻠﻴﻮﻧﺎﺕ ؟ ﺃﻭ ﻓﻲ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﺘﺮﻳﻠﻴﻮﻧﺎﺕ ؟ ﺃﻡ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ؟؟
( ﺭﻭﺟﺮ ﺑﻨﺮﻭﺯ Roger Penrose ) ﻭﻫﻮ ﺭﻳﺎﺿﻲ ﺇﻧﻜﻠﻴﺰﻱ ﻭﺻﺪﻳﻖ ﻣﻘﺮﺏ ﻟـ ( ﺳﺘﻴﻔﻦ ﻫﺎﻭﻛﻨﻎ ) ﺗﺴﺎﺀﻝ ﺣﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻭﺣﺎﻭﻝ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻟﻤﺜﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﻭﺿﻤﻨﻪ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﻋﺘﺒﺮﻩ ﻣﺘﺤﻮﻻﺕ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﺒﻘﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﻄﺢ ﻛﻮﻛﺐ ﻣﺜﻞ ﻛﻮﻛﺒﻨﺎ .
ﻭﻃﺒﻖ ﺣﺴﺎﺑﺎﺕ ﺑﻨﺮﻭﺯ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺭﺟﺤﻴﺔ ﺿﺪ ﻭﻗﻮﻉ ﻣﺜﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﻤﺎﻝ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺭﺗﺒﺔ ( 10 10 123 ) ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪ !! ﻭﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺗﺨﻴﻠﻪ ﻟﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﻏﺮﺍﺑﺔ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ( 10 123 ) ﺗﻌﻨﻲ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﺘﺒﻮﻋﺎً ﺑـ ﻣﺌﺔ ﻭﺛﻼﺛﺔ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﻔﺮﺍً . ( ﻭﻫﺬﺍ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﻠﻲ ﻟﻠﺬﺭﺍﺕ ﻭﻣﻘﺪﺭﺍﻫﺎ 10 78 ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻮﺟﻮﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻟﻜﻦ ﺟﻮﺍﺏ ( ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﻛﺎﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺭﻗﻤﺎً ﻭﺍﺣﺪﺍُ ﻣﺘﺒﻮﻋﺎً ﺑـ 10 123 ﺻﻔﺮﺍً .
ﺇﺫﺍ ﺍﻋﺘﺒﺮﻧﺎ ﺃﻥ 10 3 ﻫﻲ ﺃﻟﻒ، ﻭ ( 10 10 123 ) ﻫﻮ ﺭﻗﻢ ﻳﻌﻨﻲ ﻭﺍﺣﺪ ﻭ ﻣﺘﺒﻮﻋﺎً ﺑﺄﻟﻒ ﺻﻔﺮ، ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻭﺟﻮﺩ ﺳﺘﺔ ﺃﺻﻔﺎﺭ ﻓﻘﻂ ﻧﺴﻤﻲ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻣﻠﻴﻮﻥ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﺗﺴﻌﺔ ﻧﺴﻤﻴﻪ ﺑﻠﻴﻮﻥ، ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺛﻨﺎ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺮﺍً ﺳﻤﻲ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻥ .. ﻭ ﻫﻜﺬﺍ . ﻭﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺘﻰ ﺍﺳﻢ ﺇﻃﻼﻗﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﻗﻢ ﻣﺘﺒﻮﻉ ﺑـ 10 123 ﺻﻔﺮﺍً .
ﻭﺑﺎﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺗﻌﺎﺑﻴﺮ ﺗﻄﺒﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻓﺎﺣﺘﻤﺎﻝ ﻗﻴﻤﺘﻪ ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ 10 50 ﻳﻌﻨﻲ ﺍﺣﺘﻤﺎﻻً ﻳﺴﺎﻭﻱ ﺍﻟﺼﻔﺮ، ﻭﻋﺪﺩ ( ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﻫﻮ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻥ ﺗﺮﻟﻴﻮﻥ ﺗﺮﻳﻠﻴﻮﻥ ﻣﺮﺓ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻔﺮ، ﻭﺑﺎﺧﺘﺼﺎﺭ ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﻋﺪﺩ ( ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺻﺪﻓﺔ ﺃﻭ ﺑﺼﺪﻓﺔ ﺍﻋﺘﻤﺪﺕ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﻭﺙ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺍﻓﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﻛﻮﻧﻨﺎ ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ﺗﻤﺎﻣﺎً .
