وقال نصر:
"وثمة دلالة أخرى هامة لاطلاق اسم الكتاب على النص وهى ترتبط بالوضع الدينى فى الجزيرة العربية قبل الإسلام فقد كانت صفة أهل الكتاب تقابل صفة الأميين تقابل التضاد والتناقض حيث تشير الصفة الأولى إلى اليهود والنصارى بينما تشير الثانية إلى مشركى العرب وعبدة الأوثان ص61
الخطأ هنا هو أن الأميين تعنى أمية القراءة والكتابة وهى مقولة شائعة تخالف النص نفسه وهو كون المشركين من قريش أميين بمعنى ينتمون لأم القرى مكة كما قال تعالى " وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها"
ولو كانوا أميين فعلا فهذا معناه أنهم لم يكونوا تجارا فالتجارة تحتاج للكتابة كما أن وقائع السيرة ومعظمها للأسف كاذب مثلها كمثل الجهل بالقراءة والكتابة تدل على المعرفة بالكتابة فورقة كان كاتبا للإنجيل والتوراة وصحيفة المقاطعة وصحيفة المدينة
وقال نصر:
"وحين نقول أن النص قد ساهم فى تحويل الثقافة من مرحلة الشفاهية إلى مرحلة التدوين عن طريق اضفاء اسم الكتاب على نفسه وعن طريق نفى دلالة الوحى بما يرتبط به من سرية وغموض عن معنى الكتابة فإننا لا نقصد بالنص مجرد المعطى اللغوى بل نقصد فعالية النص من خلال مجموعة البشر الذين اعتبروه نصهم الأساسى وفى هذا الصدد يكفى أن نشير إلى أن النبى (ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة وذلك من شدة حرصه وحرص الجماعة على تدوين النص وعلى احداث تغيير نوعى فى الثقافة إن النص هنا لا يفعل وحده بل تتحقق فعاليته بالإنسان الذى كان النص بالنسبة إليه رسالة وبلاغا ص63
الخطأ الأول أن اسم الكتاب لا يعنى المكتوب أى الرموز المكتوبة المقروءة وإنما يعنى الأحكام المفروضة كما فى قوله تعالى " كتب ربكم على نفسيه الرحمة" و"كتب عليكم الصيام " و"كتب عليكم القتال"
فالكتابة تعنى الأحكام التى شرعها الله وأما إطلاق الاسم بمعنى الرمز المخطوط فينافى الواقع وهى تسمية خيالية لوجود كتب كثيرة غيره وإنما هو الحكم المفروض أى المشرع من الله
والخطأ الثانى تصديق ما روى فى السيرة من أن النبى (ص)(ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة فالنص وهو الكتاب ينفى هذه الحكاية المزعومة حيث أخذ الرسول (ص) من الأسرى المال جميعا وهو قوله تعالى "يا أيها النبى (ص)قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم" والمراد "خيرا مما أخذ منكم فالمأخوذ مال
قال نصر:
"لقد كان محمد (ص) المستقبل الأول للنص ومبلغه جزءا من الواقع والمجتمع كان ابن المجتمع ونتاجه .......هذا ما يحكيه التاريخ عن الرجل والإنسان الذى شاء الفكر الدينى السائد قديما وحديثا أن يحوله إلى حقيقة مثالية ذهنية مفارقة للواقع والتاريخ حقيقة لها وجود سابق على وجودها الإنسانى العيانى المادى وشاء هذا الفكر فى أشد مزاعمه إنسانية أن يجعل منه إنسانا مغمض العينين معزولا عن المجتمع والواقع يعيش هموما مفارقة مثالية ذهنية حتى حوله هذا الفكر إلى إنسان خال من كل شروط الإنسانية ص67
نصر هنا يتحدث عن الفكر الدينى وكأن كل من تحدثوا عن النبى(ص) كانوا فريقا واحدا فى حكاية العزلة وهو ما يناقض معظم الكتب خاصة كتب الحديث وكذلك ما يسمى كتب السيرة أو التاريخ ربما يكون بعض الصوفية هم من جعلوه فى كتبهم هو ذلك الإنسان المثالى المفارق للواقع قبل بعثته ولكن هذا لا ينفى أن بقية الكتب جعلته تاجرا وراعيا للغنم ومشاركا فى المجتمع كما فى بناء الكعبة المزعوم وكما فى حلف الفضول وهو ما اعترف به نصر فى قوله:
"إن تصور النبى (ص)معزولا عن المجتمع والواقع منفردا دائما يتناقض مع ما اشتهر به من وصف الأمين إذ لا يشتهر بمثل هذه الصفة إلا من عامل الناس وانغمس فى شئونهم واختلط بهم اختلاطا يسمح لهم بالحكم عليه وكيف كان يمكن أن تخطبه على نفسها كريمة من كريمات العرب ذات منصب وجمال وحسب مرغوب فيها لا مرغوب عنها ولو كان محمد (ص) دائم الاعتزال للناس فى شعاب الجبال والأودية فكيف نال هذه الشهرة ص68
قال نصر:
"سبقت لنا الإشارة إلى ما ذهب إليه علماء القرآن من أن سورة العلق أول ما نزل فى شأن النبوة وأن سورة المدثر هى أول ما نزل فى شأن الرسالة ص79
اطباق القوم ومعهم نصر وغيره على أن تلك الآيات فى العلق والمدثر هى أول ما نزل هو كلام ينافى الحقيقة فأول شىء فى رسالة أى رسول هو أن يعرفه صاحب الرسالة بنفسه وما هو المطلوب منه فالله لابد أن يعرف رسوله (ص) بنفسه كما فى قول القرآن " إننى أنا لا إله إلا أنا فاعبدنى"
قال نصر:
"من هنا يصعب أن نتقبل اجماع المفسرين على أن المقصود بتطهير الثياب تطهير النفس مما يستقذر من الفعال ويستهجن من العادات ذلك أن هذا التأويل المجازى يجعل من الأمر بهجر الرجز نوعا من التكرار والاطناب وهى ظاهرة لا يستدعيها الموقف كما سبقت الإشارة إن الأمر بتطهير الثياب أمر حقيقى فى مجتمع صحراوى يعانى من ندرة الماء وتعد نظافة الثياب فيه من علامات النبل وحسن المظهر الذى يجعل الشخص مقبولا فى أعين القوم ص83
الخطأ الأول هو أن القوم كانوا يعيشون فى الصحراء وهو ما ينافى النص نفسه فى العديد من المواضع كقوله "والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين" و"حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء" ولو كان القوم فى صحراء لا يزرعون فلماذا شرعوا تشريعات فى الحرث كما فى سورة الأنعام ""وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون"
فالمجتمع الذى لا يزرع لا يشرع تشريعات زراعية أى فى الحرث والمجتمع الذى فيه الأنعام دون تحديد لنوعها لا يمكن أن يكون سوى مجتمع زراعى كما أن قوله فى سورة الواقعة "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون" لا يقال لأهل مكة والواقعة سورة مكية إذا كانوا يعيشون فى بيئة صحراوية والله لا يكذب فى قوله ما تحرثون فهذا يعنى أن الكثير منهم كان يعمل بالحرث وهو الزراعة
قال نصر:
"إن السيرة هنا تطرح سبب النزول وتحدد من ثم مكية الآيات بطريقة أكثر ارتباطا بالنص من جهة وبالواقع من جهة أخرى بل إنها تتجاوز ذلك على التعليل النابع من الإحساس بجدلية العلاقة بين الواقع والنص لقد كان تأخر الوحى نوعا من التأديب لمحمد (ص) الذى وعدهم بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى كما تقول الرواية أى دون أن يشترط المشيئة الإلهية أو نزول الوحى عليه لقد كان من شأن الوحى لو أجاب عن أسئلتهم فى الغد كما وعدهم أن يؤكد فى نفوس قومه شكوكهم فى أنه ينقل عن كتاب أو فى أن ثمة من يملى عليه ما يزعم أنه يأتيه من ربه وهى اتهامات صارحوه بها فعلا قبل ذلك فى أكثر من مناسبة ص97
الخطأ أن نصر يصدق أن الوحى انقطع عن النبى(ص) بعد السؤال عن الروح وما شاكلها تأديبا له لأنه وعد الكفار بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى وبالطبع الروايات متناقضة وغير مقنعة
الموجود فى المصحف لا يذكر انقطاع الوحى إلا فى مسألة أخرى حسب الروايات أيضا وإن كان يدل عليها قوله تعالى "ما ودعك ربك وما قلى"
كما أن الموجود فى المصحف يبين لنا أن النبى(ص) نفسه سأل جبريل (ص) عن مواعيد نزوله فبين له أنه لا توجد مواعيد إلا ما أمره الله بها وهو قوله تعالى "وما نتنزل إلا بأمر ربك"
ومن ثم ف النبى (ص)(ص) لن يقول للقوم تلك القولة المزعومة عن الإجابة غدا لأنه سال الملاك عن ذلك وعرف منه أنه لا يوجد وقت محدد للنزول ومن ثم فالنزول يكون فى أى وقت يختاره الله حسب أمره
قال نصر:
"وفى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته لكن علماء القرآن أحيانا ما يلغون علاقة التلازم والتزامن الضرورية هذه بين النص والدلالة وذلك بافتراضهم امكانية أن يسبق النص الحكم بمعنى أن ينزل النص أولا فى المرحلة المكية ثم يتقرر حكمه الشرعى أو الفقهى بعد ذلك فى المرحلة المدنية ص101 وقال نصر:
"إن الحقائق الامبريقية المعطاة عن النص تؤكد أنه نزل منجما على بضع وعشرين سنة وتؤكد أيضا أن كل آية أو مجموعة من الآيات نزلت عند سبب خاص استوجب نزولها وأن الآيات التى نزلت ابتداء أى دون علة خارجية قليلة جدا ص109
الخطأ فى الفقرتين أن فى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته وهو كلام يخالف النص نفسه فهناك نصوص تنزل دون سبب نزول مطلوب بشرى أو حادث من البشر ومن أمثلتها معظم إن لم يكن كل النصوص التى تبين المعلومات عن ذات الله أو عن أحداث القيامة فمثل هذه الموضوعات لا يسأل عنها البشر إلا فى النادر لأن ما يهمهم هو أحكام العلاقات بينهم فى المقام الأول
وقال نصر:
"إن ما ترويه السيرة عن كيفية تعليم جبريل للنبى الوضوء والصلاة معا بطريقة عملية هو الأقرب إلى تصور مفهوم شامل للنص الدينى ذلك أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وفى مثل هذا التصور لا يتخلف النص عن الحكم بل يكون النص مقارنا للحكم ومتزامنا معه ومع ذلك فآية سورة المائدة محل الخلاف ليست نص فى الوضوء بل هى نص فى التيمم بمعنى أن ذكر الوضوء فيها ليس مقصودا لذاته بلا جاء توطئة لذكر التيمم وهو محور الموقف الذى نزلت الآية استجابة له ص103
الخطأ هنا هو أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وهو ما يناقض أن الصلاة فى القرآن موجودة بالتفصيل كما قال تعالى " وكل شىء فصلناه تفصيلا"والمصحف موجود به تفاصيل الصلاة ولكنها تخالف الصلاة المعروفة حاليا
وقال نصر:
"ومن السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ إذا قورن بقصر الآيات الأخرى فى السورة ذاتها لأن السورة كلها عشرون آية تتكون الآية الواحدة من بضع كلمات ولا تزيد عن ست كلمات بينما هذه الآية وحدها تكاد أن تبلغ أكثر من ثلث حجم السورة كلها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالسورة كلها باستثناء هذه الآية فيها حرص على الفاصلة وهى اللام الممدودة التى تتحول إلى ميم ممدودة فى الآيتين12و13ص105
الخطأ أن من السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ
بالقطع الطول والقصر ليس مقياسا لكون الآية مدنية أو مكية فمن الآيات المكية ما هو طويل كما فى آيات من سور المصحف الأنعام والنحل ويونس ومنها :
"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين"
"وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله من ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون"
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون"
وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون"
"هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين"
"ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون"
وقال نصر:
"النص لا يتم عبر طفرة بلا هو تحول تدريجى لذلك قد نجد فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وفى هذا الصدد يشير العلماء إلى قوله تعالى " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم التى تعنى كل ذنب عاقبته النار ومثل الفواحش التى تعنى كل ذنب فيه حد واللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب لكن هذه الدلالات الجديدة لم يكن يمكن اكتشافها فى النص إلا من خلال النص ذاته فى تفاعله مع حركة الواقع حيث يطور النص اللغة لكى تلائم هذه الحركة هذا بالإضافة إلى أن اكتشافها من النص لا يتم إلا من خلال القارىء والمفسر ص108
الخطأ ان فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وهو كلام يصدق على الأخبار وليس على الأحكام كما فى قوله تعالى " سيهزم الجمع ويولون الدبر" وأما الآية الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم فلا علاقة لها بالمرحلة المدنية لأن آية عامة فى الكل مكى ومدنى فهى قاعدة عامة كما يقال
وأما تفسير اللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب فهى تفسير بعيد عن الواقع فالمراد باللم هو الذنوب القليلة التى يرتكبها المسلم فيتوب منها وليس ما بين الحدين من الذنوب
وقال نصر:
"والحقيقة أنه لم يكن ثمة نزول مجمل للنص من مكان إلى آخر وراء عالم الأرض عالم الوقائع والجزئيات وذلك أن مثل هذا التصور لا تعارضه الآية محور النقاش فقط بل يعارضه النسخ وإزالة حكم النص ومنطوقه وصيغة الماضى الواردة فى الآية محور النقاش صيغة دالة بحقيقتها من حيث ابتداء النزول أولا ومن حيث الموقف الاتصالى حال الاتصال كما ورد فى الفصل السابق ص115 وقال نصر:
"لم يناقش العلماء ما تؤدى إليه ظاهرة نسخ التلاوة أو حذف النصوص سواء بقى حكمها أم نسخ أيضا من قضاء كامل على تصورهم الذى سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابى للنص فى اللوح المحفوظ وإذا كان "ما نزل من الوحى نجوما جميعه فى أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ كما قال "فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون" فإن نزول الآيات المثبتة فى اللوح المحفوظ ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو ينفى هذه الأبدية المفترضة الموهومة"ص148 وقال نصر:
"والذى لا شك فيه أيضا أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدى فقط على معارضة تصورهم الأسطورى للوجود الخطى الأزلى للنص بل يؤدى أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاته ص152
الفقرات الثلاثة تحتوى على خطأ مشترك وهو اعتبار وحى القرآن جملة واحدة من الله للسماء أسطورة اى فرية اى كذبة وهو ما يعنى تكذيب قوله تعالى" إنا أنزلناه فى ليلة القدر" وقوله تعالى " شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن" وقوله "إنا أنزلناه فى ليلة مباركة"
فالنزول أو الوحى الكلى طبقا للنص موجود
وقال نصر:
"إن الوقائع لا نهاية لها والواقع فى حالة حركة مستمرة سيالة ولكن النصوص من جهة أخرى محدودة وإن كانت قادرة على استيعاب تلك الوقائع بحكم قدرة اللغة على التعميم والتجريد إن استيعاب النصوص للوقائع الجديدة لابد أن يستند على دوال أما فى بنية النص وأما فى السياق الاجتماعى لخطابه أى فى أسباب النزول وقد أدرك عمر بن الخطأ ب حكمة التشريع الذى يعطى للمؤلفة قلوبهم نصيبا من الزكاة لا من بنية النص نفسه بل من السياق العام للنص فأدرك أن حكمة هذا التآليف تقوية للإسلام الذى كان ضعيفا ومع قوة الإسلام وسيطرته على الجزيرة العربية وامتداده إلى ما ورائها لم يعد ثمة حكمة فى إعطاء جزء من الزكاة لمن لا يستحقها وداخل هذا الفهم يستقر فهم أخر للحكمة من فرض الزكاة على الأغنياء والقادرين واعطائها للفقراء والمحتاجين للفقراء والمحتاجين وبنفس الفهم من جانب عمر لحكمة فرض حد السرقة لم يقم هذا الحد على العبدين اللذين سرقا من سيدهما الذى كان يجيعهما وهدده ابن الخطأ ب السيد نفسه بقطع يده لو عاد العبدان للسرقة مرة أخرى ص117
الخطأ الأول هو أن المؤلفة قلوبهم الغرض من اعطاءهم الزكاة هو تآليف قلوبهم على الإسلام والمؤلفة قلوبهم ليسوا الكفار الذين أسلموا حديثا ويراد تآليف قلوبهم على الإسلام كما معروف وشائع فهذا التعريف ينكره النص القرآنى فمال الدنيا كله لا يؤلف قلبى على الإسلام كما قال تعالى " هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم"
ومن ثم فالمؤلفة قلوبهم هم صنف أخر وهم المجانين أى المركبة نفوسهم تركيبا غير سوى
والخطأ الثانى أن نصر فهم النص المروى فى حكاية السرقة فهما خاطئا فالعبيد لا يقطعون بل يقطع سيدهم لأنهم شضركاء لهم فى المال ومن ثم فهو من سرقهم لأنه سلبهم حقهم الذى أوجبه الله لهم فى المال فقال ""والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون" فالسيد يرد أى يقسم المال بينه وبين ملك يمينه بالعدل وإذا لم يفعل فهو جاحد أى كافر حتى يتوب بقسمة المال بينه وبينهم بالعدل
وقال نصر:
"والمثال الذى يطرحه العلماء لهذا النمط هو خلاف رواية ابن مسعود عن رواية ابن عباس فى سبب نزول قوله تعالى "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وقد سبقت لنا مناقشة هذا المثال فى المكى والمدنى وبينا هناك أن الصحيح ليس رواية ابن مسعود رغم أنه حسب روايته حضر نزول الوحى بالآيات وهو أمر أدى إلى افتراض نزول الآية مرتين مرة فى مكة ومرة فى المدينة ص126
مشكلة نصر هنا هو أن يعتمد فى الفهم على الروايات وليس على النص ذاته فالمفترض هو أن يحكم النص فى الروايات لا أن يطبق الروايات على النص لأن معظم الروايات تخالف النص القرآنى فى جزئية ما أو عدة جزئيات مما يعنى كونها رواية كاذبة لم تحدث ولم توجد
وقال نصر:
"ولعلنا من هذا السياق نفهم أن الآية فى النص السابق التى يقع عليها النسخ أو النسيان ليس من الضرورى أن تكون بمعنى الوحدة الأساسية فى النص الآية القرآنية ولعل المقصود بها المعنى اللغوى للآية بمعنى العلامة الدالة ويؤكد هذا الفهم من جانبنا الحديث عن ملك السموات والأرض أولا ثم الحديث عن طلب طلبه أهل الكتاب والمشركون ص132
الخطأ هنا هو أن الآية المذكورة فى آية الإنساء قد تكون بمعنى العلامة وليس الآية كلها وهو كلام بعيد عن الحقيقة فالإنساء يعنى الترك وليس المحو فالآيات على نوعين حيث بين الله لنبيه (ص)أن القرآن قسمين قسم منه منسوخ أى مبدل حيث يضع الله حكم مكان حكم أخر وكلاهما ثابت فى القرآن ومنه قسم منسى أى متروك دون تغيير أى تبديل وهذا هو معنى قوله تعالى "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"
وقال نصر:
"إن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع ولا يصح اخضاع الواقع لأحكام وتشريعات جامدة لا تتحرك ولا تتطور ص135
الخطأ أن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع والحق أن العديد من الأحكام الشرعية لا يتعلق بالمجتمع البشرى فالأحكام الخاصة بالله والرسل والغيبيات لا علاقة لها بالبشر ومعاملاتهم فهى معاملة داخل الفرد يعتقدها ويعمل بناء عليها أعمال لا تخص الآخرين مثل الصلاة الفردية والدعاء
وقال نصر
إن ما يقوله ابن خلدون هنا عن اتحاد الدليل والمدلول يمكن التعبير عنه أخرى بالقول أن صدق الوحى لا يحتاج على دليل أخر خارجه بل الوحى ذاته بتضمن الدليل على صدقه وإذا كانت الدعوات والرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص)فإن الدعوة والرسالة فى حالة الإسلام لم تكن بحاجة لمثل هذا الدليل الخارجى ص156
الخطأ الأول أن الرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص) فالرسالات لا تحتاج لمعجزات لأنها واحدة فى كل العصور كما قال تعالى "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" ومن ثم فنصوص الوحى ثابتة بنسبة تزيد على التسعة والتسعين فى المائة فى الأحكام ومن ثم فتشابه الرسالات بين كل الرسل (ص) يعنى أنها كلها لا تحتاج لشىء خارجى ولكنه حكم من الله قضى بأن يعطى الناس المعجزات ليصدقوا الرسل (ص) فكذبوا بها عدا قوم يونس(ص) ولذا رفع الله المعجزات فى عهد النبى (ص)(ص) فقال "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
الخطأ الثانى وقوع المعجزة أى الخارقة على يد النبى (ص)وهو كلام يخالف أن المعجزات كثير منها لم يكن النبى (ص)فى وقته مشاركا فيها فمثلا الغمام على بنى إسرائيل لا يد لموسى)ص) فيه وكذلك المن والسلوى ومثلا إبراد النار على إبراهيم(ص) لا يد لإبراهيم(ص) فيه
وقال نصر:
"الشاعر معبر عن القبيلة ومحمد (ص) مبلغ لرسالة والشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها والقرآن نص يستهدف اعادة بناء الواقع وتغييره إلى الأفضل من هنا كان التشديد على أن محمد (ص) ا ليس شاعرا أو كاهنا أو ساحرا وعلى أن القرآن ليس بشعر ص158
الخطأ أن الشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها وهو ما يخالف أن الشعراء كانوا يقولون ما لا يفعلون ويقولون فى أى موضوع وهو قوله تعالى""والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون "
فالشعر هو تعبير عن الشعراء وليس عن قبائلهم وهم متبوعون وليسوا تابعين للقبيلة لأن الغاوون ينبعون اى يطيعون كلامهم
وقال نصر:
"ولقد أدرك المسلمون الأوائل أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وكان المبدأ منذ المحاولات الأولى للتفسير إذا تعاجم عليكم شىء فى القرآن فعليكم بالشعر فإن الشعر ديوان العرب ص160
الخطأ أن المسلمين الأوائل عرفوا أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وهم كلام لا أساس لهم وهو مخالف للنص نفسه فالمسلمون الوائل فهموا النص بناء على الذكر وهو التفسير المنزل على النبى(ص) ليبين لهم المنزل الأول وهو القرآن وفى هذا قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" وعبر الله عن ذلك بأنه فصله لهم تفصيلا أى بينهم له تبيانا لا يحتاج لتوضيح فقال "وكل شىء فصلناه تفصيلا"
ومن ثم فالأوائل لم يحتاجوا لشعر ور لغيره ليفهموا مراد الله
وقال نصر:
"لاشك أن من أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهى مراعاة تؤكد تماثل النص مع النصوص الأخرى فى الثقافة ص161
الخطأ أن أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهو كلام غير واقعى فمن يراجع بعض السور المكية كسورة الأنعام لا يجد مراعاة للفواصل كما فى الآيات 14و15و16و17 فالفاصلات ن م ن ر وهى:
"قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين 14قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم15 من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين16وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير17"
وأيضا الآيات 66و67 ل ن وهى :
""وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل66 لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون67"
والسور المكية الكبرى وغيرها لا نجد الفاصلة واحدة بل متعددة وإن كان الغالب هو أنها تنتهى بحرف النون ولكن تجد فواصل متنوعة كالميم وهى الأكثر بعد النون والراء وغيرهم
وقال نصر:
ولقد تم فهم المحكم على أساس أنه الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل كما فهم المتشابه على أساس أنه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل ص200
الخطأ كون المحكم الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل والمتشابه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل وهو يخالف منطوق الاية نفسها فالكل فيها واضح وهى :
" هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا"
والسؤال كيف يفتن القوم الناس وهم لا يعرفون معنى المتشابه ؟
الفتنة غرضها الإضلال وكى تضل الناس عن المعنى الصحيح لابد أن تكون عارفا به حتى تبين للناس معنى غيره يبعدهم عن الحق وتفسير الآيات هو :
قوله"هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"يفسره قوله تعالى بسورة الكهف"واتل ما أوحى إليك من ربك"فالكتاب يعنى ما أوحى الله والمعنى هو الذى أوحى لك القرآن وتفسيره منه أحكام مفروضات هن أصل الحكم وأحكام مماثلات،يبين الله لرسوله(ص)أنه هو الذى أنزل له الكتاب والمراد الذى أوحى إليه الوحى الذى ينقسم إلى آيات محكمات أى أحكام واجبات الطاعة هن أم الكتاب أى أصل الحكم وآيات متشابهات أى وأحكام مماثلات لها ليست واجبة الطاعة الآن وهى الأحكام المنسوخة ،وقوله" فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"يعنى فأما الذين فى نفوسهم كفر فيقصدون الذى تماثل منه طلبا للوقيعة وطلبا لتفسيره،يبين الله أن الذين فى قلوبهم زيغ أى الذين فى نفوسهم مرض هو التكذيب لحكم الله يتبعون ما تشابه منه والمراد يطيعون الذى تماثل منه وهو المنسوخ وأسباب طاعتهم للمنسوخ هى ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل والمراد طلبا لإحداث الخلاف بين المسلمين وطلبا للتفسير الصحيح للوحى حتى يقدروا على قلب الحق باطلا ،وقوله"وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا "يعنى وما يعرف تفسيره إلا الله والثابتون فى المعرفة يقولون صدقنا به الجميع من لدى الله ،يبين الله لنا أن تأويل الآيات وهو تفسيرها التفسير الصحيح لا يعلم به أى لا يعرفه سوى الله والراسخون فى العلم وهم الثابتون فى المعرفة أى أهل الذكر ولا يمكن أن يعلم الله وحده بالتفسير لأن الأمر لو كان كذلك فمعناه أن كل الرسل(ص)والفقهاء كانوا جهلة لا يعرفون تفسيره وهو ما لا يقول به عاقل
وقال نصر:
"وفى القرآن نجد مستويات لغوية مختلفة تتراوح بين الإعلام الخالص وهى نصوص قليلة جدا وبين اللغة الأدبية المكثفة الدلالة لآلياتها الخاصة ص212
حكاية المستويات تتعارض مع قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا"فالتفصيل التام لا يجعل هناك مستويات لأن الغرض منه أن يفهم الكل مراد الله واضحا والسبب فى القول فى المستويات هو أن التفصيل الإلهى الذى كان معروفا لدى الأوائل حرص الكفار الذين هدموا دولة المسلمين الأخيرة على إبعادنا عنه حتى يدخلونا فى متاهة التفسيرات المتعددة التى تجعل خلافنا لا ينتهى
وقال نصر :
"ولم تكن ظاهرة الغموض بالنسبة للجيل الأول من المسلمين قاصرة على الألفاظ الغريبة بل كانت تتجاوز ذلك إلى مستوى التراكيب ولذلك احتاج النص فى هذه المرحلة المبكرة إلى التفسير فى بعض أجزائه ص206
نفس الخطأ وهو وجود غموض بالوحى وهو ما يخالف قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا"
وقال نصر :
"والتمسك بهذا التفسير بوصفه التفسير الوحيد الصحيح استنادا إلى سلطة القدماء يؤدى إلى ربط دلالة النص بالأفق العقلى والإطار الثقافى لعصر الجيل الأول من المسلمين وهذا الربط يتعارض تعارضا جذريا مع المفهوم المستقر فى الثقافة من أن دلالة النص تتجاوز حدود الزمان والمكان ص251
حكاية التفسيرات المتعددة والتى تكون صحيحة كلها هو ضرب من الجنون والخطأ هو كون تفسير القدماء هو التفسير الصحيح فى تفسير صحيح إلا التفسير الإلهى المنزل على الرسول(ص) فهذا هو التفسير الذى يجب السعى للعودة لله مصداق لقوله تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله " والطريق الوحيد لمعرفته هو الوصول للكعبة الحقيقية التى بها القرآن كاملا وتفسيره الإلهى الذى لا يدع شاردة ولا واردة إلا وفصلها تفصيلا لا يختلف عليه اثنين وإلا سنظل مختلفين حتى يوم القيامة
"وثمة دلالة أخرى هامة لاطلاق اسم الكتاب على النص وهى ترتبط بالوضع الدينى فى الجزيرة العربية قبل الإسلام فقد كانت صفة أهل الكتاب تقابل صفة الأميين تقابل التضاد والتناقض حيث تشير الصفة الأولى إلى اليهود والنصارى بينما تشير الثانية إلى مشركى العرب وعبدة الأوثان ص61
