"وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا فى هذه الدنيا حسنة ولدار الأخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجرى من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزى الله المتقين"المعنى وقيل للذين أطاعوا ماذا أوحى خالقكم قالوا نفعا للذين أصلحوا فى هذه الأولى منفعة ولجنة القيامة أفضل وحسن مقام المطيعين حدائق خالدة يقيمون بها تسير من أسفل أرضها العيون لهم فيها ما يريدون وهكذا يثيب الله المطيعين ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين اتقوا أى أطاعوا حكم الله قالوا لبعضهم :ماذا أنزل ربكم والمراد ماذا أوحى إلهكم ؟فكان ردهم هو خيرا أى نفعا والمراد أن الوحى مفيد لهم إن أطاعوه وهو نفع للذين أحسنوا أى أطاعوا فلهم فى هذه الدنيا وهى الحياة الأولى حسنة أى رحمة أى نصر ولدار الأخرة خير والمراد وجنة وهى أجر القيامة أفضل من الدنيا مصداق لقوله بسورة يوسف"ولأجر الأخرة خير للذين أمنوا"ولنعم دار المتقين والمراد وحسن أجر العاملين مصداق لقوله بسورة العنكبوت "ونعم أجر العاملين "والدار هى جنات عدن أى حدائق خالدة يدخلونها والمراد يسكنون فيها تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات الأشربة اللذيذة ولهم فيها ما يشاءون أى ما يشتهون مصداق لقوله بسورة فصلت "ولكم فيها ما تشتهى أنفسكم " وكذلك يجزى الله المتقين أى وبدخول الجنة يرحم الله المحسنين مصداق لقوله بسورة النجم"ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى "والخطاب للنبى(ص).
"الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "المعنى الذين تميتهم الملائكة طاهرين يقولون خير لكم اسكنوا الحديقة بالذى كنتم تطيعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين تتوفاهم أى تميتهم أى تنقلهم الملائكة من الدنيا للحياة الأخرى طيبين أى طاهرين أى مسلمين يقولون لهم سلام عليكم أى الخير لكم،ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون والمراد اسكنوا الحديقة بالذى كنتم تفعلون وهذا يعنى أنهم يقولون لهم أن متاع الجنة لكم تقيمون فيها والسبب عملهم الحسن .
"هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون "المعنى هل يترقبون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء عذاب إلهك هكذا صنع الذين من قبلهم وما بخسهم الله ولكن كانوا أنفسهم يبخسون،يسأل الله هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى أمر ربك والمراد هل يتربصون إلا أن تجيئهم الملائكة أو يجىء عذاب خالقك والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار يترقبون حضور الملائكة وهو لا يحدث إلا فى يوم القيامة أو حضور عذاب الله فى الدنيا ،ويبين لنا أن الذين من قبلهم وهم الكفار السابقين فعلوا أى ترقبوا مثلهم الساعة أو عذاب الدنيا ويبين لنا أن الله ما ظلمهم أى ما بخسهم حقهم مصداق لقوله بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون" وكانوا أنفسهم يظلمون والمراد وكانوا أنفسهم يهلكون مصداق لقوله بسورة الأنعام"وإن يهلكون إلا أنفسهم ".
"فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون "المعنى فأهلكهم عقاب ما صنعوا أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون ،يبين الله أن الكفار أصابهم سيئات ما عملوا والمراد مسهم عقوبات ما كسبوا مصداق لقوله بسورة الزمر"فأصابهم سيئات ما كسبوا"وفسر هذا بأنهم حاق بهم ما كانوا به يستهزءون أى نزل بهم الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب .والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده للنبى(ص)
"وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شىء نحن ولا أباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين "المعنى وقال الذين كفروا لو أراد الله ما أطعنا من غيره من شريك نحن ولا أباؤنا ولا منعنا من غيره من شىء كذلك صنع الذين من قبلهم فهل على الأنبياء(ص)إلا البيان العظيم ،يبين الله لللنبى(ص) أن الذين أشركوا وهم الذين كفروا بحكم ربهم قالوا للرسل(ص)لو شاء أى أراد الله ما عبدنا من دونه من شىء والمراد ما أطعنا من غير دينه من دين نحن ولا أباؤنا ولا حرمنا من دونه من شىء أى ولا منعنا من غير دينه من حكم وهذا يعنى أنهم ينسبون إلى الله أنه أراد منهم الشرك به فى العبادة والتحريم لعبادته وحده وبالطبع هذا كذب على الله ،ويبين لنا أن كذلك فعل الذين من قبلهم والمراد أن بمثل قولهم قال السابقين لهم من الكفار مصداق لقوله بسورة البقرة"كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم"ويسأل الله فهل على الرسل إلا البلاغ والمراد فهل على المبعوثين سوى توصيل الوحى للناس؟والغرض من السؤال هو تعريف الناس بواجب الرسل(ص)وهو توصيل وحى الله إلى الناس فى كل مكان.
"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين "المعنى ولقد أرسلنا فى كل جماعة نبى أن أطيعوا حكم الله وخالفوا الكافر فمنهم من رحم الله ومنهم من وقع عليه العذاب فسافروا فى البلاد فاعرفوا كيف كان جزاء الكافرين ،يبين الله للناس أنه بعث فى كل أمة رسولا والمراد أنه أرسل فى كل جماعة نذير أى نبى مصداق لقوله بسورة فاطر"وإن من أمة إلا خلا فيها نذير"فقال لهم :اعبدوا الله أى أطيعوا حكم الله وفسر هذا بقوله اجتنبوا الطاغوت أى خالفوا الرجس وهو الكفر مصداق لقوله بسورة الحج"فاجتنبوا الرجس من الأوثان"،ويبين لهم أن الأمم منهم من هدى الله أى منهم من رحم الله وهو المؤمن ومنهم من حقت عليه الضلالة أى ومنهم من وقع عليه العذاب وهم الكفار مصداق لقوله بسورة الزمر"ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين "ويطلب الله من الناس أن يسيروا فى الأرض والمراد أن يتحركوا فى البلاد والسبب أن ينظروا كيف كان عاقبة المكذبين والمراد أن يعلموا كيف كان جزاء المفسدين ليتعظوا بما حدث لهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين " والخطاب للناس.
"إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين "المعنى إن ترغب فى رحمتهم فإن الله لا يرحم من يكفر أى ليس لهم منقذين ،يبين الله لنبيه(ص)أنه إن يحرص على هداهم والمراد إن يرغب فى رحمة الله للكفار فعليه أن يعرف أن الله لا يهدى من يضل أى لا يحب أى لا يرحم من يكفر مصداق لقوله بسورة آل عمران "فإن الله لا يحب الكافرين "ويفسر هذا بأنهم ما لهم من ناصرين والمراد ليس لهم أولياء يرحمونهم مصداق لقوله بسورة هود"وما كان لهم من دون الله من أولياء".
"وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون"المعنى وحلفوا بالله قدر طاقتهم لا يحيى الله من يتوفى بلى فرضا عليه واجبا ولكن معظم البشر لا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار أقسموا بالله جهد أيمانهم والمراد حلفوا بالله قدر استطاعتهم :لا يبعث الله من يموت أى لا يحيى الله من يتوفى وهذا يعنى أنهم لا يؤمنون بالبعث بعد الموت ،ويرد الله عليهم فيقول بلى أى الحقيقة وعدا عليه حقا والمراد حكما عليه وهذا يعنى أن البعث حكم فرضه الله على نفسه أن يفعله ولكن أكثر الناس لا يعلمون والمراد أن أغلب الخلق لا يؤمنون بهذا مصداق لقوله بسورة هود"ولكن أكثر الناس لا يؤمنون "والخطاب وما قبله للنبى(ص)
"ليبين لهم الذى يختلفون وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين"المعنى ليظهر لهم الذى يتنازعون فيه أى ليعرف الذين كذبوا أنهم كانوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن البعث سيحدث ليبين للناس والمراد ليعلم الخلق الأتى :الذى يختلفون فيه والمراد الذى يكذبون به وهو البعث والعذاب والثواب وفسر هذا بأن يعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين والمراد أن يعرف الذين كذبوا حكم الله أنهم كانوا مخطئين فى قولهم .
"إنما قولنا لشىء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون "المعنى إنما كلامنا لمخلوق إذا شئناه أن نقول له تواجد فيوجد ،يبين الله لنبيه(ص)أن قوله لشىء وهو وحيه لمخلوق إذا أراده أى إذا شاء خلقه هو أن يقول والمراد هو أن يوحى له كن فيكون أى تواجد فيوجد وهذا يعنى أن المخلوق يتم خلقه عن طريق الوحى له بكلمة كن وهذا يعنى أن البعث يتم بكلمة واحدة هى كن والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"والذين هاجروا فى الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم فى الدنيا حسنة ولأجر الأخرة أكبر لو كانوا يعلمون "المعنى والذين انتقلوا فى الله من بعد أوذوا لنعطينهم فى الأولى نصرا ولثواب القيامة أفضل لو كانوا يعرفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين هاجروا فى الله وهم الذين انتقلوا إلى الدار التى يحكمها شرع الله من بعد ما ظلموا أى أوذوا سوف يبوئهم أى يعطيهم التالى :حسنة فى الدنيا والمراد نصرا فى الأولى وهو حكمهم للأرض وفى الأخرة وهى القيامة أجر وهو الجنة أى رضوان الله مصداق لقوله بسورة التوبة "ورضوان من الله أكبر"وجنة الله أكبر أى أعظم من الدنيا لو كانوا يعلمون أى يعرفون الحق فيطيعونه .
"الذين صبروا على ربهم يتوكلون"المعنى الذين أطاعوا بطاعة خالقهم يحتمون ،يبين الله لنبيه(ص)أن المهاجرين هم الذين صبروا أى أطاعوا حكم الله وفسر هذا بأنهم على ربهم يتوكلون والمراد بطاعة حكم خالقهم يحتمون من كل خطر .
"وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون "المعنى وما بعثنا من قبلك سوى ذكورا نلقى لهم فاستخبروا أهل العلم إن كنتم لا تدرون بالآيات أى الوحى وأوحينا لك العلم لتعرف البشر الذى ألقى لهم لعلهم يفهمون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما أرسل من قبله إلا رجال والمراد ما بعث من قبل وجوده سوى رجال وهذا يعنى أن الرسل(ص)رجال فقط ليس بينهم نساء وقد أوحى لهم أى أنزل لهم البينات وفسرها بالزبر وهو حكم الله ،ويبين للمؤمنين أن عليهم إن كانوا لا يعلمون أى لا يعرفون الحق أن يسألوا أهل الذكر والمراد أن يستفهموا أصحاب العلم عن الذى لا يعرفوه من القضايا ويبين لنبيه(ص)أنه أنزل إليه الذكر والمراد أوحى له البيان وهو ما نسميه تفسير الوحى والسبب أن يبين للناس ما نزل لهم والمراد أن يفسر للخلق الذى أوحى لهم وهو القرآن وسبب نزول الكل هو أن يتفكروا أى يفهموا الحق فيطيعوه والخطاب للنبى(ص)حتى إليهم ثم للناس حتى تعلمون ثم للنبى(ص).
"أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرءوف رحيم " المعنى هل استبعد الذين عملوا الخطايا أن يزلزل بهم اليابس أو يجيئهم العقاب من حيث لا يعلمون أو يهلكهم فى حركتهم فما هم بقاهرين أو يهلكهم على تخوف فإن إلهكم لنافع مفيد ،يسأل الله أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض والمراد هل استحال الذين صنعوا الذنوب أن يحرك الله بهم اليابس أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون والمراد أو يحضر لهم العقاب من حيث لا يعرفون أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين والمراد أو يهلكهم فى يقظتهم فما هم بمنتصرين علينا أو يأخذهم على تخوف والمراد أو يهلكهم على حذر والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الذين مكروا السيئات وهم الذين فعلوا الخطايا استبعدوا أن يحدث الله لهم التالى:أن يزلزل الله بهم الأرض أو يجيئهم العقاب من جهة لا يعلمونها أو يهلكهم فى يقظتهم فما هم بمانعين له أو يهلكهم رغم حذرهم فى حصونهم التى يتحصنون بها ،ويبين الله لنا أن ربنا وهو إلهنا رءوف رحيم أى نافع مفيد للتائبين العائدين لدينه .
"أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء يتفيوأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون "المعنى هل لم يعلموا أن ما أنشأ الله من مخلوق ترجع خيالاته عن اليمين والشمال طاعة لله وهم صاغرون ،يسأل الله أو لم يروا إلى ما خلق الله من شىء والمراد هل لم يعرفوا ما أبدع الله من مخلوق يتفيوأ ظلاله أى تتحرك خيالاته عن اليمين والشمائل سجدا أى طاعة لحكم الله وهم داخرون أى صاغرون أى مستجيبون لأمر الله فى خشوع وهذا يعنى أن المخلوقات تتحرك خيالاتها جهة اليمين وجهة الشمال تبعا لحركته وحركة الضوء وهذا التحرك هو سجود أى طاعة لأمر الله .
"ولله يسجد ما فى السموات وما فى الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون "المعنى ولله يسبح الذى فى السموات والذى فى الأرض من مخلوق والملائكة وهم لا يخالفون ،يبين الله لنا أن ما أى الذى فى السموات والأرض من دابة أى مخلوق يسجدون أى يسبحون لله مصداق لقوله بسورة الحج "الم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"أى يطيعون حكم الله والملائكة يسبحون وفسر هذا بأنهم لا يستكبرون أى لا يخالفون أحكام الله والخطاب وما قبله وما قبله وما بعده للنبى(ص) .
"يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون "المعنى يخشون خالقهم من أعلاهم ويعملون ما يوصون ،يبين الله للنبى(ص) أن الدواب والملائكة يخافون ربهم من فوقهم والمراد يخشون عذاب إلههم من أعلاهم والعلو هنا يقصد به أن النار أعلى المخلوقات عند السماء السابعة مثل الجنة كما أخبرنا الله بسورة النجم مصداق لقوله بسورة الرعد"ويخافون سوء الحساب" والدواب والملائكة يفعلون ما يؤمرون أى ينفذون ما يوصون والمراد يعملون ما يقول الله لهم .
"وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياى فارهبون "المعنى وقال الله لا تعبدوا ربين اثنين إنما هو رب واحد فإياى فخافون ،يبين الله للنبى(ص) أنه قال للناس :لا تتخذوا إلهين اثنين والمراد لا تطيعوا ربين اثنين إنما هو إله أى رب واحد فإياى فارهبون أى فاتقون مصداق لقوله بسورة البقرة "وإياى فاتقون "والخطاب للنبى(ص) وما بعده ومنه للناس .
"ولله ما فى السموات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون "المعنى ولله ملك الذى فى السموات والأرض وله الحكم خالصا أفغير الله تطيعون؟يبين الله للناس على لسان النبى(ص) أن الله له أى يملك ما أى الذى فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الجاثية "ولله ملك السموات والأرض"ويبين لهم أن له الدين واصبا أى له الحكم الخالص وهو العادل مصداق لقوله بسورة الزمر"ألا لله الدين الخالص" ويسأل أفغير الله تتقون والمراد هل سوى الله تعبدون مصداق لقوله بسورة الزمر"أفغير الله تأمرونى أعبد أيها الجاهلون"والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن التقوى وهى العبادة واجبة لله وحده.
"وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما أتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون "المعنى وما بكم من نفع فمن الله ثم إذا أصابكم الأذى فإليه تلجأون ثم إذا أزال الأذى عنكم إذا جماعة منكم يكفرون بإلههم يكفرون ليكذبوا بما أوحينا لهم فتلذذوا فسوف تعرفون ،يبين الله للناس على لسان نبيه(ص) أن ما بهم من نعمة أى نفع أى حسنة مصدرها الله مصداق لقوله بسورة النساء"ما أصابك من حسنة فمن الله"وإذا مسكم الضر والمراد إذا أصابكم أذى منه فإليه تجأرون والمراد فإليه تلجأون وهذا يعنى أنهم يدعون الله وحده ويتركون دعوة ما سواه ثم إذا كشف الضر عنكم والمراد ثم إذا أزال الأذى عنكم والمراد أعطاهم الرحمة إذا فريق منكم بربهم يشركون والمراد إذا جماعة منكم عن دين خالقهم يعرضون مصداق لقوله بسورة الروم"ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون "وقوله بسورة النور"إذا فريق منهم معرضون"والكفار يكفروا بما أتيناهم والمراد يكذبوا بالذى أنزلنا لهم مصداق لقوله بسورة البقرة "أن يكفروا بما أنزل الله "ويطلب منهم أن يتمتعوا أى يتلذذوا بمتاع الدنيا فسوف تعلمون أى تعرفون "من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب"كما قال بسورة هود.
"ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم تا لله لتسئلن عما كنتم تفترون "المعنى ويحددون لما لا يعرفون جزء مما أعطيناهم تالله لتحاسبن عن الذى كنتم تعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الناس يجعلون لما لا يعلمون والمراد يحددون للذى لا يعرفون وهم الآلهة المزعومة نصيبا مما رزقهم الله أى بعضا مما أعطاهم الله من الحرث والأنعام مصداق لقوله بسورة الأنعام"وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام"وهذا يعنى أنهم لا يعرفون حقيقة الآلهة التى يزعمون أنهم يعبدونها فى الدنيا،ويقسم الله للناس بنفسه فيقول تالله ويقسم على التالى أن يسأل الكفار عما كانوا يفترون والمراد أنه يحاسب أى أنه يعاقب الكفار على الذى كانوا يعملون من السيئات فى الدنيا مصداق لقوله بسورة النحل "لتسئلن عما كنتم تعملون"والخطاب للنبى(ص)ثم للناس .
"وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى التراب ألا ساء ما يحكمون"المعنى وإذا أخبر أحدهم بالبنت استمر وجهه حالكا وهو مغتاظ يتخفى من الناس من قبح ما أخبر به أيبقيه على ذل أم يدفنه فى التراب ألا قبح ما يقضون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكافر إذا بشر أى أخبر بولادة أنثى أى بنت له ظل وجهه مسودا والمراد استمر وجهه حالكا وبألفاظ أخرى ظهر على تقاسيم وجهه الضيق طول الوقت وهو كظيم أى مغتاظ والمراد غاضب فى داخله وهو يتوارى من الناس والمراد يتخفى من البشر والمراد يبتعد عن مقابلة الناس والسبب فى فعله هذا هو اعتقاده أن البنت سوء أى شر بشر به أى أخبر به والمراد ضرر أصيب به ويتصارع فى نفس الإنسان أمران :الأول أن يمسكه على هون والمراد أن يبقيها على ذل يعتقد أنه يصيبه بسببها والثانى أن يدسه فى التراب والمراد أن يدفنها فى الأرض تخلصا من ذلها الذى يعتقد أنها ستجلبه له ويبين الله أن هذا الحكم قد ساء أى قبح وهذا يعنى أنه محرم وقوله ألا ساء ما يحكمون يعنى ألا قبح ما يقضون به أى ما يزرون مصداق لقوله بسورة النحل"ألا ساء ما يزرون "وهذا يعنى أن عليهم البعد عنه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"للذين لا يؤمنون بالأخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم "المعنى للذين لا يصدقون بالقيامة حكم الشر ولله الحكم الأعدل وهو الغالب القاض ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة لهم التالى مثل السوء أى حكم الشر والمراد جزاء الأذى وهو النار وأما الله والمراد به أتباع الله فلهم المثل الأعلى وهو الجزاء الأفضل وهو الجنة والله العزيز أى الغالب على أمره والحكيم أى القاضى الذى يفصل فى كل أمر.
"ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون"المعنى لو يحاسب الله الخلق على كفرهم ما أبقى عليها من إنسان ولكن يبقيهم حتى موعد محدد فإذا أتى موعدهم لا يستأجلون وقتا ولا يسرعون،يبين الله للنبى(ص) أن الله لو يؤاخذ الناس بظلمهم والمراد لو يحاسب الخلق على كسبهم وهو كفرهم ما ترك عليها من دابة أى ما أبقى عليها من إنسان عن طريق إنزال العذاب المهلك عليهم مصداق لقوله بسورة الكهف"ولو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب"ولكنه يؤخرهم إلى أجل مسمى والمراد ولكنه يبقيهم حتى موعد معدود هو موعد موتهم مصداق لقوله بسورة هود"وما نؤخرهم إلا لأجل معدود"فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والمراد فإذا أتى موعد موتهم لا يستأجلون وقتا ولا يستعجلون وقتا وهذا يعنى أنهم يموتون فى الوقت المحدد بالضبط .
"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون "المعنى ويحددون لله الذى يبغضون وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة لا كذب أن لهم جهنم وأنهم مسرفون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يجعلون لله ما يكرهون والمراد يقسمون لله الذى يبغضون وهم الإناث فجعلوا الملائكة بنات الله مصداق لقوله بسورة الزخرف"وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله الرحمن إناثا"وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى والمراد وتقول أفواههم الباطل أن لهم الجنة مصداق لقوله بسورة فصلت "ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى "،ويبين لنا أن لا جرم أى لا كذب فى التالى أن لهم النار والمراد مقامهم جهنم وأنهم مفرطون أى مسرفون مصداق لقوله بسورة غافر"وأن المسرفين هم أصحاب النار" والخطاب للنبى(ص).
"تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم "المعنى والله لقد بعثنا إلى جماعات من قبلك فحسن لهم الهوى أفعالهم فهو ناصرهم الآن ولهم عقاب موجع،يقسم الله بنفسه فيقول تا لله والمراد والله ويقسم على التالى أنه أرسل إلى أمم من قبله رسلا والمراد أنه بعث إلى الأقوام التى سبقته فى الزمن رسلا بآيات الله فزين لهم الشيطان أعمالهم والمراد وحسن لهم الهوى الضال سيئاتهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "ومن ثم فهو وليهم أى ناصرهم اليوم وهذا يعنى أن الهوى يظهر لهم النصر وقت التزيين وبعد ذلك لهم عذاب أليم أى "ولهم عذاب عظيم"كما قال بسورة الجاثية والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذى اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون "المعنى وما أوحينا لك الوحى إلا لتعرف لهم الذى كذبوا به ونفع أى فائدة لناس يصدقون،يبين الله لنبيه(ص)أنه أنزل عليه الكتاب والمراد أوحى له الوحى للتالى ليبين لهم الذى اختلفوا فيه والمراد ليظهر لهم أى ليبلغ لهم الذى كفروا به وهو الإسلام والوحى هدى أى رحمة والمراد بشرى أى نفع لقوم يؤمنون أى لناس يصدقون به مصداق لقوله بسورة النحل"ورحمة وبشرى للمسلمين "
"والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن فى ذلك لآية لقوم يسمعون "المعنى والله أسقط من السحاب مطرا فبعث به التراب بعد جدبه إن فى البعث لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أن الله أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب غيثا فأحيا به الأرض بعد موتها والمراد فبعث بالماء التراب بعد جدبها والمراد جعلها مخضرة تنبت النباتات مصداق لقوله بسورة الحج"فتصبح الأرض مخضرة "وفى الإحياء آية لقوم يسمعون والمراد برهان لناس يفهمون أى يعقلون فيطيعون حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "والخطاب للناس.
" وإن لكم فى الأنعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين "المعنى وإن لكم فى الأنعام لبرهان نرويكم من الذى فى أرحامه من بين طعام ودم لبنا صافيا مقبولا عند المرويين ،يبين الله للناس أن لهم عبرة أى آية أى برهان يدل على قدرة الله وحده على الخلق فى الأنعام وهى أنه يسقيهم مما فى بطونه أى أنه يشربهم من الذى فى أجواف الأنعام لبنا وهذا اللبن يتكون من الفرث وهو عصائر الطعام والمراد خلاصات هضم الطعام والدم وهو السائل الأحمر الذى يجرى فى العروق فسبحان من أخرج لبنا مخالفا فى اللون والطعم لأصوله ويبين الله لهم أن اللبن خالص أى صافى ليس فيه دم ولا فرث وأنه سائغ للشاربين والمراد أنه مقبول الطعم عند من يشربه والخطاب وما بعده للناس.
"ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن فى ذلك لآية لقوم يعقلون "المعنى ومن منافع النخل والعنب تصنعون منه خمرا ونفعا طيبا إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله للناس أنهم يستفيدون من ثمرات أى منافع والمراد من البلح وحبات العنب بالأتى :اتخاذ السكر منه والمراد عمل الخمر منه،والرزق الحسن وهو النفع الجميل وهو الأكل والعصير الطازج وفيما سبق ذكره من الإستفادة من ثمار النخل والعنب آية لقوم يعقلون أى برهان دال على قدرة الله وحده على كل شىء لناس يفكرون مصداق لقوله بنفس السورة"إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون ".
"وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون"المعنى وألقى إلهك للنحل أن اجعلى من الرواسى مساكنا ومن الأشجار ومما يبنون ،يبين الله لنبيه(ص)أنه أوحى أى ألقى حكما للنحل هو أن اتخذى بيوتا والمراد اجعلى مساكنا لك الجبال وهى الرواسى ،والشجر وهو الأشجار ،مما يعرشون أى من الذى يبنى الناس للنحل من الخلايا وهذا يعنى أن المخلوقات تتلقى أحكام مثل الإنسان وذلك من خلال الوحى المنزل والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون"المعنى ثم اطعمى من كل الثمار فاجعلى طرق إلهك سهلة يطلع من أجوافها سائل متنوع أشكاله فيه دواء للبشر إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون،يبين الله لنبيه(ص)أن الله طلب من النحل فى الوحى الخاص بها التالى الأكل من كل الثمرات والمراد استخدام كل ثمار النباتات كطعام وهذا يعنى أن النحل يأكل كل ما نعتبره حلو أو مر أو حامض أو غير ذلك كما طلب منها سلوك سبل الرب الذلل وهو السير فى طرق الله السهلة والمراد طاعة أحكام الله الممهدة التى ليس بها صعوبة والله يخرج من بطون النحل والمراد يطلع من أجواف النحل شراب أى سائل مختلف ألوانه أى متنوع ألوانه وهذا يعنى تعدد الأشكال اللونية للعسل الذى فيه شفاء للناس وهم البشر وهذا يعنى أن العسل علاج لبعض أمراض الناس وفيما سبق ذكره عن النحل آية أى برهان يدل على قدرة الله لقوم يتفكرون أى لناس يفهمون فيطيعون حكم الله .
"والله خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكى لا يعلم بعد علم شيئا إن الله عليم قدير"المعنى والله أبدعكم ثم يميتكم ومنكم من يبقى حتى أسوأ السن لكى لا يعرف بعد معرفة أمرا إن الله خبير فاعل،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أنه خلقهم أى أحياهم ثم يتوفاهم أى يميتهم مصداق لقوله بسورة الجاثية "قل الله يحييكم ثم يميتكم"ويبين لهم أن من الناس من يرد إلى أرذل العمر والمراد من يبقى حتى أسوأ السن وهذا يعنى أنه يعيش حتى أسوأ مرحلة وهى المرحلة التى لا يعلم بعد علم شيئا أى التى لا يعرف فيها بعد معرفة أمرا وهى مرحلة نسيان الكلام وهى الشيخوخة مصداق لقوله بسورة غافر"ثم لتكونوا شيوخا"ويبين الله أنه عليم أى خبير بكل شىء وقدير أى فاعل لما يريد والخطاب وما بعده للنبى(ص)ومنه للناس.
"والله فضل بعضكم على بعض فى الرزق فما الذين فضلوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون"المعنى والله رفع بعضكم على بعض فى العطاء فما الذين زيدوا بمقسمى عطائهم مع الذين ملكت أنفسهم فهم فيه سيان أفبوحى الله يكفرون؟،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله فضل بعضهم على بعض فى الرزق والمراد زاد بعضهم على بعض فى العطاء فأعطى البعض أكثر من البعض ومع ذلك فإن الذين فضلوا فى الرزق وهم الذين أكثروا فى العطاء ليسوا برادى رزقهم على ما ملكت أيمانهم والمراد ليسوا بمقتسمى عطاءهم مع الذين ملكت أنفسهم وهم العبيد والإماء حتى يصبحوا فى العطاء سواء أى سيان وهذا يعنى أن الرزق الإلهى للغنى يجب أن يقسم بالتساوى بين الغنى والعبد تطبيقا لقوله بسورة فصلت"وقدر أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين" ويسأل الله أفبنعمة الله يجحدون والمراد هل بآيات الله يكفرون مصداق لقوله بسورة فصلت "وكانوا بآيات الله يجحدون"وهذا يعنى أنهم يكفرون بحكم الله ومنه وجوب اقتسام الرزق بين الغنى والفقير .
"والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون " المعنى والله خلق لكم من أنفسكم زوجات وخلق لكم من زوجاتكم صبيان وبنات وأعطاكم من المباحات أفبالكفر يصدقون وبحكم الله هم يكذبون ،يبين الله على لسان نبيه(ص) للناس أن الله جعل لهم من أنفسهم أزواجا والمراد خلق لهم من بعضهم نساء وهذا يعنى أنه أنشأ من بعض الرجال إناث هن زوجات رجال أخرين وجعل لهم من أزواجهم والمراد وخلق لهم من زوجاتهم التالى بنين أى صبيان وحفدة أى بنات مصداق لقوله بسورة الشورى "أو يزوجهم ذكرانا وإناثا"ويبين لهم أنه رزقهم من الطيبات أى أعطاهم من النافعات ،ويسأل الله نبيه(ص) أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون والمراد هل بالكفر يصدقون وبوحى الله هم يجحدون مصداق لقوله بسورة النحل"أفبنعمة الله يجحدون"؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بوجوب الكفر بالباطل والتصديق بالحق والقول حتى الرزق جزء من آية حذف بعضها وما بعده جزء من آية حذف بعضها .
"ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون"المعنى ويطيعون من غير الله الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض بعضا أى لا يصنعون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يعبدون أى يطيعون أى يدعون من دون أى غير الله مصداق لقوله بسورة النحل"والذين يدعون من دون الله"ما لا يملك لهم رزقا والمراد الذى لا يعطى لهم نفعا من السموات والأرض وفسر هذا بأن الآلهة المزعومة لا يستطيعون أى لا يقدرون على نصرهم أو نصر أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأعراف"لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون"والخطاب للنبى(ص).
"فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون"المعنى فلا تقولوا لله الأقوال إن الله يعرف وأنتم لا تعرفون،يطلب الله من الكفار ألا يضربوا له الأمثال والمراد ألا يقولوا له الأقوال الكاذبة لإثبات صحة أقوالهم لأنهم سبق أن ضربوا له الأمثال مصداق لقوله بسورة الإسراء"انظر كيف ضربوا لك الأمثال" ويبين لهم السبب فى طلبه لذلك وهو أنه يعلم أى يعرف كل شىء وهم لا يعلمون أى لا يعرفون الحق والخطاب للكفار.
"ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شىء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون" المعنى قال الله عظة عبدا محكوما لا يستطيع شىء ومن أعطيناه منا عطاء طيبا فهو يصرف منه خفاء وعلنا هل يتساوون الطاعة لله إن أغلبهم لا يعرفون،يبين الله للنبى(ص) أنه ضرب مثلا أى قال عظة والمراد قال حكما هو عبدا مملوكا لا يقدر على شىء والمراد أسيرا محكوما لا يستطيع عمل شىء نافع ومن رزقناه منا رزقا حسنا أى ومن أعطيناه منا عطاء طيبا والمراد ومن أوحينا له وحيا جميلا فهو ينفق منه سرا وجهرا أى فهو يعمل به خفاء وعلنا ،ثم يسأل الله هل يستوون أى هل يتساوون فى الأجر والجزاء ؟والغرض من السؤال إخبار الناس أن العبد المملوك غير القادر على نفع نفسه والمراد به الكافر لا يتساوى مع المرزوق المنفق فى السر والجهر والمراد به المسلم فى الجزاء،ويبين الله له أن الحمد وهو الطاعة واجبة لحكمه وحده ويبين أن أكثر الناس لا يعلمون أى أن معظم الخلق لا يطيعون أى يشكرون مصداق لقوله بسورة يونس"ولكن أكثرهم لا يشكرون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).