نقد كتاب مما رواه الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين
الكتاب من تأليف السيوطي وقد جمع روايات عن موضوع عدم إتيان الحكام وهم السلاطين والروايات تجمع على حرمة مجىء العالم للسلطان خوفا عليه من ضياع دينه وتضييع حقوق الناس وهو كلام ليس صحيحا لوجود أحاديث أخرى تبين وجوب أمر العالم السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر وأشهرها حديث :
"أعظم الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر"
وبالقطع هذه الروايات تتناقض مع القرآن فى وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لأى فرد على أرض المسلمين سواء من جانب العلماء وهم أمة الخير التى قال الله فيها :
ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون"
أو من جانب أى مسلم أخر لقوله تعالى:
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر"
وألان لمناقشة الروايات:
-"أخرج أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والبيهقي في "شعب الإيمان، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن"
وأخرج أو داود، والبيهقي، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من بدا فقد جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن، وما ازداد عبد من السلطان دنوا إلا ازداد من الله بعدا"
وأخرج أحمد في مسنده، والبيهقي بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قرباً، إلا ازداد من الله بعداً"
الأخطاء المشتركة بين الروايات الثلاث هى:
الأول أن ساكن البادية جاف أى قاس غليظ وهو ما يناقض أن منهم وهم الأعراب مؤمنون يدخلون الجنة كما قال تعالى :
"ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا أنها قربة لهم سيدخلهم الله فى رحمته إن الله غفور رحيم"
الثانى غفلة الصيادين متبعى الصيد وهو ما يناقض إباحة الله للصيد بقوله :
"أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما"
الثالث أن من أتى أبواب السلاطين افتتن وهو ما يخالف أن الفتنة واقعة لكل لناس فى كل وقت وفى كل مكان كما قال تعالى :
"ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
-"وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في جهنم وادياً تستعيذ منه كل يوم سبعين مرة، أعده الله للقراء المرائين في أعمالهم وإن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان"
الخطأ استعاذة جهنم من وادى القراء المرائين وهو كلام جنونى فالنار هى التى تعذب فكيف تستعيذ من جزء منها إذا كانت تعذب الخلق وليس نفسها
-"وأخرج ابن لال والحافظ أبو الفتيان الدهستاني في كتاب "التحذير من علماء السوء، والرافعي في "تاريخ قزوين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض الخلق إلى الله تعالى العالم يزور العمال"ولفظ أبي الفتيان: "إن أهون الخلق على الله: العالم يزور العمال" وأخرج ابن ماجه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبغض القراء إلى الله تعالى الذين يزورون الأمراء"
والخطأ المشترك بين الروايات الأربع أن أبغض الخلق إلى الله عالم السلطان وهو ما يناقض كونهم المنافقين كما قال تعالى :
"إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار"
-" وأخرج الديلمي في "مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت العالم يخالط السلطان مخالطة كثيرة فاعلم أنه لص"
المستفاد من الرواية أن كثرة تردد العالم على السلطان تعنى كونه سارق يأخذ ما ليس له من حقوق الناس
-"وأخرج ابن ماجه بسند رواته ثقات، عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أناسا من أمتي سيتفقهون في الدين، ويقرؤون القرآن، ويقولون نأتي الأمراء، فنصيب من دنياهم، ونعتزلهم بديننا ولا يكون ذلك كما لا يجتني من القتاد إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا" وأخرج ابن عساكر، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم: "سيكون قوم بعدي من أمتي، يقرؤون القرآن، ويتفقهون في الدين، يأتيهم الشيطان، فيقول: لو أتيتم السلطان، فأصلح من دنياكم، واعتزلوهم بدينكم! ولا يكون ذلك، كما لا يجتنى من القتاد، إلا الشوك، كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا"
الخطأ المشترك بين الروايتين التفرقة بين الدين والدنيا فما الدين سوى تنظيم للدنيا بعدل الله ووصف من يأتون السلطان بالفقهاء هنا خطأ عظيم فالفقيه لا يفرق بين الدين والدنيا وإنما الجاهل من يفعل ذلك
-"وأخرج الطبراني في "الأوسط بسند رواته ثقات، عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله من أهل البيت أنا؟ فسكت، ثم قال في الثالثة: "نعم ما لم تقم على باب سدة، أو تأتي أميراً فتسأله"قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب المراد بالسدة هنا، باب السلطان ونحوه."
الخطأ كون المولى من أهل البيت وهو ما يناقض كون أهل البيت نساء البيت كما فى قوله تعالى "وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها باسحق ومن وراء اسحق يعقوب قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلى شيخا إن هذا لشىء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد" وقوله "وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وأتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا"
-"وأخرج الترمذي وصححه، والنسائي،.........والحاكم وصححه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد علي الحوض"
وأخرج أحمد، وأبو يعلى، وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "تكون أمراء تغشاهم غواش وحواش من الناس"
وأخرج أحمد، والبزار، وابن حبان، في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "سيكون أمراء، من دخل عليهم وأعانهم على ظلمهم، وصدقهم بكذبهم، فليس مني ولست منه، ولن يرد علي الحوض. ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم فهو مني وأنا منه وسيرد علي الحوض"
وأخرج الشيرازي في "الألقاب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون أمراء، فمن صدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، وغشي أبوابهم، فليس مني ولست منه، ولا يرد علي الحوض، ومن لم يصدقهم بكذبهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يغش أبوابهم، فهو مني وسيرد علي الحوض"
الخطأ المشترك بين الروايات السابقة هو وجود حوض واحد للنبى0ص) فقط وهو وهو يخالف أن كل مسلم له حوضان أى عينان مصداق لقوله بسورة الرحمن "ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأى آلاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان فبأى آلاء ربكما تكذبان فيهما عينان تجريان ".
-"وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده، والحاكم في تاريخه، وأبو نعيم، والعقيلي، والديلمي، والرافعي في تاريخه، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العلماء أمناء الرسل على عباد الله ما لم يخالطوا السلطان فإذا خالطوا السلطان، فقد خانوا الرسل فاحذروهم، واعتزلوهم"
"وأخرج العسكري، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفقهاء أمناء الرسل، ما لم يدخلوا في الدنيا ويتبعوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم"
الخطأ المشترك بين الروايتين كون العلماء أمناء الرسل (ص)فهذا يكون فى عهد الرسل(ص) وأما فى حالة وفاتهم وعدم التعلم المباشر منهم فالعلماء أمناء على الوحى المحفوظ فى بيت الله فى تبليغه
-"وأخرج الحاكم في تاريخه، والديلمي، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عالم أتى صاحب سلطان طوعاً، إلا كان شريكه في كل لون يعذب به في نار جهنم"
وأخرج الديلمي، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من مشى إلى سلطان جائر طوعاً، من ذات نفسه، تملقاً إليه بلقائه، والسلام عليه، خاض نار جهنم بقدر خطاه، إلى أن يرجع من عنده إلى منزله، فإن مال إلى هواه، أو شد على عضده لم يحلل به من الله لعنة إلا كان عليه مثلها، ولم يعذب في النار بنوع من العذاب، إلا عذب بمثله"
فى الروايات السابقة يعذب من أتى السلطان بكل لون أى شكل عذب به السلطان فى النار وهو ما يناقض تعذيبه بلونين من العذاب فى قولهم:
-"وأخرج أبو الشيخ، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن، وتفقه في الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً لما في يديه، طبع الله على قلبه، وعذب كل يوم بلونين من العذاب، لم يعذب به قبل ذلك"
-"وأخرج أبو الشيخ في "الثواب عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ الرجل القرآن وتفقه في الدين، ثم أتى باب السلطان، تَمَلُّقاً إليه، وطمعا لما في يده، خاض بقدر خطاه في نار جهنم"
"وأخرج الحاكم في تاريخه عن معاذ رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ القرآن وتفقه في الدين ثم أتى صاحب سلطان طمعاً لما في يديه خاض بقدر خطاه في نار جهنم"
الخطأ المشترك هو أن العالم الآتى السلطان يخوض بقدر خطاه إلى السلطان في نار جهنم فالخوض فى جهنم يكون بالعمل السيىء مع السلطان أو غيره أو مع النفس وليس بعدد الخطوات ولذا قال تعالى طولا يحيق العمل السيىء إلا بأهله"
-"وأخرج الديلمي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يكون في آخر الزمان علماء يرغبون الناس في الآخرة ولا يرغبون، ويزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون، وينهون عن غشيان الأمراء ولا ينتهون"
الخطأ أن إتيان العلماء السلاطين يكون فى أخر الزمان وهو يكون فى كل عصر
-"وأخرج الديلمي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الأمراء إذا خالطوا العلماء، ويمقت العلماء إذا خالطوا الأمراء، لأن العلماء إذا خالطوا الأمراء رغبوا في الدنيا، والأمراء إذا خالطوا العلماء رغبوا في الآخرة"
"وأخرج أبو عمرو الداني في كتاب "الفتن عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه، ما لم يماري قراؤها أمراءها"
الخطأ المشترك بين الروايات التفرقة بين العلماء والأمراء فالأمير فى الإسلام لا يكون إلا عالما كما قال الله فى طالوت "وزاده بسطة فى العلم والجسم"
-"وأخرج الحاكم، وصححه، عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقلوا الدخول على الأغنياء، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله"
الخطأ أن قلة الدخول على الأغنياء مانعة لازدراء نعم الله وهو ما يخالف أن المانع من الازدراء هو إرادة أى مشيئة الإنسان كما قالل تعالى " فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"
-"وأخرج الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أعرف الحزن في وجهه، فأخذ بلحيته، فقال: "إِنّا لِلَّهِ وَإِنّا إِلَيهِ راجِعون أتاني جبريل آنفاً، فقال لي: إن أمتك مفتتنه بعدك بقليل من الدهر، غير كثير، قلت: ومن أين ذلك!؟ قال: من قبل قرائهم وأمرائهم، يمنع الأمراء الناس حقوقهم، فلا يعطونها، وتتبع القراء أهواء الأمراء قلت: يا جبريل! فبم يسلم من يسلم منهم؟ قال: بالكف والصبر، إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه"
هنا الأمة مفتونة بعد قليل من وفاة النبى(ص) وهو ما يناقض كونها مفتونة بعد وفاته مباشرة فى الرواية التالية:
"وأخرج الحاكم، عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون بعدي سلاطين، الفتن على أبوابهم كمبارك الإبل، لا يعطون أحداً شيئاً، إلا أخذوا من دينه مثله"
والخطا المشترك هو فتنة الأمة بعده ينما الأمة مفتونة هى وهم فى عهده ومن بعده كما قال تعالى "ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
-"وأخرج الديلمي، عن أبي الأعور السلمي رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم، وأبواب السلطان"
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والديلمي، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا أبواب السلطان وحواشيها، فإن أقرب الناس منها أبعدهم من الله، ومن آثر سلطان على الله، جعل الفتنة في قلبه ظاهرة وباطنة، وأذهب عنه الورع وتركه حيران" وأخرج البيهقي، عن رجل من بني سليم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم وأبواب السلطان"
وأخرج البيهقي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "اتقوا أبواب السلطان"
الخطأ المشترك بين الروايات هو تحريم دخول أبواب السلطان وكما قلنا فدخول بيت السلطان واجب لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ومنهى عنه إذا كان الداخل يعرف أنه سيضل ويتبع السلطان الظالم
كما أن السلاطين منهم قلة نادرة عادلة وهؤلاء يجب الدخول عليهم كى يستمروا فى عدلهم بالنصح والمؤازرة
-"وأخرج هناد بن السري في "الزهد، عن عبيد بن عمير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما ازداد رجل من السلطان قرباً إلا ازداد من الله بعداً"
"وأخرج الديلمي، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تقرب من ذي سلطان ذراعاً، تباعد الله منه باعاً"
وأخرج الديلمي، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومجالسة السلطان، فإنه ذهاب الدين، وإياكم ومعونته فإنكم لا تحمدون أمره"
"وأخرج ابن أبي شيبة، والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون أمراء تعرفون، وتنكرون فمن ناوأهم نجا، ومن اعتزلهم سلم، أو كاد، ومن خالطهم هلك"
"وفي "الفردوس من حديث علي رضي الله عنه مرفوعاً: "أفضل التابعين من أمتي من لا يقرب أبواب السلاطين"
"وأخرج البيهقي، عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: "إن على أبواب السلطان فتناً كمبارك الإبل، لا تصيبون من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينكم مثله"
"وأخرج الدارمي في مسنده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من أراد أن يكرم دينه، فلا يدخل على السلطان، ولا يخلون بالنسوان ولا يخاصمن أصحاب الأهواء"
"وأخرج البخاري في تاريخه وابن سعد في "الطبقات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "يدخل الرجل على السلطان ومعه دينه، فيخرج وما معه شيء"
"وأخرج ابن أبي شيبة، عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: "ألا! لا يمشين رجل منكم شبراً إلى ذي سلطان"
-"وأخرج ابن أبي شيبة، عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه قال: "ألا! لا يمشين رجل منكم شبراً إلى ذي سلطان"
"وأخرج ابن أبي شيبة، وأبو نعيم في "الحلية، عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: "إياكم ومواقف الفتن! قيل وما مواقف الفتن؟ قال أبواب الأمير؛ يدخل الرجل على الأمير، فيصدقه بالكذب، ويقول ما ليس فيه"
وأخرج ابن عساكر، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أبعد الخلق من الله، رجل يجالس الأمراء، فما قالوا من جور صدقهم عليه"
-"وأخرج ابن أبي شيبة، والبيهقي، عن سلمة بن قيس، قال: لقيت أبا ذر، فقال: "يا سلمة بن قيس! ثلاث فاحفظها: لا تجمع بين الضرائر فإنك لن تعدل ولو حرصت، ولا تعمل على الصدقة، فإن صاحب الصدقة زائد وناقص، ولا تغش ذات سلطان فإنك لا تصيب من دنياهم شيئاً، إلا أصابوا من دينك أفضل منه"
الخطأ المشترك بين الروايات السابقة هو عدم التفرقة بين السلاطين فهناك نوعين سلاطين عدول وهم قلة وسلاطين كفرة ظلمة والسلاطين العدول يجب إتيان أبوابهم ومناصرتهم ونصحهم
-"وأخرج ابن سعد في "الطبقات عن سلمة بن نبيط قال: "قلت لأبي - وكان قد شهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه وسمع منه - يا أبت لو أتيت هذا السلطان فأصبت منهم وأصاب قومك في جناحك؟ قال: أي بني إني أخاف أن أجلس منهم مجلساً يدخلني النار"
-"وأخرج الدارمي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "من طلب العلم لأربع دخل النار: ليباهي به العلماء، ويماري به السفهاء، أو ليصرف به وجوه الناس إليه، أو يأخذ به من الأمراء"
المستفاد حرمة طلب العلم لمباهاة لعلماء ومماراة السفهاء وجذب لناس وأخذ المتاع من السلاطين
-"وأخرج ابن ماجه، والبيهقي، عن ابن مسعود، قال: لو أن أهل العلم صانعوا العلم، ووضعوه عند أهله، لسادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم، فهانوا عليهم. سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: "من جعل الهم هماً واحداً هم آخرته، كفاه الله ما همه من أمر دنياه ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك"
المستفاد أن الله يكفى أمور الدنيا من جعل همه الآخرة ومن تفرقت به الهموم وهى مطالبه يهلك
وعقد السيوطى فصلا نقل فيه الكثير من أقوال السلف المطبقة على عدم إتيان السلاطين خير أو لشر وفيه قال :
"فصل:
ذهب جمهور العلماء من السلف، وصلحاء الخلف إلى أن هذه الأحاديث والآثار جارية على إطلاقها سواء دعوه إلى المجيء إليهم أم لا، وسواء دعوه لمصلحة دينية أم لغيرها. قال سفيان الثوري: "إن دعوك لتقرأ عليهم: قل هو الله أحد، فلا تأتهم رواه البيهقي، كما تقدم وروى أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران: أن عبد الله بن عبد الملك بن مروان قدم المدينة، فبعث حاجبه إلى سعيد بن المسيب فقال له: أجب أمير المؤمنين! قال: وما حاجته؟ قال: لتتحدث معه. فقال: لست من حداثه. فرجع الحاجب إليه فأخبره، قال: دعه.

قال البخاري في تاريخه: "سمعت آدم بن أبي إياس يقول: شهدت حماد بن سلمة ودعاه السلطان فقال: اذهب إلى هؤلاء! لا والله لا فعلت"
وروى الخطيب، عن حماد بن سلمة: أن بعض الخلفاء أرسل إليه رسولا يقول له: إنه قد عرضت مسألة، فأتنا نسألك. فقال للرسول: قل له: "إنا أدركنا أقواما لا يأتونا أحدا لما بلغهم من الحديث فإن كانت لك مسألة فاكتبها في رقعة نكتب لك جوابها"
وأخرج أبو الحسن بن فهر في كتاب "فضائل مالك، عن عبد الله بن رافع وغيره قال: قدم هارون الرشيد المدينة، فوجه البرمكي إلى مالك، وقال له: احمل إليّ الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك" فقال للبرمكي: "أقرئه السلام وقل له: إن العلم يزار ولا يزور فرجع البرمكي إلى هارون الرشيد، فقال له: يا أمير المؤمنين! يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى مالك في أمر فخالفك! أعزم عليه حتى يأتيك. فأرسل إليه فقال: قل له يا أمير المؤمنين لا تكن أول من وضع العلم فيضيعك الله.
وروى غنجار في تاريخه عن ابن منير: أن سلطان بخاري، بعث إلى محمد بن إسماعيل البخاري يقول: احمل إليّ كتاب "الجامع و "التاريخ لأسمع منك. فقال البخاري لرسوله: "قل له أنا لا أذل العلم، ولا آتي أبواب السلاطين فإن كانت لك حاجة إلى شيء منه، فلتحضرني في مسجدي أو في داري"
وقال نعيم بن الهيصم في جزئه المشهور: "أخبرنا خلف بن تميم عن أبي همام الكلاعي، عن الحسن أنه مر ببعض القراء على بعض أبواب السلاطين، فقال: أقرحتم جباهكم، وفرطحتم نعالكم، وجئتم بالعلم تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم؟! أما إنكم، لو جلستم في بيوتكم لكان خيرا لكم، تفرقوا فرق الله بين أعضائكم"
وقال الزجاجي في أماليه: "أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسن، أخبرني عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي، عن عمه قال: مر الحسن البصري بباب عمر بن هبيرة وعليه القراء فسلم، ثم قال: "ما لكم جلوسا قد أحفيتم شواربكم وحلقتم رؤوسكم، وقصرتم أكمامكم، وفلطحتم نعالكم! أما والله! لو زهدتم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم، فزهدوا فيما عندكم فضحتم القراء فضحكم الله"
وأخرج ابن النجار، عن الحسن أنه قال: "إن سركم أن تسلموا ويسلم لكم دينكم، فكفوا أيديكم عن دماء المسلمين، وكفوا بطونكم عن أموالهم، وكفوا ألسنتكم عن أعراضهم ولا تجالسوا أهل البدع، ولا تأتوا الملوك فيلبسوا عليكم دينكم"
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهيب بن الورد قال: "بلغنا أن العلماء ثلاث، فعالم يتعلمه للسلاطين، وعالم يتعلمه لينفذ به عند التجار، وعالم يتعلمه لنفسه، لا يريد به إلا أنه يخاف أن يعمل بغير علم، فيكون ما يفسد أكثر مما يصلح"
وأخرج أبو نعيم، عن أبي صالح الأنطاكي، قال: سمعت ابن المبارك يقول: "من بخل بالعلم ابتلى بثلاث: إما بموت فيذهب علمه، وإما ينسى، وإما يلزم السلطان فيذهب علمه"
وقال الخطيب البغدادي في كتاب رواه مالك: "كتب إلىّ القاضي أبو القاسم الحسن بن محمد بن الأنباري، من مصر، أنبأنا محمد بن أحمد بن المسور، نبأنا المقدام بن داود الرعيني، نبأنا علي ابن معبد، نبأنا إسحاق بن يحيى، عن مالك بن أنس رحمه الله، قال: "أدركت بضعة عشر رجلا من التابعين يقولون لا تأتوهم، ولا تأمروهم، يعني السلطان"
...وأخرج ابن عساكر، عن عبد الجبار بن عبد العزيز أبي حازم عن أبيه، عن جده: أن سليمان بن عبد الملك دخل المدينة، فأقام بها ثلاثا. فقال: ههنا رجل ممن أدرك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويحدثنا؟ فقيل له: بلى ههنا رجل يقال له أبو حازم فبعث إليه، فجاءه، فقال له سليمان: يا أبا حازم! ما هذا الجفاء أتاني وجوه المدينة كلهم ولم تأتني!؟ قال أبو حازم: إن الناس لما كانوا على الصواب، كانت الأمراء تحتاج إلى العلماء، وكانت العلماء تفر بدينها من الأمراء، فلما رأى ذلك قوم من أذلة الناس تعلموا العلم وأتوا به إلى الأمراء فاستغنت به عن العلماء، واجتمع القوم على المعصية فسقطوا أو تعسوا أو تنسكوا ولو كان علماؤنا هؤلاء يصونون علمهم، لم تزل الأمراء تهابهم"
...قال: حدثنا أبو سعيد الأصمعي، عن أبي الزناد، عن أبيه، قال: "كان الفقهاء كلهم بالمدينة يأتون عمر بن عبد العزيز، خلا سعيد بن المسيب، فإن عمر كان يرضى أن يكون بينهما رسول، وكنت الرسول بينهما.
وأخرج ابن عساكر، عن الأوزاعي، قال: قدم عطاء الخراساني على هشام بن عبد الملك فنزل على مكحول، فقال عطاء لمكحول: ههنا أحد يحركنا؟ - يعني يعظنا - قال: "نعم، يزيد بن ميسرة فأتوه، فقال له عطاء: حركنا رحمك الله، قال: نعم، كانت العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شغلوا، فإذا شغلوا فقدوا، فإذا فقدوا طلبوا، فإذا طلبوا هربوا قال: أعد علي، فأعاد عليه. فرجع ولم يلق هشاما.
وأخرج الخطيب وابن عساكر، عن مقاتل بن صالح الخراساني قال: دخلت على حماد بن سلمة، فبينا أنا عنده جالس، إذ دق داق الباب فقال: "يا صبية أخرجي فانظري من هذا! فقالت: هذا رسول محمد بن سليمان الهاشمي - وهو أمير البصرة والكوفة - قال: قولي له يدخل وحده، فدخل وسلم فناوله كتابه، فقال: اقرأه فإذا فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم من سليمان إلى حماد بن سلمة. أما بعد: فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته. وقعت مسألة فأتينا نسألك عنها فقال: "يا صبية هلمي الدواة! ثم قال: لي: "اقلب الكتاب وكتب: أما بعد فقد صبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته، إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدا، فإن وقعت مسألة فأتنا فاسألنا عما بدا لك! وإن أتيتني، فلا تأتني إلا وحدك، ولا تأتني بخيلك ورجلك، فلا أنصحك ولا أنصح نفسي، والسلام فبينما أنا عنده، إذ دق داق الباب فقال: "يا صبية أخرجي فانظري من هذا! قالت: "هذا محمد بن سليمان، قال: "قولي له يدخل وحده فدخل، فسلم ثم جلس بن يديه، ثم ابتدأ، فقال: ما لي إذا نظرت إليك امتلأت رعبا!؟ فقال حماد: "سمعت ثابت البناني يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء، وإذا أراد به أن يكثر به الكنوز، هاب من كل شيء وذكر بقية القصة...."
ومن تلك النقول نجد أن القوم استثنوا من اشتهروا بالعدل فى التاريخ كعمر بن عبد العزيز جيث آتاه العلماء عدا واحد
ثم عقد السيوطى فصلا نقل فيه عن الغزالى باب فى مخالطة السلاطين قال فيه:
"فصل:
عقد الغزالي في "الإحياء بابا في مخالطة السلاطين، وحكم غشيان مجالستهم، والدخول عليهم، قال فيه: "اعلم أن لك مع الأمراء والعمال الظلمة، ثلاثة أحوال: الحال الأولى: وهي شرها، أن تدخل عليهم.
والثانية: وهي دونها أن يدخلوا عليك.
والثالثة: - وهي الأسلم - : أن تعتزل عنهم، ولا تراهم ولا يروك.
أما الحالة الأولى: وهي الدخول عليهم، فهي مذمومة جدا في الشرع وفيه تغليظات وتشديدات تواردت بها الأخبار والآثار فننقلها لتعرف ذم الشرع له. ثم نتعرض لما يحرم منه، وما يباح وما يكره، على، ما تقتضيه الفتوى في ظاهر العلم ثم سرد كثيرا من الأحاديث والآثار التي سبق ذكرها. ومما أورده مما لم يسبق له ذكر: "قال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزوارون للملوك"
وقال الأوزاعي: "ما شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملا" ...قال: "فهذه الأخبار والآثار تدل على ما في مخالطة السلاطين من الفتن وأنواع الفساد ولكنا نفصل ذلك تفصيلا فقهيا، نميز فيه المحظور عن المكروه والمباح. فنقول: الداخل على السلطان متعرض لأن يعصي الله إما بفعله، وإما بسكوته، وإما بقوله، وإما باعتقاده ولا ينفك عن أحد هذه الأمور.
أما الفعل: فالدخول عليهم في غالب الأحوال يكون إلى دار مغصوبة، وتخطيها والدخول فيها بغير إذن المالك حرام والتواضع للظالم لا يباح إلا بمجرد السلام. فأما تقبيل اليد والانحناء في الخدمة فمعصية.
وقد بالغ بعض السلف، حتى امتنع عن رد جوابهم في السلام. والإعراض عنهم استحقارا لهم من محاسن القربات. والجلوس على بساطهم، إذا كان أغلب أموالهم حراما، لا يجوز.
وأما السكوت فإنه يرى في مجلسهم من الفرش الحرير، وأواني الفضة والحرير والملبوس عليهم، وعلى غلمانهم ما هو حرام. وكل من رأى سيئة وسكت عليها، فهو شريك في تلك السيئة. بل يسمع من كلامهم ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن قلت: إنه يخاف على نفسه، وهو معذور في السكوت فهذا حق ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه لارتكاب ما لا يباح إلا بعذر، فإنه لو لم يدخل ولم يشاهد لم يتوجه عليه الخطاب بالحسبة، حتى يسقط عنه بالعذر. ومن علم فسادا في موضع، وعلم أنه لا يقدر على إزالته لا يجوز له أن يحضر ليجري ذلك بين يديه، وهو يشاهده ويسكت بل يحتزر عن مشاهدته.
وأما القول: فإنه يدعو للظالم، أو يثني عليه، أو يصدقه فيما يقول من باطل بصريح قوله، أو بتحريك رأسه، أو باستبشار في وجهه أو يظهر له الحب والموالاة، والاشتياق إلى لقائه، والحرص على طول عمره وبقائه.
فإنه في الغالب لا يقتصر على السلام، بل يتكلم ولا يعدو كلامه هذا الإمام.
وأما دعاؤه فلا يحل له إلا أن يقول: "أصلحك، أو وفقك الله للخيرات أو طول الله عمرك في طاعته أو ما يجري في هذا المجرى. فأما الدعاء له بالحراسة وطول البقاء وإسباغ النعمة، مع الخطاب بالمولى وما في معناه، فغير جائز، وقال صلى الله عليه وسلم: "من دعى لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله في أرضه" فإن جاوز الدعاء إلى الثناء فيذكر ما ليس فيه، فيكون كاذبا أو منافقا أو مكرما لظالم. وهذه ثلاث معاص، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق" وفي خبر آخر: "من أكرم فاسقا فقد أعان على هدم الإسلام فإن جاوز ذلك إلى التصديق له فيما يقول، والتزكية على ما يعمل، كان عاصيا بالتصديق وبالإعانة. فإن التزكية، والثناء إعانة على المعصية وتحريك للرغبة فيها كما أن التكذيب والمذمة والتقبيح زجر عنه وتضعيف لدواعيه. والإعانة على المعصية معصية ولو بشطر كلمة. .. وكل ذلك إما مكروهات أو محظورات فلا يجوز الدخول عليهم إلا بعذرين.
أحدهما: أن يكون من جهتهم أمر إلزام، لا إكرام، وعلم أنه لو امتنع أوذي.
والثاني: أن يدخل عليهم في دفع الظلم عن مسلم، فذلك رخصة بشرط أن لا يكذب، ولا يدع نصيحة يتوقع لها قبولا"
ثم قال: "فإن قلت: فلقد كان علماء السلف يدخلون على السلاطين فأقول: نعم تعلم الدخول منهم، ثم أدخل عليهم! فقد حكي: أن هشام بن عبد الملك، قدم حاجا إلى مكة فلما دخلها قال: ائتوني برجل من الصحابة فقيل: يا أمير المؤمنين! فقد تفانوا قال: من التابعين. فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه، خلع نعليه بحاشية البساط، ولم يسلم بإمرة المؤمنين، ولكن قال: "السلام عليك يا هشام! ولم يكنه وجلس بإزائه وقال: "كيف أنت يا هشام! فغضب هشام غضبا شديدا حتى هم بقتله وقال له: "ما حملك على ما صنعت؟! قال: "وما الذي صنعت؟!" فازداد غضبا وغيظا، فقال: "خلعت نعلك بحاشية بساطي، وما قبلت يدي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني وجلست بإزاي بغير إذن، وقلت: "كيف أنت يا هشام؟ فقال: أما قولك: "خلعت نعلي، بحاشية بساطك، فأنا أخلعها بين يدي رب العالمين كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي. وأما قولك: "لم تقبل يدي فإني سمعت علي بن أبي طالب قال:"لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد، إلا امرأته بشهوة أو ولده برحمة" وأما قولك: لم تسلم بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راض بإمرتك، فكرهت أن أكذب. وأما قولك: "لم تكنني فإن الله تعالى سمى أولياءه وقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى وكني أعداءه فقال: تَبَّت يَداَ أَبي لَهَبٍ" وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: "إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار، انظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام ... فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا أكرهوا فكانوا يفرون بأرواحهم في الله أعني علماء الآخرة، فأما علماء الدنيا فيدخلون ليتقربوا إلى قلوبهم، فيدلونهم على الرخص، ويستنبطون بدقائق الحيل السعة فيما يوافق أغراضهم انتهى كلام الغزالي ملخصا."
وقد قمت بحذف المتكررمن الروايات نظرا لأنه تكرار لما تركناه من أقوال أخرى والكثير من الحكايات المروية كحكاية هشام وطاوس لم تحدث وإنما هى من ضمن الحكايات المفتراة التى اخترعتها لجان الكفر لإضلال المسلمين عن الحق كما أن الكثير ممن رويت أقوالهم فى هذا الكتاب فى كتب التاريخ ما يبين أنهم كانوا يأتون السلاطين وينالون عطاياهم وهو تناقض أرادت نشره لجان لكفر لتشويه صورة الكل وتحيير الناس بين الأقوال والأفعال