"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا "المعنى ولا تذبحوا أطفالكم خوف فقر نحن نعطيهم وإياكم إن ذبحهم كان ذنبا عظيما،يبين الله لنا أن الواجب علينا هو ألا نقتل أولادنا خشية إملاق والمراد ألا نذبح أطفالنا خوف الفقر وهذا يعنى أن الدافع لقتل العيال هو الخوف من الحاجة ويبين لنا أنه يرزقهم أى يعطيهم العطايا وإيانا ويبين لنا أن قتل أى ذبح الأطفال من أجل الفقر خطأ كبير والمراد حوبا أى ذنبا عظيما مصداق لقوله بسورة النساء"إنه كان حوبا كبيرا".
"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا"المعنى ولا ترتكبوا الزنى إنه كان منكرا أى قبح طريقا ،ينهانا الله عن قرب الزنى أى عمل الزنى وهو قضاء الشهوة مع غير الزوجة ويبين لنا أن الزنى فاحشة أى منكر أى شر وفسره بأنه ساء سبيلا أى قبح فعلا والمراد أنه عمل قبيح محرم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا "المعنى ولا تذبحوا النفس التى منع الله إلا بالعدل ومن ذبح منقوصا فقد جعلنا لناصره حكما فلا يفرط فى الذبح إنه كان مؤيدا ،ينهانا الله عن قتل النفس التى حرم إلا بالحق والمراد عن ذبح الإنسان الذى منع الله ذبحه إلا بالعدل وهو أن يكون قاتلا أو مرتدا عن الإسلام ويبين لنا أن من قتل مظلوما والمراد من ذبح دون وجود حق لذبحه فقد جعل الله لوليه أى ناصره وهو وارثه الأتى :سلطان أى حق هو القصاص وعلى ذلك فعلى الولى ألا يسرف فى القتل والمراد ألا يفرط فى الذبح والمراد ألا يقتل سوى القاتل ويبين لنا أن الولى منصور والمراد مؤيد من قبل الله والمسلمين حيث يمكنونه من تنفيذ حكم الله فى القاتل .
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا "المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الميثاق إن الميثاق كان مفروضا،ينهانا الله عن قرب مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد عن أخذ ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أقسط وهى أجر الوصى الفقير المعلوم وعلى الوصى الغنى أن يستعفف عن الأجر حتى يبلغ أشده أى حتى يصل رشده وهو العقل،ويطلب منا أن نفى بالعهد والمراد أن نطيع الدين ويبين لنا أن العهد كان مسئولا والمراد أن الدين وهو الإسلام كان مفروضا علينا طاعته .
"وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا "المعنى وأتموا العهد إذا عاهدتم أى اعملوا بالوحى العادل ذلك أحسن أى أفضل مرجعا ،يطلب الله منا نفس الطلب السابق وهو الوفاء بالعهد بقوله أوفوا الكيل إذا كلتم والمراد أطيعوا العهد إذا رضيتم به وفسر هذا بأن يزنوا بالقسطاس المستقيم والمراد أن يعملوا بالدين العدل والعمل بالدين خير أى أنفع وفسر هذا بأنه أحسن تأويلا والمراد أفضل مستقرا أى مقيلا مصداق لقوله بسورة الفرقان"أصحاب الجنة خير مستقرا وأحسن مقيلا" حيث يدخل العامل بالدين الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا "المعنى ولا تطع الذى ليس لك به معرفة إن القلب أى النفس أى العقل كل أولئك كان عنه محاسبا،ينهى الله رسوله (ص)وكل مسلم عن قفو ما ليس له به علم والمراد عن طاعة الذى ليس له به معرفة أنه معمول به فى دين الله ويبين له أن السمع أى البصر وهو الفؤاد والمراد النفس مسئولة أى محاسبة على كل تلك الطاعات سواء لله أو لغيره والخطاب للنبى(ص)وكل مسلم هو وما بعده وما بعده.
"ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها "المعنى ولا تسر فى البلاد ظالما إنك لن تخرم البلد ولن تصل الرواسى قوة كل ذلك كان عمله لدى إلهك محرما ،ينهى الله المسلم عن المشى فى الأرض مرحا والمراد عن ابتغاء الفساد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "ولا تبغ الفساد فى الأرض" أى ينهاه عن العيش فى البلاد عاملا بالظلم ويبين له أنه أنه لن يخرق الأرض أى لن يخرم البلاد والمراد لن يستطيع احتلالها أى ملكها ولن يبلغ الجبال طولا والمراد ولن يصل الرواسى قوة أى لن تصل قوته إلى أن تصبح مثل قوة الجبال وهذا إخبار للإنسان أنه ضعيف ويبين له أن كل ذلك وهو المشى مرحا فى الأرض سيئه وهو عمله عند الله مكروها والمراد أن ذلك فعله محرم فى كتاب الله .
"ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا "المعنى ذلك من الذى ألقى إلهك من الحكم ولا تعبد مع الله ربا آخر فتدخل النار معاقبا معذبا ،يبين الله لرسوله(ص)أن ذلك وهو ما سبق ذكره من الآيات هو مما أوحى إليه ربه من الحكمة والمراد من الذى ألقى إليه خالقه من كتاب الله مصداق لقوله بسورة الكهف"ما أوحى إليك من كتاب ربك"ويطلب الله منه ألا يجعل مع الله إلها آخر أى ألا يطيع مع حكم الله حكم رب آخر مزعوم والمراد ألا يدع مع الله ربا آخر فيلقى فى جهنم ملوما مدحورا والمراد فيدخل فى النار معذبا معاقبا مصداق لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ".
"أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما "المعنى أفخصكم إلهكم بالصبيان وجعل من الملائكة بناتا إنكم لتفترون افتراء كبيرا؟يسأل الله الكفار على لسان نبيه(ص) أفأصفاكم ربكم بالبنين أى هل خصكم خالقكم بالأولاد واتخذ من الملائكة إناثا أى وجعل من الملائكة بناتا له؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن قولهم أن البنين هم أولادهم والملائكة هم بنات الله هو قول عظيم أى افتراء كبير والمراد كذب واضح والخطاب للكفارعلى لسان النبى(ص).
"ولقد صرفنا فى هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا"المعنى ولقد بينا فى هذا الوحى ليطيعوا وما يمدهم إلا طغيانا،يبين الله لنا أنه صرف فى القرآن والمراد قال أى ضرب فى الوحى من كل مثل أى حكم مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل" والسبب فى قول الأحكام فى القرآن هو أن يذكروا أى يطيع الناس الأحكام ويبين لنا أن النتيجة أن أحكام القرآن ما تزيدهم إلا نفورا أى ما تمدهم سوى طغيانا مصداق لقوله بسورة الإسراء"فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا"والمراد أنهم يستمرون فى كفرهم والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لإبتغوا إلى ذى العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون"المعنى قل لو كان معه أرباب كما يزعمون إذا لطلبوا إلى صاحب الملك طريقا طاعته وعلا عما يزعمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لو كان معه آلهة والمراد لو كان مع الله شركاء إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا والمراد إذا لوجدوا إلى صاحب الملك طريقا وهذا يعنى أن فى حالة تعدد الأرباب كان الحادث هو أن الأرباب ستجد طريق لقهر الرب صاحب العرش وعليه ستشاركه فى الملك أو تخلعه منه ولكن لا يوجد شىء من ذلك ،سبحانه أى التسبيح له والمراد الطاعة واجبة لحكم الله وتعالى عما يقولون أى تنزه عن الذى يشركون مصداق لقوله بسورة النحل"وتعالى عما يشركون"والمراد أنه أفضل منهم فهو إله وليسوا هم بآلهة .
" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا "المعنى تسجد له السموات السبع ومن فيهن وإن من مخلوق إلا يعمل بأمره عدا من كفر ولكن لا تعرفون عملهم إنه كان رحيما نافعا ،يبين الله للناس على لسان النبى(ص) أن السموات السبع والأرض ومن فيهن وهى المخلوقات تسبح له أى تطيع حكمه أى تسجد له عدا من كفر فحق عليه العذاب مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب" وفسر هذا بأن كل شىء أى مخلوق يسبح بحمده أى يعمل بحكمه ولكن الناس وهم الكفار لا يفقهون تسبيحهم والمراد لا يفهمون عملهم أى طاعتهم لحكم الله ويبين لهم أنه حليم غفور أى رحيم نافع للعباد.
"وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا "المعنى وإذا تلوت الوحى خلقنا بينك وبين الذين لا يصدقون بالقيامة ساترا عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا قرأ القرآن والمراد إذا تلا الوحى أمام الناس جعل أى خلق بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة حجابا مستورا أى حاجزا عظيما وهو كفرهم بالقرآن وهذا الكفر شاءه الكفار والله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك فى القرآن ولوا على أدبارهم نفورا "المعنى وخلقنا فى أنفسهم حواجز كى لا يفهموه أى فى قلوبهم ثقلا أى إذا رددت إلهك فى الوحى وحده انصرفوا على أعقابهم إعراضا،يبين الله لنبيه(ص)أن الحجاب المستور هو أكنة على قلوب الكفار والمراد حواجز خلقها فى نفوس الكفار وهى الأهواء وفسر هذا بأن فى آذانهم وهى قلوبهم وقر أى كفر وفسر له هذا أنه إذا ذكر ربه فى القرآن والمراد إذا ورد فى الوحى عبادة الله وحده كانت النتيجة أن ولوا على أدبارهم نفورا والمراد أعرضوا فى أنفسهم إعراضا عن طاعته أى اشمأزت قلوب الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة".
"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا "المعنى نحن أعرف بما ينصتون له إذ ينصتون لك وإذ هم مخافتون إذ يقول الكافرون إن تطيعون إلا إنسانا مكارا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أعلم أى أعرف أى أدرى بالتالى ما يستمعون به إذ يستمعون له والمراد الذى يفرحون به إذ ينصتون للوحى وهذا يعنى أن الله إذا ذكر الذين من دونه وهم آلهة الكفار المزعومة فى الوحى استبشروا بذلك وظنوا أن ذلك يوافق ما يريدون وهو عبادتها وفى ذلك قال بسورة الزمر"وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون"ويبين له أنه أدرى بهم إذ هم نجوى أى متخافتون والمراد يحدثون بعضهم بصوت ضعيف إذ يقول الظالمون وهم الكافرون :إن تتبعون إلا رجلا مسحورا والمراد إن تستمعون إلا لإنسان مخادع وهذا يعنى إتهامهم للرسول(ص)بممارسة السحر.
"انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "المعنى اعلم كيف قالوا لك الأقوال فبعدوا فلا يجدون مهربا،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف ضربوا له الأمثال والمراد أن يعرف كيف قالوا له الأحكام الباطلة وهى الإفتراءات الكاذبة مصداق لقوله بسورة النساء"انظر كيف يفترون على الله الكذب" ويبين له أنهم ضلوا أى بعدوا عن الحق فلا يستطيعون سبيلا والمراد فلا يجدون مصرفا أى مهربا من العقاب مصداق لقوله بسورة "فما تستطيعون صرفا "والخطاب وما قبله للنبى (ص).
"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"المعنى وقالوا هل إذا كنا عظاما وترابا هل إنا عائدون خلقا حديثا ؟يبين الله لنبيه(ص)أنهم سألوه أإذا كنا عظاما ورفاتا والمراد هل إذا كنا عظاما وغبارا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا والمراد هل إنا عائدون مرة أخرى ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أنهم لا يؤمنون بالبعث.
"قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو عسى أن يكون قريبا "المعنى قل أصبحوا صخورا أو حديدا أو شيئا مما يعظم فى نفوسكم فسيقولون من يبعثنا قل الذى خلقكم أسبق مرة فسيهزون لك أدمغتهم ويقولون متى هو قل لعل أن يكون واقعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار كونوا حجارة أى صخور أو حديدا أو خلقا مما يكبر ما فى صدوركم أى مخلوقا من التى تعظم فى قلوبكم فستبعثون مرة أخرى ويبين الله بهذا للكفار أن تحول الكفار بعد الموت لعظام ورفات أو حتى حجارة أو حديد أو مخلوق مما يعظم فى نفوسهم لا يمنعه من إعادتهم مرة أخرى كما كانوا فى الدنيا وليسوا كما زعموا أنهم سيكونون خلق جديد والمراد خلق أخر غير أنفسهم التى كانت فى الدنيا ،ويبين له أنهم سيقولون له من يعيدنا أى يبعثنا أى يحيينا مرة أخرى ؟ويطلب الله من نبيه(ص)أن يجيب عليهم بقوله :الذى فطركم أى "خلقكم أول مرة "كما قال بسورة فصلت ،ويبين له أنهم سينغضون إليه رءوسهم والمراد سيهزون له أدمغتهم سخرية ويقولون :متى هو أى "متى هذا الوعد"أى البعث كما قال بسورة الأنبياء ويطلب منه أن يقول لهم عسى أن يكون قريبا والمراد عسى أن يصبح واقعا وهذا يعنى أن البعث يحدث والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا"المعنى يوم يناديكم فتقومون بأمره وتعتقدون إن مكثتم إلا قصيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن عليه أن يقول للكفار عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم والمراد لعل أن يصبح حادثا يوم يناديكم فتستجيبون بحمده أى فتقومون بأمره وتظنون إن لبثتم إلا قليلا والمراد وتعتقدون إن عشتم سوى وقتا قصيرا ومن هنا يتضح أن القرب وهو الحدوث سيكون يوم ينادى الله الخلق فيقومون أحياء بأمر الله وعند ذلك يظن الكفار أنهم عاشوا مدة قصيرة .
"وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان للإنسان عدوا مبينا "المعنى وقل لخلقى يتحدثوا بالتى هى أعدل إن الشهوة توقع بينهم إن الشهوة للإنسان كاره عظيم ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لعباد الله وهم خلقه :قولوا التى هى أحسن والمراد تكلموا بالتى هى أعدل مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا "وهذا يعنى أن يتحدثوا حديثا سديدا ،ويبين له أن الشيطان وهو الشهوة أى الهوى الضال ينزغ بينهم أى يوقع بينهم الخلاف وهو العداوة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينهم العداوة والبغضاء"ويبين له أن الشيطان وهو الهوى الضال للنفس عدو مبين أى كاره كبير.
"ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما
أرسلناك عليهم وكيلا "المعنى إلهكم أعرف بكم إن يرد ينفعكم أو إن يرد يعاقبكم وما بعثناك لهم حفيظا ،يبين الله للناس أن ربهم وهو خالقهم أعلم بهم أى أدرى بهم فى كل شىء إن يشأ يرحمكم والمراد إن يرد يفيدكم بفضله وإن يشأ يعذبكم والمراد إن يرد يعاقبكم بكفركم ويبين لنبيه(ص)أنه ما أرسله عليهم وكيلا والمراد أنه ما بعثه لهم حفيظا يحميهم من عذاب الله إن لم يؤمنوا مصداق لقوله بسورة النساء"فما أرسلناك عليهم حفيظا"والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار وما بعده له.
"وربك أعلم بمن فى السموات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وأتينا داود زبورا"المعنى وإلهك أعرف بما فى السموات والأرض ولقد رفعنا بعض الرسل على بعض وأعطينا داود(ص)كتابا،يبين الله لنبيه(ص)أنه أعلم أى أعرف بمن فى السموات والأرض والمراد عارف بأعمال كل الذى فى الكون من المخلوقات ،ويبين له أنه فضل بعض النبيين على بعض والمراد زاد بعض الرسل على بعض عطايا أى درجات مصداق لقوله بسورة البقرة"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ورفع بعضكم درجات"ويبين له أنه أتى داود زبورا والمراد أعطى داود(ص)وحيا أى كتابا منزلا.
"قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا "المعنى قل نادوا الذين عبدتم من غيره فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم ولا تغييرا أولئك الذين يعبدون يطلبون من إلههم الرحمة أيهم أدخل لها ويريدون نفعه ويخشون عقابه إن عقاب إلهك كان مخشيا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار ادعوا الذين زعمتم من دونه والمراد اطلبوا من الذين عبدتم من غيره فلا يملكون كشف الضر عنكم أى فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم أى تحويلا والمراد فلا يقدرون على تبديل أى تغيير الأذى وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لا تقدر على النفع أو الضرر ويبين الله لنا أن أولئك وهم الآلهة المزعومة يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب والمراد يطلبون من خالقهم القربى وقد فسر الله ذلك بأنهم يرجون أى يريدون نفع الله وهو جنته أى تجارة لن تبور مصداق لقوله بسورة فاطر"يرجون تجارة لن تبور"ويخافون عذابه أى ويخشون عقابه أى سوء الحساب مصداق لقوله بسورة الرعد"ويخشون ربهم "ويبين لنا أن عذاب الرب وهو عقاب الله كان محذورا أى مخشيا أى غير مأمون مصداق لقوله بسورة المعارج"إن عذاب ربهم كان غير مأمون"والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار وما بعده له .
"وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا"المعنى وإن من بلدة إلا نحن مميتوها قبل يوم البعث أى معاقبوها عقابا عظيما كان ذلك فى الحكم موجودا ،يبين الله للنبى(ص) ومنه للكفار أن كل قرية والمراد أن كل أهل بلدة نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أى نحن معذبوها قبل يوم البعث وفسر الله ذلك بأنه معذب أهل القرى عذابا شديدا والمراد أنه مهلك أهل البلاد الكفار إهلاكا عظيما أى معاقبهم عقابا كبيرا ويبين لنا أن ذلك وهو الإهلاك كان فى الكتاب وهو السجل مسطورا أى موجودا .
"وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا "المعنى وما حجزنا أن نبعث بالمعجزات إلا أن كفر بها السابقون وأعطينا ثمود الناقة معجزة فكفروا بها وما نبعث بالمعجزات إلا إرهابا ،يبين الله لنا أن الذى منع أى حجز الله أن يرسل الآيات والمراد أن يبعث المعجزات إلى الناس فى عهد محمد(ص)وما بعده هو أن كذب بها الأولون والمراد أن كفر بها السابقون وهذا يعنى أن كل الأقوام كفرت بالمعجزات عدا قوم يونس(ص)ولم يصدقوا بها ومنهم ثمود التى أتاها الله الناقة مبصرة والمراد التى أعطاها الله الناقة معجزة دليل واضح فظلموا بها أى فكذبوا بها ،ويبين لنا أن السبب فى أنه يرسل الآيات أى يبعث المعجزات إلى الناس هو التخويف أى الإرهاب والمراد إرهاب الناس من قدرة الله التى لا تحدها الحدود ولا تقف فى طريقها العوائق والسدود والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرءيا التى أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة فى القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا "المعنى وإذا قلنا لك إن خالقك علم بالخلق وما جعلنا المنام الذى أشهدناك إلا بلاء للبشر والشجرة المؤذية فى القرآن ونرعبهم فما يمدهم إلا ظلما عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال له إن ربك أحاط بالناس والمراد إن إلهك علم بالخلق أى إن خالقك عرف كل شىء عن الناس ،ويبين له أن الرؤيا وهى الحلم الذى أشهده وهو حلم دخول مكة مع المسلمين محلقين رءوسهم ومقصرين وفى هذا قال بسورة الفتح"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين "ليست سوى فتنة للناس أى امتحان للبشر ويبين له أن الشجرة الملعونة وهى النبتة الضارة الثمار فى القرآن وهو الذكر ولعن الشجرة ليس المقصود به الغضب عليها وإنما المراد بعدها عن مكان الرحمة أى الجنة فالملعونة تعنى المؤذية الضارة وفى هذا قال بسورة الصافات "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم" والله يبين لنبيه (ص)أن الشجرة فتنة أى بلاء للناس كالرؤيا بالضبط ويبين لنا أنه يخوف أى يحذر الكفار من عذابه فما يزيدهم أى فما يديمهم إلا طغيانا كبيرا أى إلا ظلما عظيما والمراد جعلهم يستمرون فى كفرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا "المعنى وقد قلنا للملائكة أطيعوا آدم(ص)فأطاعوهإلا الشيطان قال هل أكرم من أنشأت ترابا؟يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للملائكة :اسجدوا لآدم (ص)أى أطيعوا أى أقروا لآدم(ص) بالأفضلية فأطيعوا حكمه فكانت النتيجة هى أن سجدوا أى أقروا أى أطاعوا حكم آدم(ص) إلا إبليس الذى قال أأسجد لمن خلقت طينا والمراد هل أقر بأفضلية من جعلت صلصالا ؟وهذا يعنى أنه يقول أن سبب عدم سجوده هو أن الإنسان مخلوق من الطين وهو التراب.
"قال أرأيتك هذا الذى كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا"المعنى قال أخبرك أن هذا الذى فضلت على لئن أجلتنى إلى يوم البعث لأضلن نسله سوى القليل ،يبين الله لنبيه(ص)أن إبليس قال لله:أرايتك هذا الذى كرمت على والمراد أعلمك يا رب أن هذا الذى فضلت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة والمراد لئن أبقيتنى حتى يوم البعث لأحتنكن ذريته إلا قليلا والمراد لأغوين أولاده إلا المخلصين لدينك مصداق لقوله بسورة الحجر"ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" وهو قول كاذب منه والخطاب للنبى(ص)هو وبقية القصة.
"قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا "المعنى قال اخرج فمن قلدك منهم فإن النار مكانكم عقابا مستمرا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان :اذهب أى اخرج من الجنة فمن تبعك منهم والمراد فمن قلد عملك أى اقتدى بفعلك منهم فإن جهنم أى النار جزاؤكم جزاء موفورا أى عقابكم عقابا دائما وهذا يعنى أن جزاء متبع إبليس هو دخول النار.
"واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى وأضل من قدرت منهم بكفرك أى اهجم عليهم بقوتك وجيشك وقاسمهم فى الأملاك والعيال وأخبرهم وما يخبرهم الكافر إلا وهما ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للشيطان وهو الكافر :واستفزز من استطعت منهم بصوتك والمراد وأبعد من قدرت منهم بكفرك وفسر هذا بقوله واجلب عليهم بخيلك ورجلك أى واهجم عليهم بقوتك أى جيشك والمراد اهجم عليهم بكفرك وفسر هذا بقوله وشاركهم فى الأموال والأولاد أى قاسمهم فى الأملاك والعيال والمراد وزين لهم بكفرك الأموال والأولاد وفسر هذا بقوله عدهم أى أخبرهم بالكلام عن طريق الشهوات فى الإنسان وهذا يعنى أن كل قدرة الشيطان هى الوسوسة أى الدعوة للباطل عن طريق الشهوات مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم"ويبين الله له أن الشيطان وهو الكافر يعدهم غرورا أى يخبرهم وهما أى سرابا أى فقرا مصداق لقوله بسورة النساء"الشيطان يعدكم الفقر"وهو الخسران المبين .
"إن عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "المعنى إن خلقى ليس لك عليهم قوة وحسبك خالقك حفيظا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان :إن عبادى وهم خلقى ليس لك عليهم سلطان أى سلطة أى قوة قاهرة تجبرهم على طاعتك وهذا يعنى أن الهوى الضال لا يملك قوة يقهر الناس بها على طاعة وسوسته ،ويبين له أنه كفى بربه وكيلا والمراد حسبه طاعة خالقه حافظا أى حاميا له من عقاب طاعة الهوى الضال.
"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا"المعنى ولا ترتكبوا الزنى إنه كان منكرا أى قبح طريقا ،ينهانا الله عن قرب الزنى أى عمل الزنى وهو قضاء الشهوة مع غير الزوجة ويبين لنا أن الزنى فاحشة أى منكر أى شر وفسره بأنه ساء سبيلا أى قبح فعلا والمراد أنه عمل قبيح محرم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"ولا تقتلوا النفس التى حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا "المعنى ولا تذبحوا النفس التى منع الله إلا بالعدل ومن ذبح منقوصا فقد جعلنا لناصره حكما فلا يفرط فى الذبح إنه كان مؤيدا ،ينهانا الله عن قتل النفس التى حرم إلا بالحق والمراد عن ذبح الإنسان الذى منع الله ذبحه إلا بالعدل وهو أن يكون قاتلا أو مرتدا عن الإسلام ويبين لنا أن من قتل مظلوما والمراد من ذبح دون وجود حق لذبحه فقد جعل الله لوليه أى ناصره وهو وارثه الأتى :سلطان أى حق هو القصاص وعلى ذلك فعلى الولى ألا يسرف فى القتل والمراد ألا يفرط فى الذبح والمراد ألا يقتل سوى القاتل ويبين لنا أن الولى منصور والمراد مؤيد من قبل الله والمسلمين حيث يمكنونه من تنفيذ حكم الله فى القاتل .
"ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن حتى يبلغ أشده و أوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا "المعنى ولا تأكلوا ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أعدل حتى يصل رشده وأتموا الميثاق إن الميثاق كان مفروضا،ينهانا الله عن قرب مال اليتيم إلا بالتى هى أحسن والمراد عن أخذ ملك فاقد الأب إلا بالتى هى أقسط وهى أجر الوصى الفقير المعلوم وعلى الوصى الغنى أن يستعفف عن الأجر حتى يبلغ أشده أى حتى يصل رشده وهو العقل،ويطلب منا أن نفى بالعهد والمراد أن نطيع الدين ويبين لنا أن العهد كان مسئولا والمراد أن الدين وهو الإسلام كان مفروضا علينا طاعته .
"وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا "المعنى وأتموا العهد إذا عاهدتم أى اعملوا بالوحى العادل ذلك أحسن أى أفضل مرجعا ،يطلب الله منا نفس الطلب السابق وهو الوفاء بالعهد بقوله أوفوا الكيل إذا كلتم والمراد أطيعوا العهد إذا رضيتم به وفسر هذا بأن يزنوا بالقسطاس المستقيم والمراد أن يعملوا بالدين العدل والعمل بالدين خير أى أنفع وفسر هذا بأنه أحسن تأويلا والمراد أفضل مستقرا أى مقيلا مصداق لقوله بسورة الفرقان"أصحاب الجنة خير مستقرا وأحسن مقيلا" حيث يدخل العامل بالدين الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا "المعنى ولا تطع الذى ليس لك به معرفة إن القلب أى النفس أى العقل كل أولئك كان عنه محاسبا،ينهى الله رسوله (ص)وكل مسلم عن قفو ما ليس له به علم والمراد عن طاعة الذى ليس له به معرفة أنه معمول به فى دين الله ويبين له أن السمع أى البصر وهو الفؤاد والمراد النفس مسئولة أى محاسبة على كل تلك الطاعات سواء لله أو لغيره والخطاب للنبى(ص)وكل مسلم هو وما بعده وما بعده.
"ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها "المعنى ولا تسر فى البلاد ظالما إنك لن تخرم البلد ولن تصل الرواسى قوة كل ذلك كان عمله لدى إلهك محرما ،ينهى الله المسلم عن المشى فى الأرض مرحا والمراد عن ابتغاء الفساد فى البلاد مصداق لقوله بسورة القصص "ولا تبغ الفساد فى الأرض" أى ينهاه عن العيش فى البلاد عاملا بالظلم ويبين له أنه أنه لن يخرق الأرض أى لن يخرم البلاد والمراد لن يستطيع احتلالها أى ملكها ولن يبلغ الجبال طولا والمراد ولن يصل الرواسى قوة أى لن تصل قوته إلى أن تصبح مثل قوة الجبال وهذا إخبار للإنسان أنه ضعيف ويبين له أن كل ذلك وهو المشى مرحا فى الأرض سيئه وهو عمله عند الله مكروها والمراد أن ذلك فعله محرم فى كتاب الله .
"ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى فى جهنم ملوما مدحورا "المعنى ذلك من الذى ألقى إلهك من الحكم ولا تعبد مع الله ربا آخر فتدخل النار معاقبا معذبا ،يبين الله لرسوله(ص)أن ذلك وهو ما سبق ذكره من الآيات هو مما أوحى إليه ربه من الحكمة والمراد من الذى ألقى إليه خالقه من كتاب الله مصداق لقوله بسورة الكهف"ما أوحى إليك من كتاب ربك"ويطلب الله منه ألا يجعل مع الله إلها آخر أى ألا يطيع مع حكم الله حكم رب آخر مزعوم والمراد ألا يدع مع الله ربا آخر فيلقى فى جهنم ملوما مدحورا والمراد فيدخل فى النار معذبا معاقبا مصداق لقوله بسورة الشعراء"فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين ".
"أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما "المعنى أفخصكم إلهكم بالصبيان وجعل من الملائكة بناتا إنكم لتفترون افتراء كبيرا؟يسأل الله الكفار على لسان نبيه(ص) أفأصفاكم ربكم بالبنين أى هل خصكم خالقكم بالأولاد واتخذ من الملائكة إناثا أى وجعل من الملائكة بناتا له؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن قولهم أن البنين هم أولادهم والملائكة هم بنات الله هو قول عظيم أى افتراء كبير والمراد كذب واضح والخطاب للكفارعلى لسان النبى(ص).
"ولقد صرفنا فى هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا"المعنى ولقد بينا فى هذا الوحى ليطيعوا وما يمدهم إلا طغيانا،يبين الله لنا أنه صرف فى القرآن والمراد قال أى ضرب فى الوحى من كل مثل أى حكم مصداق لقوله بسورة الروم"ولقد ضربنا للناس فى هذا القرآن من كل مثل" والسبب فى قول الأحكام فى القرآن هو أن يذكروا أى يطيع الناس الأحكام ويبين لنا أن النتيجة أن أحكام القرآن ما تزيدهم إلا نفورا أى ما تمدهم سوى طغيانا مصداق لقوله بسورة الإسراء"فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا"والمراد أنهم يستمرون فى كفرهم والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومنه للكفار.
"قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لإبتغوا إلى ذى العرش سبيلا سبحانه وتعالى عما يقولون"المعنى قل لو كان معه أرباب كما يزعمون إذا لطلبوا إلى صاحب الملك طريقا طاعته وعلا عما يزعمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لو كان معه آلهة والمراد لو كان مع الله شركاء إذا لابتغوا إلى ذى العرش سبيلا والمراد إذا لوجدوا إلى صاحب الملك طريقا وهذا يعنى أن فى حالة تعدد الأرباب كان الحادث هو أن الأرباب ستجد طريق لقهر الرب صاحب العرش وعليه ستشاركه فى الملك أو تخلعه منه ولكن لا يوجد شىء من ذلك ،سبحانه أى التسبيح له والمراد الطاعة واجبة لحكم الله وتعالى عما يقولون أى تنزه عن الذى يشركون مصداق لقوله بسورة النحل"وتعالى عما يشركون"والمراد أنه أفضل منهم فهو إله وليسوا هم بآلهة .
" تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا "المعنى تسجد له السموات السبع ومن فيهن وإن من مخلوق إلا يعمل بأمره عدا من كفر ولكن لا تعرفون عملهم إنه كان رحيما نافعا ،يبين الله للناس على لسان النبى(ص) أن السموات السبع والأرض ومن فيهن وهى المخلوقات تسبح له أى تطيع حكمه أى تسجد له عدا من كفر فحق عليه العذاب مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب" وفسر هذا بأن كل شىء أى مخلوق يسبح بحمده أى يعمل بحكمه ولكن الناس وهم الكفار لا يفقهون تسبيحهم والمراد لا يفهمون عملهم أى طاعتهم لحكم الله ويبين لهم أنه حليم غفور أى رحيم نافع للعباد.
"وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا "المعنى وإذا تلوت الوحى خلقنا بينك وبين الذين لا يصدقون بالقيامة ساترا عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا قرأ القرآن والمراد إذا تلا الوحى أمام الناس جعل أى خلق بينه وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة حجابا مستورا أى حاجزا عظيما وهو كفرهم بالقرآن وهذا الكفر شاءه الكفار والله فى نفس الوقت مصداق لقوله بسورة الإنسان"وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى أذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك فى القرآن ولوا على أدبارهم نفورا "المعنى وخلقنا فى أنفسهم حواجز كى لا يفهموه أى فى قلوبهم ثقلا أى إذا رددت إلهك فى الوحى وحده انصرفوا على أعقابهم إعراضا،يبين الله لنبيه(ص)أن الحجاب المستور هو أكنة على قلوب الكفار والمراد حواجز خلقها فى نفوس الكفار وهى الأهواء وفسر هذا بأن فى آذانهم وهى قلوبهم وقر أى كفر وفسر له هذا أنه إذا ذكر ربه فى القرآن والمراد إذا ورد فى الوحى عبادة الله وحده كانت النتيجة أن ولوا على أدبارهم نفورا والمراد أعرضوا فى أنفسهم إعراضا عن طاعته أى اشمأزت قلوب الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة".
"نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا "المعنى نحن أعرف بما ينصتون له إذ ينصتون لك وإذ هم مخافتون إذ يقول الكافرون إن تطيعون إلا إنسانا مكارا ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله أعلم أى أعرف أى أدرى بالتالى ما يستمعون به إذ يستمعون له والمراد الذى يفرحون به إذ ينصتون للوحى وهذا يعنى أن الله إذا ذكر الذين من دونه وهم آلهة الكفار المزعومة فى الوحى استبشروا بذلك وظنوا أن ذلك يوافق ما يريدون وهو عبادتها وفى ذلك قال بسورة الزمر"وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون"ويبين له أنه أدرى بهم إذ هم نجوى أى متخافتون والمراد يحدثون بعضهم بصوت ضعيف إذ يقول الظالمون وهم الكافرون :إن تتبعون إلا رجلا مسحورا والمراد إن تستمعون إلا لإنسان مخادع وهذا يعنى إتهامهم للرسول(ص)بممارسة السحر.
"انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا "المعنى اعلم كيف قالوا لك الأقوال فبعدوا فلا يجدون مهربا،يطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف ضربوا له الأمثال والمراد أن يعرف كيف قالوا له الأحكام الباطلة وهى الإفتراءات الكاذبة مصداق لقوله بسورة النساء"انظر كيف يفترون على الله الكذب" ويبين له أنهم ضلوا أى بعدوا عن الحق فلا يستطيعون سبيلا والمراد فلا يجدون مصرفا أى مهربا من العقاب مصداق لقوله بسورة "فما تستطيعون صرفا "والخطاب وما قبله للنبى (ص).
"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"المعنى وقالوا هل إذا كنا عظاما وترابا هل إنا عائدون خلقا حديثا ؟يبين الله لنبيه(ص)أنهم سألوه أإذا كنا عظاما ورفاتا والمراد هل إذا كنا عظاما وغبارا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا والمراد هل إنا عائدون مرة أخرى ؟والغرض من السؤال هو إخبار النبى (ص)أنهم لا يؤمنون بالبعث.
"قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر فى صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذى فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو عسى أن يكون قريبا "المعنى قل أصبحوا صخورا أو حديدا أو شيئا مما يعظم فى نفوسكم فسيقولون من يبعثنا قل الذى خلقكم أسبق مرة فسيهزون لك أدمغتهم ويقولون متى هو قل لعل أن يكون واقعا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار كونوا حجارة أى صخور أو حديدا أو خلقا مما يكبر ما فى صدوركم أى مخلوقا من التى تعظم فى قلوبكم فستبعثون مرة أخرى ويبين الله بهذا للكفار أن تحول الكفار بعد الموت لعظام ورفات أو حتى حجارة أو حديد أو مخلوق مما يعظم فى نفوسهم لا يمنعه من إعادتهم مرة أخرى كما كانوا فى الدنيا وليسوا كما زعموا أنهم سيكونون خلق جديد والمراد خلق أخر غير أنفسهم التى كانت فى الدنيا ،ويبين له أنهم سيقولون له من يعيدنا أى يبعثنا أى يحيينا مرة أخرى ؟ويطلب الله من نبيه(ص)أن يجيب عليهم بقوله :الذى فطركم أى "خلقكم أول مرة "كما قال بسورة فصلت ،ويبين له أنهم سينغضون إليه رءوسهم والمراد سيهزون له أدمغتهم سخرية ويقولون :متى هو أى "متى هذا الوعد"أى البعث كما قال بسورة الأنبياء ويطلب منه أن يقول لهم عسى أن يكون قريبا والمراد عسى أن يصبح واقعا وهذا يعنى أن البعث يحدث والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا"المعنى يوم يناديكم فتقومون بأمره وتعتقدون إن مكثتم إلا قصيرا ،يبين الله لنبيه(ص)أن عليه أن يقول للكفار عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم والمراد لعل أن يصبح حادثا يوم يناديكم فتستجيبون بحمده أى فتقومون بأمره وتظنون إن لبثتم إلا قليلا والمراد وتعتقدون إن عشتم سوى وقتا قصيرا ومن هنا يتضح أن القرب وهو الحدوث سيكون يوم ينادى الله الخلق فيقومون أحياء بأمر الله وعند ذلك يظن الكفار أنهم عاشوا مدة قصيرة .
"وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان للإنسان عدوا مبينا "المعنى وقل لخلقى يتحدثوا بالتى هى أعدل إن الشهوة توقع بينهم إن الشهوة للإنسان كاره عظيم ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لعباد الله وهم خلقه :قولوا التى هى أحسن والمراد تكلموا بالتى هى أعدل مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإذا قلتم فاعدلوا "وهذا يعنى أن يتحدثوا حديثا سديدا ،ويبين له أن الشيطان وهو الشهوة أى الهوى الضال ينزغ بينهم أى يوقع بينهم الخلاف وهو العداوة مصداق لقوله بسورة المائدة"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينهم العداوة والبغضاء"ويبين له أن الشيطان وهو الهوى الضال للنفس عدو مبين أى كاره كبير.
"ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما
أرسلناك عليهم وكيلا "المعنى إلهكم أعرف بكم إن يرد ينفعكم أو إن يرد يعاقبكم وما بعثناك لهم حفيظا ،يبين الله للناس أن ربهم وهو خالقهم أعلم بهم أى أدرى بهم فى كل شىء إن يشأ يرحمكم والمراد إن يرد يفيدكم بفضله وإن يشأ يعذبكم والمراد إن يرد يعاقبكم بكفركم ويبين لنبيه(ص)أنه ما أرسله عليهم وكيلا والمراد أنه ما بعثه لهم حفيظا يحميهم من عذاب الله إن لم يؤمنوا مصداق لقوله بسورة النساء"فما أرسلناك عليهم حفيظا"والخطاب وما قبله للنبى(ص)ومنه للكفار وما بعده له.
"وربك أعلم بمن فى السموات والأرض ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وأتينا داود زبورا"المعنى وإلهك أعرف بما فى السموات والأرض ولقد رفعنا بعض الرسل على بعض وأعطينا داود(ص)كتابا،يبين الله لنبيه(ص)أنه أعلم أى أعرف بمن فى السموات والأرض والمراد عارف بأعمال كل الذى فى الكون من المخلوقات ،ويبين له أنه فضل بعض النبيين على بعض والمراد زاد بعض الرسل على بعض عطايا أى درجات مصداق لقوله بسورة البقرة"تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ورفع بعضكم درجات"ويبين له أنه أتى داود زبورا والمراد أعطى داود(ص)وحيا أى كتابا منزلا.
"قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا "المعنى قل نادوا الذين عبدتم من غيره فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم ولا تغييرا أولئك الذين يعبدون يطلبون من إلههم الرحمة أيهم أدخل لها ويريدون نفعه ويخشون عقابه إن عقاب إلهك كان مخشيا ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للكفار ادعوا الذين زعمتم من دونه والمراد اطلبوا من الذين عبدتم من غيره فلا يملكون كشف الضر عنكم أى فلا يقدرون على إزالة الأذى عنكم أى تحويلا والمراد فلا يقدرون على تبديل أى تغيير الأذى وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لا تقدر على النفع أو الضرر ويبين الله لنا أن أولئك وهم الآلهة المزعومة يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب والمراد يطلبون من خالقهم القربى وقد فسر الله ذلك بأنهم يرجون أى يريدون نفع الله وهو جنته أى تجارة لن تبور مصداق لقوله بسورة فاطر"يرجون تجارة لن تبور"ويخافون عذابه أى ويخشون عقابه أى سوء الحساب مصداق لقوله بسورة الرعد"ويخشون ربهم "ويبين لنا أن عذاب الرب وهو عقاب الله كان محذورا أى مخشيا أى غير مأمون مصداق لقوله بسورة المعارج"إن عذاب ربهم كان غير مأمون"والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار وما بعده له .
"وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك فى الكتاب مسطورا"المعنى وإن من بلدة إلا نحن مميتوها قبل يوم البعث أى معاقبوها عقابا عظيما كان ذلك فى الحكم موجودا ،يبين الله للنبى(ص) ومنه للكفار أن كل قرية والمراد أن كل أهل بلدة نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أى نحن معذبوها قبل يوم البعث وفسر الله ذلك بأنه معذب أهل القرى عذابا شديدا والمراد أنه مهلك أهل البلاد الكفار إهلاكا عظيما أى معاقبهم عقابا كبيرا ويبين لنا أن ذلك وهو الإهلاك كان فى الكتاب وهو السجل مسطورا أى موجودا .
"وما منعنا ان نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا "المعنى وما حجزنا أن نبعث بالمعجزات إلا أن كفر بها السابقون وأعطينا ثمود الناقة معجزة فكفروا بها وما نبعث بالمعجزات إلا إرهابا ،يبين الله لنا أن الذى منع أى حجز الله أن يرسل الآيات والمراد أن يبعث المعجزات إلى الناس فى عهد محمد(ص)وما بعده هو أن كذب بها الأولون والمراد أن كفر بها السابقون وهذا يعنى أن كل الأقوام كفرت بالمعجزات عدا قوم يونس(ص)ولم يصدقوا بها ومنهم ثمود التى أتاها الله الناقة مبصرة والمراد التى أعطاها الله الناقة معجزة دليل واضح فظلموا بها أى فكذبوا بها ،ويبين لنا أن السبب فى أنه يرسل الآيات أى يبعث المعجزات إلى الناس هو التخويف أى الإرهاب والمراد إرهاب الناس من قدرة الله التى لا تحدها الحدود ولا تقف فى طريقها العوائق والسدود والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرءيا التى أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة فى القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا "المعنى وإذا قلنا لك إن خالقك علم بالخلق وما جعلنا المنام الذى أشهدناك إلا بلاء للبشر والشجرة المؤذية فى القرآن ونرعبهم فما يمدهم إلا ظلما عظيما ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال له إن ربك أحاط بالناس والمراد إن إلهك علم بالخلق أى إن خالقك عرف كل شىء عن الناس ،ويبين له أن الرؤيا وهى الحلم الذى أشهده وهو حلم دخول مكة مع المسلمين محلقين رءوسهم ومقصرين وفى هذا قال بسورة الفتح"لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين "ليست سوى فتنة للناس أى امتحان للبشر ويبين له أن الشجرة الملعونة وهى النبتة الضارة الثمار فى القرآن وهو الذكر ولعن الشجرة ليس المقصود به الغضب عليها وإنما المراد بعدها عن مكان الرحمة أى الجنة فالملعونة تعنى المؤذية الضارة وفى هذا قال بسورة الصافات "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج فى أصل الجحيم" والله يبين لنبيه (ص)أن الشجرة فتنة أى بلاء للناس كالرؤيا بالضبط ويبين لنا أنه يخوف أى يحذر الكفار من عذابه فما يزيدهم أى فما يديمهم إلا طغيانا كبيرا أى إلا ظلما عظيما والمراد جعلهم يستمرون فى كفرهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا "المعنى وقد قلنا للملائكة أطيعوا آدم(ص)فأطاعوهإلا الشيطان قال هل أكرم من أنشأت ترابا؟يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للملائكة :اسجدوا لآدم (ص)أى أطيعوا أى أقروا لآدم(ص) بالأفضلية فأطيعوا حكمه فكانت النتيجة هى أن سجدوا أى أقروا أى أطاعوا حكم آدم(ص) إلا إبليس الذى قال أأسجد لمن خلقت طينا والمراد هل أقر بأفضلية من جعلت صلصالا ؟وهذا يعنى أنه يقول أن سبب عدم سجوده هو أن الإنسان مخلوق من الطين وهو التراب.
"قال أرأيتك هذا الذى كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا"المعنى قال أخبرك أن هذا الذى فضلت على لئن أجلتنى إلى يوم البعث لأضلن نسله سوى القليل ،يبين الله لنبيه(ص)أن إبليس قال لله:أرايتك هذا الذى كرمت على والمراد أعلمك يا رب أن هذا الذى فضلت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة والمراد لئن أبقيتنى حتى يوم البعث لأحتنكن ذريته إلا قليلا والمراد لأغوين أولاده إلا المخلصين لدينك مصداق لقوله بسورة الحجر"ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين" وهو قول كاذب منه والخطاب للنبى(ص)هو وبقية القصة.
"قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا "المعنى قال اخرج فمن قلدك منهم فإن النار مكانكم عقابا مستمرا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان :اذهب أى اخرج من الجنة فمن تبعك منهم والمراد فمن قلد عملك أى اقتدى بفعلك منهم فإن جهنم أى النار جزاؤكم جزاء موفورا أى عقابكم عقابا دائما وهذا يعنى أن جزاء متبع إبليس هو دخول النار.
"واستفزز من استطعت منهم بصوتك واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم فى الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى وأضل من قدرت منهم بكفرك أى اهجم عليهم بقوتك وجيشك وقاسمهم فى الأملاك والعيال وأخبرهم وما يخبرهم الكافر إلا وهما ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للشيطان وهو الكافر :واستفزز من استطعت منهم بصوتك والمراد وأبعد من قدرت منهم بكفرك وفسر هذا بقوله واجلب عليهم بخيلك ورجلك أى واهجم عليهم بقوتك أى جيشك والمراد اهجم عليهم بكفرك وفسر هذا بقوله وشاركهم فى الأموال والأولاد أى قاسمهم فى الأملاك والعيال والمراد وزين لهم بكفرك الأموال والأولاد وفسر هذا بقوله عدهم أى أخبرهم بالكلام عن طريق الشهوات فى الإنسان وهذا يعنى أن كل قدرة الشيطان هى الوسوسة أى الدعوة للباطل عن طريق الشهوات مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم"ويبين الله له أن الشيطان وهو الكافر يعدهم غرورا أى يخبرهم وهما أى سرابا أى فقرا مصداق لقوله بسورة النساء"الشيطان يعدكم الفقر"وهو الخسران المبين .
"إن عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا "المعنى إن خلقى ليس لك عليهم قوة وحسبك خالقك حفيظا ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال للشيطان :إن عبادى وهم خلقى ليس لك عليهم سلطان أى سلطة أى قوة قاهرة تجبرهم على طاعتك وهذا يعنى أن الهوى الضال لا يملك قوة يقهر الناس بها على طاعة وسوسته ،ويبين له أنه كفى بربه وكيلا والمراد حسبه طاعة خالقه حافظا أى حاميا له من عقاب طاعة الهوى الضال.