سورة النحل
سميت بهذا الاسم لذكر النحل فيها فى قوله "وأوحى ربك إلى النحل".
"بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون"المعنى بحكم الرب النافع المفيد علم حكم الله فلا تطالبوا به طاعته وعلوه عن الذى يعبدون ،يبين الله لنا أن باسم الله وهو حكم الرب وهو الرحمن الرحيم أى النافع المفيد قد حدث التالى :أتى أمر الله أى جاء حكم الرب والمراد علم وقت عذاب الله لله وحده ويطلب الله من الناس ألا يستعجلوه والمراد ألا يطلبوا نزول القطن وهو العذاب قبل يوم الحساب كما قالوا بسورة ص"ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب"ويبين لهم أن سبحانه والمراد التسبيح وهو الطاعة لحكمه ويبين أنه تعالى عما يشركون أى علا عن الذى يعبدون والمراد أنه أفضل من أى آلهة أخرى يزعمون وجودها والخطاب للناس .
"ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن أنذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون "المعنى يرسل الملائكة بالوحى من عنده إلى من يريد من خلقه أن أخبروا أنه لا رب إلا أنا فأطيعون ،يبين الله لنا أن الله ينزل الملائكة بالروح من أمره والمراد أن يرسل الملائكة بالفضل وهو الوحى من لديه مصداق لقوله بسورة البقرة "أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده "والمراد على من يختار من خلقه وهذا يعنى أن الله يبعث الملائكة بالحكم المكتوب عنده فى أم الكتاب وهو يرسله إلى من يختاره من الخلق والسبب أن أنذروا والمراد أن قولوا لهم أنه لا إله أى لا رب إلا أنا فاتقون أى فأطيعون والمراد لا رب سواى يستحق الإتباع فاتبعوا حكمى أى اعبدون كما قال بسورة الأنبياء"أن لا إله إلا أنا فاعبدون " والخطاب للناس.
"خلق السموات والأرض بالحق تعالى عما يشركون"المعنى أنشأ السموات والأرض للعدل تنزه عن الذى يعبدون ،يبين الله للمؤمنين أنه خلق أى "فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام " والمراد أنشأ الكون بالحق والمراد ليسود فيه العدل ،وهو قد تعالى عما يشركون أى تنزه عن الذى يصفون أى يقولون وهو الآلهة المزعومة مصداق لقوله بسورة الأنعام"وتعالى عما يصفون"وقوله بسورة الإسراء"وتعالى عما يقولون علوا كبيرا"وهذا يعنى أن الله أفضل من الآلهة المزعومة .
"خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين "المعنى أنشأ الإنسان من منى فإذا هو كافر عنيد ،يبين الله للمؤمنين أنه خلق الإنسان من نطفة والمراد جعل الإنسان من سلالة من طين هى المنى مصداق لقوله بسورة السجدة"ثم جعل نسله من سلالة من طين "وبعد خلقه إذا هو خصيم مبين أى كافر عظيم فى كفره.
"والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم "المعنى والأنعام أنشأها لكم فيها حرارة وفوائد ومنها تطعمون ولكم فيها زينة حين تقعدون وحين تسعون وترفع أمتعتكم إلى قرية لم تكونوا واصليها إلا بتعب الأنفس إن إلهكم لنافع مفيد،يبين الله للناس أن الأنعام قد خلقها أى أنشأها الله لهم فيها التالى :دفء أى حرارة والمراد أوبارها وصوفها وشعرها مما يصنع منه ملابس تعطى الجسم الحرارة وفيها منافع أى فوائد كثيرة ومن الفوائد أنهم يأكلون أى يطعمون منها سواء اللحم أو الجبن أو الزبد أو اللبن أو غير ذلك ومن الفوائد أن لهم فيها جمال أى زينة أى متاع أى فائدة حين يريحون أى يستريحون والمراد حين يطلبون السبات وهو الراحة وحين يسرحون أى وحين يعملون وهذا يعنى أن لها فوائد فى وقت راحتها وفى وقت عملها ،ومن فوائد الأنعام أنها تحمل الأثقال إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس والمراد أنها ترفع الأمتعة وتسير بها إلى قرية لم نكن واصليها إلا بتعب الذوات وهى الأجسام والنفوس ويبين لهم أنه بهم رءوف رحيم أى نافع مفيد لهم .
"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون "المعنى والخيل والبغال والحمير لتستووا عليها أى نفع ويبدع الذى لا تعرفون ،يبين الله للناس أنه خلق الخيل والبغال -وهى نتاج تزواج الخيل والحمير _ والحمير للتالى ليركبوها أى ليستووا عليها والمراد لتحملهم وأثقالهم وهى زينة أى جمال أى نفع لهم ويبين الله لهم أنه يخلق ما لا يعلمون أى ينشىء الذى لا يعرفون وهذا يعنى وجود كائنات نجهلها ولا نعرفها .
"وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين "المعنى وعلى الله علم الطريق ومنها ظالم ولو أراد لأرشدكم كلكم ،يبين الله للناس أن الله عليه قصد السبيل وهو علم الدين أى إبلاغ الوحى لهم ويبين لهم أن الناس منهم المسلم ومنهم الجائر وهو الكافر ويوضح لهم أنه لو شاء لهداهم جميعا أى لو أراد لأرشدهم كلهم والمراد جعلهم أمة واحدة مصداق لقوله بسورة المائدة "ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ".
"هو الذى أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون "المعنى هو الذى أسقط من السحاب مطرا لكم منه سقاء ومنه نبات به تنتفعون ،المعنى يبين الله أنه أنزل من السماء والمراد أنه أسقط من السحاب مطرا منه التالى شراب أى سقاء وهذا يعنى أن الماء يروى عطش الناس ،وشجر فيه تسيمون والمراد نبات فيه ترتعون والمراد يخرج به نبات به تنتفعون به فى حياتكم والخطاب وما قبله ثلاثا وما بعده للناس .
"ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون" المعنى يخرج لكم به الزرع والزيتون والنخل والعنب ومن كل المنافع إن فى ذلك لبرهان لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه ينبت أى يخرج بالماء لكم التالى :الزرع وهو المحاصيل ،والزيتون ،والنخيل وهو النخل،الأعناب ،ومن كل الثمرات وهى أنواع النبات كلها وفى إخراج هذه النباتات آية والمراد برهان على أن الله واحد يستحق العبادة وحده لقوم يتفكرون أى "لقوم يذكرون "كما قال بسورة النحل وهم من يفهمون .
"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى وخلق لكم الليل والنهار والشمس والقمر والكواكب مسيرات بحكمه إن فى هذه المخلوقات لبراهين لناس يفهمون ،يبين الله للناس أنه سخر أى خلق لنفعهم كل من :الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب وكلهم مسخرات بأمره أى متحركات بحكم الله وهذا يعنى أنهم يعملون بالقوانين التى وضعها الله لها وفى ذلك وهى المخلوقات المذكورة آيات والمراد براهين دالة على وجوب عبادة الله وحده لقوم يعقلون أى لناس يذكرون أى يتفكرون كما قال بنفس السورة والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للناس.
"وما ذرأ لكم فى الأرض مختلفا ألوانه إن فى ذلك لآية لقوم يذكرون "المعنى وما خلق لكم فى الأرض متنوعا ألوانه إن فى ذلك لبرهان لناس يعقلون ،يبين الله للناس أنه ذرأ والمراد خلق لهم فى الأرض من المخلوقات مختلفا ألوانه أى متنوعا جلوده وهذا يعنى أن كل مخلوقات الأرض مخلوقة لمنفعة الناس وفى ذلك آية وهى المخلوقات لقوم يذكرون أى برهان لناس يفهمون فيتبعون الوحى .
" وهو الذى سخر البحر لتأكلوا لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون "المعنى وهو الذى خلق الماء لتطعموا منه لحما لينا وتطلعوا منه حلية ترتدونها وتشاهد السفن سائرات فيه ولتطلبوا من رزقه ولعلكم تطيعون ،يبين الله للناس أنه سخر أى خلق البحر وهو الماء لهم للتالى أن يأكلوا منه لحما طريا والمراد لتطعموا منه لحما لينا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها أى وتستطلعوا منه الماء حلية ترتدونها وهذا يعنى أنهم يصطادون من الماء الأسماك وأشباهها والحلى وهى الياقوت والمرجان والذهب والفضة وغير ذلك ،ويبين لرسوله (ص)أنه يرى الفلك مواخر فيه والمراد يشاهد السفن متحركات فى البحر ويبين للناس أنهم يبتغون من فضله والمراد يطلبوا من رزقه بالسعى إلى هذا الرزق فى مكانه ويبين لهم أن عليهم أن يشكروه أى يطيعوا حكم الله .
"وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون "المعنى وخلق فى الأرض جبالا لا تتحرك بكم وعيونا وطرقا لعلكم ترشدون ،يبين الله للناس أنه ألقى فى الأرض رواسى والمراد وضع فى الأرض جبالا وهى أن تميد بهم والمراد كى لا تتحرك بهم أى حركة مستمرة لأنها ثابتة كما جعل فيها أنهارا أى مجارى للمياه وسبلا أى طرقا لسير الناس وقد خلق لهم هذا كله لعلهم يهتدون أى يرشدون والمراد يطيعون حكم الله .
"وعلامات وبالنجم هم يهتدون "المعنى وآيات وبالكوكب هم يرشدون ،يبين الله للنبى(ص) أنه خلق للبشر آيات أى علامات هى التضاريس فى الأرض حيث تجعل لكل مكان معالم معلومة وبالنجم وهو الكوكب هم يهتدون أى يرشدون فى سبلهم وهذا يعنى أن الناس يستخدمون التضاريس والنجوم فى التوصل لطريق الذهاب لمكان ما .
"أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون "المعنى هل من يبدع كمن لا يبدع أفلا تفهمون؟يسأل الله الناس أفمن يخلق كمن لا يخلق أى هل من ينشىء المخلوقات كمن لا ينشىء شىء؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الله الذى يخلق المخلوقات لا تتساوى معه الآلهة المزعومة التى لا تخلق شىء ويسألهم أفلا تذكرون أى أفلا تعقلون والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الواجب عليهم أن يفهموا فيطيعوا حكم الله وحده والخطاب وما بعده للناس.
"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم والله يعلم ما تسرون وما تعلنون"المعنى وإن تحسبوا منح الله لا تقدروها إن الله لعفو نافع والله يعرف الذى تكتمون والذى تظهرون ،يبين الله للناس أنهم إن يعدوا نعمة الله لا يحصوها والمراد إن يحسبوا منح وهى خلق الله لهم لا يقدروا على حسابها لأنها كثيرة كثرة هائلة ويبين لهم أنه غفور أى عفو عن التائب رحيم أى نافع لمن يتوب برحمته وهو يعلم ما يسرون وما يعلنون والمراد يعرف الذى يخفون والذى يبدون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون "وقوله بسورة النمل"ويعلم ما تخفون وما تعلنون "وهذا يعنى أنه يعرف كل شىء
"والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون "المعنى والذين يعبدون من سوى الله لا ينشئون مخلوقا وهم ينشئون هلكى غير باقين وما يعرفون متى يقومون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين يدعو الناس من دون الله والمراد الذين يعبد الناس من غير الله لا يخلقون شيئا والمراد لا يبدعون مخلوقا وأما هم فيخلقون والمراد فالله يبدعهم فهم مخلوقات مثلهم مثل غيرهم ومن ثم لا يمكن أن يكون المخلوق إلها وهؤلاء الآلهة أموات أى هلكى والمراد ليس لهم وجود وفسر هذا بأنهم غير أحياء أى غير عائشين وهم لا يشعرون أيان يبعثون والمراد وهم لا يعلمون متى يرجعون للحياة مرة أخرى فكيف يكون الميت إلها وهو لا يقدر على نفع نفسه كما أنه لا يعلم بشىء والخطاب وما بعده للنبى(ص) ومنه للناس.
"إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالأخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون "المعنى وربكم رب واحد فالذين لا يصدقون بالقيامة نفوسهم مكذبة وهم كافرون ،يبين الله لنا أن إلهنا إله واحد والمراد أن خالقنا خالق واحد لا يوجد سواه ويبين لنا أن الذين لا يؤمنون بالأخرة وهم الذين لا يصدقون بالقيامة أى كافرون بها مصداق لقوله بسورة الأعراف"وهم بالأخرة كافرون"قلوبهم منكرة أى نفوسهم قاسية أى لاهية مصداق لقوله بسورة الأنبياء"لاهية قلوبهم" وقوله بسورة الحج"القاسية قلوبهم " وفسر هذا بأنهم مستكبرون أى مخالفون لحكم الله .
"لا جرم إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين "المعنى لا كذب إن الله يعرف الذى يكتمون والذى يبدون إنه لا يرحم المعتدين ،يبين الله للنبى(ص) أن لا جرم أى لا كذب فى الحقيقة التالية إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون والمراد إن الله يعرف الذى يكتمون والذى يبدون مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"وهو لا يحب المستكبرين أى لا يرحم أى لا يهدى الكافرين وهم المعتدين وفى هذا قال بسورة البقرة "إن الله لا يحب المعتدين "وقوله بسورة التوبة "إن الله لا يهدى القوم الكافرين ".
"وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين "المعنى وإذا قيل لهم ماذا قال إلهكم قالوا تخاريف السابقين ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار إذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم والمراد ماذا أوحى إلهكم ؟قالوا أساطير الأولين أى أكاذيب السابقين وهذا يعنى أنهم يجعلون القرآن مصدره أباطيل القدماء والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون "المعنى ليعرفوا أعمالهم تامة ومن أعمال الذين يبعدونهم بغير معرفة ألا قبح ما يعملون ،يبين الله للنبى(ص) أن الكفار يحملون أوزارهم كاملة يوم القيامة والمراد يعرفون أفعالهم تامة يوم البعث وهى أثقالهم ويعرفون أوزار الذين يضلونهم بغير علم والمراد ويعلمون أثقال أى أعمال الذين يبعدونهم بغير وحى مصداق لقوله بسورة العنكبوت "وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم "وهذا يعنى أنهم يعرفون أعمالهم وأعمال غيرهم من خلال تسلم كتبهم المنشرة ومشاهدتها ،ويبين لنا أنه ساء ما يزرون والمراد قبح ما يعملون مصداق لقوله بسورة التوبة "إنهم ساء ما كانوا يعملون".
"قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون "المعنى قد دبر الذين من قبلهم فدمر الله تدبيرهم من الأسس فسقط عليهم السقف من أعلاهم أى جاءهم العقاب من حيث لا يدرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الذين من قبل الكفار قد مكروا أى كادوا أى كذبوا آيات الله فكانت النتيجة هى أن الله أتى بنيانهم من القواعد والمراد هدم الله كيدهم من أساسه مصداق لقوله بسورة الأنفال "وإن الله موهن كيد الكافرين"ومن ثم حدث التالى خر عليهم السقف من فوقهم والمراد سقط السقف عليهم من أعلاهم أى ارتد الكيد عليهم وهو مكرهم السيىء مصداق لقوله بسورة فاطر"ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله"وهذا يعنى أن أتاهم العذاب من حيث لا يشعرون والمراد جاءهم العقاب من حيث لا يعلمون ومن هنا نعلم أن كل تدبير سيىء يعيده الله إلى أهله فينزل بهم السوء.
"ثم يوم القيامة يخزيهم ويقول أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم قال الذين أوتوا العلم إن الخزى اليوم والسوء على الكافرين "المعنى ثم يوم البعث يذلهم ويقول أين أندادى الذين كنتم تعادون فيهم قال الذين أعطوا الوحى إن الذل اليوم أى الهوان للمكذبين ،يبين الله للنبى(ص) أن فى يوم القيامة وهو يوم البعث يخزيهم أى يذلهم والمراد "يضاعف لهم العذاب يوم القيامة"كما قال بسورة الفرقان ،ويقول الله لهم على لسان الملائكة أين شركاءى الذين كنتم تشاقون فيهم والمراد أين أندادى الذين كنتم تعصوننى بسببهم ؟والغرض من السؤال إخبارهم أن الآلهة المزعومة ليس لها وجود حقيقى ومن ثم فهم لا يستحقون مخالفة الله فيهم وقال الذين أوتوا العلم وهم الذين أعطوا الوحى :إن الخزى اليوم وفسره بأنه السوء أى العذاب أى الذل على الكافرين وهم المكذبون بحكم الله مصداق لقوله بسورة الشورى "والكافرون لهم عذاب شديد" والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"الذين تتوفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم فألقوا السلم ما كنا نعمل من سوء بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين"المعنى الذين تميتهم الملائكة خاسرى أنفسهم فقالوا الخير ما كنا نفعل من ظلم حقا إن الله خبير بما كنتم تفعلون فإولجوا من منافذ النار مقيمين فيها فقبح مقام الكافرين،يبين الله لنا أن الذين تتوفاهم أى تميتهم والمراد تنقلهم الملائكة من الدنيا للأخرة ظالمى أنفسهم أى خاسرى أنفسهم وهم الذين كفروا مصداق لقوله الأنفال"إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة"فيقول الكفار السلم أى الخير لكم وهذا يعنى أنهم يلقون التحية للملائكة وقالوا ما كنا نعمل من سوء والمراد ما كنا نفعل من شرك مصداق لقوله بسورة الأنعام "والله ربنا ما كنا مشركين "وهذا يعنى أنهم ينفون كفرهم ومن ثم قالت لهم الملائكة بلى أى حقا إن الله عليم بما كنتم تعملون والمراد إن الله خبير بما كنتم تفعلون فى الدنيا مصداق لقوله بسورة التغابن"والله بما تعملون خبير" وهو قول استهزائى معناه هل لم تفعلوا حقا ؟وقالوا لهم فادخلوا أبواب جهنم والمراد اولجوا من منافذ النار لداخلها وهذه دعوة لهم أن يقيموا فى النار وقالوا خالدين فيها أى مقيمين فيها فلبئس مثوى المتكبرين والمراد فقبح مقام الظالمين مصداق لقوله بسورة آل عمران"ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين"وهذا يعنى أن مكان إقامتهم سيىء.