"وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون "المعنى وأرسلنا إلى عاد صاحبهم هودا(ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه إن أنتم إلا كاذبون ،يبين الله أنه أرسل هود(ص)إلى قومه عاد فقال لهم :يا قوم أى يا شعبى اعبدوا الله أى اتقوا الله مصداق لقوله بسورة الشعراء"فاتقوا الله "أى أطيعوا حكم الله ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من رب سواه إن أنتم إلا مفترون أى كاذبون فى قولكم بوجود آلهة أخرى معه .
"يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذى فطرنى أفلا تعقلون "المعنى يا شعبى لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بمال إن ثوابى من الذى خلقنى أفلا تذكرون ؟،يبين الله لنبيه (ص)أن هود(ص)قال لقومه يا قوم لا أسألكم عليه أجرا والمراد يا أهلى لا أطلب منكم مالا مقابل إبلاغ الوحى مصداق لقوله بسورة هود" ويا قوم لا أسألكم عليه مالا "إن أجرى إلا على الذى فطرنى والمراد إن ثوابى إلا من الذى خلقنى وهذا يعنى أنه يأخذ ثوابه من الله وليس يأخذ مالا منهم ،
أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون "كما قال بسورة الجاثية وهذا يعنى أنه يقول لهم أنهم مجانين باتباعهم دين أباءهم .
"ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين "المعنى ويا شعبى استعفوا إلهكم أى أنيبوا له يبعث السحاب عليكم متتابعا ويضاعفكم بأس إلى بأسكم ولا تصبحوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن هود(ص)قال لعاد :يا قوم أى يا شعبى استغفروا ربكم أى اطلبوا العفو عن ذنبكم من إلهكم وفسر هذا بقوله توبوا إليه والمراد عودوا لدين الله يرسل السماء عليكم مدرارا والمراد يبعث السحاب لكم متتابعا وهذا يعنى أنه يبعث لهم المطر باستمرار على فترات ليرووا أرضهم وأنعامهم وأنفسهم ،ويزدكم قوة إلى قوتكم والمراد يضاعف لكم بأسكم بأسا والمراد يزيد عزكم عزا ويطلب هود(ص)منهم التالى ألا يتولوا مجرمين أى ألا يصبحوا مكذبين بوحى الله .
"قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك مؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إنى أشهد الله واشهدوا إنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون "المعنى قالوا يا هود ما أتيتنا بحجة وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب رأيك وما نحن لك بمصدقين إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بضرر قال إنى أعلم الله واعلموا إنى معتزل لما تعبدون من غير الله فامكروا بى كلكم ثم لا ترقبون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا لهود(ص)يا هود ما جئتنا ببينة أى ما أتيتنا بحجة وهذا يعنى أنهم يقولون له أنك لم تأت بدليل على رسوليتك ،وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك والمراد وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب زعمك وهذا يعنى أنهم يتمسكون بأربابهم وفسروا هذا بقولهم وما نحن لك بمؤمنين أى مصدقين لك وهذا يعنى تكذيبهم للوحى المنزل عليه ،إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء والمراد إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بأذى وهذا يعنى أنهم يتهمونه بالجنون الذى أصابه به فى زعمهم آلهتهم ،فرد عليهم فقال إنى أشهد الله واشهدوا والمراد إنى أعلم الله واعلموا إنى برىء مما تشركون من دونه والمراد إنى معتزل للذى تعبدون من سوى الله وهذا يعنى أنه ترك عبادة كل آلهتهم ما عدا الله ،فكيدونى ثم لا تنظرون والمراد فامكروا بى ثم لا تتربصون والمراد فكذبونى ولا تترقبوا منى أترك دينى .
"إنى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم "المعنى إنى احتميت بطاعة الله إلهى وإلهكم ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه إن إلهى على حكم عادل ،يبين الله لنبيه (ص)أن هود قال لقومه :إنى توكلت على الله والمراد إنى احتميت من العذاب بطاعة حكم الله ربى وربكم أى إلهى وإلهكم ،وهذا يعنى أن آلهتهم لا تقدر على إصابته بشىء مما ذكروا ،وقال ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها والمراد ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه وهذا يعنى أنه المتصرف فى كل مخلوق موتا وحياة ورزقا وغيره ،إن ربى على صراط مستقيم والمراد إن إلهى على دين حق وهذا يعنى أن الله شرع لنفسه حكم كله قائم على العدل فى كل شىء ومن ثم لا يظلم أحد.
"فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربى قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربى على كل شىء حفيظ "المعنى فإن كفروا فقد أخبرتكم الذى بعثت به ويمكن إلهى ناسا سواكم ولا تؤذونه بأذى إن إلهى على كل مخلوق وكيل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال لهود (ص)فإن تولوا أى كفروا برسالتك فقل لهم لقد أبلغتكم ما أرسلت به والمراد لقد أوصلت لكم الذى بعثت به وهذا يعنى أنه أخبرهم بالوحى كله ،ويستخلف ربى قوما غيركم أى "يستبدل قوما غيركم "كما قال بسورة محمد وهذا يعنى أن الله يعطى الوحى والأرض لناس سواهم يطيعونه ولا تضرونه شيئا والمراد ولا تصيبونه بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأى أذى مهما قل أو كثر،إن ربى على كل شىء حفيظ والمراد إن إلهى على كل مخلوق وكيل وهذا يعنى أن الله قائم يدبر لكل مخلوق ما يحفظه .
"ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب عظيم "المعنى ولما أتى عقابنا أنقذنا هودا(ص)والذين صدقوا به بأمر منا أى أنقذناهم من عقاب أليم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لما جاء أمر الله والمراد لما أتى عذاب الله نجى هودا (ص)والذين آمنوا معه والمراد أنقذ هودا(ص)والذين صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر أصدره للملائكة ألا يصيبهم العقاب وفسر هذا بأنه نجاهم من عذاب عظيم أى أنقذهم من عقاب غليظ مصداق لقوله بسورة هود"ونجيناهم من عذاب غليظ ".
"وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد واتبعوا فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عاد كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود"المعنى وتلك عاد كفروا بآيات خالقهم أى خافوا مبعوثيه أى أطاعوا حكم كل متكبر طاغى وأخذوا فى هذه الأولى عقاب ويوم البعث ألا إن عاد كذبوا خالقهم ألا عذابا لعاد ناس هود(ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن عاد جحدوا بآيات ربهم أى كفروا بأحكام إلههم كما جاء قبل نهاية الآية وفسر هذا بأنهم عصوا رسله والمراد خالفوا حكم الله المنزل على مبعوثه لهم هود(ص)وفسر هذا بأنهم اتبعوا أمر كل جبار عنيد والمراد أطاعوا حكم كل طاغى متكبر وهذا يعنى أنهم أطاعوا حكم سادتهم ولذا فقد اتبعوا فى هذه الدنيا لعنة والمراد أصيبوا فى هذه الأولى بعذاب هو الريح الصرصر ويوم القيامة وهو يوم البعث لهم لعنة أى عذاب ،ألا إن عاد كفروا أى جحدوا أى كذبوا أحكام خالقهم كما جاء فى بداية الآية ويبين لنا أن البعد وهو العذاب هو لعاد قوم أى شعب هود(ص) .
"وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب"المعنى وإلى ثمود صاحبهم صالحا (ص) قال يا شعبى أطيعوا الله ما لكم من رب سواه هو خلقكم من التراب واستخلفكم فيها فاستعفوه أى أنيبوا له إن إلهى عالم خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل لثمود أخاهم وهو صاحبهم صالح(ص)فقال لهم يا قوم أى يا أهلى اعبدوا أى "فاتقوا الله "كما قال بسورة الشعراء والمراد أطيعوا حكم الله ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من خالق سواه وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الله يستحق العبادة وحده لأنه الخالق وحده ،هو أنشأكم فى الأرض والمراد هو خلقكم من التراب وهذا يعنى أن الله خلقنا من تراب الأرض واستعمركم فيها أى استخلفكم فيها أى طلب منكم عمارتها وهى صلاحها فاستغفروه أى اطلبوا من الله العفو عن ذنبكم وفسر هذا بأن يتوبوا أى ينيبوا لدين الله ،إن ربى قريب مجيب أى إن إلهى سميع خبير والمراد إن الله يعلم بكل شىء تفعلوه يغفر لكم إن استغفرتموه وهذه هى الإجابة المقصودة.
"قالوا يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب"المعنى قالوا يا صالح قد كنت فينا عظيما قبل هذا أتزجرنا أن نطيع ما يطيع آباؤنا وإننا لفى ريب مما تنادينا له عظيم ،يبين الله لنا أن الكفار قالوا :يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا والمراد يا صالح قد كنت عظيم الشأن بيننا قبل دعوتك هذه وهذا يعنى أنه كان بينهم عاقلا يحترمون رأيه،أتنهانا أن نعبد ما يعبد أباؤنا والمراد هل تزجرنا أن نطيع الذى يطيع أباؤنا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صالح(ص)أنهم لن يتركوا دين الأباء مصداق لقوله بسورة هود"أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا"،وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب والمراد وإننا لفى تكذيب للذى تنادينا لإتباعه عظيم مصداق لقوله بسورة البروج"بل الذين كفروا فى تكذيب"وهذا يعنى أنهم لن يتبعوه.
"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى منه رحمة فمن ينصرنى من الله إن عصيته فما تزيدوننى غير تخسير"المعنى قال يا شعبى أعلمتم إن كنت على دين من خالقى أى أعطانى منه حكم فمن ينقذنى من عقاب الله إن خالفته فما تريدون بى غير هلاكى ،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا أهلى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على حكم من خالقى وفسره بقوله وأتانى منه رحمة أى جاءنى منه دين أى رزقنى منه رزقا مصداق لقوله بسورة هود"إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا" فمن ينصرنى من الله إن عصيته والمراد فمن يمنع عنى عقاب الله إن خالفته ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنه سيتبع دين الله لأنهم لا يقدرون على منع عذاب الله عنه إن هو أطاع رأيهم ،وقال فما تزيدوننى غير تخسير والمراد فما تريدون بى سوى عذابى ،يبين الله لنا أنهم يريدون إنزال عقاب الله به وليس غير هذا .
"ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب"المعنى ويا شعبى هذه ناقة الله لكم دليل فاتركوها ترزق فى بلاد الله ولا تصيبوها بأذى فيصيبكم عقاب دانى،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه هذه ناقة الله لكم آية والمراد هذه ناقة الله لكم برهان أى معجزة دليل على صدقى فذروها تأكل فى أرض الله والمراد فاتركوها ترعى فى بلاد الله وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يتركوا الناقة تفعل ما يحلو لها ،ولا تمسوها بسوء والمراد ولا تصيبوها بضرر فيأخذكم عذاب قريب والمراد فيصيبكم عقاب أليم مصداق لقوله بسورة الأعراف"فيأخذكم عذاب أليم "وهذا يعنى أنه بين لهم أن من يؤذى الناقة يجعل العذاب يحيق بهم بعد أيام قليلة .
"فعقروها فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب "المعنى فقتلوها فقال تلذذوا فى بلدكم ثلاثة أيام ذلك قول غير باطل،يبين الله لنبيه(ص) أن القوم عقروها أى ذبحوا الناقة فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام والمراد عيشوا فى بيوتكم ثلاثة أيام وهذا يعنى أن العذاب سينزل بهم بعد مرور ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب والمراد ذلك عذاب غير مردود مصداق لقوله بسورة هود"عذاب غير مردود "وهذا يعنى أن القول صادق سيتحقق بعد أيام .
"فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز"المعنى فلما أتى عذاب الله أنقذنا صالحا(ص)والذين صدقوا معه بأمر منا أى من ذل يومذاك إن إلهك هو الناصر المتين،يبين الله لنبيه(ص)أن لما جاء أمر الله والمراد لما أتى عذاب الله أنجى أى أنقذ الله صالحا(ص)والذين آمنوا أى صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر منه للملائكة أن تمنع عنهم العقاب وفسر هذا بأنه أنقذهم من خزى يومئذ أى من هوان أى ذل يوم نزول العقاب ويبين له أن ربه وهو خالقه هو القوى العزيز أى المنتصر القاهر لعدوه .
"وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود"المعنى وأهلكت الذين كفروا فأصبحوا فى بلادهم راقدين كأن لم يعيشوا فيها ألا إن ثمودا كذبوا خالقهم ألا عقابا لثمود،يبين الله لنبيه(ص)أن الصيحة وهى الرجفة وهى العذاب مصداق لقوله بسورة الأعراف"فأخذتهم الرجفة "وقوله بسورة الشعراء"فأخذهم العذاب"أخذ الذين ظلموا والمراد أهلكت الذين كفروا فكانت النتيجة أنهم أصبحوا فى ديارهم جاثمين أى كانوا فى أرضهم راقدين بلا حراك كأن لن يغنوا فيها والمراد كأنهم لم يعيشوا فى الدنيا على أرضهم ،ألا إن ثمود كفروا ربهم أى كذبوا آيات إلههم مصداق لقوله بسورة الشمس"كذبت ثمود"،ألا بعدا لثمود أى ألا عذابا لثمود وهذا يعنى أن العقاب هو نصيب ثمود فى الدنيا والأخرة .
"ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ "المعنى ولقد أتت مبعوثينا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا خيرا قال خير فما مكث أن أحضر عجل عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل وهم الملائكة جاءوا إبراهيم (ص)بالبشرى والمراد أتوا إبراهيم (ص)بالخبر السعيد فقالوا له سلاما أى الخير لك فقال لهم سلام أى الخير لكم ،فما لبث أن جاء بعجل حنيذ والمراد فما مكث سوى وقت يسير حتى أتى بعجل سمين ليأكلوا مصداق لقوله بسورة الذاريات "فجاء بعجل سمين".
"فلما رأ أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط"المعنى فلما شاهد أذرعهم لا تمسكه جهلهم وأحس منهم رهبة قالوا لا ترهب إنا بعثنا إلى شعب لوط(ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم(ص)لما رأى أيدى الضيوف والمراد لما شاهد أكف الضيوف لا تصل إليه والمراد لا تمسك الطعام نكرهم أى جهلهم أى لم يعرف حقيقتهم فأوجس منهم خيفة أى فشعر منهم برهبة فعرفت الملائكة ما دار فى نفسه فقالوا له:لا تخف أى لا ترهب منا أذى إنا أرسلنا إلى قوم لوط والمراد إنا بعثنا لإهلاك ناس لوط وفى هذا قال بسورة الذاريات "إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ".
"وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب"المعنى وزوجته واقفة فقهقهت فأخبرناها بإسحاق(ص)ومن خلف إسحاق(ص)يعقوب(ص)قالت يا خيبتى هل أنجب وأنا كبيرة وهذا زوجى عجوزا إن هذا لأمر غريب،يبين الله لنبيه(ص)أن امرأة أى زوجة إبراهيم (ص)كانت قائمة أى موجودة لخدمة الضيوف فضحكت أى فقهقهت بسبب الموقف فبشرتها الملائكة والمراد فأخبرتها الملائكة بخبر سعيد هو ولادتها لإسحاق(ص)ومن وراء إسحاق يعقوب والمراد ومن بعد ولادة إسحاق ينجب إسحاق(ص)يعقوب(ص)فقالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز والمراد يا خيبتى هل أنجب وأنا شيخة وهذا بعلى شيخا أى وهذا زوجى عجوز إن هذا لشىء عجيب والمراد إن هذا أمر غريب؟والغرض من السؤال هو أنها تخبرهم أنها تعدت سن الإنجاب منذ زمن طويل يالإضافة إلى أن زوجها فقد قدرته على الإنجاب بسبب الشيخوخة ومن ثم فليس هناك أى سبب يجعلهم ينجبون بعد إنعدام أسباب الإنجاب فيهم .
"قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"المعنى قالوا أتستغربين من حكم الله خير الله لكم أى أرزاقه لكم أصحاب البيت إنه شاكر عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أن الملائكة ردت على قولها فقالوا أتعجبين من أمر الله والمراد هل تستغربين من قدرة الله؟والغرض من السؤال هو إخبارها أن لا شىء يمتنع على قدرة الله ،رحمة الله أى نفع الله لكم أى بركاته عليكم والمراد أرزاق الله لكم أهل البيت أى سكان بيت إبراهيم(ص)إنه حميد أى شاكر لمن يطيعه مجيد أى عظيم .
"فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا فى قوم لوط إن إبراهيم لحليم آواه منيب"المعنى فلما زال عن إبراهيم(ص) الخوف وأتاه الخبر يحاججنا فى شعب لوط(ص)إن إبراهيم(ص)لعاقل رحيم تواب،يبين الله لنبيه(ص)أن لما ذهب عن إبراهيم (ص)الروع والمراد فلما زال عن إبراهيم(ص) الخوف من الضيوف وجاءته البشرى والمراد وأتاه الخبر السعيد بولادة إسحاق(ص)يجادلنا فى قوم لوط أى يناقش فى عقاب شعب لوط(ص)وجداله تمثل فى قوله للملائكة"إن فيها لوطا"كما جاء بسورة العنكبوت ويبين له أن إبراهيم(ص)حليم أى عاقل آواه أى نافع منيب أى تواب يتوب إلى الله كلما أذنب .
"يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم أتيهم عذاب غير مردود"المعنى يا إبراهيم تولى عن الجدال إنه قد صدر حكم إلهك إنهم نازل بهم عقاب غير ممنوع ،يبين الله لنبيه (ص)أن الملائكة قالت لإبراهيم(ص):أعرض عن هذا أى تولى عن الجدال والمراد اترك هذا الكلام إنه قد جاء أمر ربك والمراد إنه قد صدر حكم خالقك بعذابهم وإنهم أتيهم عذاب غير مردود أى إنهم مصيبهم عقاب غير ممنوع عنهم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب"المعنى ولما أتت مبعوثونا لوطا(ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقال هذا يوم عسير ،يبين الله لنبيه(ص)أن رسل الله وهم الملائكة لما جاءوا أى أتوا إلى لوط(ص)سىء بهم أى تضايق من حضورهم أى ضاق بهم ذرعا أى اغتم بهم نفسا والسبب خوفه عليهم من أن يطلبهم قومه للزنى فقال هذا يوم عصيب أى عسير أى صعب.
"وجاء قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتى هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل رشيد"المعنى وأتى شعبه يسرعون إليه ومن قبل كانوا يفعلون الخطايا قال يا شعبى هؤلاء بناتى هن أزكى لكم فأطيعوا الله ولا تفضحون بسبب ضيوفى أليس منكم ذكر عاقل ،يبين الله لنبيه(ص)أن قوم لوط (ص) جاءوا إليه يهرعون والمراد أتوا إلى بيته يجروا لما علموا بوجود رجال عنده وفى هذا قال بسورة الحجر"وجاء أهل المدينة يستبشرون " ومن قبل كانوا يعملون السيئات والمراد ومن قبل كانوا يفعلون الفواحش فقال لهم لوط(ص)يا قوم أى يا شعبى هؤلاء بناتى هن أطهر لكم والمراد هؤلاء بناتى هن أزكى لكم والمراد تزوجوا بناتى فهو أحسن لكم فى الأجر من نيك الرجال ،فاتقوا الله أى أطيعوا حكم الله ولا تخزون فى ضيفى والمراد لا تفضحون بسبب ضيوفى وهذا يعنى أنه يطلب منهم ألا يتسببوا فى إذلاله بسبب عدم قدرته على حماية ضيوفه ثم قال لهم أليس منكم رجل رشيد أى أليس منكم ذكر عاقل والغرض من السؤال هو حضهم على العقل وهو عدم فعل الفاحشة .
"قالوا لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لى بكم قوة أو أوى إلى ركن شديد "المعنى قالوا لقد عرفت ما لنا فى إناثك من نصيب وإنك لتعرف الذى نحب قال لو أن لى عليكم شدة أو ألجأ إلى جنب عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن القوم قالوا للوط (ص)لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق والمراد ليس لنا فى إناثك من متاع وهذا يعنى أن زواجهم من البنات باطل عندهم وقالوا وإنك لتعلم ما نريد والمراد وإنك لتعرف الذى نحب وهو نيك الرجال الضيوف فقال لهم لوط(ص)لو أن لى بكم قوة أو أوى إلى ركن شديد والمراد لو أن لى بأس أو ألجأ إلى جنب قوى وهذا يعنى أنه يقول لهم لو أننى قوى لدفعتكم عنهم أو أطلب من إنسان قوى أن يدفعكم معى عنهم ولكنه يعتقد أن ليس لديه الاثنين .
"قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب "المعنى قالوا يا لوط (ص)إنا ملائكة إلهك لن يقدروا عليك فاخرج بأسرتك ببعض من الليل ولا يرجع منكم أحد إلا زوجتك إنه مدمرها الذى دمرهم إن ميقاتهم الصباح أليس الصباح بآتى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الملائكة قالت للوط(ص)إنا رسل ربك أى إنا ملائكة إلهك لن يصلوا إليك والمراد لن يقدروا على إيذائك وهذا يعنى أن الملائكة منعت أذى القوم بأن أعمتهم ،فأسر بأهلك بقطع من الليل والمراد فاخرج بأسرتك بعد بعض الليل وهذا يعنى أن عليه أن يسافر هو وأسرته فى الليل حتى لا يراهم أحد ولا يلتفت أحد إلا امرأتك والمراد ولا يرجع إنسان منكم إلا زوجتك وهذا يعنى أن زوجة لوط (ص) سترجع وتهلك لأنها كافرة ،إنه مصيبها ما أصابهم والمراد إنه مهلكها الذى أهلكهم وهذا يعنى أن نفس العذاب ينزل بالمرأة وقومها ،إن موعدهم الصبح والمراد إن وقت هلاكهم الصباح أليس الصبح بقريب أى أليس الصباح دانى أى آتى ؟وهذا يعنى أن وقت هلاكهم هو النهار التالى لوقت خروج لوط (ص)وأسرته .
"فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد"المعنى فلما آتى عذابنا جعلنا أكابرها أصاغرها أى أنزلنا عليها صخور من طين معد وما هى من الكافرين ببعيدة ،يبين الله لنبيه(ص) أن لما جاء أمر الله والمراد لما آتى عذاب الله وهو الصيحة فى الصباح وهو وقت الشروق مصداق لقوله بسورة الحجر"فأخذتهم الصيحة مشرقين"حدث التالى جعلنا عاليها سافلها والمراد جعلنا أكابر القرية أذلائها وفسر هذا بأنه أمطر عليها حجارة من سجيل منضود والمراد أسقط علي أهلها صخور من طين مجهز للإهلاك مصداق لقوله بسورة الذاريات "لنرسل عليها حجارة من طين "وهى مسومة عند ربك أى مجهزة لدى إلهك للمسرفين مصداق لقوله بسورة الحجر"مسومة عند ربك للمسرفين "وما هى من الظالمين ببعيد والمراد وما هى من الكافرين بقاصية وهذا يعنى أن مكان وجود قرية لوط(ص)قريب من القوم فهم يمرون عليهم مصداق لقوله بسورة الصافات "وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون".
"وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنى أراكم بخير وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط"المعنى وأرسلنا إلى مدين صاحبهم شعيبا (ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه أى لا تتركوا الحق أى العدل إنى أعرفكم بسلام وإنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم ،يبين الله لنبيه(ص) أنه أرسل إلى مدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)قال يا قوم أى يا أهلى اعبدوا الله أى "فاتقوا الله"كما قال بسورة الشعراء ،ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من رب سواه وفسر هذا بقوله :لا تنقصوا المكيال والميزان أى لا تتركوا العدل أى القسط والمراد "لا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها"كما قال تعالى فى سورة الأعراف ،وقال لهم إنى أراكم بخير والمراد إنى أظنكم على نفع وهذا القول منه استدراج منه لهم بوصفهم أنهم يرى فى نفوسهم الحق وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط والمراد وإنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم مصداق لقوله تعالى بسورة هود"إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"وهذا يعنى أنه حريص عليهم لأنه لا يبغى سوى مصلحتهم .
"ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين "المعنى ويا أهلى اعملوا الحكم أى الفرض بالعدل أى لا تنقصوا الخلق حقوقهم أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال للقوم :يا قوم أى يا شعبى أوفوا المكيال أى الميزان بالقسط والمراد افعلوا الحكم أى الفرض الإلهى بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا حكم الله ونيتهم من العمل العدل وهو ثواب الله وليس غير هذا،وفسر هذا بألا يبخسوا الناس أشياءهم والمراد ألا ينقصوا الخلق حقوقهم وهذا يعنى أن يعطوا كل صاحب حق حقه وفسر هذا بقوله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين وهذا يعنى ألا يحكموا الأرض بحكم الكفر .
"بقية الله لكم خير إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ "المعنى جنة الله لكم أفضل إن كنتم مصدقين وما أنا عليكم بوكيل،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم بقية الله لكم خير إن كنتم مؤمنين والمراد ثواب الله لكم أحسن إن كنتم عالمين مصداق لقوله بسورة النحل"إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون "وهذا يعنى أن الجنة أحسن لهم من متاع الدنيا وما أنا عليكم بحفيظ أى لست عليكم بوكيل أى حامى لكم من عقاب الله .
"قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد "المعنى قالوا يا شعيب أدينك يطالبك أن ندع الذى يطيع آباؤنا أو أن نصنع فى أملاكنا الذى نريد إنك لأنت العاقل اللبيب ،يبين الله لنبيه(ص)أن القوم قالوا لشعيب (ص)قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا والمراد هل دينك يطالبك أن ننسى الذى يتبع آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء والمراد أو نعمل فى أملاكنا الذى نحب ؟والغرض من السؤال هو إخبار شعيب (ص)أنهم سوف يتبعونه فيتركون آلهتهم إذا تركهم يفعلون ما يريدون فى مالهم وقالوا إنك لأنت الحليم الرشيد أى اللبيب العاقل وهذا القول منهم أرادوا به أن يضحكوا عليه حتى يوافقهم على ما يريدون من التصرف بحريتهم فى المال .
"قال يا قوم إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب "المعنى قال يا أهلى إن كنت على دين من عند إلهى أى أعطانى منه حكما طيبا وما أحب أن أسبقكم إلى ما أزجركم عنه ،إن أحب إلا الحق ما قدرت وما فعلى إلا بالله به احتميت وإليه أعود،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم يا قوم أى يا شعبى إن كنت على بينة من ربى والمراد إن كنت على علم من عند خالقى وفسر هذا بقوله ورزقنى منه رزقا حسنا أى وأعطانى منه رحمة أى دين عظيم مصداق لقوله بسورة هود"أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى منه رحمة "وهذا يعنى أنه على دين منزل من الله لا يمكن أن يتركه ،وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه والمراد لا أحب أن أسبقكم إلى فعل الذى أزجركم عنه وهذا يعنى أنه لن يطيعهم فى طلبهم لأنه مخالفة لدين الله لا يريد أن يكون هو السابق لها وهو يزجرهم عنها،إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت والمراد إن أحب إلا العدل ما قدرت وهذا يعنى أنه يريد الصلاح وهو العدل ما قدر على ذلك ،وما توفيقى إلا بالله والمراد وما نجاحى إلا بالله وهذا يعنى أن نجاحه سببه هو طاعته لحكم الله ،عليه توكلت أى به احتميت والمراد بطاعة حكم الله احتميت من عذابه وفسر هذا بقوله وإليه أنيب والمراد إلى دين الله أعود كلما أخطأت.
"ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد"المعنى ويا شعبى لا يدفعنكم خلافى أن يمسكم شبه ما مس شعب نوح أو شعب هود أو شعب صالح وما شعب لوط منكم بقاصى ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم يا قوم أى يا أهلى لا يجرمنكم شقاقى والمراد لا يدفعنكم حب خلافى أن يصيبكم مثل ما أصاب والمراد عقاب شبه الذى نزل بقوم أى شعب نوح(ص)وقوم أى شعب هود(ص)وقوم صالح(ص)وما قوم أى شعب لوط منكم ببعيد أى بقاصى وهذا يعنى أن قرية لوط قريبة مكانيا منهم .
"واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود "المعنى واستعفوا إلهكم أى عودوا له إن إلهى نافع محب،يبين الله لنبيه (ص)أن شعيب (ص)قال لهم واستغفروا ربكم أى اطلبوا العفو من خالقكم عن ذنوبكم وفسر هذا بقوله وتوبوا إليه أى أنيبوا إلى دين خالقكم إن ربى رحيم ودود أى إن إلهى نافع مفيد لمن يعود لدينه .
"قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز "المعنى قالوا يا شعيب ما نفهم كثيرا من الذى تزعم وإنا لنعرفك فينا ذليلا ولولا جماعتك لقتلناك وما أنت علينا بقادر ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا :يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول والمراد لا نفهم كثيرا من الذى تزعم وهذا يعنى أنهم لا يطيعون الكثير من أحكام الدين ،وإنا لنراك فينا ضعيفا والمراد وإنا لنعلمك فينا ذليلا وهذا يعنى أنه مهان ولولا رهطك لرجمناك والمراد ولولا أهلك لقتلناك وهذا يعنى أنهم لم يقتلوه بسبب قوة أهله وما أنت علينا بعزيز أى بقادر وهذا يعنى أنهم يقولون إنك لن تقدر على هزيمتنا .
"قال يا قوم أرهطى أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربى بما تعملون محيط "المعنى يا شعبى أأسرتى أقوى عندكم من الله وجعلتموه خلفكم متروكا إن إلهى بما تصنعون خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن شعيب(ص)قال لهم يا قوم أى يا شعبى أرهطى أعز عليكم من الله والمراد هل أسرتى أقوى عندكم من الله ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله أقوى من أسرته وهو قادر على حمايته ،واتخذتموه وراءكم ظهريا والمراد وجعلتم الله خلفكم متروكا وهذا يعنى أنهم جعلوا دين الله فى أنفسهم منسيا لا يعمل به،إن ربى بما تعملون محيط والمراد إن إلهى بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما تفعلون "وسوف يحاسبكم عليه.
"ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إنى معكم رقيب "المعنى ويا شعبى اثبتوا على دينكم إنى ثابت فسوف تعرفون من يجيئه عقاب يذله ومن هو كافر وتربصوا إنى معكم من المتربصين ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب قال للقوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل والمراد اثبتوا على طاعة دينكم إنى ثابت على طاعة دينى فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه والمراد فسوف تعرفون من ينزل به عقاب يهينه ومن هو كاذب أى أضل سبيلا مصداق لقوله بسورة مريم"وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا"ويعرفون من هو على الحق وارتقبوا إنى معكم رقيب أى "فانتظروا إنى معكم من المنتظرين "كما قال بسورة يونس وهذا يعنى أنه سينتظر لوقت نزول العقاب عليهم .
"ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود"المعنى ولما أتى عذابنا أنقذنا شعيبا والذين صدقوا معه بأمر منا وأهلكت الذين كفروا الرجفة فأصبحوا فى بلادهم راقدين كأن لم يعيشوا فى الدنيا ألا عقابا لمدين كما عوقبت ثمود،يبين الله لنبيه(ص)أن لما جاء أمرنا والمراد لما حضر عذاب الله الممثل فى الرجفة نجى أى أنقذ شعيب (ص)والذين آمنوا أى صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر من الله للملائكة ،وأخذت الذين ظلموا الصيحة والمراد وأهلكت الذين كذبوا الحق الرجفة وهى الزلزلة مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فكذبوه فأخذتهم الرجفة "وهذا يعنى أن وسيلة هلاكهم هى الرجفة فكانت النتيجة أن أصبحوا فى ديارهم جاثمين والمراد أن كانوا فى أرضهم راقدين بلا حراك كأن لم يغنوا فيها والمراد كأن لم يعيشوا فى الدنيا على أرضهم ،ألا بعدا أى هلاكا أى عذابا لمدين كما بعدت ثمود أى كما عذبت ثمود.
"ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملائه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد "المعنى ولقد بعثنا موسى (ص)بعلاماتنا أى قوة كبرى إلى فرعون وقومه فأطاعوا حكم فرعون وما حكم فرعون بعادل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل أى بعث موسى (ص)إلى فرعون وملائه وهم قومه بآياته وهى علاماته الدالة على قدرته وفسرها بأنها سلطان مبين أى قوة كبرى مصداق لقوله بسورة الأعراف"ثم بعثنا موسى من بعدهم بآياتنا "فكانت النتيجة أنهم اتبعوا أمر فرعون والمراد أنهم أطاعوا رأى فرعون وما أمر فرعون برشيد أى وما رأى فرعون بعادل وهذا يعنى أن رأيه ضال مصداق لقوله بسورة طه"وأضل فرعون قومه ".
"يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا فى هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود"المعنى يقود شعبه يوم البعث فأدخلهم الجحيم وقبح المكان المدخول وأخذوا فى الدنيا عقاب ويوم البعث قبح العطاء المعطى ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون يقدم قومه يوم القيامة أى يقود شعبه يوم البعث فيوردهم النار أى فيدخلهم جهنم وهو بئس الورد المورود أى قبح المكان المدخول وهذا يعنى أنه كما "بئس الرفد المرفود "وهم أتبعوا فى هذه لعنة والمراد أصيبوا فى الدنيا بعقاب وفى يوم القيامة أى البعث لهم لعنة أى عقاب هو النار وبئس الرفد المرفود أى قبح العطاء المعطى وهو المكان المدخول .
"ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب"المعنى ذلك من أخبار أهل البلاد نوحيه إليك منها باق وهالك وما بخسناهم ولكن بخسوا أنفسهم فما منعت عنهم آلهتهم التى يعبدون من غير الله من عذاب لما أتى عذاب إلهك وما أعطوهم غير خسارة ،يبين الله لنبيه(ص)أن ذلك وهو القصص السابقة من أنباء القرى وهى أخبار أهل البلاد نقصه عليك أى نوحيه لك مصداق لقوله بسورة هود"تلك من أخبار الغيب نوحيه إليك" منها قائم وحصيد والمراد من القرى قرى باقية أى حية وقرى هالكة ،وما ظلمناهم أى وما نقصناهم حقا ولكن ظلموا أنفسهم والمراد ولكن أهلكوا أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم " فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء والمراد فما كفت عنهم أربابهم الذين يعبدون من سوى الله من عقاب مصداق لقوله بسورة الفرقان"ويعبدون من دون الله "وهذا يعنى أن الأرباب التى يزعمون عبادتها لم تقدر على منع عذاب الله عنهم لما جاء أمر ربه والمراد لما أتى عذاب خالقه مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء"ويبين أن الآلهة ما زادوهم غير تتبيب والمراد ما أمدوهم غير خسارة مصداق لقوله بسورة هود"وما تزيدوننى غير تخسير".
"وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد "المعنى وهكذا إهلاك إلهك البلاد وهى كافرة إن عقابه موجع عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة أخذ الرب أى عذاب الله إذا أخذ القرى أى إذا أهلك أهل البلاد وهى ظالمة أى كافرة بحكم الله ويبين له أن أخذه أليم شديد أى إن عذابه موجع مهين للكافرين والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده
"إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد "المعنى إن فى ذلك لعظة لمن خشى عقاب القيامة ذلك يوم مبعوث له الخلق وذلك يوم محضور وما نخفيه إلا لموعد مسمى يوم يقع لا تتحدث نفس إلا بأمره فمنهم معذب ومرحوم ،يبين الله لنبيه(ص)أن فى ذلك وهو قصص السابقين آية أى عبرة لمن خاف عذاب الآخرة والمراد لمن خشى عقاب القيامة مصداق لقوله بسورة النازعات"إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى "وذلك يوم مجموع له الناس والمراد يوم مبعوث له الخلق وهو يوم مشهود أى محضور من الكل فلا يغيب عنه أحد مصداق لقوله بسورة الكهف"وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا"ويبين له أنه ما يؤخره إلا لأجل معدود والمراد ما يؤجل القيامة إلا بسبب موعد محدد يعلمه الله وحده ويوم يأت أى يحدث البعث لا تكلم نفس إلا بإذنه والمراد لا تتحدث نفس إلا بأمر من الله ويبين له أن الناس منهم شقى أى معذب ومنهم سعيد أى منعم .
"فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد "المعنى فأما الذين عذبوا ففى جهنم لهم فيها إخراج وإدخال مقيمين فيها ما بقيت السموات والأرض إلا من أراد إلهك إن إلهك صانع لما يحب،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين شقوا أى عذبوا يكونون فى النار وهى جهنم لهم التالى زفير أى تجديد للجلود المحترقة وشهيق أى تعذيب للجلود الجديدة وهذا يعنى أنهم كلما احترقوا أعاد لهم أجسامهم حتى يؤلمهم عن طريقها من جديد وهم خالدين فيها أى مقيمين فى النار ما دامت أى ما بقيت السموات والأرض إلا ما شاء ربك والمراد إلا من أراد إلهك وهم المسلمون فهم لا يدخلون النار وربك فعال لما يريد والمراد وإلهك عامل لما يحب وهو دخول الكفار النار ونجاة المؤمنين منها.
"وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ"المعنى وأما الذين نعموا ففى الحديقة مقيمين فيها ما بقيت السموات والأرض إلا من أراد إلهك هبة غير مقطوعة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين سعدوا أى نعموا فهم فى الجنة وهى الحديقة خالدين أى "ماكثين فيها "مصداق لقوله بسورة الكهف والمراد مقيمين فيها لا يخرجون ما دامت أى ما بقيت السموات والأرض قائمة إلا من شاء ربك والمراد إلا من أراد الله وهم الكفار فهم لا يدخلونها وهو عطاء غير مجذوذ أى هبة غير مقطوعة وهذا يعنى دوام الجزاء .
"فلا تك فى مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص"المعنى فلا تصبح فى شك من الذى يطيع هؤلاء ما يطيعون إلا ما كان يطيع آباؤهم من قبل وإنا لمعطوهم حقهم غير مبخوس،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يكون فى مرية مما يعبد الكفار والمراد ألا يصبح فى شك من الذى يتبع الكفار ويبين له أنهم يعبدون كما يعبد آباؤهم والمراد أنهم يتبعون كما كان يتبع آباؤهم وهو أهواء أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم "ويبين له أنه موفيهم نصيبهم غير منقوص والمراد معطيهم جزاء أعمالهم غير مبخوس مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون"وهذا يعنى أنه يعطيهم حقهم كاملا لا يظلمهم فيه شيئاوالخطاب وما بعده وما بعده
"ولقد أتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب "المعنى ولقد أوحينا لموسى (ص)التوراة فتنازعوا فيها ولولا حكم مضى من خالقك لحكم بينهم وإنهم لفى تكذيب به عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أنه قد أتى موسى (ص)الكتاب والمراد أنه أوحى لموسى (ص)التوراة فكانت النتيجة أنهم اختلفوا فيها أى كفروا بها ولولا كلمة سبقت من ربك والمراد ولولا حكم سبق صدوره من الله هو ألا يعاقب أحدا قبل موعده المحدد لقضى بينهم والمراد لفصل بينهم فى الدنيا فعاقب الكفار ونعم المؤمنين ويبين له أن الكفار فى شك منه مريب أى فى تكذيب للوحى كبير .
"وإن كلا لما ليوفيهم أعمالهم إنه بما يعملون خبير"المعنى وإن حقا أنه يجازيهم بأفعالهم إنه بما يفعلون عليم ،بين الله لنبيه(ص)إن كلا وهو الحق هو أن الله يوفيهم أعمالهم والمراد يعطيهم أجور أفعالهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"فيوفيهم أجورهم "وهذا يعنى أنه يعطى الناس جزاء عملهم الدنيوى ،وهو بما يعملون خبير والمراد وهو بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله عليم بما كنتم تعملون ".
"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير "المعنى فأطع كما أوصيت ومن أناب معك أى لاتخالفوا إنه بالذى تفعلون خبير ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستقم كما أمر والمراد أن يسلم كما أوصاه الله مصداق لقوله بسورة غافر"وأمرت أن أسلم لرب العالمين "هو ومن تاب معه أى أناب لدين الله معه والمراد من يتبع الإسلام معه وفسر هذا بألا يطغوا أى ألا يتبعوا أهواءهم مصداق لقوله بسورة الشورى "فاستقم كما أمرت ولا تتبع أهوائهم "ويبين له أنه بما يعملون بصير والمراد أنه بالذى يفعلون خبير ومن ثم سوف يحاسب عليه والخطاب للنبى(ص)
"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون "المعنى ولا تتبعوا الذين كفروا فتصيبكم جهنم وما لكم من غير الله من أنصار ثم لا ترحمون ،يخاطب الله المؤمنين فيقول :ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والمراد إن تطيعوا الذين كفروا يدخلوكم الجحيم وهو الخسران مصداق لقوله بسورة آل عمران "إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم خاسرين "ويبين أن ما لهم من دون الله من أولياء والمراد ليس لهم من غير الله أنصار أى شفعاء مصداق لقوله بسورة السجدة "ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع"وفسر هذا بأنهم لا ينصرون أى لا يرحمون والمراد يخسرون أى يعذبون فى النار والخطاب للمؤمنين
"وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين "المعنى وأطع الدين نصفى النهار وبعضا من الليل إن الصالحات يمحين الفاسدات ذلك تذكرة للطائعين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقيم الصلاة والمراد أن يطيع دين الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى "أن اقيموا الدين "والطاعة تكون طرفى النهار وهى نصفى النهار وزلفا من الليل أى وبعضا من الليل وهو وقت الصحو ليلا وهذا يعنى أن يطيع دين الله طوال وقت يقظته ،ويبين له أن الحسنات وهى الأعمال الصالحة تذهب السيئات أى تزيل عقاب الأعمال الفاسدة من على الفرد ،ذلك ذكرى للذاكرين والمراد أن هذا تفكرة للعابدين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين "وهم المطيعين لدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين "المعنى وأطع فإن الله لا يخسر ثواب المطيعين ،يطلب الله نفس الطلب بكلام أخر فيقول واصبر أى أطع دينى ويبين له أن الله لا يضيع أجر المحسنين والمراد أن الله لا يخسر ثواب المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"وهذا يعنى أنه لا ينقصهم من حقهم شيئا .
"فلو لا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون "المعنى فلولا كان من أهل القرى من قبلكم أصحاب عقل يزجرون عن المنكر فى البلاد إلا قليلا ممن أنقذنا منهم وأطاع الذين كفروا الذى متعوا به أى كانوا كافرين وما كان إلهك معذب أهل البلاد بجور وسكانها محسنون ،يبين الله للمؤمنين أن لولا كان من القرون وهم الأقوام التى سبقتهم فى الزمان أولوا بقية والمراد أصحاب عقول يفعلون التالى ينهون عن الفساد فى الأرض والمراد يبعدون عن السوء وهو المنكر فى البلاد مصداق لقوله بسورة الأعراف "ينهون عن السوء"وقوله بسورة آل عمران"ينهون عن المنكر"وكان عدد الزاجرين عن المنكر قليل من المؤمنين الذين أنجاهم الله أى أنقذهم الله من العقاب،ويبين لهم أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله اتبعوا ما أترفوا فيه والمراد أطاعوا الذى متعوا به وهو هواهم مصداق لقوله بسورة الروم"بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم" وفسر هذا بأنهم كانوا مجرمين أى كافرين أى ظالمين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"إن أهلها كانوا ظالمين "ويبين له أن الرب ما كان مهلك القرى بظلم والمراد أن الله ما كان معذب أهل البلاد ببخس وهذا يعنى أنه لا يعذبهم دون سبب يستحقون عليه العذاب وهم مصلحون أى مؤمنون أى محسنون أى غافلون مصداق لقوله بسورة الأنعام "وأهلها غافلون "والخطاب حتى مجرمين للمؤمنين وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين "المعنى ولو أراد إلهك لخلق الناس جماعة متحدة ولا يفتأون مكذبين إلا من نفع إلهك ولذا أنشأهم وكملت حكمة إلهك لأملأن النار من الجن والبشر كلهم ،يبين الله لرسوله(ص)أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة والمراد لو أراد لخلق الناس جماعة مهدية ذات دين واحد مصداق لقوله الأنعام "ولو شاء لجمعهم على الهدى "ويبين له أن الناس لا يزالون مختلفين إلا من رحم الرب والمراد أن الناس يستمرون مكذبين لدين الله إلا من هدى الله ولذلك خلقهم والمراد أنه أنشأهم من أجل أن يختلفوا فى الدين وهذا يعنى أن الاختلاف بين الناس سيظل موجودا حتى يوم القيامة ويبين له أنه تمت كلمة ربه والمراد حق حكم الله أى صدق قول الله فى الكفار لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين والمراد لأدخلن النار الكفار من الجن والبشر كلهم .
"وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك فى هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين"المعنى وحقا نتلو عليك من أخبار الأنبياء(ص)ما نطمئن به نفسك وأتاك فى هذه العدل أى نصيحة أى تذكرة للمصدقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن كلا وهو الحق أنه يقص عليه من أنباء الرسل والمراد أنه يحكى له من أخبار الأنبياء (ص)مع أقوامهم والسبب أن يثبت به فؤاده أى يطمئن به قلبه ويبين له أنه جاءه فى هذه الحق والمراد أتاه فى سورة هود العدل وهو الصدق وفسره بأنه موعظة أى ذكرى والمراد عبرة أى فائدة للمؤمنين وهم المصدقين بحكم اللهوالخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون "المعنى وقل للذين لا يصدقون اثبتوا على دينكم إنا ثابتون وترقبوا إنا مترقبون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون حكم الله:اعملوا على مكانتكم والمراد اثبتوا على دينكم أى حافظوا على طاعة حكمكم إنا عاملون أى إنا ثابتون والمراد إنا محافظون على طاعة ديننا وانتظروا إنا منتظرون أى وتربصوا إنا متربصون نزول العذاب عليكم مصداق لقوله بسورة الطور "قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين "والخطاب من النبى(ص)للكفار.
"ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله
"يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلا على الذى فطرنى أفلا تعقلون "المعنى يا شعبى لا أطالبكم على إبلاغ الوحى بمال إن ثوابى من الذى خلقنى أفلا تذكرون ؟،يبين الله لنبيه (ص)أن هود(ص)قال لقومه يا قوم لا أسألكم عليه أجرا والمراد يا أهلى لا أطلب منكم مالا مقابل إبلاغ الوحى مصداق لقوله بسورة هود" ويا قوم لا أسألكم عليه مالا "إن أجرى إلا على الذى فطرنى والمراد إن ثوابى إلا من الذى خلقنى وهذا يعنى أنه يأخذ ثوابه من الله وليس يأخذ مالا منهم ،
أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون "كما قال بسورة الجاثية وهذا يعنى أنه يقول لهم أنهم مجانين باتباعهم دين أباءهم .
"ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين "المعنى ويا شعبى استعفوا إلهكم أى أنيبوا له يبعث السحاب عليكم متتابعا ويضاعفكم بأس إلى بأسكم ولا تصبحوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن هود(ص)قال لعاد :يا قوم أى يا شعبى استغفروا ربكم أى اطلبوا العفو عن ذنبكم من إلهكم وفسر هذا بقوله توبوا إليه والمراد عودوا لدين الله يرسل السماء عليكم مدرارا والمراد يبعث السحاب لكم متتابعا وهذا يعنى أنه يبعث لهم المطر باستمرار على فترات ليرووا أرضهم وأنعامهم وأنفسهم ،ويزدكم قوة إلى قوتكم والمراد يضاعف لكم بأسكم بأسا والمراد يزيد عزكم عزا ويطلب هود(ص)منهم التالى ألا يتولوا مجرمين أى ألا يصبحوا مكذبين بوحى الله .
"قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك مؤمنين إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إنى أشهد الله واشهدوا إنى برىء مما تشركون من دونه فكيدونى جميعا ثم لا تنظرون "المعنى قالوا يا هود ما أتيتنا بحجة وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب رأيك وما نحن لك بمصدقين إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بضرر قال إنى أعلم الله واعلموا إنى معتزل لما تعبدون من غير الله فامكروا بى كلكم ثم لا ترقبون،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا لهود(ص)يا هود ما جئتنا ببينة أى ما أتيتنا بحجة وهذا يعنى أنهم يقولون له أنك لم تأت بدليل على رسوليتك ،وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك والمراد وما نحن بمعتزلى أربابنا بسبب زعمك وهذا يعنى أنهم يتمسكون بأربابهم وفسروا هذا بقولهم وما نحن لك بمؤمنين أى مصدقين لك وهذا يعنى تكذيبهم للوحى المنزل عليه ،إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء والمراد إن نقول لقد أصابك بعض أربابنا بأذى وهذا يعنى أنهم يتهمونه بالجنون الذى أصابه به فى زعمهم آلهتهم ،فرد عليهم فقال إنى أشهد الله واشهدوا والمراد إنى أعلم الله واعلموا إنى برىء مما تشركون من دونه والمراد إنى معتزل للذى تعبدون من سوى الله وهذا يعنى أنه ترك عبادة كل آلهتهم ما عدا الله ،فكيدونى ثم لا تنظرون والمراد فامكروا بى ثم لا تتربصون والمراد فكذبونى ولا تترقبوا منى أترك دينى .
"إنى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم "المعنى إنى احتميت بطاعة الله إلهى وإلهكم ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه إن إلهى على حكم عادل ،يبين الله لنبيه (ص)أن هود قال لقومه :إنى توكلت على الله والمراد إنى احتميت من العذاب بطاعة حكم الله ربى وربكم أى إلهى وإلهكم ،وهذا يعنى أن آلهتهم لا تقدر على إصابته بشىء مما ذكروا ،وقال ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها والمراد ما من مخلوق إلا هو ممسك بنفسه وهذا يعنى أنه المتصرف فى كل مخلوق موتا وحياة ورزقا وغيره ،إن ربى على صراط مستقيم والمراد إن إلهى على دين حق وهذا يعنى أن الله شرع لنفسه حكم كله قائم على العدل فى كل شىء ومن ثم لا يظلم أحد.
"فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربى قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربى على كل شىء حفيظ "المعنى فإن كفروا فقد أخبرتكم الذى بعثت به ويمكن إلهى ناسا سواكم ولا تؤذونه بأذى إن إلهى على كل مخلوق وكيل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قال لهود (ص)فإن تولوا أى كفروا برسالتك فقل لهم لقد أبلغتكم ما أرسلت به والمراد لقد أوصلت لكم الذى بعثت به وهذا يعنى أنه أخبرهم بالوحى كله ،ويستخلف ربى قوما غيركم أى "يستبدل قوما غيركم "كما قال بسورة محمد وهذا يعنى أن الله يعطى الوحى والأرض لناس سواهم يطيعونه ولا تضرونه شيئا والمراد ولا تصيبونه بضرر وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على إصابة الله بأى أذى مهما قل أو كثر،إن ربى على كل شىء حفيظ والمراد إن إلهى على كل مخلوق وكيل وهذا يعنى أن الله قائم يدبر لكل مخلوق ما يحفظه .
"ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب عظيم "المعنى ولما أتى عقابنا أنقذنا هودا(ص)والذين صدقوا به بأمر منا أى أنقذناهم من عقاب أليم ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لما جاء أمر الله والمراد لما أتى عذاب الله نجى هودا (ص)والذين آمنوا معه والمراد أنقذ هودا(ص)والذين صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر أصدره للملائكة ألا يصيبهم العقاب وفسر هذا بأنه نجاهم من عذاب عظيم أى أنقذهم من عقاب غليظ مصداق لقوله بسورة هود"ونجيناهم من عذاب غليظ ".
"وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد واتبعوا فى هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عاد كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود"المعنى وتلك عاد كفروا بآيات خالقهم أى خافوا مبعوثيه أى أطاعوا حكم كل متكبر طاغى وأخذوا فى هذه الأولى عقاب ويوم البعث ألا إن عاد كذبوا خالقهم ألا عذابا لعاد ناس هود(ص)،يبين الله لنبيه(ص)أن عاد جحدوا بآيات ربهم أى كفروا بأحكام إلههم كما جاء قبل نهاية الآية وفسر هذا بأنهم عصوا رسله والمراد خالفوا حكم الله المنزل على مبعوثه لهم هود(ص)وفسر هذا بأنهم اتبعوا أمر كل جبار عنيد والمراد أطاعوا حكم كل طاغى متكبر وهذا يعنى أنهم أطاعوا حكم سادتهم ولذا فقد اتبعوا فى هذه الدنيا لعنة والمراد أصيبوا فى هذه الأولى بعذاب هو الريح الصرصر ويوم القيامة وهو يوم البعث لهم لعنة أى عذاب ،ألا إن عاد كفروا أى جحدوا أى كذبوا أحكام خالقهم كما جاء فى بداية الآية ويبين لنا أن البعد وهو العذاب هو لعاد قوم أى شعب هود(ص) .
"وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربى قريب مجيب"المعنى وإلى ثمود صاحبهم صالحا (ص) قال يا شعبى أطيعوا الله ما لكم من رب سواه هو خلقكم من التراب واستخلفكم فيها فاستعفوه أى أنيبوا له إن إلهى عالم خبير ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل لثمود أخاهم وهو صاحبهم صالح(ص)فقال لهم يا قوم أى يا أهلى اعبدوا أى "فاتقوا الله "كما قال بسورة الشعراء والمراد أطيعوا حكم الله ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من خالق سواه وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الله يستحق العبادة وحده لأنه الخالق وحده ،هو أنشأكم فى الأرض والمراد هو خلقكم من التراب وهذا يعنى أن الله خلقنا من تراب الأرض واستعمركم فيها أى استخلفكم فيها أى طلب منكم عمارتها وهى صلاحها فاستغفروه أى اطلبوا من الله العفو عن ذنبكم وفسر هذا بأن يتوبوا أى ينيبوا لدين الله ،إن ربى قريب مجيب أى إن إلهى سميع خبير والمراد إن الله يعلم بكل شىء تفعلوه يغفر لكم إن استغفرتموه وهذه هى الإجابة المقصودة.
"قالوا يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب"المعنى قالوا يا صالح قد كنت فينا عظيما قبل هذا أتزجرنا أن نطيع ما يطيع آباؤنا وإننا لفى ريب مما تنادينا له عظيم ،يبين الله لنا أن الكفار قالوا :يا صالح قد كنت مرجوا فينا قبل هذا والمراد يا صالح قد كنت عظيم الشأن بيننا قبل دعوتك هذه وهذا يعنى أنه كان بينهم عاقلا يحترمون رأيه،أتنهانا أن نعبد ما يعبد أباؤنا والمراد هل تزجرنا أن نطيع الذى يطيع أباؤنا ؟والغرض من السؤال هو إخبار صالح(ص)أنهم لن يتركوا دين الأباء مصداق لقوله بسورة هود"أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا"،وإننا لفى شك مما تدعونا إليه مريب والمراد وإننا لفى تكذيب للذى تنادينا لإتباعه عظيم مصداق لقوله بسورة البروج"بل الذين كفروا فى تكذيب"وهذا يعنى أنهم لن يتبعوه.
"قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى منه رحمة فمن ينصرنى من الله إن عصيته فما تزيدوننى غير تخسير"المعنى قال يا شعبى أعلمتم إن كنت على دين من خالقى أى أعطانى منه حكم فمن ينقذنى من عقاب الله إن خالفته فما تريدون بى غير هلاكى ،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه :يا قوم أى يا أهلى أرأيتم إن كنت على بينة من ربى والمراد أعرفتم إن كنت على حكم من خالقى وفسره بقوله وأتانى منه رحمة أى جاءنى منه دين أى رزقنى منه رزقا مصداق لقوله بسورة هود"إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا" فمن ينصرنى من الله إن عصيته والمراد فمن يمنع عنى عقاب الله إن خالفته ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنه سيتبع دين الله لأنهم لا يقدرون على منع عذاب الله عنه إن هو أطاع رأيهم ،وقال فما تزيدوننى غير تخسير والمراد فما تريدون بى سوى عذابى ،يبين الله لنا أنهم يريدون إنزال عقاب الله به وليس غير هذا .
"ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب"المعنى ويا شعبى هذه ناقة الله لكم دليل فاتركوها ترزق فى بلاد الله ولا تصيبوها بأذى فيصيبكم عقاب دانى،يبين الله لنبيه(ص)أن صالح(ص)قال لقومه هذه ناقة الله لكم آية والمراد هذه ناقة الله لكم برهان أى معجزة دليل على صدقى فذروها تأكل فى أرض الله والمراد فاتركوها ترعى فى بلاد الله وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يتركوا الناقة تفعل ما يحلو لها ،ولا تمسوها بسوء والمراد ولا تصيبوها بضرر فيأخذكم عذاب قريب والمراد فيصيبكم عقاب أليم مصداق لقوله بسورة الأعراف"فيأخذكم عذاب أليم "وهذا يعنى أنه بين لهم أن من يؤذى الناقة يجعل العذاب يحيق بهم بعد أيام قليلة .
"فعقروها فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب "المعنى فقتلوها فقال تلذذوا فى بلدكم ثلاثة أيام ذلك قول غير باطل،يبين الله لنبيه(ص) أن القوم عقروها أى ذبحوا الناقة فقال تمتعوا فى داركم ثلاثة أيام والمراد عيشوا فى بيوتكم ثلاثة أيام وهذا يعنى أن العذاب سينزل بهم بعد مرور ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب والمراد ذلك عذاب غير مردود مصداق لقوله بسورة هود"عذاب غير مردود "وهذا يعنى أن القول صادق سيتحقق بعد أيام .
"فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ إن ربك هو القوى العزيز"المعنى فلما أتى عذاب الله أنقذنا صالحا(ص)والذين صدقوا معه بأمر منا أى من ذل يومذاك إن إلهك هو الناصر المتين،يبين الله لنبيه(ص)أن لما جاء أمر الله والمراد لما أتى عذاب الله أنجى أى أنقذ الله صالحا(ص)والذين آمنوا أى صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر منه للملائكة أن تمنع عنهم العقاب وفسر هذا بأنه أنقذهم من خزى يومئذ أى من هوان أى ذل يوم نزول العقاب ويبين له أن ربه وهو خالقه هو القوى العزيز أى المنتصر القاهر لعدوه .
"وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعدا لثمود"المعنى وأهلكت الذين كفروا فأصبحوا فى بلادهم راقدين كأن لم يعيشوا فيها ألا إن ثمودا كذبوا خالقهم ألا عقابا لثمود،يبين الله لنبيه(ص)أن الصيحة وهى الرجفة وهى العذاب مصداق لقوله بسورة الأعراف"فأخذتهم الرجفة "وقوله بسورة الشعراء"فأخذهم العذاب"أخذ الذين ظلموا والمراد أهلكت الذين كفروا فكانت النتيجة أنهم أصبحوا فى ديارهم جاثمين أى كانوا فى أرضهم راقدين بلا حراك كأن لن يغنوا فيها والمراد كأنهم لم يعيشوا فى الدنيا على أرضهم ،ألا إن ثمود كفروا ربهم أى كذبوا آيات إلههم مصداق لقوله بسورة الشمس"كذبت ثمود"،ألا بعدا لثمود أى ألا عذابا لثمود وهذا يعنى أن العقاب هو نصيب ثمود فى الدنيا والأخرة .
"ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ "المعنى ولقد أتت مبعوثينا إبراهيم (ص)بالخبر قالوا خيرا قال خير فما مكث أن أحضر عجل عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن الرسل وهم الملائكة جاءوا إبراهيم (ص)بالبشرى والمراد أتوا إبراهيم (ص)بالخبر السعيد فقالوا له سلاما أى الخير لك فقال لهم سلام أى الخير لكم ،فما لبث أن جاء بعجل حنيذ والمراد فما مكث سوى وقت يسير حتى أتى بعجل سمين ليأكلوا مصداق لقوله بسورة الذاريات "فجاء بعجل سمين".
"فلما رأ أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط"المعنى فلما شاهد أذرعهم لا تمسكه جهلهم وأحس منهم رهبة قالوا لا ترهب إنا بعثنا إلى شعب لوط(ص)،يبين الله لنبيه (ص)أن إبراهيم(ص)لما رأى أيدى الضيوف والمراد لما شاهد أكف الضيوف لا تصل إليه والمراد لا تمسك الطعام نكرهم أى جهلهم أى لم يعرف حقيقتهم فأوجس منهم خيفة أى فشعر منهم برهبة فعرفت الملائكة ما دار فى نفسه فقالوا له:لا تخف أى لا ترهب منا أذى إنا أرسلنا إلى قوم لوط والمراد إنا بعثنا لإهلاك ناس لوط وفى هذا قال بسورة الذاريات "إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين ".
"وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب"المعنى وزوجته واقفة فقهقهت فأخبرناها بإسحاق(ص)ومن خلف إسحاق(ص)يعقوب(ص)قالت يا خيبتى هل أنجب وأنا كبيرة وهذا زوجى عجوزا إن هذا لأمر غريب،يبين الله لنبيه(ص)أن امرأة أى زوجة إبراهيم (ص)كانت قائمة أى موجودة لخدمة الضيوف فضحكت أى فقهقهت بسبب الموقف فبشرتها الملائكة والمراد فأخبرتها الملائكة بخبر سعيد هو ولادتها لإسحاق(ص)ومن وراء إسحاق يعقوب والمراد ومن بعد ولادة إسحاق ينجب إسحاق(ص)يعقوب(ص)فقالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز والمراد يا خيبتى هل أنجب وأنا شيخة وهذا بعلى شيخا أى وهذا زوجى عجوز إن هذا لشىء عجيب والمراد إن هذا أمر غريب؟والغرض من السؤال هو أنها تخبرهم أنها تعدت سن الإنجاب منذ زمن طويل يالإضافة إلى أن زوجها فقد قدرته على الإنجاب بسبب الشيخوخة ومن ثم فليس هناك أى سبب يجعلهم ينجبون بعد إنعدام أسباب الإنجاب فيهم .
"قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"المعنى قالوا أتستغربين من حكم الله خير الله لكم أى أرزاقه لكم أصحاب البيت إنه شاكر عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أن الملائكة ردت على قولها فقالوا أتعجبين من أمر الله والمراد هل تستغربين من قدرة الله؟والغرض من السؤال هو إخبارها أن لا شىء يمتنع على قدرة الله ،رحمة الله أى نفع الله لكم أى بركاته عليكم والمراد أرزاق الله لكم أهل البيت أى سكان بيت إبراهيم(ص)إنه حميد أى شاكر لمن يطيعه مجيد أى عظيم .
"فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا فى قوم لوط إن إبراهيم لحليم آواه منيب"المعنى فلما زال عن إبراهيم(ص) الخوف وأتاه الخبر يحاججنا فى شعب لوط(ص)إن إبراهيم(ص)لعاقل رحيم تواب،يبين الله لنبيه(ص)أن لما ذهب عن إبراهيم (ص)الروع والمراد فلما زال عن إبراهيم(ص) الخوف من الضيوف وجاءته البشرى والمراد وأتاه الخبر السعيد بولادة إسحاق(ص)يجادلنا فى قوم لوط أى يناقش فى عقاب شعب لوط(ص)وجداله تمثل فى قوله للملائكة"إن فيها لوطا"كما جاء بسورة العنكبوت ويبين له أن إبراهيم(ص)حليم أى عاقل آواه أى نافع منيب أى تواب يتوب إلى الله كلما أذنب .
"يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم أتيهم عذاب غير مردود"المعنى يا إبراهيم تولى عن الجدال إنه قد صدر حكم إلهك إنهم نازل بهم عقاب غير ممنوع ،يبين الله لنبيه (ص)أن الملائكة قالت لإبراهيم(ص):أعرض عن هذا أى تولى عن الجدال والمراد اترك هذا الكلام إنه قد جاء أمر ربك والمراد إنه قد صدر حكم خالقك بعذابهم وإنهم أتيهم عذاب غير مردود أى إنهم مصيبهم عقاب غير ممنوع عنهم .
"ولما جاءت رسلنا لوطا سىء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب"المعنى ولما أتت مبعوثونا لوطا(ص)اغتم بهم أى اهتم بهم نفسا وقال هذا يوم عسير ،يبين الله لنبيه(ص)أن رسل الله وهم الملائكة لما جاءوا أى أتوا إلى لوط(ص)سىء بهم أى تضايق من حضورهم أى ضاق بهم ذرعا أى اغتم بهم نفسا والسبب خوفه عليهم من أن يطلبهم قومه للزنى فقال هذا يوم عصيب أى عسير أى صعب.
"وجاء قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتى هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون فى ضيفى أليس منكم رجل رشيد"المعنى وأتى شعبه يسرعون إليه ومن قبل كانوا يفعلون الخطايا قال يا شعبى هؤلاء بناتى هن أزكى لكم فأطيعوا الله ولا تفضحون بسبب ضيوفى أليس منكم ذكر عاقل ،يبين الله لنبيه(ص)أن قوم لوط (ص) جاءوا إليه يهرعون والمراد أتوا إلى بيته يجروا لما علموا بوجود رجال عنده وفى هذا قال بسورة الحجر"وجاء أهل المدينة يستبشرون " ومن قبل كانوا يعملون السيئات والمراد ومن قبل كانوا يفعلون الفواحش فقال لهم لوط(ص)يا قوم أى يا شعبى هؤلاء بناتى هن أطهر لكم والمراد هؤلاء بناتى هن أزكى لكم والمراد تزوجوا بناتى فهو أحسن لكم فى الأجر من نيك الرجال ،فاتقوا الله أى أطيعوا حكم الله ولا تخزون فى ضيفى والمراد لا تفضحون بسبب ضيوفى وهذا يعنى أنه يطلب منهم ألا يتسببوا فى إذلاله بسبب عدم قدرته على حماية ضيوفه ثم قال لهم أليس منكم رجل رشيد أى أليس منكم ذكر عاقل والغرض من السؤال هو حضهم على العقل وهو عدم فعل الفاحشة .
"قالوا لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد قال لو أن لى بكم قوة أو أوى إلى ركن شديد "المعنى قالوا لقد عرفت ما لنا فى إناثك من نصيب وإنك لتعرف الذى نحب قال لو أن لى عليكم شدة أو ألجأ إلى جنب عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن القوم قالوا للوط (ص)لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق والمراد ليس لنا فى إناثك من متاع وهذا يعنى أن زواجهم من البنات باطل عندهم وقالوا وإنك لتعلم ما نريد والمراد وإنك لتعرف الذى نحب وهو نيك الرجال الضيوف فقال لهم لوط(ص)لو أن لى بكم قوة أو أوى إلى ركن شديد والمراد لو أن لى بأس أو ألجأ إلى جنب قوى وهذا يعنى أنه يقول لهم لو أننى قوى لدفعتكم عنهم أو أطلب من إنسان قوى أن يدفعكم معى عنهم ولكنه يعتقد أن ليس لديه الاثنين .
"قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب "المعنى قالوا يا لوط (ص)إنا ملائكة إلهك لن يقدروا عليك فاخرج بأسرتك ببعض من الليل ولا يرجع منكم أحد إلا زوجتك إنه مدمرها الذى دمرهم إن ميقاتهم الصباح أليس الصباح بآتى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الملائكة قالت للوط(ص)إنا رسل ربك أى إنا ملائكة إلهك لن يصلوا إليك والمراد لن يقدروا على إيذائك وهذا يعنى أن الملائكة منعت أذى القوم بأن أعمتهم ،فأسر بأهلك بقطع من الليل والمراد فاخرج بأسرتك بعد بعض الليل وهذا يعنى أن عليه أن يسافر هو وأسرته فى الليل حتى لا يراهم أحد ولا يلتفت أحد إلا امرأتك والمراد ولا يرجع إنسان منكم إلا زوجتك وهذا يعنى أن زوجة لوط (ص) سترجع وتهلك لأنها كافرة ،إنه مصيبها ما أصابهم والمراد إنه مهلكها الذى أهلكهم وهذا يعنى أن نفس العذاب ينزل بالمرأة وقومها ،إن موعدهم الصبح والمراد إن وقت هلاكهم الصباح أليس الصبح بقريب أى أليس الصباح دانى أى آتى ؟وهذا يعنى أن وقت هلاكهم هو النهار التالى لوقت خروج لوط (ص)وأسرته .
"فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد"المعنى فلما آتى عذابنا جعلنا أكابرها أصاغرها أى أنزلنا عليها صخور من طين معد وما هى من الكافرين ببعيدة ،يبين الله لنبيه(ص) أن لما جاء أمر الله والمراد لما آتى عذاب الله وهو الصيحة فى الصباح وهو وقت الشروق مصداق لقوله بسورة الحجر"فأخذتهم الصيحة مشرقين"حدث التالى جعلنا عاليها سافلها والمراد جعلنا أكابر القرية أذلائها وفسر هذا بأنه أمطر عليها حجارة من سجيل منضود والمراد أسقط علي أهلها صخور من طين مجهز للإهلاك مصداق لقوله بسورة الذاريات "لنرسل عليها حجارة من طين "وهى مسومة عند ربك أى مجهزة لدى إلهك للمسرفين مصداق لقوله بسورة الحجر"مسومة عند ربك للمسرفين "وما هى من الظالمين ببعيد والمراد وما هى من الكافرين بقاصية وهذا يعنى أن مكان وجود قرية لوط(ص)قريب من القوم فهم يمرون عليهم مصداق لقوله بسورة الصافات "وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون".
"وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إنى أراكم بخير وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط"المعنى وأرسلنا إلى مدين صاحبهم شعيبا (ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه أى لا تتركوا الحق أى العدل إنى أعرفكم بسلام وإنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم ،يبين الله لنبيه(ص) أنه أرسل إلى مدين أخاهم وهو صاحبهم شعيبا (ص)قال يا قوم أى يا أهلى اعبدوا الله أى "فاتقوا الله"كما قال بسورة الشعراء ،ما لكم من إله غيره والمراد ليس لكم من رب سواه وفسر هذا بقوله :لا تنقصوا المكيال والميزان أى لا تتركوا العدل أى القسط والمراد "لا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها"كما قال تعالى فى سورة الأعراف ،وقال لهم إنى أراكم بخير والمراد إنى أظنكم على نفع وهذا القول منه استدراج منه لهم بوصفهم أنهم يرى فى نفوسهم الحق وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط والمراد وإنى أخشى عليكم عقاب يوم عظيم مصداق لقوله تعالى بسورة هود"إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"وهذا يعنى أنه حريص عليهم لأنه لا يبغى سوى مصلحتهم .
"ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا فى الأرض مفسدين "المعنى ويا أهلى اعملوا الحكم أى الفرض بالعدل أى لا تنقصوا الخلق حقوقهم أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال للقوم :يا قوم أى يا شعبى أوفوا المكيال أى الميزان بالقسط والمراد افعلوا الحكم أى الفرض الإلهى بالعدل وهذا يعنى أن يعملوا حكم الله ونيتهم من العمل العدل وهو ثواب الله وليس غير هذا،وفسر هذا بألا يبخسوا الناس أشياءهم والمراد ألا ينقصوا الخلق حقوقهم وهذا يعنى أن يعطوا كل صاحب حق حقه وفسر هذا بقوله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين أى لا تسيروا فى البلاد ظالمين وهذا يعنى ألا يحكموا الأرض بحكم الكفر .
"بقية الله لكم خير إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ "المعنى جنة الله لكم أفضل إن كنتم مصدقين وما أنا عليكم بوكيل،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم بقية الله لكم خير إن كنتم مؤمنين والمراد ثواب الله لكم أحسن إن كنتم عالمين مصداق لقوله بسورة النحل"إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون "وهذا يعنى أن الجنة أحسن لهم من متاع الدنيا وما أنا عليكم بحفيظ أى لست عليكم بوكيل أى حامى لكم من عقاب الله .
"قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد "المعنى قالوا يا شعيب أدينك يطالبك أن ندع الذى يطيع آباؤنا أو أن نصنع فى أملاكنا الذى نريد إنك لأنت العاقل اللبيب ،يبين الله لنبيه(ص)أن القوم قالوا لشعيب (ص)قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا والمراد هل دينك يطالبك أن ننسى الذى يتبع آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء والمراد أو نعمل فى أملاكنا الذى نحب ؟والغرض من السؤال هو إخبار شعيب (ص)أنهم سوف يتبعونه فيتركون آلهتهم إذا تركهم يفعلون ما يريدون فى مالهم وقالوا إنك لأنت الحليم الرشيد أى اللبيب العاقل وهذا القول منهم أرادوا به أن يضحكوا عليه حتى يوافقهم على ما يريدون من التصرف بحريتهم فى المال .
"قال يا قوم إن كنت على بينة من ربى ورزقنى منه رزقا حسنا وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب "المعنى قال يا أهلى إن كنت على دين من عند إلهى أى أعطانى منه حكما طيبا وما أحب أن أسبقكم إلى ما أزجركم عنه ،إن أحب إلا الحق ما قدرت وما فعلى إلا بالله به احتميت وإليه أعود،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم يا قوم أى يا شعبى إن كنت على بينة من ربى والمراد إن كنت على علم من عند خالقى وفسر هذا بقوله ورزقنى منه رزقا حسنا أى وأعطانى منه رحمة أى دين عظيم مصداق لقوله بسورة هود"أرأيتم إن كنت على بينة من ربى وأتانى منه رحمة "وهذا يعنى أنه على دين منزل من الله لا يمكن أن يتركه ،وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه والمراد لا أحب أن أسبقكم إلى فعل الذى أزجركم عنه وهذا يعنى أنه لن يطيعهم فى طلبهم لأنه مخالفة لدين الله لا يريد أن يكون هو السابق لها وهو يزجرهم عنها،إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت والمراد إن أحب إلا العدل ما قدرت وهذا يعنى أنه يريد الصلاح وهو العدل ما قدر على ذلك ،وما توفيقى إلا بالله والمراد وما نجاحى إلا بالله وهذا يعنى أن نجاحه سببه هو طاعته لحكم الله ،عليه توكلت أى به احتميت والمراد بطاعة حكم الله احتميت من عذابه وفسر هذا بقوله وإليه أنيب والمراد إلى دين الله أعود كلما أخطأت.
"ويا قوم لا يجرمنكم شقاقى أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد"المعنى ويا شعبى لا يدفعنكم خلافى أن يمسكم شبه ما مس شعب نوح أو شعب هود أو شعب صالح وما شعب لوط منكم بقاصى ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب (ص)قال لهم يا قوم أى يا أهلى لا يجرمنكم شقاقى والمراد لا يدفعنكم حب خلافى أن يصيبكم مثل ما أصاب والمراد عقاب شبه الذى نزل بقوم أى شعب نوح(ص)وقوم أى شعب هود(ص)وقوم صالح(ص)وما قوم أى شعب لوط منكم ببعيد أى بقاصى وهذا يعنى أن قرية لوط قريبة مكانيا منهم .
"واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربى رحيم ودود "المعنى واستعفوا إلهكم أى عودوا له إن إلهى نافع محب،يبين الله لنبيه (ص)أن شعيب (ص)قال لهم واستغفروا ربكم أى اطلبوا العفو من خالقكم عن ذنوبكم وفسر هذا بقوله وتوبوا إليه أى أنيبوا إلى دين خالقكم إن ربى رحيم ودود أى إن إلهى نافع مفيد لمن يعود لدينه .
"قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز "المعنى قالوا يا شعيب ما نفهم كثيرا من الذى تزعم وإنا لنعرفك فينا ذليلا ولولا جماعتك لقتلناك وما أنت علينا بقادر ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا :يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول والمراد لا نفهم كثيرا من الذى تزعم وهذا يعنى أنهم لا يطيعون الكثير من أحكام الدين ،وإنا لنراك فينا ضعيفا والمراد وإنا لنعلمك فينا ذليلا وهذا يعنى أنه مهان ولولا رهطك لرجمناك والمراد ولولا أهلك لقتلناك وهذا يعنى أنهم لم يقتلوه بسبب قوة أهله وما أنت علينا بعزيز أى بقادر وهذا يعنى أنهم يقولون إنك لن تقدر على هزيمتنا .
"قال يا قوم أرهطى أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربى بما تعملون محيط "المعنى يا شعبى أأسرتى أقوى عندكم من الله وجعلتموه خلفكم متروكا إن إلهى بما تصنعون خبير ،يبين الله لنبيه (ص)أن شعيب(ص)قال لهم يا قوم أى يا شعبى أرهطى أعز عليكم من الله والمراد هل أسرتى أقوى عندكم من الله ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله أقوى من أسرته وهو قادر على حمايته ،واتخذتموه وراءكم ظهريا والمراد وجعلتم الله خلفكم متروكا وهذا يعنى أنهم جعلوا دين الله فى أنفسهم منسيا لا يعمل به،إن ربى بما تعملون محيط والمراد إن إلهى بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما تفعلون "وسوف يحاسبكم عليه.
"ويا قوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إنى معكم رقيب "المعنى ويا شعبى اثبتوا على دينكم إنى ثابت فسوف تعرفون من يجيئه عقاب يذله ومن هو كافر وتربصوا إنى معكم من المتربصين ،يبين الله لنبيه(ص)أن شعيب قال للقوم اعملوا على مكانتكم إنى عامل والمراد اثبتوا على طاعة دينكم إنى ثابت على طاعة دينى فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه والمراد فسوف تعرفون من ينزل به عقاب يهينه ومن هو كاذب أى أضل سبيلا مصداق لقوله بسورة مريم"وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا"ويعرفون من هو على الحق وارتقبوا إنى معكم رقيب أى "فانتظروا إنى معكم من المنتظرين "كما قال بسورة يونس وهذا يعنى أنه سينتظر لوقت نزول العقاب عليهم .
"ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود"المعنى ولما أتى عذابنا أنقذنا شعيبا والذين صدقوا معه بأمر منا وأهلكت الذين كفروا الرجفة فأصبحوا فى بلادهم راقدين كأن لم يعيشوا فى الدنيا ألا عقابا لمدين كما عوقبت ثمود،يبين الله لنبيه(ص)أن لما جاء أمرنا والمراد لما حضر عذاب الله الممثل فى الرجفة نجى أى أنقذ شعيب (ص)والذين آمنوا أى صدقوا برسالته برحمة منه أى بأمر من الله للملائكة ،وأخذت الذين ظلموا الصيحة والمراد وأهلكت الذين كذبوا الحق الرجفة وهى الزلزلة مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فكذبوه فأخذتهم الرجفة "وهذا يعنى أن وسيلة هلاكهم هى الرجفة فكانت النتيجة أن أصبحوا فى ديارهم جاثمين والمراد أن كانوا فى أرضهم راقدين بلا حراك كأن لم يغنوا فيها والمراد كأن لم يعيشوا فى الدنيا على أرضهم ،ألا بعدا أى هلاكا أى عذابا لمدين كما بعدت ثمود أى كما عذبت ثمود.
"ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملائه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد "المعنى ولقد بعثنا موسى (ص)بعلاماتنا أى قوة كبرى إلى فرعون وقومه فأطاعوا حكم فرعون وما حكم فرعون بعادل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسل أى بعث موسى (ص)إلى فرعون وملائه وهم قومه بآياته وهى علاماته الدالة على قدرته وفسرها بأنها سلطان مبين أى قوة كبرى مصداق لقوله بسورة الأعراف"ثم بعثنا موسى من بعدهم بآياتنا "فكانت النتيجة أنهم اتبعوا أمر فرعون والمراد أنهم أطاعوا رأى فرعون وما أمر فرعون برشيد أى وما رأى فرعون بعادل وهذا يعنى أن رأيه ضال مصداق لقوله بسورة طه"وأضل فرعون قومه ".
"يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود وأتبعوا فى هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود"المعنى يقود شعبه يوم البعث فأدخلهم الجحيم وقبح المكان المدخول وأخذوا فى الدنيا عقاب ويوم البعث قبح العطاء المعطى ،يبين الله لنبيه(ص)أن فرعون يقدم قومه يوم القيامة أى يقود شعبه يوم البعث فيوردهم النار أى فيدخلهم جهنم وهو بئس الورد المورود أى قبح المكان المدخول وهذا يعنى أنه كما "بئس الرفد المرفود "وهم أتبعوا فى هذه لعنة والمراد أصيبوا فى الدنيا بعقاب وفى يوم القيامة أى البعث لهم لعنة أى عقاب هو النار وبئس الرفد المرفود أى قبح العطاء المعطى وهو المكان المدخول .
"ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب"المعنى ذلك من أخبار أهل البلاد نوحيه إليك منها باق وهالك وما بخسناهم ولكن بخسوا أنفسهم فما منعت عنهم آلهتهم التى يعبدون من غير الله من عذاب لما أتى عذاب إلهك وما أعطوهم غير خسارة ،يبين الله لنبيه(ص)أن ذلك وهو القصص السابقة من أنباء القرى وهى أخبار أهل البلاد نقصه عليك أى نوحيه لك مصداق لقوله بسورة هود"تلك من أخبار الغيب نوحيه إليك" منها قائم وحصيد والمراد من القرى قرى باقية أى حية وقرى هالكة ،وما ظلمناهم أى وما نقصناهم حقا ولكن ظلموا أنفسهم والمراد ولكن أهلكوا أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم " فما أغنت عنهم آلهتهم التى يدعون من دون الله من شىء والمراد فما كفت عنهم أربابهم الذين يعبدون من سوى الله من عقاب مصداق لقوله بسورة الفرقان"ويعبدون من دون الله "وهذا يعنى أن الأرباب التى يزعمون عبادتها لم تقدر على منع عذاب الله عنهم لما جاء أمر ربه والمراد لما أتى عذاب خالقه مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولا يغنى عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء"ويبين أن الآلهة ما زادوهم غير تتبيب والمراد ما أمدوهم غير خسارة مصداق لقوله بسورة هود"وما تزيدوننى غير تخسير".
"وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهى ظالمة إن أخذه أليم شديد "المعنى وهكذا إهلاك إلهك البلاد وهى كافرة إن عقابه موجع عظيم ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة أخذ الرب أى عذاب الله إذا أخذ القرى أى إذا أهلك أهل البلاد وهى ظالمة أى كافرة بحكم الله ويبين له أن أخذه أليم شديد أى إن عذابه موجع مهين للكافرين والخطاب للنبى(ص) وما بعده وما بعده وما بعده
"إن فى ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقى وسعيد "المعنى إن فى ذلك لعظة لمن خشى عقاب القيامة ذلك يوم مبعوث له الخلق وذلك يوم محضور وما نخفيه إلا لموعد مسمى يوم يقع لا تتحدث نفس إلا بأمره فمنهم معذب ومرحوم ،يبين الله لنبيه(ص)أن فى ذلك وهو قصص السابقين آية أى عبرة لمن خاف عذاب الآخرة والمراد لمن خشى عقاب القيامة مصداق لقوله بسورة النازعات"إن فى ذلك لعبرة لمن يخشى "وذلك يوم مجموع له الناس والمراد يوم مبعوث له الخلق وهو يوم مشهود أى محضور من الكل فلا يغيب عنه أحد مصداق لقوله بسورة الكهف"وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا"ويبين له أنه ما يؤخره إلا لأجل معدود والمراد ما يؤجل القيامة إلا بسبب موعد محدد يعلمه الله وحده ويوم يأت أى يحدث البعث لا تكلم نفس إلا بإذنه والمراد لا تتحدث نفس إلا بأمر من الله ويبين له أن الناس منهم شقى أى معذب ومنهم سعيد أى منعم .
"فأما الذين شقوا ففى النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد "المعنى فأما الذين عذبوا ففى جهنم لهم فيها إخراج وإدخال مقيمين فيها ما بقيت السموات والأرض إلا من أراد إلهك إن إلهك صانع لما يحب،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين شقوا أى عذبوا يكونون فى النار وهى جهنم لهم التالى زفير أى تجديد للجلود المحترقة وشهيق أى تعذيب للجلود الجديدة وهذا يعنى أنهم كلما احترقوا أعاد لهم أجسامهم حتى يؤلمهم عن طريقها من جديد وهم خالدين فيها أى مقيمين فى النار ما دامت أى ما بقيت السموات والأرض إلا ما شاء ربك والمراد إلا من أراد إلهك وهم المسلمون فهم لا يدخلون النار وربك فعال لما يريد والمراد وإلهك عامل لما يحب وهو دخول الكفار النار ونجاة المؤمنين منها.
"وأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ"المعنى وأما الذين نعموا ففى الحديقة مقيمين فيها ما بقيت السموات والأرض إلا من أراد إلهك هبة غير مقطوعة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين سعدوا أى نعموا فهم فى الجنة وهى الحديقة خالدين أى "ماكثين فيها "مصداق لقوله بسورة الكهف والمراد مقيمين فيها لا يخرجون ما دامت أى ما بقيت السموات والأرض قائمة إلا من شاء ربك والمراد إلا من أراد الله وهم الكفار فهم لا يدخلونها وهو عطاء غير مجذوذ أى هبة غير مقطوعة وهذا يعنى دوام الجزاء .
"فلا تك فى مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص"المعنى فلا تصبح فى شك من الذى يطيع هؤلاء ما يطيعون إلا ما كان يطيع آباؤهم من قبل وإنا لمعطوهم حقهم غير مبخوس،يطلب الله من نبيه(ص)ألا يكون فى مرية مما يعبد الكفار والمراد ألا يصبح فى شك من الذى يتبع الكفار ويبين له أنهم يعبدون كما يعبد آباؤهم والمراد أنهم يتبعون كما كان يتبع آباؤهم وهو أهواء أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم "ويبين له أنه موفيهم نصيبهم غير منقوص والمراد معطيهم جزاء أعمالهم غير مبخوس مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون"وهذا يعنى أنه يعطيهم حقهم كاملا لا يظلمهم فيه شيئاوالخطاب وما بعده وما بعده
"ولقد أتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم وإنهم لفى شك منه مريب "المعنى ولقد أوحينا لموسى (ص)التوراة فتنازعوا فيها ولولا حكم مضى من خالقك لحكم بينهم وإنهم لفى تكذيب به عظيم،يبين الله لنبيه(ص)أنه قد أتى موسى (ص)الكتاب والمراد أنه أوحى لموسى (ص)التوراة فكانت النتيجة أنهم اختلفوا فيها أى كفروا بها ولولا كلمة سبقت من ربك والمراد ولولا حكم سبق صدوره من الله هو ألا يعاقب أحدا قبل موعده المحدد لقضى بينهم والمراد لفصل بينهم فى الدنيا فعاقب الكفار ونعم المؤمنين ويبين له أن الكفار فى شك منه مريب أى فى تكذيب للوحى كبير .
"وإن كلا لما ليوفيهم أعمالهم إنه بما يعملون خبير"المعنى وإن حقا أنه يجازيهم بأفعالهم إنه بما يفعلون عليم ،بين الله لنبيه(ص)إن كلا وهو الحق هو أن الله يوفيهم أعمالهم والمراد يعطيهم أجور أفعالهم مصداق لقوله بسورة آل عمران"فيوفيهم أجورهم "وهذا يعنى أنه يعطى الناس جزاء عملهم الدنيوى ،وهو بما يعملون خبير والمراد وهو بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة النحل"إن الله عليم بما كنتم تعملون ".
"فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير "المعنى فأطع كما أوصيت ومن أناب معك أى لاتخالفوا إنه بالذى تفعلون خبير ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يستقم كما أمر والمراد أن يسلم كما أوصاه الله مصداق لقوله بسورة غافر"وأمرت أن أسلم لرب العالمين "هو ومن تاب معه أى أناب لدين الله معه والمراد من يتبع الإسلام معه وفسر هذا بألا يطغوا أى ألا يتبعوا أهواءهم مصداق لقوله بسورة الشورى "فاستقم كما أمرت ولا تتبع أهوائهم "ويبين له أنه بما يعملون بصير والمراد أنه بالذى يفعلون خبير ومن ثم سوف يحاسب عليه والخطاب للنبى(ص)
"ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون "المعنى ولا تتبعوا الذين كفروا فتصيبكم جهنم وما لكم من غير الله من أنصار ثم لا ترحمون ،يخاطب الله المؤمنين فيقول :ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والمراد إن تطيعوا الذين كفروا يدخلوكم الجحيم وهو الخسران مصداق لقوله بسورة آل عمران "إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم خاسرين "ويبين أن ما لهم من دون الله من أولياء والمراد ليس لهم من غير الله أنصار أى شفعاء مصداق لقوله بسورة السجدة "ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع"وفسر هذا بأنهم لا ينصرون أى لا يرحمون والمراد يخسرون أى يعذبون فى النار والخطاب للمؤمنين
"وأقم الصلاة طرفى النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين "المعنى وأطع الدين نصفى النهار وبعضا من الليل إن الصالحات يمحين الفاسدات ذلك تذكرة للطائعين ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقيم الصلاة والمراد أن يطيع دين الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى "أن اقيموا الدين "والطاعة تكون طرفى النهار وهى نصفى النهار وزلفا من الليل أى وبعضا من الليل وهو وقت الصحو ليلا وهذا يعنى أن يطيع دين الله طوال وقت يقظته ،ويبين له أن الحسنات وهى الأعمال الصالحة تذهب السيئات أى تزيل عقاب الأعمال الفاسدة من على الفرد ،ذلك ذكرى للذاكرين والمراد أن هذا تفكرة للعابدين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وذكرى للعابدين "وهم المطيعين لدين الله والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين "المعنى وأطع فإن الله لا يخسر ثواب المطيعين ،يطلب الله نفس الطلب بكلام أخر فيقول واصبر أى أطع دينى ويبين له أن الله لا يضيع أجر المحسنين والمراد أن الله لا يخسر ثواب المؤمنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين"وهذا يعنى أنه لا ينقصهم من حقهم شيئا .
"فلو لا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون "المعنى فلولا كان من أهل القرى من قبلكم أصحاب عقل يزجرون عن المنكر فى البلاد إلا قليلا ممن أنقذنا منهم وأطاع الذين كفروا الذى متعوا به أى كانوا كافرين وما كان إلهك معذب أهل البلاد بجور وسكانها محسنون ،يبين الله للمؤمنين أن لولا كان من القرون وهم الأقوام التى سبقتهم فى الزمان أولوا بقية والمراد أصحاب عقول يفعلون التالى ينهون عن الفساد فى الأرض والمراد يبعدون عن السوء وهو المنكر فى البلاد مصداق لقوله بسورة الأعراف "ينهون عن السوء"وقوله بسورة آل عمران"ينهون عن المنكر"وكان عدد الزاجرين عن المنكر قليل من المؤمنين الذين أنجاهم الله أى أنقذهم الله من العقاب،ويبين لهم أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله اتبعوا ما أترفوا فيه والمراد أطاعوا الذى متعوا به وهو هواهم مصداق لقوله بسورة الروم"بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم" وفسر هذا بأنهم كانوا مجرمين أى كافرين أى ظالمين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"إن أهلها كانوا ظالمين "ويبين له أن الرب ما كان مهلك القرى بظلم والمراد أن الله ما كان معذب أهل البلاد ببخس وهذا يعنى أنه لا يعذبهم دون سبب يستحقون عليه العذاب وهم مصلحون أى مؤمنون أى محسنون أى غافلون مصداق لقوله بسورة الأنعام "وأهلها غافلون "والخطاب حتى مجرمين للمؤمنين وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين "المعنى ولو أراد إلهك لخلق الناس جماعة متحدة ولا يفتأون مكذبين إلا من نفع إلهك ولذا أنشأهم وكملت حكمة إلهك لأملأن النار من الجن والبشر كلهم ،يبين الله لرسوله(ص)أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة والمراد لو أراد لخلق الناس جماعة مهدية ذات دين واحد مصداق لقوله الأنعام "ولو شاء لجمعهم على الهدى "ويبين له أن الناس لا يزالون مختلفين إلا من رحم الرب والمراد أن الناس يستمرون مكذبين لدين الله إلا من هدى الله ولذلك خلقهم والمراد أنه أنشأهم من أجل أن يختلفوا فى الدين وهذا يعنى أن الاختلاف بين الناس سيظل موجودا حتى يوم القيامة ويبين له أنه تمت كلمة ربه والمراد حق حكم الله أى صدق قول الله فى الكفار لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين والمراد لأدخلن النار الكفار من الجن والبشر كلهم .
"وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك فى هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين"المعنى وحقا نتلو عليك من أخبار الأنبياء(ص)ما نطمئن به نفسك وأتاك فى هذه العدل أى نصيحة أى تذكرة للمصدقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن كلا وهو الحق أنه يقص عليه من أنباء الرسل والمراد أنه يحكى له من أخبار الأنبياء (ص)مع أقوامهم والسبب أن يثبت به فؤاده أى يطمئن به قلبه ويبين له أنه جاءه فى هذه الحق والمراد أتاه فى سورة هود العدل وهو الصدق وفسره بأنه موعظة أى ذكرى والمراد عبرة أى فائدة للمؤمنين وهم المصدقين بحكم اللهوالخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون "المعنى وقل للذين لا يصدقون اثبتوا على دينكم إنا ثابتون وترقبوا إنا مترقبون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للذين لا يؤمنون وهم الذين لا يصدقون حكم الله:اعملوا على مكانتكم والمراد اثبتوا على دينكم أى حافظوا على طاعة حكمكم إنا عاملون أى إنا ثابتون والمراد إنا محافظون على طاعة ديننا وانتظروا إنا منتظرون أى وتربصوا إنا متربصون نزول العذاب عليكم مصداق لقوله بسورة الطور "قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين "والخطاب من النبى(ص)للكفار.
"ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الأمر كله