قراءة فى كتاب أنواع كذب الأطفال وطرق التغلب عليها
المؤلف أنس محمد خير يوسف وهو يدور حول ما يسمى بظاهرة الكذب عند الأطفال وقد استهل الحديث بكونها عادة عند الصغار والكبار فقال :
"إن الكذب عادة غرض ظاهري لدوافع وقوى نفسية تجيش في نفس الفرد؛ سواء كان طفلا أو بالغا .."
كما تحدث عن أن الكذب لا يكون كذبا إلا عن طريق التعمد وذكر مثالا على ذلك النظريات العلمية فقال :
"والكذب من الوجهة الفلسفية والتحليلية لا يعد كذبا إلا إذا توافرت النية والقصد في الموضوع؛ فالذين يذكرون أمورا علمية ويتوهمون أنها صحيحة وهي في الحقيقة خلاف ذلك، لا يمكن أن نعدهم كاذبين، والذي ينقل خبرا على أنه صحيح متوهما الصدق فيما يقول، ويكون الخبر كاذبا؛ فهذا ينطبق عليه القول المتعارف عليه (ناقل الكفر ليس بكافر) وعلى غراره (ناقل الكذب ليس بكاذب)، من أجل ذلك قامت في الأوساط الفكرية والاجتماعية والفلسفية دراسات حول استقصاء الأخبار"
والكذب فى المتعارف عليه هو قول شىء غير الحقيقة الواقعة ومن ثم لا يمكن تناول الكذب من ناحية الفلسفة لأن الفلاسفة لا يشرعون للمسلمين ومن ثم كان يجب اللجوء إلى أحكام الدين لمعرفة الحق من الباطل فى المسألة وهى :
الكذب ليس حراما كله والصدق ليس حلالا كله فالكذب مباح فى ثلاث حالات حتى مع الحلف بالله على ذلك وهى :
الأولى البر وهو هداية أى تعريف الناس الحق فإبراهيم(ص) من بره بقومه كذب عليهم حينما سألوه عمن كسر الأصنام فأجاب بل فعله كبيره هذا وهنا الكذب هو أن يجعلهم يعترفون بالحق وهو أن الآلهة المزعومة ممثلة فى الأصنام لا تقدر على النطق ومن ثم فكل التشريعات التى اخترعوها ونسبوها إليهم لم يقولوها وقد وصل لما يريد عندما اعترفوا بذلك فقالوا كما قصا الله علينا:
"لقد علمت ما هؤلاء ينطقون "
الثانية اتقاء شر الكفار وهو ما سماه التقوى فالمسلم عندما يكون فى مجتمع كافر معادى عليه أن يكذب حتى لا يعذبوه أو يقتلوه إن علموا بكونه مسلم
الثالث الاصلاح بين الناس فالمصلح يذهب إلى المتخاصمين ويقول على لسان كا خصم كلام طيب لم يقله عن الأخر حتى يمكن أن يتراضوا ويتصالحوا
وفى هذا قال تعالى :
"ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس والله سميع عليم"
وقد حرم الله أمورا من الصدق كالنميمة فالنمام ينقل الحقيقة إلى الطرفين وهو الصدق وعمله وهو كلامه الصادق محرم لأنه يوقع العداوة والبغضاء بين الناس وقد وصف الله أحد الكفار بهذا الفعل فقال:
" هماز مشاء بنميم"
وكذلك حرم الغيبة وهى قد تكون صادقة فقال تعالى :
"ولا يغتب بعضكم بعضا "
وكذلك حرم الصدق ممثلا فى وصف الناس بأوصاف حقيقية مثل القصير أو الأقرع وغيرها من الوصاف التى قد تشعره بالنقص وتحزنه داخليا
وتحدث يوسف عن تأثر الأطفال ببيئتهم فقال :
"والطفل منذ ولادته يملك استعدادا للتأثر بكل ما يتصل به من مؤثرات عن طريق التلقين والتقليد، فإبعاده عن المؤثرات السيئة، وتقريبه من المؤثرات الحسنة الصالحة؛ هو الباب الصحيح لإدخاله في عالم خال من الكذب؛ لأنه بمنزلة الأساس لعملية التربية بصورة كلية، فإذا أحسن المربي بناء هذا الأساس؛ نشأ البناء متينا راسخا، وما يكتسبه الطفل في المرحلة الأولى من عمره يصعب تغييره مستقبلا .. فعلى الوالدين أن يتنبها لهذا الأمر. وكل طفل يعد حالة خاصة، وكل موقف يعد حالة خاصة، فلا بد من مراعاة فروق الأطفال والتعامل معهم بشكل مناسب في كل موقف مختلف. فنحن الذين نؤثر في أطفالنا، وكلما كنا واعين أكثر بطبيعة الطفل وحاجته، استطعنا أن نجعل سلوكياتهم الاجتماعية مقبولة لدى الناس بقدر أكبر "
وقد استدل يوسف بالحديث التالى على وجوب الصدق فقال:
"وقد دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الصدق في معاملة الأطفال؛ فعن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: ((دعتني أمي يوما -ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا- فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنك لو لم تعطه شيئا كتبت عليك كذبة))"
وهذا الاستدلال على وجوب تعليم الصدق فقط يخالف القرآن فى تحريم بعض الصدق وإباحة بعض الكذب فالواجب هو أن نعلم ألأولاد أحكام الله وليس أن نفضل الصدق وحده ونرمى الكذب وحده بالصفات الذميمة وحدها
وتحدث نفس الحديث الذى يدل على الجهل بأحكام الله فى الصدق والكذب فقال :
"فإذا نشأ الطفل في بيئة يحترم أهلها الحق والصدق، ويفون للناس بما وعدوا، وإذا عجزوا عن الوفاء شرحوا السبب، في بيئة لا يتخلص فيها الآباء بانتحال المعاذير، وفي أسرة تلتزم بالصدق؛ فمن الطبيعي أن يتعلم الطفل الصدق من هذه البيئة الرائعة المحيطة به، ولما كان الوالدان ألصق الناس بالطفل وجب عليهما التزام الصدق في كل تعامل مع أطفالهما .. فالطفل الذي يأمره والده أن يجيب في الهاتف بأنه غير موجود، والأم التي تأمر ابنتها أن تجيب عنها أنها غير موجودة لتتخلص من زيارة أو ما شابه؛ فهذا الطفل يصعب أن يتعلم الصدق ويلتزم بالحقيقة.
وفي زاوية الأخلاق والآداب نعلم الولد الأخلاق الفاضلة، كالصدق والجود والسخاء والحياء والجرأة؛ فقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتعهد الأطفال والناشئة، فعلينا تعليم الولد في نطاق الشرع بنحو موجز أصول الشريعة وضرورتها وجدواها في إرساء معالم الحقوق والنظام والحريات والمساواة والعدل والإنصاف كما دلت على ذلك الوصايا العشر في أواخر سورة الأنعام: "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون *ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي احسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون *وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون"
إذا نحن نعلم أولادنا الحق وهو الصدق بمعنى أحكام الله العادلة وليس بمعنى قول الحقيقة فى كل الأحوال لأن كما سبق القول هناك أنواع متعددة من الصدق وهو قول الحقيقة محرمة كالنميمة والغيبة والهمز
وتحدث عن نفس الخطأ الذى يقع فيه الكثيرون وهو كون الصدق ممدوح فى كل الأحوال والكذب مذموم فى كل الأحوال فقال :
"وإن المبادئ في النظرية الإسلامية التربوية مستمدة من شريعة الإسلام الخالدة، ومن ثم فهي متميزة عن المبادئ الأخرى المستمدة من نظريات تربوية وضعية، والمبادئ الإسلامية ثابتة لا تتغير، وتعترف بأهمية المعرفة الحسية التي تعين المرء على التعامل مع الواقع كما أنها تمنح صاحبها اطمئنانا قلبيا يدعم الجانب الإيماني. وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة في سؤال إبراهيم ربه أن يريه كيف يحيي الموتى. فعندما تكون هذه المبادئ ثابتة فهذا يسهل على المربين بناء هذه النظرية، فهي نقطة البداية عند عملية البناء .. كما يجب أن نعلم أن سمة فلسفة التربية الإسلامية متميزة وتجعلها تقف فريدة بين سائر أنواع التربية التقليدية منها والحديثة، فالإسلام يعد التربية مقدسة لتحقيق هدف أساسي في الحياة وهو "عبادة الله سبحانه وتعالى بأوسع معانيها"."
وتحدث عن ظاهرة الكذب عند الأطفال مبينا أسبابه فقال :
"وإن من أكثر الدراسات المعروفة حول مشكلات السلوك عند الأطفال الأسوياء (غير المرضى الخاضعين للعلاج)، هي الدراسة التي قام بها ( Macfarlane and Allen and Honzik 1954) والتي فحصوا فيها مشكلات النمو التي يعانيها الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 21 شهرا و 14 سنة، وما سنأخذه هنا هو موضوع حديثنا اليوم هو: الكذب؛ إذ كانت نسبته على وفق التفصيل التالي:
المشكلة
الكذب
الجنس .... سن الثالثة ....... سن الخامسة ....... سن العاشرة ..... سن الرابعة عشرة
ولد ... 14 ... 49 ... 15 ... 6
أنثى ... 12 ... 42 ... 12 ... 0
الأسباب الظاهرة لكذب الأطفال:
1 - اضطراب الحياة الأسرية وتفككها وعدم الشعور بالأمان داخلها.
2 - الشعور بالنقص.
3 - التمييز بين الأولاد.
4 - ظلم المدرس للطالب الذي يدفعه للكذب بقصد الخلاص.
5 - المدرس الذي يحدد موعدا للامتحان ثم لا يجريه.
6 - تجنب العقاب.
7 - الزهو ولفت الأنظار.
8 - الهرب من المسؤولية.
9 - الكذب على سبيل اللعب.
10 - الكذب خوفا من العقاب.
11 - الحصول على العطف والمحبة من الكبار.
12 - طمع في تحقيق غرض نفسي (مثل: الانتقام والكراهية .. )
13 - وضع الوالدين أبناءهم في مواقف يضطرون فيها إلى الكذب، فيشعر الطفل أنه أرغم على الكذب.
14 - تقليد الوالدين حين يستمع إلى كذبهم (ويدخل ضمن هذا أيضا مبالغة الوالدين عند سرد بعض الحكايات مما يسوغ تسميتهم بكاذبين).
15 - لجوء الوالدين إلى المبالغة في تنشئة الطفل على الصدق، والتضييق عليه، والإصرار على أن يكون صادقا 100% مما يؤثر فيه عكسيا؛ حيث يندفع الطفل إلى الكذب كمحاولة للظهور بالمظهر الذي يطلبه الوالدان."
ثم تحدث عن أنواع الكذب الطفولى فقال :
"أنواع الكذب عند الأطفال:
أولا: الكذب الخيالي.
يراد بهذا النوع من الكذب عند الأطفال إظهار النزعة القيادية، ومحاولة انتزاع إعجاب الآخرين، والإيهام بأنه يمتلك قوة كافية للردع بالإضافة إلى التعبير عن خياله الذي يستخدمه لخلق البطولة الوهمية التي يتمنى أن يكون عليها؛ ولكنها لا تزال بدائية ومشوشة، كما أنه يعد هذا الكذب أيضا وسيلة للتسلية، أو تعبيرا عن حلم يقظة تظهر فيه آمال ورغبات لا يمكن أن يفصح عنها بأسلوب واقعي، ويمكن جعلها مثل قصص الأجداد والأمهات الخيالية التي يقصونها للتسلية أو قبل النوم، فالطفل مثلا في سن الرابعة قد تختلط في ذهنه الأفكار فيصور له خياله أفكارا بعيدة عن الواقع، ولعل هذا هو سبب شغف الأطفال بسماع القصص الأسطورية، وربما لا يدركون واقعية القصص الخرافية، لذا فهم يعيشون أجواءها بشغف ولذة وسرور، وقد يعدون أنفسهم أبطال هذه القصص .. ويعد المحللون هذا الكذب ضربا من القصص الخيالية أو التأليف .. وقد يكبر هذا الطفل ويصبح ممثلا يجسد هذه الصورة الكامنة بداخله على خشبة المسرح في المدرسة تجسيدا يفوق التصور!
ويمثل لهذا النوع من الكذب بطفل لم يتجاوز الثالثة من عمره ذكر أنه رأى كلبا ذا قرنين؛ وذلك بعد أن أحضر والده خروف العيد (وهنا يتضح السر في الخلط) وبدل اتهامه بالكذب يمكن أن يوضح له الأب الفرق بين الكلب والخروف."
هذا الكذب التخيلى ليس كذبا خاصة فى مرحلة الطفولة المبكرة وإنما هو تخيل لأن الأطفال فى تلك المرحلة لا يفرقون بين الكذب والصدق ولا يعرفون الزمن أمس واليوم والغد أو الماضى والمستقبل والحاضر
ثم قال :
"ثانيا: الكذب الالتباسي.
وهنا يلتبس الواقع بغير الواقع، وتلتبس الحقيقة بالخرافة، ويتداخل الخيال مع الواقع، ويظهر من القصص التي يسمعها الطفل، ومرجع الكثير منه يكون أحلام الطفل، فقد يتصور الطفل -نتيجة أحلام حلمها في أثناء الليل- أن كلبا هجم عليه، ويقص قصة يصورها على أنها واقعية .. والواقع أن الطفل يلجأ للكذب في هذه الحالات لأن الحقائق تلتبس عليه؛ وتعجز ذاكرته أن تعي حادثة معينة بتفاصيلها؛ فيلجأ إلى تكويرها في عقله الصغير ومنطقه المحدود؛ فإذا قصها بدت لنا كذبا"
هذا الكلام هو من ضمن التخيل وهو ليس كذبا فى مرحلة ما قبل المدرسة لأن الطفل كما سبق القول لا يعرف التفرقة بين الأزمنة ولا يعرف الفرق بين الواقع والخيال
ثم قال :
"ثالثا: الكذب الادعائي.
يلجأ الطفل إلى هذا النوع من الكذب لتعظيم ذاته فيبالغ في صفاته، أو للظهور بشكل محدد لشعوره بالنقص فتجده يبالغ فيما يملك، أو يبالغ في صفات والديه أو أقربائه بين أقرانه بهدف الشعور بالمركز؛ أو استجابة لمؤثرات يتعرض لها في المدرسة أو غيرها .. فقد يدعي أن والده يشغل مركزا مرموقا لمجرد التفاخر وتعظيم الذات، ويمثل بعض المتخصصين لذلك بإحدى الحالات التي قدمت له في عيادته النفسية؛ قدم له أحد الأولاد من عائلة ذات دخل مرتفع ومن الخمسة الأوائل في أغلب الشهور؛ وكانت المدرسة تطلب من جميع أولياء أمور الطلاب الحضور للتسلم لا عن طريق الطلاب، ولكن الطالب لم يكن يخبر والده، ويقول لمدرس الفصل: إن والده مسافر خارج البلاد وكذلك والدته، والحقيقة عكس ذلك، وكان بين طلاب الفصل من يتباهى بأشياء جديدة يحضرها لهم والداهم من الخارج، وكان هذا الطالب قصير القامة بشكل ملحوظ، ويعاني من اعوجاج في أسنانه، وكان التلاميذ يعيرونه بذلك؛ فاخترع قصة سفر والديه مرارا ليفاخر بذلك أمام زملائه، وليشعرهم أنه سيحصل مثلهم قريبا على لعب وملابس وهدايا من الخارج .. وسبب الكذب هنا واضح؛ وهو الشعور بالنقص، ويلجأ إليه الأطفال لاستدرار العطف والشعور بالقبول في البيئة، وأيضا للأطفال المدللين في الصغر إذا تغيرت معاملة الوالدين لهم على أساس أنهم لم يعودوا أطفالا صغارا. وقد يتهم الطالب أيضا بعض المدرسين بأنهم يعذبونه أو يضربونه أو يضطهدونه، وهو بذلك يحاول أن يستدر عطف الوالدين، ويجد لنفسه سببا ليسوغ عدم نجاحه في دروسه ..
وهذا النوع يجب الإسراع في علاجه بتفهم الحاجات النفسية التي يخدمها الكذب ومحاولة إشباعها.
رابعا: الكذب بغرض الاستحواذ.
وهذا النوع من الكذب يقوله الطفل الذي يعامل بقسوة من والديه، أو يتصف والداه بالرقابة المبالغة له؛ فنجده دائما يلجأ لذلك لتحقيق رغباته، فإذا سألته: هل معه نقود؟ أجاب بالنفي، أو يدعي ضياع لعبة ليشتري له والده لعبة أخرى، كل ذلك بهدف الاستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأشياء، وذلك لفقدانه الثقة في أقاربه.
خامسا: الكذب الانتقامي.
قد يسقط الطفل اللوم على شخص يكرهه أو يغار منه .. وهو من أكثر أنواع الكذب خطرا؛ لأنه كذب مع سبق الإصرار، ويحتاج من الطفل إلى تفكير وتدبير مسبق مصحوبا بالتوتر النفسي بقصد إلحاق الضرر .. وقد يحدث بين الإخوة في الأسرة الواحدة، بسبب التفرقة في المعاملة بين الإخوة، أو في المدرسة بسبب الغيرة؛ وأذكر في هذا الباب قصة مشهورة لأحد المشايخ تحدث فيها عن طالب وضع بعض المخدرات في حقيبة أحد المتفوقين دراسيا وذلك بغرض الحقد والحسد والكره والانتقام، وبلغ الشرطة بذلك، وقدمت الشرطة وفتشت الحقيبة فوجدت المخدرات، فأخذت الطالب إلى السجن، ثم ثبتت براءة الطالب المتفوق؛ ولكن بعد ماذا؟؟! .. بعد أن انهارت نفسية الطالب وتغيرت نظرة الطلاب والمدرسين له، وأصبح الجميع يسأله عن هذه الحادثة، فأصبح حديث الطلاب والمدرسين والطلاب وشغلهم الشاغل، مما أدى بالطالب إلى التدهور الدراسي، وترك المدرسة وضعف وأصابه وهن في الجسم، ثم الذهاب إلى المستشفيات النفسية للعلاج، ثم يكمل الشيخ قاصا روايته أن الله عز وجل بقدرته أنزل على هذا الطالب الذي كذب عقابا من عنده وأخذ يترجى الطالب الذي كان متفوقا أن يسامحه، ولكنه رفض وذكر أنه قد حطم حياته ومستقبله .. وبذلك انهارت حياة الطالبين معا ..
كما يحدث الكذب الانتقامي في مجتمعاتنا بين الفتيات وذلك بسبب الغيرة .. لذلك فعلى المدرسين والآباء مقابلة هذه الاتهامات بالحذر والإشفاق الشديدين.
سادسا: الكذب الدفاعي (الخوف من العقاب).
ويبدر هذا النوع من الكذب من الأسر التي يسود فيها نوع من النظام الصارم والعقوبة الشديدة، فترى الطفل يكذب ليهرب من العقاب، وقد يلصق التهمة ببريء سواء كان أخا له أو زميلا خوفا من أن تقع عليه عقوبة ما. لذلك فإن الآباء الذين يميلون إلى ضرب أطفالهم وعقابهم بهدف أن يقولوا الصدق، إنما يدفعونهم دفعا إلى الكذب، بل وإلى إدمانه؛ لأنهم يضطرون للكذب مع مصاحبة شيء من الغش والخداع، وقد أظهرت الدراسات أن 70% من أنواع سلوك الأطفال الذي يتجه إلى الكذب ترجع إلى الخوف من العقاب."
عند دراسة ما يسمى بالكذب فى الطفولة يجب أن يفرق أى باحث بين مرحلتين :
الأولى الطفولة المبكرة وهى المرحلة التى لا يدرك الطفل فيها الفرق بين الأزمنة ولا الفرق بين الواقع والخيال وهذه المرحلة بدايتها معروفة ولكن نهايتها متنوعة من طفل لأخر ولا يمكن تحديدها
الثانية الطفولة المتأخرة ولا يمكن معرفة بدايتها عمريا ولا نهايتها وفى هذه المرحلة يدرك الطفل الفروق الزمنية والفرق بين الواقع والخيال
ومن ثم فما يحدث فى الطفولة المبكرة لا يمكن وصفه بالكذب لأن الطفل لا يدرك المعانى جيدا
واستعرض المؤلف علاج الظاهرة فقال :
"علاج ظاهرة كذب الأطفال:
1 - الضبط: فالضبط من القواعد العامة لتحفيز السلوك الإيجابي لدى الطفل، وهو أسلوب تربوي إيجابي، يشعر الطفل بالجائز من الأمور والمحظور منها، ومن خلال عملية الضبط يتشرب الطفل معايير المجتمع وقيمه، ويتعلم أيضا احترام الآخرين وحقوقهم، ومن أمور الضبط للأبناء تعليمهم وتوجيههم أن الكذب من التصرفات المخالفة للشرع وغير المستساغة اجتماعيا ..
2 - التزود بالقيم الدينية.
3 - أن تكون البيئة المحيطة بالطفل بيئة صالحة والجميع فيها صادقون وقدوة حسنة.
4 - إذا اعترف الطفل بذنبه يجب أن لا يعاقب، بل يكافأ.
5 - القيام بتشجيع الطفل على قول الصدق.
6 - التروي في إلصاق تهمة الكذب بالطفل لئلا يألف اللفظة.
7 - ألا نترك الطفل يمرر كذبته على الأهل أو المدرسين؛ لأن ذلك يشجعه ويعطيه الثقة بقدرته على ممارسة الكذب.
8 - المساواة بين الإخوة.
9 - تنمية ثقة الطفل بنفسه."
وما قيل هنا ليس علاجا فالعلاج الوحيد هو :
تعريف الطفل الحلال والحرام فى الكذب والصدق فكلمة علاج فى الفقرة السابقة تعنى أن الكذب كله حرام وأن الصدق كله حلال وهو ما يناقض أحكام الله فى وجود محرمات فى النوعين