"وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء وهم يتلون كتاب الله كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون"قوله "وقالت اليهود ليست النصارى على شىء وقالت النصارى ليست اليهود على شىء"يفسره قوله بسورة البقرة "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا"فعدم كون النصارى على شىء أى دين الله هو أن اليهود أهل الاهتداء عند أنفسهم وعدم كون اليهود على شىء أى دين الله هو كون النصارى أهل الاهتداء عند أنفسهم والمعنى وقالت اليهود ليست النصارى على دين الله وقالت النصارى ليست اليهود على دين الله ،وهذا يعنى أن كل فريق يدعى أنه على الحق وهو دين الله والفرق الأخرى على الباطل ،وقوله "وهم يتلون كتاب الله"يعنى وهم يعرفون حكم الله ،وهذا يعنى أن اليهود والنصارى يعلمون من وحى الله من هم على دين الله ومن ليسوا على دينه ومع هذا زعموا ما زعموا مخالفين وحى الله،وقوله"كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم "يعنى هكذا قال الذين لا يعرفون شبه حديثهم ،يبين الله لنا أن الذين لا يعلمون وهم الذين لا يطيعون العلم أى الوحى وهم أصحاب كل دين أخر قالوا أنهم وحدهم على دين الله وغيرهم على الباطل وقوله "فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون "يفسره قوله بسورة السجدة"إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة "وقوله بسورة يونس"إن ربك يقضى بينهم "فحكم الله هو فصله بينهم هو قضاؤه بينهم والمعنى فالله يفصل بينهم يوم البعث فى الذى كانوا به يكذبون وهذا يعنى أن أهل كل دين سيحكم الله بينهم يوم البعث حكما عادلا وساعتها يعرفون من منهم أهل دين الله ومن ليسوا بأهله والمعنى وقالت اليهود ليست النصارى على دين الله وقالت النصارى ليست اليهود على دين الله ،هكذا قال الذين لا يؤمنون شبه زعمهم فالرب يقضى بينهم فى الذى كانوا به يكذبون ،والخطاب كسابقه للنبى (ص)وما بعده .
"ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الأخرة عذاب عظيم "قوله "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابها "يفسره قوله بسورة الأنعام"فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم"وقوله بسورة سبأ"والذين سعوا فى آياتنا معاجزين "فالظالم المانع مساجد الله من ذكر اسمه فيها كى تخرب هو المفترى الكذب على الله لإضلال الناس هو الساعى لتحريف آيات الله والمعنى ومن أضل ممن حرم بلاد الله أن يطاع فيها حكمه أى عمل على فسادها،يبين الله لنا أن الظالم وهو الكافر هو الذى منع أهل مساجد وهى بلاد الله أن يطيعوا اسم أى حكم الله وفسر هذا بأنه الساعى فى خراب البلاد وهو العامل على أن يحكم الظلم أهل البلاد ،وقوله "أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين "يعنى المانعين ما كان لهم أن يلجوا البلاد إلا مذلولين ،يبين الله لنا أن المانعين اسم الله من ذكره لا يقدرون على دخول بلاد المسلمين إلا وهم أذلاء أى ممسك بهم لتنفيذ حكم الله فيهم وهو قتلهم ،وقوله "لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الأخرة عذاب عظيم "يفسره قوله بسورة آل عمران "فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا فى الدنيا والأخرة "فالخزى والعذاب العظيم هو العذاب الشديد والمعنى لهم فى الأولى ذل ولهم فى القيامة عقاب شديد ،يبين الله لنا أن الساعين فى خراب بلاد الله لهم فى الدنيا خزى أى ذل عبارة عن تنفيذ حكم الله بقتلهم بعد القبض عليهم أو قتلهم فى الحرب ولهم فى القيامة عذاب النار ومعنى الآية ومن أكفر ممن حرم بلاد الله أن يتبع فيها حكمه أى عمل على كفرها ،أولئك ما كان لهم أن يلجوها إلا مذلولين لهم فى الأولى ذل ولهم فى القيامة عقاب مهين .
"ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم "قوله"ولله المشرق والمغرب"يفسره قوله بسورة البقرة "له ما فى السموات والأرض "فالله يملك المشرق والمغرب وهما الأرض حيث الليل وهو الغروب والنهار وهو الشروق فيها والمعنى ولله ملك مكان الشروق ومكان الغروب ،وقوله "فأينما تولوا فثم وجه الله"يعنى فى أى مكان تذهبوا فثم مخلوقاته فى كل موضع فى المكان وهذا دليل على قدرته التى لا تحدها الحدود ولا تقف فى طريقها العوائق والسدود ،وقوله "إن الله واسع عليم "يفسره قوله بسورة الأنعام"وسع ربى كل شىء علما"وقوله بسورة البقرة"وسع كرسيه السموات والأرض"فمعنى واسع أنه محيط بالمعرفة مالك للكون والمعنى إن الله غنى خبير ومعنى الآية ولله ملك مكان الشروق ومكان الغروب ففى أى مكان تذهبوا إليه ثم مخلوقات الله إن الرب غنى خبير ،والخطاب للمؤمنين وكذا ما بعده.
"وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما فى السموات والأرض كل له قانتون"قوله "وقالوا اتخذ الله ولدا"يفسره قوله بسورة مريم"وقالوا اتخذ الرحمن ولدا"فالله هو الرحمن والمعنى وقالوا أنجب الله ابنا ،وهذا يعنى أن بعض الناس قد زعموا أن الله له ابن يرثه وقوله"سبحانه بل له ما فى السموات والأرض"يفسره قوله بسورة آل عمران"ولله ملك السموات والأرض"فما لله هو ملكه والمعنى طاعته إن له ملك السموات والأرض ،يبين الله لنا أنه ليس له ابن لأن التسبيح وهو الطاعة له من جميع الخلق الذين يملكهم عدا من كفر ومن ثم فلا حاجة له للإبن لأن الجميع له وقوله"كل له قانتون"يفسره قوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"فالقانتون هم المسلمون والمعنى ونحن له مطيعون وهذا يعنى أن الخلق جميعهم مسلمين أى مطيعين لحكم الله عدا من حق عليه العذاب وهم الكفار مصداق لقوله تعالى بسورة الحج "ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب" وهذا يعنى أن ليس له ابن يطاع معه ومعنى الآية وقالوا أنجب الرب ابنا،الطاعة لحكمه
،إن له ملك الذى فى السموات والأرض كل له مطيعون إلا من كفر،والخطاب كسابقه للمؤمنين ومحذوف أخره ومعناه إلا من كفر.
"بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون "قوله "بديع السموات والأرض"يفسره قوله بسورة فاطر"فاطر السموات والأرض "فالبديع هو الفاطر أى الخالق والمعنى خالق السموات والأرض ،يبين الله لنا أنه وحده المبدع أى الخالق للكون ولو كان له ابن لشاركه فى خلق بعض الكون باعتبار أن صفات الابن لابد أن تشابه صفات أبيه وقوله"وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون"يفسره قوله بسورة يس"إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"فقضاء الأمر هو إرادة الشىء والمعنى وإذا أراد خلقا فإنما يوحى له تواجد فيوجد ،يبين الله لنا أنه إذا خلق مخلوق فإنه يوحى إليه تواجد فيوجد بلا تأخير والغرض من القول هو إخبارنا أن لو كان له ابن لابد أن يكون من مخلوقاته التى يوجدها بوحى منه للمخلوق ومن ثم فالابن لن يكون إلها أبدا ولكن هذا لم يحدث ومعنى الآية خالق السموات والأرض إذا أراد خلقا فإنما يوحى له تواجد فيتواجد ،والخطاب كسابقه للمؤمنين وما بعده .
"وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون"قوله"وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية "يفسره قوله بسورة الرعد"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه"فالذين لا يعلمون هم الذين كفروا وإنزال الآية هو الإتيان بها والمعنى وقال الذين لا يطيعون حكم الله هلا يحدثنا الله أو تجيئنا معجزة ،يبين الله لنا أن الكفار يريدون من الله أن يحدثهم مثلما يحدث الرسل (ص)أو يبعث لهم معجزة حتى يؤمنوا بالرسول (ص)وقوله "كذلك فعل الذين من قبلهم"فقول القوم هو فعلهم الممثل فى الحديث المطالب بكلام الله أو إتيان الآية والمعنى هكذا طلب الذين سبقوهم شبه طلبهم تماثلت أقوالهم ،يبين الله لنا أن الكفار فى كل العصور قالوا نفس الطلبات للرسل(ص)ومنهم محمد(ص)ومن ثم فأقوالهم متشابهة والقلوب هى الأقوال ،وقوله "قد بينا الآيات لقوم يوقنون"يفسره قوله بسورة الأنعام"قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون"فتبيين الآيات هو تفصيلها والذين يوقنون هم الذين يفقهون والمعنى قد وضحنا الأحكام لناس يفهمون،ومعنى الآية وقال الذين لا يتبعون حكم الله لولا يحدثنا الله أو تجيئنا معجزة ،هكذا طلب الذين سبقوهم للحياة شبه طلبهم تماثلت طلباتهم قد فصلنا الأحكام لناس يفقهون ،والخطاب كسابقه للمؤمنين وهم الموقنين .
"إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم "قوله "إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وأرسلناك للناس رسولا"وقوله بسورة الأنبياء"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "فالبشير النذير هو الرسول هو الرحمة للعالمين والمعنى إنا بعثناك بالعدل مبلغا أى موصلا للوحى ،فالله بعث الرسول (ص)بالحق وهو العدل أى حكم الله بشيرا أى مخبرا للوحى وقوله"ولا تسئل عن أصحاب الجحيم"يفسره قوله بسورة البقرة"ولا تسألون عما كانوا يعملون"وهذا يعنى أن النبى (ص)لا يعاقب على عمل الكفار والمعنى ولا تعاقب بعمل أهل النار،يبين الله لنبيه (ص)أنه لا يحاسب أى لا يعاقب على عمل أهل الجحيم أى النار ومعنى الآية إنا بعثناك مبلغا أى مخبرا بالوحى ولا تعاقب على عمل سكان النار،والخطاب للنبى(ص) وما بعده.
"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ما لك من ولى ولا نصير"قوله "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم "يفسره قوله بسورة آل عمران "ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم"فاليهود والنصارى لن يرضوا عن الرسول (ص)حتى يتبع دينهم وهو ما طالب اليهود والنصارى بعضهم ألا يؤمنوا إلا لمن أطاع دينهم والمعنى ولن تحبك اليهود والنصارى حتى تطيع حكمهم ،يبين الله لنبيه (ص)أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه أى يحبوه ويسمعوا حديثه حتى يكون هو متبع دينهم أى مطيع حكمهم أى يكون على دينهم وقوله"قل إن هدى الله هو الهدى"يفسره قوله بسورة الأنعام"قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا"فهدى الله هو الصراط المستقيم الدين القيم ملة إبراهيم (ص)والمعنى قل إن حكم الله هو الدين ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لليهود والنصارى أن هدى الله وهو حكم الله هو الهدى أى الدين الحق وليس أى دين غيره ،وقوله "ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذى جاءك من العلم ما لك من ولى ولا نصير "يفسره قوله بسورة الرعد"ولئن اتبعت أهوائهم من بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق"وقوله بسورة المائدة "عما جاءك من الحق"فالعلم هو الحق والولى هو النصير هو الواقى من النار والمعنى ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الحق ما لك من عذاب الله من ناصر أى حامى ،يبين الله لنبيه(ص)أنه لو اتبع أهواء والمراد أنه لو أطاع أديان اليهود والنصارى فسيدخل النار ولن يجد له ولى أى نصير أى واقى من عذاب الله ومن هنا نعلم حرمة اتباع أديان الكفر مهما كان أصحابها والمعنى ولن تحبك اليهود والنصارى حتى تطيع دينهم ،قل إن حكم الله هو العدل ولئن أطعت أديانهم بعد الذى أتاك من الوحى ما لك من واق من النار أى منقذ من العذاب .
"الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون "قوله"الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته"يفسره قوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته"وقوله بسورة الحج"وجاهدوا فى الله حق جهاده "فتلاوة الكتاب هى تقوى الله هى الجهاد فى الله والمعنى الذين أوحينا لهم الحكم يطيعونه واجب طاعته ،يبين الله لنا أن المسلمين الذين أوحى لهم الكتاب وهو الوحى هو الذين يطيعونه الطاعة السليمة ،وقوله "أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون"يفسره قوله بسورة الرعد"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك"وقوله بسورة الحديد"والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار"فالذين يؤمنون هم الذين يفرحون بكتاب الله والذين كذبوا بحكم الله هم الخاسرون هم أهل النار والمعنى الذين أوحينا لهم الوحى يتبعونه واجب اتباعه أولئك يصدقون به ومن يعصاه فأولئك هم المعذبون فى النار والخطاب للنبى(ص)كسابقه.
"يا بنى إسرائيل اذكروا نعمتى التى أنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين "يفسره قوله بسورة الأعراف"فاذكروا آلاء الله"وقوله بسورة الدخان"ولقد اخترناهم على علم على العالمين"فذكر النعمة هو ذكر آلاء الله وهى أحكامه وتفضيل القوم هو اختيارهم من بين الناس ومعنى الآية يا أولاد يعقوب أطيعوا حكمى الذى أرسلت لكم وأنى اخترتكم من الناس ،يبين الله لبنى إسرائيل أن الواجب عليهم هو إطاعة رسالته وهى نعمته المنزلة عليهم لأنه فضلهم على العالمين بسبب طاعتهم للوحى وليس غير هذا ،والخطاب للمؤمنين وهو حكاية عما حدث لبنى إسرائيل وكذا القول بعده وهما تكرار لفظى لآيتين سابقتين عدا عدة كلمات.
"واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون "يفسره قوله بسورة البقرة "فاتقوا النار"وقوله بسورة الإنفطار "يوم لا تملك نفس لنفس شيئا"وقوله بسورة الدخان "يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا"وقوله بسورة البقرة "ولا يؤخذ منها عدل "وقوله "ولا هم ينظرون "وقوله بسورة الحديد"فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا "فإتقاء اليوم هو إتقاء النار بسورة البقرة وعدم جزاء نفس عن نفس شيئا هو عدم إغناء مولى عن مولى شيئا بسورة الدخان هو عدم ملكية نفس لنفس أمرا فى ذلك اليوم بسورة الإنفطار وعدم قبول العدل هو عدم أخذ العدل بسورة البقرة هو عدم أخذ الفدية منهم بسورة الحديد وعدم نصرهم هو عدم النظر لهم بسورة البقرة والمعنى وابتعدوا عن عذاب يوم لا تتحمل نفس عن نفس عقابا ولا يؤخذ منها فدية ولا تفيدها مناصرة الأخرين ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن يوم القيامة يتم تحريم التالى تحمل المخلوق لعقاب الأخرين وتحرم الفدية وهو العدل أى المال المدفوع مقابل إخراجهم من النار وتحرم الشفاعة وهى الكلام الذى يراد من خلفه إخراجهم من النار مع استحقاقهم لها ويحرم نصرهم أى رحمتهم من قبل الله .
"وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"قوله "وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن"يفسره قوله بسورة البقرة "إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"فكلمات الابتلاء هى قول الله له:أسلم وإتمامه هو قوله أسلمت لرب العالمين والمعنى وقد اختبر إبراهيم إلهه بالإسلام فأسلم ،يبين الله لنا أنه اختبر إبراهيم (ص)بطلب الإسلام منه فنجح فى الإختبار حيث أسلم وجهه لله،وقوله "قال إنى جاعلك للناس إماما "يفسره قوله بسورة النساء"واتخذ الله إبراهيم خليلا"فالإمام هو الخليل أى الرسول والمعنى قال إنى معينك للخلق رسولا ،وهذا يعنى أن الله أرسله للناس قائدا يرشدهم للحق ،وقوله "قال ومن ذريتى قال لا ينال عهدى الظالمين"يفسره قوله بسورة إبراهيم "رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى "فطلب إبراهيم (ص)كون الذرية أئمة هو أن يكونوا مقيمى الصلاة والمعنى قال ومن نسلى هداة قال لا يأخذ ثوابى الكفار،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يكون نسله كله هداة أئمة يرشدون الناس فأخبره الله أن عهده وهو ثوابه لا يأخذه الكفار وهذه معناه أن نسله سيكون منه كفرة ظلمة فى المستقبل والمعنى وقد اختبر إبراهيم (ص)إلهه بأوامر فأطاعهن قال إنى مختارك للخلق رسولا قال ومن نسلى هداة مثلى قال لا يدخل رحمتى الكافرين والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم(ص)وكذا ما بعده.
"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"قوله "وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا"يفسره قوله بسورة المائدة "جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس"فالمثابة هى القيام هى الأمن للناس والمعنى وقد وضعنا الكعبة قياما للبشر أى طمأنينة وهذا يبين لنا أن سبب بناء الكعبة فى الأرض هو أن تكون مثابة أى مكان أمن للخلق أى مكان لقيام أى دوام حياة الخلق فيها ،وقوله "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "يفسره قوله بسورة البقرة "فول وجهك شطر المسجد الحرام "فاتخاذ المقام مصلى هو تولية الوجه تجاه المسجد الحرام والمعنى واجعلوا بناء إبراهيم (ص)قبلة ،يطلب الله من المسلمين أن يتخذوا مقام إبراهيم (ص)أى الكعبة مصلى أى قبلة يتجهوا إليها عند الصلاة وقوله "وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتى للطائفين والعاكفين والركع السجود"يفسره قوله بسورة الحج"وطهر بيتى للطائفين والقائمين والركع السجود"فالعاكفين هم القائمين والمصلين والمعنى وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن جهزا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،يبين الله لنا أنه عهد أى أوحى لإبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)ابنه أن يطهرا البيت أى يرفعا أى يجهزا الكعبة من أجل الطائفين وهم الزائرين الحجيج والعمار والعاكفين وهم المقيمين فى جوار المسجد والركع السجود وهم المصلين المتجهين للكعبة فى الصلاة ومعنى الآية وقد وضعنا الكعبة حياة للخلق أى طمأنينة واجعلوا من بناء إبراهيم (ص)قبلة وأوحينا إلى إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)أن ارفعا كعبتى للزائرين والمقيمين والمصلين ،ونلاحظ أن القول هنا هو وصل لعدة آيات فأولها حديث من الله عن الكعبة"وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا "فهو حديث عن الماضى وثانيها جزء من آية تتحدث عن الحاضر "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"فهى أمر للمسلمين بالإتجاه عند الصلاة للكعبة وثالثها جزء من آية تتحدث عن بناء إبراهيم(ص)وإسماعيل (ص)للكعبة وهو ماضى وإن كان أحدث من الجزء الأول .
"وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "قوله "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات من أمن بالله واليوم الأخر"يفسره قوله بسورة القصص"حرما أمنا يجبى إليه ثمرات كل شىء رزقا من لدنا "فالبلد الأمن هو الحرم الأمن والمعنى وقد قال إبراهيم (ص)إلهى أدم هذه قرية مطمئنة وأعطى سكانه من المنافع من صدق بحكم الله ويوم القيامة ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)طلب من الله أن يجعل مكة بلد أمن أى قرية مطمئنة ليس فيها قتال أو قتل وطلب منه أن يرزق أى يعطى أهل البلدة ثمرات كل شىء أى منافع كل صنف من الرزق وخص بهذا الذين يؤمنون بوحى الله ويوم البعث ،وقوله "قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير "يفسره قوله بسورة لقمان"نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ "وقوله بسورة المائدة "إنه من يشرك بالله فقد حرم عليه الجنة "وقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار"فمن كفر هو من يشرك بالله فى سورة لقمان وعذاب النار هو العذاب الغليظ بسورة لقمان والمصير هو القرار بسورة إبراهيم والمعنى قال الله ومن أشرك بالله فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار ،يبين الله لإبراهيم (ص)أن من كفر أى عصى وحى الله من سكان مكة سوف يمتعه قليلا أى يعطيه الرزق وقتا قصيرا هو وقت معيشتهم فى الدنيا ثم بعد الموت يدخله النار حيث البيت القبيح لمن يقيم به ومعنى الآية وقد قال إبراهيم إلهى أدم مكة قرية مطمئنة وأعطى سكانها من المنافع من صدق بوحى الله ويوم القيامة قال الله ومن كذب بوحى الله ويوم البعث فأعطه وقتا قصيرا ثم أدخله فى آلام الجحيم وقبح القرار .
"وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم "قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا "يعنى وحين يقيم إبراهيم (ص)الجدران للقبلة وإسماعيل (ص)إلهنا إرض عنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وقت رفعهما القواعد وهو وقت تعلية الجدران للقبلة دعوا معا فقالا لله:تقبل منا أى إرض عن عملنا وقوله "إنك أنت السميع العليم "يعنى إنك أنت الخبير المحيط ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)قالا فى الدعاء:إنك أنت السميع العليم فالسميع هو العارف لكل شىء ومثله العليم أى المحيط بكل أمر فى الكون ومعنى الآية وحين يقيم إبراهيم (ص)جدران القبلة وإسماعيل(ص)إلهنا إرض عن عملنا إنك أنت الخبير المحيط .
"ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم "قوله "ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك "يعنى إلهنا وأدمنا مطيعين لك ومن نسلنا جماعة مطيعة لك ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)طلبا من الله أن يجعلهم مسلمين له والمراد أن يحييهم مطيعين لحكمه فى الدنيا وطلبا أن يجعل من ذريتهم أمة مسلمة والمراد أن يخلق من نسلهم جماعة مطيعة لوحى الله ،وقوله "وأرنا مناسكنا وتب علينا "يفسره قوله بسورة البقرة "واعف عنا واغفر لنا وارحمنا"فالتوبة عليهم هى العفو عنهم هى الغفران لهم هى رحمتهم والمعنى وعلمنا أحكامنا واغفر لنا ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا فى الدعاء من الله أن يريهم مناسكهم أى يعرفهم أحكام دينهم حتى يطيعوها وطلبوا منه أن يتوب عليهم أى يغفر لهم أى يرحمهم وقوله " إنك أنت التواب الرحيم"يفسره قوله بسورة غافر"غافر الذنب وقابل التوب"وقوله بسورة الأحزاب"وكان بالمؤمنين رحيما "فالتواب هو غافر الذنب هو قابل التوب أى العودة لله والرحيم هو الذى يرأف بالمؤمنين والمعنى إنك أنت الغفور الرءوف ،يبين الله لنا أنهما قالا فى الدعاء:إنك أنت الغفور الرءوف إشارة إلى أنه يغفر لمن يتوب من ذنبه ويرحمه ومعنى الآية إلهنا وأحينا مطيعين لحكمك ومن نسلنا جماعة مطيعة لحكمك وعرفنا أحكامك واغفر لنا ذنوبنا إنك أنت الغفور الرءوف.
"ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم"قوله "ربنا وابعث فيهم رسولا منهم "يعنى إلهنا وأرسل لهم نبيا منهم ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)طلبا من الله أن يبعث لذريتهم رسولا منهم وهذا معناه أن يبعث فى نسلهم نبيا من أنفسهم والسبب"أن يتلوا عليهم آياتك"ويفسره قوله بسورة البينة "يتلوا صحفا مطهرة"فالآيات هى الصحف المطهرة وفسره الله بقوله بعده"ويعلمهم الكتاب والحكمة "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة أى الوحى وفسرهما بقوله بعده "ويزكيهم "فتلاوة الآيات هى تعليم الكتاب أى الحكمة هو تزكية القوم وهو تطهيرهم من الذنوب عن طريق طاعتهم للكتاب ،وقوله "إنك أنت العزيز الحكيم"يعنى إنك أنت الناصر القاضى ،يبين الله لنا على لسان الرسولين (ص)أنه هو الذى يعز خلقه أى ينصر مطيعيه وهو الذى يحكم أى يقضى بين الخلق ومعنى الآية إلهنا وأرسل فيهم مبعوثا منهم يبلغهم أحكامك أى يعرفهم الوحى أى حكم الله أى يطهرهم من الذنوب إنك أنت الناصر القاضى .
"ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"قوله "ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه"يفسره قوله بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الأخرة من الخاسرين"فالرغبة عن ملة إبراهيم (ص)هى ابتغاء دين غير الإسلام وتسفيه النفس هو جعلها من الخاسرين فى الأخرة والمعنى ومن يعرض عن دين إبراهيم(ص)إلا من خسر نفسه ،يبين الله لنا أن من يتبع ملة غير ملة إبراهيم (ص)هو سفيه أى مجنون بجعل نفسه خاسرة ،وقوله"ولقد اصطفيناه فى الدنيا وإنه فى الأخرة لمن الصالحين "يفسره قوله بسورة النحل"وأتيناه فى الدنيا حسنة وإنه فى الأخرة لمن الصالحين"فاصطفاء إبراهيم (ص)فى الدنيا هو الحسنة التى أعطاها الله له ويفسره قوله بسورة العنكبوت"وأتيناه أجره فى الدنيا"والاصطفاء وما تبعه من نصر هو أجره فى الدنيا والمعنى ولقد اخترناه فى الأولى وإنه فى القيامة لمن المنعمين ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قد اصطفاه أى اختاره نبيا فى الأولى وهذا هو أجره وهو فى الأخرة وهى القيامة من الصالحين أى المحسنين الذين ينعمون فى الجنة ومعنى الآية :ومن يترك دين إبراهيم (ص)إلا من خسر نفسه ولقد اخترناه فى الأولى نبيا وإنه فى القيامة من المنعمين فى الجنة ،والخطاب فى أول الآية للناس وبقيتها "ولقد اصطفيناه .. "للمؤمنين والقول جزء من آيتين حذف من كل منهما جزء والمحذوف من الآية الأولى معناه ومن يرغب فى ملة إبراهيم(ص)هو العاقل .
"إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين"يفسره قوله بسورة الشورى "وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"فقوله أسلم هو قوله أقيموا الدين والمعنى وحين قال له إلهه أطع قال أطعت إله الكل ،يبين الله لنا أنه أوحى لإبراهيم (ص)أسلم أى أطع حكمى فكان رد إبراهيم (ص)أسلمت لرب العالمين أى أطعت حكم إله الكل وهذا معناه أنه يقر بأن الله وحده هو المستحق للطاعة من كل خلقه والخطاب للمؤمنين حكاية عما حدث لإبراهيم (ص) وما بعده .
"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا أنتم مسلمون "يفسره قوله بسورة المائدة "ورضيت لكم الإسلام دينا "وقوله بسورة آل عمران"اتقوا الله حق تقاته ولا تموتون إلا أنتم مسلمون "فاصطفاء الله للدين هو رضاء الله الإسلام لنا دينا والموت مسلمين هو الموت مؤمنين والمعنى ونصح بها إبراهيم (ص)أولاده وإسرائيل أولاده إن الله اختار لكم الحكم فلا تتوفون إلا وأنتم مطيعون لحكم الله،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)نصح أولاده وكذلك نصح يعقوب (ص)أولاده بالنصيحة التالية أن الله اختار لهم الدين وهو الإسلام ومن ثم فواجبهم هو الموت وهم مطيعون لهذا الدين .
"أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون "المعنى هل كنتم حضور حين جاءت إسرائيل الوفاة فقال لأولاده ما تطيعون من بعد وفاتى قالوا نطيع ربك ورب أبائك إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ربا واحدا ونحن له مطيعون ؟يسأل الله أهل الكتاب هل كنتم أحياء لما أتى يعقوب (ص)الموت؟والغرض من السؤال هو إثبات خطأ قولهم أن يعقوب(ص)كان يهوديا أو نصرانيا فالله يخبرهم أنهم ما داموا لم يكونوا أحياء وقت وفاته فهم لا يعلمون دينه الحق ،ويبين الله لنا أن أولاد يعقوب(ص)لما سألهم عن الإله الذى يعبدون بعد وفاته ردوا قائلين أن إلههم هو إله الأباء إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)وأعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لحكم الله وحده الذى هو واحد ليس له شريك فى ملكه والخطاب لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك جماعة قد مضت لها جزاء ما عملت ولكم جزاء ما عملتم ولا تحاسبون على ما كانوا يصنعون ،يبين الله للمسلمين أن إبراهيم (ص)وأولاده هم أمة قد خلت أى انتهى عهدهم ولهم كسبهم أى جزاء عملهم وهو الجنة لمن أسلم ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا عند الله ولا نسأل عما كانوا يعملون أى لا يحاسبنا على أعمال القوم سواء بجنة أو نار ،والخطاب لأهل الكتاب.
"وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "قوله "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا "يفسره قوله بنفس السورة "وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى"فالاهتداء هو دخول الجنة فى زعم القوم لليهود وحدهم أو للنصارى وحدهم والمعنى وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،يبين الله لنا أن اليهود زعموا أن اليهودى يهتدى أى يرحم أى يثاب أى يدخل الجنة وحده وزعمت النصارى أن من كان نصرانيا قد اهتدى أى رحم أى دخل الجنة وحده وقوله "بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين "يفسره قوله بسورة آل عمران"ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما"فالمهتدى عند الله هو متبع ملة إبراهيم (ص)الذى ليس يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا والمعنى المهتدى هو متبع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،يبين الله لنا أن المهتدى هو متبع ملة إبراهيم (ص)حنيفا أى مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما نفسه لله ولم يكن إبراهيم (ص)يهوديا ولا نصرانيا ولا مشركا وإنما كان مسلما ومعنى الآية وقالوا أصبحوا يهودا أو نصارى ترحموا ،قل المرحوم مطيع دين إبراهيم (ص)مسلما وما كان من الكافرين ،والخطاب للنبى(ص).
"قولوا أمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتى موسى وعيسى وما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون "يفسر الآية قوله بسورة العنكبوت "وقولوا أمنا بالذى أنزل إلينا وما أنزل إليكم "وقوله بسورة آل عمران"فأمنوا بالله ورسله"وقوله بسورة البقرة "ونحن له عابدون "فالإيمان بالله ورسله هو الإيمان بما أنزل على كل الرسل (ص)ومسلمون تعنى عابدون والمعنى قولوا صدقنا بوحى الله أى ما أوحى إلى المسلمين وما أوحى لإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأولاد عليهم الصلاة والسلام وما أوحى لموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام والذى أوحى للرسل(ص)الأخرين من إلههم لا نميز بين أحد منهم ونحن له مطيعون،يطلب الله من أهل الكتاب أن يعلنوا إيمانهم بالله أى تصديقهم بوحى الله وهو ما فسره بأنه المنزل على كل الرسل (ص)المذكورين فى الآية وغير المذكورين ويطلب منهم عدم تفرقتهم بين الرسل(ص)والمراد أن يصدقوا بهم جميعا فلا يكفروا ببعض منهم ويصدقوا ببعض منهم ويطلب منهم أن يعلنوا أنهم مسلمون أى مطيعون لوحى الله ،والخطاب لأهل الكتاب.
"فإن أمنوا بمثل ما أمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم فى شقاق فسيكيفكهم الله وهو السميع العليم "يفسر الآية قوله بسورة آل عمران"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا إنما عليك البلاغ"وقوله بسورة المائدة "فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله يصيبهم ببعض ذنوبهم"فكلمة أمنوا تفسرها كلمة أسلموا فى آل عمران وكفاية الله رسوله (ص)للكفار هى إصابتهم ببعض ذنوبهم والمعنى فإن صدقوا بكل ما صدقتم به فقد أصابوا وإن أعرضوا فإنما هم فى كفر فسيتكفل بهم الله وهو الخبير المحيط ،يبين الله للمسلمين أن الناس إذا اهتدوا بمثل ما يؤمنون به فقد أصابوا أى أثابهم الله بالجنة ويبين لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كذبوا بالوحى كله أو بعضه فإن الناس فى شقاق أى كفر وسيكفى الله النبى(ص) شرهم والمراد وسيبعد الله أذاهم عن الرسول(ص) مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "ويبين لنا أنه السميع أى الخبير أى العليم أى المحيط بكل شىء ،والخطاب للمؤمنين فى أول القول وأما بقية القول ولابد أنه جزء من آية أخرى فخطاب للنبى(ص) والمحذوف معناه وأذى المستهزئين كثر فسيحميك الله منهم .
"صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون "يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما "وقوله بسورة البقرة "ونحن له مسلمون"و"ونحن له مخلصون"فالصبغة هى الحكم والعابدون هم المسلمون هم المخلصون والمعنى الإسلام حكم الله ومن أفضل من الله حكما ونحن له مطيعون ،يبين الله لنا أن الإسلام هو حكم الله وليس هناك من هو أحسن من الله حكما أى دينا وهو رد على قول الناس من الصبغة أى الدين الأحسن ؟ والقول هنا جزء من آيتين حذف من كل منهما بعضها فالمحذوف فى الأول هو كلمة الإسلام أو سؤال معناه ما صبغة الله والجواب الإسلام صبغة الله والمخاطب هو النبى(ص)غالبا وأما بقية القول فهى جزء من آية يتحدث فيها المسلمون والمعنى المحذوف الله هو ربنا ونحن له عابدون
"قل أتحاجوننا فى الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن له مخلصون"يفسر الآية قوله بسورة غافر "ما يجادل فى آيات الله إلا الذين كفروا"وقوله بسورة العنكبوت"وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون"وقوله بسورة الكافرون"لكم دينكم ولى دين"فقوله أتحاجوننا فى الله يعنى أتجادلوننا كما بسورة غافر وربنا وربكم هو إلهنا وإلهكم بسورة العنكبوت وأعمالنا هى ديننا وأعمالكم هى دينكم كما بسورة الكافرون ومسلمون هى مخلصون كما بسورة العنكبوت والمعنى قل يا محمد هل تجادلوننا فى دين الله وهو إلهنا وإلهكم ولنا أفعالنا ولكم أفعالكم ونحن لدينه مطيعون ؟يطلب الله من نبيه (ص)أن يخبر أهل الكتاب أن حجاجهم فى الله وهو تكذيبهم بدين الله ليس له أساس لأن الله هو ربهم وربنا وهو إله واحد ويبين لهم أن حساب أعمالهم عليهم وحساب أعمال المسلمين عليهم والمسلمون مخلصون أى مطيعون لدين الله ،والخطاب للنبى(ص) .
"أم تقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون "قوله "أتقولون أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى "يعنى هل تزعمون أن إبراهيم (ص)وإسماعيل (ص)وإسحاق (ص)ويعقوب(ص)والأولاد (ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟والغرض من السؤال إخبار اليهود والنصارى أن الرسل السابق ذكرهم لم يكونوا يهودا أو نصارى كما زعموا للناس وإنما كانوا مسلمين ،وقوله "أأنتم أعلم أم الله"يعنى هل أنتم أعرف بهذا أم الله؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله هو الأعلم بالحقيقة ،وقوله "ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله "يعنى ومن أكفر من الذى أخفى وحيا لديه من الله والغرض من القول هو إخبارهم أن الظالم هو من يخفى الشهادة وهى الوحى الإلهى الذى يعرف أن مصدره الله عن الناس وقوله "وما الله بغافل عما تعملون"يفسره قوله بسورة يونس"ولا يعزب عن ربك من مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض " فالله ليس غافلا عن أعمال الخلق أى لا يعزب عنه شىء والمعنى وما الله بساهى عن الذى تفعلون ،يبين الله لهم أنه ليس بساهى عما يفعلون من أعمال سواء فى السر أو فى العلن ومعنى الآية هل تزعمون أن إبراهيم (ص) وإسماعيل (ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأولاد(ص)كانوا يهوديين أو نصرانيين ؟قل هل الله أعرف أم أنتم ؟ومن أضل من الذى أخفى وحيا لديه من الرب وما الرب بساهى عن الذى تفعلون ،والخطاب فى أول الآية لأهل الكتاب وفى وسطها للنبى(ص) وفى أخرها لأهل الكتاب.
"تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون "المعنى تلك فرقة قد ماتت لها جزاء الذى عملت ولكم جزاء الذى عملتم ولا تحاسبون عن الذى كانوا يصنعون ،يبين الله لأهل الكتاب أن إبراهيم (ص)وإسماعيل(ص)وإسحاق(ص)ويعقوب(ص)والأسباط (ص)وهم أولاد يعقوب(ص)هم فرقة أى أمة من الناس قد خلت والمراد رحلت عن دنيانا فلها جزاء ما عملت وهو ما صنعت فى الدنيا من أعمال ولنا جزاء كسبنا وهو عملنا ونحن لا نسأل عما كانوا يعملون أى لا نحاسب أى لا نجازى عن الذى كانوا يعملون وهو الذى كانوا يفعلون من عمل ،والخطاب لأهل الكتاب وقد تكررت الآية بنفس ألفاظها فى السورة سابقا.
"سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم " قوله "سيقول السفهاء ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها"يعنى سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم الذى كانوا عليه ،يبين الله للمؤمنين أن عند تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى الكعبة بمكة سيقول السفهاء وهم المجانين من الخلق وهم أهل الكتاب الكفار :ما سبب تركهم المسجد الأقصى الذى كانوا يتجهون إليه فى الصلاة؟ والسؤال يدل على الجهل فتغيير القبلة سببه هو حكم الله الذى نسخ التوجه للبيت الأقصى ،وقوله "قل لله المشرق والمغرب"يفسره قوله تعالى بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"فالمشرق والمغرب هما السموات والأرض فمكان الشروق ومكان الغروب هما السموات والأرض والمعنى ولله ملك مكان النور ومكان الظلام ،يبين الله للسفهاء أنه يملك كل الجهات ومن ثم فمن حقه أن يغير إتجاه القبلة إلى حيث يريد لأنه حر التصرف فى ملكه ،وقوله "يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم" يفسره قوله تعالى بسورة الحج "يهدى من يريد"وقوله بسورة المائدة" يهدى به الله من اتبع رضوانه سبل السلام "فمن يشاء هم من يريد والصراط المستقيم هو سبل السلام والمعنى يدخل من يحب إلى جنة حسنة ،ومعنى الأية سيقول المجانين من الخلق ما غيرهم عن إتجاههم فى الصلاة الذى كانوا عليه قل لله مكان النور ومكان الظلام يسكن من يريد فى جنة كبرى ،والخطاب للنبى(ص).