نقد شريط الأخوة و المحبة في الله تبارك و تعالى
ملقى المحاضرة هو عثمان بن محمد الخميس من أهل العصر فى دول الخليج وقد حولت بعض النسوة المحاضرة أو الشريط الصوتى إلى كتيب منشور وموضوعه الاخوة والمحبة فى الله وفى المقدمة قال الخميس:
"أما بعد: موضوع حديثنا
الأخوة في الله تبارك و تعالى ذلك الأمر الذي امتن الله تبارك و تعالى به على عباده فقال جل و علا: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا "
وكذا هو أول أمر حرص عليه النبي (ص) عندما دخل المدينة ألا وهو أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، فدل هذا على أن أمر الأخوة من الأمور المهمة جدا في هذا الدين العظيم؛ خاصة إذا جمعناها مع قول الله تبارك و تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " فذكر الله تبارك وتعالى هذه الأخوة وجعلها أمرا لازما للمؤمنين"
قطعا طبقا للتاريخ كان أول الأعمال هو بناء البيت والمسجد النبوى وليس الاخوة فالأخوة هى أمر مقرر بقوله تعالى قبل الهجرة وبعدها بقوله تعالى :
"إنما المؤمنون اخوة"
وما فعله النبى(ص) وسموه الاخوة كان تنظيما اقتصاديا لمعيشة المسلمين حيث أسكن كل مهاجرى جديد مع أنصارى وتقاسم المسلمون جميعا أموال الأنصار لأن المهاجرين كانوا معدمين تركوا أرضهم وأموالهم وقام بتعريف الاخوة تعريفات متعددة كلها تصب فى القلب فقال:
"الأخوة باختصار قالوا: هي امتزاج روح بروح، و تصافح قلب مع قلب، قالوا: هذه هي الأخوة
الأخوة: هي التي لا تميل إلى نفع، و لا يفسدها منع أبدا، وإنما هي لله وفي الله سبحانه و تعالى، منافع الدنيا هذه لا تدخل ضمن تعريف هذه الأخوة التي أسال الله تبارك و تعالى أن يجمعنا عليها وأن يميتنا عليها
قال رسول الله (ص): " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، و لا يسلمه، و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، هكذا يخبر النبي (ص) في الحديث الصحيح في البخاري و مسلم عن أمر هذه الأخوة، المسلم أخو المسلم، ثم ذكر من مستلزمات هذه الأخوة، قال: " لا يظلمه و لا يسلمه، و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، هكذا يبين لنا النبي (ص) ما الأخوة التي يريدها منا"
قطعا الخميس هنا لم يعرف الاخوة وإنما الروايات التى ذكرها تبين بعض حقوق الأخوة فإخوة الإسلام تعنى التعاون على البر والتقوى بكل صورهم
ونقل عن الشافعى كلاما فى علامات الأخوة فقال:
"الإمام الشافعي قال: للأخوة علامات: أن يسد خلله (يعني إذا احتاج يقف معه)، وأن يقبل علله (إذا اعتل بأمر أو اعتذر أو ما شابه ذلك من الأمور يقبل منه) قال: وأن يغفر زلته
من منا الذي لا يزل؟؟ من منا الذي لا يخطئ؟؟فيقول: اعف عن زلته، إذا سد خلته إذا احتاج إليك، اقبل علله إذا تعذر بأي عذر اقبل منه فوت، لا تدقق، ثم قال: اغفر زلته، من ذا الذي لا يزل؟؟ من ذا الذي عصمه الله تبارك و تعالى؟؟ كلنا نزل، كلنا نخطئ، اغفر سامح تجاوز حتى تكون أخا فعلا في الله جل و علا
ولذلك قال القائل:
أخوك الذي إن سرك الأمر سره *** و إن غبت يوما ظل و هو حزين
يقرب من قربت من ذي مودة *** و يقصي الذي أقصيته و يهين
هكذا يظهر أخوته
أخوك الذي إن سرك الأمر سره، يفرح لفرحك وإن غبت يوما ظل وهو حزين، يرى الحزن في وجهه بسبب غيابك عنه يقرب من قربت من ذي مودة، يحب ما تحب ومن تحب ويقصي الذي أقصيته ويهين، لا يقبل منه شيئا!! لماذا؟ لأنك أقصيته
كل هذا لمحبته لك!!هكذا تكون الأخوة في الله تبارك و تعالى
هذه الأخوة لا شك أن لها علامات، وعلاماتها كثيرة، ولها التزامات، والتزاماتها كثيرة، ولا يمكننا أبدا من خلال هذه الجلسة القصيرة أن نلم بجميع حقوق الأخوة ومستلزماتها وأمثلتها؛ ولكننا ننبه على بعض أمورها التي قد تغيب عن بعض الناس"
وهنا يعترف الخميس بأنه لا يمكن معرفة كل حقوق الإخوة فى جلسة واحدة قصيرة ولكنه تناول بعذ منها كالسلام فقال:
"من هذه الأمور التي ينبغي أن تراعى في قضية الأخوة في الله تبارك و تعالى؛ و التي تجمع الناس و تجعل بينهم هذه الأخوة:
* - أولها السلام، نشر السلام إبداء السلام رد السلام
هذه الكلمة الطيبة التي هي اسم من أسماء الله تبارك وتعالى، فالله تبارك و تعالى هو السلام، أي السالم من كل نقص وعيب سبحانه و تعالى، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس المؤمن السلام
السلام اسم من أسماء الله تبارك و تعالى، هذا السلام لو نشرناه بيننا حق النشر لوجدنا أثره ظاهرا جدا، عجبت و ما أكثر ما يتعجب منه في هذه الأيام! لقيت رجلا في مكان ما لا أعرفه، فقلت له: السلام عليكم فارتبك، ورد السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اسمح لي ما عرفتك!! يتعذر لي لأنه لم يعرفني!! قلت له: وأنا لا أعرفك، هو مستغرب لم سلمت عليه، فارتبك لأني سلمت عليه فظن أني أعرفه وهو لا يعرفني، واعتذر، قال: اسمح لي ما عرفتك!! قلت له: وأنا لا أعرفك، فالسلام هذا ليس لأجل معرفة، أفشوا السلام كما قال النبي (ص): " أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلون الجنة بسلام "، فالقضية و ما فيها أن نشر السلام يورث المحبة بين القلوب، و لذلك النبي (ص) لما سئل: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، و تقرأ السلام على من عرفت و على من لم تعرف "
مشكلة كثير من الناس اليوم أنه صار الكثيرون لا يسلمون إلا على من يعرفون!! و النبي (ص) لما سئل: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، و تقرأ السلام على من عرفت و على من لم تعرف "
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كنت أدخل السوق لا أريد بيعا ولا شراء و لكن أريد أن أسلم ويسلم علي فقط طبعا أسواق السابق، الآن لا تدخل السوق للسلام، ولكن القصد أنه فقط ليبدي السلام و ليلقى إليه السلام فقط! فهذه من المسائل التي عرف قدرها أصحاب النبي (ص) فحرصوا عليها و لذلك يقول عمر: ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، و توسع له في المجلس، و تدعوه بأحب أسمائه إليه
من منا يصنع هذا؟؟؟!!
أنا لا أقول لا يوجد من يصنع هذا يوجد و لله الحمد كثر و لكن ليسوا الأكثر، نحن نريد أن يكون هؤلاء هم الأكثر هم
الأظهر في هذا المجتمع الطيب المبارك أن يبدأه بالسلام، أن يوسع له في المجلس، أن يناديه بأحب أسمائه إليه، أبو فلان أو فلان، المهم يناديه باسم يحبه و تطيب له نفسه
يقول عبد الله بن عباس: لجليسي علي ثلاثة حقوق: أرمقه بطرفي إذا دخل أو إذا أقبل يبدي له شيئا من الاهتمام، إذا أقبل أرمقه بطرفي، أنظر إليه ليشعر أني مهتم بدخوله
قال: وأوسع له في المجلس والثالثة، قال: أصغي إليه إذا تحدث والله قد يرى البعض أنها أشياء بسيطة لكنها تؤثر في القلوب، أحيانا نظرة تؤثر في القلوب، أحيانا عدم رد سلام يوغر القلب ثم تكون قطيعة نعم يوغر القلب ثم تكون قطيعة، و من هذا أذكر قصة وقعت لعثمان بن عفان رضي الله عنه مع سعد بن أبي وقاص
مر سعد على عثمان فسلم عليه فما رد عثمان السلام، فتضايق سعد، فذهب إلى عمر، و عمر هو الخليفة رضي الله عنه، فجاءه و قال: يا أمير المؤمنين، مررت على عثمان وسلمت عليه؛ نظر إلي و لم يرد السلام!!
- يقدم شكوى الآن، لماذا لم يرد على السلام -
فعمر مباشرة استدعى عثمان، فجاءه عثمان، قال: إن أخاك سعدا يشكوك قال: ماذا يقول؟؟ قال: يقول إنه مر و سلم عليك فنظرت إليه ولم ترد عليه السلام!! لماذا؟ قال: ما حصل، ما مر علي و لا سلم علي!! فقال له سعد: الآن مررت عليك و سلمت و نظرت إلي و لم ترد علي السلام!! قال: ما حصل شيء من هذا؟ قال: أنا مررت عليك ففطن عثمان و قال: نعم، كنت سارحا و لست معك، قال: بم؟؟ قال: كنا مع النبي (ص) يوما فقال لنا: " دعوة دعا بها نبي لا ترد " فقلنا: علمنا إياها يا رسول الله، فجاءه أعرابي و شغله عنا، ليتني سمعتها من رسول الله، فأنا أتفكر فيها فقال له سعد: أنا أعرفها قال: كيف؟ قال: كنت معكم، فلما انصرف النبي تبعته حتى كاد يدخل بيته، فصرت أضرب في الأرض بقدمي - ما يستطيع أن ينادي النبي احتراما -يقول: فصرت أضرب بقدمي الأرض حتى يسمع النبي فينتبه يقول: فانتبه، فالتفت فرآني، قال: مالك أبا إسحاق؟- و هي كنية سعد -فقال: يا رسول الله، قلت ستخبرنا بدعوة نبي، ثم شغلك الأعرابي عنا فقال النبي (ص): " نعم، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، دعوة أخي يونس " ففرح بها عثمان
الشاهد من هذه القصة أن سعدا سلم على عثمان، وعثمان ينظر إليه ولم يسمعه!! فيها إحسان ظن، أن الإنسان ينبغي عليه أن يحسن الظن بأخيه، أحيانا البعض يقول ما رد علي السلام، ثم يقطعه قطيعة، و يجعلها في قلبه و أخوه معذور
ولذلك كان من هدي النبي (ص) كما يقول أنس: " كان النبي (ص) إذا سلم سلم ثلاثا "، يقولها الأولى، ثم يقولها الثانية، ثم يقولها الثالثة، إذا لم يسمع الناس؛ يؤدب، يعلم، يربي وأحسن ما سمعت في هذا قول القائل
يقول:
سامح أخاك إذا خلط *** منه الإصابة و الغلط
و تجافى عن تعنيفه إن *** زاغ يوما أو قسط
و اعلم بأنك إن طلبت ** مهذبا رمت الشطط
من ذا الذي ما ساء قط *** أو من له الحسنى فقط
مهذبا: يعني معصوما"
قطعا الخميس هنا يستعمل الروايات فى حديثه وما قاله كلام حسن ولكن القرآن فى السلام وهو التحية قال :
" وإذا حييتم بحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"
فالتحية ليست واجبة على المسلم لكل مسلم ولكم من حيانا وجب رد تحيته ومن حييناه وجب عليه الرد
الخميس لو نظر لكثرة الناس وعيشهم فى المدن لوجد أنه من الجنون أن يلقى السلام على ألوف مؤلفة من الناس وهم وقوف ينتظرون وسائل النقل أو يقفون منتظرين أحد أو يقعدون أو يقفون فى عملهم بالحراسة أو غيرها فلو قلت السلام فلن يرد سوى قلة لتباعد أماكن الوقوف ووجودهم على اليمين وعلى الشمال بحيث أن لسانه لن يتوقف طيلة سيره سواء كان لدقائق أو ساعات
وأما فى القرى الصغيرة فالأمر أهون من ذلك فمعظم الناس أو كلهم يعرفون بعضهم البعض والقرى الكبيرة حاليا أصبحت كالمدن حيث كثر الناس وأصبح الكثير منهم لا يعرف بعض
وأما الدليل على عدم وجوب إلقاء السلام فهو دخول المؤمنين الأماكن العامة وهى البيوت غير المسكونة بلا إذن وبلا سلام فقال :
"ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون ومما تكتمون"
وقد بين أن السلام واجب عند دخول بيوت الأخرين فقال :
"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها"
وعند دخول بيوتنا كما قال تعالى :
"فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة "
ومن ثم فالسلام على المارة والقعود وغيره فهو أمر اختيارى من يفعله مثاب عليه ومن لم يفعله فلا إثم عليه لأنه كما سبق القول فى المدن يكون الأمر مجهود
وتحدث الخميس عن إحسان الظن فقال :
"ما منا من أحد إلا و يصيب و يخطئ، لكن أين إحسان الظن؟؟ ينبغي على الإنسان أن يحسن الظن بإخوانه أن يفوت أن يعتقد الخير فيهم لا أن يظن بهم السوء؛ خاصة و أن الله تبارك و تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن " والنبي (ص) يقول: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث "، هكذا يقول (ص)
الإمام الشافعي كان مريضا، فعاده تلميذه الربيع بن سليمان، فلما دخل عليه وإذا الشافعي قد تعب من المرض، فقال له تلميذه: قوى الله ضعفك يا إمام
يعني شافاك وعافاك، لكن تحتمل معنى آخر، قوى الله ضعفك يعني زادك ضعفا
فقال له الشافعي: لو قوى ضعفي قتلني
فانتبه الربيع أن الكلمة تحتمل معنيين فقال: و الله ما أردت هذا يا إمام يعني أردت الخير، أردت قوى الله ضعفك رفعه وجعل مكانه قوة قال: والله لو سببتني لعلمت أنك لا تريد ذلك
هذا إحسان الظن، انظروا الشافعي ماذا يقول لتلميذه!! يقول: والله لو سببتني لعلمت أنك لا تقصد ذلك إلى هذه الدرجة يثق به و يحسن به الظن!!
يعني تصوروا عمار بن ياسر لما سب النبي (ص)، لو سمعه النبي (ص) وهو يسبه لأحسن الظن به لأنه كان يعذب، وسب النبي (ص) بناء على هذا العذاب الذي عذب، ومع هذا قال له النبي (ص): " إن عادوا فعد "، إن عادوا للإيذاء و التعذيب عد للسب و لا تهتم، لأن النبي يعرف ويحسن الظن بعمار و أمثاله رضي الله تبارك و تعالى عنهم و أرضاهم
عمر بن الخطاب يقول: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا
طالما أنك تجد لها في الخير محملا احملها على محمل الخير، نعم قد تحتمل معان أخرى سيئة، لكن طالما أنها تحتمل محملا خيرا خاصة و أنك تعرفه أنه رجل خير رجل صالح لا تظن السوء، ظن الخير، بل أحيانا بعض الناس لو تثبت من الموضوع لانتهى كل شيء، قد تكون كلمة لا تقصد ثم تلقفها بعض الناس وحملت شررا، وقع لي مثل ذلك:جاءني شخص و قال لي فلان يقول: لا نريد فلانا معنا نريد عثمان مكانه، وبلغت الكلمة صاحبنا الذي يريدون عزله وجعلي أنا مكانه، فمباشرة جاءني، قال لي: بلغني أنك تقول: لا أريد فلانا مكاني أريد أن أكون مكانه قلت له: و الله ما قلت شيئا من هذا قلت: من قال لك هذا؟ قال: قال لي فلان قلت: خيرا إن شاء الله، فذهبت إلى فلان الذي قال له، قلت له: أنت قلت لفلان كذا؟ قال: نعم قلت له: أنا قلت لك ذلك؟ قال: لا قلت: إذا لماذا تقول له؟ قال: قالها فلان فذهبت إلى فلان الثاني فقلت له: يا فلان، أنا قلت له كذا؟ قال: لا قلت: لماذا نقلت عني؟ قال: قالها فلان و إذا رجل ثالث، فذهبت إليه فقلت له: يا فلان، أنا قلت لك أخرجوا فلانا وأدخلوني مكانه؟ قال: لا قلت: لماذا نقلت هذا إذا؟ قال: ما نقلت ذلك!! هذا رأيي أنا، أنا قلت لهم لا أريد فلانا، أريد عثمان ثم فهموها خطأ، وانتقلت هكذا!! فلولا أن صاحبي أحسن الظن بي وأني لا يمكن أن أقول مثل هذا الكلام لحملها في نفسه وإلى اليوم لا يكلمني، فلذلك الإنسان يجب عليه أن يحسن الظن بإخوانه، فهذه قضية مهمة جدا ولذلك قول عمر رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا احملها على محمل الخير"
هذا الكلام صحيحا فمطلوب من المسلم إحسان الظن بإخوته وتحدث عن المحبة كحق من حقوق الاخوة فقال :
كذلك من حقوق الأخوة:
*- المحبة، أن تحبه في الله و لله سبحانه وتعالى، أخبر النبي (ص): " أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له، على مدرجته، ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز و جل قال: فإني رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه " لماذا؟؟ فعل شيئا يسيرا، ليس بالضرورة أن يكون سفرا، قد تطرق باب جارك أو تسلك غيره أبعد أو أقرب لكن في الله سبحانه و تعالى، فإن الله يحبك إذا أحببته فيه سبحانه و تعالى
جاء رجل إلى النبي (ص) فقال له: يا رسول الله، متى الساعة؟ يسأل عن الساعة، فالنبي (ص) أجاب عن سؤاله بسؤال، فقال له: " و ماذا أعددت لها؟ " قال: يا رسول الله، ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله يعني هذا الذي أعددت، أصلي وأصوم و أتصدق لكن ليس بكثرة ليس بشيء ظاهر يعني، فقال له النبي (ص): " أنت مع من أحببت "، و هذا خير عظيم لا شك
جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل، قال: " هل أعلمته ذلك "، قال: لا فقال: " قم فأعلمه "، فقام إليه فقال: يا هذا و الله إني لأحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له
ولذلك يقول الله تبارك و تعالى يوم القيامة: " أين المتحابون بجلالي " المتحابون بجلال الله، المتحابون في الله تبارك و تعالى يقول: " اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " تصور أنت تنادى من بين الناس: تعال أنت كنت تحب فلانا في الله ثم يجمعكم الله سبحانه وتعالى تحت ظل عرشه في ذلك اليوم الذي لا ظل إلا ظله سبحانه وتعالى من منا لا يتمنى هذا؟؟ وقد جاء في الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما أن النبي (ص) قال: " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، و شاب نشأ في عبادة الله، و رجل قلبه معلق في المساجد، و رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه و تفرقا عليه "
أي اجتمعا في هذه الدنيا على المحبة في الله تفرقا: مات هذا أو مات هذا، وهما ما زالا يحب بعضهما الآخر في الله، يجمعهما الله تبارك و تعالى ويقول: أظلكما اليوم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه و تفرقا عليه " اجتمعا في هذه الدنيا على المحبة في الله و تفرقا كذلك على المحبة في الله سبحانه و تعالى
بل يقول الله تبارك و تعالى: " وجبت محبتي للمتحابين في " تصور الله يحبك إذا أحببت شخصا فيه سبحانه وتعالى!! وجبت أمرا أوجبه الله على نفسه تكرما و تفضلا سبحانه وتعالى " وجبت محبتي للمتحابين في "
ورجل جاء إلى النبي (ص) قال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم!!
مثلنا نحن الآن نحب الرسول (ص) نحب الأنبياء (ص) نحب الصالحين نحب أصحاب النبي (ص) ولما نلحق بهم!! ما عندنا من الأعمال ما ندرك بها منزلتهم، قال: الرجل يحب القوم و لما يلحق بهم!!
ولما يلحق بهم أي لما يلحق بالعمل بالطاعة بالصلاة، هناك من الناس من يجتهد في هذا، يعني طاووس بن كيسان كمثال كان يصلي الليل حتى يتعب و تعجز قدماه عن حمله، فكان يضرب فخذه بيده يصبرها ويقول: اثبتي، أيظن أصحاب محمد (ص) أن يحوزوه دوننا، والله لننازعنهم عليه يعني سنعمل من الطاعات والقربات الأمور التي تقربنا إلى الله حتى نكون قرب هذا النبي الكريم (ص)، لكن ليس كل الناس عندهم هذه الهمة وعندهم هذا الجهاد للنفس، فهذا رجل أعرابي جاء إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم و لما يلحق بهم!! أي بأعماله فقال (ص): " المرء مع من أحب " يرفع الله الدرجة بالمحبة سبحانه وتعالى، يقول أنس: فما رأيت فرح المسلمون بعد الإسلام فرحهم بهذا
لأنهم يعلمون علم اليقين مهما اجتهدوا في العبادة و هم أصحاب النبي (ص)، جاهدوا و بذلوا من قبل الفتح ووعدهم الله الجنة، و غير ذلك من الأمور، و تشرفوا برؤية النبي (ص)، و مع هذا يعلمون علم اليقين أن عملهم و جهادهم و بذلهم لن يوصلهم إلى منزلة النبي (ص)، فبمجرد أن سمعوا هذا الحديث من النبي (ص) " المرء مع من أحب " أو " أنت مع من أحببت " قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي (ص) " أنت مع من أحببت " رضي الله عنهم و أرضاهم فهذه القضية قضية المحبة في لله تبارك و تعالى سواء محبة النبي (ص) أو محبة أصحابه أو محبة الصالحين أو محبة بعضنا لبعض، كل هذه ترفع من درجاتنا، و تكون فعلا أخوة في الله تبارك و تعالى، فنكون فعلا كما قال الله تبارك و تعالى: " وألف بين قلوبهم "
الله تبارك و تعالى ألف بين القلوب سبحانه وتعالى وجعلنا بنعمته إخوانا سبحانه و تعالى، هذا فضل من الله جل وعلا، لذلك يجب علينا أن ننتهز هذه الفرص، أن لا تضيع علينا، وأن نكون فعلا كما قال الله تبارك و تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " أن نكون إخوة كذلك بمثل هذه الأمور التي ذكرت بعضها، و إن كان غيرها كثير مما يقرب القلوب، و يجعلنا إخوة في الله تبارك و تعالى
طبعا كل ما ذكرت من الأحاديث و الآيات ليست خاصة بالرجال، الرجال والنساء في هذا سواء، حتى النساء تحب المرأة أختها في الله تبارك وتعالى، فترتفع عند الله تبارك و تعالى درجة بل درجات إذا فعلت ذلك"
بغض النظر عن أن معظم الروايات التى ذكرها الخميس لا تصح لأنها لو صحت فى كون المرء مع من أحب لكان النبى(ص) مع أحبابه الكفار فى النار أو كان أحبابه الكفار معه فى الجنة لقوله تعالى :
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وحتى المسلمين ليسوا سواء فى المكانة فمثلا من يصاحب مجاهدا وهو قاعد عن الجهاد يكون معه فى الجنة ولكنه لا يكون معه فى درجته فى الجنة كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى"
الله لم يأمر المسلمين بالحب وإنما أمرهم بالإخوة لأن بعض المسلمين يكرهون بعضهم كما قال تعالى فى كراهية بعض الأزواج للزوجات والعكس:
"وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
وأخبرنا أن بعض المسلمين يحملون الغل لاوهو الكراهية ضد بعض المسلمين فى الدنيا ولكن هذا الغل يظب غلا قلبيا لا يخرج لحد الاعتداء على المسلم المكروه وبين الله أن هذا الغل يزول فى الجنة فقال تعالى :
"إن المتقين فى جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين"
فالأمر بالحب لم يأمر به الله ورسوله(ص) لمعرفته أن هناك أمور لا يمكن أن تزول من النفس فلا يمكن للبعض أن ينسى من أساء إليه ولو كان مسلما ومن ذاك أن نطالب أهل القتيل أن يحبوا القاتل مع عفوهم عنه
ملقى المحاضرة هو عثمان بن محمد الخميس من أهل العصر فى دول الخليج وقد حولت بعض النسوة المحاضرة أو الشريط الصوتى إلى كتيب منشور وموضوعه الاخوة والمحبة فى الله وفى المقدمة قال الخميس:
"أما بعد: موضوع حديثنا
الأخوة في الله تبارك و تعالى ذلك الأمر الذي امتن الله تبارك و تعالى به على عباده فقال جل و علا: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا "
وكذا هو أول أمر حرص عليه النبي (ص) عندما دخل المدينة ألا وهو أنه آخى بين المهاجرين والأنصار، فدل هذا على أن أمر الأخوة من الأمور المهمة جدا في هذا الدين العظيم؛ خاصة إذا جمعناها مع قول الله تبارك و تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " فذكر الله تبارك وتعالى هذه الأخوة وجعلها أمرا لازما للمؤمنين"
قطعا طبقا للتاريخ كان أول الأعمال هو بناء البيت والمسجد النبوى وليس الاخوة فالأخوة هى أمر مقرر بقوله تعالى قبل الهجرة وبعدها بقوله تعالى :
"إنما المؤمنون اخوة"
وما فعله النبى(ص) وسموه الاخوة كان تنظيما اقتصاديا لمعيشة المسلمين حيث أسكن كل مهاجرى جديد مع أنصارى وتقاسم المسلمون جميعا أموال الأنصار لأن المهاجرين كانوا معدمين تركوا أرضهم وأموالهم وقام بتعريف الاخوة تعريفات متعددة كلها تصب فى القلب فقال:
"الأخوة باختصار قالوا: هي امتزاج روح بروح، و تصافح قلب مع قلب، قالوا: هذه هي الأخوة
الأخوة: هي التي لا تميل إلى نفع، و لا يفسدها منع أبدا، وإنما هي لله وفي الله سبحانه و تعالى، منافع الدنيا هذه لا تدخل ضمن تعريف هذه الأخوة التي أسال الله تبارك و تعالى أن يجمعنا عليها وأن يميتنا عليها
قال رسول الله (ص): " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، و لا يسلمه، و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، هكذا يخبر النبي (ص) في الحديث الصحيح في البخاري و مسلم عن أمر هذه الأخوة، المسلم أخو المسلم، ثم ذكر من مستلزمات هذه الأخوة، قال: " لا يظلمه و لا يسلمه، و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته "، هكذا يبين لنا النبي (ص) ما الأخوة التي يريدها منا"
قطعا الخميس هنا لم يعرف الاخوة وإنما الروايات التى ذكرها تبين بعض حقوق الأخوة فإخوة الإسلام تعنى التعاون على البر والتقوى بكل صورهم
ونقل عن الشافعى كلاما فى علامات الأخوة فقال:
"الإمام الشافعي قال: للأخوة علامات: أن يسد خلله (يعني إذا احتاج يقف معه)، وأن يقبل علله (إذا اعتل بأمر أو اعتذر أو ما شابه ذلك من الأمور يقبل منه) قال: وأن يغفر زلته
من منا الذي لا يزل؟؟ من منا الذي لا يخطئ؟؟فيقول: اعف عن زلته، إذا سد خلته إذا احتاج إليك، اقبل علله إذا تعذر بأي عذر اقبل منه فوت، لا تدقق، ثم قال: اغفر زلته، من ذا الذي لا يزل؟؟ من ذا الذي عصمه الله تبارك و تعالى؟؟ كلنا نزل، كلنا نخطئ، اغفر سامح تجاوز حتى تكون أخا فعلا في الله جل و علا
ولذلك قال القائل:
أخوك الذي إن سرك الأمر سره *** و إن غبت يوما ظل و هو حزين
يقرب من قربت من ذي مودة *** و يقصي الذي أقصيته و يهين
هكذا يظهر أخوته
أخوك الذي إن سرك الأمر سره، يفرح لفرحك وإن غبت يوما ظل وهو حزين، يرى الحزن في وجهه بسبب غيابك عنه يقرب من قربت من ذي مودة، يحب ما تحب ومن تحب ويقصي الذي أقصيته ويهين، لا يقبل منه شيئا!! لماذا؟ لأنك أقصيته
كل هذا لمحبته لك!!هكذا تكون الأخوة في الله تبارك و تعالى
هذه الأخوة لا شك أن لها علامات، وعلاماتها كثيرة، ولها التزامات، والتزاماتها كثيرة، ولا يمكننا أبدا من خلال هذه الجلسة القصيرة أن نلم بجميع حقوق الأخوة ومستلزماتها وأمثلتها؛ ولكننا ننبه على بعض أمورها التي قد تغيب عن بعض الناس"
وهنا يعترف الخميس بأنه لا يمكن معرفة كل حقوق الإخوة فى جلسة واحدة قصيرة ولكنه تناول بعذ منها كالسلام فقال:
"من هذه الأمور التي ينبغي أن تراعى في قضية الأخوة في الله تبارك و تعالى؛ و التي تجمع الناس و تجعل بينهم هذه الأخوة:
* - أولها السلام، نشر السلام إبداء السلام رد السلام
هذه الكلمة الطيبة التي هي اسم من أسماء الله تبارك وتعالى، فالله تبارك و تعالى هو السلام، أي السالم من كل نقص وعيب سبحانه و تعالى، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس المؤمن السلام
السلام اسم من أسماء الله تبارك و تعالى، هذا السلام لو نشرناه بيننا حق النشر لوجدنا أثره ظاهرا جدا، عجبت و ما أكثر ما يتعجب منه في هذه الأيام! لقيت رجلا في مكان ما لا أعرفه، فقلت له: السلام عليكم فارتبك، ورد السلام: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، اسمح لي ما عرفتك!! يتعذر لي لأنه لم يعرفني!! قلت له: وأنا لا أعرفك، هو مستغرب لم سلمت عليه، فارتبك لأني سلمت عليه فظن أني أعرفه وهو لا يعرفني، واعتذر، قال: اسمح لي ما عرفتك!! قلت له: وأنا لا أعرفك، فالسلام هذا ليس لأجل معرفة، أفشوا السلام كما قال النبي (ص): " أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلون الجنة بسلام "، فالقضية و ما فيها أن نشر السلام يورث المحبة بين القلوب، و لذلك النبي (ص) لما سئل: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، و تقرأ السلام على من عرفت و على من لم تعرف "
مشكلة كثير من الناس اليوم أنه صار الكثيرون لا يسلمون إلا على من يعرفون!! و النبي (ص) لما سئل: أي الإسلام خير؟ قال: " تطعم الطعام، و تقرأ السلام على من عرفت و على من لم تعرف "
عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كنت أدخل السوق لا أريد بيعا ولا شراء و لكن أريد أن أسلم ويسلم علي فقط طبعا أسواق السابق، الآن لا تدخل السوق للسلام، ولكن القصد أنه فقط ليبدي السلام و ليلقى إليه السلام فقط! فهذه من المسائل التي عرف قدرها أصحاب النبي (ص) فحرصوا عليها و لذلك يقول عمر: ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، و توسع له في المجلس، و تدعوه بأحب أسمائه إليه
من منا يصنع هذا؟؟؟!!
أنا لا أقول لا يوجد من يصنع هذا يوجد و لله الحمد كثر و لكن ليسوا الأكثر، نحن نريد أن يكون هؤلاء هم الأكثر هم
الأظهر في هذا المجتمع الطيب المبارك أن يبدأه بالسلام، أن يوسع له في المجلس، أن يناديه بأحب أسمائه إليه، أبو فلان أو فلان، المهم يناديه باسم يحبه و تطيب له نفسه
يقول عبد الله بن عباس: لجليسي علي ثلاثة حقوق: أرمقه بطرفي إذا دخل أو إذا أقبل يبدي له شيئا من الاهتمام، إذا أقبل أرمقه بطرفي، أنظر إليه ليشعر أني مهتم بدخوله
قال: وأوسع له في المجلس والثالثة، قال: أصغي إليه إذا تحدث والله قد يرى البعض أنها أشياء بسيطة لكنها تؤثر في القلوب، أحيانا نظرة تؤثر في القلوب، أحيانا عدم رد سلام يوغر القلب ثم تكون قطيعة نعم يوغر القلب ثم تكون قطيعة، و من هذا أذكر قصة وقعت لعثمان بن عفان رضي الله عنه مع سعد بن أبي وقاص
مر سعد على عثمان فسلم عليه فما رد عثمان السلام، فتضايق سعد، فذهب إلى عمر، و عمر هو الخليفة رضي الله عنه، فجاءه و قال: يا أمير المؤمنين، مررت على عثمان وسلمت عليه؛ نظر إلي و لم يرد السلام!!
- يقدم شكوى الآن، لماذا لم يرد على السلام -
فعمر مباشرة استدعى عثمان، فجاءه عثمان، قال: إن أخاك سعدا يشكوك قال: ماذا يقول؟؟ قال: يقول إنه مر و سلم عليك فنظرت إليه ولم ترد عليه السلام!! لماذا؟ قال: ما حصل، ما مر علي و لا سلم علي!! فقال له سعد: الآن مررت عليك و سلمت و نظرت إلي و لم ترد علي السلام!! قال: ما حصل شيء من هذا؟ قال: أنا مررت عليك ففطن عثمان و قال: نعم، كنت سارحا و لست معك، قال: بم؟؟ قال: كنا مع النبي (ص) يوما فقال لنا: " دعوة دعا بها نبي لا ترد " فقلنا: علمنا إياها يا رسول الله، فجاءه أعرابي و شغله عنا، ليتني سمعتها من رسول الله، فأنا أتفكر فيها فقال له سعد: أنا أعرفها قال: كيف؟ قال: كنت معكم، فلما انصرف النبي تبعته حتى كاد يدخل بيته، فصرت أضرب في الأرض بقدمي - ما يستطيع أن ينادي النبي احتراما -يقول: فصرت أضرب بقدمي الأرض حتى يسمع النبي فينتبه يقول: فانتبه، فالتفت فرآني، قال: مالك أبا إسحاق؟- و هي كنية سعد -فقال: يا رسول الله، قلت ستخبرنا بدعوة نبي، ثم شغلك الأعرابي عنا فقال النبي (ص): " نعم، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، دعوة أخي يونس " ففرح بها عثمان
الشاهد من هذه القصة أن سعدا سلم على عثمان، وعثمان ينظر إليه ولم يسمعه!! فيها إحسان ظن، أن الإنسان ينبغي عليه أن يحسن الظن بأخيه، أحيانا البعض يقول ما رد علي السلام، ثم يقطعه قطيعة، و يجعلها في قلبه و أخوه معذور
ولذلك كان من هدي النبي (ص) كما يقول أنس: " كان النبي (ص) إذا سلم سلم ثلاثا "، يقولها الأولى، ثم يقولها الثانية، ثم يقولها الثالثة، إذا لم يسمع الناس؛ يؤدب، يعلم، يربي وأحسن ما سمعت في هذا قول القائل
يقول:
سامح أخاك إذا خلط *** منه الإصابة و الغلط
و تجافى عن تعنيفه إن *** زاغ يوما أو قسط
و اعلم بأنك إن طلبت ** مهذبا رمت الشطط
من ذا الذي ما ساء قط *** أو من له الحسنى فقط
مهذبا: يعني معصوما"
قطعا الخميس هنا يستعمل الروايات فى حديثه وما قاله كلام حسن ولكن القرآن فى السلام وهو التحية قال :
" وإذا حييتم بحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها"
فالتحية ليست واجبة على المسلم لكل مسلم ولكم من حيانا وجب رد تحيته ومن حييناه وجب عليه الرد
الخميس لو نظر لكثرة الناس وعيشهم فى المدن لوجد أنه من الجنون أن يلقى السلام على ألوف مؤلفة من الناس وهم وقوف ينتظرون وسائل النقل أو يقفون منتظرين أحد أو يقعدون أو يقفون فى عملهم بالحراسة أو غيرها فلو قلت السلام فلن يرد سوى قلة لتباعد أماكن الوقوف ووجودهم على اليمين وعلى الشمال بحيث أن لسانه لن يتوقف طيلة سيره سواء كان لدقائق أو ساعات
وأما فى القرى الصغيرة فالأمر أهون من ذلك فمعظم الناس أو كلهم يعرفون بعضهم البعض والقرى الكبيرة حاليا أصبحت كالمدن حيث كثر الناس وأصبح الكثير منهم لا يعرف بعض
وأما الدليل على عدم وجوب إلقاء السلام فهو دخول المؤمنين الأماكن العامة وهى البيوت غير المسكونة بلا إذن وبلا سلام فقال :
"ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون ومما تكتمون"
وقد بين أن السلام واجب عند دخول بيوت الأخرين فقال :
"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها"
وعند دخول بيوتنا كما قال تعالى :
"فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة "
ومن ثم فالسلام على المارة والقعود وغيره فهو أمر اختيارى من يفعله مثاب عليه ومن لم يفعله فلا إثم عليه لأنه كما سبق القول فى المدن يكون الأمر مجهود
وتحدث الخميس عن إحسان الظن فقال :
"ما منا من أحد إلا و يصيب و يخطئ، لكن أين إحسان الظن؟؟ ينبغي على الإنسان أن يحسن الظن بإخوانه أن يفوت أن يعتقد الخير فيهم لا أن يظن بهم السوء؛ خاصة و أن الله تبارك و تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن " والنبي (ص) يقول: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث "، هكذا يقول (ص)
الإمام الشافعي كان مريضا، فعاده تلميذه الربيع بن سليمان، فلما دخل عليه وإذا الشافعي قد تعب من المرض، فقال له تلميذه: قوى الله ضعفك يا إمام
يعني شافاك وعافاك، لكن تحتمل معنى آخر، قوى الله ضعفك يعني زادك ضعفا
فقال له الشافعي: لو قوى ضعفي قتلني
فانتبه الربيع أن الكلمة تحتمل معنيين فقال: و الله ما أردت هذا يا إمام يعني أردت الخير، أردت قوى الله ضعفك رفعه وجعل مكانه قوة قال: والله لو سببتني لعلمت أنك لا تريد ذلك
هذا إحسان الظن، انظروا الشافعي ماذا يقول لتلميذه!! يقول: والله لو سببتني لعلمت أنك لا تقصد ذلك إلى هذه الدرجة يثق به و يحسن به الظن!!
يعني تصوروا عمار بن ياسر لما سب النبي (ص)، لو سمعه النبي (ص) وهو يسبه لأحسن الظن به لأنه كان يعذب، وسب النبي (ص) بناء على هذا العذاب الذي عذب، ومع هذا قال له النبي (ص): " إن عادوا فعد "، إن عادوا للإيذاء و التعذيب عد للسب و لا تهتم، لأن النبي يعرف ويحسن الظن بعمار و أمثاله رضي الله تبارك و تعالى عنهم و أرضاهم
عمر بن الخطاب يقول: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا
طالما أنك تجد لها في الخير محملا احملها على محمل الخير، نعم قد تحتمل معان أخرى سيئة، لكن طالما أنها تحتمل محملا خيرا خاصة و أنك تعرفه أنه رجل خير رجل صالح لا تظن السوء، ظن الخير، بل أحيانا بعض الناس لو تثبت من الموضوع لانتهى كل شيء، قد تكون كلمة لا تقصد ثم تلقفها بعض الناس وحملت شررا، وقع لي مثل ذلك:جاءني شخص و قال لي فلان يقول: لا نريد فلانا معنا نريد عثمان مكانه، وبلغت الكلمة صاحبنا الذي يريدون عزله وجعلي أنا مكانه، فمباشرة جاءني، قال لي: بلغني أنك تقول: لا أريد فلانا مكاني أريد أن أكون مكانه قلت له: و الله ما قلت شيئا من هذا قلت: من قال لك هذا؟ قال: قال لي فلان قلت: خيرا إن شاء الله، فذهبت إلى فلان الذي قال له، قلت له: أنت قلت لفلان كذا؟ قال: نعم قلت له: أنا قلت لك ذلك؟ قال: لا قلت: إذا لماذا تقول له؟ قال: قالها فلان فذهبت إلى فلان الثاني فقلت له: يا فلان، أنا قلت له كذا؟ قال: لا قلت: لماذا نقلت عني؟ قال: قالها فلان و إذا رجل ثالث، فذهبت إليه فقلت له: يا فلان، أنا قلت لك أخرجوا فلانا وأدخلوني مكانه؟ قال: لا قلت: لماذا نقلت هذا إذا؟ قال: ما نقلت ذلك!! هذا رأيي أنا، أنا قلت لهم لا أريد فلانا، أريد عثمان ثم فهموها خطأ، وانتقلت هكذا!! فلولا أن صاحبي أحسن الظن بي وأني لا يمكن أن أقول مثل هذا الكلام لحملها في نفسه وإلى اليوم لا يكلمني، فلذلك الإنسان يجب عليه أن يحسن الظن بإخوانه، فهذه قضية مهمة جدا ولذلك قول عمر رضي الله عنه: لا تظنن بكلمة خرجت من أخيك إلا خيرا وأنت تجد لها في الخير محملا احملها على محمل الخير"
هذا الكلام صحيحا فمطلوب من المسلم إحسان الظن بإخوته وتحدث عن المحبة كحق من حقوق الاخوة فقال :
كذلك من حقوق الأخوة:
*- المحبة، أن تحبه في الله و لله سبحانه وتعالى، أخبر النبي (ص): " أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله له، على مدرجته، ملكا فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: لا غير أني أحببته في الله عز و جل قال: فإني رسول الله إليك، بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه " لماذا؟؟ فعل شيئا يسيرا، ليس بالضرورة أن يكون سفرا، قد تطرق باب جارك أو تسلك غيره أبعد أو أقرب لكن في الله سبحانه و تعالى، فإن الله يحبك إذا أحببته فيه سبحانه و تعالى
جاء رجل إلى النبي (ص) فقال له: يا رسول الله، متى الساعة؟ يسأل عن الساعة، فالنبي (ص) أجاب عن سؤاله بسؤال، فقال له: " و ماذا أعددت لها؟ " قال: يا رسول الله، ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله يعني هذا الذي أعددت، أصلي وأصوم و أتصدق لكن ليس بكثرة ليس بشيء ظاهر يعني، فقال له النبي (ص): " أنت مع من أحببت "، و هذا خير عظيم لا شك
جاء رجل إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله إني لأحب هذا الرجل، قال: " هل أعلمته ذلك "، قال: لا فقال: " قم فأعلمه "، فقام إليه فقال: يا هذا و الله إني لأحبك في الله، قال: أحبك الذي أحببتني له
ولذلك يقول الله تبارك و تعالى يوم القيامة: " أين المتحابون بجلالي " المتحابون بجلال الله، المتحابون في الله تبارك و تعالى يقول: " اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " تصور أنت تنادى من بين الناس: تعال أنت كنت تحب فلانا في الله ثم يجمعكم الله سبحانه وتعالى تحت ظل عرشه في ذلك اليوم الذي لا ظل إلا ظله سبحانه وتعالى من منا لا يتمنى هذا؟؟ وقد جاء في الحديث الصحيح في الصحيحين وغيرهما أن النبي (ص) قال: " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، و شاب نشأ في عبادة الله، و رجل قلبه معلق في المساجد، و رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه و تفرقا عليه "
أي اجتمعا في هذه الدنيا على المحبة في الله تفرقا: مات هذا أو مات هذا، وهما ما زالا يحب بعضهما الآخر في الله، يجمعهما الله تبارك و تعالى ويقول: أظلكما اليوم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه و تفرقا عليه " اجتمعا في هذه الدنيا على المحبة في الله و تفرقا كذلك على المحبة في الله سبحانه و تعالى
بل يقول الله تبارك و تعالى: " وجبت محبتي للمتحابين في " تصور الله يحبك إذا أحببت شخصا فيه سبحانه وتعالى!! وجبت أمرا أوجبه الله على نفسه تكرما و تفضلا سبحانه وتعالى " وجبت محبتي للمتحابين في "
ورجل جاء إلى النبي (ص) قال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم!!
مثلنا نحن الآن نحب الرسول (ص) نحب الأنبياء (ص) نحب الصالحين نحب أصحاب النبي (ص) ولما نلحق بهم!! ما عندنا من الأعمال ما ندرك بها منزلتهم، قال: الرجل يحب القوم و لما يلحق بهم!!
ولما يلحق بهم أي لما يلحق بالعمل بالطاعة بالصلاة، هناك من الناس من يجتهد في هذا، يعني طاووس بن كيسان كمثال كان يصلي الليل حتى يتعب و تعجز قدماه عن حمله، فكان يضرب فخذه بيده يصبرها ويقول: اثبتي، أيظن أصحاب محمد (ص) أن يحوزوه دوننا، والله لننازعنهم عليه يعني سنعمل من الطاعات والقربات الأمور التي تقربنا إلى الله حتى نكون قرب هذا النبي الكريم (ص)، لكن ليس كل الناس عندهم هذه الهمة وعندهم هذا الجهاد للنفس، فهذا رجل أعرابي جاء إلى النبي (ص) فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم و لما يلحق بهم!! أي بأعماله فقال (ص): " المرء مع من أحب " يرفع الله الدرجة بالمحبة سبحانه وتعالى، يقول أنس: فما رأيت فرح المسلمون بعد الإسلام فرحهم بهذا
لأنهم يعلمون علم اليقين مهما اجتهدوا في العبادة و هم أصحاب النبي (ص)، جاهدوا و بذلوا من قبل الفتح ووعدهم الله الجنة، و غير ذلك من الأمور، و تشرفوا برؤية النبي (ص)، و مع هذا يعلمون علم اليقين أن عملهم و جهادهم و بذلهم لن يوصلهم إلى منزلة النبي (ص)، فبمجرد أن سمعوا هذا الحديث من النبي (ص) " المرء مع من أحب " أو " أنت مع من أحببت " قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي (ص) " أنت مع من أحببت " رضي الله عنهم و أرضاهم فهذه القضية قضية المحبة في لله تبارك و تعالى سواء محبة النبي (ص) أو محبة أصحابه أو محبة الصالحين أو محبة بعضنا لبعض، كل هذه ترفع من درجاتنا، و تكون فعلا أخوة في الله تبارك و تعالى، فنكون فعلا كما قال الله تبارك و تعالى: " وألف بين قلوبهم "
الله تبارك و تعالى ألف بين القلوب سبحانه وتعالى وجعلنا بنعمته إخوانا سبحانه و تعالى، هذا فضل من الله جل وعلا، لذلك يجب علينا أن ننتهز هذه الفرص، أن لا تضيع علينا، وأن نكون فعلا كما قال الله تبارك و تعالى: " إنما المؤمنون إخوة " أن نكون إخوة كذلك بمثل هذه الأمور التي ذكرت بعضها، و إن كان غيرها كثير مما يقرب القلوب، و يجعلنا إخوة في الله تبارك و تعالى
طبعا كل ما ذكرت من الأحاديث و الآيات ليست خاصة بالرجال، الرجال والنساء في هذا سواء، حتى النساء تحب المرأة أختها في الله تبارك وتعالى، فترتفع عند الله تبارك و تعالى درجة بل درجات إذا فعلت ذلك"
بغض النظر عن أن معظم الروايات التى ذكرها الخميس لا تصح لأنها لو صحت فى كون المرء مع من أحب لكان النبى(ص) مع أحبابه الكفار فى النار أو كان أحبابه الكفار معه فى الجنة لقوله تعالى :
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
وحتى المسلمين ليسوا سواء فى المكانة فمثلا من يصاحب مجاهدا وهو قاعد عن الجهاد يكون معه فى الجنة ولكنه لا يكون معه فى درجته فى الجنة كما قال تعالى :
"فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى"
الله لم يأمر المسلمين بالحب وإنما أمرهم بالإخوة لأن بعض المسلمين يكرهون بعضهم كما قال تعالى فى كراهية بعض الأزواج للزوجات والعكس:
"وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا"
وأخبرنا أن بعض المسلمين يحملون الغل لاوهو الكراهية ضد بعض المسلمين فى الدنيا ولكن هذا الغل يظب غلا قلبيا لا يخرج لحد الاعتداء على المسلم المكروه وبين الله أن هذا الغل يزول فى الجنة فقال تعالى :
"إن المتقين فى جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما فى صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين"
فالأمر بالحب لم يأمر به الله ورسوله(ص) لمعرفته أن هناك أمور لا يمكن أن تزول من النفس فلا يمكن للبعض أن ينسى من أساء إليه ولو كان مسلما ومن ذاك أن نطالب أهل القتيل أن يحبوا القاتل مع عفوهم عنه