"ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون"المعنى ولقد أتيناهم بحكم بيناه بمعرفة نفع أى إفادة لناس يصدقون ،يبين الله لنا أنه قد جاءهم بكتاب أى بالحق مصداق لقوله بسورة الزخرف"لقد جئناكم بالحق"وهو حكم الله وقد فصله على علم والمراد وقد بينه بمعرفة والمراد أنزله بمعرفته هدى أى رحمة أى بشرى مصداق لقوله بسورة النحل"وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين" وهذا يعنى أن حكم الله نافع لقوم يؤمنون أى يوقنون مصداق لقوله بسورة الجاثية"وهدى ورحمة لقوم يوقنون"والمراد لناس يصدقون به وكل ما سبق من حديث عن الجنة والنار خطاب للناس.
"هل ينظرون تأويله إلا يوم يأتى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون"المعنى هل يتربصون إلا تحققه يوم يجىء تحققه يقول الذين كذبوه من قبل قد أتت أنبياء إلهنا بالعدل فهل لنا من أنصار فينصرونا أو نرجع فنفعل غير الذى كنا نفعل قد أهلكوا أنفسهم وبعد عنهم الذى كانوا يزعمون،يبين الله لنا أن الكفار ينظرون تأويله والمراد يتربصون تحقق خبر الساعة الذى جاء فى القرآن مصداق لقوله بسورة الزخرف"هل ينظرون إلا الساعة "وفى يوم يأتى تأويله والمراد فى يوم يتحقق وقوع الساعة يقول الذين نسوه من قبل والمراد الذين كذبوا به من قبل :قد جاءت رسل ربنا بالحق والمراد قد أتت مبعوثى إلهنا بالعدل وهذا إقرار منهم بصحة الوحى بعد فوات الآوان وقالوا "فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا والمراد هل لنا من أنصار فينقذونا من النار أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل والمراد أو نعود للدنيا فنصنع غير الذى كنا نصنع وهو الكفر يريدون عمل الإيمان مصداق لقولهم بسورة المؤمنون"قال رب ارجعون لعلى أعمل صالحا"،ويبين لنا أنهم قد خسروا أنفسهم أى أهلكوا أنفسهم مصداق لقوله بسورة الأنعام"إن يهلكون إلا أنفسهم" وهذا يعنى أنهم يدخلون أنفسهم العذاب ويبين لنا أنهم قد ضل عنهم ما كانوا يفترون والمراد تبرىء منهم الذى كانوا يزعمون عبادتهم وانقلبوا عليهم ضدا والخطاب للناس.
"إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين"المعنى إن إلهكم الله الذى أنشأ السموات والأرض وأوحى إلى الملك يغطى الليل النهار يذهبه تدريجيا والشمس والقمر والكواكب مسيرات بحكمه ألا له المخلوقات والحكم دام جزاء الله إله الكل،يبين الله لنا أن ربنا وهو خالقنا أى إلهنا هو الله الذى خلق أى"فطر السموات والأرض"كما قال بسورة الأنعام والمراد هو الذى أنشأهما ثم استوى على العرش أى أوحى إلى الكون أنه مالكه،ويبين لنا أن الليل وهو الظلام يغشى أى يذهب النهار وهو النور يطلبه حثيثا والمراد يذهبه تدريجيا فكل جزء يدخل عليه الليل يذهب عنه النهار ثم الجزء الذى بعده وهكذا فى دائرة مستمرة،ويبين لنا أن الشمس والقمر والنجوم وهى الكواكب مسخرات بأمره أى جاريات على حكم الله الذى شرعه لها ،ويبين لنا أنه له الخلق والمراد يملك المخلوقات فى السموات والأرض وله الأمر وهو الحكم مصداق لقوله بسورة الأنعام"ألا له الحكم"،ويقول تبارك الله رب العالمين أى دام جزاء الله خالق الجميع فهو يبين لنا أن وجهه وهو ثوابه وعقابه دائم لا يفنى والخطاب للناس وما بعده وما بعده.
"ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا فى الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين"المعنى أطيعوا حكم إلهكم جهرا وسرا إنه لا يرحم الكافرين أى لا تظلموا فى البلاد بعد عدلها أى اتبعوه رهبة عذابه ورغبة فى رحمته إن رأفة الله خالصة للمصلحين،يطلب الله من الناس أن يدعوا ربهم تضرعا وخفية والمراد أن يتبعوا حكم إلههم علنا وسرا ويبين لهم أنه لا يحب المعتدين وهم المفسدين مصداق لقوله بسورة المائدة"إنه لا يحب المفسدين "وهذا يعنى أنه لا يرحم الكفار ويرحم المتبعين لحكمه وفسر الله طلبه بأن يقول لهم لا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها والمراد لا تظلموا فى البلاد بعد عدلها وهذا يعنى ألا يحكموا البلاد بالظلم بعد أن كانت تحكم بالعدل ويفسر نهيه قائلا ادعوه خوفا وطمعا والمراد أطيعوا حكمه رهبة من عقابه ورغبة فى جنته مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكانوا يدعوننا رغبا ورهبا"ويبين لهم أن رحمة الله وهى نفعه أى رأفته قريب من المحسنين أى خالصة للمصلحين مصداق لقوله فى نفس السورة "قل هى خالصة للذين أمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ".
"وهو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون"المعنى وهو الذى يبعث الهواء المتحرك مفرحا أمام رأفته حتى إذا ساقت غماما كبيرا أرسلناه لقرية مجدبة فأسقطنا به الغيث فأنبتنا به من كل الأنواع هكذا نحيى الهلكى لعلكم تتبعون،يبين الله للناس أنه هو الذى يرسل الرياح والمراد الذى يحرك الهواء والسبب بشرا بين يدى رحمته أى خبرا مفرحا أمام نفع الممثل فى المطر وهذا يعنى أن الرياح الطيبة تكون مقدمة لرحمة الله وهى نزول المطر ،ويبين لنا أن الرياح إذا أقلت سحابا ثقالا والمراد إذا كونت غماما عظيما سقناه لبلد ميت والمراد أرسلناه لقرية مجدبة فأنزلنا به الماء والمراد فأسقطنا من السحاب المطر فأخرجنا به من كل الثمرات والمراد فأنبتنا به من كل الأزواج وهى الأنواع مصداق لقوله بسورة لقمان"وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم"وهذا يعنى أن السحاب يتكون عن طريق الإقلال وهو دفع الذرات لأعلى حتى تلتحم ببعضها وتكون السحابة كما يعنى أن البلد الميت هو الذى ليس به ماء كما يعنى أن سبب الحياة هو الماء الذى تحيا به كل النباتات والحيوانات ،ويبين لنا أنه كذلك يخرج الموتى والمراد بتلك الطريقة وهى نزول الماء يبعث الموتى وقد ذكر لنا هذا لعلنا نتذكر أى نعقل مصداق لقوله بسورة النور"لعلكم تعقلون"والمراد نتبع حكمه والخطاب للناس .
"والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون"المعنى والقرية الطاهرة تطلع ثمرها بأمر إلهها والتى فسدت لا تطلع إلا أذى هكذا نبين الأحكام لقوم يطيعون،يبين الله لنا أن البلد الطيب والمراد أن أهل القرية الصالحة يخرجون نباتهم بإذن ربهم والمراد يعملون عملهم طاعة لحكم إلههم وأما البلد الذى خبث أى وأما أهل البلد التى فسد أهلها فإنها لا تخرج إلا نكدا والمراد فإن أهلها لا يعملون إلا عملا فاسدا،ويبين لهم أنه كذلك أى بتلك الطريقة وهى المقارنة بين الطيب والخبيث يصرف الآيات أى يبين الأحكام لناس يشكرون أى يعقلون فيطيعون مصداق لقوله بسورة البقرة"كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون" والخطاب للناس.
"لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم"المعنى لقد بعثنا نوحا(ص)إلى شعبه فقال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من خالق سواه إنى أخشى عليكم عقاب يوم شديد،يبين الله للنبى(ص) أنه أرسل نوح(ص)لقومه والمراد بعث نوح(ص)لشعبه فقال :اعبدوا الله ما لكم من إله غيره والمراد اتبعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه وهذا يعنى أنه يطلب منهم ترك طاعة أديانهم الأخرى وطاعة دين الله وقال :إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم والمراد إنى أخشى عليكم"عذاب يوم أليم"مصداق لقوله بسورة هود وهو بهذا يبين لهم أنه يريد مصلحتهم وهى إنقاذهم من عقاب الله والخطاب وما بعده من قصص للنبى(ص)
"قال الملأ من قومه إنا لنراك فى ضلال مبين"المعنى قال السادة من أهله :إنا لنعرفك فى كفر عظيم ،يبين الله لنا أن الملأ وهم سادة القوم الكفار قالوا لنوح(ص):إنا لنراك فى ضلال مبين والمراد إنا لنعرف أنك فى جنون ظاهر مصداق لقوله بسورة المؤمنون"إن هو إلا رجل به جنة "وهذا يعنى أنهم يتهمونه بالضلال وهو الجنون.
"قال يا قوم ليس بى ضلالة ولكنى رسول من رب العالمين"المعنى قال يا شعبى ليس بى جنون ولكنى مبعوث من خالق الكل ،يبين الله لنا أن نوح (ص)قال لشعبه :يا قوم أى شعبى ليس بى ضلالة أى جنون أى سفاهة مصداق لقوله بسورة الأعراف"ليس بى سفاهة"ولكنى رسول من رب العالمين والمراد ولكنى نذير من إله الجميع مصداق لقوله بسورة هود"إنى لكم نذير مبين"وهذا يعنى أنه مبعوث من قبل الله لهم.
"أبلغكم رسالات ربى وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون"المعنى أوصل لكم أحكام إلهى وأخلص لكم وأعرف من الله الذى لا تعرفون ،يبين الله لنا أن نوح(ص)قال لقومه:أبلغكم رسالات ربى والمراد مهمتى أن أعرفكم أحكام إلهى المنزلة على وفسر هذا بقوله وأنصح لكم أى أعرفكم الحق وأعلم من الله ما لا تعلمون والمراد وأعرف من علم الله الذى لا تعرفون ،وهذا يعنى أنه يبلغ لهم أحكام الله التى لا يعرفوها حتى يعملوا بها .
"أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون"المعنى هل دهشتم أن أتاكم وحى من خالقكم نزل على ذكر منكم ليخبركم به ولتطيعوه ولعلكم تفلحون ،يبين الله لنا أن نوح(ص)قال لقومه:أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم والمراد هل دهشتم أن بلغكم وحى من إلهكم نزل على ذكر من خالقكم لينذركم أى ليخبركم به؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنهم تعجبوا أى اندهشوا من نزول الوحى على بشر من وسطهم وهو شىء لا يدعو للدهشة لأن هذا ما حدث مع الأقوام السابقة وهو ما سيحدث مع الأقوام اللاحقة وبين نوح(ص)لهم أن عليهم أن يتقوا أى يطيعوا وحى الله خوفا من عذابه والسبب لعلهم يرحمون أى يفلحون مصداق لقوله بنفس السورة"لعلكم تفلحون "والمراد حتى يفوزوا برحمة الله.
"فكذبوه فأنجيناه والذين معه فى الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين"المعنى فكفروا به فأنقذناه والذين ناصروه فى السفينة ودمرنا الذين كفروا بأحكامنا إنهم كانوا ناسا كافرين،يبين الله لنا أن القوم كذبوا نوحا (ص)والمراد كفروا برسالة نوح(ص)فكان الجزاء أن أنجاه الله والذين معه فى الفلك والمراد أن أنقذه الله والذين أمنوا برسالته فى السفينة وأغرق الذين كذبوا بآيات الله والمراد وأهلك الذين كفروا بأحكام الله ووصفهم بأنهم كانوا قوما عمين أى ناسا سيئين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنهم كانوا قوم سوء"والمراد كافرين بحكم الله.
"وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون"المعنى وبعثنا إلى عاد صاحبهم هودا قال أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه أفلا تطيعون؟،يبين الله لنا أنه أرسل إلى عاد أخاهم هود(ص)فقال لهم :اعبدوا الله ما لكم من إله غيره والمراد اتبعوا حكم الله ليس لكم خالق سواه أفلا تتقون أى تتبعون حكم الله ؟وهذا يعنى أنه يطلب منهم طاعة حكم الله وحده وترك طاعة ما سواه من الأديان والغرض من السؤال إخبارهم أن الواجب عليهم طاعة الله.
"قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك فى سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين"المعنى قال السادة الذين كذبوا من شعبه إنا لنعلم إنك فى ضلال أى إنا نعرف أنك من الكافرين،يبين الله لنا أن الملأ وهم السادة الذين كفروا أى كذبوا حكم الله من قومه وهم شعبه قالوا :إنا لنراك فى سفاهة أى "فى ضلال مبين"كما قال بنفس السورة والمراد إنا لنعلم أنك مجنون وفسروا قولهم فقالوا وإنا لنظنك من الكاذبين أى وإنا لنعلم أنك من الكافرين بديننا ،وهذا يعنى اتهامهم له بالسفاهة وهى الجنون أى الكذب المتعمد.
"قال يا قوم ليس بى سفاهة ولكنى رسول من رب العالمين أبلغكم رسالات ربى وأنا لكم ناصح أمين"المعنى قال يا شعبى ليس عندى جنون ولكنى مبعوث من خالق الكل وأنا لكم مبلغ صادق،يبين الله لنا أن هود(ص)قال لهم :يا قوم أى يا شعبى ليس بى سفاهة والمراد ليس بى جنون وهذا يعنى أنه ينفى عن نفسه الجنون ،وقال ولكنى رسول من رب العالمين والمراد ولكنى مبعوث من خالق الجميع أبلغكم رسالات ربى أى أوصل لكم أحكام إلهى وهذا يعنى أنه يقول لهم أنه مجرد مبلغ للوحى من الله ويقول وأنا لكم ناصح أمين أى وأنا لكم مبلغ صادق وهذا يعنى أنه لا يكذب عليهم .
"أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم فى الخلق بصطة فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون"المعنى هل دهشتم حين أتتكم بينة من إلهكم إلى ذكر منكم ليخبركم واعلموا نعمة الله عليكم حين عينكم حكام من بعد شعب نوح(ص)وأعطاكم فى الحكم سعة فاتبعوا أحكام الله لعلكم ترحمون،يبين الله لنا أن هود(ص)قال لقومه :أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم أى هل اندهشتم لما أتاكم حكم من خالقكم على إنسان منكم ليبلغكم به ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بسبب تكذيبهم له وهو تعجبهم من تمييز الله له بإنزال الوحى عليه وهو الذى أبلغه لهم وهو أمر ليس عجيب لأنه حدث من السابقين وسيحدث من اللاحقين ،وقال :واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم بصطة فى الخلق والمراد اعلموا نعمة الله عليكم وقت أن اختاركم حكام للأرض من بعد شعب نوح(ص)وأعطاكم زيادة فى القوة مصداق لقوله لهم بسورة هود"ويزدكم قوة إلى قوتكم "وهذا يعنى أن عاد خلفوا قوم نوح(ص)فى البلاد وقد أعطاهم الله قوة أى سعة عظيمة من نعمه ،وقال فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون والمراد فاتبعوا آيات وهى أحكام الله" لعلكم ترحمون "كما قال تعالى بنفس السورة وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يطيعوا حكم الله حتى يرحمهم .
"قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين"المعنى قالوا هل أتيتنا لنطيع حكم الله وحده ونترك ما كان يطيع آباؤنا من أحكام فهات لنا الذى تخبرنا من العذاب إن كنت من العادلين،يبين الله لنا أن القوم قالوا لهود(ص):أجئتنا لنعبد الله وحده أى هل أتيتنا لنتبع حكم الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا أى وندع الذى كان يتبع آباؤنا من آلهة مصداق لقولهم بسورة الأحقاف"أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا"؟والغرض من السؤال هو إخبار هود(ص)أنهم لن يتركوا عبادة آلهتهم مصداق لقوله بسورة هود"وما نحن بتاركى آلهتنا عن قولك"ثم قالوا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين والمراد فأحضر لنا العذاب الذى تخبرنا به إن كنت من العادلين فى قولك مصداق لقوله بسورة العنكبوت"ائتنا بعذاب الله" وهذا يعنى أنهم يطلبون عذاب الله الذى يشكون فى حدوثه ولذا طلبوه.
"قال قد وقع عليكم رجس من ربكم وغضب أتجادلوننى فى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان فانتظروا إنى معكم من المنتظرين"المعنى قال قد حق عليكم من إلهكم أذى أى عقاب أتحاجونى فى أحكام اخترعتموها أنتم وآباؤكم ما أوحى الله بها من كتاب فترقبوا إنى معكم من المترقبين،يبين الله لنا أن هود(ص)قال لهم قد وقع عليكم رجس من ربكم وغضب والمراد قد حق عليكم عذاب من خالقكم أى عقاب،وهذا يعنى أن العذاب قرره الله عليهم بسبب كفرهم ،ثم سألهم أتجادلوننى فى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله به من سلطان والمراد هل تناقشوننى فى أحكام افتريتموها أنتم وآباؤكم ما أوحى الله بها من كتاب؟والغرض من السؤال هو تعريفهم أن دينهم عبارة عن أسماء سموها والمراد أحكام اخترعوها من عند أنفسهم هم والأباء والله لم يوحى بها وحى يذكر فيه العمل بها ،وقال فانتظروا إنى معكم من المنتظرين أى فتربصوا إنى معكم من المتربصين وفى هذا قال بسورة التوبة "فتربصوا إنا معكم متربصون"وهذا يعنى أنه يطلب منهم ترقب نزول العذاب عليهم وهو مترقب لهذا معهم حتى يعلموا صدقه.
"فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين"المعنى فأنقذناه والذين ناصروه برأفة منا وأهلكنا كل الذين كفروا بأحكامنا أى ما كانوا مصدقين بها،يبين الله لنا أن الله أنجى والمراد أنقذ هود(ص)والذين معه وهم الذين أمنوا برسالته مصداق لقوله بسورة هود"نجينا هودا والذين أمنوا معه" والسبب رحمة أى أمر الله بإنقاذهم وقطع الله دابر الذين كذبوا بآياته والمراد وأهلك الله كل الذين كفروا بأحكام وحيه وفسرهم بأنهم ما كانوا مؤمنين أى ليسوا مصدقين لحكم الله.
"وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل فى أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم"المعنى وأرسلنا لثمود صاحبهم صالحا(ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه قد أتاكم برهان من خالقكم هذه ناقة الله لكم معجزة فاتركوها ترعى فى بلاد الله ولا تصيبوها بأذى فيمسكم عقاب مهين،يبين الله لنا أنه أرسل صالح(ص)إلى قومه ثمود فقال لهم :اعبدوا الله ما لكم من إله غيره والمراد اتبعوا حكم الله ليس لكم من خالق سواه ،وهذا يعنى أنه يطلب منهم ترك أديانهم الضالة وطاعة دين الله وحده،ثم قال قد جاءتكم بينة من ربكم والمراد قد أتاكم برهان من الله على صدق كلامى هو ناقة الله التى هى لكم أية أى معجزة دالة على صدقى ،وهذا يعنى أن معجزة صالح(ص)كانت ناقة خلقها الله من غير الطريق الطبيعى وهو ولادتها من ناقة أخرى وكانت لها حجم غير طبيعى،وقال لهم فذروها تأكل فى أرض الله والمراد فاتركوها ترعى فى بلاد الله وهذا يعنى أنها تفعل ما يحلو لها،وقال:ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم المراد ولا تصيبوها بأذى فيهلككم "عذاب يوم عظيم"كما قال بسورة الشعراء وهذا يعنى أن الله أنزل حكم هو أن من يصيب الناقة بأذى يعاقبه هو ومن ساعده على الأذى .
"واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون من الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين"المعنى واعلموا نعمة الله عليكم حين خلقكم حكام من بعد عاد وأنزلكم فى البلاد تجعلون من وديانها حدائقا وتبنون من الجبال مساكنا فأطيعوا أحكام الله ولا تتولوا فى البلاد كافرين،يبين الله لنا أن صالح(ص)قال لقومه واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد والمراد اعرفوا نعمة الله عليكم حين اختاركم حكام للأرض من بعد موت عاد وبوأكم فى الأرض والمراد وحكمكم فى البلاد تتخذون من سهولها قصورا والمراد تجعلون من وديان الأرض حدائق وتنحتون من الجبال بيوتا والمراد وتبنون من حجارة الجبال التى تجلبوها للوادى مساكنا مصداق لقوله بسورة الفجر"وثمود الذين جابوا الصخر بالواد"وهذا يعنى أنهم نظموا الأرض مزارع وبنوا فيها بيوت جدرانها مبنية بإحضارها من حجارة الجبال ،وقال فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا فى الأرض مفسدين والمراد واتبعوا أحكام الله ولا تسيروا فى البلاد ظالمين وهذا يعنى أنه يطلب منهم أن يطيعوا حكم الله وحده ويتركوا فسادهم وهو حكمهم الظالم فى البلاد بأديان الكفر.
"قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن أمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون"المعنى قال السادة الذين عصوا من شعبه للذين استحقروا لمن صدق منهم أتعرفون أن صالح(ص)مبعوث من خالقه قالوا إنا بالذى بعث به مصدقون ،يبين الله لنا أن الملأ وهم السادة الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله من قوم صالح(ص)قالوا للذين استضعفوا أى استصغروا والمراد من يظنون أنهم حقراء لمن أمن أى صدق من المستضعفين :أتعلمون أى هل تصدقون أى صالح مرسل من ربه أى مبعوث بالوحى من خالقه؟فقال من آمن منهم:إنا بما أرسل به مؤمنون والمراد إنا بالذى بعثه الله به مصدقون ،وهذا يعنى أنهم أعلنوا إيمانهم بالرسالة وهم لا يتراجعون عن إيمانهم.
"قال الذين استكبروا إنا بالذى أمنتم به كافرون"المعنى قال الذين كفروا :إنا بالذى صدقتم به مكذبون ،يبين الله لنا أن الذين استكبروا أى استعظموا على طاعة حكم الله قالوا:إنا بالذى أمنتم به كافرون أى إنا بالذى أيقنتم به مكذبون وهذا إعلان لكفرهم بالرسالة بإستمرار.
"فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين"المعنى فقتلوا الناقة أى خرجوا على حكم خالقهم وقالوا يا صالح هات لنا الذى تخبرنا إن كنت من الصادقين ،يبين الله لنا أن ثمود عقروا والمراد ذبحوا أى قتلوا الناقة وفسر هذا بأنهم عتوا عن أمر ربهم أى عصوا حكم إلههم بعدم مسها بسوء وقالوا :يا صالح ائتنا بما تعدنا أى "ائتنا بعذاب الله "كما قال بسورة العنكبوت فهم يطلبون أن يجيئهم بعذاب الذى أخبرهم به إن كان من المرسلين أى المبعوثين الصادقين مصداق لقوله بسورة الأعراف "إن كنت من الصادقين ".
"فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين"المعنى فأهلكتهم الزلزلة فأصبحوا فى بيوتهم راقدين فأعرض عنهم وقال يا شعبى لقد أخبرتكم وحى إلهى أى وعظتكم ولكن لا تودون الواعظين،يبين الله لنا أن ثمود أخذتهم الرجفة والمراد أهلكتهم الصيحة مصداق لقوله بسورة هود"وأخذ الذين ظلموا الصيحة"وهى الزلزلة فأصبحوا فى ديارهم جاثمين والمراد فأصبحوا فى أرضهم راقدين بلا حراك هلكى فتولى عنهم والمراد فانصرف صالح(ص)عنهم وهم يقول:يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربى والمراد لقد أوصلت لكم أحكام إلهى ونصحت لكم أى ووعظتكم ولكن لا تحبون الناصحين والمراد ولكن لا تودون الواعظين أى الذين يبلغون الحق لكم .
"ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون"المعنى وأرسلنا لوطا حين قال لشعبه :هل ترتكبون الزنى ما فعله قبلكم أحد من الناس إنكم لتجامعون الذكور من غير الزوجات ؟إن أنتم إلا ناس كافرون،يبين الله لنا أنه بعث لوط(ص)لقومه وهم شعبه الذين عاش معهم فقال لهم :أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين والمراد هل تفعلون الزنى ما فعله قبلكم من أحد من الناس؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنهم يفعلون الحرام وهو جماع الرجال لبعضهم وهو ذنب لم يرتكبه الناس فى العصور السابقة عليهم أبدا وقال إنكم لتأتون الرجال من دون النساء والمراد إنكم لتنيكون الذكور من غير الزوجات بل أنتم قوم مسرفون والمراد إنما أنتم ناس مفرطون أى عاصون لحكم الله وهذا يعنى أنهم يجامعون الذكور ويتركون جماع الزوجات .
"وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون "المعنى وما كان رد شعبه إلا أن قالوا اطردوهم من بلدكم إنهم أناس يتزكون،يبين الله لنا أن جواب وهو رد قومه وهم شعبه هو قوله لبعضهم :أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون والمراد أبعدوا لوط(ص)وأهله من بلدكم إنهم ناس يتزكون وهذا يعنى أنهم يريدون طردهم من البلدة والسبب فى نظرهم تطهرهم من الفاحشة والمراد بعدهم عنها.
"فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فانظر كيف كان عاقبة المجرمين"المعنى فأنقذناه وأسرته إلا زوجته كانت من الهالكين وأنزلنا عليهم حجارة فاعلم كيف كان جزاء الكافرين،يبين الله لنا أنه أنجى أى أنقذ لوطا(ص)وأهله وهم أسرته التى أمنت برسالته إلا امرأته كانت من الغابرين والمراد عدا زوجته العجوز كانت من الهالكين مصداق لقوله بسورة الشعراء"إلا عجوزا فى الغابرين"وأمطر الله عليهم مطرا والمراد فأسقط الله عليهم حجارة مصداق لقوله بسورة هود"وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل "وهذه الحجارة أهلكتهم ويطلب الله من نبيه(ص)أن ينظر كيف كان عاقبة المجرمين والمراد أن يعلم كيف كان عذاب المفسدين ويتخذ منه العظة مصداق لقوله بسورة الأعراف "فانظر كيف كان عاقبة المفسدين".
"وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين"المعنى وأرسلنا إلى مدين صاحبهم شعيبا(ص)قال يا شعبى أطيعوا حكم الله ليس لكم من رب سواه وقد أتتكم آية من إلهكم فأقيموا العدل أى القسط أى لا تظلموا الخلق حقوقهم أى لا تظلموا فى البلاد بعد عدلها ذلكم أفضل لكم إن كنتم مصدقين،يبين الله لنا أنه أرسل لمدين أخاهم وهو صاحبهم شعيب(ص)فقال لهم :يا قوم أى يا شعبى اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أى اتبعوا حكم الله ليس لكم من خالق سواه والغرض من القول هو إخبارهم بوجوب طاعة حكم الله وترك طاعة ما سواه من الأحكام وقال وقد جاءتكم بينة من ربكم والمراد وقد أتتكم آية معجزة دالة على صدقى وقال فأوفوا الكيل والميزان والمراد فأطيعوا العدل أى القسط وهو حكم الله وفسر هذا بقوله ولا تبخسوا الناس أشياءهم والمراد ولا تنقصوا من الخلق حقوقهم وفسر هذا بقوله ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها والمراد ولا تظلموا فى البلاد بعد عدلها وهذا يعنى ألا يحكموا البلاد بأحكام غير الحكم الصالح وهو حكم الله وقال ذلكم وهو طاعة حكم الله وترك ما سواه خير لهم أى أحسن لهم ثوابا إن كانوا مؤمنين أى مصدقين بحكم الله .
"ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين "المعنى ولا تقوموا بكل دين تخوفون وتردون عن دين الله من صدق به وتريدونها منحرفة واعلموا نعمة الله عليكم حين كنتم قليلا فزادكم عددا واعلموا كيف كان جزاء الكافرين،يبين الله لنا أن شعيب(ص)قال للقوم :لا تقعدوا بكل صراط توعدون والمراد لا تظلوا بكل دين تخوفون أى بألفاظ أخرى لا تستمروا بآلهة كل دين ضال تخوفون الناس وهذا إخبار لهم أن المسلم لا يخاف من آلهتهم وتصدون عن سبيل الله من آمن به والمراد وتردون عن دين الله من صدق به وهذا نهى لهم عن طرق الإضلال المختلفة وقال وتبغونها عوجا والمراد وتريدونها منحرفة والمراد وتحبون أن تحكم الدنيا بالظلم أى يبغون حكم الجاهلية مصداق لقوله بسورة الأنعام"أفحكم الجاهلية يبغون"وقال واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم والمراد واعلموا نعمة الله عليكم حين كان عددكم قليل فزاد عددكم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين والمراد واعلموا كيف كان عذاب الكافرين أى المكذبين مصداق لقوله بسورة النحل"فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين" .
"وإن كان طائفة منكم أمنوا بالذى أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين"المعنى وإن كانت جماعة منكم صدقوا بالذى بعثت به وجماعة لم يصدقوا فانتظروا حتى يفصل الله بيننا وهو أحسن الفاصلين ،يبين الله لنا أن شعيب (ص)قال لهم :وإن كان طائفة أى فريق منكم أمنوا أى أيقنوا أى صدقوا بالذى أرسلت به والمراد الذى بعثت به من حكم الله وطائفة أى وفريق لم يؤمنوا أى لم يوقنوا أى لم يصدقوا فاصبروا والمراد فانتظروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين والمراد حتى يقضى الله بيننا بالحق وهو أحسن الفاصلين أى القضاة مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهو خير الفاصلين "ومن هنا نعرف أن القوم انقسموا لفريقين فريق مؤمن وفريق كافر.
"قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين أمنوا معك من قريتنا أو لتعودن فى ملتنا قالوا أولو كنا كارهين"المعنى قال السادة الذين استعظموا على طاعة الله من شعبه لنطردنك يا شعيب والذين صدقوا برسالتك من بلدنا أو لترجعون إلى ديننا قالوا حتى ولو كنا رافضين لها؟،يبين الله لنا أن الملأ وهم السادة الذين استكبروا أى كفروا من قوم شعيب(ص)قالوا له لنخرجنك يا شعيب والذين أمنوا معك من قريتنا والمراد لنطردنك يا شعيب والذين صدقوا برسالتك من أرضنا مصداق لقوله بسورة إبراهيم"لنخرجنكم من أرضنا" أو لتعودن فى ملتنا أى أو لترجعون إلى ديننا وهذا يعنى أنهم خيروهم بين الطرد من البلد وبين العودة لدين الكفر فكان ردهم أو لو كنا كارهين والمراد حتى ولو كنا مكذبين به؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أنهم مجانين إذ يصدقون أنهم يعودون إلى دينهم وهم له مكذبون فكيف يقبلون من يعرفون جيدا أنه لن يصدق بدينهم سوى خوفا منهم .
"قد افترينا على الله كذبا إن عدنا فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شىء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين"المعنى قد نسبنا إلى الله باطلا إن رجعنا إلى دينكم بعد أن أنقذنا الله منها وما يحق لنا أن نرجع إليها إلا أن يريد الله إلهنا شمل كل مخلوق معرفة بطاعة الله احتمينا إلهنا افصل بيننا وبين شعبنا بالعدل وأنت أحسن القاضين ، يبين الله لنا أن المؤمنين قالوا للكفار:قد افترينا على الله كذبا إن عدنا فى ملتكم بعد إذ نجانا الله منها والمراد لقد نسبنا إلى الله زورا إن رجعنا إلى دينكم بعد أن أنقذنا الله منه وهذا يعنى أن المسلمين يعترفون أن عودتهم لدين الكفر معناها نسبتهم الباطل إلى الله كما يعنى أن دين الكفر هلاك أنجى الله المسلمين منه ،وقال وسع ربنا كل شىء علما والمراد شمل إلهنا كل مخلوق معرفة وهذا يعنى معرفته بكل أمر عن مخلوقاته كلها ،وقالوا على الله توكلنا والمراد بطاعة حكم الله احتمينا من عذابه ،وقالوا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين والمراد إلهنا اقض بيننا وبين شعبنا بالعدل وأنت أحسن الفاصلين وهذا يعنى أنهم يطلبون منه إنزال العذاب على الفريق الكاذب منهم حتى يعلم الكفار أنهم كانوا على ضلال.
"وقال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيبا إنكم إذا لخاسرون"المعنى وقال السادة الذين كذبوا من أهله لئن أطعتم شعيبا(ص)إنكم إذا لمعذبون،يبين الله لنا أن الملأ وهم سادة القوم قالوا للناس لئن اتبعتم أى أطعتم ما يقول شعيب(ص) إنكم إذا لخاسرون أى لمعذبون ،وهذا يعنى أنهم يهددونهم بالخسارة وهى العذاب حتى لا يطيعوا حكم شعيب(ص).
"فأخذتهم الرجفة فأصبحوا فى دارهم جاثمين الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين"المعنى فأهلكتهم الزلزلة فكانوا فى بيوتهم خامدين الذين كفروا بشعيب(ص)كأن لم يكونوا فيها الذين كفروا بشعيب(ص)كانوا هم المعذبين ،يبين الله لنا أن كفار قوم شعيب(ص)أخذتهم الرجفة أى أهلكتهم الزلزلة وهى الصيحة مصداق لقوله بسورة هود"وأخذت الذين ظلموا الصيحة"فأصبحوا فى دارهم جاثمين والمراد فكانوا فى بلدهم هالكين وهذا يعنى أنهم رقدوا بلا حراك فى القرية ،ويبين لنا أن الذين كذبوا شعيبا والمراد أن الذين كفروا برسالة شعيب(ص)كأن لم يغنوا فيها والمراد كأن لم يعيش الكفار فى الدنيا ،ويبين لنا أن الذين كذبوا شعيبا أى أن الذين كفروا برسالة شعيب(ص) كانوا هم الخاسرين أى المعذبين الهالكين وليس المسلمين الذين خوفوهم بالخسران .
"فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم فكيف أسى على قوم كافرين"المعنى فأعرض عنهم وقال يا شعبى لقد أوصلت لكم أحكام إلهى أى وعظتكم فكيف أحزن على ناس مكذبين لى ؟،يبين الله لنا أن شعيب (ص)تولى عنهم والمراد انصرف عن مكان موتهم وهو يقول:لقد أبلغتكم رسالات ربى والمراد لقد أعلمتكم بأحكام خالقى وفسر هذا بقوله ونصحت لكم أى أخبرتكم بها ،ثم قال فكيف أسى على قوم كافرين والمراد فكيف أحزن على ناس فاسقين مصداق لقوله بسورة المائدة"فلا تأسى على القوم الفاسقين"والغرض من قوله هو أن الحزن على هلاك الكفار أمر محرم لا يجوز بسبب كفرهم .