قراءة في كتاب نفح الطيب في حكم لبس الصليب
المؤلف بكر بن عبد العزيز الأثري والكتاب يدور حول حكم من لبس الصليب أمام الناس وقد تحدث الأثرى عن أن الكتاب رد على ثلاثة أسئلة تتعلق بمن لبس الصليب فقال :
"السؤال الأول: ما حكم إذا لبس الحاكم الصليب أمام مرأى من المسلمين والعالم برضاه واختياره؟
السؤال الثاني: ما دور العلماء في هذه الحالة؟
السؤال الثالث: ما الحكم إذا سكت العلماء عن هذا المنكر
الجواب على السؤال الأول والثاني والثالث، وقد أسميت هذه الإجابة بـ " نفح الطيب، في حكم لبس الصليب ""
وفى المحور الأول تحدث عن أن من ارتدى الصليب كافر حيث قال :
"المحور الأول:
يعتبر من علق الصليب في عنقه - وهو يعلم أنه صليب – كافر خارج عن الإسلام، لمناطات عدة:
المناط الأول: الصليب وثن ومن عظم الوثن فقد كفر:
عن عمرو بن عبسة السلمي قال سائلا النبي (ص): ما أنت؟ قال: (أنا نبي) فقلت: وما نبي؟ قال: (أرسلني الله) فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: (أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيء .. ) [أخرجه مسلم] وتأمل قول النبي (ص): (وكسر الأوثان) ولم يقل: وكسر الأصنام لأن الوثن أعم من الصنم فالصنم هو ذاك المجسد المصور، أما الوثن فهو كل ما عظم من دون الكتاب والسنة، كالصليب. قال العلامة ابن منظور في لسان العرب 9/ 216:
أصل الأوثان عند العرب كل تمثال من خشب أو حجارة أو ذهب أو فضة أو نحاس أو نحوها، وكانت العرب تنصبها وتعبدها، وكانت النصارى نصبت الصليب وهو كالتمثال وتعظمه وتعبده، ولذلك سماه الأعشى وثنا؛ وقال:
تطوف العفاة بأبوابه كطوف النصارى ببيت الوثن أراد بالوثن الصليب"
وقد جاء النص على ذلك من كلام المصطفى (ص) صراحة: فعن عدي بن حاتم قال أتيت النبي (ص) وفي عنقي صليب من ذهب فقال: (يا عدي اطرح عنك هذا الوثن) وسمعته يقرأ في سورة براءة (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) .. [
أخرجه الترمذي وحسنه الألباني] قال الإمام الحافظ المباركفوري: قوله: (وفي عنقي صليب) هو: كل ما كان على شكل خطين متقاطعين. وقال في " المجمع ": هو المربع من الخشب للنصارى يدعون أن عيسى (ص) صلب على خشبة على تلك الصورة [تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 8/ 476]
فالصليب إذن وثن، فيجب تحقيره وتصغيره واحتقاره، حتى كان بعض أئمة الإسلام إذا رأى صليبا أغمض عينيه عنه، وقال: " لا أستطيع أن أملأ عيني ممن سب إلهه ومعبوده بأقبح السب "[إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، جـ 2] بل ولم يكونوا – أي: أئمة الإسلام - يعدونه ثمنا، وقد أفتى محمد بن إبراهيم – مفتي بلاد الحرمين سابقا - بأن (لا قطع على سارق الصليب ولو كان من ذهب) أنظر (ص 135/ 12) من الفتاوى فكان الصليب عند السلف الصالح ليس بثمن، وصار عند الخلف الطالح ليس بوثن!!
فمن عظم الصليب بتعليق ونحوه فهو كافر كفر أكبر مخرج من الملة؛ هذا حكمه عند أهل الإسلام، بل ومن العجيب أن أهل الكتاب أنفسهم يوافقوننا على ذلك! فلقد جاء في التوراة "ملعون من تعلق بالصليب" [سفر تثنية الإشتراع (21/ 23)]!!!
ولا فرق - فيمن أرتكب هذا الناقض - بين حاكم ومحكوم، بل الحكم متعلق بمناطه لا بفاعله، ولكن طبيعة السؤال الأول تشير إلى حادثة وقعت؛ وهي لبس (الملك) فهد بن عبد العزيز آل سعود للصليب وتعليقه على عنقه برضاه واختياره أمام مرأى الجميع، فهو كافر بارتكابه لهذا الناقض، وغيره من النواقض الكثيرة العديدة
قال أبو محمد المقدسي:
إن فهدا اليوم يشد الرحال إلى ارض أسياده وأسياد أبيه في بريطانيا العظمى وتتناقل وسائل الإعلام في أنحاء العالم صورة حامي الحرمين بين الملكة البريطانية وأمها ... وهو يرتدي صليب النصارى وشعار الماسونية للدرجة (18) .. [الكواشف ص 12] وقال أيضا : أنسيتم زيارة (الفهد) لبريطانيا وصورته التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وهو لابس الصليب فرحا مسرورا مهبولا بذلك وسط الملكة البريطانية وأمها .. وكان يفتتح خطاباته عندها التي نقلتها وسائل الإعلام بقوله ... "سيدتي جلالة الملكة المعظمة ... " ونحوه ... فحق أن يسمى بخادم الحرمتين البريطانيتين ... وليس بخادم الحرمين!! .. ولولا تحرجنا من تصوير ذوات الأرواح لأوردنا صورته تلك ... ولكن شهرتها تغني عن ذلك. [الكواشف ص 187] "
وما قاله الأثرى هنا ونقله عن الآخرين الكثير منه مخالف لكتاب الله فالصليب وهو المصلبة ليس خاصا بالنصارى لأن وجود الصليب وهو المصلبة واجب في الإسلام لتعليق المحاربين لله المفسدين في ألأرض عليه كما قال تعالى:
"إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم أو أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض"
ومن ثم سقط كل الكلام السابق له ولمن نقل عنهم أن الصليب وثن وإنما هو أداة عقابية في الإسلام لابد من وجودها في القضاء كما أمر الله لعقاب من ارتكبوا جريمة الحرابة
وأورد اعتراضا من أحدهم عن لبس عدى بن حاتم للصليب واستدلاله بذلك على جواز لبسه فقال:
"الإيراد:
قد يقول قائل: لماذا لم يكفر عدي بن حاتم الطائي وقد علق الصليب في عنقه؟!
الجواب على الإيراد:
إن عدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يعلن إسلامه وليس بعده وقد روى الإمام أحمد والترمذي وابن جرير في تفسير قوله تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) من طرق يقوي بعضها بعض قصة عدي والصليب بطولها، وكان أولها:
(أن عدي بن حاتم لما بلغته دعوة رسول الله (ص) فر إلى الشام وكان قد تنصر في الجاهلية فأسرت أخته وجماعة من قومه؛ ثم من رسول الله (ص) على أخته وأعطاها، فرجعت إلى أخيها فرغبته في الإسلام وفي القدوم على رسول الله (ص)؛ فقدم عدي إلى المدينة وكان رئيسا في قومه طيء، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكرم، فتحدث الناس بقدومه فدخل على رسول الله (ص) وفي عنق عدي صليب من فضة، وهو (ص) يقرأ هذه الآية (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال عدي: فقلت؛ إنهم لم يعبدوهم. فقال: "بلى إنهم حرموا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم؛ وذلك عبادتهم إياهم"،وقال رسول الله (ص): "يا عدي ما تقول؟ أيضرك أن يقال الله أكبر؟ فهل تعلم شيئا أكبر من الله؟ ما يضرك؟ أيضرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم إلها غير الله؟ ثم دعاه إلى الإسلام فأسلم وشهد شهادة الحق. قال: فلقد رأيت وجهه استبشر ثم قال: "إن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون".
فعدي بن حاتم كان معلقا للصليب قبل أن يدخل الإسلام، قال الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) قال الإمام ابن كثير : يغفر لهم ما قد سلف، أي: من كفرهم، وذنوبهم وخطاياهم. أهـ[تفسير القرآن العظيم 2/ 385] وتعليق الصليب من جملة ما يغفر بالدخول في الإسلام، وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن العاص أنه قال: ( .. لما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي (ص) فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه. قال: فقبضت يدي. قال: " مالك يا عمرو؟ " قال: قلت: أردت أن أشترط. قال: " تشترط بماذا؟ " قلت: أن يغفر لي. قال: " أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله؟ "). قال الإمام النووي: (الإسلام يهدم ما كان قبله) أي يسقطه ويمحو أثره. [شرح صحيح مسلم 2/ 182]
أما فهد بن عبد العزيز فعكس وارتكس، قال الإمام ابن كثير رحمه الله: كما جاء في الصحيح، من حديث أبي وائل، عن ابن مسعود: أن رسول الله (ص) قال: (من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر)[تفسير القرآن العظيم 2/ 285]"
وكل الكلام السابق وهو اعتبار الصليب رمز للنصارى وحدهم يتناقض مع نفى القرآن لعملية الصلب فلا وجود لصليب ولا لقتل المسيح(ص) كما هى عقيدة النصارى الحالية :وفى هذا قال تعالى :
" وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
وتحدث عن كون الصليب طاغوت يجب الكفر به فقال :
"المناط الثاني: الصليب طاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت فقد كفر:
عرف السلف الطاغوت بأمور كثيرة، فمن قائل إنه: الشيطان. وآخر يقول: الساحر. و: الكاهن. و: الصنم. و: رهبان النصارى. و: وأحبار اليهود وغير ذلك الكثير. وهذا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " مقدمة في أصول التفسير ": فصل في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع: الخلاف بين السلف في التفسير قليل، وخلافهم في الأحكام أكثر من خلافهم في التفسير. وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد: وذلك صنفان: أحدهما: أن يعبر كل واحد منهما عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى ... الصنف الثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه، على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع، لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه.
فيتبين أن تعريف السلف للطاغوت هو من باب ذكر نوع من أنواع الطاغوت، لا على سبيل الحد المطابق له في عمومه وخصوصه. ولذلك قال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري بعد أن ذكر أقوال السلف في الطاغوت: والصواب من القول عندي في "الطاغوت"، أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا ، أو صنما، أو كائنا ما كان من شي.
و أرى أصل "الطاغوت"، الطغووت من قول القائل: طغا فلان يطغو، إذا عدا قدره فتجاوز حده [تفسير الطبري: 3/ 21]
وقال ابن القيم: الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول إلى التحاكم إلى طاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته. [أعلام الموقعين: 1/ 50]
ويقول سليمان بن سحمان في رسالة في الدرر السنية: (الطاغوت ثلاثة أنواع: طاغوت حكم وطاغوت عبادة وطاغوت طاعة ومتابعة .. ) [ص 272 من جزء حكم المرتد]
فالصليب وثن، والوثن طاغوت والصليب يعبد، فهو طاغوت عبادة، ولذلك قال الشيخ أبو بصير الطرطوسي: ما عبد من صنم، أو حجر، أو بقر، أو قبر، أو صورة، أو صليب: فكل ما يعبد من هذه الأشياء - من دون الله - فهو طاغوت [الطاغوت ص119]
إذا تبين لك هذا كله، فيبقى عليك أن تعلم أن من علق الصليب في عنقه وهو عالم به، فهو لم يكفر بالطاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله، فإن الكفر بالطاغوت شرط الإيمان. وتعريف الشرط عند الأصوليين هو: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته ... [شرح الكوكب المنير 1/ 452 ومعالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة ص321] وشرح التعريف في مسألتنا هو كما يلي:
قوله: (ما يلزم من عدمه العدم) فإذا عدم الكفر بالطاغوت عدم الإيمان بالله.
ودليل شرطية الكفر بالطاغوت للإيمان بالله هو:
قول الله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى)
وقد قال محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية 1/ 163: واعلم: أن الإنسان ما يصير مؤمنا بالله، إلا بالكفر بالطاغوت، والدليل قوله تعالى: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم)
وقال محمد الأمين الشنقيطي: فالكفر بالطاغوت، الذي صرح الله بأنه أمرهم به في هذه الآية شرط في الإيمان كما بينه تعالى في قوله: (فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى) فيفهم منه أن من لم يكفر بالطاغوت لم يتمسك بالعروة الوثقى، ومن لم يستمسك بها فهو مترد مع الهالكين.
وقال أيضا: والإيمان بالطاغوت يستحيل اجتماعه مع الإيمان بالله، لأن الكفر بالطاغوت شرط في الإيمان بالله أو ركن منه، كما هو صريح قوله (فمن يكفر بالطاغوت)
وقال حمود بن عبد الله العقلاء الشعيبي في كتاب " شرح شروط لا إله إلا الله " ص49: الشرط الثامن: الكفر بالطاغوت: من شروط صحة التوحيد الكفر بالطاغوت، إذ لا إيمان إلا بعد الكفر بالطاغوت ظاهرا وباطنا .. "
وكل هذا الكلام مبنى على غير أساس من كتاب الله وحتى لا يوجد في رواية منسوبة للنبى(ص) وكل واحد يستدل بكلام من سبقه والذى يقوم على غير نص من الوحى فالطاغوت هو دين أى كافر الذى يعمله به سواء كان دينا مكتوبا أو يعتقد به في نفسه
ولو بنينا على كلام القوم من حيث إزالة كل رموز ألأديان من الوجود الإسلامى لوجب علينا أن نزيل الشمس من السماء لأن كان قوم سبأـ كانوا يعبدون الشمي كما جاء في القرآن :
"وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله"
ولوجب أن نعدم كل البقر من الوجود لأن الهندوس يعبدونه وهو ما يخالف أن الله أباح وجود البقر والأكل منه فقال :
"ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أالذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا"
ومن ثم مقولة إزالة الصليب من الوجود هى مقولة لا يقولها عاقل خاصة مه وجود أزهار خلقها الله على شكل الصليب ومع وجود أدوات نستخدمها في حياتنا مثل مسامير الصليبة ومفك الصليبة وهى أدوات نافعة في حياتنا ولوجب علينا أن نلغى الرمز+ من الرياضيات عند الجمع لكونه صليب
وتحدث عن كون الصليب رنز للنصارى ورمز لتكذيب الله فقال :
"المناط الثالث: تعليق الصليب رمز لدين النصارى المحرف، والصليب رمز لتكذيب الله والرسول (ص):
جاء في إنجيل متى (16/ 24 - 28) ولوقا (9/ 23 - 27) و (14/ 25 - 28) ومرقس (8/ 34 - 36): " من أراد أن يتبعني فليزهد في نفسه وليحمل صليبه ويتبعني ". وفهد بن عبد العزيز حمل صليبه واتبع دين النصارى، وابتغاء غير الإسلام دينا، (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
والصليب رمز لصلب عيسى (ص) كما يزعم النصارى قال أبو محمد المقدسي : ولعل أول من سن لهم بدعة تعظيم الصليب " هيلانة الحرانية الفندقانية " أم الإمبراطور الروماني قسطنطين الذي كان أول إمبراطور روماني يعتنق النصرانية كما سيأتي. وذلك أن اليهود لما صلبوا ذلك الرجل الذي ألقي عليه شبه المسيح ثم ألقوه بخشبته التي صلب عليها .. جعل بعض أتباع المسيح يأتون إلى مكانه ويبكون، فخشي اليهود أن يصير لذلك المكان شأنا فجعلوا مكانه مطرحا للقمامة والنجاسة لينفروا عنه، فلم يزل كذلك، حتى كان زمان قسطنطين، أي بعد (300) سنة، حيث عمدت أمه هيلانة إلى ذلك المكان، تبحث فيه، معتقدة أن المسيح هناك فزعموا أنها وجدت الخشبة التي صلب عليها ذلك المصلوب، فعظموها وغشوها بالذهب، ومن ثم اتخذوا الصلبانات، وتبركوا بشكلها، وقبلوها. [التحفة المقدسية، في مختصر تاريخ النصرانية ص43 - 44]
بينما أهل الإسلام يعتقدون أن عيسى (ص) لم يقتل ولم يصلب، ولكنه رفع، قال شيخنا المقدسي : وعقيدتنا نحن المسلمين أن المسيح (ص) قد نجاه الله تعالى فلم يمكن أعداءه منه، فلا هم أسروه، ولا هم ضربوه، ولا هم صلبوه ولا قتلوه .. بل رفعه الله تعالى إليه، كما أخبر في محكم التنزيل؛ فقال سبحانه: (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقينا )
وقال تعالى: (قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا)
فهذا عندنا ثابت يقين نصدق به ولا نشك طرفة عين أن الله نجي عبده ورسوله ورفعه إليه ..
وأنه لم يمكن أعداءه منه، فما قتلوه وما صلبوه، ولكن شبه لهم .. أي أنهم إنما قتلوا شبيها له .. ثم شبه عليهم اليهود أنهم قتلوه .. وشبه عليهم أحبارهم أنه صلب فعلا ليخلصهم ..
أما كيف شبه لهم ففي ذلك روايات ذكرها أهل التفسير، في تفسير هاتين الآيتين .. [التحفة المقدسية، في مختصر تاريخ النصرانية ص50]
وقال الشيخ حامد العلي جوابا على سؤال حول حكم لابس الصليب: من لبس الصليب، وظاهر حاله أن يعلم أنه صليب رمز لدين النصارى، ارتد عن الإسلام، وإلا فإنه يبين له، فإن لم يتب ارتد.
ومعلوم أن الصليب، في حد ذاته رمز للتكذيب للقرآن، وقد قال تعالى: (وما قتلوه وما صلبوه)، وهو رمز لدين كفري باطل، ليس هو دين عيسى (ص)، فإن دينه كان الإسلام، كدين سائر الأنبياء، وقد بشر ـ (ص) ـ بنينا صلى الله عليه وأمر بإتباعه، كما أمرت الأنبياء من قبله، بل دين النصارى بعد تحريفهم رسالة عيسى (ص)، هو دين الشرك، كعبادة الأصنام، حرفوا دين المسيح، وكفروا، إذ قالوا أن الله هو المسيح، وبإدعائهم الولد لله تعالى، وأنه ـ تعالى عما يقولون علوا كبيرا ـ ثالث ثلاثة، ذلك مع تكذيبهم للنبي محمد (ص)، والمكذب بنبي كالمكذب بجميع الأنبياء.
ولهذا فإن المسيح (ص)، عندما ينزل آخر الزمان، يكسر الصليب، كما تحطم الأوثان، ولهذا كان النبي (ص)، لا يدع شيئا في بيته فيه تصاليب إلا نقضه، كما في الصحيح عن عائشة فالصلبان كالأوثان.
وفي الصحيحين، قال (ص) (والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، وإماما عدلا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال، حتى لا يقبله أحد، وحتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها).
قال ابن حجر بعدما ذكر حديثا رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح: " وفي هذا الحديث، ينزل عيسى عليه ثوبان ممصران فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، وتقع الأمنة في الأرض، حتى ترتع الأسود مع الإبل، وتلعب الصبيان بالحيات - وقال في آخره - ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون "
وروى أحمد ومسلم من طريق حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة: (ليهلن ابن مريم بفج الروحاء بالحج والعمرة) الحديث، وفي رواية لأحمد من هذا الوجه: (ينزل عيسى فيقتل الخنزير ويمحي الصليب وتجمع له الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج، وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما وتلا أبو هريرة: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به) الآية. قال حنظلة قال أبو هريرة: (يؤمن به قبل موت عيسى).
وفي الصحيح من حديث أبي سعيد أنه لما ينادي المنادي يوم القيامة، (من كان يعبد شيئا فليتبعه) فيذهب أهل الصليب مع صليبهم، وأصحاب كل الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم)
ولهذا لا فرق بين الصليب وغيره من المعبودات مع الله، في ردة معظمها، وتعليقها من تعظيمها، كما ذكر العلماء."
كما قال في البحر الرائق: " وبشد المرأة حبلا في وسطها وقالت هذا زنار"، فهذه كفرها السادة الحنيفة بلبسها حبلا، زعمت أنه مثل زنار النصارى، فكيف بمن علق الصليب؟!
وقال في التاج والإكليل لمختصر خليل ذاكرا أمثلة لأفعال الردة:
" كإلقاء مصحف بقذر وشد زنار، ابن عرفة: قول ابن شاس: " أو بفعل يتضمنه " هو كلبس الزنار وإلقاء المصحف في صريح النجاسة، والسجود للصنم ونحو ذلك " ... [حامد بن عبد الله العلي ]
وقال العلامة ابن جبرين جوابا لسؤال حول حكم لبس الصليب: لا شك أن النصارى قد ضلوا سبيلا في تعظيمهم للصليب ورسمه في لباسهم وعلى أجسادهم، وهكذا من تشبه بهم في لباسه وتعظيمه إذا علم بأنه معبود النصارى وشعار دينهم، وقد قال النبي -(ص)- (من تشبه بقوم فهو منهم) رواه أحمد وأبو داود عن ابن عمر.[أنظر الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين ]"
والخطأ في الأحاديث السابقة بعث المسيح(ص)للحياة مرة أخرى ويخالف هذا تحريم الله إعادة الموتى للدنيا وفى هذا قال تعالى بسورة الأنبياء "وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون "كما أن قوله تعالى بسورة مريم "والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا "كقوله "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا "وما دام يحيى (ص)لا يبعث فى الدنيا فكذلك عيسى (ص)لأن المراد هنا هو البعث يوم القيامة
وأما حديث من كان يعبد شىء فليتبعه إلى النار فحديث يتناقض مع اختفاء المعبودات كالشمس والبقر من الوجود في الآخرة وأيضا يدخل معهم المسيح والملائكة النار لأنهم كانوا من المعبودين وهو ما يتنافى مع قوله تعالى :
"ولا تزر وزارة وزر أخرى "
وتحدث الرجل عن اعتراض على دخول لابس الصليب النار وأجاب عنه فقال :
الإيراد:
يستدل بعض مرجئة العصر على عدم كفر لابس الصليب بما قال البخاري في كتاب الصلاة من صحيحه باب رقم (15): " باب إن صلى في ثوب مصلب أو تصاوير؛ هل تفسد صلاته؟ "
الجواب على الإيراد:
نقول إيجازا:
أولا: إن تبويب البخاري ليس بدليل شرعي، فليس كلام البخاري كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا قياسا ليستدل به من يستدل به! وأما حديث الباب الذي ساقه البخاري فهو عن أنس بن مالك " كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها فقال النبي (ص): (أميطي عنا قرامك هذا فإنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي) فقاس البخاري التصاليب على التصاوير.
ثانيا: فرق شاسع، وبون واسع؛ بين الصليب والمصلب، وبين الصلبان والتصاليب فإن الصليب والصلبان هي موضوع هذا البحث، أما المصلب والتصاليب، فهي الخطوط المتقاطعة، وهذه قد توجد في البيوت والمساجد والأبواب والنوافذ، بل وحتى الكتب والمصاحف، فهذه ليست صلبانا ولكنها تصاليب قال الشيخ ابن جبرين في المعذور به: وكذا إذا لم يكن صليبا واضحا كالرسوم والنقوش التي توجد في الفرش واللحف التي لا يتضح كونها صليبا، ومع ذلك فعلى المسلم الحذر والانتباه لحيل النصارى في شعارهم وما يعظمونه. [أنظر الموقع عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين ]
عصارة البحث:
إن لبس الصليب ناقض من نواقض الإسلام، لمناطات ثلاثة:
1 - لأن الصليب وثن ومن عظم الوثن فقد كفر.
2 - لأن الصليب طاغوت، ومن لم يكفر بالطاغوت فقد كفر.
3 - لأن الصليب رمز لدين النصارى المحرف، وهو أيضا رمز لتكذيب الله ورسوله (ص)، ومصادمة عقيدة المسلمين.
ومن لبس الصليب فهو كافر مرتد إن توفرت فيه الشروط الشرعية، وانتفت عنه الموانع المقررة في كتب أهل العلم، لا ما يزعمه مرجئة العصر ويلفقه أفراخ المبتدعة من موانع مختلقة مصطنعة."
والحقيقة أن لابس شكل الصليب لا يكون كافرا إذا كان يلبسه كزينة ولا يعتقد أن المسيح (ص) صلب وهو يلبسه على أنه مثلا شكل زائد الرياضى أو حرف إكس وما شابه
وأما الكافر فهو من يرتديه اعتقادا بصلب المسيح (ص) وقتله عليه لأنه في تلك الحالة يكون مكذب بقوله تعالى :
"وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم"
وتحدث عن إنكار العلماء لتلك العادة فقال :
"المحور الثاني: دور العلماء في إنكار هذا المنكر:
أما عن دور العلماء في إنكار هذا المنكر العظيم، والباطل الجسيم، فقد مر معنا في ثنايا هذا البحث كلام علمائنا في إنكار هذا المنكر، فتكلم ابن جبرين وأحسن فيالكلام، وتكلم حامد العلي وأحسن في الكلام، وتكلم مدفع أهل السنة والجماعة في وجه الضلال - أبو محمد المقدسي - فأحسن في الكلام، وبين حجج الإسلام. وهذا الشيخ فارس الزهراني فك الله أسره يرسل رسالة إلى خادم الصلبان، ثم يتبعها بأخرى لعلماء الإسلام، فيقول شعرا:
إلى خادم الصلبان والأصنام
ثكلتك أمك يا أبا الإجرام ... يا هادم الحرمين و الإسلام
ثكلتك أمك في قريب عاجل ... يا خادم الصلبان والأصنام
فهد ولكن في الحروب نعامة ... مذعورة من ثورة الأنعام
...
أما دعاة الفتنة والضلالة، فلم يفتوا بإباحة لبس الصليب فحسب، بل أفتوا بإباحة السجود له!!!
قال المرجئ الصغير الحقير عبد العزيز الريس في الرد الأول [ص:17]: إذ الساجد للصليب والأوثان من غير أي دافع كالمال ونحوه وإكراه هو سجود له وفي مثل هذه الحالة لا يمكن أن يكون إلا لتعظيم قلبه للمسجود وإلا لماذا سجد له إذ لا أحد يفعل فعلا إلا لدافع. فإن خلت الدوافع الدنيوية من جلب نفع أو دفع ضر فلم تبق إلا الدوافع التعبدية كالتعظيم لها ونحو ذلك. وقد سبق نحو هذا الكلام وأن في مثل هذا يكون التلازم بين السجود والتقرب بالقلب. أهـ أي أنه لو سجد للصنم بدافع المال فلا غضاضة في ذلك
! ليت شعري! فماذا يقول هذا القزم في من علق الصليب على عنقه لأجل المال! ما عساه إلا أن يقول: ذاك مندوب مستحب!!!
...وأما الطامة التي فجعنا بها، فهي تلك الفتوى المشهورة المنشورة التي قررها ابن باز في إباحة لبس الصليب، وأنه أمر لا بأس به!
نحن لما سمعنا ذلك التسجيل المنشور على الشبكة العنكبوتية – مقطع صوتي -، لم نتسرع في نسبته للشيخ غفر الله لنا وله، وغلبنا جانب حسن الظن بالشيخ، وخاصة أننا وجدنا على الشبكة وثيقة تنسب إليه ينكر فيها هذه الفتوى ...
ولكن – وللأسف الشديد - فقد وجدت هذه الفتوى في أحد أشرطة الشيخ، وأنظر أخي في الله (أسئلة وأجوبة الجامع الكبير، المجموعة الثانية، إصدار تسجيلات التقوى، الشريط 29، الوجه الثاني):
سؤال: " يحدث أحيانا أن يحضر بعض المسلمين إلى بلد يدين أهله بدين غير الإسلام؛ أما للزيارة أو لمناسبة ما، ويقوم الكفار بتقليد أحد المسلمين بقلادة على هيئة صليب أو عليها صور الصليب كتكريم منهم لهذا المسلم، ويتقبلها هذا المسلم مجاملة لهم
ويعتبره من حسن المعاملة؛ هل فعل هذا المسلم يعتبر من موالاة الكافرين؟ وهل يصل ذلك إلى مرتبة الكفر؟)
الشيخ ابن باز: " لا، هذه أمور عادية مثل ما تقدم، هذه أمور عادية ينظر فيها ولي الأمر بما تقتضيه المصلحة؛ فإذا كان من المصلحة الإسلامية قبول هذه المجاملة أو هذه الهدية كان ذلك جائزا من باب دفع الشر وجلب الخير، كما يقبل هداياهم التي يهدون إليه يرى مصلحة في ذلك، وإن رأى المصلحة في ردها ردها، هكذا ما يتوج السلاطين والملوك على قلائد يصنعها الكفار أو يقدمها المسلم لهم إذا رأى في هذا المصلحة الإسلامية كفا لشرهم وجلبا لخيرهم؛ فلا مشاحة في ذلك وليس هذا من المولاة ".
اثنان من الحضور باستنكار: (فيها صليب يا شيخ!).
الشيخ ابن باز: " ولو فيها صليب .. يأخذه ثم يلقيه ".
أحد الحضور مستنكرا: (يلبسه لباس هو يا شيخ!)
الشيخ ابن باز: " بعدين يزيله، بعدين يزيله ". انتهى الحوار.
وقد نقل هذا الحوار بطوله من المصدر المشار إليه المرجئ الصغير الحقير بندر بن نايف بن صنهات العتيبي في كتيبه " وجادلهم بالتي هي أحسن. مناقشة علمية هادئة لـ18 مسألة متعلقة بحكام المسلمين. مدعم بالنقل عن الإمامين: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، محمد بن صالح العثيمين " ص 120 - 121.
وقد أشار أبو محمد المقدسي إلى هذه الفتوى عندما قال في رده على المدخلي:
من ثم ذا المدخلي يدخلهمو كذبا في زمرة العلما من أهل إيمان
يشن غارته في ذم من برؤوا ... من كفر أربابه لباس صلبان
قال في الهامش : عندما لبس فهد بن عبد العزيز الصليب في بريطانيا وتناقلت صورته وكالات الأنباء وسئل عالمهم عن ذلك، هل يصل إلى الكفر؟؟ فقال: (لا هذه أمور عادية .. هذي أمور عادية!!) [إلى حارس التنديد ورهبانه]
ولكى ألا تبقى في قلوب أحبابنا أي شبهة نقول: قد تقرر أن لبس الصليب من المكفرات"
وكل هذا الكلام جعل المسألة تدور حول فهد ولبس الوسام والمسألة هى أنه أساسا لا يجوز للحاكم المسلم الخروج من دولة المسلمين لأى سبب لأن المطلوب من المسلم في دول الكفر الهجرة إلى دولة المسلمين وفى هذا قال تعالى :
"والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا"
والمفترض ألا يقبل هدية من الكفار كما فعل سليمان(ص) بقوله :
"فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما أتانى الله خير مما أتاكم بل أنتم قوم بهديتكم تفرحون ارجع إليه"