سورة المعارج
سميت بهذا الاسم لذكر المعارج بقوله"من الله ذى المعارج"
"بسم الله الرحمن الرحيم سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع من الله ذى المعارج تعرج الملائكة والروح إليه فى يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فاصبر صبرا جميلا إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا "المعنى بحكم الرب النافع المفيد استخبر مستخبر عن عقاب قريب للمكذبين ليس له مانع من الرب صاحب المصاعد تصعد الملائكة وجبريل(ص)له فى يوم كان طوله خمسين ألف عام فأطع طاعة خالصة إنهم يعتقدونه مستحيلا ونعرفه واقعا،يبين الله لنبيه (ص)أن سائل سأل والمراد أن مستفهم استفهم عن عذاب واقع للكافرين ليس له دافع والمراد استخبر عن عقاب متحقق للمكذبين بحكم الله ليس له مانع يمنعه عنهم من الله ذى المعارج وهو صاحب المصاعد وهى وسائل الإنتقال للخلق تعرج أى تصعد فيها الملائكة والروح وهو جبريل(ص)إلى العرش عند القيامة فى يوم كان مقداره أى طوله الزمنى خمسين ألف سنة أى عام ويبين له أن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يصبر صبرا جميلا والمراد أن يطيع حكم الله طاعة مخلصة ويبين له أن الكفار يرونه بعيدا أى يعتقدون أن العذاب مستحيل أى غير متحقق ويراه الله قريبا والمراد ويعرف الله أنه واقع أى حادث والخطاب للنبى(ص)ومنه للسائل وما بعده له .
"يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن ولا يسئل حميم حميما يبصرونهم يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التى تؤويه ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه "المعنى يوم تصبح السماء كالزيت وتصبح الرواسى كالقطن ولا يستفهم صديق صديقا يعرفونهم يحب الكافر لو يوقى من عقاب يومذاك بأولاده وامرأته وأخيه وأهله الذين يحمونه ومن فى الأرض كلهم ثم ينقذه ،يبين الله لنبيه (ص)أن يوم القيامة يقع يوم تكون السماء كالمهل والمراد يوم تصبح السماء كالزيت المغلى ووجه الشبه هو حركة السماء التى تشبه حركة فقاعات الزيت عند الغليان من كونها هواء له فتحات كثيرة وتكون الجبال كالعهن والمراد وتصبح الرواسى كالقطن المنفوش ووجه الشبه هو الهشاشة فالجبال تتحول لغبار كثير هش مثل القطن الهش عندما ينفش ،ولا يسئل حميم حميما والمراد ولا يستفهم صديق عن صديق أخر كيف حاله يبصرونهم والمراد يعرفونهم ومع هذا لا يسألون ،فى يوم القيامة يود المجرم لو يفتدى من عذاب يومئذ والمراد يحب الكافر لو ينجى من عقاب يومها مقابل إدخال كل من بنيه وهم أولاده وصاحبته وهى امرأته وأخيه وهم اخوته وفصيلته التى تؤويه والمراد وجماعته التى تحميه معها فى مكانها ومن فى الأرض جميعا ثم ينجيه أى يبعده عن النار بكل هؤلاء الناس ولكن هذا لا يحدث .
"كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى "المعنى حقا إنها نار محبة للكوى تكوى من كذب أى كفر ولم فتمتع ،يبين الله لنبيه (ص)أن كلا والمراد حقا هو جزاء الكفار هو لظى نزاعة للشوى والمراد نار محبة للكوى وهى الحرق وهى تدعوا من أدبر والمراد تعذب من كفر وفسره بأنه تولى أى كذب بالحق وفسره بأنه جمع فأوعى والمراد لم متاع الدنيا فتمتع به والخطاب وما قبله ما بعده للنبى(ص).
"إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير كان منوعا إلا المصلين "المعنى إن الفرد أنشأ ضعيفا إذا أصابه الأذى فزوعا وإذا أصابه النفع كان حاجزا إلا المطيعين لله،يبين الله لنبيه(ص)أن الإنسان وهو الفرد خلق هلوعا أى عجولا مصداق لقوله بسورة الإسراء"وكان الإنسان عجولا"أى ضعيفا إذا مسه الشر كان جزوعا والمراد إذا أصابه الأذى كان فزوعا أى قنوطا يؤسا من رحمة الله مصداق لقوله بسورة الإسراء"إذا مسه الشر كان يؤسا"وإذا مسه الخير كان منوعا والمراد وإذا أصابه الرزق وهو النفع كان بخيلا به إلا المصلين وهم المطيعين لحكم الله فليسوا بهلوعين ولا جزعين ولا منوعين .
"الذين هم على صلاتهم دائمون والذين فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والذين يصدقون بيوم الدين والذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون والذين هم على صلاتهم يحافظون أولئك فى جنات مكرمين "المعنى الذين هم فى طاعتهم مخلصون والذين فى أملاكهم فرض معروف للطالب والمحتاج والذين يؤمنون بيوم الحساب والذين هم من عقاب خالقهم خائفون،إن عقاب خالقهم غير ممنوع والذين هم لعروضهم صائنون إلا على زوجاتهم أى ما تصرفت أنفسهم فإنهم غير معاقبين فمن أراد غير ذلك فأولئك هم العاصون والذين هم لعهودهم أى مواثيقهم حافظون والذين هم بأقوالهم عادلون والذين هم لدينهم يطيعون أولئك فى حدائق منعمون،يبين الله لنبيه (ص)أن المصلين هم الذين على صلاتهم دائمون والمراد الذين هم على طاعتهم مخلصون أى هم فى اتباعهم لحكم الله خاشعون أى مخلصون مصداق لقوله بسورة المؤمنون"الذين هم فى صلاتهم خاشعون" ومن هذا أنهم فى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم والمراد أنهم فى أملاكهم فرض محدد النسبة للطالب له والمحتاج له وهم الذين يصدقون بيوم الدين والمراد وهم الذين يؤمنون بيوم الحساب وهو اليوم الآخر مصداق لقوله بسورة آل عمران"يؤمنون بالله واليوم الآخر "وهم الذين من عذاب ربهم مشفقون والمراد وهم من عقاب خالقهم خائفون إن عذاب ربهم غير مأمون والمراد إن عقاب خالقهم غير ممنوع عمن يكفر به وهم الذين لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أى ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين والمراد وهم الذين لعروضهم وهى شهواتهم مانعون إلا من نساءهم أى ما تصرفت أنفسهم فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون والمراد فمن فعل غير نيك الزوجات وهن ملك اليمين فأولئك هم الزانون وهم العاصون لأمر الله والذين هم لأماناتهم وهى عهدهم راعون والمراد والذين هم لمواثيقهم بعمل أو حفظ أشياء محافظون والذين هم بشهاداتهم قائمون والمراد والذين هم بأقوالهم فى الحق قائلون وهذا يعنى أنهم يقولون الحق فى أى قضية وفسرهم بأنهم الذين على صلاتهم يحافظون والمراد الذين على دينهم يثبتون أى الذين لحكمهم يطيعون أولئك فى جنات مكرمون والمراد أولئك فى حدائق منعمون والخطاب وما بعده للنبى(ص) .
"فمال الذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم "المعنى فمال الذين كذبوا قبلك متجمعين على اليمين وعلى الشمال متفرقين أيتمنى كل واحد منهم أن يسكن حديقة متاع ؟يسأل الله نبيه (ص)فمال الذين كفروا قبلك مهطعين عن اليمين وعن الشمال عزين والمراد مال الذين كذبوا حكم ربك قبلك متجمعين عن اليمين وعن الشمال متفرقين ؟والغرض من السؤال إخباره أن الكفار يجالسونه عن اليمين والشمال لغرض فى أنفسهم وهو معرفة الحق حتى يحرفوه عن معناه ،ويسأل أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم والمراد أيتمنى كل إنسان منهم أن يسكن حديقة متاع؟والغرض من السؤال تعريف النبى (ص)أن كل كافر يتمنى دخول الجنة لو كان هناك جنة كما لا يعتقدون بوجودها
"فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين "المعنى فلا أحلف بخالق المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نخلق أفضل منهم وما نحن بعاجزين ،يقسم والمراد يحلف الله برب المشارق والمغارب وهو خالق المنيرات والمظلمات وهو يقسم على التالى أنه قادر على أن يبدل خيرا منهم أنه عامل على أن يخلق أحسن من الكفار والأحسن هم المسلمون ويبين لهم أنه ليس بمسبوق أى ليس بعاجز عن فعل خلق المسلمين .
"فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذى كانوا يوعدون "المعنى فاتركهم يكفروا أى يلهوا حتى يدخلوا عذابهم الذى يخبرون يوم يبعثون من القبور أحياء كأنهم إلى حجر يذهبون ذليلة أنفسهم تتعبهم مهانة ذلك اليوم الذى كانوا يخبرون،يطلب الله من نبيه(ص)أن يذر أى أن يترك الكفار يخوضوا وفسرها بأنه يلعبوا أى يلهوا والمراد يتمتعوا بالدنيا حتى يلاقوا يومهم الذى كانوا يوعدون والمراد حتى يدخلوا عذاب يومهم الذى كانوا يخبرون به فى الدنيا يوم يخرجون من الأجداث سراعا والمراد يوم يبعثون من المدافن أحياء كأنهم إلى نصب يوفضون والمراد كأنهم إلى صنم يذهبون كما كانوا يذهبون ويتجمعون حول الأصنام فى الدنيا ،خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة والمراد ذليلة نفوسهم تؤلمهم مهانة،ذلك وهو يوم العذاب هو اليوم الذى كانوا يوعدون أى يخبرون بوقوعه فى الدنيا والخطاب للنبى(ص).