"إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم فى الميعاد ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم"المعنى وقت أنتم بالجانب القريب وهم بالجانب البعيد والراكبين تحتكم ولو اتفقتم لتنازعتم فى الوقت ولكن ليفعل الرب حكما كان نافذا ليتوفى من توفى عن حجة ويعيش من عاش عن حجة وإن الرب لخبير محيط ،يبين الله للمؤمنين أنهم كانوا يوم بدر فى العدوة الدنيا والمراد فى الجانب القريب من ماء بدر والكفار فى العدوة القصوى وهى الجانب البعيد من ماء بدر والركب وهم من يركبون الدواب أو الآلات تحتكم أى فى أسفل الوادى تحت الفريقين ،ويبين لهم أنهم لو تواعدوا مع الكفار لاختلفوا والمراد لو اتفقوا مع الكفار لتنازعوا فى الميعاد وهو وقت الحرب ولكن ليقضى الله أمرا كان مفعولا والمراد ولكن ليفعل الرب حكما كان مقدورا مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وكان أمر الله قدرا مقدورا "والسبب ليهلك من هلك عن بينة والمراد ليتوفى من توفى عن حجة أى عن معرفة بحكم الله ويحيى من حى عن بينة والمراد ويعيش من عاش عن معرفة بحكم الله ويبين لهم أن الله سميع عليم أى أن الرب خبير محيط بكل شىء والخطاب للمؤمنين.
"إذ يريكهم الله فى منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فى الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور "المعنى وقت يشهدكهم الرب فى حلمك قليلا ولو أشهدكهم كثيرا لخبتم أى لاختلفتم فى الحكم ولكن الرب نفع إنه خبير بنية النفوس
،يبين الله لنبيه (ص)أنه أراه الكفار فى منامه قليلا والمراد صور له الكفار فى حلمه عددهم قليل وكذلك فعل مع المسلمين الأخرين ويبين لهم أنه لو أراهم الكفار كثيرا أى لو صور الكفار عددهم كبير فى الحلم لحدث التالى :فشلوا أى خابوا وفسر هذا بأنهم تنازعوا فى الأمر أى اختلفوا فى القرار وهو الحكم الذى يفعلوه مع الكفار وغالبا سيكون قرارهم الفرار ولكن الله سلم والمراد ولكن الرب نفع المسلمين بالحلم حيث منع اختلافهم ويبين لهم أنه عليم بذات الصدور والمراد أنه خبير بنية النفوس ويحاسب عليها والخطاب للنبى(ص) فى أوله وللمؤمنين فى أخره وما بعده .
"وإذ يريكهم إذا التقيتم فى أعينكم قليلا ويقللكم فى أعينهم ليقضى الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور "المعنى وقت يشهدكهم إذا تقابلتم فى أبصاركم قليلا وينقصكم فى أبصارهم ليفعل الرب حكما كان مقدورا وإلى الرب ترجع المخلوقات،يبين الله للمؤمنين أنه يريهم الكفار والمراد يشهدهم الكفار فى أعينهم وهى أبصارهم قليلا فى العدد إذا التقوا أى عندما تقابلوا فى الحرب وذلك حتى يتشجعوا على مهاجمتهم ويقللكم فى أعينهم والمراد وينقص عددكم فى أبصار الكفار حتى يستهينوا بكم ويستهتروا فى حربكم وهذا اللعب فى العيون هو من ضمن دفاع الله عن المؤمنين مصداق لقوله بسورة الحج"إن الله يدافع عن الذين أمنوا "والسبب فى فعل اللعب فى الأبصار هو أن يقضى الله أمرا كان مفعولا والمراد أن يحقق الرب حكما كان مقدورا من قبل وهو هزيمة الكافرين وإلى الله ترجع الأمور والمراد وإلى جزاء الرب تصير المخلوقات مصداق لقوله بسورة الشورى "ألا إلى الله تصير الأمور" وهذا يعنى أنهم يعودون إما للجنة وإما للنار .
"يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون "المعنى يا أيها الذين صدقوا إذا قابلتم كفارا فانتصروا وأطيعوا الرب دوما لعلكم ترحمون ،يخاطب الله الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله فيقول :إذا لقيتم فئة فاثبتوا والمراد إذا حاربتم جماعة كافرة فاغلبوهم وهذا وجوب أن ينتصر المسلمون ولا يولوهم الأدبار مصداق لقوله بنفس السورة "إذا لقيتم الذين كفروا فلا تولوهم الأدبار "واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون والمراد وأطيعوا حكم الله دوما لعلكم ترحمون مصداق لقوله بسورة آل عمران"وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون ".
"وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين "المعنى واتبعوا الرب ونبيه (ص)ولا تتفرقوا فتخيبوا أى تزول قوتكم أى اتبعوا إن الرب ناصر المتبعين ،يطلب الله من المؤمنين أن يطيعوا الله ورسوله (ص)والمراد أن يتبعوا ما أنزل الله على نبيه (ص)مصداق لقوله بسورة الأعراف"اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"وفسر هذا بألا يتنازعوا أى ألا يتفرقوا والمراد ألا يعصوا وحى الله والسبب أن نتيجة النزاع أن يفشلوا أى يخيبوا وفسره بأنه يذهب ريحهم والمراد تزول قوتهم لأن قوة المسلمين هى فى طاعتهم لحكم الله ويفسر طلبه بالطاعة بأن يصبروا أى يتبعوا حكم الله ويبين لهم أن الله مع الصابرين والمراد أن الرب ناصر المتبعين وهم المطيعين لحكمه أى المتقين مصداق لقوله بسورة التوبة "واعلموا أن الله مع المتقين "والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط "المعنى ولا تصبحوا كالذين طلعوا من بلادهم فخرا أى إرضاء للخلق ويردون عن دين الرب والرب بالذى يفعلون خبير ،يطلب الله من المؤمنين ألا يكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس والمراد ألا يصبحوا شبه الذين طلعوا من بلادهم تفاخرا أى اغترارا بالكفر وإرضاء للخلق والمراد لينالوا إعجاب الآخرين وهم يصدون عن سبيل الله والمراد وهم يردون الناس وأنفسهم عن دين الله والله بما يعملون محيط والمراد والرب بالذى يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون"ويحاسبهم عليه .
"وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإنى جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إنى برىء منكم إنى أرى مالا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب "المعنى وقد حسن لهم الهوى أفعالهم وقال لا هازم لكم الآن من الخلق وإنى ناصر لكم فلما تقابلت الجماعتان ارتد إلى عادته وقال إنى معتزل لكم إنى أعلم الذى لا تعرفون إنى أخشى الرب والرب عظيم العذاب ،يبين الله للمؤمنين أن الشيطان زين للكفار أعمالهم والمراد أن هوى النفس وهو القرين أى الشهوة حسنت للكفار مكرهم مصداق لقوله بسورة الرعد"زين للذين كفروا مكرهم"وقال لهم قبل الحرب :لا غالب لكم اليوم من الناس والمراد لا هازم لكم الآن من الخلق وإنى جار لكم والمراد وإنى ناصر أى معين لكم على هزيمة المسلمين وهذا يعنى أنه يعدهم بالنصر ،فلما تراءت الفئتان والمراد فلما تقاتل الجمعان نكص على عقبيه والمراد رجع القرين إلى عادته وهى خذلانه لأنصاره فقال إنى برىء منكم والمراد إنى معتزل لكم أى أنا عدو لكم إنى أرى ما لا ترون والمراد إنى أعرف الذى لا تعرفون إنى أخاف الله والمراد إنى أخشى عذاب الله والله شديد العقاب والمراد والرب عظيم العذاب مصداق لقوله بسورة البقرة "وأن الله شديد العذاب "وهذا يعنى أنه يخذل أصحابه .
"إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ومن يتوكل على الله فإن الله عزيز حكيم "المعنى وقت يزعم المذبذبون أى الذين فى نفوسهم علة:خدع هؤلاء إسلامهم ومن يحتمى بطاعة الله فإن الله ناصر قاضى،يبين الله للمؤمنين أن المنافقون وهم المذبذبون بين الإسلام والكفر وفسرهم بأنهم الذين فى قلوبهم مرض أى الذين فى نفوسهم علة النفاق قالوا:غر هؤلاء دينهم والمراد خدع هؤلاء إسلامهم وهذا يعنى أن الإسلام فى رأى المنافقين أغوى المسلمين بوعوده الكاذبة فى رأيهم وفى هذا قال تعالى بسورة الأحزاب"وإذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "،ويبين لنا أن من يتوكل على الله والمراد أن من يحتمى بطاعة الله أى أن من يتق الله فإن الله عزيز حكيم والمراد فإن الرب ناصر له يحميه من الأذى قاضى له بالحق مصداق لقوله بسورة الطلاق "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب" والخطاب للمؤمنين.
"ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد "المعنى ولو تشاهد وقت يميت الذين كذبوا الملائكة يعذبون أقبالهم وظهورهم واعرفوا عقاب النار ذلك بما عملت أنفسكم وأن الرب ليس بجائر على الخلق ،يبين الله لنبيه (ص)أنه لو يرى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة والمراد أنه لو يشاهد وقت تنقل الملائكة الذين كذبوا حكم الله من الدنيا لحياة البرزخ لشاهد الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم والمراد يعذبون الكفار من مقدمات أجسامهم ومن خلفيات أجسامهم وهذا يعنى أنهم ينزل العذاب بكل منطقة فى جسمهم وتقول الملائكة لهم :ذوقوا عذاب الحريق أى اعلموا عقاب النار ذلك وهو العقاب بما قدمت أيديكم أى بما كفرت أى بما عملت أنفسكم مصداق لقوله بسورة البقرة "وما تقدموا لأنفسكم "وأن الله ليس بظلام للعبيد والمراد وأن الرب ليس بمنقص حق الخلق ،وهذا يعنى أنه لا يجور على حق أحد من عباده مهما قل أو كثر والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوى شديد العقاب ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم " المعنى كعادة قوم فرعون والذين سبقوهم كذبوا بأحكام الرب فأهلكهم الرب بسيئاتهم إن الرب قادر عظيم العذاب السبب أن الرب لم يك مبدلا منحة منحها لناس حتى يبدلوا الذى فى أنفسهم وأن الرب خبير محيط ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار فى عهده فعلوا كدأب آل فرعون والمراد فعلوا كفعل قوم فرعون والذين من قبلهم وهم الأقوام التى سبقتهم فى الحياة وهو أنهم كفروا بآيات الله أى كذبوا بأحكام الرب فكانت النتيجة أن أخذهم الله بذنوبهم أى أن أهلكهم الرب بسيئاتهم مصداق لقوله فى نفس السورة "كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات الله فأهلكناهم بذنوبهم "وهى كفرهم والله قوى أى قادر على كل شىء شديد العقاب أى عظيم العذاب كما قال بسورة البقرة"وأن الله شديد العقاب "وذلك وهو السبب فى عقاب الكفار هو أن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والمراد أن الله لم يكن مزيل رحمة أعطاها لناس حتى يزيلوا الذى فى أنفسهم من خير وهذا يعنى أنه لا يغير رحمة المسلمين حتى يكفروا فيغير معاملتهم من الرحمة للضرر فهو يتعامل حسب قانون إن خيرا فخير وإن شرا فشر والله سميع عليم والمراد والله خبير محيط بكل شىء ويحاسب عليه .
"كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين "المعنى كفعل قوم فرعون والذين سبقوهم كفروا بأحكام خالقهم فدمرناهم بسيئاتهم وأهلكنا قوم فرعون والجميع كانوا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس فى عهده فعلوا كدأب أى كفعل آل وهم قوم فرعون والذين من قبلهم وهم الأقوام التى سبقتهم زمنيا فعلوا التالى كذبوا أى كفروا بآيات وهى أحكام الله فكانت النتيجة أن أهلكناهم بذنوبهم أى أن عذبناهم بسيئاتهم أى أخذناهم بكفرهم مصداق لقوله بنفس السورة "كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم"ومنهم آل وهم قوم فرعون أغرقناهم أى دمرناهم فى الماء وكل كانوا ظالمين والمراد وجميع الأقوام قبل آل فرعون كانوا مكذبين للرسل مصداق لقوله بسورة ص"إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب"والخطاب للنبى (ص) وما بعده وما بعده.
"إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون "المعنى إن أسوأ البرية لدى الرب الذين كذبوا فهم لا يصدقون ،يبين الله لنبيه (ص)أن شر الدواب عند الله والمراد أن أسوأ البرية فى كتاب الله الذين كفروا وهم الذين كذبوا حكم الله مصداق لقوله بسورة البينة "أولئك شر البرية" فهم لا يؤمنون أى فهم لا يصدقون أى فهم لا يعقلون مصداق لقوله بسورة الأنفال"إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ".
"الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم فى كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم فى الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون "المعنى الذين واثقت منهم يخالفون ميثاقهم فى كل مرة وهم لا يطيعون فإما تلقينهم فى القتال فأمسك بهم من وراءهم لعلهم يطيعون ،يبين الله لنبيه (ص)أن شر الدواب هم الذين عاهد منهم والمراد هم الذين واثق من الناس وهم ينقضون عهدهم فى كل مرة والمراد وهم يخالفون ميثاقهم فى كل مرة وهذا يعنى أنهم لا يتقون أى لا يطيعون أى لا ينفذون أحكام الميثاق ،ويبين له أنه إن يثقفنهم فى الحرب والمراد إن يلقاهم فى القتال عليه أن يشرد بهم من خلفهم والمراد عليه أن يمسكهم من وراءهم أى يربط أيديهم من الوراء أى يشد الوثاق والعبارة كناية عن الأسر مصداق لقوله بسورة محمد"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق " والسبب لعلهم يذكرون والمراد لعلهم يتوبون عن كفرهم وهو نقضهم العهد.
"وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين"المعنى وإما يقعن من ناس نقض فهاجمهم على حق إن الرب لا يرحم الناقضين ،يبين الله لنبيه (ص)أنه إذا خاف من قوم خيانة والمراد أنه إذا وقع من ناس خداع أى إنه إذا عرف من ناس نقض للعهد فعليه أن ينبذ إليهم على سواء والمراد فعليه أن يهاجمهم على حق حتى يقضى على أذاهم والله لا يحب الخائنين والمراد والرب لا يرحم المعتدين مصداق لقوله بسورة المائدة "إن الله لا يحب المعتدين "والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا إنهم لا يعجزون "المعنى ولا يظنن الذين كذبوا فازوا، إنهم لا يقهرون ،ينهى الله الذين كفروا أى كذبوا بحكم الله وهم من يعملون السيئات ألا يحسبوا أن يسبقوا الله والمراد ألا يظنوا أن يقهروا أمر الله وهو العذاب مصداق لقوله بسورة العنكبوت"أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا" وفسر هذا بأنهم لا يعجزون والمراد أنهم لا يقهرون وهذا يعنى أنهم لا ينتصرون مصداق لقوله بسورة الذاريات"وما كانوا منتصرين"وهذا معناه أنهم لا يهربون من عقاب الله مهما فعلوا.
"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شىء فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون "المعنى وجهزوا لهم ما قدرتم من عدة أى من وسائل القوة تخيفون به كاره الله وكارهكم وآخرين من غيرهم لا تعرفونهم الله يعرفهم وما تعملوا من عمل فى نصر الله يرد إليكم وأنتم لا تبخسون ،يطلب الله من المؤمنين أن يعدوا ما استطاعوا من قوة والمراد أن يجهزوا ما قدروا من سلاح وجند وغيره وفسر الله القوة بأنها من رباط الخيل أى من وسائل القوة وهذا يعنى وجوب إعداد كل شىء له علاقة بالقتال وسبب الإعداد:إرهاب أى إخافة عدو وهو كاره دين الله وفسره بأنه عدوهم أى كاره المسلمين الظاهر وآخرين من دونهم والمراد وآخرين من بعدهم أى من غيرهم لا يعلمهم المسلمون والمراد لا يعرف بهم المسلمون والله وحده يعلمهم أى يعرفهم ويبين لهم أنهم ما ينفقوا من شىء فى سبيل الله والمراد ما يعملوا من عمل خير فى نصر دين الله يوف إليهم أى يوجد أجره لهم عند الله مصداق لقوله بسورة المزمل"وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"وأنتم لا تظلمون والمراد وأنتم لا تنقصون حقا من أجركم والخطاب للمؤمنين .
"وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم "المعنى وإن مالوا إلى الأمان فمل له واحتمى بطاعة الرب إنه هو الخبير المحيط ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يجنح إلى السلم إذا جنحوا له والمراد أن يميل إلى الأمان إذا مال الكفار له وهذا يعنى حرمة طلب المسلمين للسلام أولا من العدو فالعدو هو الذى يجب أن يطلب السلام وهو ترك الحرب ،ويطلب منه أن يتوكل على الله والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الله من عذابه والله هو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء ويحاسب عليه والخطاب للنبى(ص)وهو محذوف أول القول ومعناه إن قاتلك الكفار فقاتلهم.
"وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذى أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما فى الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم "المعنى وإن يحبوا أن يخونوك فإن كافيك الرب هو الذى ساعدك بقوته والمصدقين ووحد بين نفوسهم لو دفعت الذى فى الأرض كله ما وحدت بين نفوسهم ولكن الرب وحدهم إنه قوى قاض ،يبين الله لنبيه (ص)أن الكفار إن يريدوا أن يخدعوه والمراد إن يحبوا أن يخونوه مصداق لقوله بسورة الأنفال"وإن يريدوا خيانتك"فإن حسبك الله والمراد فإن حاميك من أذاهم هو الله وهو الذى أيدك بنصره والمراد هو الذى نصرك بجنده وبالمؤمنين أى بالمصدقين بحكمى وألف بين قلوبهم والمراد ووحد بين نفوس المؤمنين بطاعتهم حكم الله ،ويبين له أن لو أنفق ما فى الأرض جميعه ما ألف بين قلوبهم والمراد لو أعطى المؤمنين المال الذى فى الأرض كله ما وحد بين نفوسهم لأن المال لا يوحد الناس وإنما يوحدهم إيمانهم بشىء واحد والله عزيز حكيم أى قوى أى ناصر للمؤمنين قاضى بالحق والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).
"يا أيها النبى حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين "المعنى يا أيها الرسول كافيك الرب ومن أطاعك من المصدقين ،يبين الله لنبيه(ص)أن حسبه الله أى أن كافيه هو الله مصداق لقوله بسورة الزمر"أليس الله بكاف عبده "والمراد أن ناصره هو الله ومن اتبعه من المؤمنين والمراد ومن جاهد من المصدقين بحكم الله .
"يا أيها النبى حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون "المعنى يا أيها الرسول حث المصدقين على الجهاد إن يكن منكم عشرون مطيعون يقهروا مائتين وإن يكن منكم مائة يقهروا ألفا من الذين كذبوا بأنهم ناس لا يفهمون ،يطلب الله من النبى (ص)أن يحرض المؤمنين على القتال والمراد أن يحض المصدقين بحكم الله على الخروج للجهاد ،ويبين للمؤمنين أنهم إن يكن منهم عشرون صابرون يغلبوا مائتين والمراد إنهم إن يوجد منهم عشرون مطيعون لله يقهروا مائتين من الكفار وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا والمراد وإن يوجد مائة منكم يقهروا ألفا من الذين كذبوا حكم الله وهذا يعنى أن الله يقول للمسلمين أن الواحد منهم يغلب عشرة كفار والسبب أن الكفار قوم لا يفقهون أى ناس لا يفهمون أى لا يؤمنون بحكم الله.
"الآن خفف عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين "المعنى الآن رفع عنكم وعرف أن فيكم وهنا فإن يكن منكم مائة مطيعة يقهروا مائتين وإن يكن منكم ألف يهزموا ألفين بأمر الرب والرب ناصر المطيعين له ،يبين الله للمؤمنين أن الآن وهو وقت نزول الآية خفف عنهم أى رفع عنهم حكم أن يقهر الواحد منهم عشرة كفار وعلم أن فيهم ضعفا والمراد وقد عرف الله أن فيهم وهنا ولذا وضع حكم أخر هو إن يكن منهم مائة صابرة يغلبوا مائتين والمراد إن يوجد منهم مائة مطيعة لله يقهروا مائتين من الكفار وإن يكن منهم ألف يغلبوا ألفين والمراد وإن يوجد منهم ألف مطيع لله يقهروا ألفين من الكفار وهذا يعنى أن المسلم يجب أن ينتصر على اثنين من الكفار فى حالة ضعفه وعشرة فى حالة قوته بإذن وهو أمر الله والله مع الصابرين والمراد والله ناصر المتقين مصداق لقوله بسورة البقرة"واعلموا أن الله مع المتقين "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم "المعنى ما كان لرسول أن يوجد له محبوسين حتى يتحكم فى البلاد تحبون متاع الأولى والرب يحب الجنة والرب ناصر قاضى لولا حكم من الرب مضى لأصابكم فى الذى فعلتم عقاب أليم ،يبين الله للمؤمنين أنه ليس لنبى أن يكون له أسرى والمراد ليس لرسول (ص)أن يوجد عنده محبوسين من حرب الكفار حتى يثخن فى الأرض والمراد حتى ينتصر فى البلاد وهذا يعنى أن يقتل الكفار ما دام فى ميدان المعركة لأن الأسر لا يكون إلا بعد الإثخان وهو النصر وهو هزيمة الكفار فبعدها يحق للمؤمنين شد الوثاق وهو مسك الأسرى ولا يفكون إلا بعد انتهاء الحرب مصداق لقوله بسورة محمد"فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها"،ويبين الله للمؤمنين أنهم يريدون عرض الدنيا أى يحبون متاع الأولى بسبب اطلاقهم سراح الأسرى مقابل الفدية قبل انتهاء الحرب والله يريد الآخرة والمراد والله يحب لهم الجنة وهو العزيز الحكيم أى الناصر القاضى بالحق ،ويبين لهم أن لولا كتاب من الله سبق والمراد بسبب حكم من الله نزل من قبل لمسهم فيما أخذوا عذاب عظيم والمراد لأصابهم فى الذى فعلوا عقاب أليم مصداق لقوله بسورة هود"ثم يمسهم منا عذاب أليم " والحكم الذى مضى هو أنه يغفر لمن يستغفر مصداق لقوله بسورة النساء"ومن يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ".
"فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم "المعنى فأنفقوا من الذى أخذتم نافعا مفيدا وأطيعوا الرب إن الرب عفو نافع ،يطلب الله من المؤمنين أن يأكلوا مما غنموا حلالا طيبا والمراد أن ينفقوا من أموال الحرب نافعا مباحا فى وجوه الخير ويطلب منهم أن يتقوا الله والمراد أن يطيعوا حكم الله مصداق لقوله بسورة التغابن"أطيعوا الله "ويبين لهم أن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيعه والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها النبى قل لمن فى أيديكم من الأسرى إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم "المعنى يا أيها الرسول قل لمن فى قبضتكم من المحبوسين إن يعرف الرب فى نفوسكم إيمانا يعطكم أكثر من الذى غنم منكم ويرحمكم والرب نافع مفيد،يطلب الله من النبى (ص)أن يقول لمن فى أيديهم من الأسرى والمراد لمن فى حبسهم أى فى حوزتهم من المحبوسين فى الحرب :إن يعلم الله فى قلوبكم خيرا والمراد إن يعرف الرب فى نفوسكم إيمانا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم والمراد يعطيكم مالا أكثر من الذى غنمه المجاهدون منكم فى الحرب ويغفر لكم أى "ويعفو عن السيئات"كما قال بسورة الشورى والمراد ويرحمكم والله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيع حكمه والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم "المعنى وإن يحبوا خداعك فقد كادوا الله من قبل فاحكم فيهم والرب خبير قاضى ،يبين الله لنبيه (ص)أن الأسرى إن يريدوا خيانته والمراد إن يحبوا خداعه ليحصلوا على منفعتهم فليس هذا بغريب لأنهم خانوا الله من قبل والمراد لأنهم كادوا أى كذبوا دين الله من قبل ويطلب منه أن يمكن منهم والمراد أن يحكم فيهم بحكم الله وهو القتل والله عليم حكيم والمراد والرب خبير قاضى بالحق .
"إن الذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين أمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير"المعنى إن الذين صدقوا وانتقلوا وحاربوا بأملاكهم وذواتهم فى نصر الله والذين أسكنوا وأيدوا أولئك بعضهم أنصار بعض والذين صدقوا ولم ينتقلوا ما لكم من نصرهم من سلطان حتى ينتقلوا وإن طالبوكم بالتأييد فعليكم القتال إلا مع ناس بينكم وبينهم عهد والرب بالذى تفعلون خبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أمنوا أى صدقوا حكم الله وهاجروا أى انتقلوا من مكة وغيرها للمدينة وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والمراد وحاربوا بأملاكهم وذواتهم فى سبيل الله والمراد لنصر حكم الله والذين أووا وهم الذين أسكنوا المهاجرين معهم ونصروا أى وأيدوا المهاجرين ودينهم أولئك وهو المهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض والمراد بعضهم أنصار لبعض يدافعون عن بعضهم البعض ،وأما الذين أمنوا ولم يهاجروا والمراد وأما الذين صدقوا حكم الله ولم ينتقلوا للمدينة وهى دولة الإسلام ما لكم من ولايتهم من شىء والمراد ليس لكم من حكمهم من حكم وهذا يعنى أن الله لم يبيح للمؤمنين فى دولة المسلمين أن يكون لهم سلطة على المؤمنين فى دول الكفر حتى يهاجروا أى حتى ينتقلوا لدولة المسلمين فساعتها يكون لهم سلطة عليهم وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر والمراد وإن طالبوكم بالتأييد ليحافظوا على إسلامهم فعليكم التأييد وهو حرب من يريد إجبارهم على ترك دينهم ويستثنى من الحرب القوم الذى بينهم وبين المسلمين ميثاق والمراد الشعب الذى بينه وبين المسلمين عهد سلام والله بما تعملون بصير والمراد والرب بالذى تفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما تفعلون "ويحاسب عليه والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير "المعنى والذين كذبوا بعضهم أنصار بعض إلا تعملوه تكن ردة فى البلاد أى كفر عظيم ،يبين الله للمؤمنين أن الذين كفروا وهم الذين ظلموا بعضهم أولياء أى أنصار بعض مصداق لقوله بسورة الجاثية "وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض"ويبين لهم فيقول:إلا تفعلوه والمراد إن لم تقاتلوا لنصر بعضكم يحدث التالى :تكن فتنة فى الأرض والمراد تحدث ردة عن الإسلام فى البلاد وفسرها بأنها فساد كبير والمراد كفر عظيم .
"والذين أمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله والذين أووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم والذين أمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولوا الأرحام بعضهم أولياء بعض فى كتاب الله إن الله بكل شىء عليم "المعنى والذين صدقوا وانتقلوا وقاتلوا لنصر الرب والذين أسكنوا وأيدوا أولئك هم المصدقون عدلا لهم رحمة أى ثواب كبير والذين صدقوا من بعد وانتقلوا وقاتلوا معكم فأولئك من المؤمنين وأصحاب القرابة بعضهم أحق ببعض فى حكم الرب إن الرب بكل أمر خبير ،يبين الله للمؤمنين أن الذين أمنوا وهم الذين صدقوا حكم الله وهاجروا أى وانتقلوا من بلدهم لدولة المسلمين وجاهدوا فى سبيل الله والمراد وحاربوا لنصر حكم الله والذين أووا أى أسكنوا المهاجرين معهم ونصروا أى وحاربوا معهم أولئك هم المؤمنون حقا والمراد أولئك هم المصدقون بحكم الله عدلا والذين أمنوا أى الذين صدقوا بحكم الله من بعد وهاجروا أى وانتقلوا لدولة الإسلام بعد المهاجرين الأوائل وجاهدوا أى وحاربوا الأعداء مع المهاجرين والأنصار فأولئك منكم والمراد فهم من المؤمنين حقا ،ويبين لهم أن أولوا الأرحام وهم أصحاب القرابة أولياء بعض والمراد أحق ببعض فى المال ورثا وإنفاقا عليهم ووصاية فى كتاب وهو حكم الله وهذا يعنى أن الأقارب يرثون بعضهم وينفقون على بعض ويقومون على مال صغارهم ومجانينهم والله بكل شىء عليم والمراد والرب بكل أمر محيط أى خبير مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب وما بعده وما بعده للمؤمنين
"براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين "المعنى بيان من الرب ونبيه (ص)إلى الذين واثقتم من الكافرين ،يبين الله للمؤمنين أنه سيقول براءة من الله ورسوله (ص) والمراد سيقول بلاغ أى أذان من الرب ونبيه مصداق لقوله بسورة التوبة "وأذان من الله ورسوله إلى الناس "وهم الذين عاهدوا من المشركين وهم الذين واثقوا من الكافرين على السلام بينهم وبينهم .
"فسيحوا فى الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزى الله وأن الله مخزى الكافرين "المعنى فانتشروا فى البلاد أربعة أشهر واعرفوا أنكم غير قاهرى الرب وإن الرب مذل الكاذبين ،يبين الله للمؤمنين أن البراءة التى يجب أن يقولوها للمعاهدين :سيحوا فى الأرض والمراد سيروا فى بلاد الأرض أربعة أشهر فى أمان وهى الأشهر الحرام ،واعلموا أنكم غير معجزى الله والمراد واعرفوا أنكم غير قاهرى الرب وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على منع عذاب الله لهم وأن الله مخزى الكافرين والمراد وأن الرب مذل المكذبين أى موهن كيد المكذبين بحكمه مصداق لقوله بسورة الأنفال"وأن الله موهن كيد الكافرين ".
"وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر إن الله برىء من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزى الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين "المعنى وبيان من الرب ونبيه (ص)إلى الكفار يوم الزيارة الأعظم إن الرب منفصل عن الكافرين ونبيه (ص)فإن أسلمتم فهو أفضل لكم وإن كفرتم فاعرفوا أنكم غير قاهرى الرب وأخبر الذين كذبوا بعقاب شديد إلا الذين واثقتم من الكافرين ثم لم يظلموكم بعضا ولم يعينوا عليكم عدوا فأكملوا لهم ميثاقهم إلى وقتهم إن الرب يرحم المطيعين لحكمه،يبين الله للمؤمنين أنه سيقول أذان أى بيان أى براءة من الله ونبيه (ص)إلى الناس وهم المشركين مصداق لقوله بنفس السورة "براءة من الله ورسوله "وعليهم أن يقولوه لهم فى يوم الحج الأكبر وهو يوم الزيارة الأكبر وهو يوم عرفة وهو :إن الله برىء ورسوله (ص)من المشركين والمراد إن الرب ونبيه (ص)عدو أى محارب للمشركين إلا الذين عاهدتم من المشركين والمراد إلا الذين عاهدتم من الكافرين ثم لم ينقصوكم شيئا والمراد ثم لم يظلموكم بندا من بنود العهد أى ثم لم ينقضوا لكم حكما فى العهد ولم يظاهروا عليكم والمراد ولم يعينوا عليكم عدوا فهؤلاء عليكم أن تتموا لهم عهدهم إلى مدتهم والمراد عليكم أن تكملوا لهم ميثاقهم إلى وقتهم المحدد وهو وقت نقض العهد أو وقته المحدد فى العهد ،ويقول للكافرين فإن تبتم فهو خير لكم والمراد فإن أسلمتم يا كفار فهو أحسن أجرا لكم وإن توليتم أى استمررتم فى الكفر فاعلموا أنكم غير معجزى الله والمراد فاعرفوا أنكم غير قاهرى الرب وهذا يعنى أنهم لا يقدرون على منع عذاب الله عنهم ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يبشر الذين كفروا بعذاب أليم والمراد أن يخبر الذين كذبوا حكم الله بعقاب غليظ مصداق لقوله بسورة لقمان"عذاب غليظ" أى شديد ويبين لهم أن الله يحب المتقين والمراد أن الرب يرحم المحسنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله يحب المحسنين "والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم"المعنى فإذا انتهت الشهور الآمنة فاذبحوا الكافرين حيث لقيتموهم وأمسكوهم واحبسوهم واجلسوا لهم فى كل مرقب فإن أسلموا أى أطاعوا الدين أى عملوا الحق فأطلقوا سراحهم إن الرب عفو نافع ،يبين الله للمؤمنين أن إذا انسلخت الأشهر الحرم والمراد إذا انتهت أيام الشهور الآمنة الأربعة فواجبهم أن يقتلوا المشركين حيث وجدوهم والمراد أن يذبحوا الكافرين حيث ثقفوهم أى لقوهم مصداق لقوله بسورة البقرة"واقتلوهم حيث ثقفتموهم "وخذوهم والمراد وأمسكوا الكفار إن لم تقتلوهم واحصروهم أى واحبسوهم عندكم واقعدوا لهم كل مرصد والمراد واجلسوا لهم فى كل مكان والمراد وراقبوهم من كل مكان لمعرفة تحركاتهم لقتلهم أو أسرهم ،ويبين لهم أن الأسرى إن تابوا أى أسلموا وفسره بأنهم أقاموا الصلاة أى أطاعوا الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسره بأنهم أتوا الزكاة أى فعلوا الحق وهو الطهارة من الذنوب بطاعة حكم الله فعليهم أن يخلوا سبيلهم أى أن يطلقوا سراحهم دون مقابل إن الله غفور رحيم والمراد إن الرب عفو نافع .
"وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون "المعنى وإن أحد من الكفار استنجد بك فأنجده حتى يعلم حكم الرب ثم أوصله مسكنه ذلك بأنهم ناس لا يفقهون ،يبين الله لنبيه (ص)وكل مسلم أن إن أحد من المشركين استجاره والمراد إن أحد من الكافرين استنجد به أى طلب منه النصر فعليه أن يجيره والمراد فعليه أن ينجده أى يأمنه على نفسه من أذى من يخافه ومدة التأمين هى حتى يسمع كلام الله والمراد حتى يعرف حكم الله وهو الإسلام ثم أبلغه مأمنه والمراد ثم أوصله مكان سكنه ،ذلك وهو حكم الإجارة سببه أنهم قوم لا يعلمون أى ناس لا يفهمون والخطاب للنبى(ص).
"كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين "المعنى كيف يصبح للكافرين ميثاق مع الرب ومع نبيه(ص)إلا الذين واثقتم لدى البيت الآمن فما أوفوا لكم فأوفوا لهم إن الرب يرحم المطيعين لحكمه ، يسأل الله كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله (ص )إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام أى إلا الذين واثقتم لدى البيت الآمن ؟والمراد كيف يصبح للكافرين ميثاق مع الرب ومع نبيه (ص)إلا العاقدين معاهدة سلام عند الكعبة؟وهذا يعنى أن الكفار يجب عدم الأمن لهم طالما ليسوا لهم عهد مع الله ونبيه (ص) والغرض من السؤال إخبار المؤمنين بالاستعداد المستمر لحرب الكفار،ويطلب منهم أن يستقيموا للمعاهدين أى أن يفوا بالعهد أى "وأتموا عهدهم إلى مدتهم "كما قال بآية سابقة طالما استقام أى أوفى المعاهدون بالعهد ويبين لهم أنه يحب المتقين أى يرحم المحسنين مصداق لقوله بسورة آل عمران"والله يحب المحسنين ".
"كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون "المعنى كيف وإن ينتصروا عليكم لا يرعون فيكم عهدا أى ميثاقا ،يعجبوكم بألسنتهم وترفض نفوسهم ومعظمهم كافرون ،يسأل الله :كيف تأمنون لهم وإن يظهروا عليكم والمراد وإن يتحكموا فيكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة والمراد لا يرعوا أى لا يفوا فيكم بعهد أى ميثاق؟والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين بضرورة الحذر من الكفار والمنافقين معاهدين وغير معاهدين ويبين لهم أنهم يرضونهم بأفواههم والمراد ينالون قبول المؤمنين بألسنتهم عن طريق قول أمنا وتأبى قلوبهم أى وترفض نفوسهم أن تؤمن مصداق لقوله بسورة المائدة"قالوا أمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم "وأكثرهم فاسقون أى وأغلب الناس كافرون مصداق لقوله بسورة النحل"وأكثرهم الكافرون"وهذا إخبار للمؤمنين أن المنافقين سيؤمن منهم فى المستقبل عدد قليل والخطاب وما بعده وما بعده ما بعده للمؤمنين .