قراءة فى بحث عرض العولمة
المؤلف الصادقي العماري الصديق والبحث يدور حول ظاهرة استغرقت وقتا فى مناقشتها ثم نسيها الناس وعرفت باسم العولمة أو النظام العالمى والتسميات التى يطلقها بعض المؤرخين تسميات لا علاقة لا بالتاريخ ولا بالواقع فالعولمة مثلها ما يسمى بالسلام الرومانى وهى فترة من الزمان سيطر فيها الرومان على بعض أوربا وآسيا وأفريقيا ولكنهم لم يسيطروا على أكثر من عشر العالم فلا الصين ولا الهند ولا فارس ولا الجزيرة العربية ولا أفريقيا السوداء ولا شمال أوربا دخلت تحت حكمهم
والباحث يؤكد فى مقدمته أن العولمة ليست سوى ظاهرة اقتصادية فيقول:
"لقد شهدت العقود القليلة الماضية نموا كبيرا لكميات وأنواع المنتجات المعروضة للبيع في المحلات التجارية وأخذت مساحة هذه المتاجر تتسع لتستوعب المزيد من أنواع السلع المتوافرة كما أخذت الحواجز والقيود التي كانت تحد من التبادل التجاري العالمي تتناقض مما أتاح الفرصة لفتح الأسواق أمام أعداد متزايدة من المنتجات ومن ناحية أخرى، فإن البضائع المتوافرة في الأسواق المحلية الآن تتم زراعتها وإنتاجها في أكثر من بلدان العالم ولم يكن ممكنا في الماضي القريب نقل كثير من المنتجات، ولاسيما القابلة للتلف، عبر مسافة طويلة ومن جهة أخرى، فإن الأسواق المحلية لم تكن حتى عهد قريب تعرف جانبا كبيرا من الخدمات أو السلع المستوردة أو الوافدة من خارج البلاد وتجدر الإشارة إلى أن كثيرا من المنتجات توزع في وقت واحد على عدة بلدان في العالم، ولا تقتصر على أسواق محدودة معينة ويتضح هذا الانتشار الجغرافي المتزامن عندما نلاحظ تعدد اللغات التي تكتب بها التعليمات والإرشادات على السلعة الواحدة
إن العولمة أخذت تغير هيئة العالم في أنظرنا، مثلما أخذت تغير نظرتنا إلى العالم"
وتحدث الرجل عن السياق التاريخى للظاهرة فقال :
"السياق التاريخي لبروز العولمة:
أحدثت العولمة تطورا تاريخيا ومفصلا مهما في تطور النظام الرأسمالي وفي تطور الحضارة الإنسانية، كما أحدثت تحولات مهمة على صعيد القيم الاقتصادية والاجتماعية، فضلا على ما أحدثته على الصعيد العلاقات داخل المجتمعات وفيما بينها وهي العلاقات الدولية في مستويات و أبعاد مختلفة
لقد قيل الكثير في هذا الشأن خصوصا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وفشل تجربته الاشتراكية، فقد بدا ذلك انتصارا حاسما للرأسمالية و أن مرحلة جديدة في طريق الولادة وهي مرحلة اقتصاد السوق أو ما يسمى اللبرالية الجديدة في محاولة جديدة تتخذ لها تصورا وأشكالا مختلفة كونها ستعبر عن واقع سياسي ثقافي اقتصادي ايديولوجي مختلف، هذا الواقع الذي يتمثل في عالم ذي قطب واحد، المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة النظام الرأسمالي وللعولمة تاريخ قديم...
إن هذا الترابط بين ما هو محلي وما هو عالمي هو ظاهرة جديدة في التاريخ الإنساني وازداد هذا الترابط كثافة، وسرعة، واطرادا خلال العقود الثلاثة والأربعة الماضية بسبب مراحل التقدم المثيرة التي تحققت في مجالات الاتصال وثقافة المعلومات والمواصلات وأدى التطور في صناعة الطائرات النفاثة والحاويات السريعة والناقلات البحرية الضخمة إلى تيسير الانتقال الفعال للناس و السلع عبر العالم كما أن النظام العالمي للاتصالات والمركبات والقنوات الفضائية الذي بدأ قبل عقود قليلة قد أتاح للبشر أن يتواصلوا بينهم على نحو فوري وفعال"
والخطأ هو أن تلك الظاهرة جديدة فالسلع منذ تاريخ بعيد تتبادلها الدول البعيدة والقريبة ومن ثم وجدنا طريق الحرير الذى كان أحد الطرق العالمية للتجارة بين أقاصى آسيا وأوربا وأفريقيا كما وجدنا انتشار العديد من الكلمات التى تعبر عن تلك الظاهرة فى اللغات المختلفة فمثلا كلمة صفر العربية انتشرت فى العديد من بلدان العالم كإيطاليا وانجلترا بمسمى سايفر وزيرو وكذلك كلمة سكر والتى تدل على انتشار تجارة السكر فى العالم من خلال البلد التى بها كلمة سكر والتى تنطق شوجر فى الانجليزية مثلا ونجد فى العصور القديمة انتشار كلمة اسطرلاب على البوصلة وهى كلمة أصلها يونانى
وأهم شىء يدل على العولمة هو انتشار بعض الأديان فى معظم بلاد العالم كالإسلام والنصرانية وحتى اليهودية مع قلة عدد أفرادها
كل هذا يدل على أن مسمى العالمية وهو اسم ليس صحيحا عند اطلاقه هو والعولمة كان موجودا فى الكثير من العصور
ورسالات الله منذ القدم كانت للناس جميعا كما قال تعالى :
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس"
ولذا قال موسى(ص):
"قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فأمنوا بالله ورسوله النبى الأمى"
وقال الله فى رسالة محمد(ص):
"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"
وعاد الباحث فقد أكد على كون الظاهرة اجتماعية أيضا فقال:
"يستخدم علماء الاجتماع مصطلح العولمة على تلك العمليات التي تضفي الزخم والكثافة على العلاقات الاجتماعية المتبادلة المتداخلة وقد غدت العولمة ظاهرة اجتماعية بالغة الاتساع وعظيمة الأثر في تداعياتها ومنطوياتها والعولمة لا تقتصر على تطور وتنامي الشبكات والنظم الاقتصادية والاجتماعية بمنأى عن اهتماماتنا المباشرة إنها في الوقت نفسه ظاهرة محلية تؤثر فينا جميعا وفي حياتنا اليومية"
وتحدث الباحث عن تعريف العولمة فقال:
"ماهي العولمة؟
يظن كثير من الناس أن العولمة هي التقدم والرقي والانفتاح الاقتصادي، ومع أن مفهوم العولمة لا يقتصر على الجانب الاقتصادي، بل يشمل الجوانب الاجتماعية والبيئية، والثقافية، والسياسية، إلا أن الجانب الاقتصادي هو أبرز مظاهر العولمة، فهي إذا مصطلح يعني: جعل العالم عالما واحدا، موجها توجيها واحدا في إطار حضارة واحدة، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة؛ ...هي هيمنة نظام القطب الوحيد المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية وتعميم كل أشكال الحياة الغربية على جميع مناطق العالم
ففي العالم اليوم توجد واقعة قائمة على اتساع الكرة الأرضية كلها وعلى امتداد تاريخي معين يعود هذا الامتداد إلى القرن السادس عشر، وفقا لبعض التحليلات، اسمها الاقتصاد الرأسمالي العالمي نحن نستعمل مجموعة من المصطلحات والمفاهيم و التصورات المتعددة والمتنوعة للإشارة إلى هذه الواقعة ولوصف بعض جوانبها ...
وبالتالي فإن العولمة هي وصول نمط الانتاج الرأسمالي، عند منتصف هذا القرن تقريبا، إلى نقطة الانتقال من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق والتجارة والتداول، إلى عالمية دائرة الانتاج وإعادة الانتاج ذاتها، أي أن ظاهرة العولمة التي نشهدها هي بداية عولمة الانتاج والرأسمال الانتاجي وقوى الانتاج الرأسمالية، وبالتالي علاقات الرأسمالية أيضا، ونشرها في كل مكان مناسب وملائم أيضا خارج مجتمعات المركز الأصلي ودوله العولمة بهذا المعنى هي رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت على مستوى سطح النمط ومظاهره إن ظاهرة العولمة التي نعيشها الأن هي طليعة نقل دائرة الانتاج الرأسمالي إلى الأطراف بعد حصرها هذه المدة كليا في مجتمعات المركز ودوله لأن عالمية دائرة التبادل و التوزيع و السوق بلغت حد الإشباع بوصولها إلى أقصى حدود التوسع الممكنة وشمولها مجتمعات الكرة الأرضية كلها، ...إن هذه النقلة النوعية في حياة الرأسمالية التاريخية العالمية كانت قد أخذت بالتبلور منذ ما يزيد عن ربع قرن، إلا أن الاهتمام العالمي واليوم المكثف بها لم يتفجر إلا لحظة زوال الاتحاد السوفياتي الفجائي من الوجود"
والباحث فى تعريفه للعولمة فى الجزء السابق من البحث يناقض نفسه فمرة يقول أنها اقتصادية ومرة اجتماعية ومرة يجعلها فى مختلف الجوانب وفى النهاية جعلها هيمنة النظام الرأسمالى وهو ما يعود بنا إلى تعريفه الأول بها بكونها ظاهرة اقتصادية
وبالقطع لا توجد عولمة اقتصادية ولا اجتماعية بأى معنى فى العالم ككل ففى مثلا روسيا والصين لا توجد منتجات الرٍأسمالية وأفريقية المتخلفة لا علاقة لها بتلك المنتجات إلا الطبقات الحاكمة وأما الشعوب فبعيدة كل البعد عن العولمة
لكى تكون ظاهرة عالمية يجب أن تكون مثلا السيارات فى العالم نوع واحد أو تكون الساعات نوع واحد أو تكون الطائرات نوع واحد ولكن هذا غير موجود فكل المخترعات متعددة المنشأ والصناعة وفى عصرنا غزت اليابان العالم منذ نصف قرن هى وألمانيا من خلال منتجاتهما ومنذ ربع قرن غزت المنتجات الصينية العالم
تعددت إذا مراكز الإنتاج تنوعا كبيرا ولا يمكن أن تسيطر دولة واحدة مهما بلغت قوتها على اقتصاد العالم
"وتحدث عن أبعاد العولمة فقال :
"أبعاد العولمة:
يتردد مصطلح العولمة كثيرا في أحاديثنا وحياتنا اليومية...وكثيرا ما يجري النظر إلى العولمة على أنها ظاهرة اقتصادية ويكثر في هذا المجال إبراز الدور الذي تؤديه الشركات العابرة للقوميات التي تمتد عملياتها الضخمة و تتجاوز حدود البلدان والدول مما يترك أثره في عمليات الانتاج العالمية وتوسيع العمالة و الاستخدام في العالم كما تجري الإشارة في هذا السياق إلى التكامل و الدمج الذي شمل الأسواق المالية العالمية من خلال وسائل الاتصال الاليكتروني، وإلى الحجم الهائل لتدفق رأس المال عبر العالم كذلك يتطرق الحديث إلى التجارة العالمية التي اتسع نطاقها على نحو غير مسبوق ليشمل منظومة واسعة من السلع والخدمات
ورغم أن القوى الاقتصادية تمثل جزء لا يتجزأ من العولمة، فإن من الخطأ الافتراض أن هذه القوى قادرة بمفردها على توجيه هذه العملية فقد نجمت العولمة عن تضافر مجموعة من العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وأعطت التطورات الجديدة في مجال تقانة المعلومات والاتصالات زخما جديدا لمسيرة العولمة"
يمكن القول أن العولمة موجودة فى منتجات معينة كأسماء مع تعدد منتجيها فى أنحاء العالم كالتلفازات والثلاجات والمواقد والحواسيب مع العلم أن فى أكثر من ثلث العالم لا توجد تلك المنتجات فى الكثير من البيوت نتيجة الفقر والحروب والمجاعات
العولمة إذا ستظل اقتصادية ولن تتعدى ذلك إلى تغيير المذاهب والمعتقدات والكثير من الأمور كالعادات والتقاليد وقد أخبرنا القرآن أن سيطرة الأغنياء أى السادة والأكابر كانت سبب هلاك كل الأقوام الهالكة فقال على لسان الضعفاء وهو الشعوب المحكومة من قبل النخبة أو الصفوة التى تمثل المال والقوة :
" وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا"
وقال الله فى تلك السيطرة :
"وكذلك جعلنا فى كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"
وتحدث عن العوامل المسهمة في العولمة فقال:
"العوامل المسهمة في العولمة:
أسهم التقدم التقني ونمو البنية التحتية للاتصالات في العالم في توسع نطاق التواصل العالمي وشهد نصف القرن الماضي تحولا عميقا في كثافة تدفق الاتصالات ومجالاتها المختلفة فقد حلت أنساق الاتصال المتكاملة التي تضغط فيها المعلومات المنقولة رقميا محل الاتصالات الهاتفية التقليدية التي كانت تعتمد على انتقال الرموز الصوتية عبر الأسلاك بمساعدة من الأساليب والأدوات الآلية وغدت تقانة الكوابل أكثر كفاءة و أقل كلفة، كما ضاعفت الألياف الضوئية من عدد القنوات التي يمكن استخدامها في عمليات الاتصال أن الكوابل العابرة للمحيطات التي استخدمت في الخمسينات من القرن الماضي كانت قادرة على نقل من مائة مسار صوتي
..إن أشكال التقانة الجديدة قد يسرت ضغط واختزال الزمان و المكان، بحيث أصبح بمقدور شخصين على سبيل المثال طوكيو ولدن أن يتحدثا ويتبادلا الوثائق و المعلومات في لحظة واحدة باستخدام تطبيقات مختلفة من تقانة المعلومات كما أدى انتشار استخدام الأنترنت والهواتف المحمولة إلى تسارع عملية العولمة وتعميمها، .."
وهذا الكلام يتناسى أن الطبقة الفقيرة فى كل بلد وهى تتنامى فى هذا العصر بشكل كبير تعيش فى عالم أخر غير عالم الاتصالات المذكور والأرقام الرسمية لا تعبر عن الحقيقة فيقال مثلا فى دولة كمصر ان عدد مستخدمى المحمول تعدى عدد السكان وهو كلام لا يعبر عن الواقع فهناك أكثر من ثلاثين مليون منهم الصغار والشباب والكبار لا يملكون محمولا وأما اسباب كثرة أرقام المحمولات فهو أن الأغنياء يملك كل منهم عدد كبير من المحمولات كما يملك كل منهم عدد من الخطوط داخل كل محمول وأما فى دول أفريقيا السوداء فحدث ولا حرج عن الفقر وعدم وجود محمولات بل وعدم وجود شبكات فى الكثير من المناطق نتيجة الحروب والمجاعات والانقلابات وقال:
"دفع تكامل الاقتصاد العالمي بعملية العولمة قدما إلى الأمام وخلافا للمراحل السابقة، لم يعد الاقتصاد العالمي يعتمد بصورة أساسية على الزراعة أو الصناعة، وأخذ بدلا من ذلك يعتمد بصورة جوهرية على ما يسمى بالنشاط الخفيف أو غير الملموس والمادة الأساسية لهذا النشاط الذي لا وزن له هي المعلومات، كما هي الحالة في منتجات برمجيات الحاسوب، ووسائل الإعلام والترفيه و الخدمات التي تعتمد على شبكات الانترنت وتستخدم مصطلحات عديدة لوصف السياقات الاقتصادية الجديدة مثل: المجتمع ما بعد الصناعي و عصر المعلوميات أو اقتصاد المعرفة وارتبط نشوء اقتصاد المعرفة ببروز قاعدة واسعة من المستهلكين الملمين بالمفردات التقنية وتطبيقاتها واستخداماتها، والحريصين على دمج مراحل التقدم التي تحققت في مجال الحوسبة و الترفيه والاتصال في حياتهم اليومية
تعبر سيرورة الاقتصاد العالمي عن التغيرات التي حدثت في عصر المعلوماتية فأكثر جوانب الاقتصاد اليوم تعمل من خلال شبكات ممتدة تتجاوز حدود الدول و الجنسيات، ولا تتوقف عندها، وقد اعادت المؤسسات الاقتصادية والشركات هيكلة نفسها للمحافظة على قدرتها التنافسية في ظروف العولمة الراهنة، فأصبحت أكثر مرونة وأبعد عن التنظيم الترابي .."
وهذا الكلام عن تجارة المعلومات هو كلام مغلوط فتجارة المعلومات كانت وما زالت موجودة فى صور متعددة فقد كانت ممثلة فى دور النشر والصحف والمجلات والمكتبات والدروس الخصوصية وفى المدارس والجامعات وما زالت تلك التجارة موجودة فى تلك الصور
والتجارة التى يتحدث عنها الرجل توجد فى بلاد أوربا وأمريكا وهى عندنا نادرة الوجود ففى بلد كمصر وغيرها نعتمد على نسخ المعلومات فبدلا من أن نشترى اسطوانات تشغيل الحواسب نحن ننسخها من اسطوانة أصلية ولو عددنا عدد الحواسب فى مصر سنجد نسبة لا تتعدى1% تستخدم نسخ أصلية أو تطبيقات عن طريق الشراء
وتحدث عما سماه تزايد العولمة فقال :
"أسباب تزايد العولمة:
يقوم عدد من المؤثرات بدور فاعل بدفع عجلة العولمة في عالمنا المعاصر ومن العوامل الأكثر تأثيرا في هذا المجال انهيار الشيوعية السوفياتية الذي رافقته سلسلة من الثورات المثيرة في أوروبا عام 1989 م، انتهى بحل الاتحاد السوفياتي نفسه سنة 1991م ومنذ سقوط الشيوعية، بدأت كيانات أخرى في الكتلة السوفياتية السابقة بالتحول إلى الأنساق الغربية في المجالات السياسية و الاقتصادية، وكان من بينها روسيا وأوكرانيا وبولندا وهنغاريا وجمهورية التشيك ودول البلطيق والقوفاز وآسيا الوسطى وغيرها وتخلت هذه الدول عن عزلتها عن المجموعة الدولية و أخذت بالسعي للاندماج فيها ..
أما العامل المهم الثاني في نشر العولمة، فهو نمو آليات الحكم الإقليمية والدولية وتمثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أبرز الأمثلة على المنظمات الدولية التي تجمع منظومة من الدول في إطار سياسي واحد وعلى الرغم من أن الأمم المتحدة تقوم بهذا الدور بوصفها منتدى للدول القومية، فإن الاتحاد الأوروبي يمثل مرحلة رائدة في الحكم المتعدد الجنسيات تتنازل فيه الدول الأعضاء عن جانب من سيادتها القومية وعلى هذا الأساس أصبح الحكم في دول الاتحاد الأوروبي المفردة يستهدي بسلسلة من التوجيهات والتعليمات و الأحكام القضائية التي تصدر عن هيأت مشتركة من الاتحاد الأوروبي، غير أن هذه الدول الأعضاء تجني فوائد اقتصادية واجتماعية وسياسية من جراء مشاركتها في هذا الاتحاد الإقليمي
وأخيرا، فإن عملية العولمة قد اندفعت قدما إلى الأمام بفعل أنشطة المنظمات الحكومية البينية والمنظمات الوطنية غير الحكومية والمنظمات الحكومية البينية هي هيأة تشكلها الحكومات المشاركة، وتضطلع بمهمات التنظيم والإشراف على قطاع محدد من النشاط يتجاوز الحدود القومية وأقدم هذه المنظومات هو اتحاد التلغراف الدولي الذي أنشئ عام 1865م وقامت منذ ذلك التاريخ أعداد كبيرة من الهيئات المماثلة لتنظيم عدد من القضايا يتراوح بين الملاحة الجوية، والإذاعة، والتخلص من المواد الخطرة
وتختلف المنظمات الوطنية غير الحكومية عن المنظمات عن المنظمات البينية بأنها لا ترتبط بأي مؤسسة حكومية فهي منظمات أهلية مستقلة ...
ويشمل الانتقال من النظرة المحدودة نسبيا إلى الآفاق الأوسع على بعدين رئيسيين مهمين الأول هو أن الناس باعتبارهم أفرادا في الجماعة العالمية قد بدؤوا يدركون بصورة متزايدة أن المسؤولية الاجتماعية لا تقف عند حدود بلدانهم بل تتجاوزها إلى أطراف أخرى من العالم ...وهناك افتراض يقضي بأن المجتمع الدولي ملزم بالعمل في أوضاع الأزمات لحماية البشر الآخرين وتأمين سلامتهم الصحية إذا ما تعرضوا للكوارث الطبيعية ولاسيما في الحالات التي تستدعي تقديم مساعدات الإغاثة الإنسانية و الخدمات الفنية
ويصدق ذلك بصورة خاصة على الحالات التي تتعرض فيها بقاع مختلفة ومتباعدة للأزمات الكبرى ..كما تزايدت الدعوات في السنوات الأخيرة للتدخل لتقديم المعونة لشعوب وجماعات أخرى في حالات الحرب والصراع الإثني وانتهاكات حقوق الإنسان
أما البعد الثاني، فيتمثل في أن النظرة العالمية تعني تزايد المساعي لتشكيل هوياتهم عبر مصادر أخرى غير تلك المتوافرة في أوطانهم ومثل هذه الظاهرة تكون نتيجة لعملية العولمة مثلما تكون عاملا على التعجيل بها وتشهد الثقافة المحلية في جميع أنحاء العالم اليوم حالات من الإحياء والانتعاش في الوقت الذي تمر فيه الطبيعة المتماسكة للدولة القومية بتحولات عميقة ففي أوروبا على سبيل المثال ينزع الناس في اسكتلندا وفي إقليم الباسك في اسبانيا إلى اعتبار أنفسهم اسكتلنديين أو باسكيين، أو مجرد أوروبيين عموما، أكثر من كونهم بريطانيين أو اسبانيين إن مفهوم الدولة القومية، باعتباره مرتكزا أساسيا أو وحيدا للهوية، أخذ في الانحسار حيث تعمل التحولات السياسية على الصعيدين الاقليمي و العالمي على التخفيف من توجه الناس إلى الدول التي يعيشون فيها
من بين العوامل الاقتصادية التي تحفز عمليات العولمة، تكتسب الشركات العابرة للقوميات أهمية خاصة وهذه الشركات هي مؤسسات تنتج السلع أو خدمات السوق في أكثر من بلد واحد وقد تكون هذه الشركات صغيرة الحجم تضم مصنعا أو مصنعين خارج البلد الذي تنطلق منه، أو مؤسسات عملاقة تنتشر وتتقاطع عملياتها في أنحاء متفرقة من العالم وبعض هذه الشركات الكبرى منتشرة ومشهورة في أكثر أنحاء العالم، ومنها الكوكاكولا، والجنرال موتوروز، وكوداك، وميتسوبتشي، وشركات أخرى كثيرة فهذه الشركات تتعدى وتتجاوز حدود البلدان التي نشأت فيها بحثا عن أسواق عالمية و أرباح عالمية
..ويمثل الاقتصاد الاليكتروني عاملا مهما آخر في العولمة الاقتصادية فقد أصبح بوسع البنوك و المؤسسات الكبرى ومديري القطاعات المالية والمستثمرين أن يحركوا وينقلوا الأرصدة المالية الضخمة عبر العالم بضغطة زر واحدة وحملت هذه القدرة على التحويل الفردي للأموال الاليكترونية معها مخاطر عظيمة إن نقل كميات ضخمة من رأس المال إلى إضعاف الاقتصاد و التسبب في أزمات مالية دولية
إن العوامل السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والتقنية التي ذكرناها سابقا تتضافر لتنتج لنا ظاهرة العولمة التي لا مثيل لكثافتها واتساع نطاقها"
وما سماه الباحث عولمة هو فى حقيقته سيطرة خفية على العالم فبدلا من الحروب الصريحة والاحتلال أصبحت هناك الحروب بالوكالة فدول تدعم جهة فى بلد ما ودولة أخرى تدعم جهة أخرى مما يؤدى إلى حرب أهلية كما فى العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن ورواندا وبورندى وأثيوبيا ونيجيريا أو يؤدى لتغيير نظام الحكم ووضع رؤساء أو ملوك يغرقون البلاد فى الديون من خلال سياسات خاطئة كبناء المدن بكثرة أو تخويفهم من البلاد الأخرى حتى يشتروا السلاح كتخويف بلاد الخليج من إيران
المهم أن تكون هناك حروب لبيع منتجات السلاح العالمية وبعد أن تهدم البلد تسعى نفس الدول إلى احلال السلام فى بلاد الحروب بعد مدة لكى تبنيها شركات نفس الدول حدث هذا فى حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران والثانية بين العراق والكويت ودول الخليج
السياسة المخابراتية التى تحكم العالم هى أخذ مقاولة الهدم والبناء بصرة غير مباشرة فتلك الدول وعت أنها تخسر ماليا وسكانيا فى حالة احتلال بلد بنفسها ومن ثم أصبحت الحروب الخاطفة هى عنوان العصر عن طريق القصف الصاروخى بالطائرات أو غيرها وأصبح الوجود العسكرى ضئيل فى تلك البلاد بعد أن كان يدوم عقود طويلة
وتحدث عن آثار العولمة فقال :
"آثار العولمة في حياتنا
أصبح للأفراد في عصرنا الحالي قدرة خارقة على تغيير مسارات وخيارات حياتهم لقد كانت التقاليد والعادات في الماضي تمارس تأثيرا قويا على مسالك الناس و أساليب حياتهم، وكانت الاعتبارات الطبقية والجنوسية والاثنية و الانتماء الديني تسد بعض المسارات و المسالك أمام الأفراد وتفتح أخرى فللابن الأكبر لأحد النجارين على سبيل المثال قد يتعلم في أغلب الحيان مهنة والده وينخرط في مهنة الخياطة طيلة عمره كما أن التقاليد كانت تفترض أن المكان و المجال الطبيعي للمرأة هو البيت، وذلك هو التعريف الذي حدده والدها وزوجها لهويتها ودورها وحياتها وكانت الهوية الشخصية للفرد فيما مضى تتحدد و تتشكل في سياق الجماعة أو الفئة الاجتماعية التي يولدون وينشأن فيها وبالمثل كانت قيم و أساليب الحياة و الأخلاق السائدة في أوساط الجماعة هي التي تحدد إشارة الطريق الثابتة نسبيا التي ينبغي أن يستهدي بها الناس في حياتهم
وفي ظل العولمة الراهنة، نشهد تصاعد النزعة الفردية التي تتيح للناس الإسهام بدور أكبر في تكوين أنفسهم وبناء هوياتهم الخاصة وقد أخذت وطأت التقاليد و القيم الراسخة بالانحسار بعد تزايد التفاعل بين الجماعات في إطار نظام عالمي جديد كما تناقص وزن الرموز الاجتماعية التي كانت تحدد الملامح الرئيسية لخيارات الناس و أنشطتهم
يحتل العمل مكانة أساسية في حياة الكثير من الناس إما على صعيد الحياة اليومية أو الأهداف التي يتوخى المرء تحقيقها في عمره ورغم أن بعضنا يميل إلى اعتبار العمل عبأ أو شرا لابد منه، لكنه يعتبر عنصر أساسي و جوهري في الحياة لأننا نقضي وقتا كبيرا في العمل وله ثأثير كبير على حياتنا"
ما قاله الرجل لا يبدو صحيحا فى بلاد منطقتنا وفى أنحاء كثيرة من العالم التى تحكمها فى الغالب قيادات عسكرية أو ملوك فما زال ابن الضابط ضابط وابن القاضى قاضى وابن الشرطى شرطى وحتى هناك أصحاب وظائف المفروض أنهم من يصلحون الظلم فى المجتمعات وهم اساتذة الجامعات أصبحوا يورثون المهنة لأولادهم وأقاربهم ولا يفلت من ذلك إلا حالات نادرة سببها اختلاف الكبار أو طمعهم فى الرشاوى
وتحدث الرجل عن تغير أساليب التجارة فقال:
لقد أطلقت العولمة تحولات كبيرة في عالم العمل فقد تركت أنماط التجارة العالمية وأساليب الانتقال إلى اقتصاد المعرفة آثارا بالغة على أنماط الاستخدام والعمالة إن كثير من الصناعات التقليدية قد تقادمت و أصيبت بالهرم بعد التطورات التقنية، أو أنها بدأت تفقد نصيبها في السوق لصالح المنافسين الذين تكون كلفة العمل و الاستخدام عليهم أقل مما هي في الدول الصناعية وقد أثرت التجارة العالمية و أشكال التقانة الجيدة في تجمعات التصنيع التقليدية حيث لحقت البطالة بالعمال الصناعيين الذين لا يمتلكون المهارات الجديدة التي تؤهلهم لدخول عالم الاقتصاد القائم على المعرفة وقد أدت العولمة الاقتصادية في الكثير من بقاع العالم إلى تزايد البطالة وارتفاع معدلات الجريمة و الانحراف"
وهذا الكلام بعيدا عن الواقع فالتجارة هى التجارة والصناعة هى الصناعة وكل ما تغير هو وسائل الاتصال بين الباعة والمشترين أو بين المنتج والمستهلك وأما حكاية البطالة فهى أمر مختلف ليس عائد بالفعل للتغيير فى الصناعة وإنما عائد للتشريعات التى تتغير ففى كثير من الدول باعت الحكومات ما يسمى القطاع العام للقطاع الخاص الذى اشترط تسريح عدد معين من العمال أو قام بطرد من يريد من العمالة حتى تزداد البطالة ومن ثم يرضى من يريد العمل باجر أقل وفى ظل تشريعات فى دولة كمصر حيث المرتبات متدنية فى العديد من الوزارات يقوم بعض موظفى الحكومة بالعمل فى الشركات الخاصة ويحرص أصحاب تلك الشركات على تشغيلهم البعض لأنهم لن يدفع لهم تأمينات أو معاشات كما تحرص الحكومات وأحيانا بناء على شروط البنك الدولى أو الدول المقرضة على عدم توظيف أحد فى الأعمال الحكومية لمدة سنوات طويلة وفى الحالة المصرية لم يعين أحد من دفعات الدبلومات بعد1983 ومن دفعات الكليات بعد 1997 إلا بضع آلاف استحدث لهم تشريع بتعيين العشرة الأوائل من كل دفعة وتعيين المعوقين وقد تم ايقاف الكل منذ عقدين تقريبا إلا بالواسطات الكبرى
وتحدث عما سماه الآثار الثقافية فقال :
"أما الآثار الثقافية للعولمة محل اهتمام ودراسة لقد أصبحت السلع والأفكار والأشكال والصور الجديدة تنتشر في كل بقاع العالم بشكل أسرع مما كان من قبل حيث ساهمت عمليات التبادل التجاري وتقانة المعلومات الجديدة ووسائل الاتصال والإعلام العالمية والهجرة العالمية في إتقان الثقافات عبر الحدود الوطنية للدول و الشعوب
ففي أحد الأفلام التي قد تكون شاهدتها، وربما شاهدها معك ملايين من الناس ..لابد من الإقرار أولا، بأن إنتاج هذا الفيلم وانتشاره وصناعة السينما هي من منتجات تقانة الاتصال و المعلومات الحديثة نسبيا في التاريخ كما أن لها إسهاما مؤثرا في عملية العولمة المعاصرة وقد تكتشف أثناء مشاهدة هذا الفيلم أنماط مختلفة من القيم والسلوك وأساليب الحياة التي كانت سائدة في تلك الفترة من التاريخ الاجتماعي أو السياسي لمجتمع ما"
وهنا لابد من أن نسلم بوجود آثار نتيجة الاتصال بالشبكة العنكبوتية العالمية وهى أثار فى الغالب سيئة فقد انتشرت المقاطع الاباحية والألعاب وغيرها من الأمور التى أثرت على الناس بالسلب من حيث نشر الأمراض نتيجة كثرة الجلوس على الحواسب أو الجوالات
وتحدث عن مخاطر الظاهرة فقال :
"العولمة و المخاطر:
كان الوجه الاقتصادي من أوائل وجوه ظاهرة العولمة بروزا وقد عبر عن نفسه من خلال الشركات متعددة الجنسيات التي تكتسح في طريقها للانتشار الحواجز والحدود بين الدول والقارات وخصوصا الدول الصغيرة والضعيفة والتي اصطلح على تسميتها دول العالم الثالث والذي ينتمي عالمنا العربي والإسلامي لهذه الدول بامتياز وجدارة والحقيقة أن العولمة تواجه تحديات كبيرة من قبل تيارات كثيرة في الغرب
..ويكفي أن نشير إلى أن التقارير الاقتصادية التي نشرت توضح زيادة الأغنياء في العالم بنسبة 12في المئة هذا في الوقت الذي يموت فيه سنويا مئات الألوف من الأطفال في إفريقيا وغيرها من الجوع ونقص الطعام أو نتيجة لنقص الدواء كما يحدث في العراق نتيجة للحصار الذي استمر أكثر من اثنى عشر عاما ...فأين العدل في التوزيع وهو ما يؤكد رؤية مناهضي العولمة والذين يرون فيها تكريسا للظلم وعودة لعصر القهر والعبودية وليس لعصر الرخاء والرفاهية كما يقول بعض المروجين لظاهرة العولمة هنا وهناك
وقد كان من نتائج الثورة الهائلة في عالم الاتصالات والانفجار المعرفي دور كبير في تسليط الضوء على مثالب العولمة وإبراز عيوبها في المجال الاقتصادي ويكفي أن نشير إلى الكتاب الذي نشره اثنان من الصحفيين الغربيين تحت عنوان فخ العولمة ونشرته سلسلة عالم المعرفة في الكويت بعد ترجمته للغة العربية وهو من أوائل الكتب التي تصدت للظاهرة ووضحت مراميها ومخاطرها على الأغلبية التي تعاني من نتائج العولمة التي تسعى لتكريس رأس المال في يد فئة قليلة غير عابئة بهموم الأغلبية وهذا ما تؤكده الإحصائيات التي تشير إلى أن خمسة عشر في المئة من سكان المعمورة تستأثر بأكثر من خمسة وثمانين في المئة من الاقتصاد العالمي وأن أكثر من خمسة وثمانين في المئة من سكان العالم يحصلون على أقل من خمسة عشر في المئة من الدخل فأين العدل والإنصاف
كما أظهرت الإحصائيات أن رأسمال بعض الشركات يزيد على رأسمال العديد من الدول ليس هذا فقط بل إن رأسمال بعض الأفراد مثل (بيل غيتس) صاحب شركة (مايكروسوفت) يزيد على رأسمال أكثر من عشر دول إفريقية فكيف يتحقق التوازن والاستقرار بين أفراد القرية الكونية وكيف يتحقق الأمن والسلام بين سكان الشمال المتخمين وسكان الجنوب المعدمين
...وتظهر المخاطر الأيكلوجية البيئية في عالمنا المعاصر بصورة مختلفة وينتاب الأوساط العلمية قلق متزايد من الاحتباس الحراري وآثاره على الغلاف الجوي للأرض، ..ومن مخاطر الظاهرة في مجال السياسة أنها تنتقص من سيادة الدولة بالمفهوم القانوني والسياسي للسيادة فمثلا حينما يفرض قانون اقتصادي معين كاتفاقية التجارة الحرة المعروفة بـ (الغات) فإنه يفرض على الدولة الخضوع للقانون وفتح الأبواب لعبور المنتجات والسلع حتى وإن كان في ذلك إغراق للسوق وتهديد للتجارة الداخلية والسلع المحلية
كما أنها وسيلة لفرض رؤية القوي على الضعيف وهو ما يعرف باسم الهيمنة ومن هنا فكثير من المحللين يطلقون على الظاهرة الأمركة على اعتبار أن أميركا تسعى لفرض هيمنتها على العالم باسم العولمة ...ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تحاول أميركا فرض وصايتها على الجميع فرفضت التوقيع على محكمة الجزاء الدولية وضغطت على أكثر من أربعين دولة منها عدد كبير من الدول العربية التي وقعت على المحكمة بالتوقيع على قرار بعدم ملاحقة الجنود الأميركان أمام تلك المحكمة كمجرمي حرب واستخدمت في ذلك أسلوب التهديد المباشر بقطع المعونة..."
كما سبق القول العملية هى عملية سيطرة اقتصادية وهى سيطرة بالتالى تؤدى للسيطرة على السياسة فى الغالب على طريقة جوع كلبك يتبعك ولكن آثار المنتجات التقنية فى مجال الاتصال أدت إلى نتائج سلبية على الشعوب المتخلفة فبدلا من استخدام تلك الوسائل فى افادة الناس غدت وسيلة لصرف الناس عن الظلم فى العالم من خلال شغلهم بالألعاب الالكترونية والمواقع الشهوانية وكثرة عرض الأفلام والمسلسلات كما غدت وسيلة لامراضهم أمراضا جسدية من خلال إدمان اللعب والمشاهدة
وتحدث الرجل عن أى الوسيلة الوحيدة للتصدى لتلك العولمة هو الحفاظ على الهوية فقال فى الخاتمة :
"خاتمة:
ذلك لأنه من الحقائق البديهية في عالم اليوم أن نجاح أي بلد من البلدان، النامية منها أو التي هي في "طريق " النمو، نجاحها في الحفاظ على الهوية والدفاع عن الخصوصية، مشروط أكثر من أي وقت مضى بمدى عمق عملية التحديث الجارية في هذا البلد، عملية الانخراط الواعي، النامي والمتجذر، في عصر العلم و التقانة"
وبين أن وسيلة الحفاظ على الهوية وسيلتها استخدام جوانب الظاهرة الايجابية فقال :
والوسيلة في كل ذلك واحدة: اعتماد الإمكانيات اللامحدودة التي توفرها العولمة نفسها، أعني الجوانب الإيجابية منها وفي مقدمتها العلم والتقانة وهذا ما نلمسه بوضوح في تخطيطات الدول الأوروبية التي يدق في كثير منها ناقوس خطر "الغزو الأمريكي " الإعلامي الثقافي الذي يتهددها، في لغتها وسلوك أبنائها وتصوراتهم الجمعية، والذي يوظف أرقى وسائل العلم والتقانة - ومنها الأقمار الصناعية - في اكتساح مختلف الحقول المعرفية والخصوصيات الثقافية..."
وبين الرجل أن مواجهة العولمة تكون بوجود نظام بديل لها وعندنا فى منطقتنا الفوضى هى الحاكمة فقال :
"العولمة نظام، والنظام لا يقاوم من خارجه إلا بنظام مكافئ له أو متفوق عليه ونحن في العالم العربي نعيش حالة اللانظام ليس لدينا نظام عربي يكافئ النظام العالمي للعولمة فلا سبيل إذن إلى مقاومة سلبيات العولمة إلا من داخل العولمة نفسها، بأدواتها وبإحراجها في قيمها "