ﻭ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻵﻥ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺩﻗﺔ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺸﺪﻩ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺃﻱ ﻳﺒﻴﻦ ﻟﻨﺎ ﻣﺪﻯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻲ ﻳﻨﺒﺜﻖ، ﻭ ﺗﻌﻨﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻗﺔ ﺍﺳﻤﻴﺎً ﺟﺰﺀﺍً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻓﻲ ( 10 10 123 ) ، ﻭﻫﺬﺍ ﻋﺪﺩ ﻏﻴﺮ ﻃﺒﻴﻌﻲ، ﻭﺍﻟﺸﺨﺺ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺑﺸﻜﻠﻪ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﺘﺪﻭﻳﻦ ﺍﻟﻌﺸﺮﻱ ﻓﻬﻮ ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﺘﺒﻮﻋﺎً ﺏ 10 123 ﺻﻔﺮﺍً ﻣﺘﺘﺎﺑﻌﺎًﻥ ﻓﺈﺫﺍ ﻓﺮﺿﻨﺎ ﺃﻧﻨﺎ ﻛﺘﺒﻨﺎ ﺻﻔﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺑﺮﻭﺗﻮﻥ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻧﻴﻮﺗﻮﻥ ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭ ﺃﻥ ﻧﻮﺯﻉ ﺑﺒﺎﻗﻲ ﺍﻷﺻﻔﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﻴﺎﺱ ﺍﻟﺠﻴﺪ، ﻓﺴﻮﻑ ﻧﻔﺸﻞ ﻭ ﻧﻌﺠﺰ ﺗﻤﺎﻣﺎً ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﻔﺎﺭ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﻣﻦ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺮﻭﺗﻮﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻨﺘﺮﻭﻧﺎﺕ .. ﺃﻟﺦ [10]
ﻳﺤﺪﺛﻨﺎ ( ﺭﻭﺟﺮ ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺑﻘﻮﻟﻪ " : ﻳﺨﺒﺮﻧﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﻋﻦ ﻣﺪﻯ ﺩﻗﺔ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺪﻑ ( ﺍﻟﻜﻮﻥ ) ." ﻭﻗﺪ ﺻﺮﺡ ( ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻗﺎﺋﻼً : ﺃﻥ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺩ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﺩﻭﺭﺍً ﺣﺎﺳﻤﺎً ﻓﻲ ﻭﺟﻮﺩﻩ، ﻭﻫﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﺍﺑﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ، ﻭﺗﺒﺮﻫﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﺄﻳﺔ ﺣﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺗﺠﺎً ﻋﻦ ﺻﺪﻓﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺗﺒﻴﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻋﺪﺍﺩ ﻣﺪﻯ ﺩﻗﺔ ﻫﺪﻑ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻬﺪﻑ ( ﺍﻟﻜﻮﻥ ) ﻟﻜﻲ ﻳﻨﺒﺜﻖ ﻭﻳﺒﻘﻰ ﻗﺎﺋﻤﺎً ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ .
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﻜﻲ ﻧﻤﻴﺰ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻟﻴﺲ ﻧﺎﺗﺠﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﻓﺔ ﻓﺎﻟﺸﺨﺺ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺃﻱ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﺴﺎﺑﺎﺕ ﺇﻃﻼﻗﺎً، ﻭﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺣﻮﻟﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﺃﻥ ﻳﻌﻲ ﻭﻳﺪﺭﻙ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺃﻭ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﺻﻐﺮ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﺮﺍﻩ، ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ .. ﻛﺎﻣﻞ ﻓﻲ ﺃﻧﻈﻤﺘﻪ ( ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺒﻴﻮﺕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﻭﺍﻷﺯﻫﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﺸﺮﺍﺕ، ﻭﻛﻞ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻴﻪ ) ﺃﻥ ﺗﺄﺗﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺘﺴﺎﻗﻂ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﻣﻊ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻧﻔﺠﺎﺭ ﻭﺗﺼﻨﻊ ﻛﻮﻧﺎً . ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻳﻘﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻋﻴﻨﻨﺎ ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ، ﻓﻘﻂ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻔﻜﺮﻭﻥ ﻫﻢ ﻭﺣﺪﻫﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻹﺷﺎﺭﺍﺕ .
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺧَﻠْﻖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻭَﺍﺧْﺘِﻼﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﺍﻟْﻔُﻠْﻚِ ﺍﻟَّﺘِﻲ ﺗَﺠْﺮِﻱ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺒَﺤْﺮِ ﺑِﻤَﺎ ﻳَﻨْﻔَﻊُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱَ ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻣِﻦْ ﻣَﺎﺀٍ ﻓَﺄَﺣْﻴَﺎ ﺑِﻪِ ﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﺑَﻌْﺪَ ﻣَﻮْﺗِﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻣِﻦْ ﻛُﻞِّ ﺩَﺍﺑَّﺔٍ ﻭَﺗَﺼْﺮِﻳﻒِ ﺍﻟﺮِّﻳَﺎﺡِ ﻭَﺍﻟﺴَّﺤَﺎﺏِ ﺍﻟْﻤُﺴَﺨَّﺮِ ﺑَﻴْﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻟَﺂﻳﺎﺕٍ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻮﻥَ ) ( ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ 164: ) .
ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻮﺍﺿﺤﺔ :
ﺃﺗﺖ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻌﺸﺮﻳﻦ ﺑﺪﻟﻴﻞ ﻣﻄﻠﻖ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺧﻠﻖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻳﻮﺿﺢ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻷﻧﺘﺒﺮﻭﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺗﻔﺼﻴﻞ ﻟﻠﻜﻮﻥ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﻢ ﺗﺼﻤﻴﻤﻪ ﻛﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻭﺟﻮﺩ ﻟﻠﺼﺪﻓﺔ ﻓﻴﻪ .
ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮ ﻟﻼﻧﺘﺒﺎﻩ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻛﺘﺸﻔﻮﺍ ﻛﻞ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﻭﻫﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺃﺗﻰ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺎﻟﺼﺪﻓﺔ ﻫﻢ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﺬﻱ ﺩﺍﻓﻌﻮﺍ ﻗﺪﻳﻤﺎًُ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻭﺣﻤﻮﻫﺎ، ﻭﻣﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ( ﺑﺎﻭﻝ ﺩﻳﻔﺰ ﻭﺃﺭﻧﻮﺑﻨﺰﺍﻳﺎﺱ ﻭﻓﺮﻳﺪ ﻫﻮﻳﻞ ﻭﺭﻭﺟﺮ ﺑﻨﺮﻭﺯ ) ﻓﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﺃﺗﻘﻴﺎﺀ ﻭﺭﻋﻴﻦ ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﺪﻫﻢ ﻧﻴﺔ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﻣﺘﺎﺑﻌﺘﻬﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ، ﻭﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺍﺟﻬﺘﻬﻢ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻨﺘﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﺣﻮﻝ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺪﺭﺓ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺑﻐﻴﺮ ﻗﺼﺪ ﻣﻨﻬﻢ .
ﻭﻗﺪ ﺍﻋﺘﺮﻑ ﺍﻟﻔﻠﻜﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺟﻮﺭﺝ ﻏﺮﻧﺸﺘﺎﻳﻦ ( George Greenstein ) ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﻠﻲ ( The symbiotic universe: Life and mind in the cosmos ) ﻛﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺀ ﺃﻥ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻭﺗﺘﻤﺎﺛﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭ ﻣﻊ ﻛﻞ ﺩﻟﻴﻞ ﺗﺘﻢ ﻣﻌﺎﻳﻨﺘﻪ ﻓﺈﻧﻪ ﺗﺘﺠﻠﻰ ﺑﺈﻟﺤﺎﺡ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﻮﺓ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﻌﺔ . ﺇﻧﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﻭﺑﺸﻜﻞ ﻣﻔﺎﺟﻲﺀ ﺃﻥ ﻧﺜﺒﺖ ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻜﺎﺋﻦ ﺍﻟﺨﺎﺭﻕ ؟ ﻓﻬﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺗﺪﺧﻞ ﻭﺑﺸﻚ ﻣﺘﻌﻤﺪ ﺧﻠﻖ ﻭﺃﺑﺪﻉ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻟﻤﻨﻔﻌﺘﻨﺎ .
ﺭﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻠﺤﺪ ( ﻏﺮﻧﻴﺸﺘﺎﻳﻦ ) ﻳﺘﺠﺎﻫﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻭ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻮ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻳﻔﻜﺮ ﻭﻳﺘﻌﺠﺐ، ﻭﻣﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﺃﻗﻞ ﺇﻧﻜﺎﺭﺍً ﻭﻏﺮﻭﺭﺍً ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﻣﺴﺘﻌﺪﻭﻥ ﻟﻺﻗﺮﺍﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﺻﻤﻢ ﺧﺼﻴﺼﺎً ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺠﻨﺲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻱ ﻓﻴﻪ، ﺃﻣﺎ ﻟﻔﻠﻜﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ( ﻫﻴﻮﺝ ﺭﻭﺱ Dr. Hugh Ross, Ph.D ) ﻓﻘﺪ ﺃﻧﻬﻰ ﻣﻘﺎﻟﺔ : " ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻭﻣﺒﺪﺃ ﺍﻷﻧﺘﺮﻭﺑﻲ Design and the Anthropic "Principle ﺑﺎﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ : " ﻻﺑﺪ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﺎﻟﻘﺎً ﻋﺒﻘﺮﻳﺎً ﻣﺘﻌﺎﻟﻴﺎً ﻓﺎﺋﻘﺎً ﻭﻭﺭﺍﺀ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺗﻰ ﺑﺎﻟﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻤﺒﺪﻉ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﻛﻮﻛﺐ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻴﻬﺎ "
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﺪﻟﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﻳﻮﺟﺪ ﺇﻟﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﺍﻟﻤﺮﺋﻲ ﻣﻨﻪ ﻭﺍﻟﻼﻣﺮﺋﻲ . ﻫﻮ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺎﻡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻮﺍﺯﻥ ﺍﻟﺒﺎﺭﻉ ﺍﻟﻼﻃﺒﻴﻌﻲ، ﻭﺻﻤﻢ ﺧﺼﻴﺼﺎً ﻟﻴﻤﻜﻦ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﻭﺿﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ
ﺩﻳﻔﺰ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ( ﺍﻟﻨﺴﺨﺔ ﺍﻟﻜﻮﻧﻴﺔ The Cosmic Blueprint ) ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻭﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ : " ﺑﺼﻤﺔ ﺍﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻏﺎﻣﺮﺓ " [11] ﻓﻘﺎﻝ : " ﺑﺪﻭﻥ ﺷﻚ ﺇﻥ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻫﻮ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﺭﺓ ﺍﻹﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺯﻳﻦ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ، ﻭﻛﻞ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻫﻲ ﺩﻟﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻟﻪ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻷﺳﻤﻰ ﻭﻗﻮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻖ " ، ﺕﻟﻚ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻛﺘﺸﻔﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻋﻠﻮﻡ ﺣﺪﻳﺜﺔ ﻭﻫﻲ ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺗﺠﺪﻳﺪ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻢ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻨﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ :
( ﺇِﻥَّ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﻓِﻲ ﺳِﺘَّﺔِ ﺃَﻳَّﺎﻡٍ ﺛُﻢَّ ﺍﺳْﺘَﻮَﻯ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟْﻌَﺮْﺵِ ﻳُﻐْﺸِﻲ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﻳَﻄْﻠُﺒُﻪُ ﺣَﺜِﻴﺜﺎً ﻭَﺍﻟﺸَّﻤْﺲَ ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮَ ﻭَﺍﻟﻨُّﺠُﻮﻡَ ﻣُﺴَﺨَّﺮَﺍﺕٍ ﺑِﺄَﻣْﺮِﻩِ ﺃَﻻ
ﻟَﻪُ ﺍﻟْﺨَﻠْﻖُ ﻭَﺍﻟْﺄَﻣْﺮُ ﺗَﺒَﺎﺭَﻙَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺭَﺏُّ ﺍﻟْﻌَﺎﻟَﻤِﻴﻦَ ) ( ﻷﻋﺮﺍﻑ 54: ) .
ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ : ﻣﻘﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺏ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﺍﻟﻜﺎﺗﺐ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﻫﺎﺭﻭﻥ ﻳﺤﻴﻰ ﺑﺘﺼﺮﻑ .
[1] Paul Davies,Superforce: The Search for aGrand Unified Theoy of nature,1984,p.185
[2] Fred Hoyle,The intelligent universe,London,1984,p.184-185
[3] Paul Davies,Superforce:The Search for agrand unified Theory of nature.1984.p.189
[4] Bilim ve Teknik (scinence and technics) 201.p.16.
[5] Stephen Hawking ,A brief History of time , Bantame press ,london:1988.p.121-125.
[6] Paul davies.God and the new physics.New york:simon and schuster.1983.p.189.
[7] Michael Denton.nature,s Destiny:Hom the laws of Biology Purpose in the universe The new york:The free press.1998.p.12-13.
[8] Paul Davies. The accidental universe cambridge:cambridge University press.1982.foreword
[9] Hugh Ross.The Creator and the Cosmos.p.122-22.
[10] Roger Penrose.The amperors new Mind.1989.michael Denton natures desting.Thenew york:the free press 1988.p.9.
[11] Paul davies.the cosmic blueprint.london:penguin books 1987.p.203
عدل سابقا من قبل محمد موافى في الثلاثاء مارس 15, 2016 12:03 pm عدل 1 مرات