البدل فى القرآن
ماهية البدل :
البدل هو تغيير شىء بشىء أخر
الله لا يبدل القول لديه :
ما يبدل القول لدى والمراد ما يغير الحكم عندى وهذا يعنى أن حكم عذاب الكافر والقرين معا لن يتغير مهما قالوا ،وما أنا بظلام للعبيد والمراد وما أنا بمنقص حق الخلق وفى هذا قال تعالى بسورة ق :
"ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد"
لا مبدل لكلمات الله :
يبين الله لنبيه(ص)أن كلمة ربه وهى حكمة إلهه أى دين ربه قد كمل وهو دين صدق أى عدل أى قسط لا ظلم فيه ،ويبين له أن لا مبدل لكلماته والمراد لا مغير لأحكام الله أى لا مهلك للوحى لأنه محفوظ فى الكعبة للعودة له عند الخلاف مصداق لقوله بسورة الحجر"إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته"
لا تبديل لكلمات الله :
بين الله أن لا مبدل لكلماته أى لا مغير أى لا محول لسننه وهى أحكامه مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تحويلا" وفى هذا قال تعالى بسورة الأنعام :
"واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته"
الكفار يطلبون من النبى(ص) تبديل وحى الله :
بين الله للمؤمنين أن الكفار إذا تتلى عليهم آيات الله بينات والمراد إذا تقرأ على مسامعهم أحكام القرآن واضحات قال الذين لا يرجون لقاءنا والمراد الذين لا يريدون جنة الله فى الآخرة:ائت بقرآن غير هذا والمراد هات وحى غير ما تقول أى بدله والمراد غيره بكلام آخر وهذا يعنى أنهم يطلبون منه أن يفترى على الله غيره مصداق لقوله بسورة الإسراء"وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره" وفى هذا قال تعالى بسورة يونس :
"وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله"
النبى (ص) لا يستطيع تبديل الوحى :
طلب الله من نبيه (ص)أن يقول للكفار :ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى والمراد لا يحق لى أن أغير القرآن من عند نفسى وهذا يعنى أن الله لم يبح له قول حكم من عنده والسبب إن أتبع إلا ما يوحى إلى والمراد إن أطيع إلا الذى يلقى إلى وهذا يعنى أنه يطيع الحكم المنزل من عند الله له وليس فيه ما يبيح له تأليف الأحكام من نفسه ،إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم أى إنى أخشى إن خالفت أمر إلهى عقاب يوم كبير وهذا يعنى أنه يمتنع عن تأليف أحكام من عند نفسه لأن هذه مخالفة لحكم الله تستوجب دخوله النار وفى هذا قال تعالى بسورة يونس :
"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى"
الكفار يريدون تبديل كلام الله :
بين الله لنبيه (ص)والمؤمنين أن المخلفين وهم القاعدين عن الجهاد سيقولون لهم :إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها والمراد إذا سافرتم أى خرجتم إلى أموال لتملكوها ذرونا نتبعكم والمراد دعونا نذهب معكم لنملك بعضا منها وهذا يعنى أنهم يريدون جمع المال من الخروج مع المؤمنين وليس نصر دين الله ،وهم بقولهم هذا يريدون أن يبدلوا كلام الله والمراد يحبون أن يغيروا أى يظهروا كذب حكم الله بعدم خروجهم مع المؤمنين ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم لن تتبعونا أى لن تخرجوا معنا أبدا كذلكم قال الله من قبل والمراد هكذا حكم الله فى الوحى من قبل وفى هذا قال تعالى بسورة الفتح :
"سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله"

جزاء مبدل نعمة الله :
بين الله أن من يبدل نعمة الله والمراد من يترك حكم الله إلى الكفر بعد الذى جاءه أى أتاه من الوحى فإن الله يعاقبه أشد العقاب لأنه شديد العقاب أى عظيم العذاب وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
"ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب"
لا تبديل لكلمات الله :
بين الله أن أولياء الله وهم أنصار دين الله هم الذين آمنوا أى صدقوا بدينه وكانوا يتقون أى يطيعون دينه وهم لا خوف عليهم والمراد لا عقاب عليهم من الله وفسر هذا بأنهم لا يحزنون والمراد أنهم لا يعاقبون وهم لهم البشرى وهى الرحمة وهى النصر فى الحياة الدنيا وهى المعيشة الأولى وهو حكم البلاد بدين الله وفى الآخرة وهى القيامة وهو الجنة ،ويبين لنا أنه لا تبديل لكلمات الله والمراد لا تغيير لأحكام الله وهذا يعنى أن ما حكم به الله لا يتغير مهما حدث ويبين لنا أن ذلك وهو البشرى هو الفوز العظيم أى النصر الكبير مصداق لقوله بسورة البروج"ذلك الفوز الكبير" وفى هذا قال تعالى بسورة يونس :
"ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى فى الحياة الدنيا وفى الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم"
تبديل خوف المؤمنين أمن :
بين الله للناس أنه وعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات والمراد أخبر الذين صدقوا حكم الله منهم وفعلوا الحسنات وهى الطاعات لحكمه ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم أى ليمكننهم فى البلاد كما مكن الذين سبقوهم والمراد يحكمهم فى البلاد بحكمه وفسر هذا بأنه يمكن لهم دينهم الذى ارتضى والمراد يحكم لهم إسلامهم الذى قبل لهم فى الأرض وفسر هذا بأنهم يبدلنهم من بعد خوفهم أمنا والمراد يعطى لهم من بعد خشيتهم أذى الناس وهو ضعفهم طمأنينة وهى القوة التى يحكمون بها الأرض وهم يعبدوننى أى يطيعون حكم الله ولا يشركون بى شيئا والمراد ولا يطيعون مع دينى دينا أخر ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون والمراد ومن عصى حكمى من بعد إسلامه فأولئك هم الكافرون المعذبون وفى هذا قال تعالى بسورة النور :
""وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدوننى لا يشركون بى شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون"
استبدال الكفار بالمسلمين :
خاطب الله الذين أمنوا فقال إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما والمراد إلا تخرجوا للجهاد يعاقبكم عقابا شديدا فى الدنيا والآخرة وهذا تحذير لهم من عذاب الله فى حالة امتناعهم عن الجهاد ،ويستبدل قوما غيركم والمراد ويستخلف ناسا سواكم مصداق لقوله بسورة هود"ويستخلف ربى قوما غيركم" أى يأتى بخلق آخرين ولا تضروه شيئا أى ولا تؤذونه بأذى وهذا يعنى أن عصيانهم أمر الله لا يؤذيه بشىء وفى هذا قال تعالى بسورة التوبة :
" إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا"
المستبدلون ليس كالهالكين بسبب كفرهم :
خاطب الله المؤمنين فيقول :ها أنتم هؤلاء تدعون أى تنادون لتنفقوا فى سبيل الله أى لتعطوا أموالكم لنصر دين الله فمنكم من يبخل أى يمنع المال عن الجهاد ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه والمراد ومن يمنع المال فإنما يعاقب نفسه بمنعه بالنار والله الغنى أى صاحب الرزق وأنتم الفقراء أى المحتاجون إلى رزق الله وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم والمراد وإن تكفروا يخلق ناسا سواكم ثم لا يكونوا أمثالكم أى ثم لا يصبحوا كفار أشباهكم وفى هذا قال تعالى بسورة محمد :
" ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا فى سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم"
تبديل بنو إسرائيل كلام الله
بين الله أن الذين ظلموا أى كفروا بحكم الله بدلوا قولا غير الذى قيل لهم والمراد قالوا كلاما غير الذى طالبهم الله به وهو حطة فقالوا كما عند البعض والله أعلم بصحتها حبة فى حنطة فكانت النتيجة أرسلنا عليهم رجز من السماء والمراد بعثنا عليهم عقاب من السحاب أهلكهم بما كانوا يظلمون وفى هذا قال تعالى بسورة الأعراف :
""فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون"
استبدال الأدنى بالخير :
طلب بنو إسرائيل من موسى (ص)أن يدعو ربه لهم وليس ربهم لأنهم لم يقولوا إلهنا فلو كان إلههم فى أنفسهم لدعوه هم والمطلوب من رب موسى (ص)أن يعطيهم من نبات الأرض وهى الأرض الزراعية البقل وهو أنواع البقول والقثاء وهو كل ثمرة لها جلد بداخله لب يؤكل والفوم وهو الفاكهة والعدس وهو رمز فصيلة الحبوب والبصل وهو كل نبات له ثمرة لها ورقات متراكبة ،وقوله "قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير "يعنى قال موسى (ص)هل تتركون الذى لا تتعبون فى زراعته وتطلبون الحسن الذى تتعبون فى زراعته أو جلبه وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
""وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير"
استبدال الزوجة :
بين الله للمؤمنين أن من أراد أى قرر منهم استبدال زوج مكان زوج والمراد تغيير امرأة مكان امرأة أى من قرر منهم طلاق زوجته وتزوج امرأة أخرى وأتى إحداهن قنطارا والمراد وأعطى إحداهن مهرا ومهر الحرة قدره قنطار من الذهب لا يزيد ولا ينقص فعليه ألا يأخذ من مهر المرأة شيئا والمراد فمحرم عليه أن يضم لماله بعض من مال المطلقة أو من التى تزوجها بعضا ويبين الله لهم أن أخذ مال المهر هو بهتان أى إثم مبين والمراد جرم كبير أى ظلم عظيم وفى هذا قال تعالى بسورة النساء :
"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبين"
تبديل زوجات النبى (ص)بأخريات مسلمات :
خاطب الله المرأتين زوجتى النبى(ص) فيقول :عسى ربه إن طلقكن والمراد عسى إلهه إن سرحكن أى انفصل عنكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن والمراد أن يزوجه نساء أفضل منكن مسلمات أى مطيعات مؤمنات أى مصدقات أى قانتات أى تائبات أى عابدات أى سائحات والمراد مطيعات مصدقات لحكم الله ثيبات أى سبق لهن الزواج سواء أرامل أو مطلقات وأبكارا أى عذارى لم يسبق لهن الزواج وفى هذا قال تعالى بسورة التحريم :
" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا"
الله ليس بعاجز عن تبديل الخلق :
بين الله للناس التالى : نحن قدرنا بينكم الموت والمراد نحن أوجبنا عليكم الوفاة وما نحن بمسبوقين والمراد وما نحن بعاجزين على أن نبدل أمثالكم والمراد وما نحن بعاجزين عن أن نخلق غيركم وهذا يعنى أن الله قادر على خلق غيرهم ،وننشئكم فيما لا تعلمون والمراد ونخلقكم فى الذى لا تعرفون وفى هذا قال تعالى بسورة الواقعة :
" نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم فيما لا تعلمون"
تبديل الخلق متوقف على مشيئة الله :
يبين الله أن هؤلاء وهم الكفار يحبون العاجلة والمراد يريدون متاع الدنيا ويذرون وراءهم يوما ثقيلا والمراد ويتركون العمل لما خلفهم أى لما بعد موتهم وهو اليوم الثقيل أى المهين المذل ،ويبين له :نحن خلقناهم أى أبدعناهم وشددنا أسرهم والمراد وعظمنا ملكهم والمراد مكناهم فى الأرض وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا والمراد وإذا أردنا خلقنا أشباههم خلقا والمراد لو أحب خلق ناس يطيعون حكمه لخلقهم وفى هذا قال تعالى بسورة الإنسان :
" إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا"
تبديل النعمة بالكفر :
سأل الله رسوله(ص)ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله والمراد هل لم تعرف بالذين تركوا حكم الله وأحلوا قومهم دار البوار والمراد وأدخلوا شعبهم مكان العذاب جهنم وهى النار يصلونها أى يذوقونها وبئس القرار أى وقبح المهاد مصداق لقوله بسورة آل عمران "وبئس المهاد"والغرض من السؤال هو إخبار الرسول (ص)وكل مسلم أن الكفار تركوا طاعة نعمة أى حكم الله وعملوا بالكفر وهو الباطل فكان عقابهم هو دخولهم مع أهلهم النار حيث العذاب المستمر وفى هذا قال تعالى بسورة إبراهيم :
"ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار"
تبديل الوصية إثم :
بين الله للمؤمنين أن من يبدل كلام الوصية بعدما سمعه والمراد من يحرف كلام الوصية بعد الذى علمه من الموصى فإن الإثم وهو عقاب التحريف هو على الذين يبدلونه أى يحرفونه وهذا العقاب يشمل عقاب دنيوى هو عقاب شهادة الزور إن تم إثباتها على المحرف للوصية وعقاب آخروى وهو دخول النار وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة :
""فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم"