"أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حى أفلا يؤمنون"المعنى هل لم يعلم الذين كذبوا أن السموات والأرض كانتا واحدا فقسمناها وخلقنا من الماء كل مخلوق عائش أفلا يبصرون ؟يسأل الله :أو لم ير الذين كفروا أى هل لم يدرى الذين كذبوا أن السموات والأرض كانتا رتقا أى شيئا واحدا ففتقناهما أى ففرقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حى أى وخلقنا من الماء كل مخلوق عائش ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار عرفوا أن أصل السموات والأرض كان رتق أى شىء واحد متماسك ثم فتقه الله أى فرقه قسمين السموات والأرض وهذا الرتق هو الماء ،وأن الماء هو أصل كل مخلوق أى أصل كل مخلوق عائش ،ويسأل أفلا يؤمنون أى "أفلا يبصرون "كما قال بسورة السجدة والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يصدقون بوحى الله .
"وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون "المعنى وخلقنا فى الأرض جبالا كى لا تتحرك بهم وخلقنا فيها طرقا أماكن لعلهم يرشدون ،يبين الله للنبى(ص) أن الله جعل فى الأرض رواسى أى أن الله ألقى أى وضع فى الأرض جبال مصداق لقوله بسورة النحل"وألقى فى الأرض رواسى" والسبب أن تميد بهم والمراد كى لا تتحرك بهم وجعل فيها فجاجا سبلا والمراد وضع فيها أماكن طرقا والمراد خلق فيها دروب فى اليابس والسبب لعلهم يهتدون أى يرشدون إلى المكان الذى يقصدونه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون "المعنى وخلقنا السماء سقفا أمنا وهم عن علاماتها متولون ،يبين الله له(ص) أنه جعل السماء سقفا محفوظا والمراد خلق السماء سقفا أمنا والمراد مقفلا ليس فيه فروج أى منافذ تجعلها تسقط على الأرض مصداق لقوله بسورة ق"كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج"ويبين لنا أن الكفار عن آيات وهى مخلوقات السماء معرضون أى متولون أى لا يفكرون فى قوانينها ويصلون منها لوجوب طاعة الله وحده.
"وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون"المعنى وهو الذى أنشأ الليل والنهار والشمس والقمر كل فى مدار يدورون ،يبين الله له(ص) أن الله خلق أى سخر لنا مصداق لقوله بسورة النحل"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر "وكل منهم فى فلك يسبحون والمراد وكل منهم فى مدار يجرون لموعد محدد مصداق لقوله بسورة الرعد "وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى "وهذا يعنى أن كل منهم يتحرك فى مسار معروف لا يحيد عنه.
"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون"المعنى وما فرضنا لإنسان من قبلك البقاء أفإن توفيت فهم الباقون ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه ما جعل لبشر من قبله الخلد أى ما كتب لإبن أدم من قبله البقاء فى الدنيا دون موت وهذا يعنى أن كل من عاشوا قبله ماتوا مصداق لقوله بسورة الرحمن "كل من عليها فان" ،ويسأله الله أفإن مت فهم الخالدون والمراد هل إن توفيت فهم الباقون ؟والغرض من السؤال أنه إن يموت فهم والمراد الخلق ميتون مثله والخطاب للنبى(ص).
"كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا يرجعون "المعنى كل فرد مقابل الوفاة ونختبركم بالأذى والنفع بلاء وإلينا يعودون ،يبين الله للناس أن كل نفس ذائقة الموت والمراد كل مخلوق مصاب بالوفاة وهذا يعنى أن كل مخلوق منقول من الدنيا للبرزخ أو الأخرة ويبين للناس أنه يبلوهم بالشر والخير فتنة والمراد أنه يختبرهم بالأذى والنفع اختبار أى يمتحنهم بالحسنات والسيئات مصداق لقوله بسورة الأعراف "وبلوناهم بالحسنات والسيئات "وهذا يعنى أن كل ضرر وكل فائدة فى الدنيا تمسنا هى امتحان من الله لنا ،ويبين للناس أنهم يرجعون إلى الله والمراد أنهم يعودون إلى جزاء الله والخطاب للناس.
"وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذى يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون "المعنى وإذا عرفك الذين كذبوا إن يجعلوك إلا أضحوكة أهذا الذى يعيب أربابكم وهم بوحى النافع هم مكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا بوحى الله إذا رأوه أى شاهدوه يتخذوه هزوا أى يجعلوه أضحوكة والمراد يجعلوه مجال لسخريتهم بقولهم :أهذا الذى يذكر آلهتكم أى أهذا الذى يعيب أربابكم ؟وهم بذلك يستحقرونه ويبين له أنهم بذكر الرحمن وهو وحى النافع هم كافرون أى مكذبون أى معرضون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم عن ذكر ربهم معرضون "والخطاب للنبى(ص).
"خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتى فلا تستعجلون "المعنى أنشأ الإنسان من طين سأعرفكم علاماتى فلا تستقربون ،يبين الله للناس أن الإنسان خلق من عجل أى أنشأ الفرد من طين مصداق لقوله بسورة السجدة"وبدأ خلق الإنسان من طين "ويبين للناس أنه سيريهم أى سيعرفهم آياته وهى أحكامه بعذابهم ويطلب منهم ألا يستعجلوه والمراد ألا يطلبوا وقوع العذاب عليهم عندما يطلبونه مصداق لقوله بسورة الصافات"أفبعذابنا يستعجلون "والخطاب للناس.
"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين ؟يبين الله لنبيه(ص) أن الكفار سألوا متى هذا الوعد وهو القيامة أى الفتح إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم مصداق لقوله بسورة السجدة "ويقولون متى هذا الفتح "والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين كفر الناس بالقيامة والخطاب للنبى(ص) .
"لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون "المعنى لو يعرف الذين كذبوا حين لا يمنعون عن أقبالهم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينقذون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا آيات الله لو يعلمون أى لو يعرفون اللحظة التى لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم والمراد التى لا يمنعون عن مقدماتهم وهى أقبالهم النار ولا عن خلفياتهم لأمنوا بآيات الله وفسر هذا بأنهم لا ينصرون أى لا يرحمون أى لا ينظرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ولا هم ينظرون "والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون "المعنى بل تجيئهم فجأة فتسكتهم فلا يقدرون على منعها ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن الساعة وهى العذاب تأتيهم بغتة والمراد تجيئهم فجأة مصداق لقوله بسورة الزمر"من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة "والمراد تحضر لهم دون توقع منهم لها وعند ذلك لا يستطيعون ردها أى ولا يقدرون على منعها من الحدوث وهم لا ينظرون أى لا يرحمون أى لا ينصرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ولا هم ينصرون ".
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا يستهزءون "المعنى ولقد سخر بأنبياء من قبلك فأصاب الذين استهزءوا منهم ما كانوا يكذبون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الرسل (ص)من قبله قد استهزىء أى سخر منهم والمراد كذبوهم فكانت النتيجة أن حاق بالذين سخروا ما كانوا يستهزءون والمراد أن نزل بالذين كذبوا الحق الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب أى أصاب الذين استهزءوا منهم سيئات وهو إيذاءات هى العذاب مصداق لقوله بسورة النحل"فأصابهم سيئات "
"قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون "المعنى قل من يحفظكم بالليل والنهار من النافع بل هم عن وحى إلههم متولون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس "من يكلؤكم أى من يصونكم فى الليل والنهار من الرحمن وهو النافع ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الذى يمنعهم أى يحفظهم من أذى الله هو الله نفسه ،ويبين له أن الناس عن ذكر ربهم وهو وحى خالقهم معرضون أى بوحى إلههم كافرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم بذكر الرحمن كافرون ".
"أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون "المعنى هل لهم أرباب تحفظهم من غيرنا لا يقدرون على إنقاذ أنفسهم ولا هم منا يصادقون ،يسأل الله :أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا والمراد هل لهم أرباب تصونهم من سوانا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الآلهة المزعومة لا تقدر على حفظ الناس من أمر الله وقد بين الله غرضه فقال :لا يستطيعون نصر أنفسهم أى لا يقدرون على منع أنفسهم وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لا تقدر على رد الأذى عن نفسها ولا هم يصحبون أى يصادقون والمراد يشاركون الله فى ملكه والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"بل متعنا هؤلاء وأباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون "المعنى لقد أعطينا هؤلاء وأباءهم حتى امتد بهم السن أفلا يعلمون أنا نجىء الأرض نكورها من نواحيها أفهم المنتصرون ؟يبين الله لنا أنه متع أى أعطى والمراد لذذ الكفار وأباءهم حتى طال عليهم العمر أى حتى امتدت بهم الحياة ثم ماتوا وهم كفار ،ويسأل الله أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والمراد أفلا يعرفون أنا نجىء الأرض نقللها من جهاتها ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الأرض على شكل كرة منقوصة الجهات والمراد مدورة النواحى ويسأل أفهم الغالبون أى المنتصرون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار هم المهزومون فى الدنيا والأخرة .
