سورة يونس
سميت السورة بهذا الإسم لذكر اسم يونس (ص)فيها بقوله "فنفعها إيمانها إلا قوم يونس".
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام الوحى المبين ،يبين الله لنا أن باسمه أى بحكم الله الرحمن الرحيم أى النافع المفيد قد حكم أن الر تلك آيات الكتاب الحكيم والمراد أن العدل هو أحكام الوحى وهو القرآن وبيانه المبين مصداق لقوله بسورة يوسف"تلك آيات الكتاب المبين" والخطاب للناس
"أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين"المعنى هل كان غريبا أن ألقينا إلى ذكر منهم أن أبلغ الخلق وأخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم ثواب عدل لدى خالقهم قال المكذبون إن هذا مخادع عظيم ،يسأل الله أكان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس والمراد هل كان غريبا للبشر أن أنزلنا الوحى إلى إنسان منهم أن أبلغ الخلق؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس جعلوا بعث الرسول من وسطهم يبلغ لهم الوحى أمر غريب لا يصدق ،وطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم والمراد أن يخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم مقعد عدل لدى ربهم مصداق لقوله بسورة القمر"إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر"وهو الجنة ويبين لنا أن الكافرون وهم المكذبون بالحق قالوا إن هذا لساحر مبين والمراد لماكر كبير وهذا إتهام له بممارسة السحر والخطاب للمؤمنين
"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون "المعنى إن إلهكم الله الذى فطر السموات والأرض فى ستة أيام ثم أوحى إلى الملك يحفظ الحكم ما من متكلم إلا من بعد أمره ذلكم الله إلهكم فأطيعوه أفلا تعقلون ؟،يبين الله للناس أن ربهم وهو إلههم أى خالقهم هو الله الذى خلق أى أنشأ والمراد "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وقد خلقهم فى ستة أيام والمراد ستة آلاف عام بحساب البشر مصداق لقوله بسورة الحج"وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون "ويبين لنا أنه استوى على العرش والمراد أن الله أوحى إلى الكون عند خلقه للسموات والأرض أنه ملك المخلوقات كلها والله يدبر الأمر والمراد يحفظ الحكم أى يصون الكون بأحكامه التى يصدرها ويبين أن ما من شفيع إلا من بعد إذنه والمراد ما من متكلم إلا من بعد أمره له بالكلام فى القيامة مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "ويبين أن ذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم فاعبدوه أى فأطيعوا حكمه مصداق لقوله بسورة النساء"وأطيعوا الله"ويسأل أفلا تذكرون أى "أفلا تعقلون "كما قال بسورة يس والغرض من السؤال هو أن يفهموا الوحى عن طريق طاعتهم له والخطاب للناس وما بعده وما بعده.
"إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "المعنى إليه عودتكم كلكم خبر الله صدقا إنه ينشىء المخلوقات ثم يبعثها ليثيب الذين صدقوا وفعلوا النافعات بالعدل والذين كذبوا لهم سائل من غساق وعقاب مهين بما كانوا يكذبون ،يبين الله للناس أن إليه مرجعهم جميعا والمراد إن إلى جزاء الله عودة الكل وهو وعد حق من الله والمراد وهو خبر صادق أى متحقق من عند الله ،ويبين لهم أنه يبدؤ الخلق ثم يعيده والمراد أنه ينشىء النشأة الأولى ثم يبعثه النشأة الأخرة والسبب أن يجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والمراد أن يثيب الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات بالحسنى مصداق لقوله بسورة النجم"ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى" وهو ما قاله لهم وهو الجنة والذين كفروا أى كذبوا بحكم الله لهم شراب من حميم أى سائل يسقونه من غساق وعذاب أليم أى "عذاب شديد "كما قال بسورة آل عمران والمراد عقاب مستمر والسبب ما كانوا يكفرون أى "ما كانوا يكذبون "كما قال بسورة البقرة .
"هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون"المعنى هو الذى خلق الشمس ضوء والقمر هاديا وحدده درجات لتعرفوا عدد السنوات والتقدير ما أنشأ الله ذلك إلا للعدل يبين الأحكام لقوم يفهمون،يبين الله للناس أنه هو الذى جعل الشمس ضياء والمراد الذى خلق الشمس منيرة لتنير نهار الأرض أى سراجا مصداق لقوله بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا"وخلق القمر نورا أى هاديا فى الظلمات وقدره منازل والمراد وجعله أشكال متعددة والسبب أن تعلموا عدد السنين والحساب والمراد أن تعرفوا عدد الأعوام والتقدير الذى يسمى حساب الأعداد ويبين لهم أنه ما خلق ذلك إلا بالحق والمراد ما أنشأ ما سبق إلا للعدل والمراد أن تطبق المخلوقات العدل فى الكون ويبين أنه يفصل الآيات لقوم يعلمون والمراد يبين حدود الله لقوم يوقنون أى يطيعون الحق مصداق لقوله بسورة البقرة "وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون "وقوله "لقوم يوقنون".
"إن فى اختلاف الليل والنهار وما خلق الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون" المعنى إن فى تقلب الليل والنهار والذى أنشأ الله فى السموات والأرض لعلامات لقوم يطيعون ،يبين الله للناس أن فى اختلاف وهو تغير أى تقلب الليل والنهار مصداق لقوله بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار"وما خلق وهو الذى أنشأ الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون والمراد لعلامات"لقوم يعقلون"كما قال بسورة الروم وهذا يعنى أن فى هذه المخلوقات دلائل على قدرة الله والخطاب للناس .
"إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "المعنى إن الذين لا يريدون جزاءنا وقبلوا المعيشة الأولى أى ركنوا لها والذين هم عن أحكامنا ساهون أولئك مقامهم جهنم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن الذين لا يرجون لقاء الله أى لا يريدون مقابلة الله والمراد الذين يكذبون اليوم الآخر مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله"وهم الذين رضوا بالحياة الدنيا وهم الذين قبلوا متاع المعيشة الأولى وتركوا متاع الآخرة وفسر هذا بأنهم اطمأنوا بها والمراد ركنوا للتمتع بمتاع الدنيا وفسرهم الله بأنهم الذين هم عن آيات الله غافلون والمراد الذين هم عن أحكام الله معرضون مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين "أى مخالفين لأحكام الله ويبين لنا أن مأواهم النار أى "مأواهم جهنم"كما قال بسورة آل عمران والمراد مقامهم هو الجحيم والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون"والخطاب وما بعده للناس.
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجرى من تحتهم الأنهار فى جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم إن الحمد لله رب العالمين"المعنى إن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات يدخلهم إلههم بتصديقهم تسير من أسفلها العيون فى حدائق المتاع قولهم فيها الطاعة لحكمك وتحيتهم فيها خير وآخر قولهم أن الطاعة لله إله الكل،يبين الله لنا أن الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات فى الدنيا يهديهم ربهم بإيمانهم والمراد يثيبهم خالقهم بإسلامهم جنات النعيم وهى حدائق المتاع التى تجرى من تحتهم فيها الأنهار والمراد التى تسير فى أسفل أرضهم العيون ذات الأشربة اللذيذة ودعواهم وهو قولهم فى الجنة سبحانك اللهم والمراد الطاعة لحكمك وحدك يا رب وتحيتهم وهو قولهم لبعض سلام أى الخير لكم وآخر دعواهم والمراد ونهاية هذا الكلام هو أن الحمد لله رب العالمين والمراد أن الطاعة لحكم إله الجميع وهو الله .
"ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون"المعنى ولو يسرع الله للبشر الأذى اسراعهم للنفع لأنهى لهم موعدهم فنترك الذين لا يريدون مقابلتنا فى ظلمهم يسيرون ،يبين الله لنا أنه لو يعجل الله للناس الشر والمراد لو يسرع بضرر للخلق قدر استعجالهم بالخير أى قدر سرعة طلبهم لمجىء النفع لحدث التالى قضى إليهم أجلهم والمراد أنهى لهم موعدهم أى أنزل لهم عقابه المدمر لهم ،ويبين لنا أنه يذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون والمراد يترك الذين لا يصدقون بجزاء الله فى كفرهم يستمرون وهذا يعنى أنه لا يمنعهم عن كفرهم والخطاب وما بعده للنبى (ص).
"وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون "المعنى وإذا أصاب الإنسان الأذى نادانا لمرقده أو جالسا أو واقفا فلما أزلنا عنه أذاه عاش كأن لم ينادينا لأذى أصابه كذلك حسن للكافرين الذى كانوا يفعلون،يبين الله لنا أن الإنسان إذا مسه الضر والمراد إذا نزل عليه الأذى فعل التالى دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما والمراد نادانا وهو راقد على جانبه أو وهو جالس أو وهو واقف ثابت أو سائر طالبا إزالة الضرر فلما كشفنا عنه ضره والمراد فلما أبعدنا عنه الأذى مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه والمراد عاش حياته كأنه لم ينادينا إلى أذى أصابه من قبل وهذا يعنى أنه ينسى الله ولا يتذكره إلا وقت حاجته له ويبين لنا أنه كذلك أى بطريقة الإنعام زين للمسرفين ما كانوا يعملون والمراد حسن للكافرين ما كانوا يمكرون أى يفعلون مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا ما كانوا يمكرون".
"ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين "المعنى ولقد دمرنا الأقوام من قبلكم لما كفروا وأتتهم أنبياءهم بالآيات وما كانوا ليصدقوا هكذا نعاقب الناس الكافرين،يبين الله للناس أنه أهلك القرون من قبلهم لما ظلموا والمراد أنه دمر الأقوام التى سبقتهم لما كفروا أى أذنبوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "ويبين أنهم جاءتهم رسلهم بالبينات والمراد أتتهم الأنبياء(ص)بالكتاب وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "أتتهم رسلهم بالبينات"وقوله بسورة فاطر"جاءتهم رسلهم بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين لنا أنهم ما كانوا ليؤمنوا والمراد ما كانوا ليصدقوا بحكم الله الذى كفروا به وكذلك أى بالهلاك يجزى الله القوم المجرمين والمراد يعاقب الله الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة يوسف"كذلك نجزى الظالمين"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون"المعنى ثم عيناكم ملاكا للبلاد من بعد وفاتهم لنعلم كيف تفعلون ،يبين الله للناس أنه جعلهم خلائف فى الأرض من بعدهم والمراد خلقهم ملاك لما فى البلاد من بعد هلاك الأقوام والسبب أن ننظر كيف تعملون والمراد أن نعرف كيف تتصرفون فى البلاد وهو ما أتاكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم جعلناكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم".
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحة قال الذين لا يريدون رحمتنا هات وحى سوى هذا أى غيره، يبين الله للمؤمنين أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تقرأ على مسامعهم أحكام القرآن واضحات قال الذين لا يرجون لقاءنا وهم "الذين لا يؤمنون بالآخرة "كما قال بسورة الأنعام والمراد الذين لا يريدون جنة الله فى الآخرة:ائت بقرآن غير هذا والمراد هات وحى غير ما تقول أى بدله والمراد غيره بكلام آخر وهذا يعنى أنهم يطلبون منه أن يفترى على الله غيره مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره "والخطاب للمؤمنين.
"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم "المعنى قل ما يحق لى أن أغيره من عند نفسى إن أطيع إلا الذى يلقى إلى إنى أخشى إن خالفت إلهى عقاب يوم كبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى والمراد لا يحق لى أن أغير القرآن من عند نفسى وهذا يعنى أن الله لم يبح له قول حكم من عنده والسبب إن أتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى إلى وهذا يعنى أنه يطيع الحكم المنزل من عند الله له وليس فيه ما يبيح له تأليف الأحكام من نفسه ،إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم أى إنى أخشى إن خالفت أمر إلهى عقاب يوم كبير وهذا يعنى أنه يمتنع عن تأليف أحكام من عند نفسه لأن هذه مخالفة لحكم الله تستوجب دخوله النار مصداق لقوله بسورة هود"فإنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير"والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.
"قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون "المعنى قل لو أراد الله ما أبلغته لكم ولا عرفكم به فقد أمضيت معكم سنينا من قبله أفلا تفهمون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار لو شاء الله ما تلوته عليكم والمراد لو أراد الله ما أبلغت القرآن لكم أى ولا أدراكم به والمراد ولا عرفكم به عن طريقى وهذا يعنى أن الله أراد إبلاغهم القرآن ،وقال فقد لبثت فيكم عمرا من قبله والمراد فقد عشت معكم سنينا من قبل نزوله أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون"كما قال بسورة يونس والمراد هل لا تفهمون معنى كلامى معكم وهذا يعنى أن عليهم أن يفهموا أن القرآن من عند الله لأنه عاش معهم سنوات قبل نزول القرآن ومع هذا لم يقله أو يعلموا أن أحد علمه شىء مثل القرآن والخطاب للنبى(ص)ومنه لكفار بلدته .
"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون"المعنى فمن أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا أو كفر بأحكامه إنه لا يفوز الكافرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الأظلم وهو الكافر هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله باطلا أى نسب إلى دين الله أحكام لم يقلها الله وهو الذى كذب بآياته أى كفر بأحكام الله والمراد الذى كفر بالصدق مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه "ويبين لنا أنه لا يفلح المجرمون والمراد أنه لا يفوز الكافرون برحمة الله مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون"والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومن أول قل منه للكفار.
"ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بالذى لا يعلم فى السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يؤذيهم ولا يفيدهم ويقولون هؤلاء أنصارنا لدى الله قل أتخبرون الله بالذى لا يعرف فى السموات والأرض طاعته وعلوه عما يطيعون ،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم والمراد يدعون من غير الله عباد أمثالهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم"وهم لا يضرونهم أى لا يؤذونهم بشىء ولا ينفعونهم والمراد لا يرزقونهم مصداق لقوله بسورة النحل"ما لا يملك لكم رزقا "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله والمراد هؤلاء أنصارنا لدى الله وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن الآلهة المزعومة تنصرهم عند الله فى الآخرة ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أتنبئون الله أى هل تخبرون الله بالذى لا يعلم أى لا يعرف فى السموات ولا فى الأرض ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الآلهة المزعومة ليس لها وجود حقيقى وإلا عرفها الله لأنه يعرف كل شىء فى السموات والأرض،ويبين لنا أن سبحانه أى الطاعة لحكم الله قد تعالى عما يشركون أى علا على الذين يعبدون والمراد أنه أحسن من الذى يطيعون.
"وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون"المعنى وما كان البشر إلا جماعة متحدة فتنازعوا ولولا حكم مضى من إلهك لفصل بينهم فى الذى فيه يتنازعون، يبين الله لنبيه(ص)أن الناس وهم البشر كانوا أمة واحدة والمراد جماعة متحدة الدين فاختلفوا والمراد فتفرقوا فى الدين فنتج عن هذا عدة أمم كل واحدة لها دين مختلف ويبين له أنه لولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم والمراد لولا الحكم الذى صدر من الله من قبل وهو أن يتم الفصل فى الخلاف بين الناس فى الآخرة وفيه قال بسورة هود"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين"ولولا هذا الحكم لقضى بينهم أى لفصل الله بينهم فى الدنيا فيما هم فيه يختلفون أى يتنازعون أى يكذبون بدين الحق حيث يهلك الكفار ويعذبهم .
سميت السورة بهذا الإسم لذكر اسم يونس (ص)فيها بقوله "فنفعها إيمانها إلا قوم يونس".
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تلك آيات الكتاب الحكيم "المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل هو أحكام الوحى المبين ،يبين الله لنا أن باسمه أى بحكم الله الرحمن الرحيم أى النافع المفيد قد حكم أن الر تلك آيات الكتاب الحكيم والمراد أن العدل هو أحكام الوحى وهو القرآن وبيانه المبين مصداق لقوله بسورة يوسف"تلك آيات الكتاب المبين" والخطاب للناس
"أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون إن هذا لساحر مبين"المعنى هل كان غريبا أن ألقينا إلى ذكر منهم أن أبلغ الخلق وأخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم ثواب عدل لدى خالقهم قال المكذبون إن هذا مخادع عظيم ،يسأل الله أكان عجبا للناس أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس والمراد هل كان غريبا للبشر أن أنزلنا الوحى إلى إنسان منهم أن أبلغ الخلق؟والغرض من السؤال إخبارنا أن الناس جعلوا بعث الرسول من وسطهم يبلغ لهم الوحى أمر غريب لا يصدق ،وطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم والمراد أن يخبر الذين صدقوا الوحى أن لهم مقعد عدل لدى ربهم مصداق لقوله بسورة القمر"إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر"وهو الجنة ويبين لنا أن الكافرون وهم المكذبون بالحق قالوا إن هذا لساحر مبين والمراد لماكر كبير وهذا إتهام له بممارسة السحر والخطاب للمؤمنين
"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون "المعنى إن إلهكم الله الذى فطر السموات والأرض فى ستة أيام ثم أوحى إلى الملك يحفظ الحكم ما من متكلم إلا من بعد أمره ذلكم الله إلهكم فأطيعوه أفلا تعقلون ؟،يبين الله للناس أن ربهم وهو إلههم أى خالقهم هو الله الذى خلق أى أنشأ والمراد "فطر السموات والأرض "كما قال بسورة الأنعام وقد خلقهم فى ستة أيام والمراد ستة آلاف عام بحساب البشر مصداق لقوله بسورة الحج"وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون "ويبين لنا أنه استوى على العرش والمراد أن الله أوحى إلى الكون عند خلقه للسموات والأرض أنه ملك المخلوقات كلها والله يدبر الأمر والمراد يحفظ الحكم أى يصون الكون بأحكامه التى يصدرها ويبين أن ما من شفيع إلا من بعد إذنه والمراد ما من متكلم إلا من بعد أمره له بالكلام فى القيامة مصداق لقوله بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "ويبين أن ذلكم وهو فاعل كل ما سبق هو الله ربهم أى إلههم فاعبدوه أى فأطيعوا حكمه مصداق لقوله بسورة النساء"وأطيعوا الله"ويسأل أفلا تذكرون أى "أفلا تعقلون "كما قال بسورة يس والغرض من السؤال هو أن يفهموا الوحى عن طريق طاعتهم له والخطاب للناس وما بعده وما بعده.
"إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده ليجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون "المعنى إليه عودتكم كلكم خبر الله صدقا إنه ينشىء المخلوقات ثم يبعثها ليثيب الذين صدقوا وفعلوا النافعات بالعدل والذين كذبوا لهم سائل من غساق وعقاب مهين بما كانوا يكذبون ،يبين الله للناس أن إليه مرجعهم جميعا والمراد إن إلى جزاء الله عودة الكل وهو وعد حق من الله والمراد وهو خبر صادق أى متحقق من عند الله ،ويبين لهم أنه يبدؤ الخلق ثم يعيده والمراد أنه ينشىء النشأة الأولى ثم يبعثه النشأة الأخرة والسبب أن يجزى الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والمراد أن يثيب الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات بالحسنى مصداق لقوله بسورة النجم"ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى" وهو ما قاله لهم وهو الجنة والذين كفروا أى كذبوا بحكم الله لهم شراب من حميم أى سائل يسقونه من غساق وعذاب أليم أى "عذاب شديد "كما قال بسورة آل عمران والمراد عقاب مستمر والسبب ما كانوا يكفرون أى "ما كانوا يكذبون "كما قال بسورة البقرة .
"هو الذى جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون"المعنى هو الذى خلق الشمس ضوء والقمر هاديا وحدده درجات لتعرفوا عدد السنوات والتقدير ما أنشأ الله ذلك إلا للعدل يبين الأحكام لقوم يفهمون،يبين الله للناس أنه هو الذى جعل الشمس ضياء والمراد الذى خلق الشمس منيرة لتنير نهار الأرض أى سراجا مصداق لقوله بسورة نوح"وجعل الشمس سراجا"وخلق القمر نورا أى هاديا فى الظلمات وقدره منازل والمراد وجعله أشكال متعددة والسبب أن تعلموا عدد السنين والحساب والمراد أن تعرفوا عدد الأعوام والتقدير الذى يسمى حساب الأعداد ويبين لهم أنه ما خلق ذلك إلا بالحق والمراد ما أنشأ ما سبق إلا للعدل والمراد أن تطبق المخلوقات العدل فى الكون ويبين أنه يفصل الآيات لقوم يعلمون والمراد يبين حدود الله لقوم يوقنون أى يطيعون الحق مصداق لقوله بسورة البقرة "وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون "وقوله "لقوم يوقنون".
"إن فى اختلاف الليل والنهار وما خلق الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون" المعنى إن فى تقلب الليل والنهار والذى أنشأ الله فى السموات والأرض لعلامات لقوم يطيعون ،يبين الله للناس أن فى اختلاف وهو تغير أى تقلب الليل والنهار مصداق لقوله بسورة النور"يقلب الله الليل والنهار"وما خلق وهو الذى أنشأ الله فى السموات والأرض لآيات لقوم يتقون والمراد لعلامات"لقوم يعقلون"كما قال بسورة الروم وهذا يعنى أن فى هذه المخلوقات دلائل على قدرة الله والخطاب للناس .
"إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون "المعنى إن الذين لا يريدون جزاءنا وقبلوا المعيشة الأولى أى ركنوا لها والذين هم عن أحكامنا ساهون أولئك مقامهم جهنم بالذى كانوا يعملون ،يبين الله لنا أن الذين لا يرجون لقاء الله أى لا يريدون مقابلة الله والمراد الذين يكذبون اليوم الآخر مصداق لقوله بسورة الأنعام"قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله"وهم الذين رضوا بالحياة الدنيا وهم الذين قبلوا متاع المعيشة الأولى وتركوا متاع الآخرة وفسر هذا بأنهم اطمأنوا بها والمراد ركنوا للتمتع بمتاع الدنيا وفسرهم الله بأنهم الذين هم عن آيات الله غافلون والمراد الذين هم عن أحكام الله معرضون مصداق لقوله بسورة الحجر"وأتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين "أى مخالفين لأحكام الله ويبين لنا أن مأواهم النار أى "مأواهم جهنم"كما قال بسورة آل عمران والمراد مقامهم هو الجحيم والسبب ما كانوا يكسبون أى يعملون أى يكفرون مصداق لقوله بسورة يونس"بما كانوا يكفرون"والخطاب وما بعده للناس.
"إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجرى من تحتهم الأنهار فى جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم إن الحمد لله رب العالمين"المعنى إن الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات يدخلهم إلههم بتصديقهم تسير من أسفلها العيون فى حدائق المتاع قولهم فيها الطاعة لحكمك وتحيتهم فيها خير وآخر قولهم أن الطاعة لله إله الكل،يبين الله لنا أن الذين آمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات والمراد وفعلوا الحسنات فى الدنيا يهديهم ربهم بإيمانهم والمراد يثيبهم خالقهم بإسلامهم جنات النعيم وهى حدائق المتاع التى تجرى من تحتهم فيها الأنهار والمراد التى تسير فى أسفل أرضهم العيون ذات الأشربة اللذيذة ودعواهم وهو قولهم فى الجنة سبحانك اللهم والمراد الطاعة لحكمك وحدك يا رب وتحيتهم وهو قولهم لبعض سلام أى الخير لكم وآخر دعواهم والمراد ونهاية هذا الكلام هو أن الحمد لله رب العالمين والمراد أن الطاعة لحكم إله الجميع وهو الله .
"ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون"المعنى ولو يسرع الله للبشر الأذى اسراعهم للنفع لأنهى لهم موعدهم فنترك الذين لا يريدون مقابلتنا فى ظلمهم يسيرون ،يبين الله لنا أنه لو يعجل الله للناس الشر والمراد لو يسرع بضرر للخلق قدر استعجالهم بالخير أى قدر سرعة طلبهم لمجىء النفع لحدث التالى قضى إليهم أجلهم والمراد أنهى لهم موعدهم أى أنزل لهم عقابه المدمر لهم ،ويبين لنا أنه يذر الذين لا يرجون لقاءنا فى طغيانهم يعمهون والمراد يترك الذين لا يصدقون بجزاء الله فى كفرهم يستمرون وهذا يعنى أنه لا يمنعهم عن كفرهم والخطاب وما بعده للنبى (ص).
"وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون "المعنى وإذا أصاب الإنسان الأذى نادانا لمرقده أو جالسا أو واقفا فلما أزلنا عنه أذاه عاش كأن لم ينادينا لأذى أصابه كذلك حسن للكافرين الذى كانوا يفعلون،يبين الله لنا أن الإنسان إذا مسه الضر والمراد إذا نزل عليه الأذى فعل التالى دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما والمراد نادانا وهو راقد على جانبه أو وهو جالس أو وهو واقف ثابت أو سائر طالبا إزالة الضرر فلما كشفنا عنه ضره والمراد فلما أبعدنا عنه الأذى مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه والمراد عاش حياته كأنه لم ينادينا إلى أذى أصابه من قبل وهذا يعنى أنه ينسى الله ولا يتذكره إلا وقت حاجته له ويبين لنا أنه كذلك أى بطريقة الإنعام زين للمسرفين ما كانوا يعملون والمراد حسن للكافرين ما كانوا يمكرون أى يفعلون مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا ما كانوا يمكرون".
"ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزى القوم المجرمين "المعنى ولقد دمرنا الأقوام من قبلكم لما كفروا وأتتهم أنبياءهم بالآيات وما كانوا ليصدقوا هكذا نعاقب الناس الكافرين،يبين الله للناس أنه أهلك القرون من قبلهم لما ظلموا والمراد أنه دمر الأقوام التى سبقتهم لما كفروا أى أذنبوا مصداق لقوله بسورة الأنفال"فأهلكناهم بذنوبهم "ويبين أنهم جاءتهم رسلهم بالبينات والمراد أتتهم الأنبياء(ص)بالكتاب وهو حكم الله مصداق لقوله بسورة التوبة "أتتهم رسلهم بالبينات"وقوله بسورة فاطر"جاءتهم رسلهم بالبينات والزبر والكتاب المنير"ويبين لنا أنهم ما كانوا ليؤمنوا والمراد ما كانوا ليصدقوا بحكم الله الذى كفروا به وكذلك أى بالهلاك يجزى الله القوم المجرمين والمراد يعاقب الله الناس الظالمين مصداق لقوله بسورة يوسف"كذلك نجزى الظالمين"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ثم جعلناكم خلائف فى الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون"المعنى ثم عيناكم ملاكا للبلاد من بعد وفاتهم لنعلم كيف تفعلون ،يبين الله للناس أنه جعلهم خلائف فى الأرض من بعدهم والمراد خلقهم ملاك لما فى البلاد من بعد هلاك الأقوام والسبب أن ننظر كيف تعملون والمراد أن نعرف كيف تتصرفون فى البلاد وهو ما أتاكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"ثم جعلناكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم".
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله "المعنى وإذا تبلغ لهم أحكامنا واضحة قال الذين لا يريدون رحمتنا هات وحى سوى هذا أى غيره، يبين الله للمؤمنين أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تقرأ على مسامعهم أحكام القرآن واضحات قال الذين لا يرجون لقاءنا وهم "الذين لا يؤمنون بالآخرة "كما قال بسورة الأنعام والمراد الذين لا يريدون جنة الله فى الآخرة:ائت بقرآن غير هذا والمراد هات وحى غير ما تقول أى بدله والمراد غيره بكلام آخر وهذا يعنى أنهم يطلبون منه أن يفترى على الله غيره مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره "والخطاب للمؤمنين.
"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم "المعنى قل ما يحق لى أن أغيره من عند نفسى إن أطيع إلا الذى يلقى إلى إنى أخشى إن خالفت إلهى عقاب يوم كبير ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى والمراد لا يحق لى أن أغير القرآن من عند نفسى وهذا يعنى أن الله لم يبح له قول حكم من عنده والسبب إن أتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى إلى وهذا يعنى أنه يطيع الحكم المنزل من عند الله له وليس فيه ما يبيح له تأليف الأحكام من نفسه ،إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم أى إنى أخشى إن خالفت أمر إلهى عقاب يوم كبير وهذا يعنى أنه يمتنع عن تأليف أحكام من عند نفسه لأن هذه مخالفة لحكم الله تستوجب دخوله النار مصداق لقوله بسورة هود"فإنى أخاف عليكم عذاب يوم كبير"والخطاب للنبى(ص) ومنه للكفار.
"قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون "المعنى قل لو أراد الله ما أبلغته لكم ولا عرفكم به فقد أمضيت معكم سنينا من قبله أفلا تفهمون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار لو شاء الله ما تلوته عليكم والمراد لو أراد الله ما أبلغت القرآن لكم أى ولا أدراكم به والمراد ولا عرفكم به عن طريقى وهذا يعنى أن الله أراد إبلاغهم القرآن ،وقال فقد لبثت فيكم عمرا من قبله والمراد فقد عشت معكم سنينا من قبل نزوله أفلا تعقلون أى "أفلا تذكرون"كما قال بسورة يونس والمراد هل لا تفهمون معنى كلامى معكم وهذا يعنى أن عليهم أن يفهموا أن القرآن من عند الله لأنه عاش معهم سنوات قبل نزول القرآن ومع هذا لم يقله أو يعلموا أن أحد علمه شىء مثل القرآن والخطاب للنبى(ص)ومنه لكفار بلدته .
"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون"المعنى فمن أكفر من الذى نسب إلى الله باطلا أو كفر بأحكامه إنه لا يفوز الكافرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الأظلم وهو الكافر هو من افترى على الله كذبا والمراد الذى قال على الله باطلا أى نسب إلى دين الله أحكام لم يقلها الله وهو الذى كذب بآياته أى كفر بأحكام الله والمراد الذى كفر بالصدق مصداق لقوله بسورة الزمر"فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق إذ جاءه "ويبين لنا أنه لا يفلح المجرمون والمراد أنه لا يفوز الكافرون برحمة الله مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إنه لا يفلح الكافرون"والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص)ومن أول قل منه للكفار.
"ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبؤن الله بالذى لا يعلم فى السموات والأرض سبحانه وتعالى عما يشركون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يؤذيهم ولا يفيدهم ويقولون هؤلاء أنصارنا لدى الله قل أتخبرون الله بالذى لا يعرف فى السموات والأرض طاعته وعلوه عما يطيعون ،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار يعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم والمراد يدعون من غير الله عباد أمثالهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم"وهم لا يضرونهم أى لا يؤذونهم بشىء ولا ينفعونهم والمراد لا يرزقونهم مصداق لقوله بسورة النحل"ما لا يملك لكم رزقا "ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله والمراد هؤلاء أنصارنا لدى الله وهذا يعنى أنهم يعتقدون أن الآلهة المزعومة تنصرهم عند الله فى الآخرة ،ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم أتنبئون الله أى هل تخبرون الله بالذى لا يعلم أى لا يعرف فى السموات ولا فى الأرض ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الآلهة المزعومة ليس لها وجود حقيقى وإلا عرفها الله لأنه يعرف كل شىء فى السموات والأرض،ويبين لنا أن سبحانه أى الطاعة لحكم الله قد تعالى عما يشركون أى علا على الذين يعبدون والمراد أنه أحسن من الذى يطيعون.
"وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون"المعنى وما كان البشر إلا جماعة متحدة فتنازعوا ولولا حكم مضى من إلهك لفصل بينهم فى الذى فيه يتنازعون، يبين الله لنبيه(ص)أن الناس وهم البشر كانوا أمة واحدة والمراد جماعة متحدة الدين فاختلفوا والمراد فتفرقوا فى الدين فنتج عن هذا عدة أمم كل واحدة لها دين مختلف ويبين له أنه لولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم والمراد لولا الحكم الذى صدر من الله من قبل وهو أن يتم الفصل فى الخلاف بين الناس فى الآخرة وفيه قال بسورة هود"ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين"ولولا هذا الحكم لقضى بينهم أى لفصل الله بينهم فى الدنيا فيما هم فيه يختلفون أى يتنازعون أى يكذبون بدين الحق حيث يهلك الكفار ويعذبهم .