"لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما"يفسر قوله"ابتغاء مرضات الله" قوله تعالى بسورة الإسراء"ابتغاء رحمة من ربك"فمرضات تعنى رحمة الله وقوله"نؤتيه أجرا عظيما"يفسره قوله بسورة الفتح"فإن تطيعوا يؤتكم أجرا حسنا"فعظيما تعنى حسنا والمعنى لا نفع فى عديد من حديثهم إلا من طالب بعطاء أو إحسان أى عدل بين الخلق ومن يصنع ذلك طلبا لرحمة الله فسوف نعطيه ثوابا حسنا،يبين الله للمؤمنين أن لا خير فى كثير من نجوى الناس والمراد أن لا فائدة فى العديد من حديث الخلق السرى إلا الأمور التالية:
من أمر بصدقة أى من طالب غيره بدفع نفقة لمن يحتاجها ،أو أمر بمعروف أى من طالب غيره بعمل خير أى أمر بإصلاح بين الناس أى من طالب بالتوفيق وهو العدل بين الخلق ،ويبين له أن من يفعل ذلك والمراد من يأمر بالصدقة أو المعروف أى الإصلاح وهو الأمر بالعدل ابتغاء مرضات الله أى طلبا لرحمة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما أى فسوف نعطيه رحمة كبرى هى الجنة والخطاب للمؤمنين.
"ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة النساء"ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا"فيشاقق تعنى يعصى وقوله "ونصله جهنم"يفسره قوله "بسورة الحج"ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق"فنصله تعنى نذيقه وجهنم تعنى عذاب الحريق وقوله "وساءت مصيرا"يفسره قوله بسورة الفرقان"إنها ساءت مستقرا ومقاما"فمصيرا تعنى مستقرا أى مقاما والمعنى ومن يعادى النبى(ص)من بعد ما عرف الحق أى يطيع دين غير دين المسلمين ندينه الذى دان وندخله النار وقبحت مقاما،يبين الله للمؤمنين أن من يشاقق الرسول أى من يعصى حكم الله المنزل على النبى(ص)من بعد ما تبين له الهدى أى من بعد ما بلغه حكم الله وفسر هذا بأنه يتبع غير سبيل المؤمنين والمراد ويطيع غير دين المسلمين ومن ثم يوله الله ما تولى أى يجعله الله على دينه الذى اختاره ويصله جهنم أى يدخله النار وقد ساءت مصيرا والمراد وقد قبحت مقاما والخطاب للناس وما بعده.
"إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة آل عمران"ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه "فيشرك تعنى يبتغى غير الإسلام دينا ويغفر تعنى يقبل وقوله"ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء"ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما"فضل تعنى افترى وضلالا تعنى إثما وبعيدا تعنى عظيما والمعنى إن الله لا يقبل أن يكفر به ويقبل ما سوى الكفر ممن يريد ومن يكفر بالله فقد بعد بعدا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أنه لا يغفر أن يشرك به والمراد أنه لا يقبل أن يكفر بحكمه الناس ويغفر ما دون ذلك أى ويقبل الذى غير الكفر أى يقبل الإسلام ممن يشاء أى ممن يسلم وهذا يعنى أنه يقبل الإسلام لأنه هو غير الكفر،وأن من يشرك بالله أى من يكفر بحكم الله فقد ضل ضلالا بعيدا والمراد فقد بعد بعدا كبيرا والمراد فقد عذب عذابا كبيرا.
"إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا ولأضلنهم ولأمنينهم ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "المعنى إن يطيعون من سوى الله إلا أهواء أى إن يتبعون إلا هوى متبعا غضب الله عليه وقال لأجعلن لى من عبيدك جمعا كثيرا أى لأبعدنهم ولأغرينهم أى لأطالبنهم فليقطعن أذان البهائم ولأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ومن يجعل الهوى ناصرا له من سوى الله فقد ضاع ضياعا عظيما،يبين الله للمؤمنين أن الكفار يدعون أى يطيعون من دون الله الإناث والمراد يتبعون من سوى حكم الله الشهوات وسماها الله إناثا لأن المعبودات المزعومة للناس منها الذكور والإناث ولكن المعبودات الحقيقية هى شهوات أى أهواء النفوس مصداق لقوله تعالى بسورة الجاثية "أرأيت من اتخذ إلهه هواه"وفسر الله هذا بأنهم يدعون شيطانا مريدا والمراد يطيعون هوى مطاعا قد لعنه الله أى غضب عليه أى حرم عليه الجنة وقد قال الشيطان:لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا والمراد لأضلن من عبيدك عددا وافرا وفسر قوله بأن قال:لأضلنهم أى لأبعدنهم عن الحق وفسره بقوله ولأمنينهم أى لأخدعنهم خداعا يبعدهم عن الحق ولأمرنهم فليبتكن أذان الأنعام والمراد ولأطالبنهم فليقطعن أذان الحيوانات أى البهائم ولأمرنهم فليغيرن خلق الله والمراد فلأطالبنهم فليبدلن مخلوقات الله ،وهذا يعنى أن أى تغيير لهيئات الأنعام وهيئات خلق الله محرم ما لم ينص الله على تغييره لأنه أمر شيطانى ،ويبين لهم أن من يتخذ الشيطان وليا أى من يجعل هوى النفس ناصرا له قد خسر خسرانا مبينا أى قد هلك هلاكا عظيما والمراد قد دخل نارا كبرى والخطاب وما بعده للمؤمنين وما بعده
"يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا"المعنى يزين لهم أى يخدعهم أى ما يقول لهم الهوى إلا باطلا،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان وهو هوى النفس يعد أى يمنى أى يزين للعباد الباطل وفسر هذا بأنه يقول لهم الغرور وهو الخداع أى الكذب أى الباطل.
"أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا"يفسر قوله"مأواهم جهنم" قوله تعالى بسورة آل عمران"مأواهم النار"فجهنم هى النار وقوله"ولا يجدون عنها محيصا "يفسره قوله بسورة الكهف"ولم يجدوا عنها مصرفا"فمحيصا تعنى مصرفا أى منقذا وقوله "سندخلهم جنات"يفسره قوله بسورة الفتح "ليدخل من يشاء فى رحمته "فجنات تعنى رحمة الله وقوله "خالدين فيها أبدا"يفسره قوله بسورة الكهف"ماكثين فيها أبدا "فخالدين تعنى ماكثين وقوله"ومن أصدق من الله قيلا"يفسره قوله بسورة المائدة "ومن أحسن من الله حكما"فأصدق تعنى أحسن وقيلا تعنى حكما والمعنى أولئك مقامهم النار ولا يلقون عنها مبعدا والذين صدقوا بحكم الله وصنعوا الحسنات سنسكنهم حدائق تسير فى أرضها العيون باقين فيها دوما قول الله صدقا ومن أحسن من الله حكما،يبين الله لنا أن الكفار مأواهم جهنم والمراد مكانهم فى الآخرة هو النار وهم لا يجدون عنها محيصا أى لا يلقون عن النار مبعدا أى منقذا وأما الذين أمنوا أى صدقوا بحكم الله وعملوا الصالحات أى وصنعوا الحسنات التى طالبهم بها حكم الله فسيدخلهم الله جنات أى سيسكنهم فى حدائق تجرى من تحتها الأنهار والمراد تسير فى أرضها العيون ذات السوائل اللذيذة وهم خالدين فيها أبدا والمراد مقيمين فى الجنة دائما لا يخرجون منها وهذا هو وعد الله أى قول الله الصادق لهم فى الوحى وليس هناك من هو أصدق من الله قيلا والمراد وليس هناك من هو أحسن من الله حكما والخطاب للنبى(ص).
"ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب من يعمل سوء يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا"يفسر قوله "ليس بأمانيكم ولا أمانى أهل الكتاب" قوله تعالى بسورة البقرة"وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى "فالأمانى هى دخول الجنة وقوله"من يعمل سوء يجز به" يفسره قوله بسورة النمل"ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم فى النار"فيعمل تعنى يجىء بالسوء وهو السيئة وقوله"ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا "يفسره قوله بسورة الأنعام"ليس لهم من دونه ولى ولا شفيع"فوليا أى نصيرا أى شفيعا والمعنى ليس بأقوالكم ولا أقوال أصحاب الوحى السابق تدخلون الجنة من يصنع ذنبا يعاقب به ولا يلق له من سوى الله ناصرا أى منقذا،يخاطب الله المؤمنين مبينا لهم أن دخول الجنة ليس بأمانيهم أى ليس بأقوالهم ولا بأمانى أهل الكتاب أى ولا بأقوال أصحاب الوحى السابق وهذا يعنى أن لا أحد يدخل الجنة لمجرد أنه قال أنه سيدخلها ،ويبين لهم أن من يعمل سوء يجز به والمراد أن من يرتكب كفرا يعذب به ولا يجد له وليا ولا نصيرا والمراد ولا يلق له من غير الله منجيا أى منقذا ينقذه من العذاب والخطاب للمؤمنين وما بعده .
"ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا"يفسر الجزء الأخير قوله تعالى بسورة هود"وهم فيها لا يبخسون"فيظلمون تعنى يبخسون والمعنى ومن يصنع من الحسنات من رجل أو امرأة وهو مصدق بحكم الله فأولئك يسكنون الحديقة ولا يبخسون حقا،يبين الله للمؤمنين أن من يعمل من الصالحات والمراد من يفعل من الحسنات وهو مؤمن أى مصدق بالوحى فهم يدخلون الجنة والمراد يسكنون فى النعيم سواء كان العامل ذكر أى رجل أو أنثى أى امرأة وهذا يعنى أن دخول الجنة يحتاج إلى الإيمان والعمل الصالح معا وليس مجرد القول وهم لا يظلمون نقيرا أى لا يبخسون حقا أى كما قال بسورة النساء"ولا يظلمون فتيلا"فالنقير هو الفتيل هو الحق أى الشىء.
"ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا"المعنى ومن أفضل حكما ممن أخلص نفسه لحكم الله وهو مصلح أى أطاع دين إبراهيم(ص) وجعل الله إبراهيم(ص) رسولا ،يبين الله للمؤمنين أن الأحسن دينا وهو الأفضل حكما هو الذى أسلم وجهه لله وهو محسن والمراد الذى أخلص نفسه لله وهو مؤمن وبألفاظ أخرى الذى جند نفسه لطاعة حكم الله وهو مصدق بوحى الله ويفسر الله ذلك بأنه الذى اتبع ملة إبراهيم(ص) حنيفا أى الذى أطاع دين إبراهيم(ص)مسلما وهذا يعنى أن الأفضل دينا هو المتبع لدين الإسلام دين إبراهيم (ص)ويبين له أنه اتخذ إبراهيم(ص)خليلا والمراد أنه اختار إبراهيم(ص)رسولا إلى الناس والخطاب للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله بكل شىء محيطا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فما فى السموات والأرض هو ملك الله وقوله "وكان الله بكل شىء محيطا"يفسره بقوله بسورة النساء"إن الله كان بكل شىء عليما"فمحيطا تعنى عليما والمعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله بكل أمر عليما،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه الذى فى السموات والذى فى الأرض وهو بكل شىء محيط والمراد وهو بكل أمر عليم والخطاب للمؤمنين.
"ويستفتونك فى النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم فى الكتاب فى يتامى النساء اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما"يفسر قوله"وأن تقوموا لليتامى بالقسط" قوله تعالى بسورة البقرة"وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى "فالقيام بالقسط هو الإحسان وقوله"وما تفعلوا من خير"يفسره قوله بسورة البقرة"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله"فتفعلوا تعنى تقدموا وقوله "فإن الله كان به عليما "يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا "فعليما تعنى محيطا والمعنى ويسألونك عن حكم الله فى الإناث قل الله يجيبكم فيهن وما يقرأ عليكم فى الوحى فى فاقدات الأباء من الإناث اللاتى لا تعطوهن ما فرض الله لهن وتريدون أن تتزوجوهن والصغار من الأطفال وأن ترعوا فاقدى الأباء بالعدل وما تعملوا من نفع فإن الله كان به خبيرا،يبين الله لرسوله(ص)أن المسلمين يستفتونه أى يسألونه عن أحكام الإسلام فى النساء وهن الإناث وطلب منه أن يقول للمسلمين :الله يفتيكم فيهن والمراد الله يجيبكم فى أحكامهن ،وما يتلى عليكم فى يتامى النساء والمراد والذى يبلغ لكم فى فاقدات الأباء من النساء وهو قوله بأول السورة"وإن خفتم ألا تقسطوا فى اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا "وهن اللاتى لا تؤتوهن ما كتب الله لهن أى اللاتى لا تعطوهن الذى فرض الله لهن من أموال الأباء ولا المهر عندما ترغبون أن تنكحوهن أى عندما تريدون أن تتزوجوهن والمستضعفين من الولدان والمراد والصغار من الصبيان الذين لا تعطوهن أموال الأباء والمكتوب فى القرآن عنهم هو قوله بسورة النساء"وأتوا اليتامى أموالهم "ويقول:وأن تقوموا لليتامى بالقسط والمراد وأن تربوا فاقدى الأباء بالعدل وهذا يعنى وجوب رعاية الأوصياء لليتامى بالعدل ،ويقول وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما والمراد وما تصنعوا من عمل صالح فإن الله كان به خبيرا وسيثيبكم عليه والخطاب للنبى (ص) ومنه للمؤمنين.
"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسر قوله "فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا"قوله تعالى بسورة النساء"ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة"فالصلح هو التراضى بالتنازل عن جزء من الفريضة وقوله "وإن تحسنوا وتتقوا "يفسره قوله بسورة آل عمران"وأن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم"فتحسنوا تعنى تؤمنوا وقوله "فإن الله كان بما تعملون خبيرا "يفسره قوله بسورة يونس"والله عليم بما يفعلون"فتعملون تعنى يفعلون وعليم تفسره خبير والمعنى وإن زوجة خشت من زوجها نفورا أى بعدا فلا عقاب عليهما أن يتفقا بينهما اتفاقا والاتفاق أفضل وأعلنت الأنفس البخل وإن تؤمنوا وتطيعوا فإن الله كان بالذى تفعلون عليما،يبين الله للمؤمنين والمؤمنات أن المرأة وهى الزوجة إذا خافت أى خشت من بعلها وهو زوجها التالى :
النشوز وهو الإعراض والمراد النفور أى إرادة الطلاق فعليها أن تسعى لتعقد بينهما صلحا والمراد أن عليها أن تسعى ليعقدا بينهما اتفاقا حتى لا يحدث الطلاق ويبين لهما أن لا جناح عليهما أى لا عقاب عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والمراد أن يتفقا بينهما اتفاقا ينص على تنازل الزوجة عن بعض مهرها فى مقابل بقائها زوجة له والصلح خير والمراد والاتفاق نفع لهما وساعته تحضر الأنفس الشح والمراد وساعته تظهر النفوس البخل فى التنازل من قبل الزوجة أو فى امتناع الزوج عن قبول الجزء المتنازل عنه فقط ،ويبين لهم أنهم إن يحسنوا أى يصلحوا أى يؤمنوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان بما تعملون خبيرا والمراد فإن الله كان بالذى تفعلون عليما وسيثيبكم عليه بالجنة والخطاب للمؤمنين والمؤمنات .
"ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا رحيما وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما"يفسر قوله"وإن تصلحوا وتتقوا" قوله تعالى بنفس السورة"وإن تحسنوا وتتقوا"فتصلحوا تعنى تحسنوا والمعنى ولن تقدروا أن تقسطوا بين الزوجات ولو أردتم فلا تتركوا كل الترك فتتركوها كالمرفوعة وإن تحسنوا أى تطيعوا حكم الله فإن الله كان نافعا مفيدا لكم وإن ينفصلا يعطى الله كلا من رزقه وكان الله غنيا قاضيا، يبين الله للمؤمنين أنهم لا يستطيعون أى لا يقدرون على فعل التالى:العدل بين النساء والمراد المساواة بين الزوجات فى الحقوق حتى ولو حرصوا أى أرادوا العدل وهذا يعنى أن العدل بين الزوجات أمر مستحيل ،وينهى الله المؤمنين عن أن يميلوا كل الميل والمراد أن يتركوا إحدى الزوجات تركا كليا حتى لا يذروها كالمعلقة والمراد حتى لا يجعلوها كالمرفوعة التى ليست متزوجة وليست عزباء وإنما مجرد زوجة أمام الناس وإن كانت فعليا ليست زوجة وهذا يعنى أن العدل المطلوب بين الزوجات هو العدل الجزئى بمعنى أن لا يترك الزوج زوجته دون إعطائها حقوقها فى الجماع بحيث لا يحرم بعضهن منه حرمانا تاما ويبين لهم أنهم إن يصلحوا أى يتقوا أى يطيعوا حكم الله فإن الله كان غفورا رحيما والمراد فإن الله كان نافعا مفيدا لمن يطيعه برحمته ويبين لهم أنهم إن يتفرقا والمراد إن ينفصلا بالطلاق فسيغنى كلا من سعته والمراد فسيعطى الطليقين من رزقه وهو غناه ويبين لهم أنه واسع أى غنى يرزق العباد وهو حكيم أى قاضى يقضى بالحق والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله وإن تكفروا فإن لله ما فى السموات وما فى الأرض وكان الله غنيا حميدا"المعنى ولله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض ولقد أمرنا الذين أعطوا الوحى سابقا وأنتم أن اعبدوا الله وإن تشركوا فإن لله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكان الله واسعا شكورا،يبين الله للمؤمنين أن له أى ملكه ما فى السموات والأرض والمراد أنه له الحكم فى مخلوقات الكون ويبين لهم أنه وصاهم أى أمرهم هم والذين أوتوا الكتاب وهم الذين أعطوا الوحى قبل عهد محمد(ص) أن اتقوا الله أى اعبدوا أى أطيعوا حكم الله وإن تكفروا أى وإن تعصوا حكم الله فإن لله ما فى السموات والأرض والمراد فإن الله يملك مخلوقات الكون والمراد أنه غنى عن عبادتهم لأنه لا يستفيد بها ويبين لهم أنه غنى أى واسع الملك حميد أى شاكر لمن يعبده برحمته له.
"ولله ما فى السموات وما فى الأرض وكفى بالله وكيلا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الجاثية"ولله ملك السموات والأرض"فلله تعنى أنها ملكه وقوله"وكفى بالله وكيلا"يفسره قوله بسورة النساء"وكفى بالله وليا"فوكيلا تعنى وليا والمعنى وله ملك الذى فى السموات والذى فى الأرض وكفى بالله وليا،يبين الله للناس أنه يملك الذى فى السموات والذى فى الأرض من المخلوقات وهو الوكيل أى الولى أى الناصر الحافظ لمن يطيعه والخطاب وما بعده للناس وما بعده.
"إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بأخرين وكان الله على ذلك قديرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الأنعام"إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء"وقوله بسورة فاطر"ويأت بخلق جديد"فيأت تعنى يستخلف وآخرين تعنى خلق جديد والمعنى إن يرد يتوفاكم أيها الخلق ويخلق غيركم وكان الله لذلك فاعلا،يبين الله للناس وهم الخلق أنه إن يشأ يذهبهم والمراد إن يرد يهلكهم ويأت بآخرين أى ويخلق ناس غيركم يكونوا خلفاء لكم فى الأرض وكان الله على ذلك قديرا والمراد وكان الله للإهلاك والخلق فاعلا .
"من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة وكان الله سميعا بصيرا"يفسر الجزء الأول قوله تعالى بسورة الشورى"من كان يرد حرث الدنيا نؤته منها"فثواب تعنى حرث وقوله بسورة النحل"لنبئونهم فى الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر"فثواب الدنيا هو الحسنة وثواب الأخرة هو الأجر وقوله"وكان الله سميعا بصيرا"يفسره قوله بسورة الحجرات"إن الله عليم خبير"فالسميع البصير هو العليم الخبير والمعنى من كان يحب متاع الأولى نعطه منها فلدى الله نصر الأولى والقيامة وكان الله عليما خبيرا ،يبين الله للناس أنه من يريد ثواب الدنيا والمراد إنه من يحب متاع الحياة الأولى يعطه منه عليه أن يعلم أن الله عنده والمراد لديه بأمره ثواب الدنيا والأخرة وهو نصر الدنيا وهى حكمها بحكم الله ونصر القيامة وهو الجنة ويبين لهم أنه سميع بصير أى عليم خبير بكل شىء وسيحاسب عليه.
"يا أيها الذين أمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين وإن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وأن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا" يفسر قوله"فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا" قوله تعالى بسورة البقرة"ولا تتبعوا خطوات الشيطان"فالهوى هو خطوات الشيطان وقوله"فإن الله كان بما تعملون خبيرا"يفسره قوله بسورة النساء"وكان الله بما يعملون محيطا"فخبيرا تعنى محيطا والمعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله كونوا شاهدين بالعدل حاكمين لله ولو على ذواتكم أو الأبوين والأقارب وإن يكن مستكفيا أو محتاجا فالله أحق بهما فلا تطيعوا الظلم كى لا تنحرفوا وإن ترفضوا أى تكذبوا فإن الله كان بما تفعلون عليما،يطالب الله الذين أمنوا أى صدقوا وحى الله أن يكونوا قوامين بالقسط والمراد أن يكونوا حاكمين بالعدل شهداء لله أى مقرين معترفين لله حتى لو كان الإقرار على أنفسهم أو على الوالدين وهم الأبوين أو على الأقربين وهم الأقارب وهذا يعنى أن القاضى أو الشاهد يجب عليه أن يحكم أو يشهد على نفسه أو على والديه أو على أقاربه بالحق فليس فى الإسلام ما يسمى التنحى عن الحكم أو الشهادة فى أى قضية حتى ولو كان المتهم هو القاضى نفسه أو الشاهد أو والديه أو أقاربه ،ويبين لهم أن المتهم لو كان غنيا أى مستكفى غير محتاج أو فقيرا أى محتاجا فالله أولى بهما والمراد فالله أحق بشهادة العدل فيهما وهذا يعنى أن الغنى والفقر لا يؤثران على الحكم أو الشهادة ،ويطلب الله منهم ألا يتبعوا الهوى والمراد ألا يطيعوا حكم الكفر فى أنفسهم حتى يعدلوا أى كى يقسطوا فى الشهادة والحكم،ويبين لهم أنهم إن يلووا أى يعرضوا أى يعصوا العدل أى يرفضوا الحق ويأتوا الباطل فإن الله خبير بما يعملون والمراد فإن الله عليم بالذى يفعلون وسيحاسبهم عليه والخطاب وما بعده للمؤمنين
"يا أيها الذين أمنوا أمنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله والكتاب الذى أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضل ضلالا بعيدا"يفسر قوله"امنوا بالله ورسوله والكتاب الذى نزل على رسوله" قوله تعالى بسورة محمد(ص)"وأمنوا بما نزل على محمد"فرسوله هو محمد(ص) وقوله "ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الأخر فقد ضلالا بعيدا"يفسره قوله بسورة النساء" ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا "فضل ضلالا بعيدا تعنى خسر خسرانا مبينا والمعنى يا أيها الذين صدقوا وحى الله صدقوا بحكم الله ونبيه(ص)أى الوحى الذى أوحى إلى نبيه(ص) والوحى الذى أوحى من قبل ومن يكذب بالله وملائكته ووحيه ومبعوثيه ويوم القيامة فقد خسر خسرانا عظيما،يطلب الله من الذين أمنوا وهم الذين صدقوا بحكم الله أن يؤمنوا بالله ورسوله أى أن يصدقوا بحكم الله وفسره بأنه الكتاب المنزل على رسوله(ص)والمراد الوحى الموحى به لمحمد(ص)والكتاب الذى أنزل من قبل والمراد والوحى الذى أوحى من قبل وجود محمد(ص)،ويبين لهم أن من يكفر أى يكذب بالله والمراد أن يكذب بوحدانية الله وملائكته وكتبه وهى وحيه المنزل على رسله ورسله(ص)هم الأنبياء(ص)واليوم الأخر وهو يوم البعث فقد ضل ضلالا بعيدا أى خسر خسرانا عظيما حيث يدخله الله النار.
"إن الذين أمنوا ثم كفروا ثم أمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا يهديهم سبيلا" يفسر قوله"لم يكن الله ليغفر لهم " قوله تعالى بسورة آل عمران"لن تقبل توبتهم "فعدم غفران الله لهم هو عدم قبول توبتهم وقوله"لم يكن الله ليغفر لهم أو يهديهم سبيلا "يفسره قوله بسورة النساء"لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم "فالسبيل هو طريق جهنم و المعنى إن الذين صدقوا ثم كذبوا ثم صدقوا ثم كذبوا ثم داوموا كذبا لم يكن الله ليعفوا عنهم أى لا يرشدهم طريق الجنة ،يبين الله أن الذين أمنوا أى صدقوا الوحى ثم كفروا أى كذبوا به ثم أمنوا أى صدقوا ثم كفروا أى كذبوا مرة أخرى ثم ازدادوا كفرا والمراد ثم استمروا فى تكذيبهم لم يكن الله ليغفر لهم أى لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم وفسره بأنه لن يهديهم السبيل والمراد لن يدخلهم الجنة والخطاب وما بعده للنبى(ص) .