سورة الرعد
"بسم الله الرحمن الرحيم المر تلك آيات الكتاب والذى أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون"المعنى بحكم الرب النافع المفيد العدل تلك أحكام القرآن أى الذى أوحى لك من إلهك العدل ولكن معظم الخلق لا يطيعون ،يبين الله وهو الرب الرحمن الرحيم أى النافع المفيد أن اسمه وهو حكمه هو أن المر هى آيات الكتاب والمراد أن العدل وهو الحق هو أحكام القرآن مصداق لقوله بسورة النمل"تلك آيات القرآن "وفسر هذا بأن الذى أنزل إلى محمد(ص)من ربه هو الحق والمراد الذى أوحى إلى الرسول من خالقه هو العدل مصداق لقوله بسورة فاطر"والذى أوحينا إليك من الكتاب هو الحق "ويبين له أن أكثر الناس لا يؤمنون والمراد أن معظم الخلق لا يعلمون أى لا يشكرون مصداق لقوله بسورة يوسف"ولكن أكثر الناس لا يعلمون"وقوله بسورة البقرة "ولكن أكثر الناس لا يشكرون "وهذا يعنى أنهم لا يطيعون كتاب الله والخطاب للنبى(ص).
"الله الذى رفع السموات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون "المعنى الله الذى حمل السموات بغير أعمدة تشاهدونها ثم أوحى إلى الكون وسير الشمس والقمر كل يسير لموعد محدد يحفظ الحكم يبين الأحكام لعلكم بجزاء إلهكم تصدقون،يبين الله للناس أن الله هو الذى رفع السموات بغير عمد يرونها والمراد حمل السموات على الأرض بغير أعمدة يشاهدونها وهذا يعنى وجود أعمدة خفية تحمل السموات فوق الأرض ،ويبين لهم أنه استوى على العرش والمراد أوحى إلى الملك وهو الكون أنه مالكه الواجب الطاعة وهو الذى سخر أى سير أى خلق الشمس والقمر وكل منهما يجرى لأجل مسمى أى يسير فى مداره لموعد معلوم يعرفه الله وحده وهو الذى يدبر الأمر أى يحفظ الحكم والمراد يحفظ السموات والأرض مصداق لقوله بسورة البقرة "ولا يؤدوه حفظهما "وهو يفصل الآيات والمراد يبين الأحكام مصداق لقوله بسورة آل عمران"يبين الله لكم آياته"والسبب لعلكم بلقاء ربكم توقنون والمراد لعلكم بجزاء إلهكم تصدقون وهذا يعنى أنه يبين أحكامه لنا حتى نصدق بالقيامة ومن ثم نطيع أحكامه والخطاب وما بعده للناس.
"وهو الذى مد الأرض وجعل فيها رواسى وأنهار ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون "المعنى وهو الذى بسط الأرض وخلق فيها جبالا وعيونا ومن كل المنافع خلق فيها فردين اثنين يسلخ الليل النهار إن فى ذلك لعلامات لقوم يفهمون ،يبين الله للناس أنه هو الذى مد الأرض بسطها أى فرشها مصداق لقوله بسورة الذاريات "والأرض فرشناها "ثم جعل فيها رواسى وأنهارا والمراد وخلق أى ألقى فيها جبالا ومجارى للمياه مصداق لقوله بسورة النحل"وألقى فى الأرض رواسى أن تميد بكم وأنهارا"وخلق فيها من كل الثمرات وهى الأنواع النافعة زوجين أى فردين اثنين هما ذكر وأنثى النوع وهو الذى جعل الليل يغشى أى يسلخ النهار مصداق لقوله بسورة يس"وآية لهم الليل نسلخ منه النهار"ومعنى السلخ هو الإزالة التدريجية لضوء النهار فكل مكان منير يسير ويصبح مكانه ظلام وفى هذه المخلوقات آيات لقوم يتفكرون والمراد براهين على أن الله وحده الخالق لناس يعقلون مصداق لقوله بسورة الرعد"إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ".
"وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضهما على بعض فى الأكل إن فى ذلك لآيات لقوم يعقلون "المعنى وفى الأرض أجزاء متلاصقات وحدائق من عنب وزرع ونخل مفرد وغير مفرد يروى بماء متشابه ونميز بعضها على بعض فى الطعام إن فى ذلك لبراهين لناس يتفكرون ،يبين الله للناس أن فى الأرض قطع متجاورات والمراد أن فى اليابس تضاريس متلاصقة وفيها جنات أى حدائق من الأعناب والزرع وهو المحاصيل الحقلية والنخيل الصنوان وهو النخل المتشابه ومنه النخيل غير الصنوان أى غير المتشابه وهو المختلف وهذا يعنى النخل ذو الصنف الواحد والنخل ذو الأصناف المختلفة وكلاهما يسقى بماء واحد والمراد يروى بماء واحد المكونات ومع هذا يحدث التالى أن يفضل الناس فى الأكل بعضها على بعض والمراد أن يميز الناس عند الطعام بعض الأصناف على بعض فيحب بعضا ويكره بعضا وهذا يعنى أن المزروعات طعمها يختلف من نوع لأخر ومن ثم يختلف الناس فيما يفضلون من الأطعمة وفيما سبق ذكره آيات أى براهين تدل على وجوب طاعة حكم الله وحده وهى لقوم يعقلون أى يفكرون أى يطيعون حكم الله والخطاب حتى ماء واحد للناس وهو جزء من آية حذف بعضها وما بعده هو جزء من آية أخرى لأنه يحكى قول الناس عن تفضيل بعضهم لبعض الأكلات على بعض .
"وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا إأنا لفى خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال فى أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "المعنى وإن تدهش فاندهش لقولهم هل إذا أصبحنا غبارا هل نحن فى إنشاء حديث ؟أولئك الذين كذبوا ربهم وأولئك السلاسل فى رقابهم وأولئك أهل جهنم هم فيها مقيمون ،يبين الله للنبى (ص)أنه إن يعجب أى يستغرب فعليه أن يعجب أى يستغرب من قول الكفار "أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد" والمراد هل إذا كنا عظاما ورفاتا لفى حياة حديثة وفى هذا قال بسورة الإسراء"وقالوا أإذا كنا عظاما ورفاتا أإنا لمبعوثون خلقا جديدا"والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يؤمنون بالبعث ويبين للنبى (ص)أن أولئك الذين كفروا ربهم أى الذين كذبوا بآيات خالقهم مصداق لقوله بسورة الأنفال"كذبوا بآيات ربهم "وأولئك الأغلال فى أعناقهم والمراد السلاسل مربوطة فى رقابهم مصداق لقوله بسورة الإنسان"إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا"وهم أصحاب النار والمراد أهل الجحيم هم فيها خالدون أى مقيمون لا يخرجون .
"ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب"المعنى ويطالبونك بالعقاب قبل الخير وقد مضت من قبلهم القرون وإن إلهك لصاحب رحمة للخلق مع كفرهم وإن إلهك لعظيم العذاب،يبين الله للنبى (ص)أن الكفار يستعجلونه بالسيئة قبل الحسنة والمراد يطلبون سرعة نزول العذاب قبل نزول الخير عليهم مصداق لقوله بسورة الشعراء "أفبعذابنا يستعجلون "وهم طلبوا العذاب مع علمهم أن المثلات وهى الأمم الهالكة قد خلت أى مضت أى عذبت من قبلهم ،ويبين له أن ربه وهو إلهه ذو مغفرة للناس على ظلمهم والمراد صاحب رحمة بالخلق مع كفرهم مصداق لقوله بسورة الأنعام "وربكم ذو رحمة واسعة "وهو شديد العقاب أى عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة"إن الله شديد العذاب "والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد "المعنى ويقول الذين كذبوا هلا أعطيت له معجزة من خالقه إنما أنت مبلغ ولكل جماعة مبلغ ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا أى كذبوا حكم الله قالوا لولا أنزل عليه آية من ربه والمراد هلا أعطيت له معجزة من إلهه دليل على نبوته وهذا يعنى أنهم يريدون منه أنه يحضر معجزة من الله لإثبات رسوليته ويبين له أنه منذر أى مذكر أى مبلغ للوحى مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنما أنت مذكر"ويبين له أن لكل قوم هاد والمراد لكل أمة رسول يبلغهم حكم الله مصداق لقوله بسورة يونس"ولكل أمة رسول "وهذا يعنى أنه أرسل لكل جماعة قبل محمد(ص)مبعوث يبلغهم حكم الله .
"الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شىء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال"المعنى الله يعرف متى تحبل كل امرأة ومتى تنزل البطون ومتى تتم وكل أمر لديه بحساب عارف المجهول والمعروف العظيم الأعلى ،يبين الله للناس أن الله يعلم ما تحمل كل أنثى والمراد متى تحبل كل امرأة من كل نوع من أنواع الخلق وليس إناث الناس فقط وما تغيض الأرحام أى ما تنزل البطون والمراد الزمن الذى تقذف فيه بطون الإناث المواليد قبل المدة المعلومة لدى البشر وما تزداد والمراد ومتى تتم الحبل فتلد ،ويبين أن كل شىء عنده بمقدار والمراد كل أمر لديه بحساب معلوم مصداق لقوله بسورة الحجر"وما ننزله إلا بقدر معلوم "وهذا يعنى أن كل نوع له عدد محدد يخلقه الله فى مواعيد محددة من قبل وهو عالم الغيب والشهادة والمراد وهو عارف المجهول والمعلوم فى السموات والأرض وهو الكبير أى صاحب الكبرياء أى العزة مصداق لقوله بسورة الجاثية "وله الكبرياء فى السموات والأرض "وهو المتعال أى العظيم القدر الذى لا يساويه أحد والخطاب وما بعده للناس.
"سواء منكم من أسر القول أو جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال"المعنى سيان منكم من كتم الحديث أو من أعلنه ومن هو متوارى بالليل وظاهر بالنهار ،له منقذات من أمامه ومن وراءه يحمونه من عذاب الله ،إن الله لا يبدل ما بقوم حتى يبدلوا الذى بأنفسهم وإذا أحب الله بقوم عذابا فلا مانع له وما لهم من غيره من ناصر ،يبين الله للناس أن سواء والمراد سيان عنده فى العلم من أسر القول والمراد من أخفى الكلام مصداق لقوله بسورة طه"فإنه يعلم السر وأخفى"ومن هو مستخفى بالليل والمراد ومن هو متوارى بظلام الليل عند فعله ومن هو سارب أى مظهر لفعله فى النهار وهذا إخبار للناس أن الإخفاء والإعلان يعلم كلاهما بنفس الدرجة مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "وذلك حتى لا يظن ظان أن الكتم فى النفس أو التخفى فى الظلم يمنع من العلم بعمله ويبين لهم أن الإنسان له معقبات والمراد منقذات من بين يديه أى من أمامه والمراد فى حاضره الذى يعيش فيه الآن ومن خلفه أى من وراءه والمراد فى مستقبله القادم وهذه المنقذات تحفظه من أمر الله والمراد تنقذه من عذاب الله والمعقبات المنقذات هى البصيرة التى تجعله يطيع حكم الله فتحفظه مصداق لقوله بسورة الطارق"إن كل نفس لما عليها حافظ "ويبين لهم أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والمراد لا يبدل الذى بناس حتى يبدلوا الذى فى أنفسهم والمراد إن معاملة الله للناس تكون حسب فعلهم فإن أحسنوا أحسن لهم وإن أساءوا أساء لهم ،ويبين لهم أنه إذا أراد الله بقوم سوء والمراد إذا أنزل على شعب ضرر فلا مرد له والمراد فلا مانع للضرر النازل بهم مهما كان وما للقوم من دون الله من وال والمراد وليس للناس من سوى الله منقذ أى شفيع مصداق لقوله بسورة السجدة"ما لكم من الله من ولى ولا شفيع" وهذا يعنى أن الراد أى المانع الوحيد للضرر عن القوم هو الله .
"هو الذى يريكم البرق خوفا وطمعا وينشىء السحاب الثقال ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون فى الله وهو شديد المحال"المعنى هو الذى يشهدكم نار السحاب رهبة ورغبة ويخلق الغمام الكبير ويعمل الرعد بأمره والملائكة من خشيته ويبعث المهلكات فيعذب بها من يريد وهم يحاجون فى الله وهو عظيم العقاب ،يبين الله للناس أنه هو الذى يريهم البرق خوفا وطمعا والمراد هو الذى يشهدهم النار المتولدة من احتكاك بين السحب أو فى داخلها رهبة من إحراقها لهم أو لما يملكون ورغبة فى نزول المطر المفيد لهم وزرعهم وبهائمهم ،ويبين لهم أن الرعد وهو الصوت المتولد من احتكاك السحب أو داخلها يسبح بحمده والمراد يعمل بحكمه والملائكة من خيفته والمراد أن الملائكة تعمل بحكمه من خشيتها لعقابه وهو يرسل الصواعق والمراد يبعث المهلكات فيصيب بها من يشاء والمراد فيمس بها من يريد وهذا يعنى أنه يعذب بالمهلكات من يكفر به ويبين للنبى(ص) أن الكفار يجادلون فى الله والمراد يكفرون بحكم الله وهو شديد المحال أى عظيم العقاب مصداق لقوله بسورة آل عمران "والله شديد العقاب"والخطاب حتى يشاء للناس وما بعده للنبى(ص) وهو جزء من آية محذوف بعضها والخطاب بعده للنبى(ص)
"له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا فى ضلال "المعنى له دين العدل والذين يعبدون من سواه لا يعطون لهم شىء إلا كماد يديه إلى الماء ليصل فمه وما هو بواصله وما عبادة الكاذبين إلا فى خسارة ،يبين الله للمؤمنين أن دعوة الحق والمراد أن دين العدل وهو الإسلام لله مصداق لقوله بسورة الزمر "ألا له الدين الخالص"ويبين لنا أن الذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشىء والمراد أن الذين يعبدون من سوى الله لا يعطون لهم أى عطاء وهذه المقارنة بين دين الله وأديان الكفر ترينا أن الله يعطى المسلم حقه فى الدنيا والآخرة بالثواب ويعطى الكافر حقه بالعذاب وأما الآلهة المزعومة فلا تعطى أى شىء سواء ثوابا أو عقابا ويشبه الله الداعى غير الله بباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه والمراد بفارد كفيه إلى الماء ليصل فمه ومع ذلك ما هو ببالغه أى ما هو بواصله لأن الماء تسرب من بين أصابعه المفرودة فكما أن الأول لا يأخذ شىء من آلهته المزعومة فباسط كفيه لا يأخذ شىء من الماء ويعلن الله فى نهاية الآية أن دعاء الكافرين فى ضلال والمراد طاعة الكاذبين فى خسارة وبألفاظ أخرى أعمال المكذبين بدين الله حابطة لا قيمة لها والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"ولله يسجد من فى السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال"المعنى ولله يسبح من فى السموات والأرض حبا وبغضا وخيالاتهم بالليالى والنهارات عدا من كفر،يبين الله لنا أن من فى السموات والأرض يسجد أى يسبح أى يعمل له عدا من حق عليه العذاب بكفره مصداق لقوله بسورة الحج"ألم تر أن الله يسجد له من فى السموات ومن فى الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب"والمراد يطيع حكم الله سواء كانت الطاعة طوعا أى حبا أى رغبة فى ثواب الله أو كرها أى بغضا أى رهبة من عذابه ويفعل مثلهم ظلالهم وهى خيالاتهم ويحدث ذلك فى الغدو وهو الليالى وفى الآصال وهى النهارات .
"قل من رب السموات والأرض قل الله قل أفأتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا قل هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار "المعنى قل من خالق السموات والأرض قل الله قل هل عبدتم من غيره أنصار لا يقدرون لأنفسهم على فائدة ولا نفع قل هل يتساوى الكفيف والرائى أم هل تتساوى الحالكات والضوء أم خلقوا لله أندادا أبدعوا كإبداعه فتماثل الخلق عندهم قل الله منشىء كل مخلوق وهو الأحد الغالب،يطلب الله من نبيه(ص)أن يسأل الناس من رب أى خالق السموات والأرض ؟ثم يطلب منه أن يجيب على السؤال بقوله الله هو الخالق والغرض من السؤال والجواب هو إثبات أن الله وحده الخالق ليس معه غيره يستحق العبادة ،ويطلب من نبيه(ص)أن يسأل الناس أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا والمراد هل أطعتم من سواه آلهة لا يقدرون لأنفسهم فائدة ولا أذى ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن الأرباب الآلهة التى يطيعونها لا تقدر على نفع نفسها ولا على إضرار نفسها لأنها ميتة ومن ثم فهى لا تنفعهم ولا تضرهم ما دامت لا تنفع نفسها أو تضرها،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول لهم هل يستوى الأعمى والبصير أم هل تستوى الظلمات والنور والمراد هل يتساوى فى الجزاء المسلم والكافر ؟أم هل يقبل الله الجهالات والإسلام ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكفار أن المسلم وهو البصير لا يتساوى بكافر وهو الأعمى فى الجزاء كما أن الله لا يقبل الظلمات وهى الجهالات ويقبل النور وهو الإسلام ،ويسأل أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم والمراد هل اخترعوا لله أندادا أبدعوا كإبداعه فاختلطت المخلوقات أمامهم؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن شركاء الكفار وهم آلهتهم المزعومة لم يخلقوا شيئا فى الكون لأنه خالق كل شىء،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول الله خالق كل شىء وهو الواحد القهار والمراد الرب هو مبدع كل مخلوق وهو الأحد الغالب،وهذا يعنى أن الله هو منشىء كل مخلوق وآلهتهم المزعومة لم تخلق أى شىء وهو إله واحد لا شريك له وهو قهار أى غالب على أمره مصداق لقوله بسورة يوسف"والله غالب على أمره".
"أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض كذلك يضرب الله الأمثال "المعنى أسقط من السحاب مطرا ففاضت أنهار بحسابها فرفع الماء خبثا عاليا ومما يشعلون عليه النار طلبا لحلية أو نفع شبهه هكذا يبين الله العدل والظلم فأما الخبث فيمضى فانيا وأما ما يفيد الخلق فيبقى فى البلاد هكذا يبين الله الأحكام ،يبين الله لنبيه (ص)أنه أنزل من السماء ماء والمراد أسقط من السحاب مطرا فسالت أودية بقدرها والمراد فجعله ينابيع مياه بحسابه هو مصداق لقوله بسورة الزمر"ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض "وهذه الينابيع فاضت فاحتمل السيل زبدا رابيا والمراد فرفع الفيضان خبثا عاليا وهذا يعنى أن فوق النافع ضرر هو الفقاقيع ومما يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله والمراد ومن المعدن الذى يشعلون عليه النار طلبا لحلية وهى ما يلبسه الناس من الزينة أو طلبا لنفع يخرج خبث شبيه بخبث الماء وكذلك يضرب الله الحق والباطل والمراد أن الله يشبه الحق وهو العدل بالماء النافع والمعدن المخرج للحلية والمتاع ويشبه الباطل وهو الظلم بزبد الماء وزبد المعدن وهو الخبث الضار ويبين له أن الزبد وهو الخبث يذهب جفاء والمراد يمضى فانيا وكذلك الباطل يفنى أى يمحى مصداق لقوله بسورة الشورى "ويمح الله الباطل "وأما ما ينفع الناس وهو ما يفيد الخلق فيمكث فى الأرض والمراد فيبقى فى البلاد وكذلك الحق باقى إلى الأبد فهو محفوظ فى الكعبة وكذلك أى بتلك الطريقة وهى التشبيهات يضرب الله الأمثال والمراد يوضح الأحكام للناس والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"للذين استجابوا لربهم الحسنى والذين لم يستجيبوا له لو أن لهم ما فى الأرض جميعا ومثله معه لأفتدوا به أولئك لهم سوء الحساب ومأواهم جهنم وبئس المهاد"المعنى للذين أطاعوا خالقهم الجنة والذين لم يطيعوا الله لو أن لهم الذى فى الأرض كله وقدره معه ما أنقذوا به أولئك لهم أشد العقاب أى مقامهم النار وقبح القرار،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين استجابوا لربهم وهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم الجنة وهى الحسنى مصداق لقوله بسورة الكهف"وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى "وأما الذين لم يستجيبوا له أى لم يؤمنوا ولم يعملوا الصالحات فلو أن لهم والمراد لو أنهم يملكون الذى فى الأرض ومثله أى وقدره معه لأفتدوا به والمراد ما أنقذوا به من العذاب أى ما قبله الله منهم ليبعدهم عن العذاب مصداق لقوله بسورة آل عمران "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به "ويبين له أن أولئك لهم سوء الحساب أى أشد العقاب وفسره بأنه مأواهم جهنم أى مقامهم أى مثواهم النار مصداق لقوله بسورة الزمر "أليس فى جهنم مثوى للكافرين " وبئس المهاد أى وقبح القرار مصداق لقوله بسورة إبراهيم "وبئس القرار".