الخطأ هنا هو أن الأميين تعنى أمية القراءة والكتابة وهى مقولة شائعة تخالف النص نفسه وهو كون المشركين من قريش أميين بمعنى ينتمون لأم القرى مكة كما قال تعالى " وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها"
ولو كانوا أميين فعلا فهذا معناه أنهم لم يكونوا تجارا فالتجارة تحتاج للكتابة كما أن وقائع السيرة ومعظمها للأسف كاذب مثلها كمثل الجهل بالقراءة والكتابة تدل على المعرفة بالكتابة فورقة كان كاتبا للإنجيل والتوراة وصحيفة المقاطعة وصحيفة المدينة
وقال نصر:
"وحين نقول أن النص قد ساهم فى تحويل الثقافة من مرحلة الشفاهية إلى مرحلة التدوين عن طريق اضفاء اسم الكتاب على نفسه وعن طريق نفى دلالة الوحى بما يرتبط به من سرية وغموض عن معنى الكتابة فإننا لا نقصد بالنص مجرد المعطى اللغوى بل نقصد فعالية النص من خلال مجموعة البشر الذين اعتبروه نصهم الأساسى وفى هذا الصدد يكفى أن نشير إلى أن النبى (ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة وذلك من شدة حرصه وحرص الجماعة على تدوين النص وعلى احداث تغيير نوعى فى الثقافة إن النص هنا لا يفعل وحده بل تتحقق فعاليته بالإنسان الذى كان النص بالنسبة إليه رسالة وبلاغا ص63
الخطأ الأول أن اسم الكتاب لا يعنى المكتوب أى الرموز المكتوبة المقروءة وإنما يعنى الأحكام المفروضة كما فى قوله تعالى " كتب ربكم على نفسيه الرحمة" و"كتب عليكم الصيام " و"كتب عليكم القتال"
فالكتابة تعنى الأحكام التى شرعها الله وأما إطلاق الاسم بمعنى الرمز المخطوط فينافى الواقع وهى تسمية خيالية لوجود كتب كثيرة غيره وإنما هو الحكم المفروض أى المشرع من الله
والخطأ الثانى تصديق ما روى فى السيرة من أن النبى (ص)(ص)كان يجعل فدية الأسير من أهل مكة أن يعلم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة فالنص وهو الكتاب ينفى هذه الحكاية المزعومة حيث أخذ الرسول (ص) من الأسرى المال جميعا وهو قوله تعالى "يا أيها النبى (ص)قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم" والمراد "خيرا مما أخذ منكم فالمأخوذ مال
قال نصر:
"لقد كان محمد (ص) المستقبل الأول للنص ومبلغه جزءا من الواقع والمجتمع كان ابن المجتمع ونتاجه .......هذا ما يحكيه التاريخ عن الرجل والإنسان الذى شاء الفكر الدينى السائد قديما وحديثا أن يحوله إلى حقيقة مثالية ذهنية مفارقة للواقع والتاريخ حقيقة لها وجود سابق على وجودها الإنسانى العيانى المادى وشاء هذا الفكر فى أشد مزاعمه إنسانية أن يجعل منه إنسانا مغمض العينين معزولا عن المجتمع والواقع يعيش هموما مفارقة مثالية ذهنية حتى حوله هذا الفكر إلى إنسان خال من كل شروط الإنسانية ص67
نصر هنا يتحدث عن الفكر الدينى وكأن كل من تحدثوا عن النبى(ص) كانوا فريقا واحدا فى حكاية العزلة وهو ما يناقض معظم الكتب خاصة كتب الحديث وكذلك ما يسمى كتب السيرة أو التاريخ ربما يكون بعض الصوفية هم من جعلوه فى كتبهم هو ذلك الإنسان المثالى المفارق للواقع قبل بعثته ولكن هذا لا ينفى أن بقية الكتب جعلته تاجرا وراعيا للغنم ومشاركا فى المجتمع كما فى بناء الكعبة المزعوم وكما فى حلف الفضول وهو ما اعترف به نصر فى قوله:
"إن تصور النبى (ص)معزولا عن المجتمع والواقع منفردا دائما يتناقض مع ما اشتهر به من وصف الأمين إذ لا يشتهر بمثل هذه الصفة إلا من عامل الناس وانغمس فى شئونهم واختلط بهم اختلاطا يسمح لهم بالحكم عليه وكيف كان يمكن أن تخطبه على نفسها كريمة من كريمات العرب ذات منصب وجمال وحسب مرغوب فيها لا مرغوب عنها ولو كان محمد (ص) دائم الاعتزال للناس فى شعاب الجبال والأودية فكيف نال هذه الشهرة ص68
قال نصر:
"سبقت لنا الإشارة إلى ما ذهب إليه علماء القرآن من أن سورة العلق أول ما نزل فى شأن النبوة وأن سورة المدثر هى أول ما نزل فى شأن الرسالة ص79
اطباق القوم ومعهم نصر وغيره على أن تلك الآيات فى العلق والمدثر هى أول ما نزل هو كلام ينافى الحقيقة فأول شىء فى رسالة أى رسول هو أن يعرفه صاحب الرسالة بنفسه وما هو المطلوب منه فالله لابد أن يعرف رسوله (ص) بنفسه كما فى قول القرآن " إننى أنا لا إله إلا أنا فاعبدنى"
قال نصر:
"من هنا يصعب أن نتقبل اجماع المفسرين على أن المقصود بتطهير الثياب تطهير النفس مما يستقذر من الفعال ويستهجن من العادات ذلك أن هذا التأويل المجازى يجعل من الأمر بهجر الرجز نوعا من التكرار والاطناب وهى ظاهرة لا يستدعيها الموقف كما سبقت الإشارة إن الأمر بتطهير الثياب أمر حقيقى فى مجتمع صحراوى يعانى من ندرة الماء وتعد نظافة الثياب فيه من علامات النبل وحسن المظهر الذى يجعل الشخص مقبولا فى أعين القوم ص83
الخطأ الأول هو أن القوم كانوا يعيشون فى الصحراء وهو ما ينافى النص نفسه فى العديد من المواضع كقوله "والتين والزيتون وطور سنين وهذا البلد الأمين" و"حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء" ولو كان القوم فى صحراء لا يزرعون فلماذا شرعوا تشريعات فى الحرث كما فى سورة الأنعام ""وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون"
فالمجتمع الذى لا يزرع لا يشرع تشريعات زراعية أى فى الحرث والمجتمع الذى فيه الأنعام دون تحديد لنوعها لا يمكن أن يكون سوى مجتمع زراعى كما أن قوله فى سورة الواقعة "أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون" لا يقال لأهل مكة والواقعة سورة مكية إذا كانوا يعيشون فى بيئة صحراوية والله لا يكذب فى قوله ما تحرثون فهذا يعنى أن الكثير منهم كان يعمل بالحرث وهو الزراعة
قال نصر:
"إن السيرة هنا تطرح سبب النزول وتحدد من ثم مكية الآيات بطريقة أكثر ارتباطا بالنص من جهة وبالواقع من جهة أخرى بل إنها تتجاوز ذلك على التعليل النابع من الإحساس بجدلية العلاقة بين الواقع والنص لقد كان تأخر الوحى نوعا من التأديب لمحمد (ص) الذى وعدهم بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى كما تقول الرواية أى دون أن يشترط المشيئة الإلهية أو نزول الوحى عليه لقد كان من شأن الوحى لو أجاب عن أسئلتهم فى الغد كما وعدهم أن يؤكد فى نفوس قومه شكوكهم فى أنه ينقل عن كتاب أو فى أن ثمة من يملى عليه ما يزعم أنه يأتيه من ربه وهى اتهامات صارحوه بها فعلا قبل ذلك فى أكثر من مناسبة ص97
الخطأ أن نصر يصدق أن الوحى انقطع عن النبى(ص) بعد السؤال عن الروح وما شاكلها تأديبا له لأنه وعد الكفار بالرد على جهة القطع والتأكيد فى الغد دون أن يستثنى وبالطبع الروايات متناقضة وغير مقنعة
الموجود فى المصحف لا يذكر انقطاع الوحى إلا فى مسألة أخرى حسب الروايات أيضا وإن كان يدل عليها قوله تعالى "ما ودعك ربك وما قلى"
كما أن الموجود فى المصحف يبين لنا أن النبى(ص) نفسه سأل جبريل (ص) عن مواعيد نزوله فبين له أنه لا توجد مواعيد إلا ما أمره الله بها وهو قوله تعالى "وما نتنزل إلا بأمر ربك"
ومن ثم ف النبى (ص)(ص) لن يقول للقوم تلك القولة المزعومة عن الإجابة غدا لأنه سال الملاك عن ذلك وعرف منه أنه لا يوجد وقت محدد للنزول ومن ثم فالنزول يكون فى أى وقت يختاره الله حسب أمره
قال نصر:
"وفى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته لكن علماء القرآن أحيانا ما يلغون علاقة التلازم والتزامن الضرورية هذه بين النص والدلالة وذلك بافتراضهم امكانية أن يسبق النص الحكم بمعنى أن ينزل النص أولا فى المرحلة المكية ثم يتقرر حكمه الشرعى أو الفقهى بعد ذلك فى المرحلة المدنية ص101 وقال نصر:
"إن الحقائق الامبريقية المعطاة عن النص تؤكد أنه نزل منجما على بضع وعشرين سنة وتؤكد أيضا أن كل آية أو مجموعة من الآيات نزلت عند سبب خاص استوجب نزولها وأن الآيات التى نزلت ابتداء أى دون علة خارجية قليلة جدا ص109
الخطأ فى الفقرتين أن فى حالة النص القرآنى لابد أن يتزامن سبب النزول مع النص مع حكمه أو دلالته وهو كلام يخالف النص نفسه فهناك نصوص تنزل دون سبب نزول مطلوب بشرى أو حادث من البشر ومن أمثلتها معظم إن لم يكن كل النصوص التى تبين المعلومات عن ذات الله أو عن أحداث القيامة فمثل هذه الموضوعات لا يسأل عنها البشر إلا فى النادر لأن ما يهمهم هو أحكام العلاقات بينهم فى المقام الأول
وقال نصر:
"إن ما ترويه السيرة عن كيفية تعليم جبريل للنبى الوضوء والصلاة معا بطريقة عملية هو الأقرب إلى تصور مفهوم شامل للنص الدينى ذلك أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وفى مثل هذا التصور لا يتخلف النص عن الحكم بل يكون النص مقارنا للحكم ومتزامنا معه ومع ذلك فآية سورة المائدة محل الخلاف ليست نص فى الوضوء بل هى نص فى التيمم بمعنى أن ذكر الوضوء فيها ليس مقصودا لذاته بلا جاء توطئة لذكر التيمم وهو محور الموقف الذى نزلت الآية استجابة له ص103
الخطأ هنا هو أن القرآن لم يتضمن كيفية الصلاة ولا عدد الركعات ولا تحديد الفروض من النوافل وإنما أشار إشارة مجملة إلى فرض الصلاة وإلى وجوبها وهو ما يناقض أن الصلاة فى القرآن موجودة بالتفصيل كما قال تعالى " وكل شىء فصلناه تفصيلا"والمصحف موجود به تفاصيل الصلاة ولكنها تخالف الصلاة المعروفة حاليا
وقال نصر:
"ومن السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ إذا قورن بقصر الآيات الأخرى فى السورة ذاتها لأن السورة كلها عشرون آية تتكون الآية الواحدة من بضع كلمات ولا تزيد عن ست كلمات بينما هذه الآية وحدها تكاد أن تبلغ أكثر من ثلث حجم السورة كلها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فالسورة كلها باستثناء هذه الآية فيها حرص على الفاصلة وهى اللام الممدودة التى تتحول إلى ميم ممدودة فى الآيتين12و13ص105
الخطأ أن من السهل أن نحدد أن هذه الآية مدنية وليست مكية استنادا إلى طولها البالغ
بالقطع الطول والقصر ليس مقياسا لكون الآية مدنية أو مكية فمن الآيات المكية ما هو طويل كما فى آيات من سور المصحف الأنعام والنحل ويونس ومنها :
"ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا أخرين"
"وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله من ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون"
"ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحى إلى ولم يوح إليه شىء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون فى غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون"
وهو الذى أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شىء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون"
"هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين"
"ولا تكونوا كالتى نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هى أربى من أمة إنما يبلوكم الله له وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم تختلفون"
وقال نصر:
"النص لا يتم عبر طفرة بلا هو تحول تدريجى لذلك قد نجد فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وفى هذا الصدد يشير العلماء إلى قوله تعالى " الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم التى تعنى كل ذنب عاقبته النار ومثل الفواحش التى تعنى كل ذنب فيه حد واللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب لكن هذه الدلالات الجديدة لم يكن يمكن اكتشافها فى النص إلا من خلال النص ذاته فى تفاعله مع حركة الواقع حيث يطور النص اللغة لكى تلائم هذه الحركة هذا بالإضافة إلى أن اكتشافها من النص لا يتم إلا من خلال القارىء والمفسر ص108
الخطأ ان فى النصوص المكية ما يمكن أن يكون دالا على تطور لاحق فى المرحلة المدنية وهو كلام يصدق على الأخبار وليس على الأحكام كما فى قوله تعالى " سيهزم الجمع ويولون الدبر" وأما الآية الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم" وهى آية مكية باتفاق لكنها تتضمن من الألفاظ ما صار ذا دلالة شرعية فى المرحلة المدنية مثل كبائر الإثم فلا علاقة لها بالمرحلة المدنية لأن آية عامة فى الكل مكى ومدنى فهى قاعدة عامة كما يقال
وأما تفسير اللمم وهو ما بين الحدين من الذنوب فهى تفسير بعيد عن الواقع فالمراد باللم هو الذنوب القليلة التى يرتكبها المسلم فيتوب منها وليس ما بين الحدين من الذنوب
وقال نصر:
"والحقيقة أنه لم يكن ثمة نزول مجمل للنص من مكان إلى آخر وراء عالم الأرض عالم الوقائع والجزئيات وذلك أن مثل هذا التصور لا تعارضه الآية محور النقاش فقط بل يعارضه النسخ وإزالة حكم النص ومنطوقه وصيغة الماضى الواردة فى الآية محور النقاش صيغة دالة بحقيقتها من حيث ابتداء النزول أولا ومن حيث الموقف الاتصالى حال الاتصال كما ورد فى الفصل السابق ص115 وقال نصر:
"لم يناقش العلماء ما تؤدى إليه ظاهرة نسخ التلاوة أو حذف النصوص سواء بقى حكمها أم نسخ أيضا من قضاء كامل على تصورهم الذى سبقت الإشارة إليه لأزلية الوجود الكتابى للنص فى اللوح المحفوظ وإذا كان "ما نزل من الوحى نجوما جميعه فى أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ كما قال "فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون" فإن نزول الآيات المثبتة فى اللوح المحفوظ ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو ينفى هذه الأبدية المفترضة الموهومة"ص148 وقال نصر:
"والذى لا شك فيه أيضا أن فهم قضية النسخ عند القدماء لا يؤدى فقط على معارضة تصورهم الأسطورى للوجود الخطى الأزلى للنص بل يؤدى أيضا إلى القضاء على مفهوم النص ذاته ص152
الفقرات الثلاثة تحتوى على خطأ مشترك وهو اعتبار وحى القرآن جملة واحدة من الله للسماء أسطورة اى فرية اى كذبة وهو ما يعنى تكذيب قوله تعالى" إنا أنزلناه فى ليلة القدر" وقوله تعالى " شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن" وقوله "إنا أنزلناه فى ليلة مباركة"
فالنزول أو الوحى الكلى طبقا للنص موجود
وقال نصر:
"إن الوقائع لا نهاية لها والواقع فى حالة حركة مستمرة سيالة ولكن النصوص من جهة أخرى محدودة وإن كانت قادرة على استيعاب تلك الوقائع بحكم قدرة اللغة على التعميم والتجريد إن استيعاب النصوص للوقائع الجديدة لابد أن يستند على دوال أما فى بنية النص وأما فى السياق الاجتماعى لخطابه أى فى أسباب النزول وقد أدرك عمر بن الخطأ ب حكمة التشريع الذى يعطى للمؤلفة قلوبهم نصيبا من الزكاة لا من بنية النص نفسه بل من السياق العام للنص فأدرك أن حكمة هذا التآليف تقوية للإسلام الذى كان ضعيفا ومع قوة الإسلام وسيطرته على الجزيرة العربية وامتداده إلى ما ورائها لم يعد ثمة حكمة فى إعطاء جزء من الزكاة لمن لا يستحقها وداخل هذا الفهم يستقر فهم أخر للحكمة من فرض الزكاة على الأغنياء والقادرين واعطائها للفقراء والمحتاجين للفقراء والمحتاجين وبنفس الفهم من جانب عمر لحكمة فرض حد السرقة لم يقم هذا الحد على العبدين اللذين سرقا من سيدهما الذى كان يجيعهما وهدده ابن الخطأ ب السيد نفسه بقطع يده لو عاد العبدان للسرقة مرة أخرى ص117
الخطأ الأول هو أن المؤلفة قلوبهم الغرض من اعطاءهم الزكاة هو تآليف قلوبهم على الإسلام والمؤلفة قلوبهم ليسوا الكفار الذين أسلموا حديثا ويراد تآليف قلوبهم على الإسلام كما معروف وشائع فهذا التعريف ينكره النص القرآنى فمال الدنيا كله لا يؤلف قلبى على الإسلام كما قال تعالى " هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم"
ومن ثم فالمؤلفة قلوبهم هم صنف أخر وهم المجانين أى المركبة نفوسهم تركيبا غير سوى
والخطأ الثانى أن نصر فهم النص المروى فى حكاية السرقة فهما خاطئا فالعبيد لا يقطعون بل يقطع سيدهم لأنهم شضركاء لهم فى المال ومن ثم فهو من سرقهم لأنه سلبهم حقهم الذى أوجبه الله لهم فى المال فقال ""والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون" فالسيد يرد أى يقسم المال بينه وبين ملك يمينه بالعدل وإذا لم يفعل فهو جاحد أى كافر حتى يتوب بقسمة المال بينه وبينهم بالعدل
وقال نصر:
"والمثال الذى يطرحه العلماء لهذا النمط هو خلاف رواية ابن مسعود عن رواية ابن عباس فى سبب نزول قوله تعالى "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" وقد سبقت لنا مناقشة هذا المثال فى المكى والمدنى وبينا هناك أن الصحيح ليس رواية ابن مسعود رغم أنه حسب روايته حضر نزول الوحى بالآيات وهو أمر أدى إلى افتراض نزول الآية مرتين مرة فى مكة ومرة فى المدينة ص126
مشكلة نصر هنا هو أن يعتمد فى الفهم على الروايات وليس على النص ذاته فالمفترض هو أن يحكم النص فى الروايات لا أن يطبق الروايات على النص لأن معظم الروايات تخالف النص القرآنى فى جزئية ما أو عدة جزئيات مما يعنى كونها رواية كاذبة لم تحدث ولم توجد
وقال نصر:
"ولعلنا من هذا السياق نفهم أن الآية فى النص السابق التى يقع عليها النسخ أو النسيان ليس من الضرورى أن تكون بمعنى الوحدة الأساسية فى النص الآية القرآنية ولعل المقصود بها المعنى اللغوى للآية بمعنى العلامة الدالة ويؤكد هذا الفهم من جانبنا الحديث عن ملك السموات والأرض أولا ثم الحديث عن طلب طلبه أهل الكتاب والمشركون ص132
الخطأ هنا هو أن الآية المذكورة فى آية الإنساء قد تكون بمعنى العلامة وليس الآية كلها وهو كلام بعيد عن الحقيقة فالإنساء يعنى الترك وليس المحو فالآيات على نوعين حيث بين الله لنبيه (ص)أن القرآن قسمين قسم منه منسوخ أى مبدل حيث يضع الله حكم مكان حكم أخر وكلاهما ثابت فى القرآن ومنه قسم منسى أى متروك دون تغيير أى تبديل وهذا هو معنى قوله تعالى "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها"
وقال نصر:
"إن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع ولا يصح اخضاع الواقع لأحكام وتشريعات جامدة لا تتحرك ولا تتطور ص135
الخطأ أن الأحكام الشرعية أحكام خاصة بالبشر فى حركتهم داخل المجتمع والحق أن العديد من الأحكام الشرعية لا يتعلق بالمجتمع البشرى فالأحكام الخاصة بالله والرسل والغيبيات لا علاقة لها بالبشر ومعاملاتهم فهى معاملة داخل الفرد يعتقدها ويعمل بناء عليها أعمال لا تخص الآخرين مثل الصلاة الفردية والدعاء
وقال نصر
إن ما يقوله ابن خلدون هنا عن اتحاد الدليل والمدلول يمكن التعبير عنه أخرى بالقول أن صدق الوحى لا يحتاج على دليل أخر خارجه بل الوحى ذاته بتضمن الدليل على صدقه وإذا كانت الدعوات والرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص)فإن الدعوة والرسالة فى حالة الإسلام لم تكن بحاجة لمثل هذا الدليل الخارجى ص156
الخطأ الأول أن الرسالات السابقة احتاجت إلى دليل يؤكد صدق الوحى دليل خارجى يتمثل فى وقوع فعل خارق للعادة على يد النبى (ص) فالرسالات لا تحتاج لمعجزات لأنها واحدة فى كل العصور كما قال تعالى "ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك" ومن ثم فنصوص الوحى ثابتة بنسبة تزيد على التسعة والتسعين فى المائة فى الأحكام ومن ثم فتشابه الرسالات بين كل الرسل (ص) يعنى أنها كلها لا تحتاج لشىء خارجى ولكنه حكم من الله قضى بأن يعطى الناس المعجزات ليصدقوا الرسل (ص) فكذبوا بها عدا قوم يونس(ص) ولذا رفع الله المعجزات فى عهد النبى (ص)(ص) فقال "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
الخطأ الثانى وقوع المعجزة أى الخارقة على يد النبى (ص)وهو كلام يخالف أن المعجزات كثير منها لم يكن النبى (ص)فى وقته مشاركا فيها فمثلا الغمام على بنى إسرائيل لا يد لموسى)ص) فيه وكذلك المن والسلوى ومثلا إبراد النار على إبراهيم(ص) لا يد لإبراهيم(ص) فيه
وقال نصر:
"الشاعر معبر عن القبيلة ومحمد (ص) مبلغ لرسالة والشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها والقرآن نص يستهدف اعادة بناء الواقع وتغييره إلى الأفضل من هنا كان التشديد على أن محمد (ص) ا ليس شاعرا أو كاهنا أو ساحرا وعلى أن القرآن ليس بشعر ص158
الخطأ أن الشعر نص يحقق مصالح القبيلة فى مهاجاة أعدائها ونصرة حلفاءها أو فى مدح رجالها وزعمائها وهو ما يخالف أن الشعراء كانوا يقولون ما لا يفعلون ويقولون فى أى موضوع وهو قوله تعالى""والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون "
فالشعر هو تعبير عن الشعراء وليس عن قبائلهم وهم متبوعون وليسوا تابعين للقبيلة لأن الغاوون ينبعون اى يطيعون كلامهم
وقال نصر:
"ولقد أدرك المسلمون الأوائل أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وكان المبدأ منذ المحاولات الأولى للتفسير إذا تعاجم عليكم شىء فى القرآن فعليكم بالشعر فإن الشعر ديوان العرب ص160
الخطأ أن المسلمين الأوائل عرفوا أن النص غير منعزل عن الواقع ومن ثم لم يجدوا حرجا فى فهم النص على ضوء النصوص الأخرى خاصة الشعر وهم كلام لا أساس لهم وهو مخالف للنص نفسه فالمسلمون الوائل فهموا النص بناء على الذكر وهو التفسير المنزل على النبى(ص) ليبين لهم المنزل الأول وهو القرآن وفى هذا قال تعالى " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" وعبر الله عن ذلك بأنه فصله لهم تفصيلا أى بينهم له تبيانا لا يحتاج لتوضيح فقال "وكل شىء فصلناه تفصيلا"
ومن ثم فالأوائل لم يحتاجوا لشعر ور لغيره ليفهموا مراد الله
وقال نصر:
"لاشك أن من أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهى مراعاة تؤكد تماثل النص مع النصوص الأخرى فى الثقافة ص161
الخطأ أن أهم الفروق الأسلوبية بين القرآن المكى والقرآن المدنى هو مراعاة الفاصلة بين الآيات وهو كلام غير واقعى فمن يراجع بعض السور المكية كسورة الأنعام لا يجد مراعاة للفواصل كما فى الآيات 14و15و16و17 فالفاصلات ن م ن ر وهى:
"قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين 14قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم15 من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين16وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فهو على كل شىء قدير وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير17"
وأيضا الآيات 66و67 ل ن وهى :
""وكذب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل66 لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون67"
والسور المكية الكبرى وغيرها لا نجد الفاصلة واحدة بل متعددة وإن كان الغالب هو أنها تنتهى بحرف النون ولكن تجد فواصل متنوعة كالميم وهى الأكثر بعد النون والراء وغيرهم
وقال نصر:
ولقد تم فهم المحكم على أساس أنه الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل كما فهم المتشابه على أساس أنه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل ص200
الخطأ كون المحكم الواضح البين الذى لا يحتاج إلى تأويل والمتشابه الغامض الذى يحتاج إلى تأويل وهو يخالف منطوق الاية نفسها فالكل فيها واضح وهى :
" هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا"
والسؤال كيف يفتن القوم الناس وهم لا يعرفون معنى المتشابه ؟
الفتنة غرضها الإضلال وكى تضل الناس عن المعنى الصحيح لابد أن تكون عارفا به حتى تبين للناس معنى غيره يبعدهم عن الحق وتفسير الآيات هو :
قوله"هو الذى أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات"يفسره قوله تعالى بسورة الكهف"واتل ما أوحى إليك من ربك"فالكتاب يعنى ما أوحى الله والمعنى هو الذى أوحى لك القرآن وتفسيره منه أحكام مفروضات هن أصل الحكم وأحكام مماثلات،يبين الله لرسوله(ص)أنه هو الذى أنزل له الكتاب والمراد الذى أوحى إليه الوحى الذى ينقسم إلى آيات محكمات أى أحكام واجبات الطاعة هن أم الكتاب أى أصل الحكم وآيات متشابهات أى وأحكام مماثلات لها ليست واجبة الطاعة الآن وهى الأحكام المنسوخة ،وقوله" فأما الذين فى قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله"يعنى فأما الذين فى نفوسهم كفر فيقصدون الذى تماثل منه طلبا للوقيعة وطلبا لتفسيره،يبين الله أن الذين فى قلوبهم زيغ أى الذين فى نفوسهم مرض هو التكذيب لحكم الله يتبعون ما تشابه منه والمراد يطيعون الذى تماثل منه وهو المنسوخ وأسباب طاعتهم للمنسوخ هى ابتغاء الفتنة وابتغاء التأويل والمراد طلبا لإحداث الخلاف بين المسلمين وطلبا للتفسير الصحيح للوحى حتى يقدروا على قلب الحق باطلا ،وقوله"وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا "يعنى وما يعرف تفسيره إلا الله والثابتون فى المعرفة يقولون صدقنا به الجميع من لدى الله ،يبين الله لنا أن تأويل الآيات وهو تفسيرها التفسير الصحيح لا يعلم به أى لا يعرفه سوى الله والراسخون فى العلم وهم الثابتون فى المعرفة أى أهل الذكر ولا يمكن أن يعلم الله وحده بالتفسير لأن الأمر لو كان كذلك فمعناه أن كل الرسل(ص)والفقهاء كانوا جهلة لا يعرفون تفسيره وهو ما لا يقول به عاقل
وقال نصر:
"وفى القرآن نجد مستويات لغوية مختلفة تتراوح بين الإعلام الخالص وهى نصوص قليلة جدا وبين اللغة الأدبية المكثفة الدلالة لآلياتها الخاصة ص212
حكاية المستويات تتعارض مع قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا"فالتفصيل التام لا يجعل هناك مستويات لأن الغرض منه أن يفهم الكل مراد الله واضحا والسبب فى القول فى المستويات هو أن التفصيل الإلهى الذى كان معروفا لدى الأوائل حرص الكفار الذين هدموا دولة المسلمين الأخيرة على إبعادنا عنه حتى يدخلونا فى متاهة التفسيرات المتعددة التى تجعل خلافنا لا ينتهى
وقال نصر :
"ولم تكن ظاهرة الغموض بالنسبة للجيل الأول من المسلمين قاصرة على الألفاظ الغريبة بل كانت تتجاوز ذلك إلى مستوى التراكيب ولذلك احتاج النص فى هذه المرحلة المبكرة إلى التفسير فى بعض أجزائه ص206
نفس الخطأ وهو وجود غموض بالوحى وهو ما يخالف قوله تعالى "وكل شىء فصلناه تفصيلا"
وقال نصر :
"والتمسك بهذا التفسير بوصفه التفسير الوحيد الصحيح استنادا إلى سلطة القدماء يؤدى إلى ربط دلالة النص بالأفق العقلى والإطار الثقافى لعصر الجيل الأول من المسلمين وهذا الربط يتعارض تعارضا جذريا مع المفهوم المستقر فى الثقافة من أن دلالة النص تتجاوز حدود الزمان والمكان ص251
حكاية التفسيرات المتعددة والتى تكون صحيحة كلها هو ضرب من الجنون والخطأ هو كون تفسير القدماء هو التفسير الصحيح فى تفسير صحيح إلا التفسير الإلهى المنزل على الرسول(ص) فهذا هو التفسير الذى يجب السعى للعودة لله مصداق لقوله تعالى "وما اختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله " والطريق الوحيد لمعرفته هو الوصول للكعبة الحقيقية التى بها القرآن كاملا وتفسيره الإلهى الذى لا يدع شاردة ولا واردة إلا وفصلها تفصيلا لا يختلف عليه اثنين وإلا سنظل مختلفين حتى يوم القيامة