قراءة فى مقال التميز في خدمة العميل
استهل الكاتب مقاله المقولة الشهيرة فقال:
"العميل على حق هكذا يقول الجميع"
وهى جملة تعبر عن المجتمع الرأسمالى وعن المجتمع الأبوى كما يسميه البعض عندما يقول الكبير على حق وهناك مجتمعات أخرى مستبدة تجعل الحق مع الحاكم وإن كان على الباطل
الذى على الحق هو من يطيع أحكام الله فإن كان العميل أطاع لله فى طلبه فهو حق وإن كان الموظف قد أطاع الله فهو الذى على الحق والعميل على باطل
العميل على حق فى المجتمع الإسلامى تفتح باب الشرور فمن حقه أن يبتاع خمرا أو يبتاع أدخنة أو يبتاع تمثالا من اللدائن للمضاجعة أو يقول أن الموظف سبه أو ضربه وهو لم يفعل
يتساءل كاتب المقال :
" فمن هو العميل ولماذا هو على المقولة الشهير حق؟ ولماذا يسعى الجميع إلى إرضائه؟
ثم يجيب قائلا:
"هنا نورِد كلمة العميل بمعناها في عالم الاقتصاد وليس في عالم السياسة فالعميل أو الزبون أو المستهلك أو المعتَمِد هي أسماء لأفراد أو مؤسسات تستلم معلومات أو بيانات أو خدمات أو موارد بأنواعها المختلفة من مصدر خارجي وهي الكلمة المعاكسة لكلمة مورّد أو مصَدِّر هذا العميل يُكِنّ له جميع أرباب العمل اهتماما خاصا ويعرفون مدى أهميته لنجاح أعمالهم، وهو المفتاح الحقيقي للوصول إلى الازدهار والثروة "
هذا الكلام كما قلنا يكون فى مجتمعات الاقتصاد الحر الذى لا يراعى انقسام المجتمع فيه لفقراء وأغنياء ووسط بينهما مجتمع ينتج للربح المالى فقط ومن ثم نجده ينتج منتجات خاصة الأغنياء ينتج منتجات للمنحرفين طالما تجلب مال يبيع منتجات فاسدة أو قاربت على الفساد بسبب عدم شراءها بأسعار أقل من سعرها المعروف يحاول أن يجدد فى الأشكال والألوان والسرعات ليرضى من معه المال
هذا المجتمع المفتوح أو الحر ليس مجتمعنا لأنه يعمل وفق مبدأين الأول أنا الناجى ولمن بعدى الطوفان والثانى إذا لم يكن الطوفان بالقضاء على الأخرين يجب استغلالهم هذا المجتمع الذى جلب العبيد بالملايين فلما وجد أنهم عبء مالى عليه حررهم ليتحرر من نفقاتهم هم وأسرهم هذا المجتمع فى الهند الذى اخترع طبقة المنبوذين ومع هذا يستخدمهم كى يزداد الأغنياء غنى
ثم قال الكاتب :
"وبعض المؤسسات ترى أن العميل هو العمود الفقري لبقائها واستمرارها ونجاحها كذلك، وترى أنه من الضروري على كل فرد من أفرادها أن يدرك أن راتبه لم يكن ليأتي لولا وجود العميل فهي تضع على سبيل المثال ملاحظة بهذا المعنى على الإيصال الخاص بدفع رواتب موظفيها رأيت بعض المؤسسات تضع شعارا في كتيباتها التي توزعها على موظفيها ساعة التحاقهم بالخدمة يقول الشعار "إن الأولوية الأهم لدينا هي تقديم الخدمة المتميزة لعملائنا" ثم تضيف " استخدم أفضل رأي لديك في كل مناسبة" نفهم مما تقدم أن هذه المؤسسة تضع أهمية بالغة للاهتمام بالعميل لأنه حجر الأساس واللبنة القوية ببقائها وهي كذلك تعطي موظفيها تفويضا مفتوحا ليستخدم أفضل رأي لديه في كل مناسبة وحالة لمساعدة العميل وإرضاءه "
هذه الفقرة تستخدم مع الموظفين معاملة المن فالعميل هو سيدهم المطاع الذى يمن عليهم برواتبهم إذا اشترى منهم وهو ما حرمه الله بقوله" ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى"مع الفارق أن المتصدقين لا يأخذون مقابل الصدقة بينما العميل يأخذ السلعة مقابل ما دفعه فهو ليس صاحب فضل
الوظيفة هنا تعتبر عقد رق جديد فبدلا من أن يكون السيد مالك الشركة العميل هو صاحب الرقيق الجديد يستطيع أن يفصل الموظف بشكوى ضده ويقع عيشه وعيش أولاده وزوجته
ثم تساءل الكاتب عن طرق إرضاء العميل فقال:
" إذن ما هي السبل التي تساعد المؤسسة على إرضاء العميل وإبقائه متصلا بالمؤسسة؟ وكيف تستطيع المؤسسات المحافظة على هذا العميل؟
ثم أجاب قائلا:
"ترى بعض المؤسسات وخاصة المؤسسات المتصفة بالجودة أن جميع موظفيها يشكلون سلسلة متصلة يعتمد كل واحد منهم على الآخر لتقديم الخدمة المتميزة التي ستصل أخيرا إلى العميل النهائي هذه السلسلة من الموظفين أو العاملين يكون كل واحد منهم عميلا ثم مورّدا ثم عميلا مورّدا وهكذا إلى أن تصل الخدمة أو يصل المنتج إلى العميل النهائي كيف يكون ذلك؟ عندما يستلم الموظف البيانات أو المعلومات أو الخدمات أو المواد والتي نطلق عليه "واردات" من موظف أو عامل آخر فإنه يكون عميلا يقوم هذا العميل بإدخال تحسين على الواردات أو إعادة تشكيلها ثم "تصديرها" إلى موظف آخر، فيصبح هذا الموظف "مورّدا" بعد أن كان عميلا، ويكون الموظف الذي استلم "الواردات" عميلا وهكذا سلسلة مترابطة يعتمد كل واحد منهم على الآخر حتى تصل الخدمة أو المنتج إلى العميل النهائي خارج المؤسسة "
بالقطع فى أى مؤسسة تعمل لله لابد من إرضاء الله وليس إرضاء العميل ويكون هذا من كل العاملين بحيث تتحقق الأهداف المشروعة للعميل كما قال تعالى :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان"
وبين الكاتب مواصفات المنتج أو الخدمة التى ترضى العميل فقال:
"هذا العميل النهائي الذي يستفيد من الخدمة أو المنتج لا يعرف كثيرا عن الأعمال التي تمت داخل المؤسسة حتى وصلت إليه الخدمة أو المنتج لكنه وبدون شك يريد خدمة أو منتجا يتصف بالصفات التالية:
يؤدي ما يرغب فيه العميل تسليم المنتج أو الخدمة في الوقت المناسب والمكان المناسب أن يكون المنتج جاهزا للاستعمال أن تكون الخدمة أو المنتج يمتاز بسعر معقول مما ذُكر أعلاه"
فى الإسلام تؤدى الخدمات بدون ثمن فليس لها ثمن لأنها حقوق تجب على المجتمع أن يوفرها لكل فرد فيه وأما المنتجات فيكون لها سعر يؤدى مما يدفعه المجتمع للفرد كمرتب أو معاش
ثم بين الكاتب صفات العلاقة بين العميل والمورد فقال :
" نرى أن العلاقة بين المورّد والعميل علاقة متميزة يحرص فيها المورّد على أمور متعددة تضمن له علاقة دائمة مع العميل، وهذه العلاقة يجب أن تتصف بالصفات التالية:
أن يثق كل منهم بالآخر
أن يتفاهما حول كيفية العمل معا
أن يقدم المورّد البدائل للعميل في حالة تعطل الخدمة أو المنتج "
وما تحدث عنه الكاتب موجود فى الإسلام حيث حدد الله العلاقات بين الكل فى كل علاقة ممكنة بأنها لابد أن تكون علاقة معتمدة على عدل الله فقال "ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"0
ثم بين الكاتب لان المورد لابد أن يسأل العميل ثلاثة أسئلة لكى يقرب بينهما فقال:
"وحتى يتمكن المورّد من التقريب بينه وبين العميل، فإننا ننصحه أن يسأل العميل الأسئلة الثلاثة التالية: ماذا تحتاج مني؟ وهنا أرى أنه ليس من حق العميل أن يقول: هذا ليس من اختصاصك إن مثل هذا السؤال سيمكّن المورّد من تقديم الخدمة أو المنتج الذي يحتاجه العميل ماذا تفعل بما أقدمه أو أعطيه إليك؟ وهذا سيمكّن المورّد من معرفة احتياجات العميل فيعمل على تطوير الخدمة أو المنتج ليتلاءم مع احتياجات العميل هل هناك أي فجوات أو نواقص بين ما أقدمه لك وما تحتاج إليه؟ إن الجواب على هذا السؤال سيمكّن المورّد من العمل الدءوب لتطوير المنتج أو الخدمة لتتلاءم مع متطلبات العميل كما أن المورّد سيتمكن من إيجاد البدائل إذا فَشِلَ المُنْتَج من تقديم العمل الذي صُنع من أجله "
وهذا كلام يتحدث عن مؤسسات متفرقة لا يمكن أن تغطى كل مكان فى الدولة بينما الدولة وهى المجتمع لابد أن تكون قد عرفت أعداد سكانها والمنتجات التى تغطى الضروريات السبع للناس المأكل والمسكن والعلاج والتعليم والزواج والكساء والمواصلات حتى تقدمها وما عدا ذلك فهو نوع من الترف لا يمكن إنتاجه أو تقديمه قبل سد حاجات كل الأفراد الضرورية