"قل إنما أنذركم بالوحى ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون "المعنى قل إنما أخبركم بالقرآن ولا يعلم الكفار الوحى حينما يخبرون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس:إنما أنذركم بالوحى والمراد إنما أبلغكم بالقرآن مصداق لقوله بسورة الأنعام"وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به"،ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون والمراد ولا يطيع الكفار الإنذار حين يخبرون وهذا يعنى أن الكفار لا يسمعون الدعاء والمراد لا يتبعون الهدى إذا أبلغوا به مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا " والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين "المعنى ولئن أصابهم بعض من عقاب إلهك ليقولن يا عذابنا إنا كنا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار إن مستهم نفحة من عذاب الرب والمراد إن نزل بهم بعض من عقاب الله فيقول الكفار :يا ويلنا أى يا عذابنا إنا كنا ظالمين أى طاغين مصداق لقوله بسورة القلم"يا ويلنا إنا كنا طاغين "وهذا يعنى أنهم لا يعترفون بكفرهم إلا ساعة نزول العذاب عليهم .
"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين "المعنى ونصدر الحكم العدل فى يوم البعث فلا تنقص نفسا حقا وإن كان قدر حبة من خردل جئنا بها وحسبنا أنا حاكمين ،يبين الله للنبى(ص) أنه يضع الموازين القسط ليوم القيامة والمراد أنه يقضى بالأحكام المقسطة فى يوم البعث مصداق لقوله بسورة يونس"وقضى بينهم بالقسط"ويبين لنا أنه لا تظلم نفس شيئا والمراد أنه لا تنقص نفس حقا من حقوقها وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها والمراد وإن كان قدر حبة من خردل جئنا بها أى أعطيناها لصاحب الحق ،ويبين لنا أنه كفى به حاسبين أى حسبه أنه حاكم عادل .
"ولقد أتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون "المعنى ولقد أوحينا لموسى (ص)وهارون (ص)الفاصل أى نور أى حكم للمطيعين الذين يخافون إلههم بالخفاء وهم من العذاب خائفون ،يبين الله لنا أنه أتى أى أوحى لموسى (ص)وهارون (ص)الفرقان أى التوراة وهو حكم الله أى الكتاب مصداق لقوله بسورة الإسراء"وأتينا موسى الكتاب" أى الضياء وهو نور الله أى ذكر أى قضاء أى حكم للمتقين وهم المطيعين لوحى الله وهم الذين يخشون ربهم بالغيب أى وهم الذين يخافون عذاب خالقهم بالخفاء مصداق لقوله بسورة المعارج"والذين هم من عذاب ربهم مشفقون "وهذا يعنى أنهم رغم عدم مشاهدتهم لعذاب الله فهم يخافون منه وفسر الله هذا بأنهم من الساعة مشفقون أى من عذاب القيامة خائفون .
"وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون "المعنى وهذا حكم دائم أوحيناه أفأنتم له مكذبون ؟يبين الله للناس أن هذا وهو القرآن ذكر مبارك أى كتاب دائم الوجود مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهذا كتاب أنزلناه مبارك"ويسألهم الله أفأنتم له منكرون والمراد هل أنتم له مكذبون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم حتى يرجعوا عنه والخطاب للناس.
"ولقد أتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا أباءنا لها عابدين "المعنى ولقد أعطينا إبراهيم (ص) ذكره من قبل وكنا به عالمين حين قال لوالده وشعبه ما هذه الأصنام التى أنتم لها عابدون قالوا لقينا أباءنا مطيعين ،يبين الله للنبى(ص) أن الله أتى إبراهيم (ص)رشده والمراد أن أوحى لإبراهيم (ص)حجته وهو هداه أى كتابه من قبل وكان به عالما أى خبيرا إذ قال لأبيه والمراد حين قال لوالده :ما هذه التماثيل أى الأصنام التى أنتم لها عاكفون أى عابدون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن عبادتهم للأصنام خطا كبير ،فقالوا له:وجدنا أباءنا لها عابدين والمراد لقينا أباءنا لها مطيعين وهذا يعنى أنهم يقتدون بالأباء فى الدين .
"قال لقد كنتم وأباؤكم فى ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السموات والأرض الذى فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين "المعنى قال لقد كنتم وأباؤكم فى كفر عظيم قالوا هل أتيتنا بالعدل أم أنت من الساخرين ؟قال بل إلهكم إله السموات والأرض الذى خلقهن وأنا على ذلكم من المقرين ،يبين الله للنبى(ص)أن إبراهيم (ص)قال لقومه :لقد كنتم وأباؤكم فى ضلال مبين أى كفر واضح أى جنون ظاهر وهذا يعنى أنه يتهمهم بالكفر والبعد عن دين الله وهم الأباء فقالوا له :أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين والمراد هل أتيتنا بالعدل أم أنت من اللاهين ؟والغرض من السؤال هو الإستفهام عن هدف إبراهيم (ص)من قوله هل هو الحق أم اللهو معهم وقال لهم إبراهيم (ص)بل ربكم رب أى إن إلهكم إله السموات والأرض الذى فطرهن أى خلقهن وأنا على ذلكم من الشاهدين أى المقرين وهذا يعنى أنه أخبرهم أن ربهم هو الله الخالق لكل شىء وأما غيره فليسوا آلهة والخطاب وما قبله وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس.
"وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم إليه يرجعون "المعنى وتا لله لأمكرن بأوثانكم بعد أن تذهبوا منصرفين فجعلهم حطاما إلا عظيما لهم لعلهم إليه يعودون ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)لما وجد كلامه لا يأتى بفائدة قال لنفسه:وتا لله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين والمراد والله لأحطمن أوثانكم بعد أن تذهبوا منصرفين ،وهذا يعنى أنه أقسم أنه يكسر الأوثان بعد أن يخرج القوم من معبدهم وقد نفذ كلامه فجعل الأصنام جذاذا أى حطاما سوى كبير لهم والمراد سوى صنم عظيم لهم والسبب فى إبقاءه عليه هو أن يرجعوا أى يعودوا له وكان الهدف من كل ذلك إخبارهم أن آلهتهم لا تقدر على حماية نفسها ولا تقدر على الكلام الذى يشرع الأحكام لكونها ميتة .
"قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون "المعنى قالوا من صنع هذا بأربابنا إنه لمن الكافرين قالوا علمنا شاب يعيبهم يقال له إبراهيم (ص)قالوا فهاتوه أمام أبصار الناس لعلهم يعلمون ،يبين الله لنا أن القوم قالوا لما وجدوا أصنامهم محطمة :من فعل هذا بآلهتنا أى من صنع هذا بأربابنا إنه لمن الظالمين أى الكافرين ؟فقال بعض القوم :سمعنا فتى يذكرهم والمراد عرفنا رجل يعيبهم يقال أى يدعى إبراهيم وهذا يعنى أنهم عرفوا دعوة إبراهيم (ص)وعيبه لعبادة الأصنام ،فقال كبار القوم لهم :فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون والمراد فأحضروه أمام أبصار الخلق لعلهم يعتبرون وهذا يعنى أنهم ينوون الإنتقام منه ويريدون إحضار الناس حتى يخافوا من أن يحدث لهم نفس العقاب إذا فكروا مثل إبراهيم (ص).
"قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون "المعنى قالوا هل أنت صنعت التحطيم لأربابنا قال بل صنعه عظيمهم هذا فاستخبروهم إن كانوا يتحدثون ،يبين الله لنا أن القوم لما أحضروا إبراهيم (ص)للمعبد سألوه :أأنت فعلت هذا بآلهتنا والمراد هل أنت صنعت التكسير لأصنامنا يا إبراهيم ؟والغرض من السؤال هو العلم بفاعل التحطيم الحقيقى ،فقال لهم :بل فعله كبيرهم هذا أى لقد صنعه عظيمهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون أى فاستفهموا منهم إن كانوا يتكلمون ،وكذبة إبراهيم (ص)الغرض منها هنا إخبار الكفار أن الأصنام لا تتكلم فمن أين جاءت الأحكام التى يتبعونها ؟ومن هنا نعلم أن الكذب مباح فى الدعوة للإسلام ما دام الغرض منه هو إفهام الكفار الحق .
"فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون "المعنى فعادوا إلى عقولهم فقالوا إنكم أنتم الكافرون ،ثم ارتدوا على أعقابهم لقد عرفت ما هؤلاء يتحدثون،يبين الله لنا أن القوم رجعوا إلى أنفسهم والمراد عادوا إلى عقولهم والمراد عاد الحق إلى عقولهم فقالوا لأنفسهم :إنكم أنتم الظالمون أى الكافرون وهذا اعتراف منهم بأنهم عادوا إلى الحق لحظات ولكنهم ما لبثوا أن نكسوا على رءوسهم والمراد أن ارتدوا على أعقابهم والمراد عادوا إلى كفرهم فقالوا :لقد علمت ما هؤلاء ينطقون أى لقد عرفت ما هؤلاء يتكلمون ،وهذا اعتراف منهم بأن الأصنام لا تتكلم وحيا أو غيره .
"قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "المعنى قال أفتألهون من غير الله الذى لا يفيدكم رزقا ولا يؤذيكم ،ويل لكم وللذى تطيعون من سوى الله أفلا تؤمنون؟يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قال للقوم :أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم والمراد هل تألهون من سوى الرب الذى لا يفيدكم فائدة ولا يؤذيكم ؟والغرض من السؤال هو إخبار القوم أنهم يألهون من ليس إلها لأنه لا يقدر على إفادتهم أو إضرارهم ،وقال لهم أف لكم والمراد العذاب لكم وفسر هذا بأن العذاب للذين يعبدون من دون الله وهم الذين يطيعون من غير الله وهو أهواء أنفسهم وسألهم إبراهيم (ص)أفلا تعقلون أى "أفلا يؤمنون "والمراد أن المطلوب منهم أن يفهموا الوحى ويتبعوه .
"قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين "المعنى قالوا أهلكوه وعظموا أربابكم إن كنتم منتقمين قلنا يا لهب أصبح خيرا ونفعا لإبراهيم (ص)وشاءوا به هلاكا فجعلناهم الهالكين وأنقذناه ولوطا إلى الأرض التى قدسناها للناس ،يبين الله لنا أن القوم طلبوا من بعضهم التالى فقالوا :حرقوه أى ضعوا إبراهيم (ص)فى النار الموقدة وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين والمراد وخذوا حق أربابكم إن كنتم منتقمين منه ،وبالفعل صنعوا له محرقة ورموه فيها فقال الله لها :يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم (ص)والمراد يا لهب أصبح نفعا أى خيرا لإبراهيم (ص)وهذا يعنى معجزة فالنار المضرة للجسم تحولت لشىء نافع للجسم ،ويبين لنا أنهم أرادوا بها كيدا والمراد أحبوا لإبراهيم (ص) هلاكا أى ضررا فكانت النتيجة أن جعلهم الله هم الأخسرين أى المعذبين أى الهالكين وهم الأسفلين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين "ويبين لنا أنه أنجى والمراد أنقذ إبراهيم (ص)ولوطا (ص)من العذاب إلى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين والمراد إلى البلد التى قدسها الله للبشر والمراد أنه طلب منهم الذهاب لمكة المقدسة قبل أن ينزل العذاب على قومهما .
"ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين "المعنى وأعطيناه إسحق (ص)ويعقوب (ص)خلفة وكلا جعلنا محسنين وجعلناهم رسلا يعملون بحكمنا وألقينا لهم عمل الحسنات أى طاعة الدين أى إعطاء الحق أى كانوا لنا مطيعين ،يبين الله لنا أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص) إسحق (ص)وأعطى إسحق (ص)يعقوب (ص)نافلة أى خلفة أى ابن ويبين لنا أن كلاهما جعله الله من الصالحين وهم المحسنين ويبين لنا أنهم جعلهم أئمة يهدون بأمر الله والمراد عينهم حكاما يحكمون بحكم الله ويبين لنا أنه أوحى إليهم فعل الخيرات والمراد أنه ألقى لهم عمل الصالحات وفسره بأنه إقام الصلاة أى طاعة الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسره بأنه إيتاء الزكاة أى إعطاء الحق وفسر هذا بأنهم كانوا لله عابدين أى خاشعين أى مطيعين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكانوا لنا خاشعين ".
"ولوطا أتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوما فاسقين وأدخلناه فى رحمتنا إنه من الصالحين "المعنى ولوطا أعطيناه وحيا أى معرفة وأنقذناه من البلدة التى كانت تصنع الفواحش إنهم كانوا شعبا كافرين وأدخلناه فى جنتنا إنه من المحسنين ،يبين الله للنبى(ص) أنه أتى أى أعطى لوطا (ص)حكما أى علما والمراد وحيا ،ونجاه أى أنقذه والمراد نصره من القرية أى القوم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونصرناه من القوم "التى كانت تعمل بالخبائث أى الذين كانوا يصنعون الفواحش ويبين لنا أنهم كانوا قوم سوء فاسقين أى كانوا شعب شر كافرين أى مجرمين مصداق لقوله بسورة الدخان "إن هؤلاء قوم مجرمون "ويبين أنه أدخل لوط (ص)فى رحمته والمراد أنه أسكن لوط (ص)فى جنته والسبب إنه من الصالحين أى المسلمين .