"ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إنى معكم من المنتظرين"المعنى ويقولون هلا أعطيت له معجزة من خالقه فقل إنما المجهول لله فترقبوا إنى معكم من المترقبين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطى له معجزة من خالقه وهذا يعنى أنهم يطلبون نزول معجزة من عند الله على نبيه(ص) حتى يصدقوا به ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم إنما الغيب وهو الخبر المجهول لله وهذا يعنى أن الله وحده هو الذى يعلم هل تنزل معجزة أم لا ؟ويقول فانتظروا إنى معكم من المنتظرين والمراد فترقبوا إنى معكم من المترقبين أى "قل تربصوا إنى معكم من المتربصين"كما قال بسورة الطور وهذا يعنى أنه لا يعرف هل يعطيه الله معجزة أم لا ولذا فهو ينتظر أمر الله فى الموضوع والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار .
"وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر فى آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون "المعنى وإذا أعطينا البشر نفع من بعد أذى أصابهم إذا لهم كيد لأحكامنا قل الله أعظم كيدا إن مبعوثينا يسجلون الذى تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أذاق الناس رحمة والمراد إذا أعطى الخلق نعمة أى نفع من عنده مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء"والمراد من بعد أذى أصابه إذا لهم مكر فى آياتنا والمراد إذا لهم كفر بأحكامنا وهذا يعنى أنه يقول كما جاء بسورة هود"ليقولن ذهب السيئات عنى "ويطلب الله منه أن يقول الله أسرع مكرا أى أنجح كيدا وهذا يعنى أن الله يعاقبهم على كفرهم ،ويقول إن رسلنا يكتبون ما تمكرون والمراد إن حافظينا يسجلون الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة الإنفطار"وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون "والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار.
"هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى يحرككم فى اليابس والماء حتى إذا كنتم فى السفن وسرن بكم بهواء نافع وسروا بها أتاها هواء ضار وأتاهم الموج من كل جهة واعتقدوا أنهم نزل بهم نادوا الله موحدين له الحكم لئن أنقذتنا من هذه لنصبحن من المطيعين،يبين الله للناس أن الله هو الذى يسيرهم فى البر والبحر والمراد أن الله هو الذى يحركهم فى اليابس وهو الأرض والماء حتى إذا كنتم فى الفلك وهى السفن وجرين بكم بريح طيبة والمراد وسارت السفن عن طريق هواء متحرك مفيد للحركة وفرحوا بها والمراد وسروا بهذا الهواء المفيد جاءتها ريح عاصف والمراد أتاها هواء شديد أى هواء ضار وجاءهم الموج من كل مكان والمراد وحاصرهم الماء المرتفع من كل جهة وظنوا أنهم أحيط بهم والمراد واعتقدوا أنهم نزل بهم الهلاك دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الله موحدين له الحكم أى قاصدين أنه المنقذ الوحيد فقالوا لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين والمراد لئن أنقذتنا من أذى البحر لنصبحن من المطيعين لحكمك أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة "ولنكونن من الصالحين "والخطاب حتى طيبة للناس وما بعده للمؤمنين فحتى طيبة جزء من آية حذف أخرها وما بعدها جزء من آية أخرى حذف أولها لأن أولهم تتحدث للحاضر وثانيهم تتحدث عنهم بصيغة الغائب وقد تم وصلهم.
"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون "المعنى فلما أنقذهم إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل يا أيها الخلق إنما ظلمكم على أنفسكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا عودتكم فنخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله للنبى (ص)أنه لما أنجاهم أى أنقذهم من الهلاك فى البحر بإرجاعهم للبر مصداق لقوله بسورة الإسراء"فلما نجاكم إلى البر"إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق والمراد إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل والمراد أعرضوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الإسراء "فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا "ويخاطب الله الناس وهم الخلق فيقول إنما بغيكم على أنفسكم والمراد إنما إساءتكم عقابها لكم متاع الحياة الدنيا والمراد لكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا مرجعكم أى إلى جزاء الله عودتكم فينبئكم بما كنتم تعملون والمراد فيبين لكم الذى كنتم تفعلون مصداق لقوله بسورة النمل"وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون "والخطاب حتى الحق للنبى (ص)والمؤمنين فهو جزء من آية تم حذف بعضها وما بقى من القول للناس
"إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون "المعنى إنما شبه المعيشة الأولى كماء أسقطناه من السحاب فامتزج به نبات اليابس مما يطعم البشر والأنعام حتى إذا أحضرت البلاد جمالها وتجملت واعتقد أصحابها أنهم حاكمون لها جاءها عقابنا ليلا أو نهارا فجعلناها حطاما كأن لم تكن بالأمس هكذا نوضح الأحكام لناس يفقهون ،يبين الله لنا أن مثل الحياة الدنيا والمراد أن شبه متاع المعيشة الأولى هو ماء أنزله الله من السماء والمراد ماء أسقطه الله من السحاب فكانت نتيجة سقوطه هى أن اختلط به نبات الأرض والمراد أن نبت به زرع اليابس من الذى يأكل أى يطعم أى يتناول الناس وهم البشر والأنعام وهم البقر والإبل والماعز والغنم ويبين الله لنا أن الأرض والمراد أن أصحاب البلاد إذا أخذوا زخرفهم والمراد إذا اتبعوا باطلهم أى ازينوا والمراد تحلوا بالباطل وظنوا أى واعتقدوا الإعتقاد التالى أنهم قادرون على الأرض والمراد أنهم متحكمون فى البلاد بلا مشاركة من أحد حدث التالى أتاها أمرنا ليلا أو نهارا والمراد جاء أهل البلاد عذاب الله إما فى الليل وإما فى النهار فأصبحت حصيدا أى حطاما كأن لم تغن بالأمس والمراد كأن لم توجد فى الماضى وهذا يعنى أن متاع الدنيا يشبه نبات الأرض الذى نبت ثم أصبح جميلا ثم أصبح حطاما فنبته هو أخذ الناس له وجماله هو تمتع الناس به وتحطمه هو ذهابه عن الناس نهائيا بلا عودة ويبين لنا أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تمثيل الأشياء يفصل الآيات أى يبين الأحكام لقوم يتفكرون أى يهتدون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وكذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "والخطاب وما بعده للمؤمنين
"والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "المعنى والله ينادى إلى مقام الخير أى يدخل من يريد إلى جزاء عادل ،يبين الله لنا أن الله يدعو إلى دار السلام والمراد ينادى إلى مقام الخير وهو الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "والله يدعو إلى الجنة "وفسر هذا بأنه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم والمراد يدخل من يريد إلى مقام سليم وهو الجنة .
"وللذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "المعنى وللذين أصلحوا الحديقة ودوام ولا يتعب نفوسهم سواد ولا هوان أولئك أهل الحديقة هم فيها باقون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين أحسنوا وهم الذين أصلحوا لهم الحسنى وهى الجنة وفسر هذا بالزيادة استمرار المتاع لهم ويبين أنه لا يرهق وجوههم قتر والمراد لا يتعب نفوسهم ذل وفسر هذا بأنه لا يصيبهم ذلة أى هوان أى نصب مصداق لقوله بسورة الحجر"لا يمسهم فيها نصب"وهم أصحاب الجنة والمراد سكان الحديقة هم فيها خالدون أى مقيمون أى ماكثين فيها مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"المعنى والذين عملوا الذنوب عقاب ذنب بعقابه ويتعبهم هوان،ما لهم من الله منقذ كأنما غطت وجوههم أجزاء من الليل مسودا أولئك أهل جهنم هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى(ص)أن الذين كسبوا السيئات أى الذين عملوا الذنوب مصداق لقوله بسورة الأعراف"والذين عملوا السيئات "جزاء سيئة بمثلها والمراد عقاب ذنب بعقابه عند الله وهو العذاب مصداق لقوله بسورة فاطر"والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد"وفسر الله هذا بأنه ترهقهم ذلة والمراد يتعبهم هوان،ويبين أنهم ما لهم من الله من عاصم والمراد ليس لهم من دون الله من ولى أى واق أى منقذ من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"وما لهم من الله من واق"وهم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما والمراد كأنما غطت وجوههم ظلمات من الليل سوداء وهذا يعنى أن وجوه الكفار مسودة مصداق لقوله بسورة آل عمران "وتسود وجوه"وأولئك أصحاب النار والمراد أهل الجحيم هم فيها خالدون أى مقيمون لا يخرجون أبدا .
"ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون "المعنى ويوم نبعثهم كلهم ثم نقول للذين كفروا مقامكم أنتم وآلهتكم فباعدنا بينهم وقال أنصارهم ما كنتم إيانا تطيعون،يبين الله لنا أن يوم يحشرهم والمراد يوم يجمع الكفار جميعا مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"يقول للذين أشركوا وهم الذين كفروا بحكم الله :مكانكم أنتم وشركاؤكم والمراد قفوا أنتم فى موضعكم وآلهتكم المزعومة فى موضعهم ثم زيلنا بينهم والمراد فرقنا بين الفريقين وقال شركاؤهم وهم آلهتهم المزعومة ما كنتم إيانا تعبدون أى تطيعون وهذا يعنى أنهم ينفون أن الكفار أطاعوهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين "المعنى فحسبنا الله قاضيا بيننا وبينكم إن كنا عن طاعتكم لغائبين ،يبين الله للنبى(ص) أن الشركاء يقولون لمن ادعوا عبادتهم :فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم والمراد فحسبنا الله حاكما بيننا وبينكم وهذا يعنى أنهم يريدون أن يحتكموا إلى الله فى الموضوع ،إن كنا عن عبادتكم لغافلين والمراد إن كنا عن دعوتكم لغائبين مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وهم عن دعائهم لغافلون "وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لم تكن تعرف أن الكفار يعبدونهم من دون الله .
"هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون "المعنى عند ذلك تعطى كل نفس ما عملت وأعيدوا إلى الله إلههم العدل وبعد عنهم الذى كانوا يزعمون ،يبين الله للنبى(ص) أن هنالك والمراد عند ذلك الوقت تبلوا كل نفس ما أسلفت والمراد تعلم كل نفس ما عملت فى الدنيا عن طريق تسلم الكتب المنشرة مصداق لقوله بسورة آل عمران"يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء "وهم ردوا إلى الله مولاهم الحق والمراد وهم قد أعيدوا إلى جزاء الله إلههم العدل وضل عنهم ما كانوا يفترون والمراد وتبرأ منهم الذى كانوا يزعمون أنهم يعبدون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون".
"قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون "المعنى قل من يعطيكم من السماء والأرض أمن يحكم السمع أى الأفئدة ومن يفصل الباقى عن الهالك ويفصل الهالك عن الباقى ومن يحفظ الحكم فسيقولون الله فقل أفلا تطيعون؟يطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الناس الأسئلة التالية من يرزقكم أى يعطيكم من السماء والأرض والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو معطيهم الرزق ،ويسأل أمن يملك السمع والأبصار والمراد من يحكم القلب أى الأفئدة ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله مالك النفوس وحده ،ويسأل من يخرج الحى من الميت والمراد من يفصل العائش عن الهالك ومن يخرج الميت من الحى والمراد من يفصل الهالك عن العائش ؟والغرض إخبارهم أن الله يفصل بين عالم الأحياء وعالم الأموات فصلا تاما ،ويسأل من يدبر الأمر والمراد من يحفظ حكم الكون؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو مدبر الكون بحكمه وسيجد جواب القوم عن كل سؤال هو الله ويطلب الله منه أن يقول لهم أفلا تتقون أى أفلا تطيعون الله وحده؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله وحده هو الذى يستحق الطاعة .
"فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون "المعنى فذلكم الله إلهكم العدل فماذا بعد العدل إلا الظلم فكيف تكفرون ؟يبين الله لهم على لسان نبيه(ص)أن ذلكم والمراد فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم الحق أى العدل ويسأل فماذا بعد الحق إلا الضلال والمراد ماذا بعد العدل سوى الظلم والغرض من السؤال هو إخبارهم أن أى عبادة لغير الله ستكون ضلال ويسأل فأنى تصرفون والمراد كيف تسحرون أى تكفرون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فأنى تسحرون "والغرض إخبارهم بكفرهم بعد معرفتهم للحق والخطاب وما قبله للنبى ومنه للكفار.
"كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون"المعنى هكذا صدق حكم إلهك على الذين كفروا أنهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بكفر الناس حقت كلمة الرب على الذين فسقوا والمراد صدق خبر الله فى الذين كفروا أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون الوحى ومن ثم يدخلون النار مصداق لقوله بسورة غافر"وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار".
"قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون"المعنى قل هل من آلهتكم من يخلق المخلوقات ثم يبعثها قل الله يخلق المخلوقات ثم يبعثها فكيف تكفرون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يسأل القوم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد هل من آلهتكم المزعومة من ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية ؟ والغرض من السؤال إخبارهم أن آلهتهم لا تخلق شىء ولا تبعثه ويطلب منه أن يجيب قائلا الله يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد الله ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية فأنى تؤفكون أى فكيف تكفرون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم .
"قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون"المعنى قل هل من آلهتكم من يرشد للعدل قل الله يرشد للعدل أفمن يرشد للعدل أولى أن يطاع أمن لا يرشد إلا أن يرشد فما لكم كيف تقضون؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس هل من شركائكم من يهدى إلى الحق والمراد هل من أربابكم من يرشد إلى العدل ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :قل الله يهدى للحق والمراد الله يرشد للعدل وهذا معناه أن الحق وهو العدل ليس له مصدر سوى الله ويطلب منه أن يسأل الناس أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى والمراد هل من يرشد إلى العدل أولى أن يطاع أم الذى لا يرشد إلا أن يرشد؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن الأحق بالإتباع هو الهادى للحق وليس من لا يهدى إلا بعد أن يعلمه الله وهذا يعنى أن بعض الآلهة المزعومة كان مسلما كعيسى (ص)وعزير(ص) علمه الله الحق ليهدى الناس ويسأل مرة ثالثة فما لكم كيف تحكمون أى تقضون ؟والغرض من السؤال هو إثبات أن قضاء وهو حكم الكفار باطل والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار.
"وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون "المعنى وما يطيع معظمهم إلا هوى إن الهوى لا يزيل من العدل بعضا إن الله خبير بالذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن أكثر الناس يتبعون الظن والمراد أن أغلب الناس يطيعون هوى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم "ويبين له أن الظن وهو الهوى الضال لا يغنى من الحق شيئا والمراد لا يزيل من العدل أى جزء ولو كان صغيرا لأن الحق ثابت مصداق لقوله بسورة الأنعام"لا مبدل لكلمات الله "ويبين له أن الله عليم بما يفعلون والمراد خبير بالذى يعملون وفى هذا قال بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون " والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين"المعنى وما كان الوحى أن يقال من عند غير الله ولكن شبه الذى عنده وتبيين الحكم لا ظلم فيه من إله الكل ،يبين الله لنبيه(ص)أن القرآن وهو الحديث أى الوحى الإلهى ما كان ليفترى من دون الله والمراد ما كان ليوحى من عند غير الله مصداق لقوله بسورة يوسف"ما كان حديثا يفترى "وهذا يعنى أن الله هو الذى افترى أى قال القرآن وهو تصديق الذى بين يديه والمراد وهو شبه الكتاب الذى لدى الله فى اللفظ والمعنى ولدى الله تعنى الكعبة مصداق لقوله بسورة المائدة"وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب"والوحى الأخر هو تفصيل الكتاب والمراد تبيين الحكم فى كل موضوع وهو تفسير القرآن الإلهى المحفوظ فى الكعبة مصداق لقوله بسورة النحل "وتبيانا لكل شىء"وهو لا ريب فيه من رب العالمين والمراد لا باطل فى القرآن مصداق لقوله بسورة فصلت"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"ومصدره هو إله الجميع الله.
"أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " المعنى هل يزعمون اختلقه قل فهاتوا آيات من مصدره ونادوا من قدرتم من غير الله إن كنتم مؤمنين،يسأل الله أم يقولون افتراه والمراد هل يقول الكفار اختلق محمد القرآن من عند نفسه؟والغرض من السؤال هو إخبارنا بقولهم هذا ويطلب الله من نبيه أن يرد عليهم قائلا :فأتوا بسورة من مثله والمراد فهاتوا مجموعة آيات من مصدر القرآن وادعوا من استطعتم من دون الله والمراد واستعينوا بمن عبدتم من سوى الله لتأتوا به من الله إن كنتم صادقين أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة النور"إن كنتم مؤمنين"وهذا الطلب يعنى أنهم لا يقدرون على المجىء بسورة من مصدر الوحى وهو الله لأن مصدره وهو الله لن يعطيهم هذه السورة حتى لا يكذب نفسه فى القرآن حتى ولو تحايلت عليه الآلهة المزعومة وأكثر الكفار الدعاء لطلب هذا .
"بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين"المعنى لقد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته أى الذى يجيئهم تفسيره هكذا كفر الذين من قبلهم فاعلم كيف كان جزاء الكافرين،يبين الله لنا أن الكفار كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه والمراد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته وهذا يعنى أنهم عرفوا الحق فخالفوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فقد كذبوا بالحق لما جاءهم "وفسر هذا بأنه لما يأتهم تأويله وهو الذى يجيئهم تفسيره فهم كذبوا بالحق وهو التأويل أى الوحى،ويبين لنا أن كذلك كذب أى فعل الكفار الذين من قبلهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة الظالمين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"والسبب أن يتخذ مما حدث لهم العظة والعبرة
"ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن وربك أعلم بالمفسدين"المعنى ومنهم من يصدق بالحق ومنهم من لا يصدق به وإلهك أعرف بالكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس من يؤمن أى يصدق بالحق ومن الناس من لا يؤمن به والمراد من يكفر بالحق مصداق لقوله بسورة التغابن"فمنكم كافر ومنكم مؤمن"ويبين له أن ربه أعلم بالمفسدين أى خالقه أعرف بالمعتدين مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ربك هو أعلم بالمعتدين" .
"وإن كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون "المعنى وإن كفروا بك فقل لى دينى ولكم دينكم أنتم معتزلون للذى أدين وأنا معتزل للذى تدينون،يطلب الله من نبيه(ص)إن كذبه أى كفر برسالته الناس فعليه أن يقول لهم :لى عملى ولكم عملكم والمراد لى دينى ولكم دينكم مصداق لقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين "وهذا يعنى أن كل فريق يتمسك بدينه وقال أنتم بريئون مما أعمل والمراد أنتم مبتعدون عن دينى وأنا برىء مما تعملون والمراد وأنا مبتعد عن الذى تشركون أى تدينون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإننى برىء مما تشركون"أى أنتم مخالفون للذى أطيع وأنا مخالف للذى تطيعون وهذا يعنى أنه لا يدين بدينهم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون "المعنى ومنهم من ينصتون إليك فهل أنت تبلغ الكفار ولو كانوا لا يفهمون،يبين الله لنبيه (ص)أن من الكفار من يسمع إليه والمراد من ينصت لما يقوله من الوحى أى من ينظر له مصداق لقوله بنفس السورة "ومنهم من ينظر إليك" ويسأله الله أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون ؟أى "أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون "كما قال بالآية التالية والغرض من السؤال هو أن يكف النبى (ص)عن دعوة الكفار للحق ما داموا يعلمون بالوحى ولا يطيعونه وقد سمى الكفار صما لأن سماعهم كعدم سماعهم .
"ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون" المعنى ومنهم من يستمع لك فهل أنت ترشد الكفار ولو كانوا لا يفهمون ؟يبين الله لنبيه(ص)أن من الكفار من ينظر إليه والمراد من يشاهده وهو يتحدث بالوحى كما قال بالآية السابقة"ومنهم من يستمعون إليك"ويسأل الله نبيه(ص)أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون أى "أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون"كما قال بالآية السابقة والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون الحق؟والغرض من السؤال أن يكف النبى(ص)عن تكرار دعوته للكفار لأن دعوتهم كعدم دعوتهم فى النتيجة وهى كفرهم .
"إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون "المعنى إن الله لا يبخس الخلق حقا ولكن الخلق أنفسهم يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله لا يظلم الناس شيئا والمراد أن الله لا يبخس الناس حقا مصداق لقوله بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"ولكن الناس أنفسهم يظلمون والمراد أن الخلق أنفسهم يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم ".
"ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين"المعنى ويوم يبعثهم كأن لم يعيشوا إلا ساعة من النهار يتعاملون فيما بينهم قد هلك الذين كفروا بجزاء الله أى ما كانوا رابحين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشر أى يجمع الكفار مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار والمراد كأن لم يعيشوا إلا وقتا من النهار وهذا يعنى أن الكفار يتصورون أنهم لم يعيشوا سوى ساعة من شدة العذاب وهم فى الساعة يتعارفون بينهم أى يتعاملون بينهم بالأديان،ويبين له أن الذين كذبوا أى كفروا بلقاء الله وهو جزاء الله قد خسروا أى هلكوا والمراد عذبوا فى النار وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى "ما كانوا منتصرين" مصداق لقوله بسورة الذاريات وهذا يعنى أنهم ليسوا رابحين للجنة .
"وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون "المعنى وإما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتك فإلينا إيابهم ثم الله خبير بالذى يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه ما يعد الكفار والمراد إما يشهده الذى يخبر به القوم من العذاب أو يتوفاه أى يميته والمراد يأخذه لجنته ويبين له أنه إليه مرجعهم وهو إيابهم مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنا إلينا إيابهم "وهذا يعنى أن عودتهم هى لجزاء الله ويبين له أنه شهيد على ما يفعلون والمراد خبير بالذى يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون "وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "المعنى ولكل جماعة مبعوث فإذا سلم كتبهم حكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لكل أمة رسول والمراد لكل جماعة نذير يبلغهم بحكم الله مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط والمراد فإذا أتت كتبهم المنشرة حكم بينهم بالعدل وهو الحق مصداق لقوله بسورة الزمر"وقضى بينهم بالحق"وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود والمراد لا ينقصون فى يوم القيامة حقا .
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين"المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين؟يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون متى هذا الوعد أى الفتح أى القيامة مصداق لقوله بسورة السجدة"متى هذا الفتح"إن كنتم صادقين أى إن كنتم عادلين فى قولكم وهم بهذا يسألون عن موعد القيامة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر فى آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون "المعنى وإذا أعطينا البشر نفع من بعد أذى أصابهم إذا لهم كيد لأحكامنا قل الله أعظم كيدا إن مبعوثينا يسجلون الذى تعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إذا أذاق الناس رحمة والمراد إذا أعطى الخلق نعمة أى نفع من عنده مصداق لقوله بسورة هود"ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء"والمراد من بعد أذى أصابه إذا لهم مكر فى آياتنا والمراد إذا لهم كفر بأحكامنا وهذا يعنى أنه يقول كما جاء بسورة هود"ليقولن ذهب السيئات عنى "ويطلب الله منه أن يقول الله أسرع مكرا أى أنجح كيدا وهذا يعنى أن الله يعاقبهم على كفرهم ،ويقول إن رسلنا يكتبون ما تمكرون والمراد إن حافظينا يسجلون الذى تفعلون مصداق لقوله بسورة الإنفطار"وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون "والخطاب للنبى(ص)ومنه للكفار.
"هو الذى يسيركم فى البر والبحر حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بكم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "المعنى هو الذى يحرككم فى اليابس والماء حتى إذا كنتم فى السفن وسرن بكم بهواء نافع وسروا بها أتاها هواء ضار وأتاهم الموج من كل جهة واعتقدوا أنهم نزل بهم نادوا الله موحدين له الحكم لئن أنقذتنا من هذه لنصبحن من المطيعين،يبين الله للناس أن الله هو الذى يسيرهم فى البر والبحر والمراد أن الله هو الذى يحركهم فى اليابس وهو الأرض والماء حتى إذا كنتم فى الفلك وهى السفن وجرين بكم بريح طيبة والمراد وسارت السفن عن طريق هواء متحرك مفيد للحركة وفرحوا بها والمراد وسروا بهذا الهواء المفيد جاءتها ريح عاصف والمراد أتاها هواء شديد أى هواء ضار وجاءهم الموج من كل مكان والمراد وحاصرهم الماء المرتفع من كل جهة وظنوا أنهم أحيط بهم والمراد واعتقدوا أنهم نزل بهم الهلاك دعوا الله مخلصين له الدين والمراد نادوا الله موحدين له الحكم أى قاصدين أنه المنقذ الوحيد فقالوا لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين والمراد لئن أنقذتنا من أذى البحر لنصبحن من المطيعين لحكمك أى الصالحين مصداق لقوله بسورة التوبة "ولنكونن من الصالحين "والخطاب حتى طيبة للناس وما بعده للمؤمنين فحتى طيبة جزء من آية حذف أخرها وما بعدها جزء من آية أخرى حذف أولها لأن أولهم تتحدث للحاضر وثانيهم تتحدث عنهم بصيغة الغائب وقد تم وصلهم.
"فلما أنجاهم إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون "المعنى فلما أنقذهم إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل يا أيها الخلق إنما ظلمكم على أنفسكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا عودتكم فنخبركم بالذى كنتم تفعلون ،يبين الله للنبى (ص)أنه لما أنجاهم أى أنقذهم من الهلاك فى البحر بإرجاعهم للبر مصداق لقوله بسورة الإسراء"فلما نجاكم إلى البر"إذا هم يبغون فى الأرض بغير الحق والمراد إذا هم يحكمون فى البلاد بغير العدل والمراد أعرضوا أى كفروا مصداق لقوله بسورة الإسراء "فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا "ويخاطب الله الناس وهم الخلق فيقول إنما بغيكم على أنفسكم والمراد إنما إساءتكم عقابها لكم متاع الحياة الدنيا والمراد لكم نفع المعيشة الأولى ثم إلينا مرجعكم أى إلى جزاء الله عودتكم فينبئكم بما كنتم تعملون والمراد فيبين لكم الذى كنتم تفعلون مصداق لقوله بسورة النمل"وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون "والخطاب حتى الحق للنبى (ص)والمؤمنين فهو جزء من آية تم حذف بعضها وما بقى من القول للناس
"إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون "المعنى إنما شبه المعيشة الأولى كماء أسقطناه من السحاب فامتزج به نبات اليابس مما يطعم البشر والأنعام حتى إذا أحضرت البلاد جمالها وتجملت واعتقد أصحابها أنهم حاكمون لها جاءها عقابنا ليلا أو نهارا فجعلناها حطاما كأن لم تكن بالأمس هكذا نوضح الأحكام لناس يفقهون ،يبين الله لنا أن مثل الحياة الدنيا والمراد أن شبه متاع المعيشة الأولى هو ماء أنزله الله من السماء والمراد ماء أسقطه الله من السحاب فكانت نتيجة سقوطه هى أن اختلط به نبات الأرض والمراد أن نبت به زرع اليابس من الذى يأكل أى يطعم أى يتناول الناس وهم البشر والأنعام وهم البقر والإبل والماعز والغنم ويبين الله لنا أن الأرض والمراد أن أصحاب البلاد إذا أخذوا زخرفهم والمراد إذا اتبعوا باطلهم أى ازينوا والمراد تحلوا بالباطل وظنوا أى واعتقدوا الإعتقاد التالى أنهم قادرون على الأرض والمراد أنهم متحكمون فى البلاد بلا مشاركة من أحد حدث التالى أتاها أمرنا ليلا أو نهارا والمراد جاء أهل البلاد عذاب الله إما فى الليل وإما فى النهار فأصبحت حصيدا أى حطاما كأن لم تغن بالأمس والمراد كأن لم توجد فى الماضى وهذا يعنى أن متاع الدنيا يشبه نبات الأرض الذى نبت ثم أصبح جميلا ثم أصبح حطاما فنبته هو أخذ الناس له وجماله هو تمتع الناس به وتحطمه هو ذهابه عن الناس نهائيا بلا عودة ويبين لنا أن كذلك أى بتلك الطريقة وهى تمثيل الأشياء يفصل الآيات أى يبين الأحكام لقوم يتفكرون أى يهتدون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وكذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون "والخطاب وما بعده للمؤمنين
"والله يدعوا إلى دار السلام ويهدى من يشاء إلى صراط مستقيم "المعنى والله ينادى إلى مقام الخير أى يدخل من يريد إلى جزاء عادل ،يبين الله لنا أن الله يدعو إلى دار السلام والمراد ينادى إلى مقام الخير وهو الجنة مصداق لقوله بسورة البقرة "والله يدعو إلى الجنة "وفسر هذا بأنه يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم والمراد يدخل من يريد إلى مقام سليم وهو الجنة .
"وللذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون "المعنى وللذين أصلحوا الحديقة ودوام ولا يتعب نفوسهم سواد ولا هوان أولئك أهل الحديقة هم فيها باقون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين أحسنوا وهم الذين أصلحوا لهم الحسنى وهى الجنة وفسر هذا بالزيادة استمرار المتاع لهم ويبين أنه لا يرهق وجوههم قتر والمراد لا يتعب نفوسهم ذل وفسر هذا بأنه لا يصيبهم ذلة أى هوان أى نصب مصداق لقوله بسورة الحجر"لا يمسهم فيها نصب"وهم أصحاب الجنة والمراد سكان الحديقة هم فيها خالدون أى مقيمون أى ماكثين فيها مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"المعنى والذين عملوا الذنوب عقاب ذنب بعقابه ويتعبهم هوان،ما لهم من الله منقذ كأنما غطت وجوههم أجزاء من الليل مسودا أولئك أهل جهنم هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى(ص)أن الذين كسبوا السيئات أى الذين عملوا الذنوب مصداق لقوله بسورة الأعراف"والذين عملوا السيئات "جزاء سيئة بمثلها والمراد عقاب ذنب بعقابه عند الله وهو العذاب مصداق لقوله بسورة فاطر"والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد"وفسر الله هذا بأنه ترهقهم ذلة والمراد يتعبهم هوان،ويبين أنهم ما لهم من الله من عاصم والمراد ليس لهم من دون الله من ولى أى واق أى منقذ من العذاب مصداق لقوله بسورة الرعد"وما لهم من الله من واق"وهم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما والمراد كأنما غطت وجوههم ظلمات من الليل سوداء وهذا يعنى أن وجوه الكفار مسودة مصداق لقوله بسورة آل عمران "وتسود وجوه"وأولئك أصحاب النار والمراد أهل الجحيم هم فيها خالدون أى مقيمون لا يخرجون أبدا .
"ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون "المعنى ويوم نبعثهم كلهم ثم نقول للذين كفروا مقامكم أنتم وآلهتكم فباعدنا بينهم وقال أنصارهم ما كنتم إيانا تطيعون،يبين الله لنا أن يوم يحشرهم والمراد يوم يجمع الكفار جميعا مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"يقول للذين أشركوا وهم الذين كفروا بحكم الله :مكانكم أنتم وشركاؤكم والمراد قفوا أنتم فى موضعكم وآلهتكم المزعومة فى موضعهم ثم زيلنا بينهم والمراد فرقنا بين الفريقين وقال شركاؤهم وهم آلهتهم المزعومة ما كنتم إيانا تعبدون أى تطيعون وهذا يعنى أنهم ينفون أن الكفار أطاعوهم والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين "المعنى فحسبنا الله قاضيا بيننا وبينكم إن كنا عن طاعتكم لغائبين ،يبين الله للنبى(ص) أن الشركاء يقولون لمن ادعوا عبادتهم :فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم والمراد فحسبنا الله حاكما بيننا وبينكم وهذا يعنى أنهم يريدون أن يحتكموا إلى الله فى الموضوع ،إن كنا عن عبادتكم لغافلين والمراد إن كنا عن دعوتكم لغائبين مصداق لقوله بسورة الأحقاف"وهم عن دعائهم لغافلون "وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لم تكن تعرف أن الكفار يعبدونهم من دون الله .
"هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت وردوا إلى الله مولاهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون "المعنى عند ذلك تعطى كل نفس ما عملت وأعيدوا إلى الله إلههم العدل وبعد عنهم الذى كانوا يزعمون ،يبين الله للنبى(ص) أن هنالك والمراد عند ذلك الوقت تبلوا كل نفس ما أسلفت والمراد تعلم كل نفس ما عملت فى الدنيا عن طريق تسلم الكتب المنشرة مصداق لقوله بسورة آل عمران"يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء "وهم ردوا إلى الله مولاهم الحق والمراد وهم قد أعيدوا إلى جزاء الله إلههم العدل وضل عنهم ما كانوا يفترون والمراد وتبرأ منهم الذى كانوا يزعمون أنهم يعبدون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وضل عنكم ما كنتم تزعمون".
"قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحى ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون "المعنى قل من يعطيكم من السماء والأرض أمن يحكم السمع أى الأفئدة ومن يفصل الباقى عن الهالك ويفصل الهالك عن الباقى ومن يحفظ الحكم فسيقولون الله فقل أفلا تطيعون؟يطلب الله من رسوله(ص)أن يسأل الناس الأسئلة التالية من يرزقكم أى يعطيكم من السماء والأرض والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو معطيهم الرزق ،ويسأل أمن يملك السمع والأبصار والمراد من يحكم القلب أى الأفئدة ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله مالك النفوس وحده ،ويسأل من يخرج الحى من الميت والمراد من يفصل العائش عن الهالك ومن يخرج الميت من الحى والمراد من يفصل الهالك عن العائش ؟والغرض إخبارهم أن الله يفصل بين عالم الأحياء وعالم الأموات فصلا تاما ،ويسأل من يدبر الأمر والمراد من يحفظ حكم الكون؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الله هو مدبر الكون بحكمه وسيجد جواب القوم عن كل سؤال هو الله ويطلب الله منه أن يقول لهم أفلا تتقون أى أفلا تطيعون الله وحده؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله وحده هو الذى يستحق الطاعة .
"فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون "المعنى فذلكم الله إلهكم العدل فماذا بعد العدل إلا الظلم فكيف تكفرون ؟يبين الله لهم على لسان نبيه(ص)أن ذلكم والمراد فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم الحق أى العدل ويسأل فماذا بعد الحق إلا الضلال والمراد ماذا بعد العدل سوى الظلم والغرض من السؤال هو إخبارهم أن أى عبادة لغير الله ستكون ضلال ويسأل فأنى تصرفون والمراد كيف تسحرون أى تكفرون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فأنى تسحرون "والغرض إخبارهم بكفرهم بعد معرفتهم للحق والخطاب وما قبله للنبى ومنه للكفار.
"كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون"المعنى هكذا صدق حكم إلهك على الذين كفروا أنهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بكفر الناس حقت كلمة الرب على الذين فسقوا والمراد صدق خبر الله فى الذين كفروا أنهم لا يؤمنون أى لا يصدقون الوحى ومن ثم يدخلون النار مصداق لقوله بسورة غافر"وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار".
"قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون"المعنى قل هل من آلهتكم من يخلق المخلوقات ثم يبعثها قل الله يخلق المخلوقات ثم يبعثها فكيف تكفرون ،يطلب الله من نبيه(ص) أن يسأل القوم هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد هل من آلهتكم المزعومة من ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية ؟ والغرض من السؤال إخبارهم أن آلهتهم لا تخلق شىء ولا تبعثه ويطلب منه أن يجيب قائلا الله يبدأ الخلق ثم يعيده والمراد الله ينشىء المخلوقات ثم يبعثها مرة ثانية فأنى تؤفكون أى فكيف تكفرون؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم .
"قل هل من شركائكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون"المعنى قل هل من آلهتكم من يرشد للعدل قل الله يرشد للعدل أفمن يرشد للعدل أولى أن يطاع أمن لا يرشد إلا أن يرشد فما لكم كيف تقضون؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس هل من شركائكم من يهدى إلى الحق والمراد هل من أربابكم من يرشد إلى العدل ؟ويطلب منه أن يجيب قائلا :قل الله يهدى للحق والمراد الله يرشد للعدل وهذا معناه أن الحق وهو العدل ليس له مصدر سوى الله ويطلب منه أن يسأل الناس أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى والمراد هل من يرشد إلى العدل أولى أن يطاع أم الذى لا يرشد إلا أن يرشد؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن الأحق بالإتباع هو الهادى للحق وليس من لا يهدى إلا بعد أن يعلمه الله وهذا يعنى أن بعض الآلهة المزعومة كان مسلما كعيسى (ص)وعزير(ص) علمه الله الحق ليهدى الناس ويسأل مرة ثالثة فما لكم كيف تحكمون أى تقضون ؟والغرض من السؤال هو إثبات أن قضاء وهو حكم الكفار باطل والخطاب وما قبله للنبى(ص) ومنه للكفار.
"وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون "المعنى وما يطيع معظمهم إلا هوى إن الهوى لا يزيل من العدل بعضا إن الله خبير بالذى يصنعون ،يبين الله لنبيه(ص)أن أكثر الناس يتبعون الظن والمراد أن أغلب الناس يطيعون هوى أنفسهم مصداق لقوله بسورة القصص"فاعلم أنما يتبعون أهواءهم "ويبين له أن الظن وهو الهوى الضال لا يغنى من الحق شيئا والمراد لا يزيل من العدل أى جزء ولو كان صغيرا لأن الحق ثابت مصداق لقوله بسورة الأنعام"لا مبدل لكلمات الله "ويبين له أن الله عليم بما يفعلون والمراد خبير بالذى يعملون وفى هذا قال بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون " والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين"المعنى وما كان الوحى أن يقال من عند غير الله ولكن شبه الذى عنده وتبيين الحكم لا ظلم فيه من إله الكل ،يبين الله لنبيه(ص)أن القرآن وهو الحديث أى الوحى الإلهى ما كان ليفترى من دون الله والمراد ما كان ليوحى من عند غير الله مصداق لقوله بسورة يوسف"ما كان حديثا يفترى "وهذا يعنى أن الله هو الذى افترى أى قال القرآن وهو تصديق الذى بين يديه والمراد وهو شبه الكتاب الذى لدى الله فى اللفظ والمعنى ولدى الله تعنى الكعبة مصداق لقوله بسورة المائدة"وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب"والوحى الأخر هو تفصيل الكتاب والمراد تبيين الحكم فى كل موضوع وهو تفسير القرآن الإلهى المحفوظ فى الكعبة مصداق لقوله بسورة النحل "وتبيانا لكل شىء"وهو لا ريب فيه من رب العالمين والمراد لا باطل فى القرآن مصداق لقوله بسورة فصلت"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"ومصدره هو إله الجميع الله.
"أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين " المعنى هل يزعمون اختلقه قل فهاتوا آيات من مصدره ونادوا من قدرتم من غير الله إن كنتم مؤمنين،يسأل الله أم يقولون افتراه والمراد هل يقول الكفار اختلق محمد القرآن من عند نفسه؟والغرض من السؤال هو إخبارنا بقولهم هذا ويطلب الله من نبيه أن يرد عليهم قائلا :فأتوا بسورة من مثله والمراد فهاتوا مجموعة آيات من مصدر القرآن وادعوا من استطعتم من دون الله والمراد واستعينوا بمن عبدتم من سوى الله لتأتوا به من الله إن كنتم صادقين أى مؤمنين مصداق لقوله بسورة النور"إن كنتم مؤمنين"وهذا الطلب يعنى أنهم لا يقدرون على المجىء بسورة من مصدر الوحى وهو الله لأن مصدره وهو الله لن يعطيهم هذه السورة حتى لا يكذب نفسه فى القرآن حتى ولو تحايلت عليه الآلهة المزعومة وأكثر الكفار الدعاء لطلب هذا .
"بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين"المعنى لقد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته أى الذى يجيئهم تفسيره هكذا كفر الذين من قبلهم فاعلم كيف كان جزاء الكافرين،يبين الله لنا أن الكفار كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه والمراد كفروا بالذى لم يعملوا بمعرفته وهذا يعنى أنهم عرفوا الحق فخالفوه مصداق لقوله بسورة الأنعام"فقد كذبوا بالحق لما جاءهم "وفسر هذا بأنه لما يأتهم تأويله وهو الذى يجيئهم تفسيره فهم كذبوا بالحق وهو التأويل أى الوحى،ويبين لنا أن كذلك كذب أى فعل الكفار الذين من قبلهم مصداق لقوله بسورة النحل"كذلك فعل الذين من قبلهم"ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة الظالمين والمراد أن يعلم كيف كان جزاء المجرمين مصداق لقوله بسورة الأعراف"فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"والسبب أن يتخذ مما حدث لهم العظة والعبرة
"ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن وربك أعلم بالمفسدين"المعنى ومنهم من يصدق بالحق ومنهم من لا يصدق به وإلهك أعرف بالكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أن من الناس من يؤمن أى يصدق بالحق ومن الناس من لا يؤمن به والمراد من يكفر بالحق مصداق لقوله بسورة التغابن"فمنكم كافر ومنكم مؤمن"ويبين له أن ربه أعلم بالمفسدين أى خالقه أعرف بالمعتدين مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ربك هو أعلم بالمعتدين" .
"وإن كذبوك فقل لى عملى ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برىء مما تعملون "المعنى وإن كفروا بك فقل لى دينى ولكم دينكم أنتم معتزلون للذى أدين وأنا معتزل للذى تدينون،يطلب الله من نبيه(ص)إن كذبه أى كفر برسالته الناس فعليه أن يقول لهم :لى عملى ولكم عملكم والمراد لى دينى ولكم دينكم مصداق لقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين "وهذا يعنى أن كل فريق يتمسك بدينه وقال أنتم بريئون مما أعمل والمراد أنتم مبتعدون عن دينى وأنا برىء مما تعملون والمراد وأنا مبتعد عن الذى تشركون أى تدينون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإننى برىء مما تشركون"أى أنتم مخالفون للذى أطيع وأنا مخالف للذى تطيعون وهذا يعنى أنه لا يدين بدينهم والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون "المعنى ومنهم من ينصتون إليك فهل أنت تبلغ الكفار ولو كانوا لا يفهمون،يبين الله لنبيه (ص)أن من الكفار من يسمع إليه والمراد من ينصت لما يقوله من الوحى أى من ينظر له مصداق لقوله بنفس السورة "ومنهم من ينظر إليك" ويسأله الله أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون ؟أى "أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون "كما قال بالآية التالية والغرض من السؤال هو أن يكف النبى (ص)عن دعوة الكفار للحق ما داموا يعلمون بالوحى ولا يطيعونه وقد سمى الكفار صما لأن سماعهم كعدم سماعهم .
"ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون" المعنى ومنهم من يستمع لك فهل أنت ترشد الكفار ولو كانوا لا يفهمون ؟يبين الله لنبيه(ص)أن من الكفار من ينظر إليه والمراد من يشاهده وهو يتحدث بالوحى كما قال بالآية السابقة"ومنهم من يستمعون إليك"ويسأل الله نبيه(ص)أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون أى "أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون"كما قال بالآية السابقة والمراد هل أنت تفهم الكفار ولو كانوا لا يطيعون الحق؟والغرض من السؤال أن يكف النبى(ص)عن تكرار دعوته للكفار لأن دعوتهم كعدم دعوتهم فى النتيجة وهى كفرهم .
"إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون "المعنى إن الله لا يبخس الخلق حقا ولكن الخلق أنفسهم يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الله لا يظلم الناس شيئا والمراد أن الله لا يبخس الناس حقا مصداق لقوله بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"ولكن الناس أنفسهم يظلمون والمراد أن الخلق أنفسهم يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم ".
"ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين"المعنى ويوم يبعثهم كأن لم يعيشوا إلا ساعة من النهار يتعاملون فيما بينهم قد هلك الذين كفروا بجزاء الله أى ما كانوا رابحين ،يبين الله لنبيه(ص)أن يوم يحشر أى يجمع الكفار مصداق لقوله بسورة التغابن"يوم يجمعكم"كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار والمراد كأن لم يعيشوا إلا وقتا من النهار وهذا يعنى أن الكفار يتصورون أنهم لم يعيشوا سوى ساعة من شدة العذاب وهم فى الساعة يتعارفون بينهم أى يتعاملون بينهم بالأديان،ويبين له أن الذين كذبوا أى كفروا بلقاء الله وهو جزاء الله قد خسروا أى هلكوا والمراد عذبوا فى النار وفسر هذا بأنهم ما كانوا مهتدين أى "ما كانوا منتصرين" مصداق لقوله بسورة الذاريات وهذا يعنى أنهم ليسوا رابحين للجنة .
"وإما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون "المعنى وإما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتك فإلينا إيابهم ثم الله خبير بالذى يعملون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه ما يعد الكفار والمراد إما يشهده الذى يخبر به القوم من العذاب أو يتوفاه أى يميته والمراد يأخذه لجنته ويبين له أنه إليه مرجعهم وهو إيابهم مصداق لقوله بسورة الغاشية"إنا إلينا إيابهم "وهذا يعنى أن عودتهم هى لجزاء الله ويبين له أنه شهيد على ما يفعلون والمراد خبير بالذى يفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة المنافقون"والله خبير بما تعملون "وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون "المعنى ولكل جماعة مبعوث فإذا سلم كتبهم حكم بينهم بالعدل وهم لا يبخسون ،يبين الله لنبيه(ص)أن لكل أمة رسول والمراد لكل جماعة نذير يبلغهم بحكم الله مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط والمراد فإذا أتت كتبهم المنشرة حكم بينهم بالعدل وهو الحق مصداق لقوله بسورة الزمر"وقضى بينهم بالحق"وهم لا يظلمون أى "وهم فيها لا يبخسون"كما قال بسورة هود والمراد لا ينقصون فى يوم القيامة حقا .
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين"المعنى ويتساءلون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين؟يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار يقولون متى هذا الوعد أى الفتح أى القيامة مصداق لقوله بسورة السجدة"متى هذا الفتح"إن كنتم صادقين أى إن كنتم عادلين فى قولكم وهم بهذا يسألون عن موعد القيامة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .