نقد كتاب الشمس والدابة
هذا هو اسم الكتاب فى مكتبة الإكسير الشاملة وهو بلا مؤلف فيها ولكن من مقدمة الكتاب يستشف أن الاسم هو العلامات الكبرى للساعة والكتاب يدور حول حديث يقول أن آيات الساعة عشر فيقول:أما بعد :
أحبتى فى الله :
هذا هو لقاءنا السابع مع السلسة الكريمة فى رحاب الدار الآخرة وما زلنا بحول الله ومدده نتحدث عن العلامات الكبرى للساعة والتى ذكرها الحبيب المصطفى (ص)فى حديثه الصحيح الذى رواه مسلم من حديث حذيفة ابن أسيد الغفارى قال : اطلع علينا النبى (ص)ونحن نتذاكر فقال المصطفى (ص): (( ما تذاكرون )) قالوا : نذكر الساعة ، فقال (ص):
((إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات فذكر الدخان والدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى (ص)، ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف ، خسف بالمشرق ، وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تسوق الناس إلى محشرهم )) .
وسأتحدث اليوم إن شاء الله تعالى عن بقية العلامات الواردة فى الحديث نظرا لأن المادة العلمية الصحيحة فى بقية هذه العلامات قليلة ." والحديث مخالف لكتاب الله ولا يمكن أن يقوله النبى(ص) للتالى:
1-نزول عيسى(ص) غير ممكن لأنه لو نزل فيجب أن يكون معه يحيى(ص) لأن قوله تعالى " والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا" تكرر فى يحيى بقوله " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت يموت ويوم يبعث حيا" والاثنان لن يعودا للحياة الدنيا بعد أن دخلا الجنة فى الدنيا لأن الله حرم أن يخرج أحد من الجنة
2- الدجال لا يوجد ذكر لهذا الدجال المزعوم فى كتاب الله والروايات متناقضة ففى رواية هناك حوالى30 دجالا بينما روايات أخرى تؤكد على أنه واحد وكل روايات أحاديث الدجال متناقضة فمرة هو ابن صياد أو ابن صائد ومرة غيره ومرة محبوس فى جزيرة كما حديث تميم الدارى ومرة هو غير محبوس وإنما سيخلق فى المستقبل
3- طلوع الشمس من مغربها لم يذكر فى القرآن والمذكور عكسه وهو تكوير الشمس كما قال تعالى " إذا الشمس كورت" والمذكور أيضا جمع الشمس والقمر وهو اصطدامهما كما قال تعالى"وجمع الشمس والقمر"
4- الدخان المذكور فى القرآن هو دخان دنيوى نزل على كفار مكة بسبب آذاهم للمسلمين قى زمن النبى(ص) حيث قالوا عنه معلم مجنون وفى هذا قال تعالى"بل هم فى شك يلعبون فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون"
والرسل(ص) انتهى بعثهم فكيف يكون رسول فى أخر الزمان مع ختم النبوة؟
5- الرواية تتحدث عن ثلاثة خسوف أرضية وهى ما يتناقض مع القرآن مع كون الخسف فى الآخرة علامته ليس خسف أرضى وإنما خسف قمرى كما قال تعالى:
"بل يريد الإنسان ليفجر أمامه يسئل أيان يوم القيامة فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر"
6-نار اليمن التى تسوق الناس للمحشر وهو ما يخالف أن الأرض كلهم هى المحشر لأن القبور بها كلها كما قال تعالى ""ونفخ فى الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون"ومن ثم لا يتبق فى الرواية من علامات القيامة سوى الدابة ويأجوج ومأجوج ثم ناقش العلامات واحدة واحدة فقال:
"طلوع الشمس من مغربها:
أيها الأحبة الكرام :إن الشمس منذ أن خلقها الله عز وجل تشرق من المشرق وتغرب فى المغرب بصورة متكررة منتظمة لا تتخلف يوما ولا تتأخر بصورة تطالع الأنظار والمدارك لتستنطق الفطرة السوية للإنسان بوحدانية الرحيم الرحمن ، قال جل وعلا :" والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون "لا ريب أنها أية من الآيات التى تستنطق الفطرة السليمة النقية بوحدانية الله جل وعلا ، علامة بارزة على قدرة الله .
ولذا نرى نبى من أنبياء الله - خليل الله إبراهيم - قد تحدى بهذه الآية طاغوتا من طواغيت أهل الأرض وسجل الله جل وعلا ذلك فى كتابه الحكيم :" ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن ءاتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين " انظر أيها الحبيب كيف تحدى الخليل الطاغية النمرود بن كنعان ، إذ يقول إبراهيم :
" ربي الذي يحيي ويميت " فيرد الجاهل الطاغية المجرم :" أنا أحيي وأميت " ولكن أين يذهب هذه الغر الجاهل أمام نور النبوة الباهر ، إذ قال له الخليل بذكاء النبوة ونورها الباهر " فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين " فالشمس منذ خلقها الله تشرق من الشرق وتغرب فى الغرب بصورة منتظمة متكررة لا تكاد تتخلف أو تتأخر فى يوم من الأيام حتى إذا جاء الوعد الموعود استأذنت الشمس ربها أن تشرق كعادتها من المشرق فلا يأذن لها ففى صحيح مسلم من حديث أبى ذر الغفارى أن النبى (ص)قال لأصحابه يوما والشمس تغرب : ((أتدرون أين تذهب هذه الشمس )) قالوا الله ورسوله أعلم فقال المصطفى (ص): (( إن هذه تجرى حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة لله جل وعلا فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعى ، ارجعى من حيث جئت ، فترتفع ، فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجرى حتى تنتهى إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة لله عز وجل فلا تزال كذلك حتى يقال لها : ارتفعى ارجعى من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ( أى المشرق ) فلا تزال كذلك لا سيتنكر الناس منها شيئا حتى تجرى ثم تستقر فى مكانها تحت العرش فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعى ، ارتفعى اصبحى طالعة من مغربك ، فتصبح الشمس طالعة من مغربها ))
لا تتعجب فكل شئ فى هذه الكون يسجد لله قال جل فى علاه :
" ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء "
فكل شئ فى الكون يسجد لرب الأرض والسموات إلاكفرة الجن والإنس انظر إلى الكون كله من عرشه إلى فرشه ، ومن سمائه إلى أرضه لتتعرف على وحدانية الله ، وعظمة الخالق جل فى علاه انظر إلى السماء وارتفاعها ، والأرض واتساعها ، والجبال وأثقالها والأفلاك ودورانها ، والبحار وأمواجها انظر إلى كل متحرك وساكن ، والله إن الكل يقر بتوحيد الله ويعلن السجود لله ولا يغفل عن ذكر مولاه إلا من كفر من الجن والإنس ولا حول ولا قوة إلا بالله
انظر لتلك الشجرة ... ذات الغصون النضرة
كيف نمت من حبة ... وكيف صارت شجرة
ابحث وقل
من ذا الذى يخرج منها ... الثمرة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهمرة ذو حكمة ... بالغة وقدرة مقتدرة
وانظر إلى الشمس التى جذوتها مستعرة ... فيها ضياء وبها حرارة منتشرة
ابحث وقل
مـن ذا الذى يخرج منها ... الشررة؟! ذاك هو الله
الذى أنعمه منهمرة ذو حكمة ... بالغة وقدرة مقتدرة
الشمس والبدر من آيات قدرته ... والبر والبحر فيض من عطاياه
الطير سبحه والوحش مجده ... والموج كبره والحوت ناجاه
والنمل تحت الصخور الصم قدسه ... والنحل يهتف له حمدا فى خلاياه
والناس يعصونه جهرا فيسترهم ... والعبد ينسى وربى ليس ينساه
اصبحى أيتها الشمس طالعة من المغرب فتسرع الشمس على الفور لتنفيذ أمر العزيز الحميد فتصبح طالعة من المغرب ، انظر إلى هذا العجب
وضح هذه المعنى رواية ابن مردويه بسند حسن بالشواهد من حديث عبد الله بن أبى أوفى أن الصادق المصدوق (ص)قال : (( يأتى على الناس ليلة تعدل ثلاث ليال من لياليكم ، فإذا كان ذلك يعرفها المتنفلون ، يقوم أحدهم فيقرأ حزبه ثم ينام ثم يقوم فيقرأ حزبه ، ثم ينام فيفزعون إلى المساجد فإذا هم كذلك فإذا هم يرون الشمس قد طلعت من مغربها ))
انظر ماذا قال المصطفى الكريم (ص)فإذا كان كذلك يعرفها المتنفلون : أى يعرفها القائمون بالليل لله رب العالمين الله أكبر!!! .. ما الذى يترتب على هذه الآية العظيمة الذى يترتب على ذلك أن المصطفى (ص)قال فى رواية أبى ذر التى ذكرتها آنفا قال (أتدرون متى ذاكم ؟! )) أى أتدرون متى تطلع الشمس من مغربها ؟! قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : (( ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " قال المصطفى (ص)(( إذا طلعت الشمس من مغربها ورآها الناس آمنوا كلهم أجمعون )) ولكن هيهات هيهات !!.فى صحيح مسلم من حديث أبى هريرة أنه (ص)قال (( ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا ، طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض )) أيها الحبيب أذكر نفسى وأذكرك بالمبادرة بالتوبة والأوبة إلى الله عز وجل قبل أن يغلق الله باب التوبة علينا .فإن المصطفى (ص)يقول والحديث رواه أحمد بسند صحيح قال :
(( لا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت من مغربها طبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل ))
أيها اللاهى .. أيها الساهى .. أيها الغافل .. أيها المضيع للتوحيد .. أيها المضيع للصلاة .. أيها المضيع للزكاة .. أيها العاق لوالديه .. أيها المنصرف عن الله :
دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا ... و اذكر ذنوبك وأبكها يا مذنب
لم ينسه الملكان حين نسيته ... بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
والروح منك وديعة أودعتها ... ستردها بالرغم منك وتسلب
وغرور دنياك التى تسعى لها ... دار حقيقتها متاع يذهب
الليل فاعلم و النهار كلاهما ... أنفاسنا فيهما تعد وتحسب
قال المصطفى (ص): كما فى صحيح مسلم من حديث أبى موسى الأشعرى (( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها))
هنيئا لمن طلعت الشمس عليه من مغربها وهو مستقيم على طاعة الله ، اللهم اجعلنا من أهل التوحيد والإيمان والاستقامة ووفقنا للعمل الصالح الذى يرضيك يا رب العالمين .
قال جل وعلا :" إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلا من غفور رحيم ""
فيما سبق من كلام عن الشمس نجد أن الرجل لم يتناول طلوع الشمس من مغربها إلا قليلا بينما بقية الكلام عن الشمس فى حياتنا الدنيا والأخطاء هى :
الأول سجود الشمس عند العرش يوميا وهو ما يخالف أن العرش فى السماء السابعة بينما الشمس فى السماء الدنيا كما قال تعالى تبارك الذى جعل فى السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا" فالنجوم والشمس والقمر يتواجدون فى السماء الدنيا كما قال تعالى"ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح"
الثانى وقد سبق تناوله وهو طلوع الشمس من مغربها وقد سبق تناول ذلك فما يحدث للشمس هو التكوير وجمع الشمس والقمر ثم تحدث المؤلف عن الدابة فقال:
"الدابة
قال جل وعلا : " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " دابة تتكلم ‍‍!! دابة تنطق !! تكلم الناس كلاما مفهوما واضحا ، بل وتقيم عليهم الحجة وتذكرهم بأنهم كانوا لا يوقنون بآيات الله وكانوا لا يصدقون بها قال المصطفى (ص)والحديث رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمر : ((أول أشراط الساعة طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى ، فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبا ))"
الرواية تبين أن من قالها وهو ليس النبى(ص) أو الصحابى جاهل بمن يخرج قبل من والوحى لا يكون فيه شك وعدم معرفة وإنما هو أمر يقينى فإما هذا أولا أو تلك أولا ثم قال :
"الدابة أمر عجب .. أمر مذهل .. لو تدبرته كاد قلبك أن ينخلع ، دابة تخرج تجوب الأرض كلها ، تفرق الدابة بين المؤمن والكافر ، وتعلم المؤمن بعلامة وتعلم الكافر بعلامة ، تسم الكافر على أنفه فيسود وجهه ، وتسم المؤمن فيضئ وجهه كأنه كوكب درى .. أمر عجب !!
ورد فى الحديث الذى رواه أحمد فى مسنده وصححه شيخنا الألبانى أن الحبيب النبى (ص)قال : (( تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم )) أى تعلم الناس على الأنوف .
بل وخذ هذه الحديث العجيب الذى رواه أحمد فى المسند والترمذى فى السنن وللأمانة العلمية التى اتفقنا عليها وأصلناها من قبل أقول إن الشيخ الألبانى - حفظه الله - قد ضعف إسناد الحديث ومدار تضعيف الألبانى على على بن زيد بن جدعان قال الألبانى فيه ضعف إلا أن العلامة أحمد شاكر قد صحح إسناد الحديث فقال على بن زيد بن جدعان مختلف فيه والراجح توثيقه وقال عن الحديث الإمام الترمذى حديث حسن قال (ص):
((تخرج الدابة ومعها عصى موسى وخاتم سليمان فتسم أنف الكافر - أى تعلم أنف الكافر - وتجلو وجه المؤمن )) ويضئ وجه المؤمن كأنه كوكب درى ، (( حتى أن أهل الخوان الواحد - أى المائدة - يجتمعون على طعامهم فيقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر ، لأن الدابة بينت وأوضحت الحقيقة وميزت المؤمن من الكافر ))
غالى بعض المصنفين - أقولها بصراحة - فى وصف الدابة وأعطوا لخيالهم العنان فوصفوا الدابة وصفا دراميا خياليا عجيبا ، فمنهم من قال رأسها رأس ثور وعينها عين خنزير ، وأذنها أذن فيل ، وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر أسد وقوائمها قوائم بعير إلى آخر هذا الوصف الدرامى "
كل الروايات السابقة التى تفرق فيها الدابة بين المسلم والكافر بوسم الكافر كاذبة لم يقلها النبى(ص) فكل ما تفعله الدابة هى الحديث مع الناس كما قال تعالى" أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم"
والوسم يتناقض مع أن الله هو من يسم الكافر كما قال تعالى " سنسمه على الخرطوم"
ثم حدثنا المؤلف عن الدخان فقال:
"الدخان
والدخان هو آخر العلامات التى سيشهدها المؤمن على ظهر الأرض ، وبقية العلامات هذه لا يراها المؤمن ولا يشهد عذابها الموحدون ، بل هذه العلامات التى سأذكرها الآن لا تقوم إلا على الكفرة الفجرة من شرار الخلق.
الدخان علامة كبرى :
قال عبد الله بن مسعود إن هذا الدخان كان علامة من العلامات التى وقعت فى الدنيا بدعاء النبى (ص)على المشركين.
والدخان هنا قد وقع بالفعل ولكن الدخان الوارد فى حديث حذيفة بن أسيد الغفارى الذى هو علامة من علامات الساعة الكبرى ، يختلف تمام الاختلاف عن هذه العلامة التى رآها المشركون فى مكة بدعاء الصادق المصدوق (ص)قال تعالى فى حق هذه العلامة :
" فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم " إذا خرج الدخان لا يقبل الله التوبة كما ذكرت فإذا خرج الدخان يبعث الله ريحا ألين من الحرير تقبض هذه الريح أرواح المؤمنين من على ظهر الأرض ، فلا يبقى على ظهر الأرض مؤمن يقول المصطفى (ص): (( فلا تدع أحدا فى قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته ويبقى على الأرض شرار الخلق )) الكفرة الفجرة ممن لا يؤمن بالله عز وجل .
كما فى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أن النبى قال : (( لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق )) فى رواية مسلم من حديث أنس أنه (ص)قال :
(( لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله )) لا يقال فى الأرض ( الله ) لأن الموحدين قد قبضوا فلا يبقى إلا الكفرة وهؤلاء لا يعرفون الله ولا يوحدون الله جل وعلا وعلى هؤلاء تقوم الساعة بل تظهر بقية العلامات الكبرى التى هى عذاب فى عذاب وبلاء فى بلاء "
الرجل يعترف بوقوع الدخان فى عهد النبى(ص) بقوله " قال عبد الله بن مسعود إن هذا الدخان كان علامة من العلامات التى وقعت فى الدنيا بدعاء النبى (ص)على المشركين "ومع هذا يناقض نفسه بوقوعه فى الآخرة مع عدم وجود أى دليل على ذلك
ثم حدثنا عن الخسوف الثلاثة فقال:
"ما هى هذه العلامات ‍‍؟!!
الخسوف الثلاثة
الخسف الأول بالمشرق :
يقع الخسف بالمشرق والخسف كما هو معلوم انشقاق الأرض قال تعالى حكاية عن قارون : " فخسفنا به وبداره الأرض " فيقع خسف بالمشرق على شرار الخلق بعد أن قبض الله أرواح المؤمنين الخسف الثانى بالمغرب والخسف الثالث بجزيرة العرب وبعد هذه الخسوف تخرج العلامة الأخيرة من علامات الساعة الكبرى ألا وهى نار تخرج من قعر مدينة عدن ( المعروفة الآن باليمن ) فتطرد الناس جميعا إلى محشرهم .
وفى رواية البخارى من حديث أنس أن عبد الله بن سلام قال : لما نظرت إلى وجه النبى عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب فآمن بالنبى (ص)والشاهد .. أن عبد الله بن سلام سأل النبى (ص)عن أسئلة جيدة من بين هذه الأسئلة سأله عن أول أشراط الساعة فقال المصطفى (ص): (( نار تخرج من قعر عدن تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ))
وقد يلمح طالب العلم الفطن تعارضا ظاهرا بين النصين لكن لا تعارض فقول المصطفى (ص)فى رواية حذيفة : (( وآخر ذلك نار )) أى أنها العلامة التى إن وقعت وقعت القيامة بعدها بالنفخ فى الصور والبعث من القبور .
يقول المصطفى (ص)والحديث رواه البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة( يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق راغبين وراهبين ، واثنان على بعير ، وثلاثة على بعير ، وأربعة على بعير وعشرة على بعير ، ويحشر بقيتهم النار ، تقيل معهم حيث قالوا ، وتبيت معهم حيث باتوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا ، وتمسى معهم حيث أمسوا ))."
الرجل لاحظ التناقض بين الروايات ومع هذا يصر على أنه لا يوجد تناقض فى أخر الآيات وقوعا والرواية الأخيرة متناقضة داخليا فالرجل حدد طرق الحشر بثلاث بقوله يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق ومع هذا عد سبعة فقال" 1-راغبين 2-وراهبين ،3- واثنان على بعير ،4- وثلاثة على بعير ، 5-وأربعة على بعير 6-وعشرة على بعير ، 7-ويحشر بقيتهم النار"
ثم قال:
"قال القرطبى الحشر هو الجمع وهو أربعة أنواع الحشر الأول والثانى فى الدنيا والحشر الثالث والرابع فى الآخرة .
أما الحشر الأول : فهو المذكور فى قوله تعالى فى سورة الحشر : " ما ظننتم أن يخرجوا "
الحشر الثانى : هو الحشر الوارد فى حديث حذيفة وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ، إذا حشر النار للناس لا يكون إلا فى الدنيا .
الحشر الثالث : حشر الناس من القبور وغيرها بعد البعث .
الحشر الرابع : حشر الناس إلى الجنة أو إلى النار نسأل الله أن يجعلنى وإياكم من أهل الجنان إذ الذى عليه جمهور المحققين من العلماء أن الحشر الوارد فى حديث حذيفة الذى هو علامة من علامات القيامة الكبرى لا يكون إلا فى الدنيا والدليل الصحيح الصريح على ذلك أن النبى (ص)قد ذكر أن الحشر فى الآخرة يحشر فيه المؤمنون والكافرون حفاة عراة غرلا كما فى الصحيحين من حديث عائشة أن النبى (ص)قال : (( تحشرون حفاة عراة غرلا )) قالت عائشة يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟!فقال المصطفى (ص): (( يا عائشة الأمر أشد من أن يهمهم ذلك )).وفى رواية أنس قال : (( يا عائشة لقد نزلت على آية لا يضرك أكان عليك ثياب أم لا )) فتلى النبى (ص)" لكل امرئ يومئذ شأن يغنيه "
الحشر المذكور فى الحديث هو أن النار الخارجة من اليمن هى التى تقود الناس أرض المحشر وهو ما يخالف كون الأرض كلها محشر حيث تتشقق مخرجة الموتى كما قال تعالى :
"يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير"
ثم ذكر لنا قصيدة فى الموضوع وهى:
"تذكر وقوفـ: يوم العرض عرينا ... مستوحشا قلق الأحشاء حيرانا
والنار تلهب من غيظ ومن حنق ... على العصاة ورب العرش غضبانا
اقرأ كتابك ياعبد على مهل ... فهل ترى فيه حرفا غير ما كان
فلما قرأت ولم تنكر قراءته ... وأقررت إقرار من عرف الأشياء عرفانا
نادى الجليل خذوه يا ملائكتى ... وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا
المشركون غدا فى النار يلتهبوا ... والموحدون بدار الخلد سكانا
وهكذا تنتهى علامات الساعة الكبرى التى ذكرها المصطفى (ص)فى حديث حذيفة بن أسيد الغفارى الذى كنا معه طيلة اللقاءات الأربع الماضية "
ثم اختتم الرجل الحديث بعلامة لم ترد فى الرواية وقد نسى أو تناسى والله أعلم أن وجودها يهدم الحديث لكونه حدد العدد بعشر بينما هذه العلامة هى الحادية عشر فقال :
"لكن هناك علامة أخرى عجيبة غريبة قد تنزل الآن على القلوب فتهز القلوب هزا لم ترد فى حديث حذيفة ، ترى ما هى هذه العلامة العجيبة الغريبة إنها هدم الكعبة الشريفة حجرا حجرا ..
الكعبة بيت الله الذى تهوى إليه الأفئدة وتحن القلوب إليه الذى قال فى حقه علام الغيوب :" وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا " مثابة للناس : أى لا يملون منه كلما نظروا إليه وإذا انصرفوا عنه تجدد الشوق إليه وازداد الحنين لزيارته ورؤيته إن من علامات الساعة الكبرى هدم البيت الحرام ونقضه حجرا حجرا "
وقطعا الكعبة لا تهدم ولا يمكن لأحد أن يهدمها من الناسلأنها محفوظة كما قال تعالى " ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم" وقد سماها الله البيت الآمن فمن يريد فقط ارتكاب ذنب فيها يهلك وهو لم يفعل فما بالنا بهدم الكعبة نفسها والحديث هنا عن كعبة الله الحقيقية وليس عن الكعبة الحالية التى لا تمت للحقيقية بصلة
ثم حدثنا عن عيسى(ص) ويأجوج ومأجوح فقال:
"قلت قبل ذلك أن عيسى بن مريم على نبينا وعليه الصلاة والسلام لما ينزل إلى الأرض يقتل الدجال عليه من الله ما يستحقه ، ويدعو الله أن يهلك يأجوج ومأجوج فيستجيب الله دعاءه ، فيهلك يأجوج ومأجوج ويرسل المطر فنقى الأرض ، فأصبحت كالزلقة أو الزلقة أو الزلفة أو الزلفة أى كالمرآة فى صفائها ونقائها ، خرجت البركة من الأرض تنزلت الرحمات وحلت البركات ، وعاش الناس فى أمن وسلام فى وجود نبى الله عيسى ، فيذهب نبى الله عيسى ليحج البيت الحرام إذا معنى ذلك أن يبقى الحج حتى فى عهد نبى الله عيسى ، فإذا ما قدر الله على عيسى الموت فيموت نبى الله عيسى فى المدينة المنورة ويصلى عليه المسلمون من أمة محمد ويدفنون نبى الله عيسى مع الحبيب المصطفى فى الحجرة المباركة ، وبعد ذلك تقع العلامات التى ذكرت الآن ولا يبقى إلا شرار الخلق ، تمحى آيات الله من المصحف ، لا يقول أحد كلمة لا إله إلا الله فلا يحجون البيت بل ولا يعرفون عن البيت شيئا ، من بين هؤلاء الأشرار رجل من الحبشة ، هل تصدق أن الحبيب وصف شكله وكأنه ينظر إليه وهو يهدم الكعبة ؟؟
يقول المصطفى (ص): (( لا تقوم الساعة حتى يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة )) رجل يقال له ذو السويقتين من الحبشة ، بل وفى رواية البخارى من حديث ابن عباس قال المصطفى : (( كأنى أنظر إليه أسود أفحج ينقض الكعبة حجرا حجرا )) وبهذا تنتهى الحياة الدنيا بحلوها ومرها ، بحلالها وحرامها ، بخيرها وشرها ولا يبقى إلا الكفرة من شرار الناس وعليهم تقوم الساعة وذلك بعد أن يأمر الله جل وعلا إسرافيل أن يلتقم الصور وأن ينفخ النفخة الأولى ألا وهى نفخة الفزع مصداقا لقوله جل وعلا :" ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين "