"قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل من ربك طغيانا وكفرا فلا تأسى على القوم الكافرين"المعنى قل يا أصحاب الوحى السابق لستم على دين الله حتى تطيعوا التوراة والإنجيل والذى أوحى لكم من إلهكم وليضيفن كثيرا منهم للذى أوحى من إلهك باطلا أى كذبا فلا تحزن على الناس المكذبين بحكم الله.
"قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأسى على القوم الكافرين"المعنى قل يا محمد (ص)يا أصحاب الوحى السابق لستم على دين الله حتى تتبعوا حكم التوراة والإنجيل والذى أوحى إليكم من إلهكم وليضيفن كثيرا منهم فى الذى أوحى إليك من إلهك باطلا أى كذبا فلا تحزن على الناس المكذبين لحكم الله،يطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لأهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق :لستم على شىء والمراد لستم على دين الله حتى تقيموا أى تطيعوا أى تحكموا التوراة والإنجيل وما أنزل أى والذى أوحى لكم من ربكم وهو إلهكم والمراد القرآن فهو يريد منهم تحكيم المنزل من عند الله تطبيقا لقوله بنفس السورة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،ويبين الله له أن كثير منهم سوف يزيدون ما أنزل إليه من ربه طغيانا أى كفرا والمراد سوف يحرفون الكلم عن مواضعه وفى هذا قال بسورة المائدة"يحرفون الكلم من بعد مواضعه"وهذا معناه أنهم سوف يضيفون لوحى الله الباطل وهو الكذب حتى يرتد الناس عنه ويطلب منه ألا يأسى على القوم الكافرين والمراد ألا يحزن على الناس الفاسقين الذين يكذبون وحى الله مصداق لقوله بسورة المائدة"لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر"وقوله "فلا تأسى على القوم الفاسقين" والخطاب للنبى (ص)حتى وليزيدن ومنه موجها لأهل الكتاب وما بعده ليس موجها لهم وهذا يعنى أنهما آيتين حذف بعض منهما .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"المعنى إن الذين صدقوا واليهود والطائعون والنصارى منهم من صدق بحكم الله ويوم القيامة وصنع حسنا فلا عقاب عليهم أى ليسوا يعاقبون،يبين الله لنبيه(ص) أن الذين أمنوا أى صدقوا برسالة محمد(ص)واليهود والصابئون وهم المتبعون للرسل(ص)الأخرين والنصارى منهم من أمن بالله والمراد صدق بوحى الله واليوم الأخر وهو يوم البعث وعمل صالحا أى وفعل حسنا أى صنع الحسنات ومن ثم لا خوف عليهم أى لا يمسهم السوء وهو العذاب مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء"وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعاقبون فى الأخرة وإنما يدخلون الجنة حيث النعيم والخطاب وما بعده موجه للنبى(ص).
"لقد أخذنا ميثاق بنى إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون"المعنى لقد فرضنا عهد أولاد يعقوب(ص)وبعثنا لهم أنبياء كلما أتاهم نبى بالذى لا تحب شهواتهم جماعة كفروا بهم وجماعة يذبحون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أخذ ميثاق والمراد فرض العهد على بنى إسرائيل وهو عبادة الله وحده وأرسل لهم رسلا والمراد وبعث لهم مبعوثين يبلغون رسالات الله فكانت النتيجة أنهم كلما جاءهم أى أتاهم رسول بما لا تهوى أنفسهم والمراد كلما أتاهم مبعوث بالذى تكره شهواتهم وهو الحق فريقا كذبوا أى جماعة من الرسل(ص)اكتفوا بالكفر بهم وجماعة يقتلون أى يذبحون بعد كفرهم بهم .
"لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بنى إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"المعنى لقد كذب الذين زعموا أن الله هو المسيح ابن مريم(ص)وقال المسيح(ص)يا أولاد يعقوب أطيعوا الله إلهى وإلهكم إنه من يكفر بالله فقد منع الله عليه دخول الحديقة ومقامه جهنم وما للكافرين من أولياء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم(ص)أى زعموا أن الإله هو المسيح(ص)قد كفروا أى كذبوا دين الله وقد قال المسيح(ص)يا بنى إسرائيل اعبدوا الله أى أطيعوا الله مصداق لقوله بسورة التغابن"أطيعوا الله"والمراد اتبعوا حكم الله ربى أى إلهى وربكم أى وإلهكم أنه من يشرك بالله أى أنه من يكفر بحكم الله فقد حرم الله عليه الجنة والمراد فقد منع الله عليه سكن الحديقة فى الأخرة ومأواه النار أى "ومأواه جهنم"مصداق لقوله بسورة الأنفال والمراد أن مكان وجوده فى الأخرة هو جهنم وما للظالمين من أنصار والمراد ليس للكافرين أولياء ينصرونهم أى ينقذونهم من عذاب الله مصداق لقوله بسورة الشورى"وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من الله"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" المعنى لقد كذب الذين قالوا إن الله هو الإله الثالث وما من رب إلا رب واحد وإن لم يمتنعوا عما يفترون ليصيبن الذين كذبوا منهم عقاب شديد أفلا ينيبون إلى الله أى يستعفونه والله عفو نافع ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قالوا:إن الله ثالث ثلاثة والمراد أن الله هو أحد الآلهة الثلاثة الله وعيسى(ص)والروح القدس وفى قول مريم(ص) بدلا من الروح القدس قد كفروا أى كذبوا فى قولهم ويبين له أن ما من إله إلا إله واحد والمراد لا يوجد سوى رب واحد هو الله ويبين له أن النصارى إن لم ينتهوا أى يمتنعوا عما أى عن الذى يقولون أى يفترون على الله فسوف يمس الذين كفروا منهم عذاب أليم ويفسره قوله بسورة الأنعام"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب "فكفروا تعنى كذبوا بآياتنا والمراد أنهم سوف يصيبهم العقاب الشديد ويسأل الله أفلا يتوبون إلى الله ويفسره قوله بسورة الصافات"أفلا تعقلون"والمراد أفلا يعقلون فيعودون إلى دين الله وفسره بأنهم يستغفرونه أى يطلبون العفو عن ذنوبهم بالرجوع إلى دين الله ويبين لهم أنه غفور أى عفو رحيم أى نافع لمن يتوب لله .
"ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الأيات ثم انظر كيف يؤفكون"المعنى ما المسيح ولد مريم(ص)إلا مبعوث قد مضت من قبله المبعوثين ووالدته مؤمنة كانا يتناولان الأكل فكر كيف نفصل لهم الأحكام ثم فكر كيف يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أن المسيح ابن أى ولد مريم(ص)ليس سوى رسول أى مبعوث من الله قد خلت من قبله الرسل والمراد قد مضت من قبله المبعوثين أى ماتوا وهو مات مثلهم فكيف يكون إلها إذا كان ميتا؟ويبين له أن المسيح(ص)وأمه وهى والدته(ص)الصديقة أى المؤمنة بحكم الله كانا يأكلان الطعام والمراد كانا يتناولان الأكل فهل من يأكل يكون إلها ؟ بالقطع لا ،ويطلب منه أن ينظر كيف يبين لهم الآيات والمراد أن يفكر كيف يوضح لهم الأحكام حتى يفهموا ويطلب منه أن ينظر كيف يؤفكون أى كيف يكفرون بها والغرض من الطلبات إخبار النبى(ص)أن القوم لن يؤمنوا لأن الأحكام واضحة مفهومة أمامهم ومع هذا لا يؤمنون بها ومن ثم لا داعى لتكرار دعوتهم والخطاب للنبى(ص).
"قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم"المعنى قل أتطيعون من غير الله الذى لا يقدر لكم على أذى أو فائدة ؟والله هو الخبير المحيط،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للنصارى:أتعبدون أى هل تتبعون من دون أى سوى الله الذى لا يملك أى لا يستطيع لكم إيذاء أو إفادة ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن المسيح(ص)ميت لا يقدر على إيذائهم ولا على رزقهم ومن ثم فهو ليس إلها حتى يعبدوه،ويبين لهم أن الله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للنصارى.
"قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل"المعنى قل يا أصحاب الوحى السابق لا تقولوا فى حكمكم سوى العدل ولا تطيعوا أحكام ناس قد كفروا من قبل وأبعدوا عديدا غيرهم عن رحمة الله،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لأهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق :لا تغلوا فى دينكم غير الحق والمراد لا تقولوا فى حكمكم سوى العدل وهذا يعنى ألا ينسبوا إلى الله الذى لم يقله فى الوحى ويقول:ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا والمراد ولا تطيعوا سبل الناس الذين قد انحرفوا عن الحق مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولا تتبعوا السبل"وهذا يعنى ألا يطيعوا أحكام أديان الناس الذين بعدوا عن الحق فى قولهم بوجود آلهة غير الله وهم قد أضلوا كثيرا أى صدوا الكثير عن دين الله مصداق لقوله تعالى بسورة الزخرف"وإنهم ليصدونهم عن السبيل" وهذا يعنى أن القوم قد أبعدوا العديد من الخلق عن دين الله بكذبهم على الله وهم قد ضلوا عن سواء السبيل والمراد قد بعدوا عن رحمة الله وهى جنته لإبتعادهم عن دين الله.
"لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون"المعنى ذم الذين كذبوا من أولاد يعقوب(ص)بكلام داود (ص)وعيسى ولد مريم(ص)ذلك بالذى خالفوا أى كانوا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا من بنى إسرائيل لعنوا أى ذموا والمراد طلب لهم من الله العقاب على لسان أى بدعاء كل من داود(ص) وعيسى ابن مريم(ص) والسبب فى الدعاء هو ما عصوا أى ما كانوا يعتدون والمراد بسبب ما خالفوا دين الله أى كانوا يظلمون مصداق لقوله بسورة الأعراف "بما كانوا يظلمون" والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون"المعنى كانوا لا يتزاجرون عن شر صنعوه فقبح الذى كانوا يصنعون،يبين الله لنبيه(ص)أن كفار بنى إسرائيل كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه والمراد كانوا لا يزجرون بعضهم البعض عن السوء الذى عملوه وهذا يعنى أنهم لا ينصحون بعضهم بالبعد عن عمل السيئات فبئس ما كانوا يفعلون أى فقبح الذى كانوا يصنعون مصداق قوله بنفس السورة"لبئس ما كانوا يصنعون".
"ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون"المعنى تعلم بعديد منهم يناصرون الذين كذبوا حكم الله فقبح ما عملت أيديهم أن غضب الله عليهم أى فى العقاب هم مقيمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يرى كثير من بنى إسرائيل يتولون الذين كفروا والمراد أنه يعرف أن العديد منهم يناصرون الذين كذبوا وحى الله على المسلمين ،وعملهم هو بئس ما قدمت لهم أنفسهم والمراد قبح الذى صنعت لهم أيديهم و هذا يعنى أن عملهم سيىء جلب عليهم سخط الله وهو عقابه أى غضبه مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم" وفسر هذا بأنهم فى العذاب وهو النار خالدون أى ماكثون أى مقيمون فيه مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيه أبدا".
"ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون"المعنى ولو كانوا يصدقون بحكم الله ونبيه(ص)أى الذى أوحى له ما جعلوا الكفار أنصار لهم ولكن عديدا منهم كافرون،يبين الله لنا أن بنى إسرائيل لو كانوا يؤمنون بالله ورسوله والمراد لو كانوا يصدقون بحكم الله وهم حكم نبيه(ص)وفسره بأنه ما أنزل لنبيه والمراد الذى أوحى لمحمد(ص) ما اتخذوهم أولياء والمراد لو كانوا يصدقون القرآن ما جعلوا الكفار أنصار لهم من دون المؤمنين وهذا معناه أن الكثير وهو العديد منهم فاسقون أى كافرون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة المائدة"ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون" والخطاب للمؤمنين.
"لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون "المعنى لتلقين أعظم الخلق كراهية للذين صدقوا اليهود والذين كفروا ولتلقين أفعلهم حبا للذين صدقوا الذين قالوا إنا نصارى بسبب أن منهم علماء أى فقهاء أى أنهم لا يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه يجد أشد الناس عدواة للذين أمنوا والمراد أنه يعلم أعظم الخلق كراهية للذين أسلموا هم اليهود والذين أشركوا أى كفروا بحكم الله ويجد أى يعلم أن أقربهم مودة للذين أمنوا والمراد أن أفعلهم حبا أى أن أعملهم لفائدة الذين صدقوا هم الذين قالوا إنا نصارى أى أنصار الله والسبب هو أن منهم قسيسين أى رهبان والمراد علماء بدين الله يؤمنون بما نزل عليك وفسر هذا بأنهم لا يستكبرون أى لا يستنكفون طاعة حكم الله المنزل عليه ومن ثم فالنصارى المحبين للمسلمين هم الذين أمنوا منهم وهم العلماء والخطاب للنبى(ص).
"وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين"المعنى وإذا علموا الذى أوحى للنبى (ص)تشهد أعينهم تنزل من الدموع من الذى علموا من العدل يقولون صدقنا فأدخلنا فى المصدقين،يبين الله لنا أن الرهبان وهم القسس أى العلماء إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول والمراد إذا علموا بالذى أوحى إلى محمد(ص)ترى أعينهم تفيض من الدمع والمراد تشاهد عيونهم تذرف الدموع والسبب ما عرفوا من الحق والمراد الذى علموا به من وحى الله وهم يقولون أمنا أى صدقنا بوحى محمد(ص)فاكتبنا مع الشاهدين أى فأدخلنا الجنة مع المقرين به ،وهذا يعنى أن النصارى المحبين للمسلمين هم الذين يعلنون إيمانهم بما نزل على محمد(ص) والخطاب حتى الرسول جزء من آية أخرى لا صلة بينه وبين ما قبله وما بعده وهو للمؤمنين وما بعده بقية خطاب النبى(ص)فى القول السابق .
"وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين"المعنى وما لنا لا نصدق بالله أى بالذى أتانا من العدل ونريد أن يسكنا إلهنا مع الناس المحسنين فجزاهم الله بالذى قالوا حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها وذلك ثواب الصالحين،يبين الله لنا أن علماء النصارى قالوا:وما لنا لا نؤمن بالله والمراد وليس لنا إلا نصدق بالله وفسر التصديق بالله بأنه التصديق بما جاءنا من الحق والمراد بالذى أتانا من العدل من الله فالإيمان بالله هو الإيمان بوحيه ونطمع أن يدخلنا مع القوم الصالحين أى ونحب أن يتوفانا الله مع الأبرار وفى هذا قال بسورة آل عمران"وتوفنا مع الأبرار "فالصالحين هم الأبرار ومكان الدخول بعد الوفاة هو الجنة ولذا قال :فأثابهم بما قالوا والمراد وجزاهم على الذى قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين أى ماكثين فيها أى باقين مقيمين بها وفى هذا قال بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والجنات هى جزاء المحسنين أى المتزكين مصداق لقوله بسورة طه"وذلك جزاء من تزكى"والمراد ثواب الصالحين والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك هم أصحاب الجحيم"المعنى والذين عصوا أى خالفوا أحكامنا أولئك هم أهل النار،يبين الله لنا أن الذين كفروا وفسرهم بأنهم الذين كذبوا بآياتنا أى خالفوا أحكام الله أى سعوا فيها معاجزين مصداق لقوله بسورة الحج"والذين سعوا فى أياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم"والجحيم هو النار مصداق لقوله بسورة الأعراف"أولئك أصحاب النار".
"يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون "المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تمنعوا النافعات التى أباح الله لكم أى لا تخالفوا الحق إن الله لا يرحم المخالفين واعملوا من الذى أعطاكم حسنا صالحا أى أطيعوا حكم الله الذى أنتم به مصدقون،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا وحى الله ناهيا إياهم عن تحريم الطيبات التى أحل لهم والمراد ناهيا إياهم عن إصدار أحكام تمنع الذى أباحه من الأعمال الصالحة وفسر هذا بألا يعتدوا أى ألا يخالفوا أحكام الله لأن الله لا يحب المعتدين أى "لا يحب الظالمين"كما قال بسورة آل عمران والمراد لا يرحم المخالفين لأحكامه ويطلب منهم قائلا:كلوا مما رزقكم حلالا طيبا والمراد اعملوا من الذى أوحى لكم عملا صالحا وفسر هذا بقوله:اتقوا الله أى "أطيعوا الله "كما بسورة التغابن والمراد أطيعوا حكم الله الذى أنتم به مؤمنون أى مصدقون والخطاب للمؤمنين.
"لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط مما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم أياته لعلكم تشكرون"المعنى لا يحاسبكم الله على الباطل فى حلفاناتكم ولكن يحاسبكم بالذى تعمدتم الحلفانات فغفرانه تأكيل عشرة محتاجين من أعدل ما تؤكلون أصحابكم أو إلباسهم أو عتق عبد فمن لم يلق شيئا فصيام ثلاثة أيام ذلك غفران حلفاناتكم إذا أقسمتم واحموا حلفاناتكم كذلك يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يؤاخذهم على اللغو فى أيمانهم والمراد لا يعاقبهم على الباطل غير المتعمد فى حلفاناتهم ويؤاخذهم على ما عقدوا الأيمان وهو ما كسبت قلوبهم مصداق لقوله بسورة البقرة"ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" والمراد يعاقبهم على ما تعمدت نفوسهم عند القسم وكفارة أى عقوبة القسم المتعمد هى إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم والمراد إحضار أكل لعشرة محتاجين للمال من الأكل العادل الذى يحضرونه لأسرهم أو كسوتهم والمراد شراء ملابس للعشرة مساكين أو تحرير رقبة أى عتق عبد أو أمة فمن لم يجد أى لم يلق مالا لفعل إحدى هذه العقوبات فالواجب عليه صيام ثلاثة أيام والمراد الإمتناع عن الأكل والشرب والجماع ثلاثة نهارات فهذه هى كفارة أيمانهم إذا حلفوا والمراد هى عقوبة أقسامهم إذا أقسموا متعمدين ويطلب الله منهم حفظ أيمانهم أى حمايتها من التعمد حتى لا يعاقبوا وبهذه الطريقة يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون والمراد يوضح لكم أحكامه لعلكم تعقلون مصداق لقوله بسورة البقرة"كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"وهذا يعنى أن الله يوضح الأحكام لكى يطيعها المؤمنون والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"يا أيها الذين صدقوا حكم الله إنما المسكر والقمار والأصنام والتقسيمات شر من صنع الكافر فابتعدوا عنه لعلكم تفوزون،يبين الله للذين أمنوا أى صدقوا بوحى الله أن الأشياء التالية رجس من عمل الشيطان أى شر من عمل الكافر ولذا هى محرمة عليهم:
-الخمر وهى المغيبات التى تجعل الإنسان لا يدرى ما يقول أو يفعل .
-الميسر وهو المال الناتج من طريق اللعب بأى شىء فيكون هناك كاسب وخاسر.
-الأنصاب وهى الأصنام.
-الأزلام وهى التقسيمات المعتمدة على الحظ فيكون فيها كاسب وخاسر.
ومن ثم يطلب منهم أن يجتنبوها أى أن ينتهوا عنها والمراد ألا يعملوها والسبب حتى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله.
"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"المعنى إنما تحب الشهوة أن تضع بينكم الكراهية أى المقت فى المخدر والقمار ويبعدكم عن طاعة حكم الله أى عن الدين فهل أنتم مبتعدون؟،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو الشهوة فى نفس الإنسان أى الكافر تريد أن توقع العداوة أى البغضاء بينهم والمراد تحب أن تصنع بينهم الكراهية وهى المقت فى الخمر والميسر والمراد تضع الخلاف بينهم بسبب المخدر المغيب للعقل والقمار وأيضا تصدهم عن ذكر الله والمراد وتبعدهم عن طاعة آيات الله مصداق لقوله بسورة القصص"ولا يصدنك عن آيات الله" وفسر الله الذكر بأنه الصلاة وهى الدين فشارب الخمر أو لاعب الميسر منشغلين عن الطاعة أولهما لأن عقله ليس موجودا والثانى منشغل بما كسبه أو خسره ومن ثم لا يطيعان الأحكام الواجبة عليهما ،ويسألهم الله فهل أنتم منتهون أى فهل أنتم مبتعدون عنهم ؟والغرض من السؤال إخبارنا بوجوب تجنب شرب الخمر ولعب الميسر.
"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين"المعنى واتبعوا حكم الله أى اتبعوا الوحى المنزل على النبى(ص)أى خافوا عذاب الله فاتبعوا حكمه فإن عصيتم فاعرفوا أنما على نبينا الإعلام الواضح،يطلب الله من المؤمنين أن يطيعوا الله أى "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" والمراد أن يتبعوا الوحى المنزل من الله وفسر هذا بأن يطيعوا الرسول (ص)والمراد أن يتبعوا الوحى المنزل عليه وفسر هذا بأن يحذروا أى يخافوا عقاب الله فيطيعوا وحى الله ويبين لهم أنهم إن تولوا أى أعرضوا مصداق لقوله بسورة الشورى"فإن أعرضوا "والمراد إن عصيتم الوحى فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين والمراد فاعرفوا أن الذى على مبعوثنا الإعلام السليم وهذا يعنى أن واجب الرسول(ص)هو تحديث الناس بنعمة أى وحى الله مصداق لقوله بسورة الضحى"وأما بنعمة ربك فحدث " .
"ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين"المعنى ليس على الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات عقاب فى الذى أكلوا إذا ما أطاعوا أى صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات أى اتبعوا وصدقوا حكم الله أى أطاعوا أى اتبعوا والله يرحم الطائعين،يبين الله للنبى(ص) أن الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات ليس عليهم جناح والمراد ليس عليهم عقاب فيما طعموا والمراد فى الذى أكلوا من أصناف الأكل إذا ما اتقوا أى أطاعوا حكم الله فى الأطعمة المحرمة وفسرهم بأنهم أمنوا أى صدقوا الوحى وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وفسرهم بأنهم اتقوا وأمنوا أى أطاعوا الوحى وصدقوا الوحى وفسرهم بأنهم اتقوا أى أطاعوا الوحى وفسرهم بأنهم أحسنوا أى اتبعوا الوحى والله يحب المحسنين أى يرحم التوابين مصداق لقوله بسورة البقرة"إن الله يحب التوابين"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أمنوا ليبلونكم الله بشىء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله ليختبركم الله ببعض من الصيد تصيبه أنفسكم وسلاحكم ليعرف الله من يخشاه بالخفاء فمن أذنب بعد ذلك منكم فله عقاب شديد،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله مبينا لهم أنه سوف يبلوهم أى يمتحنهم أى يختبرهم بالتالى:شىء من الصيد والمراد بعض من الحيوانات التى تصطاد تناله أيديكم ورماحكم والمراد يصيدونه بأنفسهم أو عن طريق سلاحهم وذلك فى أيام الحج والسبب أن يعلم الله من يخافه بالغيب والمراد أن يعرف الله من يخشى عذابه وهو مخفى عنه من الذى لا يخاف عذابه عن طريق عصيان النهى عن الصيد فى الحج ،ويبين له أن من اعتدى أى من خالف النهى عن الصيد بعد معرفته بحرمته أى من تولى مصداق لقوله بسورة آل عمران"فمن تولى بعد ذلك" له عذاب أليم أى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة لقمان"أولئك لهم عذاب مهين" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغا الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام"المعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تذبحوا حيوانات الصيد وأنتم حجاج أو عمار للبيت الحرام ومن ذبحه منكم قاصدا فعقابه قدر ما ذبح من الأنعام يقضى به صاحبا قسط منكم عطاء واصلا الكعبة أو عقوبة تأكيل محتاجين أو قدر عددهم أيام صيام ليعرف عقاب مخالفته ،غفر الله ما مضى ومن رجع للصيد فيعذبه الله والله قوى صاحب عذاب،يبين الله للذين أمنوا أى صدقوا الوحى أن الصيد وهو قتل حيوانات البر حرام عليهم وهم حرم أى زوار للبيت الحرام حجاج أو عمار ويبين لهم أن من قتله منهم متعمدا والمراد أن من اصطاد الحيوانات منهم فى وقت الزيارة قاصدا الصيد فجزاءه مثل ما قتل من النعم والمراد فعقابه هو عدد ما اصطاد من الحيوانات من الأنعام يحكم به ذوا عدل والمراد يقضى به صاحبا قسط منكم وتكون الأنعام هديا بالغا الكعبة أى عطاء موصل للكعبة ليفرق على القانع والمحتاجين عددهم نفس عدد الحيوانات المصطادة أو تكون العقوبة وهى الكفارة تأكيل عدد من المساكين عددهم نفس عدد الحيوانات المصطادة أو تكون العقوبة عدل ذلك صيام والمراد قدر عدد الحيوانات المصطادة عدد أيام إمتناع عن الطعام والشراب والجماع والسبب فى هذه العقوبات أن يذوق وبال أمره والمراد أن يعرف عذاب مخالفته حتى لا يفعلها مرة أخرى ويبين لهم أنه عفا عما سلف أى ترك عقاب من اصطاد قبل نزول أمر تحريم الصيد فى وقت الزيارة وأما من عاد أى رجع لذنب الصيد فينتقم الله منه والمراد فيعاقبه الله على فعله والله عزيز أى قوى ذو انتقام أى صاحب عقاب لمن يخالفه.
"أحل لكم صيد البحر وطعامه وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذى إليه تحشرون"المعنى أبيح لكم حيوان الماء وأكله ومنع عليكم حيوان اليابس ما ظللتم زائرين للكعبة وأطيعوا حكم الله الذى إليه ترجعون،يبين الله للمؤمنين أنه أحل لهم صيد البحر وطعامه والمراد أباح لهم قتل حيوان الماء وطعامه أى وأكل ما فى الماء من الأصناف الأخرى وحرم عليهم صيد البر ما دمتم حرما والمراد ومنع عليكم قتل حيوان اليابس ما ظللتم زائرين للكعبة ،ويطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله مصداق لقوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"والله هو الذى إليه يحشرون أى الذى إلى جزائه يرجعون مصداق لقوله تعالى بسورة البقرة"ثم إليه ترجعون"والخطاب للمؤمنين وما بعده
"جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض وأن الله بكل شىء عليم واعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم "المعنى حدد الله الكعبة المسجد العتيق نفعا للخلق والشهر الممنوع والأنعام والصيد ذلك لتعرفوا أن الله يعرف الذى فى السموات والذى فى الأرض وأن الله بكل أمر خبير واعرفوا أن الله عظيم العذاب وأن الله نافع مفيد،يبين الله لنا أنه جعل أى حدد كل من:
الكعبة وهى البيت الحرام ،والشهر الحرام وهو الأربعة أشهر الممنوع فيها القتال التى تزار فيها الكعبة،والهدى وهى الأنعام المهداة للكعبة ،والقلائد وهى الأنعام التى هى عقاب للصائدين من زوار الكعبة قياما للناس والمراد نفع للبشر حيث لا قتال وطعام للمحتاجين وفرصة لحيوانات البر للتكاثر وكل هذا ينفع الناس ويبين الله أن ذلك وهو تلك التشريعات لنعلم أى لنعرف أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض والمراد يعرف الذى فى السموات والذى فى الأرض وفسر هذا بأن الله بكل شىء عليم والمراد أنه بكل أمر محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"ويطلب منا أن نعلم أنه شديد العقاب أى عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"وأن الله شديد العذاب"وأن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيع أحكامه.
"ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"المعنى ما على المبعوث إلى توصيل الوحى للناس والله يعرف الذى تعلنون والذى تسرون،يبين الله لنا أن الرسول(ص)وهو المبعوث واجبه البلاغ أى توصيل الوحى للناس ،ويبين أنه يعلم ما تبدون وما تكتمون أى "يعلم ما يسرون وما يعلنون"كما قال بسورة البقرة فتبدون تعنى يعلنون وتكتمون تعنى يسرون،وهذا معناه معرفته بكل شىء عن الناس ومن ثم سيجازيهم عليه والخطاب للمؤمنين.
"قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"المعنى قل يا محمد(ص)لا يتشابه الكافر والمسلم فى الجزاء ولو استحسنت كثرة الكفار فأطيعوا حكم الله يا أهل العقول لعلكم ترحمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا يستوى الخبيث والطيب أى كما قال بسورة الحشر"لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة"فالخبيث وهو الكافر أى صاحب النار لا يتشابه فى الأجر مع الطيب وهو المسلم صاحب الجنة ،ويبين له أنهم لا يتساوون حتى لو أعجبته أى استحسنت نفسه كثرة الخبيث والمراد كثرة عدد الكفار لأن العدد لا يدل على الفريق الفائز ويقول"فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"أى كما قال بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فاتقوا تعنى أطيعوا حكم الله وتفلحون تعنى ترحمون والمراد فاتبعوا حكم الله يا أصحاب العقول لعلكم ترحمون والخطاب للنبى (ص).
"يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تستفهموا عن أمور إن تظهر لكم تغمكم وإن تستفهموا عنها حين يلقى الوحى تظهر لكم صفح الله عنها والله عفو نافع،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ناهيا إياهم عن السؤال عن أشياء إن تبد لهم تسؤهم والمراد ينهاهم عن الإستفهام عن أمور إن تحدث لهم تغمهم وهى الآيات المعجزات التى كفرت بها الأقوام السابقة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالأيات إلا أن كذب بها الأولون" ويبين لهم أنهم إن يسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لهم والمراد أنهم إن يستفهموا عنها وقت يوحى الوحى بها يتضح حكمها لهم ،ويبين لهم أنه عفا عن ذنوبهم أى غفر لهم سيئاتهم الممثلة فى أسئلتهم المسيئة ويبين لهم أنه غفور رحيم أى عفو عن المسيىء إذا تاب نافع له برحمته والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين"المعنى قد استفهم عنها ناس ممن سبقكم ثم أصبحوا بها مكذبين،يبين الله للمؤمنين أن الأسئلة التى سألوها وهى طلب المعجزات قد سألها قوم من قبلهم والمراد قد طلبها ناس ممن سبقهم فلما أعطاهم الله إياها أصبحوا بها كافرين أى مكذبين مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون".
"ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون"المعنى ما فرض الله لكم مشقوقة أذن ولا متروكة دون عمل ولا واصلة ولادة إناث ولا متروك دون عمل ولكن الذين كذبوا بحكم الله ينسبون إلى الله الباطل وأغلبهم لا يفهمون،يبين الله للمؤمنين أنه لم يجعل أى لم يفرض الأحكام التالية:
البحيرة وهى البهيمة المشقوقة الأذن ،السائبة وهى البهيمة التى تترك دون عمل أو انتفاع بها ،والوصيلة وهى البهيمة التى تصل بين ولادتها للإناث بعدد معين وولادتها لذكر وتترك دون انتفاع بها،والحام وهو ذكر البهيمة الذى ينجب قدر محدد فيترك دون انتفاع به والمراد بكلمة البهيمة هنا هو ذكر أو أنثى الأنعام وهذه التعريفات حسبما وصلنا من كتب التاريخ والحديث التى معظمها كذب ويبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله يفترون على الله الكذب أى كما قال بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب"والمراد أنهم ينسبون إلى حكم الله التشريعات الباطلة التى شرعوها من عند أنفسهم وأكثرهم لا يعقلون أى كما قال بسورة الأنبياء"بل أكثرهم لا يعلمون الحق"ويعقلون تعنى يعلمون الحق والمراد أن أغلب الكفار لا يؤمنون بحكم الله.
"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون"المعنى وإذا قيل لهم هلموا لطاعة الذى أوحى الله أى إلى طاعة النبى(ص)قالوا كافينا الذى لقينا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعقلون وحيا أى لا يعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا قالوا للكفار :تعالوا إلى ما أنزل الله أى اتبعوا الذى أنزل الله كما قال بسورة لقمان"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله"والمراد أطيعوا الذى أوحى الله وفسره بأنهم يأتون للرسول أى إلى طاعة الوحى المنزل على النبى(ص)قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أى "بل نتبع ما وجدنا عليه أباءنا"والمراد كافينا الذى لقينا عليه أباءنا من الدين ويسأل الله أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون أى كما قال بسورة البقرة"ولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"فيعلمون تعنى يعقلون والمراد هل يتبعون دين الأباء حتى ولو كانوا لا يفهمون حكم الله أى لا يطيعونه ؟والغرض من السؤال إخبار القوم أن أبائهم كانوا مجانين بإرادتهم حيث تركوا اتباع دين الله والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله عليكم إنقاذ أنفسكم لا يؤذيكم من كفر إذا أسلمتم إلى جزاء الله عودتكم فيخبركم بالذى كنتم تفعلون،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله مبينا لهم أن عليهم أنفسهم والمراد عليهم إنقاذ ذواتهم من النار بطاعة حكم الله ويبين لهم أن من ضل لا يضرهم إذا اهتدوا والمراد أن من كفر بحكم الله لا يؤذيهم عند الحساب بشىء إذا أسلموا أى ليس على المتقين شىء من حسابهم مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام"وما على الذين يتقون من حسابهم من شىء "،ويبين لهم أن مرجعهم إلى الله والمراد أن عودتهم إلى جزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون عن طريق تسليمهم الكتب المنشرة والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو أخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونها من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الأثمين"يا أيها الذين صدقوا حكم الله حكم عليكم إذا جاءت أحدكم الوفاة وقت الهبة الوفاة اثنان صاحبا قسط منكم أو أخران من سواكم إن أنتم سعيتم فى البلاد فمستكم مسة الوفاة تمسكونهما من بعد الصلاة فيحلفان بالله إن شككتم لا نأخذ به متاعا ولو كان صاحب قرابة ولا نخفى حكم الله إنا إذا لمن الكافرين ،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله طالبا منهم شهادة بينهم أى تنفيذ حكم الله عليهم إذا حضر أحدهم الموت والمراد إذا جاءت أحدهم الوفاة حين الوصية والمراد وقت الوصية وهى فرض مال لبعض الناس بعد الوفاة حضور اثنان ذوا عدل والمراد رجلان صاحبا قسط أى إسلام أى من المسلمين أو أخران من غيرهم والمراد رجلان من غير المسلمين وهذا فى حالة ضربهم فى الأرض أى سفرهم فى البلاد فإذا أصابتهم مصيبة الموت والمراد فإذا حدثت للموصى الوفاة فالواجب هو حبس الشهود بعد الصلاة والمراد استبقاء الشهود بعد صلاتهم إحدى الصلوات وبعد هذا يقسمان بالله والمراد يحلفان بالله فيقولان والله إن إرتبتم أى إن شككتم فى قولنا لا نشترى به ثمنا والمراد لا نأخذ بقولنا متاعا فانيا ولو كان ذا قربى أى صاحب قرابة لنا ولا نكتم شهادة الله والمراد ولا نخفى حكم الله الذى قاله الموصى إنا إذا من المجرمين،والمفهوم من هذا هو أن الشهادة لابد فيها من الطهارة والصلاة حتى يتذكر الشاهد عقاب الله فيقول الحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإن عثر على أنهما استحقا إثما فأخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأولان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين"المعنى فإن استدل على أنهما ارتكبا جرما فأخران يشهدان مكانهما من الذين شهد عليهم الأولان فيحلفان بالله لقولنا أصدق من قولهما وما كذبنا إنا إذا لمن الكافرين ذلك أفضل أن يجيئوا بالقول على أصله أو يخشوا أن تأتى أقسام بعد أقسامهم وأطيعوا حكم الله أى اتبعوا والله لا يرحم الناس الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أن إذا عثر أى لقى البعض براهين والمراد شهود أخرين يشهدون على أن الشاهدين استحقا إثما أى ارتكبا جريمة الشهادة الزور فالواجب هو أخران مقامهما أى شاهدان مكان المزورين ويشترط فى الشاهدان كونهما من الذين استحق عليهم الأولان والمراد من الذين كذب عليهما الشاهدان السابقان أى أثبتا تزوير الشاهدين الأولين وهم يقسمان أى يحلفان بالله فيقولان :والله لشهادتنا أحق من شهادتهما والمراد لقولنا أعدل من قولهما وما اعتدينا أى وما زورنا إنا إذا لمن الظالمين أى الكافرين أى الأثمين مصداق لقوله بنفس السورة "إنا إذا لمن الأثمين"وهذا يعنى أن شهادة الزور كفر،ويبين الله لنا أن ذلك وهو مجىء شهود بعد الشهود فى حالة العثور على أدلة تثبت كذب الأوائل منهم أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها والمراد سبب فى أن يجيئوا بالوصية على حقيقتها أى أحسن أن يقولوا القول على أصله ويخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم والمراد ويخشوا أن تجىء حلفانات بعد حلفاناتهم تكذب شهادتهم ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله وفسره بأن يسمعوا والمراد أن يطيعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن"وأطيعوا الله"ويبين لهم أنه لا يهدى القوم الفاسقين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله لا يحب الكافرين "والمراد أن الله لا يرحم الناس المكذبين بدينه.
"يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك علام الغيوب"المعنى يوم يبعث الله المبعوثين فيقول بماذا رد عليكم قالوا لا معرفة لنا إلا ما عرفتنا به إنك أنت عارف المجهولات ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يجمع الله الرسل والمراد يبعث الله الأنبياء(ص)فيقول لهم أى يسألهم :ماذا أجبتم ؟والمراد بماذا رد الناس على دعوتكم؟فيردون :لا علم لنا أى لا معرفة لنا إلا ما كنا شهداء عليهم فيه مصداق لقوله بنفس السورة"وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم"إنك أنت علام الغيوب والمراد إنك أنت عارف المجهولات وهذا يعنى أنهم ينفون علمهم بما حدث بعدهم والخطاب وما بعده للمؤمنين حتى نهاية قصة عيسى(ص) .
"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين"المعنى وقد قال الله يا عيسى ولد مريم(ص)اعلم رحمتى بك وبأمك حين نصرتك بالروح الأمين تحدث الخلق فى الرضاع وكبيرا وحين عرفتك الوحى أى الحكم أى التوراة والإنجيل وحين تصنع من المعجون الترابى كشكل الطيور فتنفث فيه فيصبح طيورا بأمرى وحين تحيى الهالكين بأمرى وحين منعت أولاد يعقوب من ضرك حين أتيتهم بالأيات فقال الذين كذبوا منهم إن هذا إلا خداع عظيم ،يبين الله لنا أن الله قال لعيسى:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)اذكر نعمتى عليك والمراد اعرف رحمتى بك وعلى والدتك أى ورحمتى لأمك إذ أيدتك بروح القدس والمراد حين نصرتك بجبريل(ص) فأقدرك على أن تكلم الناس فى المهد وكهلا والمراد أن تتحدث مع الخلق فى الرضاع وكبيرا وإذ علمتك الكتاب أى الحكمة والمراد الوحى وهو حكم الله المنزل فى التوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير والمراد وحين تصنع من مزج التراب بالماء كشكل الطيور فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى أى فتنفث فيه بريح فمك فيصبح طيورا بأمر الله وإذ تخرج الموتى بإذنى والمراد وحين تحيى الهالكين بأمرى وإذ كففت عنك بنى إسرائيل إذ جئتهم بالبينات والمراد وحين منعت عنك أذى أولاد يعقوب لما أتيتهم بالأيات وهى الوحى والمعجزات فقال الذين كفروا أى كذبوا منهم :إن هذا إلا سحر مبين أى خداع كبير.
"وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى قالوا أمنا واشهد بأنا مسلمون "المعنى وحين ألقيت إلى الأنصار أن صدقوا بحكمى أى حكم مبعوثى قالوا صدقنا واعترف بأنا مطيعون،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أنه أوحى إلى الحواريين والمراد أنه ألقى فى نفوس أنصار عيسى(ص):أن أمنوا بى والمراد أن صدقوا بحكمى أى برسولى أى بحكم مبعوثى فكان ردهم:أمنا أى صدقنا واشهد بأنا مسلمون والمراد وأقر بأنا مطيعون لحكم الله.
"إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"المعنى حين قال الأنصار يا عيسى ابن مريم(ص) هل يقدر إلهك أن يأتى لنا بمائدة من السحاب قال خافوا عذاب الله إن كنتم صادقين ،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أن الحواريين وهم أنصار الله قالوا له:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء والمراد هل يقدر إلهك أن يعطينا خوان عليه طعام من السحاب ؟فرد عليهم قائلا :اتقوا الله أى خافوا عذاب الله إن كنتم مؤمنين أى مصدقين لحكمه،وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الإيمان بحكم الله لا يحتاج لمعجزات.
"قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين "المعنى قالوا نحب أن نطعم منها وتسكن نفوسنا أى نعرف أن قد قلت لنا الحق ونصبح عليها من المقرين،يبين الله لنا أن الحواريين قالوا للمسيح(ص)نريد أن نأكل منها والمراد نحب أن نتناول منها الطعام وتطمئن قلوبنا والمراد وتمنع نفوسنا الشك فى رسالتك أى نعلم أن قد صدقتنا أى نعرف أن قد قلت لنا الصدق ونكون عليها من الشاهدين والمراد ونصبح لها من المقرين بها أى المعترفين بوجودها أى المؤمنين بها مصداق لقوله بسورة القصص"ونكون من المؤمنين".
"قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وأية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين "المعنى قال عيسى ولد مريم(ص)إلهنا أعطنا خوان عليه طعام من السحاب يصبح لنا فرحا لسابقنا ومتأخرنا ومعجزة منك وارحمنا وأنت أحسن الواهبين،يبين الله لنا أن عيسى ابن أى ولد مريم(ص)قال أى دعا الله :ربنا أى إلهنا أنزل علينا مائدة من السماء والمراد أعطنا منضدة عليها طعام تحضر من السحاب تكون لنا عيدا والمراد تصبح لنا يوم فرح متكرر لأولنا وأخرنا والمراد لسابقنا وهو المسيح (ص)وأتباعه وأخرنا وهم المسلمون بعده وهو عيد الفطر وآية أى رحمة أى معجزة منك تدل على قدرتك وارزقنا وأنت خير الرازقين أى كما قال بسورة آل عمران"وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "فارزقنا تعنى هب لنا أى أعطنا الرحمة وخير الرازقين هو الوهاب أى أحسن من يعطى الرحمة.
"قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين"المعنى قال الله إنى معطيها لكم فمن يعتدى بعد نزولها منكم فإنى أعاقبه عقابا لا أعاقبه أحدا من الناس،يبين الله لنا أنه أوحى لعيسى(ص)وحيا قال فيه:إنى منزلها عليكم والمراد إنى معطى المائدة لكم فمن يكفر بعد منكم أى "يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته"فيكفر تعنى يبدل إيمانه كفرا والمعنى فمن يكذب دين الله بعد نزول المائدة منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين والمراد أعاقبه عقابا لا أعقابه إنسانا من الناس وهذا يعنى أنهم سيكونون فى أسفل درجات النار.
"لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شىء قدير "المعنى له حكم الذى فى السموات والأرض والذى فيهن وهو لكل أمر يريده فاعل،يبين الله لنا أن له ملك أى ميراث أى حكم السموات والأرض وما فيهن والمراد والمخلوقات التى تعيش فيهن مصداق لقوله بسورة آل عمران "له ميراث السموات والأرض"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".
"قل يا أهل الكتاب لستم على شىء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأسى على القوم الكافرين"المعنى قل يا محمد (ص)يا أصحاب الوحى السابق لستم على دين الله حتى تتبعوا حكم التوراة والإنجيل والذى أوحى إليكم من إلهكم وليضيفن كثيرا منهم فى الذى أوحى إليك من إلهك باطلا أى كذبا فلا تحزن على الناس المكذبين لحكم الله،يطلب الله من رسوله (ص)أن يقول لأهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق :لستم على شىء والمراد لستم على دين الله حتى تقيموا أى تطيعوا أى تحكموا التوراة والإنجيل وما أنزل أى والذى أوحى لكم من ربكم وهو إلهكم والمراد القرآن فهو يريد منهم تحكيم المنزل من عند الله تطبيقا لقوله بنفس السورة "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون"،ويبين الله له أن كثير منهم سوف يزيدون ما أنزل إليه من ربه طغيانا أى كفرا والمراد سوف يحرفون الكلم عن مواضعه وفى هذا قال بسورة المائدة"يحرفون الكلم من بعد مواضعه"وهذا معناه أنهم سوف يضيفون لوحى الله الباطل وهو الكذب حتى يرتد الناس عنه ويطلب منه ألا يأسى على القوم الكافرين والمراد ألا يحزن على الناس الفاسقين الذين يكذبون وحى الله مصداق لقوله بسورة المائدة"لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر"وقوله "فلا تأسى على القوم الفاسقين" والخطاب للنبى (ص)حتى وليزيدن ومنه موجها لأهل الكتاب وما بعده ليس موجها لهم وهذا يعنى أنهما آيتين حذف بعض منهما .
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون"المعنى إن الذين صدقوا واليهود والطائعون والنصارى منهم من صدق بحكم الله ويوم القيامة وصنع حسنا فلا عقاب عليهم أى ليسوا يعاقبون،يبين الله لنبيه(ص) أن الذين أمنوا أى صدقوا برسالة محمد(ص)واليهود والصابئون وهم المتبعون للرسل(ص)الأخرين والنصارى منهم من أمن بالله والمراد صدق بوحى الله واليوم الأخر وهو يوم البعث وعمل صالحا أى وفعل حسنا أى صنع الحسنات ومن ثم لا خوف عليهم أى لا يمسهم السوء وهو العذاب مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء"وفسر هذا بأنهم لا يحزنون أى لا يعاقبون فى الأخرة وإنما يدخلون الجنة حيث النعيم والخطاب وما بعده موجه للنبى(ص).
"لقد أخذنا ميثاق بنى إسرائيل وأرسلنا إليهم رسلا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون"المعنى لقد فرضنا عهد أولاد يعقوب(ص)وبعثنا لهم أنبياء كلما أتاهم نبى بالذى لا تحب شهواتهم جماعة كفروا بهم وجماعة يذبحون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أخذ ميثاق والمراد فرض العهد على بنى إسرائيل وهو عبادة الله وحده وأرسل لهم رسلا والمراد وبعث لهم مبعوثين يبلغون رسالات الله فكانت النتيجة أنهم كلما جاءهم أى أتاهم رسول بما لا تهوى أنفسهم والمراد كلما أتاهم مبعوث بالذى تكره شهواتهم وهو الحق فريقا كذبوا أى جماعة من الرسل(ص)اكتفوا بالكفر بهم وجماعة يقتلون أى يذبحون بعد كفرهم بهم .
"لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بنى إسرائيل اعبدوا الله ربى وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار"المعنى لقد كذب الذين زعموا أن الله هو المسيح ابن مريم(ص)وقال المسيح(ص)يا أولاد يعقوب أطيعوا الله إلهى وإلهكم إنه من يكفر بالله فقد منع الله عليه دخول الحديقة ومقامه جهنم وما للكافرين من أولياء ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم(ص)أى زعموا أن الإله هو المسيح(ص)قد كفروا أى كذبوا دين الله وقد قال المسيح(ص)يا بنى إسرائيل اعبدوا الله أى أطيعوا الله مصداق لقوله بسورة التغابن"أطيعوا الله"والمراد اتبعوا حكم الله ربى أى إلهى وربكم أى وإلهكم أنه من يشرك بالله أى أنه من يكفر بحكم الله فقد حرم الله عليه الجنة والمراد فقد منع الله عليه سكن الحديقة فى الأخرة ومأواه النار أى "ومأواه جهنم"مصداق لقوله بسورة الأنفال والمراد أن مكان وجوده فى الأخرة هو جهنم وما للظالمين من أنصار والمراد ليس للكافرين أولياء ينصرونهم أى ينقذونهم من عذاب الله مصداق لقوله بسورة الشورى"وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من الله"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم" المعنى لقد كذب الذين قالوا إن الله هو الإله الثالث وما من رب إلا رب واحد وإن لم يمتنعوا عما يفترون ليصيبن الذين كذبوا منهم عقاب شديد أفلا ينيبون إلى الله أى يستعفونه والله عفو نافع ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين قالوا:إن الله ثالث ثلاثة والمراد أن الله هو أحد الآلهة الثلاثة الله وعيسى(ص)والروح القدس وفى قول مريم(ص) بدلا من الروح القدس قد كفروا أى كذبوا فى قولهم ويبين له أن ما من إله إلا إله واحد والمراد لا يوجد سوى رب واحد هو الله ويبين له أن النصارى إن لم ينتهوا أى يمتنعوا عما أى عن الذى يقولون أى يفترون على الله فسوف يمس الذين كفروا منهم عذاب أليم ويفسره قوله بسورة الأنعام"والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب "فكفروا تعنى كذبوا بآياتنا والمراد أنهم سوف يصيبهم العقاب الشديد ويسأل الله أفلا يتوبون إلى الله ويفسره قوله بسورة الصافات"أفلا تعقلون"والمراد أفلا يعقلون فيعودون إلى دين الله وفسره بأنهم يستغفرونه أى يطلبون العفو عن ذنوبهم بالرجوع إلى دين الله ويبين لهم أنه غفور أى عفو رحيم أى نافع لمن يتوب لله .
"ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الأيات ثم انظر كيف يؤفكون"المعنى ما المسيح ولد مريم(ص)إلا مبعوث قد مضت من قبله المبعوثين ووالدته مؤمنة كانا يتناولان الأكل فكر كيف نفصل لهم الأحكام ثم فكر كيف يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أن المسيح ابن أى ولد مريم(ص)ليس سوى رسول أى مبعوث من الله قد خلت من قبله الرسل والمراد قد مضت من قبله المبعوثين أى ماتوا وهو مات مثلهم فكيف يكون إلها إذا كان ميتا؟ويبين له أن المسيح(ص)وأمه وهى والدته(ص)الصديقة أى المؤمنة بحكم الله كانا يأكلان الطعام والمراد كانا يتناولان الأكل فهل من يأكل يكون إلها ؟ بالقطع لا ،ويطلب منه أن ينظر كيف يبين لهم الآيات والمراد أن يفكر كيف يوضح لهم الأحكام حتى يفهموا ويطلب منه أن ينظر كيف يؤفكون أى كيف يكفرون بها والغرض من الطلبات إخبار النبى(ص)أن القوم لن يؤمنوا لأن الأحكام واضحة مفهومة أمامهم ومع هذا لا يؤمنون بها ومن ثم لا داعى لتكرار دعوتهم والخطاب للنبى(ص).
"قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم"المعنى قل أتطيعون من غير الله الذى لا يقدر لكم على أذى أو فائدة ؟والله هو الخبير المحيط،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للنصارى:أتعبدون أى هل تتبعون من دون أى سوى الله الذى لا يملك أى لا يستطيع لكم إيذاء أو إفادة ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن المسيح(ص)ميت لا يقدر على إيذائهم ولا على رزقهم ومن ثم فهو ليس إلها حتى يعبدوه،ويبين لهم أن الله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للنصارى.
"قل يا أهل الكتاب لا تغلوا فى دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل"المعنى قل يا أصحاب الوحى السابق لا تقولوا فى حكمكم سوى العدل ولا تطيعوا أحكام ناس قد كفروا من قبل وأبعدوا عديدا غيرهم عن رحمة الله،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لأهل الكتاب وهم أصحاب الوحى السابق :لا تغلوا فى دينكم غير الحق والمراد لا تقولوا فى حكمكم سوى العدل وهذا يعنى ألا ينسبوا إلى الله الذى لم يقله فى الوحى ويقول:ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا والمراد ولا تطيعوا سبل الناس الذين قد انحرفوا عن الحق مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولا تتبعوا السبل"وهذا يعنى ألا يطيعوا أحكام أديان الناس الذين بعدوا عن الحق فى قولهم بوجود آلهة غير الله وهم قد أضلوا كثيرا أى صدوا الكثير عن دين الله مصداق لقوله تعالى بسورة الزخرف"وإنهم ليصدونهم عن السبيل" وهذا يعنى أن القوم قد أبعدوا العديد من الخلق عن دين الله بكذبهم على الله وهم قد ضلوا عن سواء السبيل والمراد قد بعدوا عن رحمة الله وهى جنته لإبتعادهم عن دين الله.
"لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون"المعنى ذم الذين كذبوا من أولاد يعقوب(ص)بكلام داود (ص)وعيسى ولد مريم(ص)ذلك بالذى خالفوا أى كانوا يكفرون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا من بنى إسرائيل لعنوا أى ذموا والمراد طلب لهم من الله العقاب على لسان أى بدعاء كل من داود(ص) وعيسى ابن مريم(ص) والسبب فى الدعاء هو ما عصوا أى ما كانوا يعتدون والمراد بسبب ما خالفوا دين الله أى كانوا يظلمون مصداق لقوله بسورة الأعراف "بما كانوا يظلمون" والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون"المعنى كانوا لا يتزاجرون عن شر صنعوه فقبح الذى كانوا يصنعون،يبين الله لنبيه(ص)أن كفار بنى إسرائيل كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه والمراد كانوا لا يزجرون بعضهم البعض عن السوء الذى عملوه وهذا يعنى أنهم لا ينصحون بعضهم بالبعد عن عمل السيئات فبئس ما كانوا يفعلون أى فقبح الذى كانوا يصنعون مصداق قوله بنفس السورة"لبئس ما كانوا يصنعون".
"ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفى العذاب هم خالدون"المعنى تعلم بعديد منهم يناصرون الذين كذبوا حكم الله فقبح ما عملت أيديهم أن غضب الله عليهم أى فى العقاب هم مقيمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه يرى كثير من بنى إسرائيل يتولون الذين كفروا والمراد أنه يعرف أن العديد منهم يناصرون الذين كذبوا وحى الله على المسلمين ،وعملهم هو بئس ما قدمت لهم أنفسهم والمراد قبح الذى صنعت لهم أيديهم و هذا يعنى أن عملهم سيىء جلب عليهم سخط الله وهو عقابه أى غضبه مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم" وفسر هذا بأنهم فى العذاب وهو النار خالدون أى ماكثون أى مقيمون فيه مصداق لقوله بسورة الكهف"ماكثين فيه أبدا".
"ولو كانوا يؤمنون بالله والنبى وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون"المعنى ولو كانوا يصدقون بحكم الله ونبيه(ص)أى الذى أوحى له ما جعلوا الكفار أنصار لهم ولكن عديدا منهم كافرون،يبين الله لنا أن بنى إسرائيل لو كانوا يؤمنون بالله ورسوله والمراد لو كانوا يصدقون بحكم الله وهم حكم نبيه(ص)وفسره بأنه ما أنزل لنبيه والمراد الذى أوحى لمحمد(ص) ما اتخذوهم أولياء والمراد لو كانوا يصدقون القرآن ما جعلوا الكفار أنصار لهم من دون المؤمنين وهذا معناه أن الكثير وهو العديد منهم فاسقون أى كافرون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة المائدة"ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك فى الأرض لمسرفون" والخطاب للمؤمنين.
"لتجدن أشد الناس عداوة للذين أمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين أمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون "المعنى لتلقين أعظم الخلق كراهية للذين صدقوا اليهود والذين كفروا ولتلقين أفعلهم حبا للذين صدقوا الذين قالوا إنا نصارى بسبب أن منهم علماء أى فقهاء أى أنهم لا يكفرون،يبين الله لنبيه(ص)أنه يجد أشد الناس عدواة للذين أمنوا والمراد أنه يعلم أعظم الخلق كراهية للذين أسلموا هم اليهود والذين أشركوا أى كفروا بحكم الله ويجد أى يعلم أن أقربهم مودة للذين أمنوا والمراد أن أفعلهم حبا أى أن أعملهم لفائدة الذين صدقوا هم الذين قالوا إنا نصارى أى أنصار الله والسبب هو أن منهم قسيسين أى رهبان والمراد علماء بدين الله يؤمنون بما نزل عليك وفسر هذا بأنهم لا يستكبرون أى لا يستنكفون طاعة حكم الله المنزل عليه ومن ثم فالنصارى المحبين للمسلمين هم الذين أمنوا منهم وهم العلماء والخطاب للنبى(ص).
"وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا أمنا فاكتبنا مع الشاهدين"المعنى وإذا علموا الذى أوحى للنبى (ص)تشهد أعينهم تنزل من الدموع من الذى علموا من العدل يقولون صدقنا فأدخلنا فى المصدقين،يبين الله لنا أن الرهبان وهم القسس أى العلماء إذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول والمراد إذا علموا بالذى أوحى إلى محمد(ص)ترى أعينهم تفيض من الدمع والمراد تشاهد عيونهم تذرف الدموع والسبب ما عرفوا من الحق والمراد الذى علموا به من وحى الله وهم يقولون أمنا أى صدقنا بوحى محمد(ص)فاكتبنا مع الشاهدين أى فأدخلنا الجنة مع المقرين به ،وهذا يعنى أن النصارى المحبين للمسلمين هم الذين يعلنون إيمانهم بما نزل على محمد(ص) والخطاب حتى الرسول جزء من آية أخرى لا صلة بينه وبين ما قبله وما بعده وهو للمؤمنين وما بعده بقية خطاب النبى(ص)فى القول السابق .
"وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين فأثابهم الله بما قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين"المعنى وما لنا لا نصدق بالله أى بالذى أتانا من العدل ونريد أن يسكنا إلهنا مع الناس المحسنين فجزاهم الله بالذى قالوا حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها وذلك ثواب الصالحين،يبين الله لنا أن علماء النصارى قالوا:وما لنا لا نؤمن بالله والمراد وليس لنا إلا نصدق بالله وفسر التصديق بالله بأنه التصديق بما جاءنا من الحق والمراد بالذى أتانا من العدل من الله فالإيمان بالله هو الإيمان بوحيه ونطمع أن يدخلنا مع القوم الصالحين أى ونحب أن يتوفانا الله مع الأبرار وفى هذا قال بسورة آل عمران"وتوفنا مع الأبرار "فالصالحين هم الأبرار ومكان الدخول بعد الوفاة هو الجنة ولذا قال :فأثابهم بما قالوا والمراد وجزاهم على الذى قالوا جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها والمراد حدائق تسير فى أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة وهم خالدين أى ماكثين فيها أى باقين مقيمين بها وفى هذا قال بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا"والجنات هى جزاء المحسنين أى المتزكين مصداق لقوله بسورة طه"وذلك جزاء من تزكى"والمراد ثواب الصالحين والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك هم أصحاب الجحيم"المعنى والذين عصوا أى خالفوا أحكامنا أولئك هم أهل النار،يبين الله لنا أن الذين كفروا وفسرهم بأنهم الذين كذبوا بآياتنا أى خالفوا أحكام الله أى سعوا فيها معاجزين مصداق لقوله بسورة الحج"والذين سعوا فى أياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم"والجحيم هو النار مصداق لقوله بسورة الأعراف"أولئك أصحاب النار".
"يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذى أنتم به مؤمنون "المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تمنعوا النافعات التى أباح الله لكم أى لا تخالفوا الحق إن الله لا يرحم المخالفين واعملوا من الذى أعطاكم حسنا صالحا أى أطيعوا حكم الله الذى أنتم به مصدقون،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا وحى الله ناهيا إياهم عن تحريم الطيبات التى أحل لهم والمراد ناهيا إياهم عن إصدار أحكام تمنع الذى أباحه من الأعمال الصالحة وفسر هذا بألا يعتدوا أى ألا يخالفوا أحكام الله لأن الله لا يحب المعتدين أى "لا يحب الظالمين"كما قال بسورة آل عمران والمراد لا يرحم المخالفين لأحكامه ويطلب منهم قائلا:كلوا مما رزقكم حلالا طيبا والمراد اعملوا من الذى أوحى لكم عملا صالحا وفسر هذا بقوله:اتقوا الله أى "أطيعوا الله "كما بسورة التغابن والمراد أطيعوا حكم الله الذى أنتم به مؤمنون أى مصدقون والخطاب للمؤمنين.
"لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته عشرة مساكين من أوسط مما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم أياته لعلكم تشكرون"المعنى لا يحاسبكم الله على الباطل فى حلفاناتكم ولكن يحاسبكم بالذى تعمدتم الحلفانات فغفرانه تأكيل عشرة محتاجين من أعدل ما تؤكلون أصحابكم أو إلباسهم أو عتق عبد فمن لم يلق شيئا فصيام ثلاثة أيام ذلك غفران حلفاناتكم إذا أقسمتم واحموا حلفاناتكم كذلك يوضح الله لكم أحكامه لعلكم تطيعون ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يؤاخذهم على اللغو فى أيمانهم والمراد لا يعاقبهم على الباطل غير المتعمد فى حلفاناتهم ويؤاخذهم على ما عقدوا الأيمان وهو ما كسبت قلوبهم مصداق لقوله بسورة البقرة"ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم" والمراد يعاقبهم على ما تعمدت نفوسهم عند القسم وكفارة أى عقوبة القسم المتعمد هى إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم والمراد إحضار أكل لعشرة محتاجين للمال من الأكل العادل الذى يحضرونه لأسرهم أو كسوتهم والمراد شراء ملابس للعشرة مساكين أو تحرير رقبة أى عتق عبد أو أمة فمن لم يجد أى لم يلق مالا لفعل إحدى هذه العقوبات فالواجب عليه صيام ثلاثة أيام والمراد الإمتناع عن الأكل والشرب والجماع ثلاثة نهارات فهذه هى كفارة أيمانهم إذا حلفوا والمراد هى عقوبة أقسامهم إذا أقسموا متعمدين ويطلب الله منهم حفظ أيمانهم أى حمايتها من التعمد حتى لا يعاقبوا وبهذه الطريقة يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون والمراد يوضح لكم أحكامه لعلكم تعقلون مصداق لقوله بسورة البقرة"كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"وهذا يعنى أن الله يوضح الأحكام لكى يطيعها المؤمنون والخطاب للمؤمنين وما بعده وما بعده وما بعده.
"يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"يا أيها الذين صدقوا حكم الله إنما المسكر والقمار والأصنام والتقسيمات شر من صنع الكافر فابتعدوا عنه لعلكم تفوزون،يبين الله للذين أمنوا أى صدقوا بوحى الله أن الأشياء التالية رجس من عمل الشيطان أى شر من عمل الكافر ولذا هى محرمة عليهم:
-الخمر وهى المغيبات التى تجعل الإنسان لا يدرى ما يقول أو يفعل .
-الميسر وهو المال الناتج من طريق اللعب بأى شىء فيكون هناك كاسب وخاسر.
-الأنصاب وهى الأصنام.
-الأزلام وهى التقسيمات المعتمدة على الحظ فيكون فيها كاسب وخاسر.
ومن ثم يطلب منهم أن يجتنبوها أى أن ينتهوا عنها والمراد ألا يعملوها والسبب حتى يفلحوا أى يفوزوا برحمة الله.
"إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون"المعنى إنما تحب الشهوة أن تضع بينكم الكراهية أى المقت فى المخدر والقمار ويبعدكم عن طاعة حكم الله أى عن الدين فهل أنتم مبتعدون؟،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو الشهوة فى نفس الإنسان أى الكافر تريد أن توقع العداوة أى البغضاء بينهم والمراد تحب أن تصنع بينهم الكراهية وهى المقت فى الخمر والميسر والمراد تضع الخلاف بينهم بسبب المخدر المغيب للعقل والقمار وأيضا تصدهم عن ذكر الله والمراد وتبعدهم عن طاعة آيات الله مصداق لقوله بسورة القصص"ولا يصدنك عن آيات الله" وفسر الله الذكر بأنه الصلاة وهى الدين فشارب الخمر أو لاعب الميسر منشغلين عن الطاعة أولهما لأن عقله ليس موجودا والثانى منشغل بما كسبه أو خسره ومن ثم لا يطيعان الأحكام الواجبة عليهما ،ويسألهم الله فهل أنتم منتهون أى فهل أنتم مبتعدون عنهم ؟والغرض من السؤال إخبارنا بوجوب تجنب شرب الخمر ولعب الميسر.
"وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين"المعنى واتبعوا حكم الله أى اتبعوا الوحى المنزل على النبى(ص)أى خافوا عذاب الله فاتبعوا حكمه فإن عصيتم فاعرفوا أنما على نبينا الإعلام الواضح،يطلب الله من المؤمنين أن يطيعوا الله أى "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" والمراد أن يتبعوا الوحى المنزل من الله وفسر هذا بأن يطيعوا الرسول (ص)والمراد أن يتبعوا الوحى المنزل عليه وفسر هذا بأن يحذروا أى يخافوا عقاب الله فيطيعوا وحى الله ويبين لهم أنهم إن تولوا أى أعرضوا مصداق لقوله بسورة الشورى"فإن أعرضوا "والمراد إن عصيتم الوحى فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين والمراد فاعرفوا أن الذى على مبعوثنا الإعلام السليم وهذا يعنى أن واجب الرسول(ص)هو تحديث الناس بنعمة أى وحى الله مصداق لقوله بسورة الضحى"وأما بنعمة ربك فحدث " .
"ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وأمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وأمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين"المعنى ليس على الذين صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات عقاب فى الذى أكلوا إذا ما أطاعوا أى صدقوا حكم الله وفعلوا الحسنات أى اتبعوا وصدقوا حكم الله أى أطاعوا أى اتبعوا والله يرحم الطائعين،يبين الله للنبى(ص) أن الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات ليس عليهم جناح والمراد ليس عليهم عقاب فيما طعموا والمراد فى الذى أكلوا من أصناف الأكل إذا ما اتقوا أى أطاعوا حكم الله فى الأطعمة المحرمة وفسرهم بأنهم أمنوا أى صدقوا الوحى وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات وفسرهم بأنهم اتقوا وأمنوا أى أطاعوا الوحى وصدقوا الوحى وفسرهم بأنهم اتقوا أى أطاعوا الوحى وفسرهم بأنهم أحسنوا أى اتبعوا الوحى والله يحب المحسنين أى يرحم التوابين مصداق لقوله بسورة البقرة"إن الله يحب التوابين"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أمنوا ليبلونكم الله بشىء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله ليختبركم الله ببعض من الصيد تصيبه أنفسكم وسلاحكم ليعرف الله من يخشاه بالخفاء فمن أذنب بعد ذلك منكم فله عقاب شديد،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله مبينا لهم أنه سوف يبلوهم أى يمتحنهم أى يختبرهم بالتالى:شىء من الصيد والمراد بعض من الحيوانات التى تصطاد تناله أيديكم ورماحكم والمراد يصيدونه بأنفسهم أو عن طريق سلاحهم وذلك فى أيام الحج والسبب أن يعلم الله من يخافه بالغيب والمراد أن يعرف الله من يخشى عذابه وهو مخفى عنه من الذى لا يخاف عذابه عن طريق عصيان النهى عن الصيد فى الحج ،ويبين له أن من اعتدى أى من خالف النهى عن الصيد بعد معرفته بحرمته أى من تولى مصداق لقوله بسورة آل عمران"فمن تولى بعد ذلك" له عذاب أليم أى عقاب مهين مصداق لقوله بسورة لقمان"أولئك لهم عذاب مهين" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغا الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام"المعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله لا تذبحوا حيوانات الصيد وأنتم حجاج أو عمار للبيت الحرام ومن ذبحه منكم قاصدا فعقابه قدر ما ذبح من الأنعام يقضى به صاحبا قسط منكم عطاء واصلا الكعبة أو عقوبة تأكيل محتاجين أو قدر عددهم أيام صيام ليعرف عقاب مخالفته ،غفر الله ما مضى ومن رجع للصيد فيعذبه الله والله قوى صاحب عذاب،يبين الله للذين أمنوا أى صدقوا الوحى أن الصيد وهو قتل حيوانات البر حرام عليهم وهم حرم أى زوار للبيت الحرام حجاج أو عمار ويبين لهم أن من قتله منهم متعمدا والمراد أن من اصطاد الحيوانات منهم فى وقت الزيارة قاصدا الصيد فجزاءه مثل ما قتل من النعم والمراد فعقابه هو عدد ما اصطاد من الحيوانات من الأنعام يحكم به ذوا عدل والمراد يقضى به صاحبا قسط منكم وتكون الأنعام هديا بالغا الكعبة أى عطاء موصل للكعبة ليفرق على القانع والمحتاجين عددهم نفس عدد الحيوانات المصطادة أو تكون العقوبة وهى الكفارة تأكيل عدد من المساكين عددهم نفس عدد الحيوانات المصطادة أو تكون العقوبة عدل ذلك صيام والمراد قدر عدد الحيوانات المصطادة عدد أيام إمتناع عن الطعام والشراب والجماع والسبب فى هذه العقوبات أن يذوق وبال أمره والمراد أن يعرف عذاب مخالفته حتى لا يفعلها مرة أخرى ويبين لهم أنه عفا عما سلف أى ترك عقاب من اصطاد قبل نزول أمر تحريم الصيد فى وقت الزيارة وأما من عاد أى رجع لذنب الصيد فينتقم الله منه والمراد فيعاقبه الله على فعله والله عزيز أى قوى ذو انتقام أى صاحب عقاب لمن يخالفه.
"أحل لكم صيد البحر وطعامه وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذى إليه تحشرون"المعنى أبيح لكم حيوان الماء وأكله ومنع عليكم حيوان اليابس ما ظللتم زائرين للكعبة وأطيعوا حكم الله الذى إليه ترجعون،يبين الله للمؤمنين أنه أحل لهم صيد البحر وطعامه والمراد أباح لهم قتل حيوان الماء وطعامه أى وأكل ما فى الماء من الأصناف الأخرى وحرم عليهم صيد البر ما دمتم حرما والمراد ومنع عليكم قتل حيوان اليابس ما ظللتم زائرين للكعبة ،ويطلب منهم أن يتقوا الله أى يطيعوا حكم الله مصداق لقوله تعالى بسورة التغابن"وأطيعوا الله"والله هو الذى إليه يحشرون أى الذى إلى جزائه يرجعون مصداق لقوله تعالى بسورة البقرة"ثم إليه ترجعون"والخطاب للمؤمنين وما بعده
"جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض وأن الله بكل شىء عليم واعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم "المعنى حدد الله الكعبة المسجد العتيق نفعا للخلق والشهر الممنوع والأنعام والصيد ذلك لتعرفوا أن الله يعرف الذى فى السموات والذى فى الأرض وأن الله بكل أمر خبير واعرفوا أن الله عظيم العذاب وأن الله نافع مفيد،يبين الله لنا أنه جعل أى حدد كل من:
الكعبة وهى البيت الحرام ،والشهر الحرام وهو الأربعة أشهر الممنوع فيها القتال التى تزار فيها الكعبة،والهدى وهى الأنعام المهداة للكعبة ،والقلائد وهى الأنعام التى هى عقاب للصائدين من زوار الكعبة قياما للناس والمراد نفع للبشر حيث لا قتال وطعام للمحتاجين وفرصة لحيوانات البر للتكاثر وكل هذا ينفع الناس ويبين الله أن ذلك وهو تلك التشريعات لنعلم أى لنعرف أن الله يعلم ما فى السموات وما فى الأرض والمراد يعرف الذى فى السموات والذى فى الأرض وفسر هذا بأن الله بكل شىء عليم والمراد أنه بكل أمر محيط مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"ويطلب منا أن نعلم أنه شديد العقاب أى عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"وأن الله شديد العذاب"وأن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيع أحكامه.
"ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"المعنى ما على المبعوث إلى توصيل الوحى للناس والله يعرف الذى تعلنون والذى تسرون،يبين الله لنا أن الرسول(ص)وهو المبعوث واجبه البلاغ أى توصيل الوحى للناس ،ويبين أنه يعلم ما تبدون وما تكتمون أى "يعلم ما يسرون وما يعلنون"كما قال بسورة البقرة فتبدون تعنى يعلنون وتكتمون تعنى يسرون،وهذا معناه معرفته بكل شىء عن الناس ومن ثم سيجازيهم عليه والخطاب للمؤمنين.
"قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"المعنى قل يا محمد(ص)لا يتشابه الكافر والمسلم فى الجزاء ولو استحسنت كثرة الكفار فأطيعوا حكم الله يا أهل العقول لعلكم ترحمون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس لا يستوى الخبيث والطيب أى كما قال بسورة الحشر"لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة"فالخبيث وهو الكافر أى صاحب النار لا يتشابه فى الأجر مع الطيب وهو المسلم صاحب الجنة ،ويبين له أنهم لا يتساوون حتى لو أعجبته أى استحسنت نفسه كثرة الخبيث والمراد كثرة عدد الكفار لأن العدد لا يدل على الفريق الفائز ويقول"فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون"أى كما قال بسورة آل عمران "وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون"فاتقوا تعنى أطيعوا حكم الله وتفلحون تعنى ترحمون والمراد فاتبعوا حكم الله يا أصحاب العقول لعلكم ترحمون والخطاب للنبى (ص).
"يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله لا تستفهموا عن أمور إن تظهر لكم تغمكم وإن تستفهموا عنها حين يلقى الوحى تظهر لكم صفح الله عنها والله عفو نافع،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله ناهيا إياهم عن السؤال عن أشياء إن تبد لهم تسؤهم والمراد ينهاهم عن الإستفهام عن أمور إن تحدث لهم تغمهم وهى الآيات المعجزات التى كفرت بها الأقوام السابقة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالأيات إلا أن كذب بها الأولون" ويبين لهم أنهم إن يسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لهم والمراد أنهم إن يستفهموا عنها وقت يوحى الوحى بها يتضح حكمها لهم ،ويبين لهم أنه عفا عن ذنوبهم أى غفر لهم سيئاتهم الممثلة فى أسئلتهم المسيئة ويبين لهم أنه غفور رحيم أى عفو عن المسيىء إذا تاب نافع له برحمته والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين"المعنى قد استفهم عنها ناس ممن سبقكم ثم أصبحوا بها مكذبين،يبين الله للمؤمنين أن الأسئلة التى سألوها وهى طلب المعجزات قد سألها قوم من قبلهم والمراد قد طلبها ناس ممن سبقهم فلما أعطاهم الله إياها أصبحوا بها كافرين أى مكذبين مصداق لقوله بسورة الإسراء"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون".
"ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون"المعنى ما فرض الله لكم مشقوقة أذن ولا متروكة دون عمل ولا واصلة ولادة إناث ولا متروك دون عمل ولكن الذين كذبوا بحكم الله ينسبون إلى الله الباطل وأغلبهم لا يفهمون،يبين الله للمؤمنين أنه لم يجعل أى لم يفرض الأحكام التالية:
البحيرة وهى البهيمة المشقوقة الأذن ،السائبة وهى البهيمة التى تترك دون عمل أو انتفاع بها ،والوصيلة وهى البهيمة التى تصل بين ولادتها للإناث بعدد معين وولادتها لذكر وتترك دون انتفاع بها،والحام وهو ذكر البهيمة الذى ينجب قدر محدد فيترك دون انتفاع به والمراد بكلمة البهيمة هنا هو ذكر أو أنثى الأنعام وهذه التعريفات حسبما وصلنا من كتب التاريخ والحديث التى معظمها كذب ويبين الله لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله يفترون على الله الكذب أى كما قال بسورة آل عمران"ويقولون على الله الكذب"والمراد أنهم ينسبون إلى حكم الله التشريعات الباطلة التى شرعوها من عند أنفسهم وأكثرهم لا يعقلون أى كما قال بسورة الأنبياء"بل أكثرهم لا يعلمون الحق"ويعقلون تعنى يعلمون الحق والمراد أن أغلب الكفار لا يؤمنون بحكم الله.
"وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون"المعنى وإذا قيل لهم هلموا لطاعة الذى أوحى الله أى إلى طاعة النبى(ص)قالوا كافينا الذى لقينا عليه أباءنا أو لو كان أباؤهم لا يعقلون وحيا أى لا يعلمون ،يبين الله للمؤمنين أنهم إذا قالوا للكفار :تعالوا إلى ما أنزل الله أى اتبعوا الذى أنزل الله كما قال بسورة لقمان"وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله"والمراد أطيعوا الذى أوحى الله وفسره بأنهم يأتون للرسول أى إلى طاعة الوحى المنزل على النبى(ص)قالوا حسبنا ما وجدنا عليه أباءنا أى "بل نتبع ما وجدنا عليه أباءنا"والمراد كافينا الذى لقينا عليه أباءنا من الدين ويسأل الله أو لو كان أباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون أى كما قال بسورة البقرة"ولو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون"فيعلمون تعنى يعقلون والمراد هل يتبعون دين الأباء حتى ولو كانوا لا يفهمون حكم الله أى لا يطيعونه ؟والغرض من السؤال إخبار القوم أن أبائهم كانوا مجانين بإرادتهم حيث تركوا اتباع دين الله والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله عليكم إنقاذ أنفسكم لا يؤذيكم من كفر إذا أسلمتم إلى جزاء الله عودتكم فيخبركم بالذى كنتم تفعلون،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله مبينا لهم أن عليهم أنفسهم والمراد عليهم إنقاذ ذواتهم من النار بطاعة حكم الله ويبين لهم أن من ضل لا يضرهم إذا اهتدوا والمراد أن من كفر بحكم الله لا يؤذيهم عند الحساب بشىء إذا أسلموا أى ليس على المتقين شىء من حسابهم مصداق لقوله تعالى بسورة الأنعام"وما على الذين يتقون من حسابهم من شىء "،ويبين لهم أن مرجعهم إلى الله والمراد أن عودتهم إلى جزاء الله فينبئهم بما كانوا يعملون والمراد فيخبرهم بالذى كانوا يفعلون عن طريق تسليمهم الكتب المنشرة والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو أخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونها من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الأثمين"يا أيها الذين صدقوا حكم الله حكم عليكم إذا جاءت أحدكم الوفاة وقت الهبة الوفاة اثنان صاحبا قسط منكم أو أخران من سواكم إن أنتم سعيتم فى البلاد فمستكم مسة الوفاة تمسكونهما من بعد الصلاة فيحلفان بالله إن شككتم لا نأخذ به متاعا ولو كان صاحب قرابة ولا نخفى حكم الله إنا إذا لمن الكافرين ،يخاطب الله الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله طالبا منهم شهادة بينهم أى تنفيذ حكم الله عليهم إذا حضر أحدهم الموت والمراد إذا جاءت أحدهم الوفاة حين الوصية والمراد وقت الوصية وهى فرض مال لبعض الناس بعد الوفاة حضور اثنان ذوا عدل والمراد رجلان صاحبا قسط أى إسلام أى من المسلمين أو أخران من غيرهم والمراد رجلان من غير المسلمين وهذا فى حالة ضربهم فى الأرض أى سفرهم فى البلاد فإذا أصابتهم مصيبة الموت والمراد فإذا حدثت للموصى الوفاة فالواجب هو حبس الشهود بعد الصلاة والمراد استبقاء الشهود بعد صلاتهم إحدى الصلوات وبعد هذا يقسمان بالله والمراد يحلفان بالله فيقولان والله إن إرتبتم أى إن شككتم فى قولنا لا نشترى به ثمنا والمراد لا نأخذ بقولنا متاعا فانيا ولو كان ذا قربى أى صاحب قرابة لنا ولا نكتم شهادة الله والمراد ولا نخفى حكم الله الذى قاله الموصى إنا إذا من المجرمين،والمفهوم من هذا هو أن الشهادة لابد فيها من الطهارة والصلاة حتى يتذكر الشاهد عقاب الله فيقول الحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإن عثر على أنهما استحقا إثما فأخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأولان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين"المعنى فإن استدل على أنهما ارتكبا جرما فأخران يشهدان مكانهما من الذين شهد عليهم الأولان فيحلفان بالله لقولنا أصدق من قولهما وما كذبنا إنا إذا لمن الكافرين ذلك أفضل أن يجيئوا بالقول على أصله أو يخشوا أن تأتى أقسام بعد أقسامهم وأطيعوا حكم الله أى اتبعوا والله لا يرحم الناس الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أن إذا عثر أى لقى البعض براهين والمراد شهود أخرين يشهدون على أن الشاهدين استحقا إثما أى ارتكبا جريمة الشهادة الزور فالواجب هو أخران مقامهما أى شاهدان مكان المزورين ويشترط فى الشاهدان كونهما من الذين استحق عليهم الأولان والمراد من الذين كذب عليهما الشاهدان السابقان أى أثبتا تزوير الشاهدين الأولين وهم يقسمان أى يحلفان بالله فيقولان :والله لشهادتنا أحق من شهادتهما والمراد لقولنا أعدل من قولهما وما اعتدينا أى وما زورنا إنا إذا لمن الظالمين أى الكافرين أى الأثمين مصداق لقوله بنفس السورة "إنا إذا لمن الأثمين"وهذا يعنى أن شهادة الزور كفر،ويبين الله لنا أن ذلك وهو مجىء شهود بعد الشهود فى حالة العثور على أدلة تثبت كذب الأوائل منهم أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها والمراد سبب فى أن يجيئوا بالوصية على حقيقتها أى أحسن أن يقولوا القول على أصله ويخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم والمراد ويخشوا أن تجىء حلفانات بعد حلفاناتهم تكذب شهادتهم ،ويطلب الله منهم أن يتقوا الله وفسره بأن يسمعوا والمراد أن يطيعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن"وأطيعوا الله"ويبين لهم أنه لا يهدى القوم الفاسقين أى لا يحب الناس الكافرين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله لا يحب الكافرين "والمراد أن الله لا يرحم الناس المكذبين بدينه.
"يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك علام الغيوب"المعنى يوم يبعث الله المبعوثين فيقول بماذا رد عليكم قالوا لا معرفة لنا إلا ما عرفتنا به إنك أنت عارف المجهولات ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يجمع الله الرسل والمراد يبعث الله الأنبياء(ص)فيقول لهم أى يسألهم :ماذا أجبتم ؟والمراد بماذا رد الناس على دعوتكم؟فيردون :لا علم لنا أى لا معرفة لنا إلا ما كنا شهداء عليهم فيه مصداق لقوله بنفس السورة"وكنت شهيدا عليهم ما دمت فيهم"إنك أنت علام الغيوب والمراد إنك أنت عارف المجهولات وهذا يعنى أنهم ينفون علمهم بما حدث بعدهم والخطاب وما بعده للمؤمنين حتى نهاية قصة عيسى(ص) .
"إذ قال الله يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتى عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس تكلم الناس فى المهد وكهلا وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى وإذ تخرج الموتى بإذنى وإذ كففت بنى إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات فقال الذين كفروا منهم إن هذا إلا سحر مبين"المعنى وقد قال الله يا عيسى ولد مريم(ص)اعلم رحمتى بك وبأمك حين نصرتك بالروح الأمين تحدث الخلق فى الرضاع وكبيرا وحين عرفتك الوحى أى الحكم أى التوراة والإنجيل وحين تصنع من المعجون الترابى كشكل الطيور فتنفث فيه فيصبح طيورا بأمرى وحين تحيى الهالكين بأمرى وحين منعت أولاد يعقوب من ضرك حين أتيتهم بالأيات فقال الذين كذبوا منهم إن هذا إلا خداع عظيم ،يبين الله لنا أن الله قال لعيسى:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)اذكر نعمتى عليك والمراد اعرف رحمتى بك وعلى والدتك أى ورحمتى لأمك إذ أيدتك بروح القدس والمراد حين نصرتك بجبريل(ص) فأقدرك على أن تكلم الناس فى المهد وكهلا والمراد أن تتحدث مع الخلق فى الرضاع وكبيرا وإذ علمتك الكتاب أى الحكمة والمراد الوحى وهو حكم الله المنزل فى التوراة والإنجيل وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير والمراد وحين تصنع من مزج التراب بالماء كشكل الطيور فتنفخ فيه فيكون طيرا بإذنى أى فتنفث فيه بريح فمك فيصبح طيورا بأمر الله وإذ تخرج الموتى بإذنى والمراد وحين تحيى الهالكين بأمرى وإذ كففت عنك بنى إسرائيل إذ جئتهم بالبينات والمراد وحين منعت عنك أذى أولاد يعقوب لما أتيتهم بالأيات وهى الوحى والمعجزات فقال الذين كفروا أى كذبوا منهم :إن هذا إلا سحر مبين أى خداع كبير.
"وإذ أوحيت إلى الحواريين أن أمنوا بى وبرسولى قالوا أمنا واشهد بأنا مسلمون "المعنى وحين ألقيت إلى الأنصار أن صدقوا بحكمى أى حكم مبعوثى قالوا صدقنا واعترف بأنا مطيعون،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أنه أوحى إلى الحواريين والمراد أنه ألقى فى نفوس أنصار عيسى(ص):أن أمنوا بى والمراد أن صدقوا بحكمى أى برسولى أى بحكم مبعوثى فكان ردهم:أمنا أى صدقنا واشهد بأنا مسلمون والمراد وأقر بأنا مطيعون لحكم الله.
"إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين"المعنى حين قال الأنصار يا عيسى ابن مريم(ص) هل يقدر إلهك أن يأتى لنا بمائدة من السحاب قال خافوا عذاب الله إن كنتم صادقين ،يبين الله لنا أن من رحمته بعيسى(ص)أن الحواريين وهم أنصار الله قالوا له:يا عيسى ابن أى ولد مريم(ص)هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء والمراد هل يقدر إلهك أن يعطينا خوان عليه طعام من السحاب ؟فرد عليهم قائلا :اتقوا الله أى خافوا عذاب الله إن كنتم مؤمنين أى مصدقين لحكمه،وهذا يعنى أنه يقول لهم أن الإيمان بحكم الله لا يحتاج لمعجزات.
"قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين "المعنى قالوا نحب أن نطعم منها وتسكن نفوسنا أى نعرف أن قد قلت لنا الحق ونصبح عليها من المقرين،يبين الله لنا أن الحواريين قالوا للمسيح(ص)نريد أن نأكل منها والمراد نحب أن نتناول منها الطعام وتطمئن قلوبنا والمراد وتمنع نفوسنا الشك فى رسالتك أى نعلم أن قد صدقتنا أى نعرف أن قد قلت لنا الصدق ونكون عليها من الشاهدين والمراد ونصبح لها من المقرين بها أى المعترفين بوجودها أى المؤمنين بها مصداق لقوله بسورة القصص"ونكون من المؤمنين".
"قال عيسى ابن مريم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وأخرنا وأية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين "المعنى قال عيسى ولد مريم(ص)إلهنا أعطنا خوان عليه طعام من السحاب يصبح لنا فرحا لسابقنا ومتأخرنا ومعجزة منك وارحمنا وأنت أحسن الواهبين،يبين الله لنا أن عيسى ابن أى ولد مريم(ص)قال أى دعا الله :ربنا أى إلهنا أنزل علينا مائدة من السماء والمراد أعطنا منضدة عليها طعام تحضر من السحاب تكون لنا عيدا والمراد تصبح لنا يوم فرح متكرر لأولنا وأخرنا والمراد لسابقنا وهو المسيح (ص)وأتباعه وأخرنا وهم المسلمون بعده وهو عيد الفطر وآية أى رحمة أى معجزة منك تدل على قدرتك وارزقنا وأنت خير الرازقين أى كما قال بسورة آل عمران"وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "فارزقنا تعنى هب لنا أى أعطنا الرحمة وخير الرازقين هو الوهاب أى أحسن من يعطى الرحمة.
"قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين"المعنى قال الله إنى معطيها لكم فمن يعتدى بعد نزولها منكم فإنى أعاقبه عقابا لا أعاقبه أحدا من الناس،يبين الله لنا أنه أوحى لعيسى(ص)وحيا قال فيه:إنى منزلها عليكم والمراد إنى معطى المائدة لكم فمن يكفر بعد منكم أى "يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته"فيكفر تعنى يبدل إيمانه كفرا والمعنى فمن يكذب دين الله بعد نزول المائدة منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين والمراد أعاقبه عقابا لا أعقابه إنسانا من الناس وهذا يعنى أنهم سيكونون فى أسفل درجات النار.
"لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شىء قدير "المعنى له حكم الذى فى السموات والأرض والذى فيهن وهو لكل أمر يريده فاعل،يبين الله لنا أن له ملك أى ميراث أى حكم السموات والأرض وما فيهن والمراد والمخلوقات التى تعيش فيهن مصداق لقوله بسورة آل عمران "له ميراث السموات والأرض"وهو على كل شىء قدير والمراد وهو لكل أمر يريده فاعل مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد".