"أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب "المعنى هل من يعرف أنما أوحى إليك من إلهك العدل كمن هو كافر إنما يطيع أهل العقول،يسأل الله النبى (ص)أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى والمراد هل من يعرف إنما ألقى لك من خالقك العدل كمن هو مكذب ؟والمراد"هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون"كما قال بسورة الزمر والغرض من السؤال إخبار النبى (ص)أن العالم بالوحى وهو المطيع له لا يتساوى فى الجزاء بالمخالف له ويبين له أنما يتذكر أولوا الألباب والمراد يطيع الحق أهل العقول أى المنيبين لله مصداق لقوله بسورة غافر"وما يتذكر إلا من ينيب" والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة والسيئة أولئك لهم عقبى الدار "المعنى الذين يتمون حكم الله أى لا يخالفون العهد أى الذين يعملون ما أوصى به الله أن يعمل أى يخافون خالقهم أى يخشون أشد العقاب أى الذين أطاعوا طلب رحمة خالقهم أى اتبعوا الدين أى وعملوا من الذى أوحينا لهم خفاء وظاهرا أى يمحون بالصالح الفاسد أولئك لهم حسن المقام ،يبين الله للنبى (ص)أن الذين يوفون بعهد الله والمراد الذين يطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم لا ينقضون الميثاق أى لا يخالفون العهد وهو حكم الله وفسرهم بأنهم الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل والمراد الذين يطيعون الذى أوصى الله به أن يطاع وهو حكم الله وفسرهم بأنهم الذين يخشون ربهم أى يخافون عذاب خالقهم فيطيعون حكمه وفسرهم بأنهم يخافون سوء الحساب أى يخشون أشد العذاب فيطيعون حكم الله وفسرهم بأنهم الذين صبروا إبتغاء وجه ربهم أى الذين أطاعوا طلب رضوان الله وهو جنته وفى هذا قال بسورة الحديد"ابتغاء رضوان الله "وفسرهم بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الصلاة "وفسرهم بأنهم أنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية والمراد وعملوا من الذى أوحينا لهم خفاء وظاهرا وفسرهم بأنهم يدرءون بالحسنة السيئة والمراد يمحون بالعمل الصالح العمل الفاسد لهم عقبى الدار أى الدرجات العلى مصداق لقوله بسورة طه"أولئك لهم الدرجات العلى"وهى الجنة .
"جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار "المعنى حدائق خالدة يسكنونها ومن أحسن من آبائهم ونسوتهم وأولادهم والملائكة يلجون عليهم من كل منفذ خير لكم بما أطعتم فحسن متاع الجنة ،يبين الله للنبى (ص)أن أولى الألباب لهم جنات عدن أى حدائق خالدة أى مقيمة مصداق لقوله بسورة التوبة"جنات لهم فيها نعيم مقيم"وهم يدخلونها أى يسكنون فيها ومن صلح أى أحسن عملا من آبائهم وأزواجهم وهم نسوتهم وذرياتهم أى أولادهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب والمراد أن الملائكة يلجون على المسلمين من كل منفذ ويقولون لهم سلام عليكم بما صبرتم والمراد الخير لكم بما أطعتم أى عملتم حكم الله مصداق لقوله بسورة النحل"ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون "ويبين الله له أن الجنة هى نعم عقبى الدار أى متاع القيامة الحسن والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا فى الآخرة إلا متاع "المعنى الله يكثر العطاء لمن يريد ويقلل وتمتعوا بالمعيشة الأولى وما المعيشة الأولى فى القيامة سوى قليل ،يبين الله لنا أنه يبسط الرزق لمن يشاء والمراد يكثر العطاء لمن يريد من الخلق ويقدر أى ويقلل لمن يريد من الخلق وقد فرحوا بالحياة الدنيا والمراد وقد انشغلوا بمتاع المعيشة الأولى وما الحياة الأولى وهى المعيشة الأولى فى الآخرة وهى القيامة إلا متاع أى قليل من العطاء مصداق لقوله بسورة التوبة "فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل".
"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب "المعنى ويقول الذين كذبوا لولا أعطى له معجزة من إلهه قل إن الله يعاقب من يكفر ويرحم من أطاع ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا :لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطيت له معجزة من خالقه وهذا يعنى أنهم يريدون من الله أن يعطى محمد(ص)معجزة ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم :إن الله يضل من يشاء والمراد يعذب من يريد وهم من كفروا بحكمه ويهدى من أناب والمراد ويرحم من أطاع حكمه مصداق لقوله بسورة العنكبوت"يعذب من يشاء ويرحم من يشاء" والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم طوبى وحسن مآب "المعنى المنيبين الذين صدقوا وتسكن نفوسهم بطاعة الله ألا بطاعة الله تسكن القلوب الذين صدقوا لهم جنة أى حسن مرجع ،يبين الله لنبيه(ص)أن المنيبين هم الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وتطمئن قلوبهم بذكر الله والمراد تسكن نفوسهم بطاعة حكم الله ،ويبين له أن بذكر الله وهو طاعة حكم الله تطمئن القلوب أى تسكن القلوب أى لا تخاف من أحد سوى الله ،ويبين له أن الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله وعملوا الصالحات أى وفعلوا الحسنات لهم طوبى أى جنات النعيم مصداق لقوله بسورة لقمان"لهم جنات النعيم "وفسر طوبى بأنها حسن مآب أى حسن الثواب مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله عنده حسن الثواب "أى أفضل المساكن .
"كذلك أرسلناك فى أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذى أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربى لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب "المعنى هكذا بعثناك فى جماعة قد مضت من قبلها جماعات لتبلغ لهم الذى ألقينا لك وهم يكذبون بحكم الله قل هو إلهى لا رب سواه به احتميت وإليه عودتى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أرسله فى أمة قد خلت من قبلها أمم والمراد قد بعثه فى قوم قد هلكت من قبلهم الأقوام وسبب بعثه هو أن يتلو عليهم الذى أوحى إليه والمراد أن يقرأ عليهم القرآن الذى ألقى له مصداق لقوله بسورة الإسراء"وقرآنا فرقناه على مكث لتقرأه على الناس "ويبين له أن الناس يكفرون بالرحمن أى يكذبون بحكم وهو نعمة الله مصداق لقوله بسورة النحل"وبنعمة الله هم يكفرون "ويطلب منه أن يقول لهم هو ربى أى إلهى لا إله أى رب إلا هو عليه توكلت والمراد بطاعة حكمه احتميت من عقابه وإليه متاب أى "إليه مآب"كما قال بسورة الرعد والمراد إليه المرجع والخطاب للنبى"(ص) .
"ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى بل لله الأمر جميعا ألم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتى وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد"المعنى ولو أن وحيا مشت به المرتفعات أو جزئت به الأرض أو حدث به الهلكى بل لله الحكم كله ألم يعرف الذين صدقوا أن لو يريد الله لأرشد الخلق كلهم ولا يزال الذين كذبوا تمسهم بما عملوا غاشية أو تقع قريبا من بلادهم حتى يجىء خبر الله إن الله لا ينقض الوعد ،يبين الله لنا أن الله لو أنزل قرآنا أى وحيا عمل به التالى :سيرت به الجبال أى حركت به الرواسى وقطعت به الأرض والمراد وجزئت به الأرض لأجزاء وكلم به الموتى أى أحيى به الهلكى ما آمن الناس بحكم الله نتيجة هذه المعجزات مصداق لقوله بسورة يونس"لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية "ويبين لنا أن الأمر وهو الحكم لله جميعا أى كله مصداق لقوله بسورة يوسف "إن الحكم إلا لله"ويسأل ألم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا والمراد ألم يعلم الذين صدقوا أن لو يريد الله لأرشد الخلق كلهم ؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين أن الله لا يريد أن يهدى الخلق كلهم ،ويبين لنا أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله لا يزال تصيبهم قارعة أى تستمر تمسهم عقوبة أى فتنة من الله وفسر هذا بأنهم تحل قريبا من دارهم والمراد ينزل عليهم العذاب الأليم فى بلادهم مصداق لقوله بسورة النور"أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم "والسبب ما صنعوا أى ما عملوا وهذا العقاب يكون حتى يأتى وعد الله وهو عذاب الله الذى أخبرهم به ويبين لنا أن الله لا يخلف الميعاد أى لا ينقض الوعد والمراد أنه يحقق كل ما يقول من الأقوال والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد استهزىء برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب "المعنى ولقد سخر من أنبياء من قبلك فأعطيت للذين كذبوا ثم أهلكتهم فكيف كان عذاب ،يبين الله للنبى (ص)أن الناس قد استهزءوا بالرسل من قبله أى قد كذبوا الأنبياء(ص)من قبل وجوده فأملى الله للذين كفروا أى فأعطى الله الذين كذبوا بحكم الله العطايا ثم أخذهم أى عذبهم فكيف كان عقاب أى عذاب أى نكير مصداق لقوله بسورة فاطر "فكيف كان نكير"وهذا يعنى أن الله يعامل القوم أولا بالحسنى وهى الرزق الكثير ثم يعاقبهم .
"أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد"المعنى هل من هو محاسب لكل نفس بما عملت وخلقوا لله أندادا قل عينوهم أم تخبرونه بالذى لا يعرف فى الأرض أم بواضح من الحديث ،لقد حسن للذين كذبوا كيدهم وردوا عن الدين ومن يعذب الله فما له من راحم ،يسأل الله أفمن هم قائم على كل نفس بما كسبت والمراد هل من هو محاسب كل فرد خير أم من لا يحاسب أحد ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الإله المحاسب على العمل أفضل ممن لا يحاسب،ويبين الله لنبيه(ص)أن الناس جعلوا لله شركاء والمراد اخترعوا لله أندادا مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وجعلوا لله أندادا"ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول سموهم أى عينوهم والمراد حددوا الشركاء الذين تزعمون ،أم تنبئونه بما لا يعلم فى الأرض أم بظاهر من القول والمراد هل تخبرون الله بالذى لا يعرف فى البلاد أن ببين من الحديث ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن الله يعلم كل شىء سواء خفى أم ظاهر فهو يعلم أن الشركاء ليس لهم وجود فى الأرض كما يعلم أن القول وهو الوحى ليس فيه دليل ظاهر على وجودهم الحقيقى ،ويبين له أن الذين كفروا أى أسرفوا زين لهم مكرهم والمراد حسن لهم سوء أعمالهم مصداق لقوله بسورة التوبة "زين لهم سوء أعمالهم "وقوله بسورة يونس"زين للمسرفين ما كانوا يعملون "ويبين له أنهم صدوا عن السبيل أى ردوا عن دين الله وهو الإسلام ويبين له أن من يضلل فما له من هاد والمراد من يهن أى يذل الله فليس له مكرم يرحمه مصداق لقوله بسورة الحج"ومن يهن الله فما له من مكرم "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"لهم عذاب فى الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله واق"المعنى لهم عقاب فى المعيشة الأولى ولعقاب القيامة أعظم وما لهم من الله من حامى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار لهم عذاب فى الحياة الدنيا والمراد لهم خزى فى المعيشة الأولى مصداق لقوله بسورة البقرة "لهم فى الدنيا خزى "أى ذل ولعذاب الآخرة أشق والمراد ولعقاب القيامة أخزى أى أعظم مصداق لقوله بسورة فصلت "ولعذاب الآخرة أخزى "وما لهم من الله من واق والمراد وليس لهم من عذاب الله من ولى يمنع عنهم العذاب مصداق لقوله بسورة الشورى "والظالمون ما لهم من ولى ولا نصير ".
"مثل الجنة التى وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار "المعنى حقيقة الحديقة التى أخبر المطيعون تسير من أسفلها العيون متاعها مستمر وظلها تلك مسكن الذين أطاعوا حكم الله ومقام المكذبين جهنم ،يبين الله لنبيه (ص) أن مثل الجنة أى حقيقة الحديقة التى وعد المتقون وهى التى أخبر المطيعون لحكم الله تجرى من تحتها الأنهار أى تسير من أسفل أرضها العيون وأكلها وهو متاعها أى نعيمها دائم أى مقيم مصداق لقوله بسورة التوبة "فيها نعيم مقيم"وظل الجنة وهو خيالها الواقى من الحرارة مستمر ويبين له أن تلك وهى الجنة عقبى الذين اتقوا أى مسكن الذين أطاعوا حكم الله وأما عقبى الكافرين وهى مكان وجود أعداء الله فهو النار أى جهنم مصداق لقوله بسورة فصلت "ذلك جزاء أعداء الله النار"والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"والذين أتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا وإليه مآب"المعنى والذين أوحينا لهم الحكم يطيعون الذى أوحى لك ومن الفرق من يكذب بعضه قل إنما أوصيت أن أطيع الله أى لا أكفر به لدينه أنادى الناس وإليه مرجع ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين أتيناهم الكتاب وهم الذين أعطيناهم القرآن يفرحون بما أنزل إليك والمراد يؤمنون بالذى أوحى لك مصداق لقوله بسورة البقرة "والذين يؤمنون بما أنزل إليك"ويبين له أن من الأحزاب وهى الفرق من ينكر بعضه أى من يكفرون ببعض الوحى مصداق لقوله بسورة البقرة "وتكفرون ببعض"ويطلب الله من نبيه (ص)أن يقول لهم إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به والمراد إنما أوصيت أن أسلم لله أى لا أعبد معه أحد مصداق لقوله بسورة غافر"وأمرت أن أسلم لرب العالمين "وهذا يعنى أنه أوصاه بعبادته وحده ،إليه أدعوا والمراد إلى دينه أنادى الناس وإليه مآب أى متاب أى مرجعى إلى جنته .
"كذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق"المعنى وهكذا أوحيناه قرآنا واضحا ولئن أطعت أحكامهم بعد ما أتاك من الوحى ما لك من الله من ناصر أى حامى ،يبين الله لنبيه(ص)أن كذلك أى بتلك الطريقة أنزلناه حكما عربيا والمراد أوحيناه قرآنا مفهوما مصداق لقوله بسورة الشورى "وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا "ويبين له أنه إن اتبع أهواءهم بعد ما جاءهم من العلم والمراد إن أطاع أحكام الكفار من بعد الذى أتاهم من القرآن فما له من الله من ولى ولا واق والمراد فما له من ناصر أى مانع من العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة "ما لك من الله من ولى ولا نصير "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب "المعنى ولقد بعثنا أنبياء (ص)من قبلك وخلقنا لهم نساء وأولاد وما كان لنبى (ص)أن يجىء بمعجزة إلا بأمر الله لكل إنسان سجل يزيل الله ما يريد ويكتب ولديه أصل السجل ،يبين الله لنبيه(ص)أنه قد أرسل رسلا من قبله والمراد قد بعث أنبياء من قبل وجوده مصداق لقوله بسورة النحل"ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا "وجعلنا لهم أزواجا وذرية والمراد وخلقنا لهم نساء وأولاد وهذا يعنى أن كل الرسل تزوجوا وأنجبوا بلا استثناء ،ويبين له أنه ما كان لرسول أن يأتى بآية إلا بإذن الله والمراد ما كان لنبى (ص)أن يحضر معجزة إلا بأمر الله وهذا يعنى أن المعجزات لا تأتى إلا بأمر الله ويبين له أن لكل أجل كتاب والمراد لكل مخلوق سجل مكتوب فيه أعماله والله يمحو ما يشاء ويثبت والمراد والله يزيل ما يريد أى ينسخ ما يريد من الأحكام ويبقى ما يريد ويبين له أن عنده أم الكتاب والمراد لديه أصل السجلات كلها وهذا يعنى أنه يعلم كل شىء فى الكون .
"وإن ما نرينك بعض الذى نعدهم أو نتوفينهم فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب"المعنى وإن ما نشهدك بعض الذى نخبرهم أو نميتنهم فإنما عليك البيان وعلينا الجزاء،يبين الله لنبيه(ص)أنه إما يريه بعض ما يعدهم والمراد أن يشهده بعض الذى يخبر الكفار به وهو العذاب وهو نازل بهم وإما يتوفاهم أى يهلكهم بعقاب من عنده وفى كل الأحوال عليه البلاغ وهو تذكير الناس بالوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "فذكر إنما أنت مذكر"ويبين له أن على الله الحساب وهو الجزاء أى إعطاء كل إنسان ما يستحقه من العطاء والخطاب للنبى(ص).
"أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب "المعنى أو لم يعرفوا أنا نجىء الأرض نقللها من جوانبها والله يقضى لا راد لقضائه وهو شديد العقاب ،يسأل الله أو لم يروا أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والمراد هل لم يعلموا أنا نجىء الأرض نقللها من نواحيها والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الأرض منقوصة الأطراف أى على شكل كرة مدورة ،ويبين للنبى(ص) أن الله يحكم لا معقب لحكمه والمراد أن الله يقضى لا راد لقضائه مصداق لقوله بسورة النمل"إن ربك يقضى بينهم بحكمه"وهو سريع الحساب أى شديد العقاب مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن ربك سريع العقاب" والخطااب وما بعده للنبى(ص).
"وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار"المعنى وقد كاد الذين من قبلهم فلله الكيد كله يعرف ما تعمل كل نفس وسيعرف المكذبون لمن متاع الجنة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين من قبل الكفار وهم الذين سبقوهم زمنيا قد مكروا أى كادوا أى دبروا الخطط للقضاء على دين الله والله له المكر جميعا والمراد له الكيد وهو القوة كلها وهو يعلم ما تكسب كل نفس والمراد يعرف الذى يفعل كل فرد مصداق لقوله بسورة الشورى "ويعلم ما تفعلون"ويبين الله لنا أن الكفار أى الظالمين سيعلمون لمن عقبى الدار والمراد لمن جنة الأخرة ولمن منقلب النار مصداق لقوله بسورة الشعراء"وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون ".
"ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب "المعنى ويقول الذين كذبوا لست مبعوثا قل حسبى الله حاكما بينى وبينكم ومن لديه معرفة الوحى ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا الوحى قالوا لست مرسلا أى مبعوثا بالوحى من الله ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم:كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب والمراد حسبى الله قاضيا بينى وبينكم ومن لديه معرفة الوحى وهذا يعنى أن الشهيد على رسولية محمد(ص)هو الله ومن يعلمون بوحى الله السابق والحالى والخطاب للنبى(ص).