(5)
رقد حسين فى السرير وقد أسند ظهره للمخدة بعد أن ثناها ووضعها عند اللوح الأمامى للسرير وقد فتح كتاب عن الموسيقى وظل يقرأ فيه حتى دخل والده عليه قائلا فيما تقرأ ؟أجاب كتاب فى الموسيقى يتحدث عن تربية الصوت فتساءل الأب وماذا وجدت فى الكتاب ؟رد هناك أقوال عدة فيه منها أن الصوت البشرى يعتبر أول وأقدم تعبير عن الموسيقى الطبيعية فقال الأب وما رأيك فى هذا القول ؟قال الفتى أنت تسألنى عن رأيى ولا رأى لى ما دام الموسيقى تحكمها العادات فقال الأب ناصحا يجب أن يكون لك رأى ولكى يكون لك رأى اعمل بالمبدأ القائل القول خاطىء إلى أن يثبت العكس وما دمت ستعمل به ستضطر للبحث عن الخطأ فيه وعند هذا ستعرف الصواب من الخطأ فى أى قول فقال حسين ضاحكا ولماذا لا أعمل بالمبدأ الأخر اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ؟ضحك الأب فقال فى هذا الأمر غلبتنى ولكن المبدأ الأول يعلمك القدرة على إتخاذ الرأى فى أى ظرف بينما الأخر يجعلك أسير أهل الذكر الذين لا يوجدون فى بعض الظروف فقال حسين هل القول صواب ؟رد الأب أخبرنا الله فى القرآن أن خلق الإنسان تأخر عن خلق الأخرين ومنهم الجان وفى هذا قال بسورة الحجر "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم "وبهذا فإن الصوت البشرى ليس أسبق الأصوات فى الوجود هذا إذا اعتبرنا الصوت البشرى موسيقى وهو ليس كذلك لأن الموسيقى كما قلنا أصوات لا معنى لها بينما أصوات الإنسان لها معنى منذ بداية الخليقة فقال حسين وهو يغلق الكتاب قال جان جاك روسو أن الصوت الإنسانى ينقسم لثلاث أنواع هى صوت الكلام وصوت الغناء وصوت التعبير فهل هو تقسيم صائب ؟رد قائلا عن الصوت الإنسانى لا ينقسم فهو كله كلام والكلام تعبير عن الأشياء التى يريدها المتكلم والغناء هو جزء من ضمن الكلام المعبر فقال حسين إذا لا يوجد تقسيم للصوت الإنسانى فقال الأب ضاحكا توجد تقسيمات للصوت الإنسانى ولكنها لا دخل لها بالموسيقى مثل الصوت المجهور والصوت الخفى والصوت الخافت فقال حسين وهو يفتح الكتاب يقال إن الناس فى مصر والصين والهند فى العصور الماضية استغلوا الصوت فى الطقوس الدينية كأداة لتدعيم الفضيلة فضحك الأب وقال قل استغلوه لإضلال الناس فمثلا كانوا يستغلون معرفتهم ببعض الآلات فى إصدار أصوات من داخل التماثيل لكى يوهموا الناس أن الآلهة المزعومة تكلمهم فقال حسين دعنى أسألك عن الصوت فى القرآن فقال الأب ستفتح بابا كبيرا للسهر فإذا أردت ذلك فهيا بنا للمكتبة ،وقف الأب ووقف الإبن الذى سارع بلبس المشاية ثم خرجا من حجرة النوم واتجها للمكتبة فدخلا وجلسا على أريكة طويلة فابتدر الأب الحديث قائلا إن كلمة الصوت والأصوات فى القرآن وردت فى مواضع معدودة تتمثل فى قوله تعالى بسورة طه "وخشعت الأصوات فلا تسمع إلا همسا "وتعنى الخلق فالخلق والمخلوقات هم الذين يخشعون بدليل قوله بسورة الغاشية "وجوه يومئذ خاشعة "وورد بقوله "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير "والمعنى وابعد عن حكمك إن أسوأ الأحكام لحكم الكفار وعليه فالصوت هنا بمعنى الحكم وأما تفسير قوله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى "فهو لا تجعلوا طاعة أحكامكم وهى أرائكم أفضل من طاعة حكم النبى (ص)وعليه فالصوت هنا بمعنى الحكم وقوله "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله "فيعنى إن الذين يرفضون طاعة أحكامهم عند وجود حكم النبى (ص)هم أهل الإسلام فالصوت بمعنى الحكم فقال حسين ضاحكا هذا يعنى أن كلمة الصوت فى القرآن لا تمت لمعناها المستعمل عندنا بشىء فقال الأب صدقت فتساءل حسين قائلا ما هو الصوت الموسيقى ؟رد الأب إن الصوت الموسيقى هو إيقاع ذبذبات بمعنى نظام الترديد أى تقسيم المعزوف فقال حسين وما مميزات الصوت ؟أجاب الأب فقال إن الصوت يتصف بالتنوع بمعنى أنه يصدر من آلات متعددة بصور متعددة والدرجة وهى تتراوح بين العلو والخفوت والزمن الذى يستغرقه .
(6)
على أرض المنتزه جلس رضا وحسين ومعهما سناء أخت رضا وقد ابتدر رضا الحديث قائلا ماذا تعلمت من الكتاب الذى كان معك أمس ؟أجاب حسين قائلا لقد عرفت من الكتاب إن للموسيقى أنواع فتساءل رضا وما هيه فقال حسين الموسيقى الآحادية والموسيقى التعددية فقال رضا وضح فقال حسين الموسيقى الآحادية هى ذات اللحن الواحد المحدد المسار وهى غالبا موسيقى بلاد الشرق ومنها بلاد العرب وأما الموسيقى التعددية أو الإنسجامية فهى ذات ألحان متعددة تسير فى تقابل ويضاف لذلك نوع خليط من الإثنين وهى موسيقى الغرب غالبا فقال رضا وطبعا هذه الأنواع أدت لإختلاف بينها فتدخلت سناء قائلة إن الإختلاف حادث من الجذور فموسيقى اللحن الواحد تشبه مغنى واحد لا يتدخل صوت مع صوته ولذا فهو بسيط وموسيقى الألحان المتعددة تشبه عدة مغنيين يغنون فى وقت واحد بأصوات متنوعة فى الدرجة ولذا فهى مركبة فقال حسين يمكن تشبيه هذه الأنواع بالطرق فموسيقى اللحن الواحد طريقا ممتد لا يميل لأى جهة لا يوجد غيره معه وموسيقى التعدد اللحنى لها طرق متوازية فكل لحن يسير فى طريق يوازى الأخر فتساءل رضا هل هناك فرق أخر بين الإثنين ؟قال حسين يقال أن السلم الموسيقى فى الموسيقى الآحادية له مركز ثقل واحد يدور اللحن حوله وأما السلم الموسيقى للموسيقى التعددية فله مركزا ثقل أحدهما يصعد إليه والأخر ينزل إليه فقالت سناء مع أنى لا أفهم كثيرا فى الموسيقى إلا أنى لاحظت أن هناك خلل فيما يسمى النوع الخليط حيث أن الموسيقى الآحادية ترفض الموسيقى التعددية فتشكل معها نشازا وخروجا عن المألوف فيها فقال رضا ضاحكا لسنا فى موقع العالم الذى يمكنه أن يعطى رأيه المؤسس على البراهين فقالت سناء لنا حرية إبداء الرأى ما دامت نيتنا الإصلاح ولى إقتراح قد يكون صوابا أو خطلا فتساءل حسين وما هو فردت سناء أن النوع الخليط قائم على مصاحبة التعددية للآحادية ولو غيرنا هذا الأساس لأساس أخر هو تبادل المواقع بمعنى أن يسير اللحن المفرد وقت ما ثم يليه اللحن المتعدد لوقت ما ثم يليه المفرد ثم يليه المتعدد وهكذا فقال رضا ضاحكا مع احترامى لرأيك فإنى أقول إننا لم نصبح علماء موسيقى ولا حتى فهمنا أكثرها نظريا ومن ثم فإن هذا الإقتراح قد يكون مطبقا فعلا فى بعض الأحيان .
رقد حسين فى السرير وقد أسند ظهره للمخدة بعد أن ثناها ووضعها عند اللوح الأمامى للسرير وقد فتح كتاب عن الموسيقى وظل يقرأ فيه حتى دخل والده عليه قائلا فيما تقرأ ؟أجاب كتاب فى الموسيقى يتحدث عن تربية الصوت فتساءل الأب وماذا وجدت فى الكتاب ؟رد هناك أقوال عدة فيه منها أن الصوت البشرى يعتبر أول وأقدم تعبير عن الموسيقى الطبيعية فقال الأب وما رأيك فى هذا القول ؟قال الفتى أنت تسألنى عن رأيى ولا رأى لى ما دام الموسيقى تحكمها العادات فقال الأب ناصحا يجب أن يكون لك رأى ولكى يكون لك رأى اعمل بالمبدأ القائل القول خاطىء إلى أن يثبت العكس وما دمت ستعمل به ستضطر للبحث عن الخطأ فيه وعند هذا ستعرف الصواب من الخطأ فى أى قول فقال حسين ضاحكا ولماذا لا أعمل بالمبدأ الأخر اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ؟ضحك الأب فقال فى هذا الأمر غلبتنى ولكن المبدأ الأول يعلمك القدرة على إتخاذ الرأى فى أى ظرف بينما الأخر يجعلك أسير أهل الذكر الذين لا يوجدون فى بعض الظروف فقال حسين هل القول صواب ؟رد الأب أخبرنا الله فى القرآن أن خلق الإنسان تأخر عن خلق الأخرين ومنهم الجان وفى هذا قال بسورة الحجر "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم "وبهذا فإن الصوت البشرى ليس أسبق الأصوات فى الوجود هذا إذا اعتبرنا الصوت البشرى موسيقى وهو ليس كذلك لأن الموسيقى كما قلنا أصوات لا معنى لها بينما أصوات الإنسان لها معنى منذ بداية الخليقة فقال حسين وهو يغلق الكتاب قال جان جاك روسو أن الصوت الإنسانى ينقسم لثلاث أنواع هى صوت الكلام وصوت الغناء وصوت التعبير فهل هو تقسيم صائب ؟رد قائلا عن الصوت الإنسانى لا ينقسم فهو كله كلام والكلام تعبير عن الأشياء التى يريدها المتكلم والغناء هو جزء من ضمن الكلام المعبر فقال حسين إذا لا يوجد تقسيم للصوت الإنسانى فقال الأب ضاحكا توجد تقسيمات للصوت الإنسانى ولكنها لا دخل لها بالموسيقى مثل الصوت المجهور والصوت الخفى والصوت الخافت فقال حسين وهو يفتح الكتاب يقال إن الناس فى مصر والصين والهند فى العصور الماضية استغلوا الصوت فى الطقوس الدينية كأداة لتدعيم الفضيلة فضحك الأب وقال قل استغلوه لإضلال الناس فمثلا كانوا يستغلون معرفتهم ببعض الآلات فى إصدار أصوات من داخل التماثيل لكى يوهموا الناس أن الآلهة المزعومة تكلمهم فقال حسين دعنى أسألك عن الصوت فى القرآن فقال الأب ستفتح بابا كبيرا للسهر فإذا أردت ذلك فهيا بنا للمكتبة ،وقف الأب ووقف الإبن الذى سارع بلبس المشاية ثم خرجا من حجرة النوم واتجها للمكتبة فدخلا وجلسا على أريكة طويلة فابتدر الأب الحديث قائلا إن كلمة الصوت والأصوات فى القرآن وردت فى مواضع معدودة تتمثل فى قوله تعالى بسورة طه "وخشعت الأصوات فلا تسمع إلا همسا "وتعنى الخلق فالخلق والمخلوقات هم الذين يخشعون بدليل قوله بسورة الغاشية "وجوه يومئذ خاشعة "وورد بقوله "واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير "والمعنى وابعد عن حكمك إن أسوأ الأحكام لحكم الكفار وعليه فالصوت هنا بمعنى الحكم وأما تفسير قوله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى "فهو لا تجعلوا طاعة أحكامكم وهى أرائكم أفضل من طاعة حكم النبى (ص)وعليه فالصوت هنا بمعنى الحكم وقوله "إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله "فيعنى إن الذين يرفضون طاعة أحكامهم عند وجود حكم النبى (ص)هم أهل الإسلام فالصوت بمعنى الحكم فقال حسين ضاحكا هذا يعنى أن كلمة الصوت فى القرآن لا تمت لمعناها المستعمل عندنا بشىء فقال الأب صدقت فتساءل حسين قائلا ما هو الصوت الموسيقى ؟رد الأب إن الصوت الموسيقى هو إيقاع ذبذبات بمعنى نظام الترديد أى تقسيم المعزوف فقال حسين وما مميزات الصوت ؟أجاب الأب فقال إن الصوت يتصف بالتنوع بمعنى أنه يصدر من آلات متعددة بصور متعددة والدرجة وهى تتراوح بين العلو والخفوت والزمن الذى يستغرقه .
(6)
على أرض المنتزه جلس رضا وحسين ومعهما سناء أخت رضا وقد ابتدر رضا الحديث قائلا ماذا تعلمت من الكتاب الذى كان معك أمس ؟أجاب حسين قائلا لقد عرفت من الكتاب إن للموسيقى أنواع فتساءل رضا وما هيه فقال حسين الموسيقى الآحادية والموسيقى التعددية فقال رضا وضح فقال حسين الموسيقى الآحادية هى ذات اللحن الواحد المحدد المسار وهى غالبا موسيقى بلاد الشرق ومنها بلاد العرب وأما الموسيقى التعددية أو الإنسجامية فهى ذات ألحان متعددة تسير فى تقابل ويضاف لذلك نوع خليط من الإثنين وهى موسيقى الغرب غالبا فقال رضا وطبعا هذه الأنواع أدت لإختلاف بينها فتدخلت سناء قائلة إن الإختلاف حادث من الجذور فموسيقى اللحن الواحد تشبه مغنى واحد لا يتدخل صوت مع صوته ولذا فهو بسيط وموسيقى الألحان المتعددة تشبه عدة مغنيين يغنون فى وقت واحد بأصوات متنوعة فى الدرجة ولذا فهى مركبة فقال حسين يمكن تشبيه هذه الأنواع بالطرق فموسيقى اللحن الواحد طريقا ممتد لا يميل لأى جهة لا يوجد غيره معه وموسيقى التعدد اللحنى لها طرق متوازية فكل لحن يسير فى طريق يوازى الأخر فتساءل رضا هل هناك فرق أخر بين الإثنين ؟قال حسين يقال أن السلم الموسيقى فى الموسيقى الآحادية له مركز ثقل واحد يدور اللحن حوله وأما السلم الموسيقى للموسيقى التعددية فله مركزا ثقل أحدهما يصعد إليه والأخر ينزل إليه فقالت سناء مع أنى لا أفهم كثيرا فى الموسيقى إلا أنى لاحظت أن هناك خلل فيما يسمى النوع الخليط حيث أن الموسيقى الآحادية ترفض الموسيقى التعددية فتشكل معها نشازا وخروجا عن المألوف فيها فقال رضا ضاحكا لسنا فى موقع العالم الذى يمكنه أن يعطى رأيه المؤسس على البراهين فقالت سناء لنا حرية إبداء الرأى ما دامت نيتنا الإصلاح ولى إقتراح قد يكون صوابا أو خطلا فتساءل حسين وما هو فردت سناء أن النوع الخليط قائم على مصاحبة التعددية للآحادية ولو غيرنا هذا الأساس لأساس أخر هو تبادل المواقع بمعنى أن يسير اللحن المفرد وقت ما ثم يليه اللحن المتعدد لوقت ما ثم يليه المفرد ثم يليه المتعدد وهكذا فقال رضا ضاحكا مع احترامى لرأيك فإنى أقول إننا لم نصبح علماء موسيقى ولا حتى فهمنا أكثرها نظريا ومن ثم فإن هذا الإقتراح قد يكون مطبقا فعلا فى بعض الأحيان .